مهارات المحاورة بالأسئلة فى تدريس التربية الإسلامية
إن التحاور بالأسئلة وسيلة لها أهميتها فى تدريس التربية الإسلامية لأنها إحدى طرق زيادة التفاعل اللفظي بين المعلم وطلابه ، وإشراك الطلاب بصورة فعالة فى التعلم ، وبالتالي زيادة إقبالهم على دراسة التربية الإسلامية . والميل إليها ، وتكوين اتجاهات مرغوبة نحو موضوعاتها ، وتحسين التحصيل فيها .
أساليب التحاور بالأسئلة :
يسلك المعلم فى محاوراته الفصلية عدة طرق ليحقق المشاركة الإيجابية من طلابه ومن هذه الأساليب :
1- إعادة توجيه السؤال :
وفى هذا الأسلوب يعيد المعلم توجيه السؤال الذى طرحه على الفصل مرة أخرى ، ليحقق المزيد من مشاركة الطلاب فى نقاش الموضوع الذى يدرسونه . والتطرق غلى جوانبه المتعددة ، وحفز الطلاب غير المشاركين على التحدث وتبادل الآراء ، ومن الأهمية أن يعطى المدرس فترة إنتظار عقب طرح السؤال ، ليتدبر الطلاب الإجابة ، وقد تكون فترة سبع ثوان كافية للتفكير وتقديم إجابة مقبولة . كما أن من الأهمية كذلك أن تكون المناقشة مرتبة ومنظمة.
وفيما يلى يوضح كيفية تنفيذ ذلك :
س : بعد أن تحدثنا عن عداوة قريش للرسول صلى الله عليه وسلم من اكثر القرشيين عداوة للرسول ؟
جـ : أبو لهب وزوجته .
جـ : أبو جهل .
س : من يذكر غيرهم ؟
جـ : أبو سفيان بن حرب .
س : ذكرتم فيما سبق أسماء من عاندوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآذوه . فما أسباب عداوتهم له ؟
جـ : اعتقد أنهم كانوا يحسدون الرسول صلى الله عليه وسلم ، لنه فقير ويتيم وليس من العظماء فى مكة .
س : هل تضيفون شيئا أخر ؟
جـ : كانوا جميعا يكرهون الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأنه عاب آلهتهم ، وغير دينهم .
س :هناك سبب آخر . من يذكره ؟
جـ : أعتقد أنهم كان يخشون من دعوته على نفوذهم ومصالحهم التجارية .
س : من منكم يضيف شيئا جديدا ؟
جـ : كره عظماء مكة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أتى بشيء جديد لم يسمعوا عنه من قبل .
وهنا فى المحاورة السابقة ترى أن المعلم طرح سؤالا واحدا عن أسماء المعاندين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم تطرق منه إلى سؤال آخر عن أسباب عنادهم ، وقد أعاد توجيه السؤال الأول مرة أخرى وأعاد توجيه السؤال الثانى ثلاث
مرات . وهو يعيد التوجيه ولا يكرر السؤال . والفرق بين الأسلوبين أن تكرار السؤال هو إعادة للسؤال بلفظه وصيغته التى ورد بها أول مرة . أما إعادة التوجيه فتعنى طرح السؤال بصيغة معدلة محورة تختلف عن صياغة السؤال الأول ، كما أن فيها حفزا للطلاب ، فهو سؤال معاد بتوجيه جديد .
والغرض من إعادة توجيه السؤال الحصول على إجابات متعددة تمثل الإجابة النموذجية لهذا السؤال ، فالغرض من هذا الأسلوب هو استقصاء الإجابات الصحيحة وتسجيلها ، وعلى هذا فأسلوب إعادة توجيه السؤال ، لا يستخدم إلا إذا كانت الإجابة متعددة الجوانب ، أما السؤال على شيء محدد بدقة كالسؤال التالى : متى وقعت غزوة بدر ؟ فلا يصح أن يعاد توجيهه وإلا كان تكرارا ، لأنه لا يحتمل إلا إجابة واحدة صحيحة .
2-التلقين وحفز الطلاب على المشاركة :
ماذا يحدث عندما نسأل الطالب سؤالا ثم يفشل فى الإجابة عنه ؟ عادة ينتقل المعلم إلى غيره ليجيب عن السؤال ، وذلك للحفاظ على حرارة المناقشة ، وعندما يحدث هذا يبتعد الطالب الذى فشل فى الإجابة عن المناقشة ، ويتشتت ذهنه ، فكيف نستطيع التعامل مع هؤلاء الطلاب الذين لا يستطيعون الإجابة أو تكون إجابتهم خاطئة؟
نستعمل مع هؤلاء الطلاب أسلوبا آخر يسمى \"التلقين\" وفيه نوجه إلى الطالب أسئلة سهلة ، تقود إلى الإجابة الصحيحة للسؤال الأساسى الذى فشل فى الإجابة عنه ، أو يعطيه تلميحا للإجابة الصحيحة ، تساعده فى الإجابة بنفسه عن السؤال ، ففى هذه الحالة لابد من الثناء على الإجابة التى يذكرها التلميذ ، كما لو كان قد توصل إليها بنفسه وقبل مساعدة المعلم له .
س : أحست قريش بخطر الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته وبخاصة عندما أسلم عمرين الخطاب وحمزة ، فماذا فعلت ؟
جـ : لا أعرف .
س : تسمع الآن عن عقاب تواجه به الأمم المتحدة بعض الدول مثل العراق ، وتهدد به بعض الدول الأخرى مثل ليبيا وغيرها فما هذا العقاب ؟
جـ : المقاطعة الاقتصادية .
س : ماذا تعنى المقاطعة الاقتصادية ؟
جـ : أعتقد أنها تعنى حظر التعامل مع هذه الدول فى التجارة فى البيع أو الشراء .
س : هل تعتقد أن هذه عقوبة ؟
جـ : نعم : عقوبة رادعة .
س : ولماذا تعد عقوبة رادعة ؟
جـ : لأنها تسبب الركود الاقتصادى .
س : هل تعتقد أن قريشا اتبعت هذه العقوبة مع الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
جـ : أعتقد ذلك ، فهى عقوبة قاسية .
المعلم : أحسنت ! هذه الإجابة صحيحة .
والمثال السابق يوضح الأسلوب الذى يتبعه المعلم مع الطالب الذى يفشل فى الإجابة عن السؤال ، ويقصد به أن يساعد الطالب على الاستجابة مع المعلم ، والتوصل على الإجابة الصحيحة بنفسه وهنا نؤكد \"أنه كلما تم التصحيح من التلميذ نفسه بالتلميح والمساعدة العامة من المعلم، كان ذلك أكثر وقعا لتعلمه وأبقى لديه ، والعكس بهذا الصدد صحيح فى الأحوال العادية للتربية .
3- أسلوب السير وتعميق الفكرة :
عندما يجيب الطالب إجابة غير كافية أو ينقصها العمق ، ففى هذه الحالة من الضروري أن يحاول المعلم أن يحث الطالب على أن يضيف معلومات أخرى تجعل إجابته أكثر عمقا وشمولا ، وهذا الأسلوب يسمى السير أو \"التعمق\" أو \"التمحيص\" ويهدف إلى تحسين مستوى إجابات الطلاب بالتوضيح ، أو إعادة الصياغة لتكون على نحو أدق ، أو التمثيل للإجابة ، أو إضافة معلومات أخرى عليها ، أو نقد الإجابات المقدمة أو تصحيحها ، أو الإدلاء بتفصيلات أشمل عن الموضوع ، وهذا كله يعطى للمعلم وللطالب معا فرصة أكثر للتفاعل والإيجابية .
وتحقق الأسئلة السابرة أو التمحيصية عددا من الفوائد من أهمها: تشجيع التلاميذ على التوصل إلى إجابات عميقة مكتملة للأسئلة ، والتوصل إلى تعميمات من الجزيئات المترابطة ، وتشجع التلاميذ على إبداء الرأى ، وتكوين الأمثلة والشواهد وعدم الاكتفاء بالإجابات السطحية .
ويستخدم المعلم لحث طلابه على المشاركة بعض الكلمات التى تسهم فى تعميق الأفكار لديهم مثل : ما الذى تعنيه بذلك ؟ هل لديك أراء أخرى فى الموضوع ؟ هل يمكنك إعطاء أمثلة ؟ أعد الإجابة بأسلوب آخر ؟ كيف تقدر ذلك ؟ وماذا بعد ؟ أكمل . هل تعتقد أن هذا آخر ما تقول ؟
وفيما يلى مثال يوضح كيفية استخدام مثل هذا الأسلوب فى تدريس التربية الإسلامية :
س : هل تعتقدون أن مقاطعة قريش للرسول صلى الله عليه وسلم وقومه كانت مجدية ؟
جـ : لا .
س : ولماذا ؟
جـ : لأن الله كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه وهم فى شعب أبى طالب .
س : وماذا تقصد بذلك .
جـ : أعنى أن الله كان يرزقهم الطعام والشراب وهم فى الشعب .
س : أذكر مثالا لهذا الرزق ؟
جـ : كان بعض أهل مكة يذهبون بالطعام خفية إلى الشعب .
س : هل هناك دليل آخر على أن الله كان معهم ؟
جـ : نعم ، لقد سلط الأرضة فأكلت الصحيفة الظالمة .
س : هل تضيف شيئا آخر ؟
جـ : نعم ، رقت قلوب خمسة من أشراف قريش ، فطالبوا بنقض هذه الصحيفة الظالمة .
س : فسر ما قلته فى العبارة السابقة ؟
جـ : اتفق خمسة من أشراف قريش منهم زهير بن أبى أمية والمطعم بن عدى ، وزمعه بن الأسود ، ليلا على نقيض الصحيفة، وقال زهير بن أمية للناس صباحا : يأهل مكة ، أنأكل الطعام ونلبس الثياب ، وبنو هاشم وبنو المطلب هلكى ؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة القاطعة .
س : لقد ذكرت أن الأرض أكلت الصحيفة الظالمة ، فهل أبقت منها شيئا ؟
جـ : نعم ، لم يبق منها إلا ما فيه اسم الله .
س : هذا صحيح . أحسنت .
وفى الأسئلة السابقة حاول المعلم أن يجعل الطلاب أكثر دقة فى الإجابة عن السؤال الذى طرحه ، ويسمى هذا الأسلوب بالسير التتابعى ، ويهدف إلى الوصول إلى أفضل إجابة عن السؤال .
ولكن هناك من الأسئلة السابرة ما يتطلب مستوى أعلى من ذلك، ولهذا ينبغى على المعلم أن يصوغ أسئلة ذات مستوى مرتفع، حتى يشجع طلابه على الارتقاء بالتفكير ، والتخطيط والتنظيم للإجابة ، والوصول إلى تعميمات تربط جزئيات الدرس ، ويسمى هذا بالسبر الترابطى .
وفيما يلى أمثلة لهذه الأسئلة التى يمكن للمدرس طرحها فى هذا الدرس :
س : ما السبب الذى دعا قريشا لكتابة هذه الصحيفة ؟
جـ : انتشار الإسلام فى القبائل ، وإسلام عمر وحمزة وهجرة المسلمين إلى الحبشة .
س : ما رأيكم فى هذه الصحيفة ؟
جـ : إنها صحيفة ظالمة .
س : ولماذا ؟
جـ : لأنها تمثل حقدا وكراهية من أهل مكة للرسول صلى الله عليه وسلم وقومه دون داع ، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يؤذهم بشيء يستحق به هذه القسوة والقطيعة .
س : هل تعتقدون أن قريشا نجحت فى تحقيق أهدافها .
جـ : لم تنجح .
س : ولماذا ؟
جـ : لأن الظلم لا يدوم ، ولأن الله كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه .
س : هل أفادت هذه الصحيفة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؟
جـ : نعم .
س : ماذا استفاد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ؟
جـ : خرجوا بعد القطيعة التى استمرت قريبا من ثلاث سنوات وهم أشد عودا ، وأصلب إيمانا ، وكانت اختبار لهم ولإيمانهم ، وقد نجحوا فى هذا الاختبار ، كما أنها أظهرت معادن الرجال ، فبعض أشراف قريش كانوا يساعدون الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه خفية ، وبعضهم سعى لنقض الصحفية كما دبت الخلافات بين القرشيين بها .
س : هذه إجابة جيدة أحسنت ، ولكن ماذا تتوقع لو كان العمل بالصحيفة أمتد سنة أخرى ؟ ولماذا ؟
جـ : أعتقد أن الله سيمد المسلمين بفرج قريب ، لأنهم كانوا على الحق ، ولم يؤذوا أحدا من حولهم .
س : ما الذى تتعلمه من هذا الدرس ؟
جـ : الصبر على الشدة يجعلها تهون .
جـ : الله مع المؤمنين بالنصر والتأييد .
جـ : الشدائد تظهر معادن الرجال .
جـ : النصر مع الصبر .
جـ : الظلم لا يدوم .
جـ : المؤمن ممتحن ومبتلى .
جـ : الدعوة الإسلامية ستنتصر رغم العقبات .
س : هذه إجابات جيدة فماذا كانت نتيجة هذه المقاطعة ؟
جـ : هزيمة قريش وانتصار الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه .
والأسئلة السابقة التى طرحها المعلم تهدف إلى تنمية قدرة الطلاب على تحليل المعلومات وتقويمها ، والربط بين الأسباب والنتائج ، وتنمية القدرة على التمثيل ، والتعليل ، والاستشهاد والاستنتاج ، فالأسئلة التى طرحها المعلم فى الحوار السابق تدخل فى مستوى التحليل فى المجال المعرفى ، وعندما يجيب الطالب عن سؤال تحليلى إنما يقوم بعمليات عقلية معقدة مثل فحص ما لديه من حقائق ، وبحث الدوافع المؤدية إليها ، والنتائج المترتبة عليها .
كما تدخل بعض الأسئلة السابقة فى مستوى التقويم ، وفيها يطلب من التلميذ إصدار حكم على قضية معينة فى ضوء معايير معينة .
والسؤال الأخير من الأسئلة السابقة سؤال تجميعى وفيه يتحرك الطالب من الأعم إلى الأخص أى بالتلخيص والاستنتاج والسؤال التجميعى ليس له إلا إجابة واحدة صحيحة ، أما السؤال الذى قبله \"ما الذى نتعلمه من هذا الدرس\" فهو سؤال تشعيبى تتطلب إجابته عدة إجابات متنوعة وكلها صحيحة ومقبولة ، وتتميز بأنها إجابات ذات مستوى مرتفع .
منقول.
د/عبدالرازق مختار محمود
كلية التربية-جامعة اسيوط
مصر
razic2003@maktoob.com