مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 10-11-2005, 07:20 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
العولمة ..كي لانتحـول إلى حيوانات مستهلكـة!

بقلم: عــــــابد خزندار( كاتب وناقد سعودي)

يذهب العالم الهندي أبادوراي «Appadorai» الأستاذ بجامعة شيكاغو إلى أن العولمة تواصلية أو تبادلية، أي لا تتسم بالسيطرة الكاملة لطرف واحد هو الولايات المتحدة على سبيل المثال، ولو أنها الدولة الأقوى في النظام العالمي الجديد. والعولمة لا تقتصر في رأيه على الجانب أو المشهد الاقتصادي، فهناك عدة مشاهد: 1- المشهد الأثني أو عالم الأشخاص الذين يشكلون الكون المتغير الذي نعيش فيه. 2- المشهد التقني: الوضع العالمي للتكنولوجيا المتنقلة بسرعة هائلة عبر حدود كانت قبل ذلك مقفلة. 3- المشهد المالي: انتقال رؤوس الأموال من بلد إلى آخر والمضاربات في العملة. 4- الميديا، أو وسائل الاتصال وأدواته، وسرعة انتقال المعلومات والصور وانتشارها. 5- المشهد الأيدولوجي، أو الأيدولوجيا المضادة التي تقوم كل دولة بإقامة بنيانها السياسي عليها. فكل هذه مظاهر مختلفة للعولمة التي يصبح معها الاحتفاظ بالتقاليد والهوية مستحيلاً. على أن هناك ما هو أخطر من العولمة لبعض دول العالم، فالكوريون مثلاً يخشون اليابانية أو الهيمنة أو العولمة اليابانية وسيرلانكا تخشى من الهيمنة الهندية وشعوب الاتحاد السوفيتي السابق يخشون من الهيمنة الروسية، وكل هذه العولمات المصغرة تتسم بالظاهرة نفسها التي تتسم بها العولمة الكونية، أي أنها مالية وتكنولوجية، إلى آخره. ونحن في العالم العربي يجب أن نخشى العولمة أو الهيمنة الإسرائيلية وهو ما سيحدث إذا اكتمل التطبيع الكامل بيننا وبين إسرائيل. على أن الكثير من الباحثين بالإضافة إلى أبادوراي قد تحدثوا عن مخاطر العولمة فساكي ساسين «Sassen» تنبأت في كتابها «Globalization and Discontent» وهو من منشورات «The New Press» بظهور المدينة العالمية أو الكونية «The Global City» كبديل للدولة أو الدول، التي ستتركز فيها البنى الأساسية للتجارة العالمية وخصوصاً وسائل الاتصال والمؤسسات المالية، أي أن المركز سينتقل من الدولة أو الدول إلى المدن، والمدن المرشحة لهذا الدور هي: نيويورك ولوس انجيليس ولندن وطوكيو وبومباي، وسيترتب على ذلك هجرة الملايين من البشر وخصوصاً من الدول الفقيرة التي ستتخلف عن قطار العولمة وبالذات في أفريقيا إلى هذه المدن الأمر الذي سيترتب عليه بدوره نشوء الصراع بين الأقليات وضدها في هذه المدن والمشكلات التي تنشأ في الوقت نفسه عن التمييز العنصري...إلخ، وقد رأينا أن أبادوراي قد تحدث قبل قليل عن العولمة والمشهد الأثني. وهناك أيضاً كتاب مهم يتحدث عن أخطار العولمة وجرائرها من تأليف «Fredric jameson and Masao Miyoshi»هو «The Culture of Globalization»، وأهمها سيطرة النمط الاستهلاكي أو ما يعرف بالمجتمع الاستهلاكي على طريقة الحياة التي يحياها الإنسان، أو بكلمات أخرى تحويل الإنسان إلى مجرد حيوان مستهلك، وهذا يعني إلغاء الذات ومحو الشخصية، أي أن الذي سيزول من الوجود ليس الدولة أو الأمة بل الذات أو الفرد. وهناك أيضاً خطر تسيد دولة واحدة وسيطرتها على العالم وهذه الدولة هي الولايات المتحدة التي يرمز إلى سيطرتها بانتشار مطاعم الماكدونالدز فيقال على سبيل المثال أن دول ما تحت الصحراء الكبرى في أفريقيا لم تدخل بعد عصر العولمة لأنه لا يوجد فيها مطعم ماكدونالدز واحد، وهذه توجد في شمال أفريقيا وجنوب أفريقيا فحسب، وهناك كتاب مهم في هذا الصدد عنوانه: Golden Arches East:Mcdonald,s in East Asia » وهو من تأليف «James Watson» ومن منشورات جامعة ستانفورد. والكتاب يشرح بالتفصيل كيف أصبحت مطاعم الماكدونالدز طريقة للحياة في شرق آسيا وكيف انحسرت أمامها واختفت المطاعم الوطنية التقليدية، أي أننا نشهد هنا ليس انتصار نظام اقتصادي فحسب، بل انتصار ثقافة هي في التحليل الأخير ثقافة المجتمع الاستهلاكي. وهذا يقودنا في النهاية إلى الطريقة أو الكيفية التي تمكننا من التصدي للهيمنة الثقافية، وهذا لن يتحقق إلا بالمحافظة على الفروق الثقافية، وأمامنا تجربة ناجحة في هذا الصدد فالغرب ممثلاً في أوروبا احتل مناطق آسيا وأفريقيا قبل الحرب العالمية الأولى، وفي يوم من الأيام استولى على 80% من مساحة المعمورة، وحاول أن يفرض ثقافته على هذه المناطق، ولكن المبدعين في هذه المناطق كنجيب محفوظ في مصر وفرانتز فانون وبول سوينكا في أفريقيا استطاعوا أن يجذّروا ثقافة أوطانهم، ويؤسسوا أدباً جديداً أصبح يعرف بما بعد الكولونيالية، وعلينا أن نحافظ على هذا الأدب لكيلا نغرق في تيار العولمة ونتلاشى فيه، ونحن قادرون على ذلك متى صحت النية وانعقد العزم. نشر في مجلة (المعرفة) عدد (48) بتاريخ (ربيع الأول 1420هـ -يونيو/يوليو 1999م)

 

التوقيع

 

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-11-2005, 07:21 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
العولمــــة: حينما تختبىء الشياطين في التفاصيل !

الرياض - أنــــور عشــــقي (مفكر سعودي)


ليس ما نواجهه اليوم من عولمة يندرج في الأحداث الطارئة، وليس ما نواجهه اليوم من عولمة يصنف في عدات التداعيات التاريخية، إن العولمة التي تفرض نفسها على الأمم والشعوب هي شكل من أشكال التحديات الحضارية وهي لون من ألوان الإمبريالية الثقافية من شأنها فرض الحضارة الغربية على الفكر الإنساني. لقد عرف العالم عولمة عربية في ظل الإسلام سادت ثمانية قرون، وتداعت بسقوط غرناطة عام 1492 عندما طرد المسلمون واليهود من الأندلس. لم تكن العولمة العربية قهراً لبقية الحضارات بل كانت مداً ثقافياً استوعب باقي الحضارات وحافظ على هويتها الثقافية، بعد أن أصّلها بقيم إسلامية وعربية لخدمة الإنسان، وليس لاستغلاله وقهره. لكن العولمة اليوم بدأت تطل علينا بوجهها الاستعماري إثر سقوط الحائط الفاصل بين «الأيديولوجيتين» الاشتراكية والرأسمالية في برلين عام 1989م، لقد كانت العولمة العربية الإسلامية إثراء للفكر الإنساني، لكن العولمة الغربية تشكل اليوم قهراً لفكرة الإنسان، فهي حضارة ترفض كل الحضارات كما أنها تسعى إلى توظيف القوة الحضارية في استغلال الشعوب والهيمنة على مقدراتها، وهذا ما سوف يؤدي إلى تحويل العالم إلى فريقين، شعوب مستِغِلَّة، وشعوب مسَتغلة، أمم قاهرة وأمم مقهورة. لقد قال أحد الفلاسفة المعاصرين في الغرب محذراً من العولمة الحديثة: «إذا كانت الملائكة الأبرياء تظهر في عموميات العولمة فإن الشياطين تختبئ في تفاصيلها». لقد بدأ الاستعمار الأوروبي بإرسال الأساطيل إلى آسيا وأفريقيا، لمطاردة التجار العرب، فدمروا سفنهم وهدموا قلاعهم، ثم تحولوا إلى استعمار أوطانهم، لكن الاستعمار أخذ في التراجع مكتفياً بالهيمنة السياسية، وبعد الحرب العالمية الثانية اكتفى بالسيطرة الاقتصادية، واليوم نجد الاستعمار الغربي يعود بكل صوره من خلال الإمبريالية الثقافية. لقد أخذ الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي، يفرض هيمنته الحضارية على العالم الثالث، من خلال الشؤون السياسية، والاقتصادية، والثقافية، موظفاً في ذلك الاتفاقات الدولية، ووسائل الإعلام من فضائيات ومحليات، وإنترنت، وسرعة الاتصالات والمواصلات. واليوم نجد عولمة أوروبية تنافس العولمة الأمريكية، بعد أن ظهرت ملامح الطريق الثالث في نهج أحزابها اليسارية، التي استطاعت أن تصل إلى سدة الحكم، كما اعتمد الأوروبيون العملة الجديد التي توحدهم في المجال الاقتصادي، والتعددية الحزبية التي توحد مفهومهم السياسي، في مواجهة الثنائية الحزبية الأمريكية. لقد أخذت فرنسا على عاتقها مقاومة المد العولمي الأمريكي فبادرت بعدة إجراءات؛ خصوصاً في الميدان الثقافي، فعلى صعيد اللغة أصدرت فرنسا قانوناً يعاقب على استخدام مفردات اللغة الإنجليزية طالما يوجد ما يمكن التعبير عنه باللغة الفرنسية، وعلى صعيد البث التلفزيوني فقد بدأت فرنسا بتحديد نسبة المسلسلات والأفلام الأمريكية حتى لا تطغي على الإنتاج الفرنسي. أما الحكومة الكندية، فقد دعت إلى مؤتمر دولي عقد في يوليو الماضي عام 1998م، يدعو إلى تكوين جبهة عالمية لمواجهة الغزو الثقافي الأمريكي، فشاركت فيه اثنان وعشرون دولة ممثلة في وزراء الثقافة، كلهم أكدوا تراجع الثقافات القومية لصالح الثقافة الأمريكية بسبب الفضائيات ووسائل الاتصال والمواصلات. لقد دعا المؤتمر إلى الحد من بث البرامج الترفيهية الأمريكية في التلفزيون، مع رفع الضرائب على المسلسلات الأمريكية. لقد اندفعت كندا في مواجهة العولمة الأمريكية، وعندما رفعت نسبة الضرائب على المجلات الأمريكية تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية باحتجاج لدى الحكومة الكندية، مؤكدة أن هذه الضرائب تعتبر انتهاكاً لاتفاق منظمة التجارة الدولية الحرة، وفازت الولايات المتحدة وتراجعت كندا عن قرارها، لأن واشنطن أدخلت الثقافة ضمن السلع التجارية في الاتفاق، بينما كانت فرنسا وكندا تنكران هذا المفهوم. لقد عبرت وزيرة الثقافة الكندية «شيلاكوبي» عن انزعاجها من الهيمنة الثقافية الأمريكية، وتدخلها قائلة «من حق الأطفال في كندا، أن يستمتعوا بحكايات جداتهم، ومن غير المعقول والمقبول أن تصبح 60% من برامج التلفزيون الكندي مستوردة، وأن يكون 70% من موسيقانا أجنبية، و95% من أخلاقنا ليست كندية» إن العولمة الغربية وإن تحلت ببريقها الأخاذ إلا أنها لا تحمل في جوانبها قدسية البراءة، أما الذين يهرولون إلى العولمة، بدعوى عالمية القيم فهؤلاء هم الذين استسلموا للغزو الثقافي، فأصبحوا أول الضحايا وليسوا بأوائل الشهداء. لقد وصف الكاتبان الألمانيان «بيترمارتين»و«هاران شومان» الدور الذي تؤديه العولمة بأنه عمل له خطورته التدميرية، ومع هذا فإنهما قد ركزا على الجانب الاقتصادي في كتابهما «فخ العولمة». إنني لا أنادي بمواجهة العولمة ومحاربتها أو التصدي لها تصادمياً، بل أدعو إلى إعادة بناء الشخصية الثقافية للأمة العربية والإسلامية، وذلك عن طريق تحديد الفكر القومي، وتحويله من الانتماء العرقي إلى الانتماء الثقافي، كما أنادي بإعادة النظر والعودة إلى تراث الأمة وثوابتها الثقافية القائمة على الكتاب والسنة، عنذئذ نستطيع أن ندخل في حوار مع العولمة واستيعابها والتأثير فيها وعدم التأثر بها. * كاتب سعودي نشر في مجلة (المعرفة) عدد (48) بتاريخ (ربيع الأول 1420هـ -يونيو/يوليو 1999م)

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-11-2005, 07:23 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
نحـن والعولمــة: لامجـال لـ«الفهـلـوة»

أبها (السعودية )- د.عبدالكريم بكار(جامعة الملك خالد)
تمنح تقنيات الاتصالات وشبكات المعلومات المتوفرة الآن الأمم المختلفة فرصاً عظيمة لتبادل الخبرات وتجديد الوعي،وتحرير العقل والنفس من البرمجات الثقافية العليلة والمتأسّنة... ونحن المسلمين لا نخشى من الاتصال بالآخرين؛ فقد زجّ الإسلام بأبنائه في خضم الصراع العالمي، وخرجوا منتصرين عسكرياً، وشيدوا حضارة وطيدة الأركان شامخة البنيان، بل إنني أقول: إنه كان الأليق بالمسلمين أن يكونوا هم وراء ثورة الاتصالات، حتى يتواصلوا فيما بينهم عبر القارات، وحتى ينشروا النور الذي أكرمهم الله به، ولكن... من الذي يقود العولمة؟ لو كان المفكرون والعلماء هم الذين يقودون العولمة، لأمكن أن نعثر على فرص عظيمة للحوار والنقاش والتلاقح الثقافي... ولو أن الساسة كانوا هم الذين يقودونها؛ لأمكن عقد صفقات دولية كبرى، يعود نفعها على الجميع... نعم العولمة تستخدم منتجات العلم، وتتبدّى أحياناً في بعض صور النشاط السياسي- كما يظهر ذلك في سلوك أمريكا الدولي مثلاً- لكن لا الفكر ولا النظم السياسية هي التي تتحكم في الإخراج النهائي للعولمة. إن الذي يقود حركة «العولمة» هو «نظام التجارة» وهو نظام أعمى أصم، لا يعرف سوى الربح وتكديس الأموال. وهو نظام غلاّب بطبعه، ما نازل نظاماً آخر إلا غلبه، لكن بطشه مستمد من ضعفه، فهو أقل النظم الاجتماعية اهتماماً بالرمزيات الوطنية، وأقلها اكتراثاً بالقيود الأخلاقية، وأبعدها عن النزعة الإنسانية. المستفيدون من العولمة هم الذين يقومون بترسيخ وجودها، وهم صفوة الأثرياء، وأصحاب الشركات المتعددة الجنسية، حيث تتضاعف أرباح القلة على حساب شقاء الكثرة الكاثرة من البشر. وتذكر بعض الإحصائات أن «358» مليارديراً يملكون ثروة تضاهي مايملكه ملياران ونصف المليار من البشر، أي ما يقرب من نصف سكان المعمورة. وهذا الثراء المتزايد دائماً يتم بسبب تضخم «الاقتصادي» وتهميش «السياسي» والذي يدفع الثمن هم الفقراء الذين بدؤوا يفقدون حماية الدول لهم من مخالب اقتصاد السوق، ويعانون تراجع الخدمات الرخيصة التي تقدم إليهم، وذلك بسبب التهرب من الضرائب، وبسبب الإمكانات المتسعة لنقل الأموال والأعمال من بلد إلى آخر على ما تقتضيه مصلحة أصحابها وهكذا. ففي العالم اليوم تبخر مستمر للطبقة الوسطى حيث ينضم جمهورها الأعظم إلى طبقة الفقراء والعاطلين عن العمل، وتنضم فئة منها لا تزيد على 20% إلى صفوف الطبقة الثرية، ولا يناظرها في مسيرة التدهور المتصاعد سوى «البيئة الطبيعية» التي يتم تدميرها بشكل منتظم من أجل تحقيق الأرباح، ولو أدى ذلك إلى وجود خراب لا يمكن إصلاحه. تفكيك الثقافات المحلية: يدور حول الأرض اليوم أكثر من خمسمائة قمر صناعي، تبث في كل اتجاه الصور والأفكار والنماذج والنظم.. لكثير من جوانب الحياة التي يعيشها العالم الصناعي المتمكن. وهذا الفيض الهائل من رموز الحداثة أربك «الوعي» لدى السواد الأعظم من أبناء الشعوب النامية، فمن خلال الدعاية المكثفة صار للناس أحلام جديدة، توجه سلوكاتهم، وتصوغ تطلعاتهم على نحو تعجز إمكاناتهم عن تحقيقها، كما أن «العولمة» أدت إلى تسريع التحولات الهيكلية في أسواق العمل، مما جعل الكثير من الشباب يجد نفسه دون تأهيل مناسب لمتطلبات التنمية الحديثة. وبهذا وذاك يتم الآن تفكيك الثقافات المحلية، وضرب الجذور لكثير من المفاهيم والتقاليد الوطنية، وزج مئات الملايين من الناس في وسط هلامي زاهد في القديم، وعاجز عن التعامل مع الجديد! مدخل العولمة: يصور لنا المستفيدون من الأوضاع الجديدة أن العولمة أشبه ما تكون بمصير كوني جاءت به تطورات منطقية محتومة، ولذا فليس أمامنا سوى الاستسلام ومحاولة الحصول على جزء من كعكة العولمة. ويتضايق كثير من مثقفينا حين يسمعون غير ذلك، ويغضُّون الطرف عن بعض الحقائق الصارخة التي تشير بأصبع الاتهام إلى حركة العولمة برمتها!. إن من الواضح أن العولمة ماهي سوى استثمار مكثف لكل أشكال التفوق الغربي، وهذا الاستثمار مجرد من أي معنى إنساني، وهو يستخدم مداخل غير أخلاقية وغير عقلانية أو علمية في حصد المزيد من المكاسب للغرب الظافر، حيث يتم «تنميط العالم» من خلال تدمير «التنوع الثقافي» العالمي بنية تسهيل السيطرة، وإزالة كل الحواجز التي تقف في سبيل هيمنة الشركات الكبرى على توجهات الناس وسلوكاتهم. والوسائل لذلك شهوانية استهلاكية في المقام الأول في «هوليود» وأشباهها فتحت كل أبواب غرف نوم الغرب، وكل أبواب مو اخيره، وكل أبواب مباذله ولهوه، وسوّقت كل الرموز والصور التي يوحيها ذلك باعتباره جزءاً من مجهود ضخم لصياغة كونية جديدة، يُهمش فيها الفقراء والضعفاء، ويقادون من خلال رغباتهم إلى الوضعيات التي تخدم صنّاع العولمة. أما أسرار التقنية- ولاسيما في مستوياتها العليا- فهي مخزونة وراء سبعة أبواب، لأنها ليست مما يعرض للبيع أو التصدير!. هل لنا من موقف؟ كانت الشعوب الضعيفة تحمي ثقافاتها من بطش الثقافة الغالبة بالعزلة والتقوقع، أما اليوم فإن هذا أضحى غير ممكن، فثورة الاتصالات وضعت الناس فيما يشبه الخلاطة الكبيرة، و جعلت الكل يراقب الجميع. لكننا نعتقد أن كل أزمة تمنح فرصة، وليست هناك وضعية يمكن أن نعدها شراً خالصاً. العيش على هامش العصر، لا يختلف في السوء عن الاندماج في ثقافة أجنبية منحرفة، فكلاهما مصدر للتحلل الذاتي. وأود القول: أن أي تحسين لمستوى تعاملنا مع آثار العولمة وتحدياتها، والاستفادة من فرصها، لا بد أن ينطلق من تحسين«ذواتنا» إذ لا هامش هناك لـ«الفهلوة» والمناورة. إن «العولمة» ظاهرة شديدة التعقيد والتداخل، وإن التعامل معها ينبغي أن يرتكز على مجموعة من «الحلول المركبة» وأعتقد أننا بحاجة إلى أن نوزع جهودنا في هذا الشأن على ثلاثة محاور أساسية، هي: 1- المزيد من الالتزام: إن العولمة تحمل- على نحو عام- روحاً علمانية مادية، وهي بالإضافة إلى كونها تؤسس لنفسية استهلاكية دنيوية، تهوّن من شأن المحرّمات الثقافية، وتنزع الاعتبار عن كثير من القيم والمعايير الأخلاقية... وهذا يوجب علينا أن نهتم بتحسين مستوى الالتزام لدى أشبالنا وشبابنا، كي نساعدهم على البقاء داخل الأطر الإسلامية السمحة، وحتى نحميهم من تيار الشهوات الجارف الذي تغذيه العولمة، وتمكن له في كل الأرجاء، وعلى كل المستويات. لا يعني الالتزام ترك المحرمات، والقيام بأداء الواجبات فحسب، وإنما يعني إلى جانب ذلك إنعاش القيم التي يفرضها العيش في عصر العولمة، مثل قيمة الشورى والحرية والانفتاح والحوار والتعاون والتضامن الأهلي والنزاهة.... حيث إن هذه القيم هي التي تجعل ثقافة أكثر جاذبية من ثقافة أخرى، وهي التي تساعد على الصمود في وجه الثقافة الغربية الغازية. إذا لم نفعل ذلك فسيكون من غير المستغرب أن نرى مجتمعاتنا تذوب بين أيدينا ونحن مشدوهون دون أن نفعل أي شيء!. 2- المزيد من التفوق: إنه ما التقى ضعيف بقويّ إلا كان اللقاء- غالباً- في مصلحة القويّ، وإذا أخذنا اتفاقية «الجات» نموذجاً للعلاقات التي تؤسس لها العولمة أيقنا أن العالم كله يتجه إلى الاستغناء عن خدمات الضعفاء والعاديين، فـ«الأتمة» الآخذة بالتوسع، وخطط ضغط النفقات- من أجل القدرة على المنافسة- وإعادة تنظيم الأعمال الكبيرة... كل ذلك سيجعل أرباب العمل يستغنون عن معظم الأعمال التي يقوم بها أشخاص عاديون، وستقتصر الحاجة على نحو من 30% من طاقات العمل المتوفرة، هذا بالإضافة إلى أن سد الفجوة الحضارية القائمة بيننا وبين الغرب، ليس له من سبيل سوى التفوق في المجال العلمي والتقني من خلال تعليم أفضل، وتدريب أرفع مستوى وأكثر انتشاراً، وبحث علمي أكثر رصانة، ومن خلال تربية أسرية واجتماعية، يتعود فيها الفرد لدينا التفكير المعقد والعمل الشاق، وطول النفس في الإنجاز والبناء. 3- التحول من التأثر إلى التأثير: إن ثورة الاتصالات- التي مازالت في بدايتها- أتاحت لمن عنده شيء يود أن يقدمه أن ينشره على أوسع مدى، ونحن أمة لها رسالة عالمية، وخصوصية ثقافية وحضارية وطموحات نحو قيادة العالم وتوجيهه، ولايليق بنا أن نتجاهل كل ذلك لننشغل ببعض الإنجازات الصغيرة أو التطلعات المحدودة، وإن أي مواجهة صحيحة لآثار العولمة، يجب أن تعتمد- فيما تعتمده- على التحول من الاهتمام بالشأن الخاص إلى الاهتمام بالشأن العام، ومن الصلاح إلى الإصلاح، ومن الخطاب المحلي إلى الخطاب العالمي، إذ إن أفضل وسيلة لحماية حدودنا الثقافية أن نبني خطوطاً متقدمة في ثقافة الآخرين، نبلّغ من خلالها رسالتنا، ونضفي على أنفسنا مسحة التألق واللياقة الحضارية. وإن على مثقفينا أن يوضحوا للناس ما عليهم أن يفعلوه في هذه السبيل، فذاك هو جوهر الريادة الاجتماعية، وهو استحقاقها. نشر في مجلة (المعرفة) عدد (48) بتاريخ (ربيع الأول 1420هـ -يونيو/يوليو 1999م)

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصـــــــة أبكت الرسول عليه الصلاة والسلااام!!! العنيد المجلس الإســــلامي 13 11-08-2007 09:27 AM
مـكـتـبــــــة مـجـالـس العجمـــــان (( كتب + دراسات + مقالات )) ( الجزء الثاني ) سهيل الجنوب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 15 03-11-2005 12:38 AM
مـكـتـبــــــة مـجـالـس العجمـــــان (( لصور العلمية )) ( الجزء الاول ) سهيل الجنوب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 11 17-10-2005 06:09 AM
مـكـتـبــــــة مـجـالـس العجمـــــان (( كتب + دراسات + مقالات )) ( الجزء الاول ) سهيل الجنوب مجلس الدراسات والبحوث العلمية 15 17-10-2005 06:03 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 09:18 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع