بسم الله الرحمن الرحيم
إن التوبة واجبة بالأخبار والآيات , قال الله تعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) وهذا أمر على العموم , وقال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ) ومعنى النصوح , الخالص لله خاليا من الشوائب , مأخوذ من النصح , ويدل على فضل التوبة , قوله تعالى ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )
وقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )
وقال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إن الله عز وجل يبسط يده بالتوبة لمسيء النهار إلى الليل , حتى تطلع الشمس من مغربها ) وبسط اليد : كناية عن طلب التوبة ,والطالب وراء القابل , فرب قابل ليس بطالب , ولا طالب إلا وهو قابل .
ويروى : أن رجلا سأل ابن مسعود عن ذنب ألم به , هل له من توبة ؟؟ فأعرض عنه ابن مسعود ثم التفت إليه فرأى عينيه تذرفان , فقال : إن للجنة ثمانية أبواب كلها تفتح وتغلق , إلا باب التوبة , فإن عليه ملكا موكلا به , لا يغلق , فاعمل ولا تيأس .
ويروى : أنه كان من بني إسرائيل شاب عبد الله عشرين سنة , ثم عصاه عشرين سنة , ثم نظر في المرآة فرأى الشيب في لحيته , فساءه ذلك , فقال : إلهي أطعتك عشرين سنة , ثم عصيتك عشرين سنة , فإن رجعت إليك أتقبلني ؟؟ فسمع قائلا يقول ولا يرى شخصه : أحببتنا فأحببناك , وتركتنا فتركناك , وعصيتنا فأمهلناك , وإن رجعت إلينا قبلناك .
ولذا قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم )
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كم من تائب يجيء يوم القيامة يظن أنه تائب وليس بتائب , أي لأنه لم يحكم أبو التوبة من الندم , والعزم على عدم العودة , ورد المظالم لأربابها , إن أمكن , واستحلالهم منها إن تيسروا , وإلا أكثر من الاستغفار له ولهم , عسى الله أن يرضيهم له , ونسيان الذنب من أقبح المصائب , فعلى العاقل أن يحاسب نفسه ولا ينسى ذنبه , كما قيل :
يا أيها المذنب المحصى جرائمه ** ** لا تنسى ذنبك وأذكر منه ما سلفا
وتب إلى الله قبل الموت منزجرا ** ** يا عاصيا , واعترف إن كنت معترفا
وروي : ما من صوت أحب إلى الله من صوت عبد مذنب تائب .
ما تيسر من قلمي واسأل الباري ان يرضى عني