فن إدارة الأعمال
(مسألة): في هذه المسألة نتكلم حول الأعمال، لأن كتاب الإدارة، إنما يتكون من (إدارة الأعمال) فكل واحدة من الكلمتين، بحاجة إلى الشرح والتوضيح والتحديد، والإدارة بصفة عامة: نشاط متميز لصاحب كل عمل اجتماعي في منشآت أعمالية أو مؤسسات دينية أو مؤسسات حكومية إلى آخر ذلك، ومن الأعمال، الأنشطة التي تبذل لإنتاج وتوزيع السلع والخدمات الضرورية، لإشباع الحاجات والرغبات الإنسانية، أو مؤسسات حكومية، التي يديرها المديرون، سواء كان وزيراً أم سفيراً أم مديراً عاماً أم رئيس دولة أم غير ذلك، وعلى هذا فإن النشاط للأعمال، نشاط اجتماعي يبذله جماعة من الناس، يعملون معاً، لتحقيق هدف مشترك ثقافي أو سياسي أو اجتماعي أو غير ذلك، فالأعمال تعتبر مؤسسة اجتماعية تشمل كل أنواع المؤسسات الاجتماعية، سواء كانت مؤسسات اجتماعية عامة، كالحكومة أم مؤسسات اجتماعية في أخص منها، كالحياة العائلية أو ما بين ذلك من المؤسسات على مختلف صورها وأشكالها وأهدافها وأنشطتها، والأعمال مثل غيرها من المؤسسات الاجتماعية، تستخدم الموارد لتحقيق أهداف معينة، ولذا فإن الموارد تعتبر بمثابة الوسائل اللازمة لبلوغ النهايات المرغوبة، التي يهدف إليها جماعة من الناس بغية الوصول إلى ذلك المقصد، ومن الواضح أن تحقيق الغاية المنشودة والهدف المتوخى، يتأثر بالمهارة في استخدام تلك الموارد، استخداماً صحيحاً بسبب الأعمال والأنشطة إلى تلك الأهداف والغايات، ومن الواضح أيضاً أن عملية الحصول على الموارد واستخدامها، تتأثر تأثراً كاملاً بإطار عمل المؤسسات الاجتماعية والقوى، التي تشكل وتحدد الطريقة، التي ستستغل بها الموارد الممكنة، وقد قسم علماء الإدارة مجموع ذلك إلى أربعة أمور، وهي عبارة عن:
الأول: الموارد.
والثاني: استخدام تلك الموارد.
والثالث: إطار عمل المؤسسات الاجتماعية، والقوى المؤثرة.
الرابع: الأهداف والعناصر، التي يتوخى مجموعة من الناس الوصول إليها، والهدف: الأول في الفكر والآخر في العمل، كما يصفها الفلاسفة، والعناصر الثلاثة الأولى، هي الوسائل للبلوغ إلى العنصر الرابع في الخارج، وهو الهدف المنشود، والنهاية المتوخاة من تلك الأمور الثلاثة، وكل واحد من هذه العناصر الأربعة، تقسم إلى أقسام العنصر، فالعنصر الأول (وهو الموارد، التي تحصل عليها الأعمال) تنقسم إلى: موارد طبيعية، وموارد بشرية، وموارد مالية، وموارد علمية، وموارد اجتماعية، وموارد ثقافية، وما إلى ذلك.
كما أن العنصر الثاني: وهو استخدام الموارد بواسطة الأعمال تنقسم إلى: إنتاج السلع، وإنتاج الخدمات، وتوزيع وبيع السلع والخدمات، وكما يشمل ذلك الموارد البشرية، الذي هو عبارة عن مجموع العمل الذي يقوم به الرؤساء والمرؤوسون، وغيرهم في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود، وإلى تمويل منشآت الأعمال وتنظيمها وإدارتها والتنسيق بين الأجنحة المختلفة في منشأة العمل.
أما العنصر الثالث: وهو إطار العمل في المنشآت المذكورة، فينقسم إلى المؤسسات الاقتصادية، السياسية، والقانونية، والثقافية، والدينية،والمؤسسات المرتبطة بالتقنية، والمؤسسات العسكرية، وغير ذلك من المؤسسات المنتشرة في المجتمع، مما تكون كأعمدة لبقاء المجتمع السليم المتعدد الأبعاد، المعطى لحاجات الفرد بما هو فرد، وحاجات المجتمع بما هو مجتمع.
والعنصر الرابع، الذي هو عبارة عن الأهداف، التي تنشدها الأعمال، بسبب العناصر الثلاثة الأولى: فهو عبارة عن إعطاء احتياجات المجتمع، سواء كانت احتياجات من قبيل الخدمات أو الاحتياجات من قبيل المصنوعات، وكذلك عبارة عن المبيعات، وعن الدخل المتضمن للربح وعن رفع الدخل الحقيقي للفرد، وعن احتياجات المجتمع الروحية، بسبب المؤسسات الدينية والمؤسسات الأخلاقية والمؤسسات التربوية، وما أشبه، ونظام الأعمال شامل لكل الموارد والتنظيمات والمؤسسات والمنشآت، التي ترتبط بالطريقة المباشرة أو غير المباشرة، بإنتاج وتوزيع السلع والخدمات، لإشباع الحاجات والرغبات الإنسانية في أبعادها المختلفة، سواء كان بعداً من النقص إلى الكمال، أو بعداً من الكمال إلى الأكمل، من غير فرق بين أن تكون المنشآت مرتبطة بالقطاع العام، أو مرتبطة بالقطاع الخاص، فإن منشآت القطاع العام أيضاً التي تديره الحكومة مؤسسة في قبال المؤسسات الأُخر المتواجدة في الأنظمة الاستشارية (الديمقراطية) كما أن ذلك ينطوي على مجال واسع من المؤثرات، التي تؤثر على سياسات، وعمليات هذه المنشآت، ومن الواضح أن كل الأفراد، أجزاء في هذا الهيكل التنظيمي التشغيلي العام، سواء كان رئيس الدولة أو مدير الشركة أو رجل المبيعات أو العامل أو المستهلك، كما يتضمن هذا الهيكل العام أيضاً الموارد الأوليّة المستخدمة في الأعمال في عمل آخر، والمؤسسة التي تُعنى بالخدمة للحراسة الليلية عن اللصوص وغيرهم تعمل ليلا،ً لا نهاراً، وبالعكس من تلك المؤسسات، التي تعمل نهاراً لا ليلاً كالمصارف والإدارات وغيرها، وبذلك تبين أن الأعمال عبارة عن الأنشطة المجتمعة في منشأة خاصة تهدف إلى هدف خاص، وإن تشعبت إلى عدة أقسام، مثلاً تقسم الأنشطة حسب الهيكل التنظيمي للمنشآت، إلى منشآت مصرفية، ومنشآت ثقافية من الروضة إلى المعاهد العالية، والمنشآت الدينية كالمدارس للعلوم الدينية والمساجد والأوقاف، والمنشآت العسكرية، والمنشآت الزراعية، ومنشآت المناجم، والمنشآت الصناعية، ومنشآت التشييد والبناء والعمران، ومنشآت الحاجات، الأولية كالكهرباء والغاز والماء، والمنشآت التجارية، ومنشآت النقل والمواصلات، ومنشآت التخزين، ومنشآت الخدمات، بمختلف صورها وأشكالها.