في دراسته حول «الوعي السياسي لطلبة جامعة الكويت وعلاقته بالمتغيرات المجتمعية»
د.هايف الحويلة: على «الجامعة» تنمية وعي الطلبة سياسيا
كتب مبارك الشمري:
أكد الدكتور هايف هادي الحويلة ان الاهتمام بقضايا الشباب أصبح ظاهرة عالمية حيث يحظى بمزيد من العناية والرعاية في مختلف المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، ومما لا شك فيه ان الدعامة الرئيسة في بناء المجتمعات تتمثل في محاولة استثمار الطاقات البشرية وتوجيهها على اعتبار ان الثروات البشرية لا تقل أهمية عن الثروات المادية بأي حال من الأحوال.
وأضاف الحويلة في دراسة ميدانية حول ((الوعي السياسي لدى طلبة جامعة الكويت وعلاقته ببعض المتغيرات المجتمعية)) ان الشباب بصفة عامة الثروة الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات اذا أحسن استغلالها حيث انهم يمثلون أهم قطاعات المجتمع الى جانب كونهم شريحة اجتماعية تشغل وضعاً متميزًا في بنية المجتمع، وشباب الجامعة بصفة خاصة يمثلون شريحة خاصة وهامة داخل قطاع الشباب حيث يسهمون في تكامل عملية البناء في المجتمع، بالاضافة الى أنهم يعدون نخبة منتقاة من الشباب الذين أتيحت لهم فرص الحصول على معارف وخبرات في مختلف العلوم والفنون لم تتح لغيرهم ممن في مثل سنهم، الى جانب ما يمتازون به من حيوية ونشاط تؤهلهم لأن يكونوا احدى القوى السياسية الفعالة عند ممارستهم للعمل السياسي الذي ينبغي ان يتمرسوا على أدائه، لذلك يجب العناية والاهتمام بهذه الفئة من الشباب وتربيتهم واعدادهم جيدًا وبصورة متكاملة حتى يكتمل نضجهم ويمكن استغلال طاقاته فيما بعد لصالح المجتمع.
وحمل الحويلة مسؤولية التربية والاعداد على عاتق الجامعة باعتبارها أهم وسيط من وسائط التربية، الى جانب أنها أهم المراحل التعليمية التي يمر بها الفرد في حياته التي تلعب دورًا هامًا وحرجًا في المساهمة بشكل كبير في تكوين شخصية الفرد وصقلها، بل وتحديد ملامحها العامة، وبخاصة بعد ان تغيرت النظرة لوظيفة الجامعة التي «لم تعد قاصرة على البحث في المعرفة ونقلها، بل أصبح ينظر اليها على أنها مركز لخدمة المجتمع، بالاضافة الى اعداد الانسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث والقيم الرفيعة وتنمية المهارات المتعلقة بحرية التعبير، النقد الفكري، والمناقشة، وكذلك رعايته رعاية متكاملة من جميع الجوانب.
البحث العلمي
وأضاف الحويلة: يكمن دور البحث العلمي في مناقشة قضايا ومشكلات الشباب باعتبارها ضرورة ملحة لاعدادهم لأن يصبحوا مواطنين صالحين باعتبارهم عماد الأمة بعد خروجهم للحياة العامة، لذا يجب تنمية وعيهم بصفة عامة في مختلف المجالات وبخاصة الوعي السياسي الذي وصل لدرجة من النضج في فترة السبعينات والثمانينات أدت لافراز كثير من الشخصيات السياسية البارزة، أما الآن فتشير العديد من الدراسات والبحوث في مجال التربية السياسية الى وجود ضعف وانخفاض في مستوى الوعي السياسي والمشاركة السياسية لدى الشباب وبخاصة شباب الجامعة وعدم اقبالهم على المشاركة في الحياة السياسية، بل وانعدام معرفتهم بالقضايا السياسية والأحزاب وأهدافها وبرامجها وندرة الانضمام اليها الى جانب انخفاض الثقافة السياسية لديهم وزيادة الاحساس بالاغتراب والسلبية واللامبالاة وانخفاض الاحساس بالانتماء والولاء للمجتمع الأمر الذي أدى الى عزوفهم عن المشاركة في الحياة السياسية العامة للمجتمع على الرغم من ان النظام المصري يحمّل الطلاب وغيرهم ممن بلغوا سن الثامنة عشرة المسؤولية في المشاركة السياسية وبخاصة التصويت السياسي كما أقره الدستور المصري.
تنمية
وزاد الحويلة بامكان الجامعة ان تقوم بدور أساسي ورائد في تنمية وعي الطلاب بمختلف جوانبه وبخاصة الوعي السياسي، وذلك من خلال ممارسة العديد من الأنشطة الطلابية التي يمارسها الطلاب في مجالات متعددة منها (الثقافية، الاجتماعية، الرحلات، الجوالة.....) والمنبثقة عن الاتحادات الطلابية ولجان الأسر التي زاد الاهتمام بها بعد التحول في النظرة لوظيفة الجامعة، وأصبحت تلك الأنشطة ركيزة هامة في تنمية جوانب شخصية الطالب وصقلها.
وأضاف أصبح النشاط جزءًا هاماً في الحياة الجامعية خاصة ان التربية المعاصرة لا تفرق بين الدراسة داخل قاعات المحاضرات وخارجها، فكلاهما مكمل للآخر، والهدف واحد وهو نمو الطالب، لذلك يتعين على طالب الجامعة ليس مجرد التعرف على أوجه النشاط الطلابي فقط وانما الاسهام فيه أيضا، ويتطلب ذلك ان تعطي الجامعة اهتماماً أكبر لتلك الأنشطة التي توفر فرصًا كبيرة لاكتساب كثير من المعلومات في مختلف المجالات، وكثير من الصفات المرغوب فيها، الى جانب أنها تعد الطلاب لتحمل المسؤولية وممارسة الديموقراطية واحترام رأى الآخرين وتكوين صفات المواطنة الصالحة وتنمي وعيهم بالحفاظ على الملكية العامة وضبط السلوك.
الأنشطة الجامعية
وذكر ان للأنشطة الجامعية دورها المهم في تنمية الوعي السياسي وذلك من خلال ما يمارسونه داخل كليات الجامعة من خلال الأنشطة القائمة من عمليات الترشيح والدعاية والتصويت والانتخاب، وما يعقب ذلك من مؤتمرات ومناقشات وبرامج وما تتضمنه هذه العمليات من تفاعل وممارسات وهي تؤدي بدورها لاعداد المواطن كي يأخذ دورًا ايجابيًا في تنمية بيئته ومجتمعه ومساعدته على المشاركة في مشروعاتها واحترام الأنظمة ومما سبق يتضح ان الأنشطة الطلابية المتنوعة التي تمارس داخل جامعة الكويت يمكن ان تسهم في تنمية وعي الطلاب بمختلف جوانبه وبخاصة الوعي السياسي بشكل أو بآخر، وبخاصة ان أحدث الاحصاءات تدل دلالة واضحة على ان الأنشطة تمارس بصورة فعالة، وأن هناك اقبالاً متزايدًا عليها من الطلبة من عام لآخر، وذلك لأنها تشبع هواياتهم وتملأ فراغهم فيما يفيد، وتعودهم تحمل المسؤولية والقيادة والتبعية والديموقراطية وغيرها، كما ظهر اهتمام من الجامعة بزيادة الميزانية المخصصة للنشاط أدى لزيادة الحوافز المادية والأدبية المشجعة على ممارسة النشاط أخيرا كما تشير احصاءات رعاية الشباب ومن ثم يمكن استخدامها كوسيلة لتنمية الوعي السياسي لطلاب الجامعة لاعدادهم فيما بعد للمشاركة في الحياة العامة للمجتمع.
وأضاف فان السلبية واللامبالاة والاغتراب السياسي لدى الشباب الجامعي أدت الى عدم وجود وعي سياسي لديهم متسائلا ما واقع الوعي السياسي لدى طلاب جامعة الكويت؟ وما علاقته ببعض المتغيرات المجتمعية؟ وما أبعاد مفهوم الوعي السياسي والمفاهيم المرتبطة به؟وما المتغيرات المجتمعية وانعكاساتها على الوعي السياسي؟ داعيا المسؤولين في وزارة التعليم العالي باعتبار الشباب الجامعي الهدف الأساسي لها من أجل النهوض به في جميع الجوانب وكذلك المسؤولين في الجامعات والتعليم التطبيقي بدولة الكويت الى تخطيط الأنشطة الطلابية وأساليب تنفيذها بالاضافة الى القيادات السياسية والشعبية المهتمة بقضايا الجامعات ومسؤولي تنفيذ الأنشطة في مختلف الكليات الجامعية من أجل الوصول الى أفضل الوسائل لتفعيل دور الأنشطة في مختلف المجالات.
وذكر الحويلة الحدود التي استخدمت في الدراسة منها البشري من خلال الوقوف على الوعي السياسي لطلبة التخصصات العلمية والأدبية بالاضافة الى الحد المكاني وهو جامعة الكويت لما لتاريخها العريق في اعداد الكوادر البشرية والحد الموضوعي منوها بأن الوعي السياسي يتحقق من خلال عدة عوامل تتمثل في التوجيه السياسي المباشر من خلال قنوات رسمية وغير رسمية عن طريق بيانات سياسية وعمليات توجيه وتلقين سياسي مباشر يقوم بها المفكرون والقادة السياسيون والخبرة السياسية المكتسبة من خلال المشاركة السياسية والوعي الناتج عن التعلم الذاتي كقراءة الصحف والكتب السياسية، ومتابعة الأحداث والتطورات السياسية أيضا المتحصل نتيجة لأسلوبي التلمذة والتعميم.
وعرج الحويلة على السياسة التعليمية في دولة الكويت، فهي تعاني بعض الخلل، سواء في المضمون أم في آليات الصنع والتنفيذ ومن ثم المتابعة، مما زاد من أعباء النظام التعليمي مع تراكم كل المستجدات التربوية، فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذل الا ان حالة الرضا عن التعليم ومخرجاته لم تكن لمصلحة النظام التعليمي، وهذا ما تتناوله قطاعات المجتمع، فالخلل يبدأ من عملية الصنع ومن يشارك بها؟ ثم تكون حسبما سبق من تحديات وخلل في السياسة التعليمية جعل التساؤل الملح عن كيفية صنع السياسة التعليمية في دولة الكويت؟ وما آلياتها؟ وهل بالامكان الاستفادة من بعض التجارب العالمية ان أمكن ذلك؟ من أجل ايجاد تصور لصنع سياسة تعليمية، السياسة التعليمية في دولة الكويت.
سياسة
ونوه يبرز دور السياسة في تحديد الأهداف العامة والفلسفات التي ينطلق منها التعليم حسب ما تراه السلطة وبما يخدم مصالحها ووجودها وقوتها، وبما يتفق مع توجهاتها السياسية وبما تحب ان يكون عليه المجتمع، فقد تنظر بعض الأحزاب والسلطات لسياسات التعليم من حيث تعميمه أو تخصيصه ومجانيته أو الاسهام في تكاليفه، التعليم تبع للرغبات أو للقدرات، التعليم للعمالة أو للثقافة مشيرا الى تجربة سيطرة الحزب الاشتراكي الوطني الألماني عام 1930 على السلطة، وفرضه لسياسات تعليمية صارمة، الهدف منها اذكاء روح العنصرية لدى الشعب، ونتج من ذلك مركزية مطلقة في اتخاذ القرارات مع خفض سنوات التعليم الالزامي، والغاء العديد من الأكاديميات وكليات اعداد المعلمين.
النظام التعليمي
وذكر ان النظام التعليمي يقوم على شبكة من العلاقات الاجتماعية والوظيفية، سواء بين الادارات بأطرافها القومية والاقليمية والمحلية، أم بين المعلمين والمتعلمين مؤكدا ان السياسيين يختلفون في فهمهم للحرية وطبيعة العلاقات، وهذا يرجع في المقام الأول لطبيعة الديموقراطية وما يترتب عليه من احترام للرأي الآخر واحترام الخصوصية لكل فرد، وينعكس ذلك على العلاقات سواء في جوانبها التنظيمية العملية أم الاجتماعية الانسانية، حيث تنشأ علاقات جديدة بعضها يستمر وبعضها ينقطع تبعا للظروف.
وابرز الحويلة أثر التعليم في السياسة في كثير من الجوانب منها التربية السياسية وازالة الفوارق الاجتماعية واعداد القوى العاملة والمساعدة في نهضة المجتمع وحل مشاكله وان هناك دورا لبعض مؤسسات المجتمع في تنمية الوعي السياسي في الكويت وأهمها الأسرة على الرغم مما تواجهه من معوقات تكمن في نقص ثقافة الوالدين سياسي لدى البعض وأيضا جماعة الرفاق وكذلك المدرسة التي تساهم في انماء الوعي السياسي وكذلك الأحزاب أو بالأحرى الجماعات السياسية بالاضافة الى الدور الكبير لوسائل الاعلام والمؤسستين الدينية والتعليمية.
وخرج الحويلة بأبرز التوصيات التي تتمثل في اتاحة الفرصة لجميع الطلاب لممارسة الأنشطة الطلابية، والعمل على ان تكون تلك الأنشطة جزءاً من التقويم التكويني للطلاب ضمن تقديرات الطلاب في نهاية الفصل الدراسي أو العام الدراسي والسعي الى فتح المجالات لمناقشة القضايا السياسية المحلية، الاقليمية، والدولية من خلال قنوات اتصال شرعية من خلال اتحادات الطلاب داخل الجامعة وأيضا انشاء مكتب للاتصال السياسي بكل جامعة وأيضا السعي الى ايجاد مقررات اختيارية داخل خطة الدراسة وكذلك العمل على تخصيص وقت سواء بيوم في نهاية الأسبوع أو أسبوع في نهاية كل فصل دراسي أو 15 يوماً في نهاية العام الدراسي لممارسة الأنشطة وتقييم الطلاب في ضوء تلك الممارسة تنتهي هذه المدة بالأسبوع الثقافي ومشاركة الطلاب مع الادارة في وضع خطط الأنشطة الخاصة بهم وتشجيع أساتذة الجامعات على ممارسة الأنشطة مع الطلاب لخلق نوع من التنافس والألفة.
http://mig.alwatan.com.kw/ArticleDetails.aspx?Id=38954