دور المعلم في الأزمات والظروف الصعبة
تمر الأراضي الفلسطينية المحتلة هذه الأيام بظروفٍ صعبةٍ وقاسية ، من قصفٍ وقتلٍ وترويعٍ للناس الآمنين ، وحصارٍ اقتصادي ، وحربٍ نفسية ، وانعدامٍ للأمن والاستقرار ، وخوفٍ من المستقبل المجهول . . . إلخ .
وفي ظل هذه الظروف المأساوية التي تنوء بحملها الجبال ، ويعجز عن تحملها أقوى الرجال ، نجد أطفالنا يعايشونها واقعاً ملموساً ، ويتجرعون مرارتها صباح مساء ، وقد لا يجدون في أغلب الأحيان من والديهم ما يخفف عنهم ، أو يأخذ بأيديهم ، أو يوجههم إلى كيفية التعامل مع هذه الظروف ، نظراً لأن والديهم أشغلهم التفكير في هذه المصائب والمحن عن التفكير فيما يجب عمله لأبنائهم .
وهنا يقف المعلم ـ كما هو دائماً ـ متعالياً فوق كل المحن والخطوب ، يقوم بواجبه خير قيام ، بل يرى أن المسؤولية الملقاة على عاتقه تتضاعف في مثل هذه الظروف الصعبة ، وأنه في مقدمة من يواجهون هذه الشدائد ويخففون من آثارها السلبية على طلابهم وأبنائهم .
فما الذي يمكن أن يقوم به المعلم نحو طلابه في الأزمات والظروف الصعبة ؟
1 ـ التواصل الإيجابي بين المعلم وطلابه :
لا شك أن التواصل الإيجابي هو من أكثر الوسائل تأثيراً في مساعدة الطلاب للتغلب على خبراتهم الأليمة ، والحيلولة دون انغماسهم في مشاعر العزلة والعجز والسلبية . ويسعى المعلم إلى تحقيق ما يلي من خلال التواصل الإيجابي بينه وبين طلابه :
ـ مساعدة الطلاب على التعبير عن خبراتهم ومشاعرهم المرتبطة بالأزمة .
ـ مساعدة الطلاب على تطوير فهمٍ معرفي ملائم بشأن الظرف الصعب .
ـ تمكين الطلاب من تعزيز قدرتهم على التأقلم في حياتهم اليومية .
وينقسم التواصل الذي يستخدمه المعلم بينه وبين طلابه إلى تواصل لفظي وتواصل غير لفظي :
أ ـ التواصل اللفظي : حيث نقترح عليك ـ زميلي المعلم ـ ما يلي في هذا المجال :
ـ أظهر اهتماماً خاصاً في الحديث مع الطلاب للتعرف على خبراتهم مع استخدام العبارات المشجعة .
ـ امنح طلابك فرصة كافية للتحدث وأعطهم أدواراً منتظمة تتيح لغالبية طلاب الصف المشاركة .
ـ أظهر تقبلك للطلاب وقم بتشجيعهم على التعبير عن قصصهم وانفعالاتهم وحياتهم الماضية والحالية .
ـ تجنَّب حث الطلاب على الإجابة عندما يكونون غير راغبين في ذلك .
ـ قم بالتعقيب على مشاركة الطلاب بتلخيص ما يتحدثون به بكلماتك مستخدماً عبارات تشجيعية ومتعاطفة .
ـ قم بتشجيع الحوار المفتوح بعبارات مثل : ماذا حدث بعد ذلك ؟ بماذا شعرت عندما حدث ذلك ؟
ـ قم بتوجيه أسئلة للطلاب تدور حول أسوأ ما خبروه في الأحداث ، وعما يفعلونه لحماية أنفسهم أثناء وقوع
الحدث وما يرغبون في عمله في الوقت الحالي .
ـ استخدم وسائل اتصال مختلفة لتسهل عملية تعبير الطلاب عن أنفسهم ومنها الرسم والغناء والتمثيل والكتابة
ـ اشكر الطلاب على مشاركتهم في نهاية النشاط .
ب ـ التواصل غير اللفظي : وهو يشمل :
ـ تعبيرات الوجه ؛ فالوجه المبتسم يعطي الطفل إحساساً بالأمل والتشجيع والاهتمام بما يقوله أو يفعله .
ـ الدعابات والضحك ؛ فهي تساعد الطفل على الاسترخاء والوثوق بالمعلم ، وتخلق أجواء مريحة دافئة .
ـ التواصل بالنظر خلال التحدث مع الطفل مع مراعاة الاقتراب منه بشكل تدريجي ، وعدم التحديق فيه .
ـ الصمت والإصغاء من المعلم لحديث الطفل ، وتجنب حث الطلاب على الحديث رغماً عنهم .
2 ـ العلاقة بين المعلم وطلابه ـ
من الضروري المحافظة على علاقة جيدة بين المعلم والطالب ؛ حيث تعمق مثل هذه العلاقة الشعور بالأمان والطمأنينة ، ومن أهم مظاهر هذه العلاقة :
ـ تقبُّل الطلاب والإحجام عن إهانتهم أو رفضهم أو السخرية منهم ، بالرغم من بعض السلوكات الخطأ التي
تصدر منهم .
ـ تشجيع الصفات الحميدة لدى الطلبة وتعزيزها عن طريق توجيه الثناء والمديح .
ـ إظهار التعاطف والحب والاحترام لهم .
ـ مشاركة الطلبة بطرق إيجابية وملائمة في أوقات مناسبة .
3 ـ البيئة الصفية :
تعتبر البيئة الصفية والتحضير المسبق لها من الأمور التي تدعم الخطوات السابقة ، ومن ذلك :
ـ توفير نظام تعليمي ثابت في المدرسة ؛ مما يساعد على الإحساس ببعض الاستقرار .
ـ التحضير للحصة تحضيراً جيداً بطريقة تثير اهتمام الطلاب وتقوِّي مشاركتهم .
ـ إيقاف التعليق المستمر على السلوك الصفي السيئ واستبداله بتعزيز السلوك الجيد .
ـ توجيه الانتقاد فقط عند ارتكاب الأخطاء الكبيرة ، والامتناع عن إهانة الطالب أو معاقبته أو مقارنته مع
طلاب آخرين .
ـ عدم إخراج الطالب من الصف ، بل تشجيعه على القيام بشيء يحبه .
ـ الثناء على إنجاز الطالب ، الأمر الذي يشعره بالسعادة والتقدير وينمي لديه الثقة بالنفس .
ـ إرساء قواعد الاحترام المتبادل في التعامل مع الطلاب ؛ مما يشعرهم بقبولنا لهم ، ويعزز ثقتهم بأنفسهم
وبنا باعتبارنا معلمين .
ـ ضرورة تعرف الطالب على القوانين والأنظمة المدرسية ، حتى في الظروف الصعبة ، وضورة المحافظة
عليها إلا في حالات الطوارئ القصوى .
4 ـ العمل مع الطلاب في مجموعات مدرسية :
عند قيام الطلاب بالعمل في مجموعات مدرسية ، من المفيد أن يأخذ المعلم الأمور التالية بعين الاعتبار :
ـ مساعدة المجموعة على التشارك في التعبير عن مشاعر الخوف المشتركة ، وتعزيز قدرة المجموعة على احتواء هذه المخاوف من خلال دعم أفراد المجموعة بعضهم بعضاً .
ـ تصحيح المعلومات غير الصحيحة أو التي تنقصها الدقة وسوء الفهم بشأن الأوضاع الجارية .
ـ التأكيد عل أهمية أخذ الوقت مجراه الطبيعي لزوال ردود الأفعال الأولية ، مع الاختلاف بين طالب وآخر.
ـ تشجيع الطلاب على طلب المساعدة إن لزم الأمر ، سواء من المعلمين أو أولياء الأمور أوالمرشدين .
ـ في حالة إظهار الطلاب سلوكيات غير لائقة ، أعرب عن تفهمك لهذه التصرفات ، واستخدم في الوقت
نفسه الحزم في رسم قواعد السلوك المناسبة .
أمور يجب على المعلم تجنبها :
1 ـ التخفيف على الطالب ومشاعره بعبارات مثل : انسَ الأمر ، لقد انتهى كل شيء الآن ، أنت بطل .
2 ـ قول أي شيء غير حقيقي أو غير واقعي مثل : سوف يتوقف القصف قريباً . 3 ـ إثارة آمال أو وعود وتوقعات يصعب تحقيقها . 4 ـ الحدة في النقاش . 5 ـ المقاطعة . 6 ـ التسرع في إصدار الأحكام .
7 ـ تقديم النصيحة قبل أن يطلبها الطالب . 8 ـ جعل انفعالات المعلم تنعكس بشكل مباشر على الطلاب .
8 ـ تحدث المعلم عن نفسه بأسلوب غير لائق .
أمور مرغوبة يستحسن أخذها بعين الاعتبار :
1 ـ ضرورة ضبط الكبار لردود أفعالهم أمام الأطفال . 2 ـ مشاركة الطفل في إيجاد حلول لمواقف صعبة مما يساعدهم في الاعتماد على أنفسهم في حل مشكلاتهم ويزيد ثقتهم بأنفسهم . 3 ـ تكليف الطفل ببعض المهام التي يمكن أن ينفذها بنجاح بهدف تعزيز تقدير الطفل لذاته . 4 ـ إعطاء الطفل مجالاً للَّعب الفردي والجماعي والحفاظ على نمط يومي ثابت ؛ مما يساعد في إعادة الاستقرار العاطفي لدى الطفل . 5ـ انخراط الأطفال والفتيان في نشاطات مجتمعية وقيامهم بأعمال تطوعية لمساعدة الآخرين ، وهذا يساعد الأطفال والفتيان على التغلب على الأزمات . 6 ـ إعطاء الأطفال الفرصة لممارسة استقلاليتهم .
كيفية التصرف في مواقف محددة :
أ ـ شعور الطفل بالعجز والسلبية والانطواء :
1 ـ قم بتوفير الدعم والراحة والمواساة 2 ـ قم بتوفير الطعام إن أمكن 3 ـ امنح الطفل فرصة للعب أو الرسم داخل غرفة الصف .
ب ـ شعور عام بالخوف :
قم بإخبار الطفل عن وجودك معه ، ونيتك في توفي الحماية له في هذا الوقت الصعب .
ج ـ الالتباس الذهني ( لا يدرك الطفل الأوضاع الخطرة ) :
1ـ قدِّم للطفل توضيحات ملموسة متكررة بهدف إزالة الالتباس ، مع مراعاة الصدق والحكمة فيما تقدمه .
2 ـ تجنب الحديث عن تفاصيل أحداث قد تثير لدى الطفل المزيد من القلق والخوف .
د ـ صعوبة تعرُّف الطفل على ما يضايقه :
قم بعكس حالة الطفل العاطفية له عن طريق تزويده بكلمات تعبر عن مشاعره وردود فعله مثل : أنت خائف.
هـ صعوبة في الكلام وحالات من البكم والتأتأة :
ساعد الطفل على التحدث عن مشاعره وعما يضايقه كي لا يشعر بأنه وحيد مع مشاعره .
و ـ إعطاء الطفل صفات سحرية للأحداث وأي مظاهر تذكِّره بها :
ساعد الطفل على أن يفصل بين الأحداث والأشياء الملموسة التي تذكره بها كالبيت أوالشارع مثلاً .
ز ـ اضطرا بات النوم والكوابيس والخوف من الذهاب للنوم والخوف من الوحدة في الليل :
1 ـ قم بتشجيع الطفل على إخبار والديه بمخاوفه تلك . 2 ـ اقترح على الأهل ترك ضوء خافت في غرفة الطفل لمنحه شعوراً بالأمان ، مع إبقاء باب غرفة الوالدين مفتوحاً .
ح ـ مقاومة الذهاب للمدرسة بسبب التعلق القلِق بالوالدين وصعوبة الانفصال عنهما :
اقترح على الأهل توفير رعاية متواصلة وثابتة مثل التقاطهم الطفل من المدرسة بعد الدوام ، وإخبار الطفل عن تنقلاتهم .
الباحث : عطية العمري
المرجع :
خوري ، مارييت & الشويكي ، ريما & صلاح الدين ، موسى ( 2001) :
\" المرشد البسيط للمعلم في التعامل مع الطالب في الظروف الصعبة \"
الطبعة الأولى ـ المركز الفلسطيني للإرشاد