صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي
نوره بنت عبد الله بن عدوان
تبرز المرأة المسلمة في الإعلام الغربي كأداة توظف في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وقد ساعد في ذلك اجتماع كل من مصالح الآلة الإعلامية الضخمة التي يسيرها النفوذ الصهيوني مع أهداف المنتميات للحركة الأنثوية الغربية في تقديم صور نمطية مشوهة للمرأة المسلمة.
وفي مناقشتنا لملامح الصورة النمطية للمرأة المسلمة في الإعلام الغربي بهدف التعرف على منطلقاتها ودلالتها الثقافية، وأسباب تعميمها فإننا نريد أن نتعرف:
ما مدى مصداقية هذه الصورة وتمثيلها للواقع؟
ما هي المعايير التي ينطلق منها الإعلام الغربي في تقديم هذه الصورة؟
وفي هذا السياق حول مصداقية الصورة والمعايير التي تسـتند إليــها، أرى أن أستعرض معكم مقالاً للباحثة أرزو ميرالي رئيسة هيئة الأبحـاث لحقوق المرأة المسلمة المنشور في صحيفة GUARDIN حيث تقول: "أصبحت المرأة المسلمة بالنسبة للصحافيات الغربيات نموذج التخـلف ونموذج الاضطهاد" واستشهدت ببعض الكـاتبات الغربيات وهجومهن المكثف على المرأة المسلمة، وتؤكد أن هذه الهجمة تتسم بالمبالغة والطـرح المـتشدد الذي يفـتقد الموضوعية بتصويره تلك المـرأة ضحية لما يسمى بالإرهاب الإسلامي، وتستطرد بقولها: "إن المرأة المسلمة في نظر هؤلاء الصحـفيين يجب أن تخلّص من هذا الـدين وعندما تتخلص منه فسوف تتخلص من الحجاب الذي يغطيها من رأسها إلى قدميها"، وتختتم الباحثة مقالها بتقرير أن هذا الهجــوم من قبل الغرب في الإعلام على المرأة المسلمة غير مبرر، وذلك كون المرأة الغربية تعاني الكثير من المشكلات، وتتساءل لماذا لا توجه الأقلام الغربية لحل مشاكل المرأة الغربية بدلاً من توجيه النقد والهجوم إلى المرأة المسلمة؟ (1)
ومن خلال المعطيات السابقة التي أوردتها هذه الباحثة، حيث تجسد بكل وضوح عدم المصداقية والنمطية، سوف أســتمد بعضاً من المعايير التي ينطلق منها هذا الإعلام في تناوله لقضـايا المـرأة المسلمة، وأرى أن تكون الأساس الذي أستند إليه في تحليلي لهذه الصورة النمطية.
المعيار الأول: الدعوة إلى رفع وصاية الدين عن المرأة:
إن من يطلع على معظم ما يحرر في هذا الجانب يلمس التعدي التام على الإسلام بهدف نقضه كدستور ومنهج وتشريع، واعتبار الدين حجر عثرة في طريق تقدم المرأة، وتزامن ذلك مع الحملة التي تنامت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ضد القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم وضد شعائر الإسلام.
والشواهد على ذلك كثيرة في ذلك الإعلام ومنها انتقاد إدوارد بكنغتون في صحيفة GUARDIN أحكام الشريعة ووصفها بالمتشددة، حيث تتيح للرجل الزواج من أربع في حين لا يُتاح ذلك للمرأة، وانتقـد حد الزنا، وأشار إلى أن منع الاختلاط وارتداء الحجاب يعبر عن الممارسات الخاطئة للعقيدة وذلك ليس من الإسلام وإنما تسلط من الرجال، وعبر عن استيائه من رجـال الحسبة في منعهم الشباب من الاختلاط بالفتيات في الأسواق والأماكن العامة. (2)
كما أعربت باربرا سلافن في صحيـفة يو إس إيه نيوز عن أملها في أن تكون أحداث سبتمبر سبباً في إحـداث تغييرات ثقافية واضحة في المملكة، وأن يعيد السـعوديون النظر في مسألة الفــصل بين الجنسين والقيود المفروضة على المرأة كالحجاب والسفر بدون محرم (3).
ويصف نيكولز كريستوف في صحيفة NEW YORK TIMES تطبيق المرأة للقيم الإسلامية في المملكة بالمعاملة غير الإنسانية(4 ).
كما انتقدت قناة CNN حكومة كشمير في تطبيقها لأحكــام الشريعة وذلك بإغلاق محلات بيع الكحول ودور السينما ومطالبة النســاء بالالـتزام بالـحجاب الشرعي.
والأمثلة السابقة وغيرها العديد، تكشف الدعوة الصريحة لهذا الإعلام في معظم أدبياته إلى إلغاء الدين من حياة المرأة المسلمة (5).
المعيارالثاني: عدم الموضوعية في عرض قضايا المرأة المسلمة:
ولابد من التأكيد على أن معظم ما يقدم من تحقيقات ومقالات حول المرأة المسلمة لا يتجاوز التركيز فيها التبعية الثقافية ومحاربة القيم الإسلامية.
ولعلنا جميعاً لاحظـنا قنوات CNN، وBBC NEWS عندما سلطت الأضواء حول معاملة طالبان للمرأة في أفغانستان حيث كان محور اهتمامها الوضعية الثقافية والاجتماعية للمرأة المرتبطة بدينها وقيمها وتقاليدها حين احتفلت بالمرأة المحررة من الحجاب بعد ذهــاب الطالبان أما ما أفرزته الحرب الأمريكية في أفغانستان من معاناة مريرة لملايين النساء الأفغـانيات والحياة القاسية المثقلة بالخوف والمرض والجوع، وقضــاء فصل الشتاء بأكمله في مخيمات أشبه ما تكون بمخيمات الموت، كل ذلك لم يشكـل محور اهتمام لوسائل الإعلام الغربية، ومن ثم تناوله الأخبار بصورة سريعة وعابرة.
ونضيف شاهداً آخر في هذا السياق، خطاب الســيدة بوش الإذاعي، الـذي أوردته قناة CNN حيث وصفت حياة المرأة في أفـغانسـتان" بالقاسية والمهينة، حتى أن إظهار القليل من المتعة غير مسموح به، فالأطــفال لا ُيسمح لهم باللعب بالطائرات الورقية، والنساء يواجهن بالعقــاب عندما يضحـكن بصوت مرتفع، ولا يستطعن العمل خارج المنزل ولا حتى ترك البيـت بمـفردهن"(6).
ونعلم أن خطاب السيدة الأولى حول المرأة الأفغانية تزامن مع تقرير الحكومة الأمريكية المسمى (حرب طالبان ضد المرأة) المكون من تسع صفحات هو جزء من المعركة السياسة ضد طالبان.
ولنا أن نتساءل أين حقوق الإنسان التي يوظفها الإعـلام الغربي متى شاء ومع من يشاء؟ أين حقوق الإنسان عند تناول قضايا المرأة الأفغانية؟ أين حقوق المرأة الفلسطينية؟ لماذا لا تسلط الأضواء على حقـها في الأرض وحقها في الأمن، وحقها في العيش بكرامة تحت سطوة القهر والظلم الإسرائيلي؟ لمـاذا تستـخدم المرأة المســلمة كمدخـل للاحتلال، وعندما تكون تحت الاحتلال تتجاهل هذه الوسائل أبسط حقوقها المادية في عيش حياة آمنة كريمة.
وتشهد الوقائع المتتابعة أن مسألة الحقوق في المنظور الغربي لا تتجاوز تحقيـق التبعية الثقافية والقضاء على القيم الإسلامية، فهل نجد لدى الإعلام الغربي إجابة على هذه التساؤلات؟
ومن دلالات عدم الموضوعية استخدام المنـهج الانتقـائي في تحرير المقـالات والتحقيقات فهؤلاء الإعلاميون في الغالب يعتمدون المنهـج الانتقائي في اختــيار وتوثيق ما يتفق مع أطروحاتهم الشخصية، وفي حالة إثبات الآراء المخالفة تختتم المقالة أو التحقيق برأي من هو مؤيد للنموذج الغربي.
ويظهر المنهج الغربي الانتقائي غير الموضوعي بكل وضوح في الحالة السعودية عندما تهمل نتائج التنمية التي تحققت للمرأة في المملكة، ويكون التركيز بالدرجة الأولى عـــند الحديث عن الـمرأة على عباءتها دون الإشارة إلى أن هذه العبـاءة لم تمنعها من العمل في التدريس والطب وإدارة البنوك، والتســويق وتقنية المعلومات والتجارة وغيرها مما يشهد به واقع التنمية في بلادنا.
المعيار الثالث: أسلوب الاحتقار والنظرة الدونية:
تنعكس مظاهر الاحتقار والنظرة الدونية للقيم الإسلامية المحافظة في بعض ما يُحرر، وفي هذا السياق تأملوا معي ما سطره نيكولز كريستوف في صحيفةNEW YORK TIMES حيث افتتح تحقيقه بإطلاق لقب (BLACK GHOSTS) الأشباح السوداء على نساء المملكة، وأن المرأة السعودية مصنفة في الغرب بـ(ممســحة الأرجل الأثرية المغطاة بالسواد) وفي ختام تحقيقه يقول: "استمررت في سؤال النساء السعوديات كيف شعورهن وهن ممتهنات، واستمررن في إجابتي باعتزاز وكرامة أنهن غير ممتهنات"، ثم يستطرد بعد ذلك بقوله: "ماذا عسانا أن نفعل في هذا الشأن، نحن في الغرب نريد أن نحرر هؤلاء النسوة، وهن يصررن على أنهن سعيدات بوضعهن، فإذا كانت معظم السعوديات يرغبن في لبس الخيمة، وإذا اخترن أن يقتلن تطورهن الاقتصادي ويضحين بالاحترام الدولي عن طريق تعلقهن بالقـرن الخامـس عشر، وإذا فضلت النساء أن يبقين مواطنات من الدرجة الثانية، إذن أعتقد أن هذا هو اختيارهن، ولكن إذا اخترن أن يتصرفن بغباء إذن لا يتفاجأن عندما يشير إليهن الناس من الخارج ويتحدثون بصوت مرتفع"(4).
وفي سياق تحليلنا لعدد من الأمثلة ذات الصورة الساخرة المغلفة بالاحتقار، نستنتج أن الإعلام الغربي لا يريد أن يعرف عن المرأة المسلمة سوى عباءتها السوداء فمن وصف بالأشباح السوداء، إلى إطلاق لقب النينجا وغيرها من الأوصاف والمشاعر المملوءة بالاستخفاف بثقافة الآخر واحتقار قيمه واتهامه بالانغلاق والتحجر والجمود.
المعيار الرابع: تكريس النموذج الغربي للمرأة وأنه النموذج الذي يحتكم إليه:
وُيعد من أهم المعايير وأبرزها، وأكاد أجزم أنه الهدف الأساس لهذه الوسائل التي تسوق لذات الفكر الواحد، وتشترك جميعها في عرض صورةٍ نمطيةٍ مكررةٍ للمرأة المسلمة. وأساس طرحهم الذي تكاد لا تخلو منه مقالة أو تحقيق أن المرأة في عالمنا الإسلامي ممتهنة ومهضومة الحقوق ومسلوبة الحرية، ومن ثمة فلا عجب أن معظم ما يطرح يأخذ في ظاهره خدمة قضاياها هذا من جانب، وفي المقابل فثمة شبه إجماع من النساء المسلمات على رفض النموذج الغربي والتحذير من النتائج الوخيمة حين تدفع الأمور باتجاهه.
ولنا أن نستعرض في هذه السياق تحقيق مطول في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور The Christian Science Monitor أجرته نيكول جاوتي مع عدد من المسلمات في كل من.. أفغانستان وإيران والمملكة العربية السعودية، أكدن جميعاً أن الدين والثقافة والتراث شكلت حياتهن، وإن كان لديهن أي مشاكل فبالتأكيد الحجاب ليس واحداً منها.
ولا عجب أن تؤكد المحررة أن هؤلاء النسوة يفخـرن بطبيعة الإسلام ومكانة المرأة فيه لاسيما وأن مجموعة من الطبيبات والمعلمات الأفغانيات أكدن أنهن وبعد ذهاب الطـالبان لم يتخلين عن حجابهن، وما تناقلته وسائل الإعـلام الغربية وينضوي تحت تخليهن عن الحجاب غير صحيح، وأن أحكـام الإسلام يتبعها المسلمون في أفغانستان طوعاً رجالاً ونساءً، ولم تفرض بحد السيف كما يصورها الإعلام الغربي (7).
ويعزز ذلك مقابلة نيكول كريستوف في صحيفة نيويورك تايمز NEW YORK TIMES لعدد من الأكاديميات السعوديات عبرن عن رفضهن للصورة النمطية التي تعرض بها المرأة المسلمة، ورفضن وصفهن بالممتهنات من قبل ذلك الإعلام حيث يقول:
"ولكن النساء السعوديات يرفضن وبشدة الصورة النمطية التي تعرض بها المرأة السعودية في الإعلام الغربي" تبين له إحدى الأكاديميات تمسكها بالحجاب بقولها: " نعم إنني لست ممتهنة، أنا أغطي جسدي ووجهي وأنا سعيدة بكوني فتاة تطيع أوامر ربها"، وتؤكد له أخرى أنه يعبر عن ثقافتها: "إنك لا تستطيع الذهاب إلى الهندية وتسألها لماذا تلبس الساري، ولا تستطيع أن تسأل الغربية لماذا تلبس الفستان القصير، إذن هذه هي عـباءتنا وهي جزء من ثقافتنا، ولم تكن مصدر إزعاج لي على الإطلاق" وتتساءل أخرى: "أنا ألبس ما أريد ولكن ليس أمام الرجال غير المحارم، لماذا يفرض عليّ أن أكشف ساقي وصدري؟ هل هذه هي الحرية؟
ويذكر المحرر أن العديد من النساء السعوديات يؤيدن هذا التوجه ويؤكدن أنهن من ينعم بالحرية، فهن المتحررات من التحرش الجنسي، والمتحررات من الاغتصاب والمتحررات من مشاهدة أجسادهن تستخدم في تسويق الكوكاكولا، وأن المرأة الغربية هي التي استغلت لتصبح دمية للرجل (4).
وفي هذا الإطار يؤكد إدوارد بكنغتون المحرر في صحيفة الجارديان Guardin أن معظم النساء في المملكة يفضلن البقاء والاستمرار على هذه العادات الاجتماعية التي يصفها بالمتشددة ويستشهد بمقولة إحداهن: "إن النساء السعوديات سوف يحافظن على العباءة وأنك لو أتيت بعد مليون سنة من الآن ستجد المرأة السعودية محافظة على عباءتها "(2).
وتتوصل نيكولي جاوتي المحررة في صحيفة كريستيان سينس مونيتور TheChristian Scince Monitor إلى حقيقة تؤكدها استشارية سعودية من مدينة جده بقولها: "عليكم أن تعوا أن معظم النساء المسلمات يرغبن في الحجاب، ليس هناك شيء سوى الدين، الحجاب رمز للعقيدة، وهو شكل من أشكال الحماية، إنه لن يتغير إنه مثل الجلد الثاني" (7).
وفي مقابلة مع رائدة من قيادات العمل الخيري في المملكة في موقع GUIDEDONE.com تستنكر فرض النموذج الغربي على المرأة المسلمة: "المشكلة مع الناس الآخرين أنه لديهم نمط معين في الحياة؛ ويعتقدون أنك إذا لم تعش مثلهم فإن هناك خطأ ما لديك، لماذا تطالب المرأة المسلمة في المملكة أن تلبس بالطريقة الأمريكية أو الأوروبية" وترفض المصطلح الشائع في الإعلام الغربي بقولها: "إن ما يسميه الغرب بالمعاناة عند الحديث عن المرأة المسلمة نحن لا نجده كذلك. إن المعاناة الحقيقية تتضح عندما نقارن بين المرأة عندنا والمرأة عندهم". واستشهدت بنسب إحصائية حول المشاكل الصحية والأخـلاقية التي تعاني منها المرأة الغربية. وتساءلت هل نموذج المرأة الغربية هو الجدير بالاحتذاء حقاً؟
واستشهدت بنسب إحصائية حول المشاكل الصحية والأخـلاقية التي تعاني منها المرأة الغربية، وتساءلت هل نموذج المرأة الغربية هو الجدير بالاحتذاء حقاً؟ (8).
وفي هذا السياق تستنكر ناشرة إيرانية في صحيفة كريستيان سينس مونيتورThe Christian Science Monitor الاهتمام الغربي الشديد بالحجاب وأن هذا الأمر يحير العديد من المسلمات. وتضيف "أن الناس من الخارج عندما ينظرون إلينا هم ينظرون فقط إلى جزئية صغيرة منا وهي كوننا محجبات، إنهم لا ينظرون إلى الجزء الأكبر من المرأة والذي يتمثل في كونها متعلمة"، وتؤكد إيرانية متخصصة في تقنية الحاسب "أن المرأة في إيران لديها قضايا أكثر أهمية من العباءة" (7).
تقول رئيسة جمعية خيرية سعودية في صحيفة يو إس أيUSA TODAY: "يقولون إننا متخلفون، ولكنهم لا يرون ما هو موجود تحت العباءة، إننا لا نريد أمريكا أن تأتي وتضع مطالب نيابة عنا، اتركونا وشأننا"(9).
ولا عجب أن نرصد في أدبيات الإعلام الغربي رفض المسلمات للتدخل في شئونهن حيث تذكر نيكولي جاوتي في صحيفة كريستيان سينس مونيتورThe Christian Science Monitor "أنهن يرغبن في التطور ولكن بالشروط والمعايير التي تناسب مجتمعاتهن، ويطالبن أن يكف الغربيون عن التحرش ونسج التخيلات حول من يكنّ؟" وتستشهد برأي إحدى الاستشاريات المسلمات التي تعلق على التدخل الغربي المكثف بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وفي شؤون المرأة الأفغانية بقولها: "إذا كانت المرأة في أفغانستان متضايقة من وضعها فهي التي لها الحق في تغيير هذا الوضع وليس أنتم، نحن كمسلمات نريد أن يكون التغير بطريقة تتماشى مع ثقافتنا ولا يكون التغيير ضدها" (7).
وتؤكد ذلك المفهوم إحدى السعوديات للمحرر إدوارد بكنغتون في صحيفة الجارديان Guardin:
"نعم إننا نريد أن نتطور وأن نتغير للأفضل ولكن لا نريد أن نخسر ديننا" ويعلق المحرر أن السعوديات يرغبن في حل مشاكلهن داخلياً ومن خلال أنفسهن ولا يرغبن في التدخل الغربي في شؤونهن" (2).
وتعلق على ذلك إحدى قيادات العمل النسائي في العالم العربي لقناةBBC NEWS " أنه وعلى الرغم من التعطش للتغيير إلا أن معظم النساء العربيات متمسكات بالنواحي المحافظة في مجتمعاتهن"(10).
وتفسر نيكول جاوتي محررة صحيفة الكريستيان سينس مونيتورScince Monitor Christian رفض المسلمات للتدخل الغربي في شئونهن في سياق أكثر تاريخية بتأكيدها: "إن التاريخ يعطي المرأة المسلمة مبرراً قوياً للشك في نوايا الدول الغربية، فالدول الأوروبية استخدمت دوماً المرأة المسلمة كذريعة للتدخل في شئون الدول الإسلامية بغرض احتلالها، وتمثل على ذلك بطلب المندوبة الإنجليزية إيفلين بارنق عام 1800م من رؤسائها احتلال مصر تحت غطاء تغيير أوضاع المرأة فيها"، وتضيف "أن الهبات الفرنسية للجزائر في أواخر القرن التاسع عشر اشترطت تقديم الزيت والدقيق للفقراء بتخلص نسائهم من الحجاب " (7).
وفي هذا الإطار تؤكد السيدة "باربرا بتزن" منسقة الاتصال الخارجي بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفرد "أن الخطاب الإذاعي الذي ألقته السيدة باربرا بوش حول امتهان المرأة في أفغانستان يعلل بدرجة كبيرة الاستخدام الغربي للمرأة المسلمة كمبرر وسبب للتدخل في الشأن الداخلي للدول الإسلامية، حيث إنه وقبل الحادي عشر من سبتمبر لم يكن هناك اهتمام من الغرب بالمرأة الأفغانية (7). وتضيــف المحررة: "أن الإيرانيات أيضاً لديهن أسبابهن الخاصة بعدم الثقة في التدخل الغربي، فالولايات المتحدة أسقطت الحكومة المنتخبة من الشعب في عام 1950م لتنصب الشاه في السلطة، وفي حين حاول الشاه تحقيق مصالح الغــرب في أن يؤسس لتغيير المرأة، فإن محاولته في نقل النموذج الغربي فشلت" (7).
ومن خلال المعطيات السابقة وبالقدر الذي ندرك معه فشل نقل النموذج الغربي لعالمنا الإسلامي نقرر أن ذلك الفشل يعود إلى منهجيته المرتبطة بمنهج مغاير لمنهجنا فهو دخيل، ومنطلقاته وهمية ومستوردة، ويراد لها أن تُنقل كما هي دون النظر في صلاحيتها ومشروعيتها.
وبالقدر الذي تدرك معه المرأة المسلمة أن التغيير والتطور لا يمكن أن يكون بنقل النموذج الغربي للمرأة، كون هذا النموذج غريباً عن ثقافتها وفكرها وعقيدتها، ولا يمكن أن يكتب له النجاح والاستمرار، هي تدرك أيضاً أن المحاولات المستمرة لنقل هذا النموذج هي في واقع الأمر عملية تغريب لا ينتج عنها سوى المزيد من التبعية والعجز والشلل.
وإن مما يؤسف له أن يوظف الإعلام الغربي أقلام مسلمات توهمن أن ثقافة الغرب هي معيار عام للتقدم والنمو الحضاري للأمم، مهما اختلفت عقيدتها ومرجعيتها، ونظمها الاجتماعية.
المعيار الخامس: المرجعية المستمدة من منهجية وفكر الحركة النسوية الغربية Feminizem)) حركة التمحور حول الأنثى:
ففلسفة هذه الحركة ومنهجيتها وتشريعاتها تتعارض مع الإسلام وشرائعه وقيمه المنظمة لحياة المسلمين.
ونستطيع أن نرصد الحضور الفاعل المنظّم لأقلام المنتميات للحركة النسـوية الغربية في العالم الإسلامي في تبني الأجندة النسوية للقضاء على حجاب المرأة المسلمة وتغيير قوانين الأحوال الشخصية للأسرة المسلمة، وتجسيد مسألة الحقوق بالمعركة والصراع بين الرجل والمرأة.
والحقيقة إننا عندما نتناول بالتحليل على سبيل المثال ما يصدر عن قناة BBC NEWS، فإننا نلاحظ الحضور القوي لهذه الحركة من خلال محررات أخذن على عاتقهن التخصص في قضايا نساء العالم الإسلامي، فمن إشادة بولادة مجلس وطني للمرأة في مصر يملك القوة بإدخال تشريعات جديدة تلغي قانون الأحوال الشخصية الإسلامي، إلى إشادة بكون عدد الخريجات من النساء في بعض الدول الإسلامية أكثر من الرجال، إلى التنديد بالحجاب الإسلامي والهجوم على الدول الإسلامية التي تفصــل بين الجنسين في التعليم والعمل، إلى تمجيدٍ للناشطات العربيات ومباركة جهودهن وتغطية مناشطهن في مجـال تحرير المرأة العربية وفرض القوانين التشريعية الوضعية.
وناهيك عن الأوصاف التي يطلقها الفكر النسوي في الإعلام الغربي على المرأة المسلمة، من ممتهنة، إلى مواطنة من الدرجة الثانية إلى غير ذلك من الأوصاف الدونية، وكذلك نقل صورة غير صادقة في أن ما تحقق للمرأة في المملكة العربية السعودية في مجالي التعليم والعمل إنما هو نتيجة للضغوط التي وضعتها المرأة السعودية في سبيل الحصول على حقوقها.
ولاشك أن النساء المسلمات عامة، والمرأة في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص اتجهن لرفض المسار التغريبي، فلم تعد إشكالية المرأة بالزي، فحجابها أصبح عنواناً لكرامتها، وتعليمها أصبح طريقاً لرفض مناهج التغريب.
وفي هذا السياق تؤكد رئيسة لجنة الثقافة والتراث في جمعية رائدة في المملكة في مقابلة لها في موقع GUIDED ONES.COM "أن هؤلاء النساء المتحررات لديهن شعوراً بالغرور، ويتحركن من منطلق وهمي، هو أقرب ما يكون إلى الخيال، حيث يقررن ما يجب أن يكون عليه وضع المرأة في المملكة وبقية الدول الإسلامية، عن طريق التركيز على هذه الدول ووضع ضغوط عليها" وتؤكد أن مشاكل المرأة في المملكة أقل مقارنة بالمرأة الغربية، وتستشهد بإحصائيات حول نسب الإصابة بالإيدز والأمراض الجنسية في المجتمعات الغربية بين النساء(11).
المعيار السادس: ازدواجية المعايير (DUBELL STANDAREDS) في التعامل مع القضية الواحدة:
فازدواجية المعايير من الأمور المعروفة على نطاق واسع عند الإعلام الغربي في تعامله مع قضايا المسلمين بصفة عامة، وفي شأن المرأة المسلمة علي وجه الخصوص، ولعلنا نتأمل المفارقات العجيبة في ازدواجية المعايير والتي ُتظـهر تحيز الإعلام الغربي في تعامله مع القضايا عندما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين فيما وردني من صديقة أمريكية مسلمة تعلق على ذلك بقولها:
لماذا تستطيع الراهبة أن ُتغطي من رأسها إلى قدميها، وتكون في نظرهم محترمة فهي تمتثل لأوامر ربها، ولكن عندما تفعل ذلك المسلمة تعتبر ممتهنة.
عندما تجلس المرأة الغربية في بيتها للعناية بالبيت والأطفال، فهي في نظرهم تقدم تضحية جميلة في سبيل محافظتها علي شئون منزلها، ولكن عندما تفعل المرأة المسلمة ذلك فهي في حاجة إلى أن ُتحرر.
لماذا يستطيع اليهودي أن يطلق لحيته، ويُنظر إلي ذلك ضمن حقه في ممارسة دينه، وعندما يفعل ذلك المسلم يُعد متطرفاً.
عندما يقتل المسيحي شخصاً ما، الدين لا يذكر، ولكن عندما ُيقاضى المسلم بجريمة ما، فإن الإسلام هو الذي يحاكم.
ولماذا وبعد كل ذلك يبقى الإسلام هو الدين الأسرع نمواً وانتشاراً في العالم.
وختاماً: ينبغي أن نعي الأبعاد الحقيقة لاستهداف المرأة المسلمة، لاسيما وقد أصبحت في يومنا هذا تمثل جزءًا رئيساً من مشروع الدول العظمى والهيئات الدولية للتغيير الثقافي والاجتماعي في المنطقة.
ونحن ندرك اليوم أن الهدف مما يقدم في الإعلام الغربي هو توهين قيم الحضارة الإسلامية، وتمكين القيم الغربية باسم الانفتاح والحداثة وتحقيق المشترك الإنساني وغيرها من المصطلحات، كما وأننا ندرك أن الغرب بكافة مؤسساته لن يهدأ إلا بتصدير قيمه وثقافته، وهو ما أشار إليه الله تعالى في قوله: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).
ونحن ندرك اليوم أن ما يحيط بنا من مستجدات يتطلب منا.. أولاً: استيعاب الهجمة وإدراك أبعادها، وثانياً: التبصر بآليات التعامل معها، وثالثاً: التحول من أن نكون موطناً لقيم الحضارة الغربية وترجمتها إلى حياتنا إلى موقف تصدير القـيم والأخلاق للغرب وما تمثله هذه القيم من صلاح واستقامة للإنسانية استجابة لقوله تعالى (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).
Unlimited Guardin june21,2002. They hate women , don,they ) ) (1) Arzu Merali
(2) Edward Pilington(The women that time forgot)july6,2002.Guardin Unlimited
(3) Barbara Slavin(Saudi Arabia ),april 25 USA Today
(4) Nicholas D. Kristof (Saudi Women Argue Merits Behind The Veil) october27,2002 . New York Times.
(5) cover up or else , Kashmir women told . august 29, 2001.CNN.com
(6)First lady blasts Taliban treatment of women. November 17 ,CNN.com
(7)Nicole Gaouette ( Voices From Behind The Veil) october, 2002 .The Chistian Science Monitor.
(8)Oppressed in Islam ..Status of Women Unveiled .www.guidedones.com
(9) Saudi Arabian Women Receive Identity Cards.May 12, 2001.USA Today
(10)Emma Clark ( Arab Women Lift The Veil On Business. October 31, 2002 BBc News
(11) Caroline Hawley ( Egyptian Womens Rights: Century On) october 23, 1999 BBC News.