كيف نرى الموهبة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة القائمون على مجلة المعلم
أعترف بأنني لم أتعرف على هذا الموقع المعطاء والواعد إلا منذ سويعات ، ولكنني أحسست بأنني إن شاء الله سأكون معه كلما احتجت إلى إغناء تجربتي التربوية ، وكلما أحسست بأن لدي مساهمة يمكنها أن تقدم شيئا لمعلمينا في عالمنا العربي ، وبداية أقدم إليكم آخر مادة تربوية قدمتها إلى معلمينا ومديرينا في دورات تدريب المعلمين في أثناء الخدمة في مدارس وكالة الغوث الدولية بغزة .
كيف نرى الموهبة ؟
النظم التربوية اليوم كثيرا ما تعجز عن فهم مايجري داخل الأطفال الموهوبين حبنما تكون البرامج الدراسية المقدمة إليهم لا تراعي قدراتهم الفريدة ، ولا تراعي حاجاتهم للتعلم في المجال الذي يحبون ، وبالسرعة التي يريدون .
وفي كثير من الأحيان فإن عقد المشابهات توضح الأمور أكثر من الشروح المفصلة ، وفيما يلي مجموعة من المشابهات نأمل أن تلقي بعض الضوء على مفهوم الموهبة:
(1) حجم الحذاء
هب أن ( موهوبا ) وقف بباب دكان بيع الأحذية ( المدرسة ) ، ولا يوجد في الدكان إلا أحذية نمرة 38 ( المنهاج ) ، والموهوب يلبس أحذية نمرة 42 .
رحب به صاحب الدكان ( المعلم ) قائلا : هل تلبس أحذية نمرة 38 ؟
فقال له الموهوب : أنا ألبس أحذية نمرة 42 ، هل عندك أحذية نمرة 42 ؟
فقال له صاحب الدكان : جرِّب هذا الحذاء !
فقال له الموهوب : لاأستطيع أن ألبسه !
فقال له صاحب الدكان : ما المشكلة في الحذاء ؟!
فقال له الموهوب : لا مشكلة في الحذاء ، إنه حذاء جميل ، ولكنه لا يطابق " مقاسي "!
فقال له صاحب الدكان : جرِّب الآن بعد وضع هذا الرباط الجميل للحذاء ( مادة إثرائية)
فقال له الموهوب : أرى أن النمرة قد أصبحت 39 ، ولم تصل إلى 41 !
فقال له صاحب الدكان : ما المشكلة في قدمك ؟!
فقال له الموهوب : لا مشكلة في قدمي ، إن قدمي جميل ، ولكن حذاءك لا يطابق " مقاسي " ! ثم هب أنني ضغطت قدمي في الحذاء ! كيف سأمشي به ّ؟ وكم سأمشي به ؟!
إن الحذاء الجميل لا يناسب القدم الجميل إلا إذا تطابقا في " المقاس " !
* ترجمة بتصــرف
(2) سباق الماراثون
انظر إلى سباق الماراثون ! كم إنسانا يشارك فيه ؟ آلاف ! وهذه الآلاف لكل واحد منها بارقة أمل بأنه سيفوز ، ولكن الذين يفوزون حقيقة هم من 8 إلى 15 شخصا علىأقصى تقدير ، فماذا سيكون الحال بالنسبة للالآف التي لم تفز ؟! وماذا سيكسبون من كونهم جزءا من هذه المغامرة الميئوس منها ؟!
إن القيمة والفائدة لهم هو كونهم جزءا من العملية ، وجزءا من الحدث حيث إن كل واحد/ة قد تنافس مع نفسه فكسب الثقة بالنفس ، والقدرة على المنافسة من خلال التدريب .
إن سرعة الفائزين ونجاحهم لا تقلل بأي حال من الأحوال من إنجازات المتسابقين الآخرين.
أليس جديرا بالتقدير نجاح الفائزين ؟ بالتأكيد ! إنهم يستحقون إعجابنا وهتافنا ، فالإنجاز الكبير دائما ما يكون ثمرة العمل الجاد والتفاني المدعوم بالموهبة . وبتكريم الموهبة والنبوع ينتعش المجتمع بأسره !
(3) كرة السلة
تخيل أن طالبا في المرحلة الإعدادية يلعب كرة السلة في فريق المدرسة ،وهذا الطالب هو نجم الفريق لأنه هو الأطول قامة ، وهو على درجة معقولة من الذكاء ،وهو يعشق هذه اللعبة ويستمتع بها .
خذ يتراجع في مستواه لكثرة الثناء والمديح الذي كان يتلقاه من الجمهور والزملاء ، انتبه المدرب إلى هذا الوضع ، أخذ هذا الطالب إلى النادي ليتدرب مع الفريق هناك حيث اللاعبين الأكبر منه سنا ، والأطول منه قامة ، والأكثر منه خبرة ،أحس بالضيق لأنه لم يعد نجم الملعب ! فكانت صدمة لثقته بنفسه ولغروره ، ولكنه تعلم من التجربه .
احذر من الطفل الذي يعتز بنفسه من خلال إنجازات يحصل عليها بسهولة .
ترجمة * / محمد أحمد مقبل
رئيس مركز التطوير التربوي - الوكالة / غزة