( بسم الله الرحمن الرحيم )
فيما جاء في الصراط .
وينصب الجسر بلا امتلاء ** ** كما أتى في محكم الأنباء
يجوزه الناس على أحوال ** ** بقدر كسبهم من الأعمال
فبين مجتاز إلى الجنان ** ** ومسرف يكب في النيران
قال تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) " سورة مريم : آية 71 ـ 72 "
وروي الإمام أحمد عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سمية قال : اختلفنا في الورود , فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن , وقال بعضنا يدخلونهما جميعا ثم ينجي الله الذين اتقوا فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له : إنا اختلفنا في الورود . فقال : يوردونه جميعا .
وروى ابن جرير عنه في ( وإن منكم إلا واردها ) قال : الصراط على جهنم مثل حد السيف فتمر الطبقة الأولى كالبرق , والثانية كالريح , والثالثة كأجود الخيل , والرابعة كأجود البهائم , ثم يمرون والملائكة تقول : اللهم سلم , سلم .
وقال قتادة : قوله تعالى ( وإن منكم إلا واردها ) قال : هو الممر عليها .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهرانيها , وورود المشركين أن يدخلوها .
وروي عبد الرزاق عن قيس بن حازم قال : كان عبد الله بن رواحه واضعا رأسه في حجر امرأته فبكى فبكت امرأته , فقال : ما يبكيك ؟ قالت : رأيتك تبكي فبكيت , قال إني ذكرت قوله تعالى ( وإن منكم إلا واردها ) فلا أدري أأنجو منها أم لا .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعا من حديثه الطويل في الرؤية والشفاعة وفيه ( ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها , ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل , ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم , وفي جهنم كلاليب مثل شوك اليعدان , هل رأيتم السعدان ؟ قال نعم يا رسول الله , قال فإنها مثل شوك السعدان , غير أنه لا يعلم ما قدر عظمهما إلا الله عز وجل , تخطف الناس بأعمالهم فمنهم الموبق بعمله والموثق بعمله ونمهم المخردل أو المجازي أو نحوه ) ( رواه البخاري )
ولقد أنكر الصراط والمرور عليه أهل البدعة والهوى من الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة , وتأولوا الورود برؤية النار لا أنه الدخول والمرور على ظهرها , وذلك لاعتقادهم أن من دخل النار لا يخرج منها ولو بالإصرار على الصغيرة , فخالفوا الكتاب والسنة والجماعة وردوا الآيات والأحاديث الواردة في الورود والمقام المحمود والشفاعة , ولذا قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ فيما روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن نافع بن الأزرق مارى ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في الورود , فقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ هو الدخول . وقال نافع ليس الورود الدخول , فتلا ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ
( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) " سورة الأنبياء : آية : 98 "
أدخلها هؤلاء أم لا ؟
ثم قال يا نافع : أما والله أنت وأنا سنردها , وأنا أرجو أن يخرجني الله منها , وما أرى أن يخرجك الله منها بتكذيبك .
المرجع / معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ( الجزء الثاني )
تأليف / حافظ بن أحمد الحكمي .
جزا الله خيرا كاتب الموضوع وناقله