الهياكل الإدارية
(مسألة): توضع خرائط للتنظيم ولبيان هيكل المنظمة، في كثير من الإدارات الكبيرة، سواء كانت إدارة حكومية، أم إدارة خاصة، لتبيّن الوحدات الإدارية، التي تتكون منها الصورة التنظيمية، ولتبيّن الوظائف الموجودة فيها وخطوط السلطة والمسؤولية، التي ترتبط بين أجزائها وارتباط بعضها ببعض، وكيفية التنسيق بينها، وذلك لعدة أمور والتي منها: تحديد إطار المنظمة والوحدات الإدارية والوظائف التي تتكون منها تلك الوحدات.
ومنها: بيان كيفية تقسيم العمل بين الموظفين في المنظمة.
ومنها: توضيح العلاقات بين مختلف الإدارات والأقسام، وكيفية التنسيق بينها، وأيها أكبر وأيها أصغر وأيها مقدم وأيها مؤخر، وإلى غير ذلك.
ومنها: توضيح خطوط السلطة والمسؤولية في المنظمة.
ومنها: توضيح عدد المستويات الإدارية في المنظمة.
ومنها: تعريف الموظف برئيسه، المباشر وتعريف الرئيس بالمرؤوسين التابعين له مباشرة، وأن أي رئيس في القمة، وأي رئيس في الوسط، وأي رئيس في القاعدة.
ومنها: بيان لمجموع اللجان الموجودة في المنظمة، وسلطاتها وعلاقاتها بأجزاء المنظمة.
ومنها: الغرض الإعلامي، حيث إن الخريطة تساعد الزائرين، الذين يأتون من خارج المنظمة، للتعرّف على أقسام المنظمة وعلى رؤوس الأموال المستثمرة في المنشآت، والمنشآت نفسها وتنظيماتها ووظائفها وسياساتها، وقد تبين بذلك أن هناك أجزاء مباشرة وأجزاء غير مباشرة، وتتضمن الأجزاء غير المباشرة كل عناصر الحياة الاجتماعية، التي تسهل وتنظم وتؤثر على نشاط الأعمال، وتشتمل على الحكومة، ومختلف شعبها، وفروعها، ونقابات العمال، والأحزاب، والمنظمات، ودور النشر، والإعلام، والنقود، والإئتمان، والمستهلكين، وعامة الناس، فإنها كلها وغيرها، عوامل بيئية تؤثر على سياسة الأعمال وتصرفها وتوجهها توجيهاً على قدر ما لها من المجال في هذا الحيّز الكبير من المجتمع، وبالرغم من أن علاقة هذه العوامل البيئية بالأعمال، هي علاقة غير مباشرة، إلاّ أنها هامة، ولها وزنها وتأثيراتها في سير الأمور، حسناً أو سيئاً، باستقامة أو بانحراف، بتوسع أو بتضيق، من جهة الكم أو الكيف.
ثم هذه العلاقات متبادلة ومتشابكة، نظراً لأن نشاط منشآت الأعمال وأهدافها تشكل هذه العوامل البيئية وتؤثر عليها أيضاً، فإنه كما أن أجزاء الكون متشابكة جداً، حتى أن رغيف الخبز الواحد بحاجة إلى الأرض، والمطر والهواء والنور والماء والحر والبرد، واليد العاملة والليل والنهار، والتقنية في العصر الحديث، أو الحيوانات، ونحوها في العصر السابق لأجل حراثة الأرض، وحتى بحاجة إلى الطيور التي تلتقط الحشرات الضارة بالزراعة، كذلك أجزاء الأعمال والخدمات، فمعمل واحد بحاجة إلى حكومة ترعاه ومصارف مالية، تكون مستودعاً لمصادر المال، ومنها عطاؤه، ونقابة عمال تنسّق للعمال أنشطتهم وجهودهم، وحزب يسنده، حتى لا يطغى عليه، وقضاء يفصل نزاعاته، وغيرها وغيرها، وبعض هذه الأمور مما يعد من المنظورات، وبعضها مما يُعد من غير المنظورات.
ثم إن المنشأة يجب أن تساير الأهداف والمعايير الاجتماعية العامة، وإلا ما سمح لها بالوجود، وإذا وجد المنشأ المرغوب فيه وجد ضعيفاً وناقصاً ولا يمر عليه زمان، إلاّ وينهدم، مثلاً المجتمع الذي لا يسمح بشرب الخمر لا يمكن فيه تأسيس معمل خمر، فإنه وإن ساندته الحكومة فرضاً، لكنه إذا ولد كانت ولادته ناقصة، ثم لا يمر زمان حتى يسقط، وعليه فالخطط الاقتصادية، مثلاً يجب أن توضع حيث تكون مقبولة للجماهير، سواء من جهة الدين، أو من جهة الفكرة التي يحملها المجتمع، ومثل الخطط الاقتصادية، كذلك الخطط الثقافية والخطط الاجتماعية وغيرهما من سائر أبعاد المجتمع.