مقارنة ادبية بين شعراء الاطلال والمنازل( ابن لعبون & وذو الرمة )
هذه دراسة بسيطة ومختصرة على الادب الشعري لكل من الشاعرين ( ذو الرمة ) ( وابن لعبون ) ارجوا من الله العلي القدير ان يكون التوفيق طريقي في طرح هذا العمل الادبي.
عند إطلاعي لقصائد الشاعرين الكبيرين رأيت ان هناك امور متجانسة احببت ان اجعلها كمقارنة أدبية بين هذين الشاعرين :
اولا:
طغيان اللقب على اسم الشاعر:
ذو الرمة :
ذو الرمة : لقب غلب عليه واسمه ( غيلان بن عقبة بن مسعود ) من بني عدي بن عبد مناة . وأمه ( ظبية بنت عبيد أو بنت مصعب ) من بني أسد. وإخوته لأبيه وأمه : ( مسعود ) و ( هشام ) و ( جرفاس ) وكلهم شعراء ، وكان هشام من عقلاء الرجال. وخاله أبو جِنّة الاسدي ( حكيم بن عبيد او بن مصعب ) وكان شاعراً. وابن عمه ( اوفى بن دلهم العدوي ) وهو أحد من يروى عنهم الحديث وكان رجلاً صالحاً. وصاحبته ( مي ) بنت عاصم بن طلبة بن قيس بن عاصم المنقري التميمي. وجدها قيس بن عاصم هو الذي قال فيه رسول الله : هذا سيد أهل الوبر.ثم شبَّب - تغزل - ذو الرمة بخرقاء العامرية ليكيد بها ( مَيَّة ) وذلك قبيل وفاته بقليل ثم نزع الى صاحبته حتى مات.
ابن لعبون :
ابن لعبون : لقب غلب عليه واسمه ( محمد بن حمد بن محمد بن لعبون المدلجي الوايلي. من قبيلة عنزة.
هذا الشاعر يعتبر بين الشعراء الذين ياتون في الطليعة وممن يسمح لهم في الجلوس على القمة .. ونرى ذلك ابداعه في قصائده وكأنه يسير على خطى المتنبي حتي قيل عنه: جميع الشعراء غير ابن لعبون يلعبون.
واابن لعبون كجرير في دقة ألفاظه ونفاذ طعناته فهو يحز على المفصل.
سبب اطلاق هذه الالقاب على هذين الشاعرين :
ذو رمة : قيل ان ذو الرمة كان اول لقاء له مع محبوبته( مي ) عند بئر ماء فكان يحمل على عاتقه حبلا من جلد فقالت له اسقي لنا يا ذو الرمة والرمة في لغة العرب: هو الحبل يشدُّ في عنق البعير.
ابن لعبون : سبب هذه التسمية ان احد اجداد الشاعر الكبير محمد بن لعبون كان كثير سيلان اللعاب فأطلق عليه لقب ( لعبون ) فكان الشاعر محمد بن حمد يطلق عليه لقب جده الذي عرف به وهو ابن لعبون.
تنقل الشاعرين من شبه الجزيرة الى ارض العراق :
ذو الرمة : كان نزوح ذو رمة من دياره بني عدي في نجد الى بلاد بني منقر بين البصرة والكوفة حيث ديار محبوبته ( مي ) ولم يزل يتردد بين ديار ( مي ) في بلاد منقر وبين دياره في بلاد بني عدي. فتجلو أرض الحضر وحديث أهلها بعض ما في نفسه من جفاء البادية. حتى اذا لجَّ به هواه الى بلاد
( مي ) ينظر الديار بعينين ظامئتين فإذا خفَّ ما به انقلب الى أهله يحادث بينهم قلبه.
ولا يزال يردد ذكر مي حتى عرف بها وعرفت به كالشاعر ابن لعبون مع محبوبته ( مي ) ، ولم يكن ما به الا هوى فتى لفتاة هو عليها إن شاء قادر. فقنع بذكرها وحبها زمناً ، وجعلت عناصر المأساة تتجمع من هنا ومن هناك. وذو الرمة في اسفاره يتطرح بين البوادي والحضر يستزير طيف ( مي ) على البعد قد عمي عن فجاءات الغِير ! لم تلبث ( مي ) أن تزوجت أحد رجال قومها : ( عاصماً المنقري ) نسيت الغلام الذي عجبت منه والحب الذي كان بينهما !
ابن لعبون:
غادر ابن لعبون بلاد نجد الى الزبير في ارض العراق وعمره سبعة عشر عاماً وهو اميز لداته وأبناء جيله ثقافة لانه كان حافظاً للقرأن متقناً للخط متذوقاً للشعر العربي الفصيح.
وشعره شاهد على انه ملم بالمعلقات وبشعر المتنبي والمعري وغيرهم.
ولغته دليل على أنه ذو قراءة للتراث العربي الفصيح .. وكذلك مطالع قصائده التي يحاكي فيها الشعر الفصيح في بكاء الاطلال.
وقد تهيأت للشاعر محمد الفرصة للاطلاع على أمهات الكتب في التاريخ والادب التي تزخر بها مكتبة والده الشيخ حمد بن محمد بن لعبون فد ورد أنه جاء أباه في يوم من الايام فقال له : يا أبتِ لقد رأيت البارحة في المنام أنني أشرب بحراً ففسر له أبوه ذلك الحلم بأنه إما علم واسع أو شعر غزير فكان الاخير.
اقترن ابن لعبون في شعره باسم محبوبته ( مي ) فهو يذكرها في الحل والترحال وحاله كحال ذو الرمة مع ( مي ) التميمية .
ذكر ( مي ) والحنين الى الاطلال والمنازل والديار :
ذو الرمة:
ان حالت الحرمان التي وصل اليها الشاعرين ذو الرمة وابن لعبون عندما تزوجت ( مي ) محبوبة الشاعرين.
حيث يلجُّ الشوقُ بذي الرمة فيركب ناقته في ليلة ظلماء يريد أن يضيف- ينزل عليه ضيف - عاصما المنقري زوج ( مي ) وهو يطمع في ان لا يعرفه فيدخله بيته، فيريقه - يستضيفه - فيرى مياًّ اويتزود من وجهها ويكلمها فلما نزل به فطن له عاصم وعرفه فلم يدخله واخرج إليه قِراه - ما يقدم لضيف من اكل وشراب - وتركه في العراء فلمحته ( مي ) تحت الليل فعرفته . وجعل ذو الرمة يتململ فلما كان جوف الليل تغنى غناء الركبان ببعض شعره فقال :
أراجعة يا ( مي ) أيامنا التي= ( بذي الرمث ) أم لا ؟ ما لهن رجوعُ !
ولو لم يَشُقني الظاعنون لشاقني = حمام تغنى في الديار وقوعُ
تجاوبن فاستبكينَ من كان ذا هوى= نوائح ما تجري لهنَّ دموعُ
دعاني الهوى من نحو ( مي ) وشاقني= هوى من هواها : تالد ونزيع(1 )
إذا قلت عن طول التنائي قد ارعوى= أبى مُنثَن(ن) عليَّ رجيعُ
(1 ) تالد : القديم . النزيع : الذي ينزعه من مكانه الى من أحبّ يعني أن هواه متجدد.
فغضب عاصمٌ وقام الى امراته وقال : قومي فصيحي به وسبيه وقولي : أي أيام كانت لي معك ( بذي الرمث ) ؟ فأبت مي وقالت لزوجها : يا سبحان الله ! ضيف!! والشاعر يقول ! فانتضى عاصم سيفه وقال لها : لاضربنك بهِ حتى آتى عليك أو تقولي ! ففزعت وصاحت بذي الرمة وسبته كما امرها زوجها . هذا صوت مي !! ذهل ذو الرمة فلما استقر في سمعه كلامها نهض على راحلته فركبها وانصرف عنها وعن ديارها مغضباً يريد أن يصرف قلبه عنها الى غيرها وعاد الى ديار قومه مغيظاً يتمزق وابى على نفسه ذكر ( مي ) ... وهيهات.
وينصرف ذو الرمة عن لقاء ( مي ) وفي سمعه نغماتها وفي عيينه صورتها وفي قلبه هواها وفي روحه لذة خالدة تزداد على الايام عِتقاً ونفاذاً . فلئن أشقاه الحرمان بالرحيل فلشدّ ما اسعده أن وجدها . فهو بين اللذة والالم يتردد ، ولكنه في شجوٍ يطربه كما يحزنه ، ينال بأثريه في قلبه فرحة وجودها . لقد تزود منها نظرة وابتسامة وحديثاً. أنسته النساء وما فيهنَّ ، وصرفته الى طيف يُلمُّ به منها مضجعه ويعارضه في طريقه يناديه إذا خلا فيأتيه جواب دعائه من اعماقه ...
صوتها ، الحانها ، عيناها ، كل شيء رأه منها أ سمعه يستجيب لهُ . ولكن القدر يعدهُ ليلتقي من ( مي ) ما هو أعظم من الفرح بحبها ووجدانها فيتركه ينطوي عليها ويتسلى بها في خلوته فرحاً أن يزورها من عامهِ في ديار أهلها كما زارها من قبل . فيرجع الى ديار بني منقر لعامه هذا فيجد القوم قد ارتحلوا عن منازلهم ( بالوحيد ) ، فيقف على ديارها يسائل نفسه عن ( مي ) وأهلها وكذلك يعرف ذو الرمة منذ اليوم ما معنى الوقوف على الديار ، وما لذة مساءلة الاطلال يعرفها تجربة في قلبه لا معرفة من شعر من سبقه فإذا عاد الى دياره - مؤملا أن يعود الى ( مي ) فرحاً بما عرف من لذة الوقوف على اطلالها - قال :
هل تعرفُ المنزل َ ( الوحيدِ ) = قَفراً محاهُ الابيدِ ؟
والدهرُ يُبلى الجديدِ!! = ............................
فإذا اتم تساؤله وعرف لذة ما كان فيهِ من موقفه هناك اجاب نفسه فقال :
نعم! فأنت اليوم كالعمود= من الهوى أو شَبَهُ المورودِ
يجيب نفسه مختالاً : نعم ثم يصرف القول كأنه يخاطب آخر غيره فيقول له متعجباً نعم : لقد عرفت فأنت في يومك هذا كالمريض الذي هَدَّه المرض فهو يُسنَد من جوانبه ليستوى أو مثل المحموم الذي وردتهُ حُمى هي ما وجدت في روحك من قشعريرة الشوق والذكرى . ثم يصرخ يناديها :
يا ميُّ! ذاتُ المبسمِ البَرودِ= بعد الرقادِ والحشا المخضودِ
ولكنه يعود فيذكر حديثها إذا قالت له - وهي تصب الماء في قربتهِ - تلومه على ارتكاب السفر فيقول : يا ميُّ..
( اهلكتنا باللومِ والتفنيد )
أهلكتنا ! عجيب لذو الرمة كيف يرقّ ويقسو ولكنه يعود فيعتذر لنفسهِ عن ملامتها وتفنيدها . مسكين ! إنه يخاف عليها حتى في خلوته وشعره فيقول : هذا عذرها إنها :
رات شُحوبي ورأت تخديدي= من مُجحِفات زمن(ن) مِرِّيد
نقّحن جسمي عن نُضار العود = بعد اهتزاز الغُصُن الاملود
ثم يعود فيقول : كيف أعتذر لها ؟ إنها رأت هواي لها فصدَّت عني فيقول لها :
( لا ! بل قطعتِ الوصل بالصدودِ )
ألم يكن ذلك كذلك ؟ وإلا فلمَ:
قد عجبت أختُ بني لبيد= وهربت مني ومن مسعود
وإذن فهو الصدود والاعراض بعد الوصل . اجل ! إنها تخاف أن يكون بيني وبينها هوى غالبٌ ، وبيّنه ذلك انه لا يمكن سرُّ صدودها أنها :
رات غلامي سفر بعيد = يدَّرعان الليل ذا السدود
كما تدعى فإن هذا الامرُ لا يوجب دهشةً ولوماً وتفنيداً وإذن فهو الصدود ، هو الصدود يا ( مي ) !!
ويبيت يمنّي النفس بغدٍ يراها فيه ، فهو يتهيأ لها ويزوّر الاحاديث في نفسه للقائها ، ويومئذً تجد صدُودها وإعراضها قد انقلب شوقاً وصبابة وإقبالاً علي فتاها! هكذا كان يقول ويقدر والقدرُ من وراءِ الحجُب يقول : على رِسلك أيها المغرور !!
ونرى ما حدث لذو الرمه ، سأله خاله الحجاج الاسدي فقال: يا غيلان كيف تجدك ! فقال: أجدني والله يا أبا المثنى اليومَ في الموت لا غداة أقول:
كاني غداة الزُّرق يا ( مي ) مُدنِفٌ= يَكيد بِنَفس(ن) قد أحمّ حِمامُها
فلما احتضر كان آخر ما قال :
با ربِّ قد أشرقت نفسي وقد علمت = علماً يقيناً لقد احصيتَ آثاري
يا مُخرجَ الروح من جسمي إذا احتضرت= وفارجَ الكرب زحزحني عن النارِ
فمن مبلغ ميًّا منية هذا القلب الذي شب في حبها حتى هَرِم قبل هَرَمه؟؟
ابن لعبون :
اقترن ابن لعبون باسم ( مي ) فمنهم من قال انها مي الخليفة شيوخ البحرين ومنهم من قال ان اسم ( مي ) هو اسم مستعار والثاني هو الارجح.
تكررت اسماء النساء في الشعر ابن لعبون منها لطيفة، وقوت، وسعاد، ومريم، وسلمى وزينب وهند ، وليلى ، وساره ، ووضحى .
ومثال على ذلك:
منازل يا علي ما دام= تنزل بها مي مع ساره
وقال:
يوم هند واهل هند ما مرق= سهمه المسموم من جاش الشفيق
ومن الازهار والنباتات العطرة ذكر ابن لعبون الجثجاث ، والرمث، والحزا ، والزهر والشيح ، والقيصوم ، والبختري ، والخزامى .
وذلك عندما تغزل في ( مي ) فقال ابن لعبون يخاطب خادم ( مي ) واسمه عواد :
ولا تحسب الجثجاث والرمث والحزا= ولا الشيح والقيصوم عطّة هدومها
وحذرا ترى حدر الجلابيب خثّر= غرابيب يا عواد تمضي سهومها
ونرى ابن لعبون يخفي اسم محبوبته باسم ( مي ) حيث ظل وفياً لحبيبته التي اختار لها اسماً مستعارا وهو ( مي ) ولكن اسمها الحقيقي ( هيلة ) .
وقديما لجأ الشعراء الى تسميات استعاروها لاحبتهم ولسان احدهم يقول:
أسميك سعدى في نسيبي تارةً= وآونة أسماء وآونة لبنى(1)
حذاراً من الواشين أن يسمعوا بنا= وإلا فمن سعدى لديك ومن لبنى
(1) نسيبي : تغزلي
وهي حال ابن لعبون مع ( مي ) فمن هي ( مي ) ؟ .. هي اسم مستعار استعان به ابن لعبون لمناجاة حبيبته. وهيلة الاسم الحقيقي لمن تعلق بهل قلب ابن لعبون.
وكما ارتبط اسم عدد من الشعراء باسم من احبوا ككثير بعزة ، وجميل ببثينة ، وعنترة بعبلة ، وقيس بليلى ، وغيرهم : اقترن اسم ابن لعبون ( بمي ) وإن كان هذا الاسم مستعارا كما اسلفنا الا انه تكرر في معظم قصائد ابن لعبون الغزلي ... ومن ذلك قوله :
يقولون جور الحب يا ( مي ) هين = وحبك لجا بي لاجي(ن) بالضماير
ظل ابن لعبون يردد اسم ( مي ) ما بقي أمل بوصالها. فقد كانت حليلة لاحد مشايخ المنتفق ، وبعد وفاته خطبها ابن لعبون فرفض أهلها تزويجها له ، فتزوجها أحد امراء العرب المتغلبين على بلد الديلم على الحدود الايرانية العراقيه قبل ان تستولي عليها ايران.
وعندما طفح الكيل به يئس ابن لعبون منها بث لوعته في قصيدة مؤثرة اختطلت فيها أبيا ت اللوعة لزواجها، والهجاء لزوجها والدعاء على الديلم بالنيازك تدكها ، واختتم القصيدة بتصريح ابن لعبون باسم حبيبته بقوله :
والله لولا الحياء واللوم = لا صيح واقول يا هيلة
تكرر عند ابن لعبون وصف الاماكن .. وخاصة تلك التي تربطه بمحبوبته ، فها هو يصف منازل حبيبته ( مي ) وصفاً دقيقاً يستدل به لم يعرفه :
يا منازل ( مي ) عن قبة حسن= من يسار وعن قبر طلحة يمين
وقبة حسن يقصد بها قبر الحسن البصري رحمه الله ، وقبر طلحة هو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ، وكلاهما دفنا في مدينة الزبير .. الاول في المقبرة المعروفة بإسمه والثاني خارج المدينة الى قارعة الطريق المتجهة الى البصرة.
ومرة ثانية يصف ابن لعبون منازل مي :
يا منازل ( مي ) في ذيك الحزوم = قبلة الفيحا وشرق من سنام
الفيحاء هي البصرة ، وسنام جبل معروف بين الزبير والكويت وهو للزبير أقرب.
وتمضي السنون التي عاشها ابن لعبون في دار ابن عوام ( اي مدينة الزبير ) سريعة ويتحسر على ذلك بقوله:
يا سنين لي مضت مثل الحلوم = كنهن في دار ابن عوام عام
هل غريم الشوق يشبع منك يوم= شبعت المسكين بايام الصرام
وهو عندما يذكر ايام الانس وقبل ان تتزوج ( مي ) وتحجب عنه يقول:
دار مي يوم مي لي تقوم = قومة الماموم من خلف الامام
يوم هي تحسب الدنيا تدوم= وإن عجات الصبا دوم دوام
في نعيم(ن) تحسبه لزماً لزوم = مثل منزلنا على ديم الخزام
يوم هي توريك خد( ن) به وشوم= يفضح البراق في جنح الظلام
وهذا التلمظ بالوصال والخلط مع صويحباتها وصفه بالعفه عن المحرم الصريح بقوله:
والهواوي من هواهن محروم= غير وصل(ن) لا حلال(ن) ولا حرام.
ومما قاله في ( مي ) وهو في الزبير يتشوف الى منازلها على اسلوب التوجد :
والا تحية غريق الدِّين= معسر(ن) ووافاه ديَّانه
وقصيدته التي مطلعها :
الا يا بارق يوضي جناحه = شمال(ن) وابعد الخلان عني
وذكره للشمال يدل على انه قال القصيدة بعد زواجها من زوجها الاول المنتفقي والقصيدة حوار مع الحمامة ( الورق ) عن وحشة الدار بعد ( مي ) وصويحباتها:
ابات الليل في رجوى صباحه= وادق من الندم ( يالورق ) سني
على فقدي لغزلان الملاحة= طويلات المعانق وسفهني
واستمر في التذكر يصف الديار بانها منازل من تعلق بهن قلوب العشاق فذكر مع مي زينب وهنداً وليلى وهو لا يريد نساء بأعيانهن وإنما اراد التعدد بمتيمات القلوب من العربيات .. واسماء فتيات العرب المتيمات في الاكثر من هذا القبيل : هند وليلى وزينب .. الخ، ولعله على هذا المنوال قول عرار بن شهوان :
ثريا ومي والرباب وزينب= ويَقْدَن هوى قود الامهار العسايف
وحتى عندما تغزل ابن لعبون بغير ( مي ) في ابيات قليلة : لم تفض قريحته شوقاً ولوعة كذكره مي ... وحتى عند تغزله بغير مي يذكرها ومن ذلك مناجاته لسلمى يقول:
الى عاد صبحك مستحيل ومظلم= فانا اقول يا سلمى هو ( مي ) أولى لي
اتدرون من سلمى التي ذكرها ابن لعبون في البيت السابق ؟ انها الدنيا وليست إمرأة!!!
وهو عند خروجه من الزبير يتوجد عليها فيقول :
من ولف دار لابن عوام= شبت بنار الحشا ناره
ونجد حنينه الى مسقط رأسه ثادق في هذه الابيات من قصيدة قالها وهو في الزبير قبل مغادرة ( مي ) الزبير الى الديلم . وعهده بمرابع ( مي ) منذ ثمان أعوام وقد رسم طريق سير الناقة من الزبير الى ثادق فقال :
الى سرتها من درا ( مي ) وغربت= ونابك من طفاح نجد خشومها
اول مواري دارهم لك جلالة = حاشا الاله وباقي الدار زومها
علمي بهم قطن على جو ثادق= سفاها مرنات الغوادي ركومها
مرابيع لذاتي وغايات مطلبي= ومخصوص راحاتي بها في عمومها
منازل ( مي ) شعبث البين حيها= وهبت ثمان سنين حسومها
( قصة ابن لعبون مع مي) صوتيا
ارجوا من الله العلي القدير ان اكون وفقت في طرح هذه المادة الادبية وان تنال رضى وإستحسان الجميع.
ابوحمد الشامري