بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبــعــد /
فالإسراء والمعراج من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التي أعجزت أعداء الله في كل وقت وكل حين من أجل هذا قمت بالبحث فى الكتب التى تحدثت عن موضوع الإسراء والمعراج واستخراج الجزئيات الخاصة به ونظراً لطولها فقد قمت بوضعها على ملفات ورد ورفعها على أحد المواقع وقد عنيت عند البحث الإعتماد على كتب أئمة أهل العلم الثقات أمثال ( ابن حجر - ابن كثير - النووى - الألبانى ) وقبل أن أشرع فى تقديم هذه الموضوعات أحببت أن أقدم إليكم مجموعة من الفتاوى الخاصة بالإسراء والمعراج ، سائلاً المولى عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وأن ينتفع به الجميع.
فتاوى الإسراء والمعراج
هذه مجموعة من الفتاوى الخاصة بموضوع الإسراء والمعراج قمت بجمعها من مصادرها الأصلية ( موقع ابن باز - موقع ابن عثيمين - موقع طريق الإسلام )
فتاوى فضيلة الشيخ : عبد العزيز بن بازرحمه الله
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فلا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة، وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه، قال الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[1].
وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماء، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة، فكلمه ربه سبحانه بما أراد، وفرض عليه الصلوات الخمس، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف، حتى جعلها خمساً، فهي خمس في الفرض، وخمسون في الأجر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه.
وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها، ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها، ولم يخصوها بشيء ولو كان الاحتفال بها أمراً مشروعاً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة، إما بالقول وإما بالفعل، ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا، فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة، ولم يفرطوا في شيء من الدين، بل هم السابقون إلى كل خير، فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعاً لكانوا أسبق الناس إليه، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس للناس، وقد بلغ الرسالة غاية البلاغ، وأدى الأمانة فلو كان تعظيم هذه الليلة والاحتفال بها من دين الله لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه، فلما لم يقع شيء من ذلك، علم أن الاحتفال بها، وتعظيمها ليسا من الإسلام في شيء وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها، وأتم عليها النعمة، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله، قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين من سورة المائدة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}[2]، وقال عز وجل في سورة الشورى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[3].
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: التحذير من البدع، والتصريح بأنها ضلالة، تنبيها للأمة على عظم خطرها، وتنفيراً لهم من اقترافها، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) زاد النسائي بسند جيد: ((وكل ضلالة في النار))، وفي السنن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا فقال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن السلف الصالح بعدهم، التحذير من البدع والترهيب منها، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين، وشرع لم يأذن به الله، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي، واتهامه بعدم الكمال، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم، والمنكر الشنيع، والمصادمة لقول الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[4] والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المحذرة من البدع والمنفرة منها.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه من الأدلة كفاية ومقنع لطالب الحق في إنكار هذه البدعة: أعني بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، والتحذير منها، وأنها ليست من دين الإسلام في شيء.
ولما أوجب الله من النصح للمسلمين، وبيان ما شرع الله لهم من الدين، وتحريم كتمان العلم، رأيت تنبيه إخواني المسلمين على هذه البدعة، التي قد فشت في كثير من الأمصار، حتى ظنها بعض الناس من الدين، والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، ويمنحهم الفقه في الدين، ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق والثبات عليه، وترك ما خالفه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الإسراء الآية 1.
[2] المائدة الآية 3.
[3] الشورى الآية 21.
[4] المائدة الآية 3.
ليلة الإسراء والمعراج هل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه - تبارك وتعالى -, أي: هل رأى ذلك؟ وهل من كلمة في ذلك
الجواب
لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ، ولما سئل قال: (رأيت نوراً) قال : (نوراً أنى أراه). وقال عليه الصلاة والسلام: (واعلموا أنه لن يرى منكم أحدٌ ربه حتى يموت) . فالله لا يرى في الدنيا ، قال تعالى: لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ [(103) سورة الأنعام]. يعني في الدنيا ، ولا تحيطه ... في الآخرة ، يرونه في الآخر المؤمنون في الجنة وفي القيامة ، لكن لا يحيطون به. أما في الدنيا فلا يرى ، لا يراه لا الأنبياء ولا غيره في الدنيا ، الدنيا دار العمل ، دار الاجتهاد دار ، الابتلاء والعمل ، ما هي بدار النعيم ، والرؤية من النعيم ، فلا يراه إلا المؤمنون يوم القيامة في عرصات القيامة ، ويرونه أيضاً في الجنة - سبحانه وتعالى - كما يشاء - جل وعلا -، يرونه كما يرون القمر ليلة البدر ، رؤية حقيقة ، كما يرون القمر ليلة البدر ، وكما يرون الشمس صحوا ليس دونها سحاب ، يعني أن الله - جل وعلا - يبدي لهم وجهه الكريم ، ويرونه في القيامة ، وفي الجنة رؤية حقيقة.
السؤال: ماذا على الذي يصوم شهر رجب كاملاً، كما يصوم رمضان؟
الجواب
صيام رجب مكروه، لأنه من سنة الجاهلية لا يصومه، صرح كثير من أهلا لعلم بكراهته، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام رجب، المقصود أنه سنة في الجاهلية، لكن لو صام بعض الأيام يوم الاثنين يوم الخميس لا يضر، أو ثلاثة أيام منكل شهر لا بأس، أما إذا تعمد صيامه فهذا مكروه.
السؤال: يخص بعض الناس شهر رجب ببعض العبادات، كصلاة الرغائب، وإحياء ليلة (27) منه، فهل ذلك أصل في الشرع؟ جزاكم الله خيراً.؟
الجواب
تخصيص رجب بصلاة الرغائب أو الاحتفال بليلة (27) منه يزعمون أنها ليلة الإسراء والمعراج كل ذلك بدعة لا يجوز، وليس له أصل في الشرع، وقد نبه على ذلك المحققون من أهل العلم، وقد كتبنا في ذلك غير مرة وأوضحنا للناس أن صلاة الرغائب بدعة، وهي ما يفعله بعض الناس في أول ليلة جمعة من رجب، وهكذا الاحتفال بليلة (27) اعتقادا أنها ليلة الإسراء والمعراج، كل ذلك بدعة لا أصل له في الشرع، وليلة الإسراء والمعراج لم تعلم عينها، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها، وهكذا خلفاؤه الراشدون وبقية أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان ذلك سنة لسبقونا إليها. والخير كله في اتباعهم والسير على منهاجهم كما قال الله عز وجل: ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). " سورة التوبة الآية 100"؛ وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم في صحيحه؛ ومعنى فهو رد: أي مردود على صاحبه، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)). أخرجه مسلم في (الجمعة) برقم (1435). فالواجب على جميع المسلمين اتباع السنة والاستقامة عليها والتواصي بها والحذر من البدع كلها عملا بقول الله عز وجل: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) . " سورة المائدة الآية 2"؛ وقوله سبحانه: ( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، " سورة العصر كاملة "، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة))، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)). أخرجه مسلم في صحيحه في (الإيمان) برقم (55). أما العمرة فلا بأس بها في رجب لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب وكان السلف يعتمرون في رجب، كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه: (اللطائف) عن عمر وابنه وعائشة رضي الله عنهم ونقل عن ابن سيرين أن السلف كانوا يفعلون ذلك. والله ولي التوفيق.
السؤال: إذا دخل أول خميس في شهر رجب، فإن الناس يذبحون ويغسلون الأولاد, وأثناء تغسيلهم للأولاد يقولون: يا خميس أول رجب نجنا من الحصبة والجرب, ويسمون هذا اليوم: كرامة رجب, وجهونا في ضوء هذا السؤال؟
الجواب
هذا منكر لا أصل له، بدعة، ولا يجوز، يا خميس! هذا دعاء غير الله, شرك أكبر، دعاء غير الله شرك أكبر، فالمقصود أن هذا بدعة لا يجوز. نسأل الله العافية.
السؤال: لقد سمعت عن صيام شهر رجب كاملاً، فهل هذا بدعة، أو أنه من العمل الصحيح؟
الجواب
ليس بمشروع، هذا من أعمال الجاهلية، فلا يشرع ... بالصيام، يكره ذلك،لكن إذا صام بعضه الاثنين و الخميس، أو أيام البيض طيب لا بأس بذلك، أما أنه يخصه بالصوم وحده فهذا مكروه.
فتاوى فضيلة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين
السؤال: سؤالي هذا عن احتفال في ليلة الإسراء والمعراج وهنا في السودان نحتفل أو يحتفلون في ليلة الإسراء والمعراج في كل عام هل هذا الاحتفال له أصل من كتاب الله ومن سنة رسوله الطاهرة أو في عهد خلفاءه الراشدين أو في زمن التابعين أفيدوني وأنا في حيرة وشكراً لكم جزيلاً؟
الجواب
ليس لهذا الاحتفال أصل في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفاءه الراشدين رضوان الله عليهم وإنما الأصل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يردُّ هذه البدعة لأن الله تبارك وتعالى أنكر على الذين يتخذون من يشرعون لهم ديناً سوى دين الله عز وجل وجعل ذلك من الشرك كما قال تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) والاحتفال بليلة المعراج ليس عليه أمر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولقول النبي صلى الله عليه وسلم محذراً أمته يقوله في كل خطبة جمعة على المنبر (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) وكلمة كل بدعة هذه جملة عامة ظاهرة العموم لأنها مصدرة بكل التي هي من صيغ العموم التي هي من أقوى الصيغ (كل بدعة) ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من البدع بل قال كل بدعة ضلالة والاحتفال بليلة المعراج من البدع التي لم تكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم وعلى هذا فالواجب على المسلمين أن يبتعدوا عنها وأن يعتنوا باللب دون القشور إذا كانوا حقيقة معظمين لرسول صلى الله عليه وسلم فإن تعظيمه بالتزام شرعه وبالأدب معه حيث لا حيث لا يتقربون إلى الله تبارك وتعالى من طريق غير طريقه صلى الله عليه وسلم فإن من كمال الأدب وكمال الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتزم المؤمن شريعته وأن لا يتقرب إلى الله بشيء لم يثبت في شريعته صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فنقول إن الاحتفال بدعة يجب التحذير منها والابتعاد عنها ثم إننا نقول أيضاً إن ليلة المعراج لم يثبت من حيث التاريخ في أي ليلة هي بل إن أقرب الأقوال في ذلك على ما في هذا من النظر أنها في ربيع الأول وليست في رجب كما هو مشهور عند الناس اليوم فإذن لم تصح ليلة المعراج التي يزعمها الناس أنها ليلة المعراج وهي ليلة السابع والعشرين من شهر رجب لم تصح تاريخياً كما أنها لم تصح شرعاً والمؤمن ينبغي أن يبني أموره على الحقائق دون الأوهام.
السؤال: سؤاله الثاني يقول أسأل عن الإسراء والمعراج بمحمد صلى الله عليه وسلم هل صعد إلى سدرة المنتهى بروحه وجسده أم روحه فقط أفتونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب
المعراج الذي حصل للرسول صلى الله عليه و سلم كان بجسده وروحه قال الله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وقال تعالى (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى) والعبد وكذلك الصاحب لا يكون إلا في الروح والجسد فالنبي صلى الله عليه وسلم أسري به بجسده وروحه وعرج به إلى السماوات حتى بلغ مستوى بجسده وروحه صلى الله عليه و سلم ولو كان ذلك بروحه فقط ما أنكرت قريش ذلك إذ أن المنامات يقع منها شيء كثير من جنس هذا ولكنه كان صلى الله عليه و سلم قد أسرى به بجسده وروحه وعرج به إلى السماوات كذلك.
كيف رأى النبي صلى الله عليه وسلم أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار ليلة الإسراء والمعراج مع أن الساعة لم تقم بعد؟
الجواب
إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بذلك وأنه رأى الجنة والنار، ورأى أقواماً يعذبون وأقواماً ينعمون، والله أعلم بكيفية ذلك لأن أمور الغيب لا يدركها الحس فمثل هذه الأمور إذا جاءت يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت وأن لا نتعرض لطلب الكيفية.
ولم؟ لأن عقولنا أقصر وأدنى من أن تدرك هذا الأمر فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور لا يمكن إدراكها بالعقل، أخبر صلى الله عليه وسلم بأن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة ومعلوم الآن أن ثلث الليل يدور على الكرة الأرضية فإذا انتقل من جهة حل في جهة أخرى فقد تقول: كيف ذلك؟ فنقول عليك أن تؤمن بما أخبرك به النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقل: كيف؟ لأن عقلك أدنى وأقصر من أن يحيط بمثل هذه الأمور الغيبية، فعلينا أن نستسلم ولا نقول: كيف؟ ولم؟
ولهذا قال بعض العلماء كلمة نافعة قال: "قل: بم أمر الله؟ ولا تقل: لم أمر الله؟"، والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما رأي الشرع في نظركم فيمن قال بتفضيل ليلة الإسراء على ليلة القدر؟
الإجابة
الذي نرى في هذه المسألة أن ليلة القدر أفضل من ليلة الإسراء بالنسبة للأمة، أما بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم فتكون ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج في حقه أفضل، لأنها خاصة به، ونال فيها من الفضائل ما لم ينله في غيرها، فلا نفضِّل ليلة القدر مطلقاً، ولا نفضل ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج مطلقاً، وكأن السائل يريد أن يشير إلى ما يفعله بعض الناس ليلة السابع والعشرين من رجب من الاحتفال بهذه الليلة، يظنون أنها ليلة الإسراء والمعراج، والواقع أن ذلك لم يثبت من الناحية التاريخية، فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به في تلك الليلة، بل إن الذي يظهر أن المعراج كان في ربيع الأول، ثم على فرض أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب، فإن ذلك لا يقتضي أن يكون لتلك الليلة احتفال واختصاص بشيء من الطاعة، وعلى هذا فالاحتفال بليلة سبع وعشرين من رجب لا أصل له من الناحية التاريخية ولا الشرعية، فإذا لم يكن كذلك كان من العبث ومن البدعة أن يحتفل بتلك الليلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد العشرون - كتاب الصيام.
السؤال: حفظكم الله، وسدد خطاكم يقول: السائل في سؤاله الثاني، ما حكم صيام الثامن من رجب، والسابع والعشرين من نفس الشهر؟
الجواب
تخصيص هذه الأيام بالصوم بدعة، فما كان يصوم يوم الثامن، والسابع والعشرين، ولا أمر به، ولا أقره، فيكون من البدع، وقد يقول قائل: كل شيء عندكم بدعة؛ وجوابنا عليه -حاش والله-، إنما نقصد البدعة في الدين، وكل شيء تعبد الإنسان به لله عز وجل بدون دليل من الكتاب، والسنة، فهو بدعة، ولهذا قال النبي "صلى الله عليه وسلم": (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين، المهديين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور). فالمراد البدعة في الدين الذي يتقرب به الإنسان لله عز وجل من عقيدة، أو قول، أو فعل، فهذا بدعة، وضلالة، أما البدع فيما يتعلق بأمور الدنيا، فكل شئ نافع من أمور الدنيا، وإن كان لم يكن موجوداً من قبل، فإننا لا نقول: إنه بدعة، بل نحث عليه إذا كان نافعاً، وننهى عنه إذا كان ضاراً.
السؤال: بارك الله فيكم هذا المستمع آدم عثمان من السودان يقول أستفسر عن صوم الأيام التالية هل هو صحيح أول خميس من رجب؟
الجواب
صوم أول خميس من رجب ليس له أصل، وتخصيص هذا اليوم بالصوم بدعة، وعلى هذا فلا يصمه الصائم.
فتاوى فضيلة الشيخ : صالح الفوزان
هل كان الإسراء والمعراج بالجسم؟ فإن كان بالجسم؛ فهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه تبارك وتعالى بالعين؟ وهل يكفرُ من ينكر الإسراء والمعراج بالجسم، ويدَّعي عدم رؤيته صلى الله عليه وسلم لله تبارك وتعالى بالعين المجرَّدة؟
الإجابة
الإسراء والمعراج كانا بالجسم والروح معًا، هذا قول الجمهور من أهل العلم، وذلك لقوله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } [الإسراء: 1] والعبد اسم للروح والجسم، وليس اسمًا للرُّوح فقط، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الإسراء والمعراج (27)؛ "أنه جاءه جبريل بدابَّة اسمها البُراق، وأركبه عليها، وذهب إلى بيت المقدس، وصلى بالأنبياء هنا... "كل هذا يعطي أنه بالجسم والرُّوح معًا، وهذا قول الجماهير من أهل العلم، ولم يخالفهم فيه إلا طائفة يسيرة. وأما هل رأى ربَّه ليلة المعراج بعينه؛ فالجمهور على أنه لم يره بعينه، وإنما رآه بقلبه، وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه رآه بعينه، ولكن الصحيح الأول، وأنه لم يره بعينه، وإنما رآه بقلبه، ولما سُئِل صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ قيل: هل رأيت ربَّك؟ قال: "نورٌ أنّى أراهُ" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/161) من حديث أبي ذر رضي الله عنه] . وأما من أنكر الإسراء بالجسم؛ فهو لا يكفر؛ لأنه قال به بعض السَّلف؛ قالوا: إنَّ الإسراء بالرُّوح فقط، يقظة لا منامًا. وإن كان هذا القول مرجوحًا وضعيفًا، لكن من أخذ به فإنه يكون مُخطئًا، ولا يكفر بذلك. وكذلك من أنكر رؤية النبي لربِّه لا يكفر من باب أولى؛ لأن الصحيح - كما ذكرنا - أنه لم يره بعينه، وإنما رآه بقلبه. وأما رؤية الله جل وعلا بالأبصار؛ فهي ثابتة للمؤمنين في الدَّار الآخرة، متواترة فيها النُّصوص في القرآن والسّنَّة، وإجماع أهل السُّنَّة على أنّ المؤمنين يرون ربَّهم يوم القيامة رؤية حقيقة، أما في الدنيا؛ فلم يثبت أن أحدًا رآه جل وعلا.[/COLOR]
ما هو الراجح من أقوال العلماء في تعيين ليلة القدر، وهل هي أفضل الليالي على الإطلاق أم لا، وما هو رأيكم في من قال بتفضيل ليلة الإسراء على ليلة القدر؟
الإجابة
ليلة القدر ليلة عظيمة نوّه الله بشأنها في كتابه الكريم في قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [سورة الدخان: آية 3، 4]. وفي قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر]. فهي ليلة شرّفها الله عز وجل على غيرها، وأخبر أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر أي أفضل من العمل في أكثر من ثلاث وثمانين عامًا وزيادة أشهر وهذا فضل عظيم حيث اختصها بإنزال القرآن فيها ووصفها بأنها ليلة مباركة وأنها يُقدَّر فيها ما يجري في العام من الحوادث وهذه مزايا عظمية لهذه الليلة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها طلبًا لليلة القدر وهي أفضل الليالي لأنه لم يرد في ليلة من الليالي ما ورد في فضلها والتنويه بشأنها فهي أفضل الليالي لما تشتمل عليه من هذه المزايا العظيمة وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة وإحسانه إليها حيث خصّها بهذه الليلة العظيمة. وأما المفاضلة بينها وبين ليلة الإسراء فبين يدي الآن سؤال وجواب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث سئل رحمه الله عن ليلة القدر وليلة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل فأجاب بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النبي صلى الله عليه وسلم الذي اختصّ به ليلة المعراج منها أكمل من حظه في ليلة القدر وحظ الأمّة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج وإن كان لهم فيها أعظم حظ لكن الفضل والشرف والرتبة العليا إنما حصلت فيها لمن أسري به صلى الله عليه وسلم. هذا ما أجاب به شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة والإمام العلامة ابن القيم كلامه في هذا الموضوع يوافق كلام شيخه في أن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلم وليلة القدر أفضل في حق الأمة.
ومما يجب التنبيه عليه أن الله سبحانه وتعالى شرع لنا في ليلة القدر من التعبد والتقرب إليه ما لم يشرعه في ليلة الإسراء فليلة الإسراء لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بقيام أو ذكر، وإنما كان يخص ليلة القدر لفضلها ولمكانتها وأيضًا ليلة الإسراء لم تثبت في أي ليلة ولا في أي شهر هي مما يدل على أن العلم بها وتحديدها ليس لنا فيه مصلحة خلاف ليلة القدر فإن الله أخبر أنها في رمضان لأن الله قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [سورة البقرة: آية 185]. وقال: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [سورة القدر: آية 1]. فدلّ على أنّ ليلة القدر في شهر رمضان وإن كانت لا تتعين في ليلة معينة من رمضان إلا أنه يترجح أنها في العشر الأواخر وفي ليلة سبع وعشرين آكد الليالي عند الإمام أحمد وجماعة من الأئمة وللعلماء في تحريها اجتهادات ومذاهب لكن هي في شهر رمضان قطعًا. فمن صام شهر رمضان وقام لياليه فلا شك أنه قد مرت به ليلة القدر ولا شك أنه شهد ليلة القدر ويكتب له من الأجر بحسب نيته واجتهاده وتوفيق الله له، فليلة القدر لنا فيها ميزة في أن شرع لنا الاجتهاد في العبادة والدعاء والذكر وتحريها بخلاف ليلة الإسراء فهذه لم يطلب منا أن نتحراها ولا أن نخصها بشيء من العبادات وبهذا يظهر أنّ هؤلاء الذين يحتفلون في ليلة الإسراء والمعراج أنهم مبتدعة بما لم يشرعه الله ولم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحتفل كل سنة بمرور ليلة من الليالي يقول إن هذه ليلة الإسراء وليلة المعراج كما كان يفعله هؤلاء المنحرفون المبتدعة الذين اتخذوا دينهم طقوسًا ومناسبات بدعية وتركوا السنن وتركوا الشرائع الثابتة عن رسول صلى الله عليه وسلم فهذا مما يجب الانتباه له وبيانه للناس وأنّ الله شرع لنا الاجتهاد في ليلة الإسراء والمعراج فلم يشرع لنا فيها أن نتحراها ولا أن نخصها بشيء وأيضًا هي لم تبين لنا في أي شهر أو في أي ليلة بخلاف ليلة القدر فإنها في رمضان بلا شك والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
السؤال: يقول فضيلة الشيخ -وفقكم الله-: يعتقد كثير من الناس أفضلية العبادة في رجب، وبناء عليه، فإنهم ينذرون في رجب أنواعا من الطاعات؛ فهل يلزم الوفاء على اعتبار أنهم يعتقدون اعتقادات جاهلية، أم يكون ذلك من نذر المعصية ؟
الجواب
هذا بدعة، نذر العبادة في رجب خاصة، هذا بدعة ولا يجوز الوفاء بالبدعة؛ نعم، يدخل في نذر المحرم، لأن البدعة محرمة، ورجب لم يثبت ما يدل على خصوصية العمل فيه، وأن العمل فيها له فضيلة، ما كذب شي من هذا، لكن الخرافيون يحرصون على إلي ماله أصل، والي له أصل ما يلتفتون إليه، سبحان الله إلي له أصل صحيح ما يلتفتون إليه، والي ماله أصل يحرصون عليه، ويبحثون عنه، هذه من الفتنة.
السؤال: رجل تعود أن يصوم شهري رجب، وشعبان كاملين في كل عام، فهل في فعله بأس ؟
الجواب
شهر رجب لا يصام لأنه بدعة، لأن شهر رجب بدعة، أما صيام غالب شعبان، غير الصيام شعبان كله، لا يجوز، لكن الصيام أكثر شعبان مستحب، إذا صام أكثر شعبان فهو مستحب، لفعل النبي "صلى الله عليه وسلم"، فكان يكثر الصيام في شهر شعبان، لكن لا يصومه كاملاً
السؤال: عبارة: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"؛ هل هو حديث ؟
الجواب
هذا حديث، لكن ما هو بصحيح حديث ضعيف
السؤال: فضيلة الشيخ - وفقكم الله-: نويت أن أقوم بعمرة في هذا الأسبوع، وأشار علي البعض أن أتركها إلى شهر آخر، حتى لا يكون في عملي مشابهة لأهل البدع، الذين يعتمرون في السابع والعشرين من هذا الشهر رجب ؟
الجواب
نعم، هو صحيح، أجل العمرة إلى أن تزول هذه الشبهة، لأن إلي يعتمرون رجب هم المبتدعة، فأنت اجتنب هذا، ولا تشاركهم، ولو كنت أنت ما قصدت هذا، لكن فيه مشاركة لهم، ومشابهة لهم، فأجل العمرة إلى غير رجب.
فتاوى متفرقة
ما حكم صلاة الرغائب؟ وما حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من رجب؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه . أما بعد:
فلا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة، وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه، قال الله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الإسراء: 1]
وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماء، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة، فكلمه ربه سبحانه بما أراد، وفرض عليه الصلوات الخمس، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف، حتى جعلها خمساً، فهي خمس في الفرض، وخمسون في الأجر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه.
لكن تخصيص رجب بصلاة الرغائب أو الاحتفال بليلة السابع والعشرين منه يزعمون أنها ليلة الإسراء والمعراج كل ذلك بدعة لا يجوز ، وليس له أصل في الشرع ، وقد نبه على ذلك المحققون من أهل العلم ، وقد كتبنا في ذلك غير مرة وأوضحنا للناس أن صلاة الرغائب بدعة ، وهي ما يفعله بعض الناس في أول ليلة جمعة من رجب
وتلك الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره ، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث
ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها
ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها
لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها، ولم يخصوها بشيء ولو كان الاحتفال بها أمراً مشروعاً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة، إما بالقول وإما بالفعل، ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا، فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة، ولم يفرطوا في شيء من الدين، بل هم السابقون إلى كل خير، فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعاً لكانوا أسبق الناس إليه، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس للناس، وقد بلغ الرسل غاية البلاغ، وأدى الأمانة فلو كان تعظيم هذه الليلة والاحتفال بها من دين الله لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه، فلما لم يقع شيء من ذلك، علم أن الاحتفال بها، وتعظيمها ليسا من الإسلام في شيء وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها، وأتم عليها النعمة، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين من سورة المائدة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}[المائدة: 2] وقال عز وجل في سورة الشورى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى: 21]
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: التحذير من البدع، والتصريح بأنها ضلالة، تنبيها للأمة على عظم خطرها، وتنفيراً لهم من اقترافها، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله- عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي رواية لمسلم : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) زاد النسائي بسند جيد: ((وكل ضلالة في النار)) وفي السنن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا فقال ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن السلف الصالح بعدهم، التحذير من البدع والترهيب منها، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين، وشرع لم يأذن به الله، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي، واتهامه بعدم الكمال، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم، والمنكر الشنيع، والمصادمة لقول الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المحذرة من البدع والمنفرة منها.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه من الأدلة كفاية ومقنع لطالب الحق في إنكار هذه البدعة: أعني بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، والتحذير منها، وأنها ليست من دين الإسلام في شيء.
ولما أوجب الله من النصح للمسلمين، وبيان ما شرع الله لهم من الدين، وتحريم كتمان العلم، رأيت تنبيه إخواني المسلمين على هذه البدعة، التي قد فشت في كثير من الأمصار، حتى ظنها بعض الناس من الدين، والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، ويمنحهم الفقه في الدين، ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق والثبات عليه، وترك ما خالفه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب
يقول بعض أساتذة الجامعات الشرعية أن قصة مراجعة موسى للنبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج قصة مكذوبة. وهى من الإسرائليات.
الجواب
قال هذا فعلاً بعض الجهلة ممن لا يعرفون كيف نقل الرواة إلينا الأخبار، وإنما قالوا ذلك ليشككوا في البخاري وليضربوا الرؤوس ويشوهوا رموز الإسلام.
يقولون أن هذه القصة يُشم فيها رائحة اليهود وذلك لأنهم جعلوا موسى أستاذاً للنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: "ارجع إلى ربك واسأله التخفيف"، والنبي كالتلميذ المطيع يسمع ويطيع وهذا من شغل اليهود.
وهذه حجة واهية لا قيمة لها لأن موسى وإن كان مفضولاً إلاّ أن عليه واجب النصيحة، ومن قال أنه لا ينصح إلاّ الأفضل؟
إن النصيحة واجبة على كل مسلم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة"، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ورسوله ولائمة المسلمين وعامتهم"، فيجوز للرعية أن تنصح الإمام، ومعلوم أن الإمام أفضل. كما أن موسى عنده فضل علم وخبرة فقد قال موسى: "إني بلوت الناس أكثر منك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لن تطيق"، وقد ثبت فعلاً ما قاله موسى. وانظر الآن إلى العدد الذي ضيَّع الصلاة.
فضيلة الشيخ : أبو إسحاق الحويني
هل يوجد خلاف بين الصحابة في رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء والمعراج أم أن الخلاف لفظي؟
الجواب
نعم فيه خلاف بين الصحابة منهم من قال إنه رأى ربه، ومنهم من نفى، ولكن جمع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الخلاف في هذا وقال: إن من أثبت الرؤية ان النبي رأى ربه ليلة المعراج حمله على رؤية الفؤاد، ومن نفاه حمله على رؤية البصر، فيكون رأى ربه بقلبه، ولم يره بعينه، وهذا هو الجمع بين الأقوال، وهو الصواب، نعم.
فضيلة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
هل رأى الرسول ربه تبارك وتعالى ليلة الإسراء؟
الجواب
لم ير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا بعيني رأسه على الصحيح من قولي العلماء في ذلك وإنما رأى جبريل عليه السلام على صورته معترضاً الأفق، وهذا هو المراد بقوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأوَى * إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم:5-17].
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد التاسع عشر (العقيدة).
ما حقيقة أن للإنسان جسدين مادي وأثيري، وأن الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أُسري به بالجسد الأثيري لا بالجسد المادي الذي نعرفه؟
الجواب
ماالمقصود بالجسد الأثيري؟ وهو ما لم يرد ذكره في أدلة الشرع ولا في كتب التفسير، بل الوارد أنه أسري بجسده، ولغة القرآن تخاطب العرب بما يعرفونه فتحمل على لغتهم. وأريد التنبيه إلى أمرين :أولا: اختلف المؤرخون اختلافاً كبيراً في تحديد ليلة الإسراء والمعراج، كما ذكر ذلك ابن كثير وغيره، ولم ينقل الاحتفال به عن الصحابة وهم كانوا أولى الناس بذلك؛ لأنه أمر ديني شرعي، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وليس الاحتفال أمراً دنيوياً معاشياً يمكن أن نبتكره أو نسبق إليه. ثانيا: الراجح في أمر الإسراء، هو ما ذهب إليه جمهور العلماء في كتب التفسير والتاريخ والعقيدة أنه كان بالروح والجسد معاً، وهنا تكون المعجزة والتحدي، ولو كان بالروح فقط لما نازعته فيه قريش، ولا ارتد من ارتد بسببه؛ لأنه حينئذٍ أشبه برؤيا منام، تسرح فيها الروح في مجاهل الغيب، ولا ينكر ذلك أحد. كما أنه لا يعهد في لغة العرب، ولا في استعمال القرآن إطلاق لفظ (العبد) أو ضميره على الروح مجردة، بل يطلق على الجسد وحده أو على الجسد والروح معاً، وقد قال الله – تعالى -: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " [الإسراء : 1] وقال – سبحانه -: " وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى " الآيات [النجم : 13-17] فظاهر هذه النصوص، كما هو ظاهر النصوص النبوية الصحيحة يدل على ترجيح قول الجمهور بأن الإسراء كان بالروح والبدن معاً.يتساءلون وأنت أكرم مرسل بالروح أم بالطينة الإسراءُ؟ بكليهما أسرى الإلـه بعبده روح وروحانيـة وصفـاءُ
سلمان العودة
في حادثة الإسراء والمعراج، هل كان ذلك في منام رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- أم أنه ذهب بجسده؟ أرجو ذكر الأدلة على ذلك.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالإسراء بالنبي –صلى الله عليه وسلم- ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به كان حقيقة ً لا مناماً، لقول الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا".[الإسراء:1] والأحاديث كثيرة منها :
ما رواه البيهقي في دلائل النبوة (2/390)، وابن جرير في تفسيره (15/11)، عن أبي سعيد –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال له أصحابه: يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها، قال: قال الله عز وجل : "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..." قال: فأخبرهم: فقال : "بينا أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آتٍ، فأيقظني، فاستيقظت فلم أر شيئاً، وإذا أنا بدابةٍ ادنى شبهاً بدوابكم هذه...) فذكر قصة الإسراء بطولها.
وروى البيهقي أيضاً في الدلائل (2/359)، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن ناساً جاءوا إلى أبي بكر – رضي الله عنه- فقالوا: هل لك في صاحبك، يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس، ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة ! فقال أبوبكر –رضي الله عنه-: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم ، قال: فأشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا : فتصدقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة، ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم، إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء. قال أبو سلمة: فبها سمي: أبو بكر بالصديق.
وفي صحيح مسلم، في كتاب الإيمان (278) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربةً ما كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه، ما سألوني إلا أنبأتهم به..." الحديث، وغير ذلك من عشرات الأحاديث في الصحيحين وغيرهما.
وقد ساق ابن كثير -رحمه الله- جملة من هذه الأحاديث على آية الإسراء "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله.." ثم قال رحمه الله بعد ذلك (8/431): "والحق أنه عليه السلام أسري به يقظةً لا مناماً، من مكة إلى بيت المقدس".
وقال أيضاً (8/432): "اختلف الناس: هل كان الإسراء ببدنه -عليه السلام- وروحه، أو بروحه فقط؟ على قولين: فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً".
أ.د. ناصر بن عبدالكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الروح إما أن تكون في عذاب وإما أن تكون في نعيم، في القبر، فلا تذهب هنا أو هناك. فكيف اجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في السماوات في الإسراء والمعراج؟ هل خرجت أرواح الأنبياء لذلك الوقت فقط؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذا السؤال له صلة بمسألة تعلق الروح بالبدن، وقد ذكر ابن القيم، رحمه الله، أن للروح مع البدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام:
أحدها: تعلقها بالبدن في بطن الأم جنينًا.
الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض.
الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلّق من وجه ومفارقة من وجه.
الرابع: تعلقها به في البرزخ.
الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجساد، وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن.
وموضوع سؤالك هو عن تعلقها بالبدن في البرزخ، فإنها وإن فارقت البدن وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقًا كليًّا لا يُبْقِي لها التفاتًا إليه.
وما سألت عنه من رؤيته صلى الله عليه وسلم، الأنبياء ليلة الإسراء والمعراج، قال عنه ابن القيم: (وأما إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، عن رؤيته الأنبياء ليلة أسري به فقد زعم بعض أهل الحديث أن الذي رآه أشباههم وأرواحهم. قال: فإنهم أحياء عند ربهم، وقد رأى إبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور- أخرجه مسلم (162)- ورأى موسى قائمًا في قبره يصلي- أخرجه مسلم (2375). ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا: هذه الرؤية إنما هي لأرواحهم دون أجسادهم، والأجساد في الأرض قطعًا، إنما تبعث يوم بعث الأجساد، ولم تبعث قبل ذلك إذ لو بعثت قبل ذلك لكانت قد انشقت عنها الأرض قبل يوم القيامة وكانت تذوق الموت عند نفخة الصور، وهذه موتة ثالثة. وهذا باطل قطعًا).
قال ابن القيم: (وقد علمنا عنه أنه رأى موسى قائمًا يصلي في قبره ليلة الإسراء، ورآه في السماء السادسة- أخرجه البخاري (3207) ومسلم (164)- أو السابعة، فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه وتعلق به، يصلي في قبره ويرد سلام من سلّم عليه، وهي في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان، وليس نزول الروح وصعودها وقربها وبعدها من جنس ما للبدن، فإنها تصعد إلى ما فوق السماوات ثم تهبط إلى الأرض ما بين قبضها ووضع الميت في قبره، وهو زمن يسير لا يصعد البدن وينزل في مثله، وكذلك صعودها وعودها إلى البدن في النوم واليقظة).
وخلاصة القول أن التسليم بما ثبت من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، بما يكون من حال البرزخ وأحوال القيامة وسائر المغيبات واجب، والتعمق في البحث عن كيفيات ذلك من التكلف. وانظر بسط هذه المسألة في كتاب الروح لابن القيم، رحمه الله، ففيه ما يشفي ويكفي. والله الموفق.
د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
كيف صلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام- في بيت المقدس ولم تكن الصلاة فرضت بعد، فقد فرضت في المعراج؟ ثم لماذا صلى بهم وهو سوف يقابلهم بعد قليل في السماوات ويسلم عليهم؟ ثم لماذا كان يسأل جبريل- عليه السلام- عن كل نبي في كل سماء، وهو قد رآهم فعلا من قبله وعرفهم؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
صلاة النبي صلى الله علية وسلم بالنبيين إماما ليلة الإسراء والمعراج ثبتت في صحيح مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي. (الحديث)، وفيه "فحانت الصلاة فأممتهم" مسلم
(259)(263)(264)، وما بعده. وزاد المعاد بالهامش (ج3 ص31).
أما كيف صلى ولم تكن الصلاة فرضت بعد؟
فنقول: إن الصلاة كانت مشروعة ومعروفة قبل رحلة الإسراء والمعراج، والأدلة على ذلك كثيرة في السنة والسيرة، ولكن ما حدث ليلة الإسراء والمعراج هو جعل الصلاة فريضة، فرضت خمسين صلاة، ثم خففت حتى صارت خمسا في العدد، خمسين في الأجر.
أما قول السائل لماذا صلى بهم وهو سوف يقابلهم؟
فهذا أمر لا يقال فيه لماذا؛ لأن الله جعله تشريفا لنبيه صلى الله علية وسلم.
ولماذا كان يسأل جبريل عنهم في كل سماء إذا كان قد رآهم من قبل؟.
فمعلوم أن أعداد الأنبياء والمرسلين كبير جداً، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن العلماء أهل العلم اختلفوا في هذه المسألة؛ فابن حجر في الفتح قال: (صلاة النبي- صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام- كانت قبل العروج.
أما ابن كثير في تفسيره لسورة الإسراء فيرى أن الصحيح أنه صلى بهم في بيت المقدس بعد عروجه.
وخلاصة القول أن هذا من عالم الغيب الذي لا يقال فيه لم، ولا يقال كيف، ولكن نصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما قاله ونقله عنه الثقات الأثبات بالأسانيد الصحاح. والله أعلم