عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17-10-2005, 06:41 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
د. الغذامي : العولمة نتاج إنساني واقعي


يرى الدكتور عبدالله الغذامي أن العولمة نموذج بشري واقعي وهو نظام كامل ولكنه ليس حصيناًالحل لايكون باستشعار الخوف وإنما بالتعامل الواقعي مع الأمور حسب ماورد في "مجلة المعرفة عدد 46 مايو 1999" يجب أن نعرف وأن نعترف... نعترف أولاً أن كل ما نقوله وما قلناه عن «العولمة» هو كلام أناس يشعرون بالخوف منها، وهم يخافون منها لأنهم خارجها «ليسوا فيها ولا منها ولا هي فيهم ولا منهم». وكل حديث عن العولمة حينئذ لن يكون عنها بما أنها «موضوع»، ولكنه سينقلب إلى حديث عنا نحن بما أننا قوم شاعرون بالتهديد، تماماً مثل شعورنا بالغزو الفكري وبخطر الحداثة وخطر «مابعد الحداثة» وخطر المؤامرات العالمية وخطر الفضائيات. شعورنا المستمر بالخطر وبالتهديد. هذا الشعور الذي يسود خطابنا وتفكيرنا ويحدد لغتنا ومصطلحاتنا وعلاقاتنا مع الآخرين ومع الذات. إذا كنا مهددين فعلاً ومعرضين لأخطار كثيرة فعلاً، فهل الحل بأن نحكي ونظل نحكي ونظل نتنقل من مصطلح إلى مصطلح، من الغزو الفكري والفضائي إلى العولمة وما بعد الحداثة؟ وهل ستأتي أخطار أخرى في المستقبل القريب أو البعيد؟ وهل سنعيد الكلام نفسه والتحذيرات نفسها؟ ثم ماذا؟ أليس لدينا برامج عمل تترادف مع برامج الكلام والتفكير؟ أليس لدينا نماذج نجاح من أي نوع في العلاقة مع العصر ومع الآخر؟ أنا أقول نعم.. لدينا بعض أمثلة لنجاحات من نوع ما فكرية واقتصادية وشيء من سياسية. وهذا معناه أن الإمكانية العقلية والخيالية لفرص النجاح واردة، وليست الأمور في إطار المستحيل، وليست الحالة حالة شيطانية لا يحلها إلا طقوس سحرية. إن العولمة نتاج إنساني، صنعها ويصنعها بشر، وهي نموذج عملي يعتريه ما يعتري أي نموذج بشري من النقص ومن الحساسية العملية، كما أنه طبعاً لن يكون نموذجاً ختامياً وسيأتي بعد العولمة نموذج متجاوز سيكون مرحلة «مابعد العولمة». هذا معناه-إذن- أن العولمة كائن نموذجي بشري، ومن هنا فإن التعامل يجب أن يكون في حدود شروط الفعل البشري، والتعامل معها لا يكون بالخوف والتخويف منها، وإنما يكون بأخذها مأخذ التفهم- أولاً- والنقد -ثانياً- والتحاور معها مباشرة بعد ذلك. كل الذين عرفوا الغرب وجامعات الغرب ومدارس الغرب الفكرية والفلسفية يعرفون أن فرص التحاور ممكنة جداً، بل إنها ميسورة وسلسة إلى أدق الحدود. ويعرفون أن الغرب ليس بعبعاً ولكنه طبعاً ليس بسيطاً ساذجاً، إنه نظام معقد ومركب وعميق، ولكنه ليس مستحيلاً وليس مخيفاً، كما أنه ليس نظاماً كاملاً وليس حصيناً. إنه قابل للاختراق بل إنه مفتوح للاختراق. ولا يخاف من الغرب إلا أولئك الذين يجهلونه، وأزيد فأقول إن الخائفين من العولمة هم -فحسب- أولئك الجاهلون فعلياً وعملياً بها. هذا لا يعني أن «العولمة» لا أخطار لها. لا... إن في العولمة أخطار، وهي أخطار كثيرة ليس علينا فحسب، وإنما على أصحابها أنفسهم أيضاً. وضحايا العولمة ونظامها الاقتصادي كثيرون جداً داخل أمريكا نفسها من جماعات المهمشين وغير المحظوظين اقتصادياً وثقافياً. مما يعني أن العولمة تحمل بذور مشكلاتها من داخلها وهي -طبعاً- جرثومة موتها. إن المعرفة بالغرب ونظامه وتركيبته الاجتماعية والثقافية تجعل الناظر إلى هذا الغرب يعلم بيقين أنه يتعامل مع «بشر» فيهم مافي البشر من قوة، وفيهم ما في البشر من نواقص وعيوب. وكذا هو نموذج «العولمة» بوصفه نموذجاً بشرياً يحمل عيوبه «فيه» ويحمل بذور موته، وهذا لا يعني نهاية المشكلة أبداً. إننا في هذه الحياة الدنيا معرضون دائماً ومتعرضون دائماً لكل أنواع التجارب والمطامع من غيرنا ومن بني جلدتنا ومن ذواتنا. والحلول ليست باستشعار الخوف، وإنما بالتعامل الواقعي مع الأمور. ولا ريب أن «العولمة» نموذج واقعي، وليست متعالية على الواقع ولا على شروط الفعل البشري. ولسوف نرى قريباً مرحلة «ما بعد العولمة» ولنا أن نحكي ونحكي.. لكن أرجو ألا نخاف. نشر في مجلة (المعرفة) عدد (46) بتاريخ (محرم 1420هـ -أبريل/مايو 1999م)

 

التوقيع

 

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

 
 

التعديل الأخير تم بواسطة : سهيل الجنوب بتاريخ 17-10-2005 الساعة 06:45 AM.
رد مع اقتباس