بسم الله الرّحمن الرّحيم
القراءة عند الأطفال
دوافعها- وسائل تنميتها- دور الوالدين والمعلم
} ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان } هذه العبارة يزيد عمرها عن ألفي عام ما زالت تدوّي بقوّة في جميع أرجاء المعمورة , وإن دلّت على شيء فإنّما تدل على أنّ الحياة في مفهومها الجوهري أعمق من المأكل والمشرب , بل هي – أي الحياة- تقوم على حاجات روحيّة , وعقليّة , ونفسيّة , وجسديّة.
ومن هذا المنطلق تشكل الثّقافة عاملاً مهماً من عوامل التّكوين العقلي والنّفسي للكائن البشري فهي تدخل في تكوينه الفكري والاجتماعي على حدّ سواء .
والثقافة مفهوم عام ومعين لاينضب يجب أن ينهل منه { الرّجال والنساء والبالغون واليافعون والأطفال } فهو لا يقتصر على فئة دون أخرى , لذا تطلق على الثّقافة صفة } الجماهيريّة } لأنّها لكل الشّرائح الاجتماعيّة .
والطفل هو أحد أهم هذه الشرائح , بل هو اللبنة الأساسيّة التي يبنى عليها المجتمع , فحري بنا أن نغرس في نفسه حب المطالعة والقراءة واقتناء الكتاب , واستغلال أوقات الفراغ , وأن نكرّس لديه المبدأ الخالد { وخير جليس في الزّمان كتاب } .
وكون الطفل هو اللبنة الأساسية في البناء الاجتماعي فهو الذي سيقود العمليّة التثقيفية عندما يشب ويكبر على ثقافة ثرّة وقراءة وفيرة , فقد سئل فولتير مرّةً عمّن سيقود الجنس البشري ؟ أجاب : الذين يعرفون كيف يقرؤون ....!!
ويجب أن يتحلى القارىء بحبّ القراءة لتكون فاعلة ومؤثّرة فقد سئل الأديب الكبير عبّاس محمود العقّاد عن سبب حبه للقراءة فقال: (( لست أهوى القراءة لأكتب ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير السّنين وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا وحياة واحدة لا تكفيني , ولا تحرّك كل ما في ضميري من بواعث الحركة , والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة في مدى عمر الإنسان الواحد لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق وإن كانت لا تطيلها في مقدار الحساب , فكرتك أنت فكرة واحدة , شعورك أنت شعور واحد , خيالك أنت خيال فرد إذا قصرته عليك ,
ولكنّك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخرى , أو لاقيت بشعورك شعوراً آخر , أو لاقيت بخيالك خيال غيرك فليس قصارى الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين أو أن الشعور يصبح شعورين أو أنّ الخيال يصبح خيالين . كلا . إنّما تصبح الفكرة بهذا التّلاقي مئات الفكر في القوّة والامتداد(( .
يتّضح لنا من كلام الأديب الكبير { العقّاد } أنّ كثرة القراءة تكرّس لدى المرء { حب المطالعة } وتزيد من ثقافة الفرد فتعزّز لديه ثقته بنفسه وبكيانه (( أنا أقرأ إذاً أنا موجود (( .
والثقافة النّاجمة عن القراءة العميقة الهادفة مظهر حضاري , ومعيار صادق لتقدّم الشعوب ورقي الأمم , فالثقافة لم تعد{ ترفاً فكريّاً } مقصوراً على فئة دون الأخرى بل أصبحت أمراً لازماً , وزاداً روحياً للفرد فهي تلعب دوراً بارزاً وأساسياً في تكوين شخصيته وإكسابها إشراقاً وتألّقاً وبريقاً خاصاً
والشعب الذي لا يقرأ يعني أنّه شعب توقّفت عقول أفراده عن النمو وعجزت عن متابعة التّطور العلمي والثقافي , فالقراءة توسع المدارك وتجعل الفرد القارىء يطّلع على ثقافات الشعوب والأمم الأخرى , وكذلك ثقافات الأجيال التي سبقته لذلك قيل : (( إنّ الذي لا يعلم شيئاً إلا عن جيله عاش طفلاً (( .
والقراءة هي الطريقة الأكثر شعبيّة إذا ما قورنت بوسائل الإعلام الجماهيريّة الأخرى كالإذاعة والتلفزيون , إذ تتمتّع القراءة بعدّة مزايا منها ( أنّ القارىء يستطيع أن يختار ما يريد قراءته من بين أرقى الكتابات سواء الحديثة أو القديمة , كما يستطيع القارىء أن يقرأ في المكان والزمان اللذين يراهما مناسبين ( .
وهدف القراءة لا يقتصر على الاستمتاع فقط , بل يتعدّاه إلى فهم الحياة أكثر , فالنّاس يقرؤون في المدرسة والمعمل والمنزل وفي وسائط النّقل ( الأوتوبيس, الطّائرة, القطار, الباخرة, السيارة ...) وحتى في طوابير الانتظار في ( العيادات والمطارات والبنوك ( .
ويجب الا يغيب عن البال التّمييز بين حجم ونوعيّة القراءة بين الكبار والصّغار وبين الذّكور والإناث , وبين المجتمعات المتقدّمة والمجتمعات النّامية , لذا فإنّ كل قارىء سواءً كان صغيراً أو كبيراً, امرأة أو رجلاً يقرأ بشكل مختلف ويبحث في الكتب أو الدّوريّات ( الصحف والمجلات ) ما يستهويه ويلبّي رغباته وقد تكون القراءة لأغراض ترفيهيّة وقد تكون { للتأنّس بها { .
دوافع القراءة لدى الأطفال:
القراءة مهمة جداً في مرحلة الطفولة لأنّ ّ هذه المرحلة هامّة جداً في حياة الإنسان حيث يعتمد عليها كل ما يتلوها من مراحل النمو في المستقبل , ففي هذه المرحلة ترسى الأسس التي تبنى عليها شخصيّة الطفل وما يتضمّنه هذا البنيان من قيم واتجاهات تحدّد نوعيّة وطريقة سلوكه مستقبلاً .
وتلعب القراءة دوراً فعّالاً في بناء شخصيّة الطفل , فالذي يقرأه في صغره ينعكس على سلوكه وعواطفه وأفكاره , لذا يتم تنشئة الطّفل ثقافيّاً واجتماعياً فإذا نجحنا في تشكيل الطفل وفق مبادىء سليمة فبالإمكان تقليل مخاطر المراحل اللاحقة التي قد تكون متعبة للوالدين والأبناء بل والمجتمع الذي يدفع ضريبة ذلك لا محالة , وتثقيف الطفل بطريق القراءة يساعده على أن يعيش حياته بطريقة أكثر فعاليّة , وتلعب القراءة دوراً هاماً في التّنمية المعرفيّة للطفل وهي دافع رئيسي للتنمية العاطفية والاجتماعيّة .
وتوسّع القراءة مدارك الطفل وتقد ّم له ثروة لا يمكن لأحد انتزاعها , والقراءة مصدر غير محدد للترفيه وصديق في الوحدة ومتنفّس في الضيق , وقد تناول بعض الباحثين الغربيين الأسباب التي تدفع الطفل للقراءة , فالباحث ( LENG ) 1981 م أشار إلى الأسباب التي تدفع الأطفال للقراءة ومنها (( تدريب قدراتهم لتحسين واجباتهم الدّراسيّة, إشباع حب فضولهم عن العالم الخارجي , فهم المعروف وإزالة القلق من المجهول (( .
وعن طريق القراءة يتمرن الطفل على المشاكل التي ستواجهه في الحياة الحقيقيّة , ويرى براون
( BROWNE ) أنّ الأطفال يقرؤون أحياناً ( لتمضية الوقت , أو للقضاء على الملل , ولمعرفة أكثر عمّا يدور حولهم , ولتحسين لغتهم , ولاكتشاف المجهول , وإنجاز الواجبات الدراسيّة ( .
وقد أشار ماثوسيون ( Mathewson ) 1976 م إلى دوافع القراءة عند الأطفال وهي حسب رأيه
( حب الاستطلاع , والاستكشاف , والنّجاح بتفوّق ( .
ويعزي كل من جريني Greany / ونيومان N euman 1983 م دوافع القراءة عند الطفل إلى ثلاثة أسباب رئيسيّة وهي ( التّسلية , الفائدة , الهروب من الواقع ( .
فالأطفال يقرؤون لثلاثة خصائص رئيسيّة لطبيعتهم وهي : حب الاستطلاع , أو لإشباع رغبة معيّنة , أو للرغبة في التّقليد , والطفل الذي يقرأ بسهولة ويبحث عن المعلومات بنفسه يكون قد اتّخذ أقصر طريق للتّعلّم فهو يتعلم بساعات قليلة حقائق لايتعلمها الطفل الذي لا يقرأ بعدّة سنوات من التّجربة , أو قد لا يتعلّم على الإطلاق , فالطفل القارىء والمواظب على القراءة بحب وشغف يكون قد أوجد لنفسه ثروة من التّرفيه والتّسلية , ولكي يكون للقراءة مذاق خاص يجب أن تكون المادّة المقروءة ممتعة , وجذّابة , وتتفق مع ميول ورغبات القارىء , مع العلم أنّ الميول والعادات القرائيّة التي تنشأ في مراحل الطفولة المبكرة تبقى مصاحبة للطفل مدى الحياة .
لذا أوصت العديد من الدراسات (( بضرورة زرع عادة القراءة بين الأطفال )) منذ مرحلة مبكرة من العمر , لأنّ ما يتعوّد عليه الطفل منذ الصّغر يلازمه في الكبر لذلك يقال { العلم في الصّغر كالنّقش في الحجر { .
مهمّة الوالدين في المنزل : البيت هو المدرسة الأولى التي ينهل منها الطفل معارفه , والأسرة هي صاحبة الميلاد الأوّل ( البيولوجي ) وهي صاحبة الميلاد الثاني ( تكوين شخصيّة الطفل الثقافيّة والاجتماعيّة ) حيث تبذر فيه بذور الثقة بنفسه وبناء شخصيّته , وهي بذلك تهيئه للحياة في المجتمع ابتداءً بالعلاقات المنظّمة مع الآخرين وانتهاءً ببناء الاتجاهات عنده وفي مقدمة هذه الاتجاهات اتجاه حب القراءة عند الأطفال وهي التي تعتبر الأساس الأوّل لتكوين المجتمع المثالي المثقّف , والثقافة ليست مسؤوليّة فرد أو جماعة بعينها بل مسؤوليّة أمّة , والمؤسف أنّ الاهتمام بتثقيف الصغار يحتل مرتبة أقل مما يجب بكثير , فالاعتماد على المدرسة أو وسائل الإعلام فقط لا يغني عن دور الأسرة الرّئيسي فيما يتعلّق بالتّنشئة الثقافيّة إذ يجب أن تنفق الأسرة على صغارها في تعليمهم وتثقيفهم بمستوى الإنفاق نفسه في مجالي الأكل والشّرب والسّكن والألعاب .
وتتجلّى مسؤوليّة الأسرة أيضاً في تنمية حب القراءة بالتّوصيات التّالية :
1- للقدوة دور كبير في ذلك , فلنتصوّر طفلين أحدهما يرى والده يتصفّح قبل أن ينام مجلّةً أو يقرأ
كتاباً وثانيهما لا يعرف الكتاب منزله ولا يطرق بابه .
2- يجب أن يكون الكتاب جزءاً أساسيّاً من الحياة العامّة للأسرة , فما أجمل أن يتناقش الوالدان أمام أطفالهما حول كتاب جميل قرأاه يعبّر كل منهما عن رأيه فيما قال المؤلّف تأييداً أو معارضةً .
3- يجب تخصيص جزء من ميزانيّة الأسرة لشراء ما يناسبها من كتب أو تنظيم العلاقة بين الطفل ومجلّة ما يشتريها بنفسه أو تشترى له .
4- يجب اصطحاب الأولاد إلى مكتبات الأطفال أو أقسام كتب الأطفال في المكتبات العامّة وذلك لتنمية الاستقلال في تحصيل المعرفة عندهم .
5- يجب تشجيع كل مبادرة للقراءة عند الطفل .
6- أن يسمع الوالدان للطفل وهو يقرأ القصّة لأنّه يتمتّع باستماع والديه لما يقرأ .
7- أن يكون الوالدان على صلة مستمرّة بالمدرسة ليتعرّفا عادات أطفالهم في القراءة .
مهمّة المعلّم في المدرسة :
للمعلّم الدور الرّئيسي في تنمية حب القراءة وجعل الأطفال يعتادونها لتصبح عادة متأصّلة لديهم
ولصيقة بكيانهم , ورسالة المعلم بل (( الأمانة التّاريخيّة التي يحملها )) في هذا المجال هي (( أن يغرس في نفوس الأطفال حب القراءة والمطالعة )) , فالأطفال أمانة في عنقه يجب الحفاظ عليها امتثالاً لقول الله تعالى في بيانه العظيم : { إنّا عرضنا الأمانة على السّموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولا{ .
وانطلاقاً من كون المعلم راعياً ( وكل راعٍ مسؤولٌ عن رعيّته ) فعليه أن يؤصّل عادة القراءة ويغرسها في نفوس الأطفال لأنّهم أساس المجتمع , وهم ( السّبب الحقيقي لازدهار الأمّة ) أو ضياعها , وما علينا إلا أن نهتمّ اهتماماً بالغاً ببنائهم جسديّاً وعقلياً لينشأ كل منهم قوي الشّخصيّة ومتّزن المدارك , فحب المعرفة والإطلاع موجودان عند الأطفال منذ صغرهم وما علينا إلا أن ننمّي هذا الحب في نفوسهم ونجعلهم يقرؤون ويطالعون ويلعبون , والأطفال طاقة هائلة من الحيويّة والنّشاط وحب التّنقيب والإطلاع والاستكشاف ومن أهم أساليب تحقيق ذلك ( القراءة ) يقول المثل الانكليزي (( الطفل كالدّجاجة .. دائم البحث والتنقيب (( .
نتوصّل مما سبق إلى أنّ دورنا هو أن نجعل من أطفالنا { قارئين } مواظبين على المطالعة واقتناء الكتب الجيدة وارتياد المكتبات العامّة وقراءة كل ما هو جيّد ومفيد وهادف .
وسائل تنمية القراءة لدى الأطفال : هناك العديد من الوسائل التي تساهم في غرس حب القراءة لدى الأطفال نذكر منها :
1- أن يقرأ الكبار وبالذات ( الوالدان , والأخوة , والمدرسون ) للأطفال وأمامهم , والتّركيز على
هذه الفئات الثلاث يعود إلى أنّهم ( أكثر النّماذج احتكاكاً بالطفل ) فمن الطبيعي أن يكون لتوجيهاتهم وسلوكهم تأثيراً مباشراً وغير مباشر على الأطفال وتقليد الأطفال للكبار هو أبرز مظاهر هذا التأثير , فإذا كانت القراءة تحمل إيجابيّة لدى هؤلاء الكبار فإنّها حتماً ستكون كذلك عند الأطفال , وهنا يجب التّنويه إلى الدّور الفعّال الذي يلعبه الأب في تعزيز عادة القراءة لدى الطفل وتشجيعه على الاستمرار فيها وهو لجوء الأب إلى جلب الهدايا للطفل وإعطاءه المكافآت كأن يقول له : إذا قرأت هذا الكتاب كلّه فسأجلب لك درّاجةً من السّوق , أو سأشتري لك قميصاً جديداً , أو يعتمد على المكافأة النّقديّة , أو يوعده برحلة أو نزهة في مكان جميل إذا أنجز قراءة هذا الكتاب أو ذاك .
2- ويبرز دور الوالدين في البيت بإنشاء مكتبة منزليّة وتخصيص قسم منها للأطفال وتزويدهم بالكتب والمجلات الخاصّة بهم , والأجدى نفعاً وفائدةً هو إيجاد مكتبة صغيرة خاصّة بالطفل داخل غرفته الخاصّة به إن توافرت .
3- نظراً لأهميّة المكتبات يجب إنشاء مكتبات أطفال في مختلف الأحياء السّكنيّة في المدينة الواحدة ويتم تزويدها بكافّة المعارف والعلوم والمواد المناسبة للقراءة الحرّة ودعمها بمختلف الأنشطة الدّاعمة للقراءة , وتعيين أمناء مكتبات متخصصين يجيدون أصول التّعامل مع الأطفال ويستخدمون الوسائل الكفيلة بتحبيب وتشجيع الأطفال على القراءة .
وللمكتبات دورٌ هام في التربية والتعليم بالنسبة للأطفال , وبهذا الصّدد يقول ( ج – رالف ) في كتابه ( المكتبة ودورها في التربية ) : (( معظم الأطفال بمجرّد أن يستطيعوا القراءة سوف يقرؤون , وما على المربّي إلا أن يهيء لهم الكتب الملائمة ويجعلها في متناولهم , وهناك الكثير من الشّواهد التي ينبغي أن تمهّد فيها الطريق لكي يصبح الطفل قارئاً مدى الحياة ولكنّ الأطفال ليسوا جميعاً مستعدّين استعداداً طبيعيّاً لكي يصبحوا كذلك في هذه السن , وهذه حقيقة ينبغي أن يضعها المعلمون نصب أعينهم وذلك لأنّ كثيراً من الأطفال الذين يشغفون من تلقاء أنفسهم بالقراءة سوف يصبحون فاعلين في المجتمع لو تلقوا العون في الوقت المناسب (( .
4- تخصيص أقسام للأطفال في المكتبات العامّة .
5- تعليم الأطفال المهارات الأساسيّة اللازمة للقراءة في المدارس وبالأساليب التّربويّة الحديثة وتعويد الطلاب على ارتياد المكتبات المدرسيّة بشكل يومي ووضع حوافز تشجيعيّة للمواظبين على المكتبة من الطلاب .
6- وضع أسس مرنة لعمليّة استعارة الكتب من المكتبات المدرسيّة والعامّة .
7- تأمين كتب ومجلات أطفال ذات مضامين جيّدة ومحتويات هادفة لجميع المراحل العمريّة ولجميع الطبقات الاجتماعيّة .
8- تقديم القصص والمجلات والكتب للأطفال في مناسبات النّجاح بدلاً من الألعاب والحلويّات .
9- دعم صحافة الأطفال فهي من المصادر الأساسيّة في ثقافة الطفل من قبل القطاعات الحكوميّة والخاصّة وبكل الإمكانات لتقوم بدورها الفعّال في بناء الطفل وتنوير عقله , ويجب تطويرها من النّاحيتين ( الكميّة والكيفيّة ) لتحفيز الأطفال على قراءتها .
10- تشجيع الذين يكتبون للأطفال ودعمهم بالحوافز والمكافآت الماليّة الجيّدة لتشجيعهم على الاستمرار بالكتابة للأطفال .
11- مساهمة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بتقديم المقالات والبرامج التي تنمي ميول الأطفال القرائيّة .
12- ضرورة التنسيق بين الأجهزة الحكوميّة المعنيّة بتربية وتثقيف الطفل عن طريق إيجاد الخطط والبرامج المدرسيّة للنهوض بثقافة الطفل .
وفي خاتمة المطاف لابدّ من القول : إنّ الطفل أمانةٌ لدينا , وعودٌ نضرٌ يجب الاعتناء به ليصبح صلباً قويماً , وحياة الطفولة متنوّعة ومتشعبة الجوانب ومتكاملة ويجب أن نهتم بجميع جوانب حياة الطفل الاهتمام نفسه , وألا نفضّل جانباً على آخر , فإهمال أي جانب يؤدّي إلى ( الخلل , والإرباك , واعوجاج السّلوك ) والقراءة هي أحد الجوانب الهامّة التي يجب أن نعزّزها في شخصيّة الطفل ونجعلها تستقطب كل إهتمامه ومعظم وقته وهذا يقوده إلى تقدير قيمة الوقت إعمالاً للحكمة القائلة : ( الوقت كالسّيف إن لم تقطعه قطعك ( .
ولكي تكون القراءة مجدية يجب ألا يقيسها المربّي بالكم وعدد الصّفحات بل يجب أن يدرّب طلابه على ( التدقيق , والفهم , والإحاطة , والاستعانة بالمكتبات ) ليزهر الأمل في أطفالنا الذين هم أملنا الوحيد , وبهذا الصّدد يقول الكاتب الأمريكي ( سام ليفنسون ) : (( كل طفل يولد على هذه الأرض يحمل رسالة إلى البشريّة ويده الصّغيرة تقبض على ذرّة من الحقيقة لم تنكشف بعد على مفتاح سرٍ قد يحمل لغزاً للإنسان وأنّ لديه وقتاً قصيراً لتأدية رسالته ولن تتاح له أو لنا فرصةً أخرى وهو قد يكون أملنا الوحيد , لذا يجب أن نعامله بإجلال (( .
وللقراءة مكانة خاصّة عند الله سبحانه وتعالى , فقد قال في محكم تنزيله مخاطباً رسوله الكريم صلى الله عليه وسلّم : { إقرأ باسم ربّك الذي خلق } كما عزّز الله تعالى في كتابه العظيم العلماء إذ قال : { وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون { فالعلم ثروة تتكوّن بالقراءة المستمرّة والدّؤوبة التي توصل صاحبها إلى مرتبة العلماء الذين قال عنهم الرّسول صلى الله عليه وسلم : )) العلماء ورثة الأنبياء (( .
فلنغرس حب القراءة والمطالعة في نفوس أولادنا عسى أن ينالوا شرف العلم ويصبحوا علماء تنتفع بهم الأمّة .
المراجع والمصادر :
1- مجلة (( الحرفيّون )) السّوريّة – العدد / 153 / مارس 1995 م .
2- مجلة (( العربي )) الكويتيّة – العدد / 278 / كانون الثاني 1982 م .
3- جريدة (( الجزيرة )) السّعوديّة – العدد / 8216 / تاريخ 27/10/1415 هجرية .
4- مجلة (( جيش الشّعب )) السّوريّة – العدد / 1670 / تاريخ 1/11/1991 م .
5- كتاب (( المكتبة ودورها في التّربية )) المؤلّف ( ج .رالف )
بقلم المحامي / عبد العزيز إسماعيل أحمد
الجمهوريّة العربيّة السّوريّة