مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #11  
قديم 05-04-2005, 11:38 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

العلم في تطور .. والمعرفة لا تكتمل بالشهادة

المؤهل العلمي ليس عملة للاستعمال الدائم !
حضارة الأمم تقاس بمدى عنايتها واهتمامها بالتعليم لكونه القناة الرئيسية التي تمر بها أي دولة نحو التقدم والازدهار ، يقول جون ديوي : \" بإمكان المدرسة أن تغير نظام المجتمع إلى حد بعيد، وهو عمل تعجز عنه سائر المؤسسات الاجتماعية\" . فأساس كل إصلاح منشود يبدأ بالتعليم ، وأي إصلاح في العلمية التعليمية يبدأ من المعلمين ؛ فإذا أردت مجتمعاً صالحاً وجه عنايتك إلى إصلاح المعلمين .
مع بداية كل عام دراسي جديد يدخل إلى مهنة التعليم أعداد كبيرة من خريجي الجامعات والكليات لأداء دورهم الوظيفي لأول مرة ، يملأهم الحماس والدافعية والرغبة وهم على أهبة أداء الرسالة التعليمية التي أنيطت بهم . يقول الغزالي : \" من اشتغل في التعليم فقد تقلد أمراً عظيماً وخطراً جسيماً ، فليحفظ آدابه ووظائفه \" . ويقول علي بن أبي طالب : \" من نصّب نفسه للناس معلماً ، فليبدأ بتعليم نفسه قبل غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم \" .
يعتقد البعض أن المعلم ينتهي تعلمه النظامي بحصوله على الشهادة الجامعية في حين من المفروض تعلم المعلم إنما يبدأ بعد تخرجه من الجامعة أو دار المعلمين . والمعلمون الذين اعتقدوا أنهم أنهوا تعلمهم يوم تخرجهم كأنهم نسوا ما تعلموه من أن التعليم عملية مستمرة حتى نهاية الحياة ، ونسوا أن أساتذة الجامعة غالباً ما يعتنون ويحرصون على أن يزود معلم المستقبل بالمهارات والطرائق والوسائل التي تمكنه من متابعة تعلمه حتى بعد تخرجه .
وثمة أسباب عديدة تدعو لعدم توقف تعلم المعلم بتخرجه من الجامعة أو من دار المعلمين ، منها :
1- أن العلوم في تقدم مستمر وتطور دائم لذا كانت ضرورة متابعة الجديد في العلوم من تخصصه ، والجديد في مجال التربية من طرق تدريس ومناهج وعلم نفس تربوي .. وكل ما يتصل بمجال التربية والتعليم .
2- الطالب ربما يسأل معلمه سؤال إجابته ليست في المنهج المقرر مما يوقع المعلم الذي كبّل ووثّق نفسه بقيود المنهج في حرج . إلا أن بعض المعلمين ويا للأسف لا حرج لديهم ، فالزعيق والصراخ في وجه الطالب كفيل بإخماد أي شعلة معرفية تريد أن تتوقد ! .
3- أن المعلم الذي يتحمس للمعرفة ومتابعة التقدم معلم يترك في نفوس طلابه أطيب الأثر ويدفعهم للاحتذاء به في القراءة والاهتمام بالجديد من المعارف ، الأمر الذي يعود عليه وعلى طلابه بأطيب النفع واثمره . ومن المؤسف أن بعض المعلمين ليس لديهم الرغبة في القراءة مطلقاً ، فأوقات الفراغ لممارسة هوايات بعيد عن عملهم كلية !.
4- الجامعات لا تخرج المعلم بالمعنى الكامل التام إذا لم يعمل هو على تطوير نفسه . والمعلم التقليدي ينتهي تعلمه حال تخرجه في حين المعلم الحديث التربوي الحقيقي يستمر في تطوير نفسه علمياً وتربوياً طوال حياته المهنية لأنه يدرك أن \"آفة العلم النسيان \" وأن الماء الراكد إذا لم تجري عليه يد التحريك والتجديد يصبح محط الأوبئة والجراثيم .
5- أن تكرار الدروس وبالطريقة نفسها يجعل التعليم عملية مملة مستقبلاً، وتفقد الحيوية والنشاط والبهجة التي يشعر بها في بداية عمله بالتعليم .
6- من يعمل بالتعليم وليس خريجاً لكليات تربوية أو تعليمية وإن كان ممتازاً في تخصصه وذا باع طويل في مجال علمه ، وهو لا يعرف أبجديات التربية ؛ فإن طرق تدريسه وعمليات تعليمه لن تؤتي ثمارها غالباً بالمعنى المرجو المنشود لأنه يلجأ للمحاكاة والتقليد لمعلمين سابقين ، وتسير خطوات تعليمه بالمحاولة والخطاء ـ وكل هذا على حساب الطالب المسكين ـ وربما اعتاد على أساليب وطرق هشيمة خاطئة وهو يعتقد بجدارتها وفائدتها . مثلا أن يهتم بجانب من السلوك للطالب وهو الجانب المعرفي ويهمل الجانب الانفعالي الوجداني والسلوكي فيحفظ الطالب كتاب الوطنية أو التوحيد أو الحديث … دون التأثر بها وجدانياً بالمعنى الكامل . وفي الجانب المعرفي يقف عند المستوى الأدنى من المعرفة وهو الحفظ ويتغافل عن الفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم ، فالطالب يحفظ قواعد اللغة العربية ولا يفهمها أو يطبقها في حديثه ويحفظ شروح النصوص الأدبية دون أن ينقدها أو يقومها . هذا المعلم أيضاً يقلد زملاءه في صياغة الأهداف التربوية .. يستخدم العقاب كثيراً ويرى أنه الأبقى أثراً وأكثر دافعية للتعلم من الثواب ..يضع أسئلة تقويمية تقيس ذوي المستوى التحصيلي المتوسط فلا تشجع الضعيف على التعلم ولا تتحدى ذكاء المتفوقين لعدم مراعاته الفروق الفردية في التقويم والتعليم …وغيرها من المبادئ التي تعد من البديهيات التربوية والتعليمية .
وفي نهاية المطاف أقول للمعلمين القدماء أيضاً : إن المؤهل العلمي ليس عملة علمية صالحة للاستعمال الدائم ، وأن كثيراً مما تعلموه بالجامعة في وقتهم لم يعد مما تعترف به نفس الجامعة اليوم وتنظر إليه باعتباره من تراث الماضي ، وعلى المعلم متابعة الجديد حتى لا تأتي عليه عجلة التطور العلمي .


بقلم / فؤاد أحمد البراهيم

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-04-2005, 11:40 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

مؤسسات تربية الطفل العربي بين الواقع والمأمول

مقدمة
تولي اليوم كافة المجتمعات اهتماماً خاصاً بدراسة الطفولة ، لأن أنظار العالم اليوم متجهة صوب الغد ، وما تنبئ به التوقعات والرؤى المستقبلية من تطور وتقدم علمي وتكنولوجي، وتغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية ، ولا يمكن أن تقوم الدراسات المستقبلية ، دون دراسة العامل البشري الذي سوف يحمل على عاتقه كل هذه التغيرات المتوقعة ، وأن قدراته وما يتوقع منه من عطاء في المستقبل يتوقف على مستوى إعداده ، ومنن ثم فإن دراسة المؤسسات التي جندها المجتمع لتربية الطفل وتقييم دورها ، يصبح من الأمور المهمة .
وحيث إن السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل ، لها أهميتها ، فهي تمثل الدعامات الرئيسة للشخصية فإن الدراسة الحالية تستهدف تحديد شكل وواقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، وتستشرف الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه هذه المؤسسات ، لتصبح قادرة على تأدية دورها في تربية الطفل العربي التربية السليمة، ورعايته الرعاية التي تحقق إعداده للعيش في مجتمع المستقبل وتساعده على التوافق معه .

مشكلة البحث وأهميته :
ترتبط مشكلة هذا البحث بمستقبل الوطن العربي ، لأن أطفال الوطن العربي الذين سوف يشكلون مستقبله ، تقوم على رعايتهم مؤسسات أثبتت الدراسات عدم فعاليتها في القيام بدورها التربوي وتحقيق الحماية للأطفال فإذا علمنا : أن نصف مليون طفل عربي يموتون سنوياً بسبب الإهمال في رعاية الأطفال صحياً من مرض الإسهال وهذه النسبة هي حوالي 30 إلى 40 % من وفيات الأطفال الصغار ( 24 ـ 25 ) أضف إلى ذلك ما يعانيه الطفل العربي من سوء التغذية وإهمال في التعليم والثقافة ، كل ذلك يعبر عن وجود مشكلة حقيقية في مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ولذلك تتحدد مشكلة البحث الحالي في الإجابة عن هذا السؤال : ما واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ؟ .
أما أهمية هذا البحث تنبع من أهمية هذه المرحلة العمرية فهي فترة التطبيع الاجتماعي والتكيف مع البيئة وتحديد نوع وشكل العلاقات الاجتماعية مع الآخرين في المستقبل \"فإنه تتوقف قدرة الطفل ومهارته في تكوين علاقات اجتماعية مع الآخرين وبخاصة الأطفال في مثل سنه، على ما قد تكون لدى الطفل في سنوات حياته الأولى من شعور بالطمأنينة والاستقرار النفسي وثقة بالنفس\" ( 29 ـ 21، 22 ) ولا تتوقف آثار ذلك على مراحل الطفولة التي تلي مرحلة ما قبل المدرسة بل تتعداها إلى المراحل الأخرى في حياة الفرد ولهذا \"يؤكد سيرل بيرت أستاذ علم النفس الإنجليزي أن مرحلة الحضانة فترة جوهرية ومن الأهمية بمكان ، ففي أثنائها ترسي في الشخصية أسس الأخلاق الفاضلة ، كما توضع أيضاً بذور الانحراف المزاجي وأن أسس الاستعداد لممارسة الحياة الجماعية ، والحياة الأسرية ، والحياة المدرسية ، والحياة المهنية ، والحياة الزوجية ، هذه الأسس ترسي في مرحلة ما قبل المدرسة ( 20 ـ 15 ) \" .
أهداف البحث :
يهدف البحث إلى التعرف على واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، واستشراف ما ينبغي أن تكون عليه هذه المؤسسات لتصبح قادرة على تلبية احتياجات طفل هذه المرحلة .
أسئلة البحث :
يسعى البحث للإجابة عن الأسئلة الآتية :
1 ـ ما الواقع الفعلي لمؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ؟
2 ـ ما مستوى قدرة مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة أداء وظائفها ؟
3 ـ ما ينبغي أن تكون عليه مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ؟
الدراسات السابقة :
(1) دراسة سيدة حامد عبد العال ، تقييم القصة المقدمة لطفل ما قبل المدرسة ، 1985 ، ( 14 ـ ـ ) .
تهدف الدراسة إلى تقييم القصة المقدمة لطفل ما قبل المدرسة . ولتحقيق هدف الدراسة قامت الباحثة :
بتحليل القصص المقدم للأطفال ، وإجراء مقابلات مع 150 أب وأم و 12 مديرة حضانة .
وتوصلت الدراسة إلى نتائج منها : ـ
ـ أن كمية القصص المحلية ونوعها لهذه المرحلة العمرية لازال قاصراً عن إشباع حاجة الطفل المصري .
ـ عدم اشتمال رسوم القصص على الوضوح والبساطة .
ـ عدم اهتمام القصة ببيئة الطفل المصري .
ـ افتقار القصة إى التعريف بالوطن وأمجاده ومشكلاته .
(2) دراسة (هويدة حنفي محمود )، أثر الالتحاق بدور الحضانة على التحصيل الدراسي والسلوك الاجتماعي لتلاميذ المرحلة الابتدائية ، 1985 ( 31 ـ ) .
تهدف الدراسة إلى التعريف على أثر الالتحاق بدور الحضانة على التحصيل الدراسي لمادة القراءة والكتابة ، ومادة الحساب وعلى السلوك الاجتماعي لدى أطفال الصف الأول الابتدائي .
لتحقيق أهداف الدراسة قامت الباحثة :
باستخدام اختبار رسم الرجل لقياس ذكاء الأطفال واستمارة المستوى الاجتماعي الاقتصادي لقياس التكييف ، واختبار تحصيل في مادة الحساب واختبار تحصيل في مادة اللغة العربية .
طبقت الباحثة الأدوات على عينة مكونة من 400 تلميذ بالصف الأول الابتدائي منهم 200 طفل التحقوا بدور الحضانة ، و200 طفل لم يلتحقوا بدور الحضانة .

وتوصلت الدراسة إلى نتائج منها : ـ
ـ عدم وجود فروق في درجات مادة الحساب ومادة اللغة العربية بين الأطفال الذين التحقوا بدور الحضانة ، والأطفال الذين لم يلتحقوا بها.
ـ وجود فروق على مقياس التكييف الاجتماعي بين الأطفال الذين التحقوا بدور الحضانة ، والأطفال الذين لم يلتحقوا بها لصالح الأطفال الذين التحقوا بدور الحضانة .
(3) دراسة إريك جيمس :أثر السنة الإضافية بدور الحضانة على الأطفال متأخري النمو ، 1993 ( 32 ـ ـ )
تهدف الدراسة إلى تحديد قيمة السنة الإضافية للأطفال متأخري النمو في رياض الأطفال قبل المدرسة الابتدائية .
اعتمد الباحث لتحقيق هدف الدراسة على برنامج مستوى تحصيل المهارات الاجتماعية ، واختبارات تحصيلية .
وطبق أدواته على تلاميذ الصف الأول الابتدائي في 15 مدرسة بولاية أريزونا .
توصل الباحث إلى نتائج منها : ـ
ـ تشير النتائج الكمية إلى فروق ذات دلالة للاختلاف بين التلاميذ الذين التحقوا بالسنة الإضافية برياض الأطفال قبل المدرسة والأطفال الذين لم يلتحقوا برياض الأطفال في التحصيل والقراءة ودقة اللغة لصالح التلاميذ الذين التحقوا بالسنة الإضافية برياض الأطفال .
ـ وتشير المعطيات الكيفية لتطبيق برنامج مستوى تحصيل المهارات الاجتماعية إلى أن الأطفال الذين التحقوا برياض الأطفال لهم مهارات اجتماعية عالية . (4) دراسة : خالد أحمد العامودي ، التلفزيون والأطفال إيجابية الاستخدام وسلبياته في المجتمع السعودي ، 95 ( 6 ـ ــ ) .
تهدف الدراسة إلى التعرف على دور التلفزيون في حياة الأطفال في المجتمع العربي السعودي . وأهم السلبيات المتوقعة للاستخدام غير الواعي للتلفزيون في عصر استقبال البث التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية .
وتوصلت الدراسة إلى نتائج منها :
ـ يؤدي افتقار البرامج الجادة والهادفة المنتجة محلياً إلى التركيز على مشاهدة البرامج المنتجة في الدول الأجنبية مما يؤدي إلى إحلال المفاهيم والقيم الغربية .
ـ ترسيخ الاعتقاد عن طريق البرامج الأجنبية بأن الطريق الوحيد للتقدم والتحديث هو طريق العالم الغربي .
ـ يشغل التلفزيون الأطفال عن الاهتمام بنشاطات أخرى كالقراءة واكتساب خبرات جديدة من خلال التعامل .
خطوات البحث ومنهجه :
استخدم الباحث المنهج الوصفي واستخدم الاستبيان كأداة لجمع البيانات . وقام الباحث بالخطوات الآتية : ـ
ـ تحديد مشكلة البحث والتساؤلات التي تفيد الإجابة عنها في وصف المشكلة وطرح الحلول لها .
ـ اعتمد الباحث على المراجع العلمية في وصف واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة .
ـ قام الباحث بدراسة ميدانية للتعرف على مدى قدرة مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة على تأدية بعض وظائفها وذلك في مجتمعين عربيين هما مصر واليمن .
ـ وضع الباحث رؤية استشرافية لما ينبغي أن تكون عليه مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة .
مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي .
رؤية مستقبلية لمؤسسات تربية الطفل العربي
في مرحلة ما قبل المدرسة

إن التربية لا تقف عند حد تقييم الواقع ، إنما تقوم بتقييمه من أجل رسم صورة المستقبل بشكل أفضل ، فالتربية هي تربية من أجل المستقبل ، ولذلك فإن الدور الاستشرافي للتربية هو أهم أدوارها ، وفي هذه الدراسة تناول الباحث واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قل المدرسة . بهدف التوصل إلى الصورة المأمولة التي ينبغي أن تكون عليها هذه المؤسسات من أجل تربية أفضل للطفل العربي ، ومستقبل أفضل للأمة العربية .
أولاً : الصورة المأمولة للأسرة العربية
إن الأسرة هي ذلك المحيط الاجتماعي ، الذي ينهل منه الطفل القيم والعادات والتقاليد ، ويكتسب منه اللغة والعقيدة والسلوك ، وهي أول جماعة يتفاعل معها الطفل، وتمثل بالنسبة له في سنوات العمر الأولى كل عالمه ، فإن صلحت صلح الطفل ، وإن فسدت فسد ، وينبغي الارتقاء بمستوى الأسرة الاقتصادي ، والاجتماعي والثقافي، والعمل على إزالة المعوقات التي تعوق الأسرة عن قيامها بدورها في تربية وإعداد أطفالها، ومن ثم تصبح بيئة صالحة لتربية أطفال أسوياء .
إن أولى الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل تحقيق ذلك ، الاهتمام بالأم وثقافتها التربوية ؛ لأن للأم دورها الفعال في تربية الطفل وتنمية قدراته وهي التي تتحمل العبء الأكبر في تنشئة الطفل تنشئة اجتماعية في فترة طفولته المبكرة ، والاهتمام بالأم يأتي عن طريقين الطريق الأول هو الاهتمام بثقافة الأم التربوية ويتحقق ذلك بأن تشتمل المناهج والمقررات الدراسية لتعليم الفتاة في الوطن العربي على التربية الأسرية وتبدأ هذه المقررات من مراحل التعليم الإلزامية وتمتد إلى الجامعة ، مهما كان نوع التعليم الجامعي الذي تتلقاه الفتاة ، طب ، هندسة ، تجارة ، .. .. إلخ ، بأن تتضمن هذه المقررات التنشئة الاجتماعية والصحة النفسية للأطفال وأدب الأطفال ، وكتب الأطفال ، وعلم نفس النمو ، والاقتصاد المنزلي، وصحة الطفل .
ويكون اجتياز هذه المقررات شرطاً أساسياً للنجاح في المراحل الدراسية المختلفة .
وهناك رافد آخر من الروافد التي يمكن أن تقدم من خلالها الثقافة التربوية للمرأة العربية ، وهي وسائل الإعلام ، بأن تكون هناك صحف ومجلات متخصصة في تقديم الثقافة التربوية للمرأة بشكل دوري وجاد ، على أن لا تتحول هذه الصحف والمجلات إلى تقديم أحدث \"الموضات\" وتسريحات الشعر الأوربية .
كما أن الإذاعة والتلفاز يمكن أن يؤديا دوراً مهماً في تقديم هذه الثقافة ، خاصة وأن التلفاز قد دخل كل بيت في القرية أو المدينة ، وهذا يستلزم زيادة عدد ساعات برامج المرأة بحيث تكفي لتحقيق ما نصبوا إليه من أهداف تثقيف المرأة تربوياً ، وأن يقوم بإعداد وتقديم هذه البرامج مجموعة من المتخصصين المدربين تدريباً عالياً في مجال التربية الأسرية .
إضافة إلى ذلك تقوم الهيئات والمؤسسات المعنية بالأمومة والطفولة في الوطن العربي بإصدار كتب خاصة بالتربية الأسرية تقدم للمرأة العربية هذه الثقافة ، على أن تكون أثمان هذه الكتب في متناول كافة المستويات .
وإن هذا لا يتحقق إلا من خلال التنسيق بين كافة الأجهزة في شتى الأقطار العربية، والاستعانة بالخبرات المتخصصة في هذا المجال .
وإن هذا التصور المقترح لرفع مستوى الثقافة التربوية لدى المرأة العربية هو أول وأهم أركان خلق أسرة قادرة على تربية أطفالها تربية سوية .
أما الطريق الثاني في الاهتمام بالأم ، هو الاهتمام بصحتها ، المعروف صحياً أنه لضمان صحة الطفل لا بد وأن تكون الأم بصحة جيدة ، وأن تكون خالية من الأمراض الوراثية ، والتي يمكن أن تورثها لطفلها ، وتتطلب العناية بصحة الأم أن يجند المجتمع مؤسساته الطبية لرعاية الأم في مرحلة الحمل وأن تقوم مكاتب أسرية خاصة بدراسة الحالة الصحية لراغبي الزواج من الجنسين وعمل التحاليل الطبية اللازمة لإثبات خلوهما من الأمراض الوراثية .
من الأسباب التي تعوق الأسرة عن تأدية واجباتها تجاه أطفالها انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة ، وعلى الأطفال العربية أن تتكاتف لحل المشكلات الاقتصادية التي تواجه بعض هذه الدول وأن تدفع بحركة التنمية الاقتصادية في الوطن العربي ، وأن ينشأ صندوقاً للنقد العربي يسهم في حل المشكلات الاقتصادية ، وأن يفتح المجال أمام الأسر ذات الدخل المنخفض لتحسين أحوالهم كما أن المجتمع يمكنه مساعدة هذه الأسر عن طريق توفير الرعاية الطبية والتعليمية وكافة الخدمات الاجتماعية لأطفالها بالمجان ، على أن تكون خدمات حقيقية وبنفس المستوى الذي يقدم لغيرهم من الأسر القادرة بمقابل مادي .
تعد مشكلة استخدام المربيات الأجنبيات من المشاكل ذات الثر السيئ في تربية الطفل العربي داخل الأسرة العربية ، وإن القضاء على هذه المشكلة يستلزم إصدار تشريعات تمنع جلب المربيات الأجنبيات إلى البلاد العربية ، وأن يكون البديل تحسين أوضاع دور الحضانة ورياض الأطفال للاستغناء عن هذه العمالة الأجنبية .
وقد يساعد ذلك في بناء أسرة عربية ذات في بناء أسرة عربية ذات ثقافة تربوية ومستوى اقتصادي مرتفع ، تصبح قادرة على تنشئة الأطفال التنشئة الاجتماعية السليمة واتباع الطرائق والأساليب التربوية ، وأن أسرة بهذا المستوى الثقافي ، لابد وأن يسودها الوفاق وتصبح قادرة على حل مشكلاتها ، وإن كان المجتمع هو مجموع أسرات، والأسرة هي اللبنة في بناء المجتمع ، فإن على الأقطار العربية أن تبذل جهودها من أجل الارتقاء بالأسرة العربية ، وهذا يعد استثماراً يفوق عائدة كافة استثمارات ، وسوف تُجْنَى ثمار هذه الجهود في أطفال الغد ..
ثانياً : الصورة المأمولة لرياض الأطفال
حيث إن رياض الأطفال أصبحت ضرورة اجتماعية وتربوية ، لا يمكن للمجتمع العربي تربية أطفاله وإعدادهم الإعداد الأمثل بدونها ، فإنه ينبغي أن تصبح هذه الرياض قادرة على تأدية دورها في تربية الطفل العربي وهذا يستلزم اتخاذ خطوات إيجابية للارتقاء بمستوى رياض الأطفال في الوطن العربي ..
1 ـ أن تصبح هذه الرياض كافية لاستيعاب جميع أطفال العرب في سن ما قبل المدرسة ، وأن تكون موزعة في شتى المناطق سواء المدن أم القرى حسب نسبة تواجد الأطفال ، وهذا يستلزم بالضرورة إنشاء هيئة قومية لرياض الأطفال على مستوى الوطن العربي ، وهيئة مماثلة في كل قطر عربي على أن تكون هذه الهيئات تنفيذية وليست استشارية ولها كافة الصلاحيات في إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال ، وأن تتوافر لها مصادر التمويل اللازمة .
2 ـ العناية بالمباني والتجهيزات ، هناك مواصفات خاصة بمباني وتجهيزات رياض الأطفال ، وإن زيادة الكم التي ينبغي ألا تكون على حساب الكيف ، ومن الشروط العامة أن يختار موضع الدار بعيداً عن مصادر الخطر ، والضوضاء ، وأن يتلاءم تصميمه الهندسي مع احتياجات الأطفال وأن يكون صحياً بدخول الشمس والهواء ، وأن تتوافر له حديقة وملاعب وأن يجهز بأثاث يناسب الأطفال .
3 ـ الاهتمام بإعداد معلمة رياض الأطفال ، الإعداد التربوي المناسب لمعلمة رياض الأطفال من أهم أركان فعالية الرياض ، فإذا أعدت المعلمة الإعداد الجيد ، نجحت دور الحضانة ورياض الأطفال في مهمتها التربوية ولتحقيق الآمال المنشودة في زيادة عدد رياض الأطفال في الوطن العربي مما يتطلب عدداً أكبر من المعلمات يمكن اتباع نظامين لإعداد معلمات دور الحضانة ورياض الأطفال .
الأول : معاهد متوسطة ( سنتان )
وتقبل هذه المعاهد الحاصلات على مؤهلات متوسطة أو ثانوية عامة وتجرى اختبارات قبول للمتقدمات للكشف عن قدراتهن على الابتكار و الإبداع وحسن التصرف في المواقف الاجتماعية ، مدى ثقافتها وسعة اطلاعها والتأكد من حسن مظهرها وهندامها .
ـ إجراء كشف طبي دقيق للتأكد من خلوها من الأمراض المعدية والعاهات والتشوهات .
ـ التأكد من خلوها من الأمراض النفسية والعصبية وعيوب النطق كالتهتهة واللثغاء .
وتكون الدراسة بهذه المعاهد لمدة عامين دراسيين وتقوم خطة الدراسة فيها على مجموعة مقررات تربية الطفل ومع الاهتمام باللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ والدراسات القومية والوطنية ، وأن تبتعد هذه المعاهد عن طرائق وأساليب ومناهج التعليم التقليدية ، بل تركز اهتمامها على المهارات والإبداع والابتكار وكل الوسائل الحديثة لإحداث تعليم متميز .
الثاني : كلية التربية ورياض الأطفال (أربع سنوات)
النظام الثاني لإعداد معلمات رياض الأطفال يتم عن طريق كليات رياض الأطفال وهي كليات خاصة بإعداد معلمة الرياض ، وعن طريق كليات التربية بأن يلحق قسم بكلية تربية على مستوى الوطن العربي خاص بإعداد معلمة رياض الأطفال ، ويتم القبول في هذه الأقسام والكليات وفقاً للائحة الجامعة التابعة لها وكذلك بالنسبة للمقررات التي تدرس بها وعدد الساعات ، ويمكن للأقطار العربية التي لم يسبق لها إنشاء كليات وأقسام رياض الأطفال الاستعانة بالأقطار الأخرى التي استقرت فيها أوضاع هذه الأقسام والكليات .
4 ـ العناية بمناهج رياض الأطفال ، اختيار المناهج المناسبة لأطفال هذه المرحلة التي تحقق لهم متطلبات نموهم وحاجاتهم وتساعدهم على تنمية قدراتهم واستنفار طاقتهم وتشجعهم على الابتكار والإبداع . إذا اهتمت الأقطار العربية باتخاذ ما سبق عرضه سوف تصبح لديها دور رياض أطفال تستطيع أن تقوم بدورها الكامل في تربية أطفال العرب في مرحلة ما قبل المدرسة التربية المنشودة .

ثالثاً : الصورة المأمولة لإعلام الطفل :
حيث إن الإعلام أصبح من المؤسسات التي لها قدرة ، ربما تفوق المؤسسات الأخرى في التأثير على الأطفال ، ومن أجل أن يصل بدوره في تربية الأطفال العرب إلى المستوى الذي يحقق حمايتهم من محاولات الهيمنة الثقافية الأجنبية ، وتنمية قدراتهم العقلية والاجتماعية والنفسية وتزويدهم بالعلوم والمعارف العصرية فإن ذلك يستلزم:ـ
1 ـ التنسيق بين أجهزة ووسائل الإعلام المختلفة في داخل القطر العربي الواحد وبين كل هذه الوسائل على مستوى الوطن العربي .
2 ـ العمل من خلال خطة عربية موحدة لإعلام الطفل العربي .
3 ـ إنشاء مجلس عربي لإعلام الطفل .
4 ـ إعداد كوادر علميه في مجال إعلام الطفل (مسرح ـ سينما ـ تلفاز ـ إذاعة ـ صحافة ) عن طريق معاهد عربية متخصصة .
5 ـ تمويل مشروعات إعلام الطفل العربي ، بحيث يصبح الوطن العربي قادراً على إنتاج مواد إعلام الطفل .
6 ـ إنشاء دور نشر عربية خاصة بكتب الأطفال .
7 ـ الاعتماد على الكتاب العرب في كافة وسائل إعلام الطفل ، ومنع استيراد المواد الإعلامية الأجنبية .
8 ـ الاستعانة بالتراث العربي ، فيما يقدم للأطفال العرب .
وبهذا يصبح إعلام الطفل العربي فعالاً في مجال تربية وإعداد وتثقيف الطفل العربي. وسياج أمان يحميه من محاولات الهيمنة الثقافية والفكرية من القوى الأخرى .

خلاصة النتائج والتوصيات
أولاً النتائج :
يعرض الباحث لبعض النتائج المستخلصة من تحليل واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، والمستخلصة من الدراسة الميدانية وهي :
1 ـ الأسرة العربية بوضعها الحالي أصبحت غير قادرة على تقديم تربية متكاملة لطفل مرحلة ما قبل المدرسة وذلك بسبب : ـ
أـ ما تواجهه الأسرة من متغيرات اجتماعية أثرت على حجمها وشكلها وعلاقاتها.
ب ـ ما تعانيه الأسرة من ظروف اقتصادية .
جـ ـ قصور الثقافة التربوية لدى الأم .
د ـ استخدام المربيات الأجنبيات .
2 ـ دور الحضانة ورياض الأطفال ، لا تستطيع القيام بدورها في تربية الطفل العربي تربية تتلاءم مع طبيعة العصر ومتطلبات المستقبل وذلك بسبب : ـ
أ ـ نقص عدد دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي عن ما ينبغي أن تكون لاستيعاب الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة .
ب ـ النقص الشديد في معلمات رياض الأطفال المتخصصات .
جـ ـ عدم ملاءمة المباني الحالية لدور الحضانة ورياض الأطفال .
3 ـ وسائل إعلام الطفل العربي لا تستطيع القيام بوظائفها لتربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة وذلك بسبب : ـ
أ ـ اعتماد وسائل إلام الطفل العربي على المواد الإعلامية الأجنبية .
ب ـ قلة الإنتاج العربي في مواد إعلام الطفل .
جـ ـ التركيز على الهدف الترويحي من بين أهداف إعلام الطفل وإهمال الأهداف الأخرى .
د ـ عدم وجود خطة عامة لوسائل إعلام الطفل العربي على مستوى القطر أو الوطن لتتكامل هذه الوسائل فيما بينها .

ثانياً التوصيات :
توصي الدراسة بما يلي :
1 ـ الاهتمام بالثقافة التربوية للأسرة عن طريق :
ـ إدخال مناهج التربية الأسرية في مناهج التعليم العام والجامعي .
ـ زيادة مساحة البرامج التربوية في وسائل الإعلام .
ـ عقد دورات تربوية تثقيفية للأمهات والآباء .
2 ـ مساعدة الأسرة على التخلص من مشكلاتها الاقتصادية .
3 ـ التوسع في إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال لتصبح كافية لاستيعاب أطفال مرحلة ما قبل المدرسة .
4 ـ إنشاء معاهد وكليات لإعداد معلمة رياض الأطفال .
5 ـ وضع خطة عاملة لوسائل إعلام الطفل العربي .
6 ـ تشجيع الإنتاج العربي لمواد إعلام الطفل والاعتماد عليه .
7ـ الانتقاء عند اختيار مواد إعلام غربية حتى لاتؤثر على هوية الأطفال العرب.



د/ أحمد مختار مكي


قائمة المراجع
أولاً : المراجع العربية :
1 ـ إبراهيم خليفة ، المربيات الأجنبيات في البيت العربي الخليجي ، الرياض : مكتب التربية لدول الخليج ، 1405هـ .
2 ـ إبراهيم عصمت مطاوع ، \" استراتيجية طفل ما قبل المدرسة \" المؤتمر الأول لتطوير برامج إعداد معلمات دور الحضانة ورياض الأطفال ، القاهرة : المجلس القومي للطفولة والأمومة .
3 ـ أحمد سليمان عودة وخليل يوسف الخليلي ، الإحصاء للباحث في التربية والعلوم الإنسانية، عمان : دار الفكر للنشر والتوزيع 1988.
4 ـ المجلس العربي للطفولة والتنمية ،دراسة تحليلية عن واقع رياض الأطفال في الوطن العربي ، القاهرة : المجلس العربي للطفولة ، 1989 .
5 ـ حسين عبد الحميد أحمد ،الطفل دراسة في علم الاجتماع النفسي ، إسكندرية : المكتب الجامعي الحديث ، 1992 .
6 ـ خالد أحمد العامودي ، التلفزيون والأطفال إيجابية الاستخدام وسلبياته في المجتمع السعودي ،مجلة رسالة الخليج العربي ، عدد 56 ، الرياض مكتب التربية العربي لدول الخليج ، 1995 ، ص ص 91 : 139 .
7 ـ خضير سعود الخضير ،المرشد التربوي لمعلمات رياض الأطفال بدول الخليج العربي، الرياض : مكتب التربية العربي لدول الخليج ، 1986.
8 ـ رناد الخصيب ، تربية طفل الروضة نشأة وتطور تاريخي ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1991 .
9 ـ دوجلاس ماكنوش ، الإحصاء للمعلمين ، ترجمة إبراهيم بسيوني عميرة ، القاهرة : دار المعارف (الطبعة الرابعة)،1986 .
10 ـ رمزية الغريب ،التقويم والقياس النفسي ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية، 1970 .
11 ـ زكريا إبراهيم وآخرون ،الطفل العربي والمستقبل ، الكويت : كتاب العربي 1989 .
12 ـ زينب محمد فريد، دراسات في التربية، القاهرة :مكتبة الأنجلو المصرية ، 1982 .
13 ـ سرجيو سبيني ،التربية اللغوية للطفل ، ترجمة (فوزي عيسى وعبد الفتاح حسن ) القاهرة : دار الفكر العربي ، 1991 .
14 ـ سيدة حامد عبد العال ، تقييم القصة المقدمة لطفل ما قبل المدرسة ، رسالة ماجستير ، معهد الدراسات العليا للطفولة ، جامعة عين شمس ، 1985 .
15 ـ عبد العزيز الشنتاوي ، \"واقع رياض الأطفال في الوطن العربي\" ، رياض الأطفال في الوطن العربي الواقع والمستقبل ، القاهرة المجلس العربي للطفولة والتنمية ، 1989 .
16 ـ عزة خليل عبد الفتاح ، روضة الأطفال مواصفاتها وبناؤها وتأسيسها وأسلوب العمل بها ، القاهرة : دار الفكر العربي ،1994 .
17 ـ عواطف إبراهيم محمد ، المفاهيم العلمية والطرق الخاصة برياض الأطفال، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ،1993 .
18 ـ فايز قنطار ، الأمومة ـ نمو العلاقة بين الطفل والأم ، الكويت : المجلس الوطني للفنون والآداب ( عالم المعرفة ) ، 1993 .
19 ـ فتحية حسن ، تربية الطفل بين الحاضر والماضي ، القاهرة : دار الشروق 1979 .
20 ـ فوزية دياب ، نمو الطفل وتنشئته بين الأسرة ودور الحضانة ، القاهرة : مكتبة النهضة المصرية (الطبعة الثانية) ، 1980 .
21 ـ ……………… ، دور الحضانة ، القاهرة : مكتبة النهضة المصرية (الطبعة الثانية) ، 1986 .
22 ـ كلير فهيم ، المدرسة والأسرة والصحة النفسية لأبنائنا ، القاهرة : دار الهلال ، 1983 .
23 ـ محمد حسن الألفي ، (طفل سوبر ) ، نحو طفولة عربية أفضل ، القاهرة : المجلس العربي للطفولة والتنمية ، 1989 .
24 ـ محمد عباس خضير ، سمير سالم الميلادي ، واقع الطفل في الوطن العربي،القاهرة : المجلس العربي للطفولة والتنمية،1989 .
25 ـ محمد عماد زكي ، تحضير الطفل العربي للعام 2000 ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1990م .
26 ـ محمود طنطاوي دنيا ، أصول التربية ، الكويت : وكالة المطبوعات، 1996 .
27 ـ منير المرسي سرحان ، في اجتماعات التربية ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، (الطبعة الرابعة ) 1986 .
28 ـ نورية علي حمد وآخرون ،الأسرة والمسألة السكانية في الجمهورية اليمنية، صنعاء : المجلس الوطني للسكان ، 1996 .
29 ـ هدى الناشف،رياض الأطفال ، القاهرة:دار الفكر العربي، 1989.
30 ـ هدى قناوي ، الطفل ـ تنشئته وحاجاته ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، 1983 .
31 ـ هويدة حنفي محمود \" أثر الالتحاق بدور الحضانة على التحصيل الدراسي والسلوك الاجتماعي لتلاميذ المرحلة الابتدائية\"، رسالة ماجستير ـ كلية التربية ـ جامعة الإسكندرية، 1985.


ثانياً المراجع الأجنبية :
32 – Eric James , Gundrum , the impact of an extra year of school on developmentally Delayed Kindergarten students \" Ed. D, Northern Arizona university , 1993 .
33 – Joseph F . Callahan , Leonrd H . clark ,Foundation of Education , N. Y. Mecmillan Publishing , 1983 .
34 – Joseph T . Klapper , The Effects of Mass Communication ,N.Y. : The free Press, 1960 .

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-04-2005, 11:41 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

أسس المنهج وأركانه

للمناهج الدراسية دوراً هاما وبارزاً في حياة البشر فهي الأداة الفعالة التي تستخدمها المجتمعات في بناء وتشكيل شخصية الأفراد المنتمون لها ، وفقـا لفلسفاتها وثقافاتها ومعتقداتها. فمن المعروف أن المناهج الدراسية تعكس تطلعات وطموحات هذه المجتمعات وأمالها في أجيالها القادمة، كما تعكس الواقع التي تعيشه هذه المجتمعات وما تعانى به من أحداث وما يمر بها من أزمات، وقد فطنت بعض الدول إلى هذه الحقيقة وأجرت تعديلات واسعة وشاملة وأحدثت تغيرات هائلة في مناهجها الدراسية، مما أدى إلى ظهور طفرات هائلة في تقدم هذه الدول على كافة الأصعدة، وفي كافة مجالات الحياة، وحققت تقدماً مذهلاً في شتى ضروب العلم والمعرفة، وقد فطن التربويون والباحثون في مجال التربية عن خطورة المناهج الدراسية والدور الهام التي تقوم به في تنشئة أجيال من الدارسين والمتعلمين، وإكسابهم المهارات والعلوم التي تساعدهم في النمو المتكامل لشخصياتهم، وكذلك النهوض بمجتمعاتهم.

وقد أشار إلى ذلك الدكتور خليفة السويدي الأستاذ المساعد بقسم المناهج وطرق التدريس في جامعة الإمارات بمحاضرة ألقاها يوم 6/10/2003م بالمجمع الثقافي في أبوظبي بعنوان «التربية في دولة الإمارات، تحديات وآمال» إلى التحديات التي تواجه العملية التربوية في العالم والتي تم تحديدها من خلال علم صناعة المستقبل الذي يعد من اشهر علوم التربية الحديثة وهذه التحديات هي تحدي كسر الحواجز والتي تتضمن مشكلة الانسلاخ من الهوية.

كما يذكر الدكتور محمد الرميحي في كتابه أحاديث عربية عن أسئلة وإجابات في المسألة التربوية الصادر عام 1991م أنه في شهر أغسطس 1981م شكل وزير التربية والتعليم في الولايات المتحدة الأمريكية لجنة من ثمانية عشر عضوا لدراسة نظام التعليم في أمريكا وتقديم مقترحات لإصلاحه. وخرجت بتقرير خطير كان عنوانه (( أمة في خطر )) فيه إدانة كاملة لنظم التعليم السائدة في أمريكا. وكذلك فعل الاتحاد السوفيتي السابق عندما أصدر قرارا موجها في ابريل من عام 1984م بإقامة كليات تقنية وعملية وزيادة سنوات الدراسة العامة من عشر سنوات إلى إحدى عشر سنة، وغيرها من القرارات التعليمية التي كان الهدف منها رقي المجتمع السوفيتي.

والتطور لم يقتصر على الاختراعات و الصناعات المختلفة، فقد كان متوافقا مع التطور في المجال التربوي والتعليمي، لأن المجالين يكمل بعضه بعضاً، ولأن التطور التقني يتطلب قدرات متطورة وعالية لدى العاملين لكي يستطيعوا مواكبة التطور التقني.

وقد ارتفعت أصوات المفكرين الجادين من التربويين العرب والمسلمين لإجراء ثورة في أساليب التربية والتعليم في مدارسنا، وإعادة النظر في المناهج والكتب المدرسية والوسائل التي تمكن المدرسة من أداء عملها على الوجه الأكمل. والكثير منهم يشتكي ضعف المناهج الحالية لأنها تدور في حلقة مفرغة، فيها من الثوابت أكثر من المتغيرات. والحياة بطبيعتها متغيرة.
وبرغم المحاولات الجادة إلى تصنيف الأسس التي تبنى عليها المناهج بغرض الدراسة إلا أن هذه التصنيفات تختلف من باحث تربوي لآخر. ومن هذه الأسس التي يعتمد عليها المنهج
1- الخبرة
2- التلميذ
3- البيئة
4- المجتمع .
و اختلاف نظرة العلماء لتعريف المنهج أدت إلى اختلاف تركيزهم على الأسس التي يبنى عليها المنهج. وقد تناول الباحثون هذه الأسس وطبيعتها وطرق الاستفادة منها في بناء المنهج الدراسي.
ويدعو الكثير من التربويين إلى التعامل مع هذه الأسس والاهتمام بها حسب أولويتها. فمعاملة المعلم تختلف عن معاملة المحتوى.
فعلى سبيل المثال التعليم التقليدي يركز على ثلاثة محاور أساسية وهي المعلم والمتعلم والمعلومة ويواجه هذا النوع من التعليم في هذا العصر بعض التحديات مثل:
1- الزيادة الهائلة في أعداد السكان وما ترتب عليها من زيادة في أعداد الطلاب.
2- قلة أعداد المعلمين المؤهلين تربويا.
3- الانفجار المعرفي الهائل وما ترتب عليه من تشعيب في التعليم.
4- القصور في مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
والنظرة العامة لمناهج التعليم في أي دولة يجب أن تكون نظرة شاملة فاحصة وليس وفق سياسة ترقيعية تصلح هذا وتدمج ذاك. ولهذا فقد بات الضروري أن يكون هناك توجه حقيقي نحو التطوير، ليشمل المناهج من جوانبها المختلفة، فينعكس إيجابيا على العملية التربوية، شاملة إيجاد مناهج تلبي متطلبات المجتمع في التنمية، وتساير ما يحدث من تقدم في العديد من المجالات، وما يجرى الآن في المملكة العربية السعودية هو ما يمكن أن نطلق عليه سنوات إعادة النظر في كل شيء ومنها المناهج .. ففي مقابلة أجرتها جريدة الرياض في عددها الصادر يوم الخميس الماضي الموافق 12/8/1424هـ مع الدكتور عبدالاله المشرف مدير عام المناهج بوزارة التربية والتعليم ذكر أن هناك مشروعا وطنيا شاملا لتطوير المناهج تنفذه الوزارة حاليا يهدف إلى تطوير العملية التعليمية من خلال بناء المحور الأساسي منها وهو تطوير المناهج. واللافت للنظر في هذه العملية غياب العمل التنظيمي الأهلي والمؤسسي في تطوير المناهج مما يلقى بثقل كبير على العاملين في الميدان التربوي في دراسة المشكلات التي تتعلق بتنفيذ المناهج الدراسية أو البرامج التعليمية واقتراح الحلول المناسبة لها. وكذلك اقتراحالقوة والضعف في المناهج الدراسية.وكذلك اقتراح الوسائل التعليمية المناسبة لخدمة المناهج الدراسية.

إعداد / فيصل حمدان الشمري
مشرف الارشاد الطلابي
بمدارس الهيئة الملكية بالجبيل

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-04-2005, 11:42 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

مفهوم المنهج وتعرفيه وعلاقته بالمفاهيم الأخرى

ساهم التطور الحديث في مختلف الأصعدة إلى تطور النظرة إلى مختلف العلوم ومنها المناهج، فلم يعد المنهج مقصورا على ما تقدمه المدرسة من مقررات دراسية وإنما أصبح المنهج يشمل كل ما يقدم للطالب من خبرات تربوية مخطط لها بهدف النمو الشامل لهم.
وهذه النظرة جاءت بسبب التطور الكبير والانفجار المعرفي والذي ترتب عليه زيادة المسؤوليات والواجبات.
وبالتالي فما يقدم للتلاميذ يجب أن يكون مخططا له بعناية حتى يستوعب هذه التغيرات المتتالية.
وهذا يعني أن مسؤولية ما يقدم للتلاميذ لا يقتصر على وظيفة المدرسة والعاملين بها وإنما يشترك فيه العديد من المؤسسات في المجتمع بهدف بناء جيل صالح .
وكما هو في بقية العلوم الإنسانية اختلفت نظرة المختصين في علم التربية في تعريفهم للمنهج وتدور معظم هذه التعاريف ضمن مجموعتين:
1-التعاريف التقليدية والتي تشير للمنهج الدراسي على أنه المقرر الدراسي.
2-التعاريف الحديثة والتي ترى أن المنهج هو كل ما يقدم للطالب من خبرات تعليمية تهيؤها المدرسة للتلاميذ داخلها أو خارجها بقصد مساعدتهم على نمو شخصياتهم نموا شاملا متوازنا وفقا للأهداف التربوية.
وبالرغم من إشكالية تحديد التعاريف في العلوم الإنسانية بصفة عامة إلا أنني أكاد أكثر اقتناعا أن الواقع المنشود يؤكد أن التعريف الحديث هو الذي يعطي صوره واقعية عن المنهج المدرسي.

ويلقى تحديد المفاهيم في العملية التربوية اهتماما خاصاً لما قد يبنى عليه من سلوكيات لاحقة فالمعلم الذي يؤمن أن المنهج مقصور على الكتاب الدراسي لن يكلف نفسه الخروج عن النص بينما الآخر قد يلجأ لأنشطة معززة تساعد ولو نسبيا في تحقيق أهداف المنهج.

كما أنني أعتقد أن إيمان المعلم بالمفهوم الواسع للمنهج قد يدفعه للإبداع والتطوير. واذكر هنا تجربة أحد الزملاء المعلمين لمادة الاجتماعيات في مدارس الهيئة الملكية والذي خصص موقعا لمادته يتضمن سجلا للزوار يتواصل من خلاله مع العديد من طلابه وأولياء أمورهم، كما أنه يقوم كثيرا باستخدام عروض البوربوينت في إيصال مادته العلمية.

وما نلمسه في مناهجنا من أنشطة ومواد علمية تدفعنا للقول أن المناهج في المملكة بنيت على المفهوم الضيق للمنهج مع بعض التصرف... والمحزن حقا أن نجد أن التعريف الحديث والواسع للمنهج يكون أكثر وضوحا في المناهج التي تقدم للطلاب في الدول المتقدمة مثل أمريكا.
وقد أشارت مقالةالدكتور سعود بن ناصر الكثيري بجريدة الرياض في العدد الصادر يوم السبت الموافق 23/7/1424هـ والتي تناول خلالها تطويرالمناهج وضرب مثلا بالمنهج الذي يدرس في أمريكا لمادة التاريخ،
والمفرح أيضا أنه قد ظهرت دعوات كثيرة لتطوير المناهج في المملكة تطويراً حقيقياً كان أخرها ما جاء في مقالة الدكتورة هيا المنيع في جريدة الرياض من عدد يوم السبت الموافق 3/8/1424هـ
والتي تدعو من خلاله إلى تطوير المناهج تطويرا حقيقيا يأخذ أبعادا تربوية وعلمية، وهي ترى أن ما يحصل هذه الأيام من تطوير للمناهج السعودية لا يعتبرا تطويراً.
والملاحظ أنها اعتمدت بفكرتها في التطوير على المفهوم الواسع لتعريف المنهج.
وكل ما نأمله أن ترى هذه المطالبات صدى طيباً لدى الجهات المسئولة في وزارة التربية والتعليم.

مواقع تربوية ذات علاقة
المناهج والتعليم http://www.manahij.net/
ملتقى التربية والتعليم http://www.moudir.com.vb


إعداد / فيصل حمدان الشمري
مشرف الارشاد الطلابي
بمدارس الهيئة الملكية بالجبيل

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 05-04-2005, 11:43 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

نحو بيئة تعليمية/تعلمية سليمة: بعض آليات إدارة الفصل الدراسي العسكتربوي الحديث

توطئه:
مع مطلع الألفية الجديدة ظهرت على السطح جملة من المفاهيم الجديدة و التي تأتي كنتاج متوقع لطبيعة السنن التي أودعها الله تعالى في الكون كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في مقدمته . و تأتي مفاهيم "العولمة" و" فكرة تسويق المصطلحات المسبقة التعليب"و " قيم الاستهلاك "…كأبرز تلك المفاهيم و أشهرها في الألفية الجديدة، وفي السياق التربوي الذي نحن بصدده الآن ظهر مصطلح "إدارة الفصل الدراسي" كمفهوم يتبلور لأول مرة بعد بروز مصطلحات الإدارة المتخصصة الأخرى كإدارة الأفراد و إدارة المجموعات و المستشفيات…وغيرها. و الحقيقة أن حداثة ظهور هذا المفهوم (الإداري/التربوي) تجعل المتعامل معها يقف أحيانا حائراً كالضب في الصحراء. "فالمسهل" وخصوصاً الجديدFACILITATOR (تعد هذه اللفظة أحد المفاهيم الجديدة التي تم تبنيها في الحقل التربوي و ذلك في إشارة إلى تغير دور المدرس/المعلم في الفصل، حيث أضحت مهمته "تسهيل" تحصيل المعلومة لا "تلقينها") كثيرا ما يطرح سؤلاً محيراً ينصب حول "آليات إدارة جماهير المتلقين" التي يمكن إعمالها داخل الفصل الدراسي بغرض ضمان أفضل لحسن سير "ديناميكية" الفعل التعليمي/ألتعلمي. و لعله من!
المناسب في الوقت عينه الإشارة إلى أن "الإدارة" المنشودة لا تعني بالضرورة أن يقوم المسهل بإعمال أساليب "الانضباط" بشكل صارم و حازم ،ذلك أن بيئة تلكم سماتها يمكن أن تكون أي شيء يخطر على البال إلا أن تكون بيئة تعلم /تعليم تتم فيها عمليه الإرسال/الاستقبال بشكل متبادل ؛إلا أنه في الوقت عينه ينبغي عدم إغفال حقيقةَ أن للبيئات العسكتربويهEDUMILITARY (أي تلك التي تجمع ما بين التعليم الأكاديمي و التدريب العسكري ككلية الملك فيصل الجوية مثلا لا حصراً) خصوصيةً يجب الالتزام بها ..وتتمثل هذه الخصوصية في كون الانضباط داخل صفوفها الدراسية يأتي كضرورة لاستكمال جانب التدريب العسكري ومع ذلك فإنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن الانضباط المنشود هو انضباط "متوازٍ "و "مسؤول" قائم على "استشعار المسؤولية" و "خلق روح المراقبة الذاتية".
و في الأسطر القليلة القادمة سأحاول بجهد المقل أن أضع بعض النقاط العريضة التي أزعم أن تبنيها من قبلنا معاشر المسهلين كفيل إنشاء الله بإدارة مناسب للفصل الدراسي عموما و الفصل الدراسي العسكتربوي بخصوصيته المعروفة على وجه الحصر.

آلياتٌ مقترحةٌ لإدارة الفصل الدراسي العسكتربوي:
1. وجه رسالة قويه لجميع المتلقين بالحرص على الالتزام و الانضباط و ذلك من خلال العمل على بدء درسك و إنهائه في الوقت المحدد تماما.
2. ضع لك جدولا تلتزم فيه بمقابلة طلبتك خارج الفصل الدراسي…فمثل هذه المقابلات كفيلةٌ لتَؤُدَ كثيراً من المشاكل في مهدها.
3. إذا ما رغبت في التحدث مع أي طالب حول مشكل بعينه فاحرص أن يكون ذلك خارج الفصل و أن تقابل كل طالب على حدة. كن حصيفاً و لا تستخدم التلفون أو حتى البريد الإلكتروني فأنت بذلك تشعره بالخصوصية وبحرصك على الإصلاح لا التشهير و الانتقام.
4. حين الحديث مع أولئك الطلبة كن حريصا على أن توضح لهم أن تصرفهم ذلك يؤثر على سير الفعل التعليمي/التعلمي من جميع وجوهه: المتلقي و المسهل و المنشأة و الأسرة ..الخ.
5. احرص على أن لا تراهن على ذكاء و فطنة طلبتك، فحين يسألك أحدهم سؤلا لا تعرف له إجابة، لا تتأفف أو تتبرم أو تحاول أن تقول أي شيء..و لتعلم أن احترام طلبتك لك سيزداد حين تقول لهم "لا أعلم" على أن تحرص أن تبحث لهم بنفسك في الإنترنت أو المكتبة عن الإجابة الشافية مما يساعد على غرس حب البحث و التنقيب عن المعرفة في وجدانهم، وهذا بدوره سينعكس إيجاباً على انضباطهم.
6. لتكن طريقتك في"تسييس" جماهير المتلقين في فصلك الدراسي واضحة منذ اليوم الأول من ناحية الحضور و الغياب و التقييم..الخ.إذ أن وضوح تعليماتك و طريقتك في هذا الصدد كفيل بالحد من كثير من المعضلات و سوء الفهم التي كثيراً ما تقف حجر عثرة في إتمام الفعل الدراسي اليومي.
7. يجانب الصواب ذلك المسهل الذي يشدد على أهمية الالتزام بأمور بعينها في أول لقاء له مع طلبته ثم يخفق هو لاحقاً في التقيد بها، فينطبق عليه قول الطغرائي (..و انفرجت مسافة الخلف بين القول و العمل) ، ووجه الخطورة هنا هو أن مفهوم"القدوة" المتمثل بهذا المسهل قد أضحى شيئا "هلاميا" مفرغا من معناه الحقيقي في أذهان المتلقين الذين بحكم طبيعة المرحلة العمرية التي يمرون بها في حاجة ماسة إلى "تقليد" الآخر، فإذا لم يكن هذا "الآخر" هو المسهل فسيكون شيئا آخراً قد لا يرغب كثير من الآباء و علماء التربية أن يكونوا "قدوة" لأبنائهم . فحقيقٌ إذن بمسهل "يفعل ما يقول" أن يخلق لنا جيلا من نوع آخر لطالما تغنى به شعرائنا و تمنيناه في أحلامنا! و بالجملة لتكن قدوتنا جميعا معلم البشرية الأول نبينا محمد صلى الله علية و سلم .
8. يظل المسهل كسائر نسل آدم علية السلام عرضة للمشاكل العائلية و النفسية و تغيرات المزاج ..إلا أنه خليق بالمسهل ألا يناقش أيا من المتلقين بخصوص أية معضلة و هو في حالة نفسيه أو عاطفية غير مستقرة و في السياق عينه فليتجنب المسهل الحديث مع أي طالب يمر بنفس تلك الظروف حتى لا يزيد من تعقيد المشكل و تداخله مع مشاكل أخرى.
9. حين مناقشة الطالب في أية معضلة كن هادئاً..امنح لسانك لا أذنك شيئاً من الراحة..أفسح المجال للمتلقي ليتكلم ، فالملاحظ أن الإنصات للمسهل كفيل بحل كثيرٍ كثيٍر من المعضلات التي يعتقد البعض خطأً أن لا حل لها سوى الصراخ و التشهير و الانتقام، و ينسي قول العملاق المتنبي في عجز بيت قريظ له(إن كنت ناصحه فداوي سقامه).
01. احرص على أن تحفظ الاسم الأول لطلبتك و نادهم بها على الدوام ..ففي ذلك إشعار للطالب"بالمسؤولية" و"بوجوده" و "أهميته" مما يقلل من ميل الطالب لارتكاب بعض السلوكيات التي تعيق سير الفعل التربوي، و التي يتخذها بعضهم بحكم المرحلة العمرية التي يمرون بها مطية لجذب انتباه الآخرين.
11. حاول أن تنظم مقاعد الطلبة داخل الصف بحيث تأخذ شكل نصف دائرة؛ حيث أن هذا التنظيم و بحكم التجربة يتيح للمسهل فرصة خلق جو من "المراقبة" المباشرة تكون مبنية على معاني "الحميمية" و "التواصل" بينه و بين طلبته.
21. ينبغي على الدوام تذكير المسهل أن مهمته التقليدية"كمدرس" و "كمعلم" و "كمالك أوحد" للحقائق المعلوماتية قد ولت ربما إلى غير رجعة و ذلك بحكم التطورات التي حدثت في أبعاد الحياة كلها و على رأسها البعد التربوي الحديث؛ حيث أضحت مهمة المسهل "اللاتقليدية" هي "تسهيل" تحصيل الفعل التربوي لا "تلقينه". وعليه فإن إصرار بعض المنتسبين إلى الفعل التربوي الصحيح على القيام بكل الأدوار داخل الفصل الدراسي يعد في المفهوم التربوي الحديث معيباً لعل أبسط سلبياته الدفع ببعض المتلقين للقيام بسلوكيات تعيق الفعل التدريسي وإدارة الفصل و ذلك بسبب إصرار ذلك المدرس التقليدي ،لا المسهل الحديث، على تهميش دور المتلقي الحقيقي و الاستحواذ على كامل الأضواء داخل الفصل. هذا بالإضافة إلى أن أسلوب الاستحواذ و السيطرة هذا يعد نقيصة في حق من يقوم به من ناحية ما ثبت لدى جميع المهتمين في العمل التربوي الحديث من أن مخرجاته تكون ذات أنماط معرفية صرفه قائمه على "التكرارية" و "التقليد" و"النمطيه" و بعيدة البعد كله عن الإبداع و الخلق و التميز الذي ظلت أمتنا في حاجة ماسة إليه لتكون لها الصدارة في العالم مرة أخرى.
31. كمسهل و رث مهنة الأنبياء النبيلة اعمل على زراعة الحماس و زيادة دافعية طلبتك للتعلم و الاكتساب..من خلال محاولة أن تكون أنت ذاتك خلاقاً مبدعاً داخل أروقة فصلك ..ابتعد عن "النمطية" و استخدام ذات طرق التدريس التقليدية التي ربما عُلمت بها والتي تورث الملل و السأم في نفس الطالب و تدفع البعض منهم إلى القيا م ببعض السلوكيات و التصرفات التي قد تعيق الفعل التربوي. إن المسهل الحديث يدرك ببصيرة أن مهمته تحتاج إلى"حلم الأحنف"و "دهاء إياس" و "صبر أيوب" و لذلك فهو يحاول جهده إدارة فصله إدارة سلسة سليمة من خلال إضفاء عناصر التشويق و الترغيب على الدوام في نفس طلبته و ذلك بإعمال طرائق تدريس متنوعة طوال اليوم …لا تكن أسير السبورة و الطبشور فحسب ..تلفت يمنه و يسرة ستجد في محيط البيئة المحلية ما يساعدك على تعزيز أدائك لرسالتك دون عوائق من خلال ربما الاستعانة بقصاصات الصحف و المجلات المناسبة و الزيارات الميدانية و مشاهدة الرائي وسماع المذياع أو الاستعانة بلقاء الطلبة ببعض أهل التجريب من مجتمع الطالب المحلي. و بالجملة فإن المسهل الحريص المخلص عمله لله سوف لن تعجزه الحيلة في إدارة فصله إدا!
رة تربوية حديثة ناجحة تأخذ بالأمة إلى مصاف الأمم إن شاء الله تعالى، ويكون ديدنه في مواجهة معضل "خصوصية" مهنته قول الشاعر:
دع المعاولَ تزبئرُ قساوةً
وضراوةً إن البناءَ متينُ

قبل و ضع القلم…
أما قبل ..فليس بعد هذا الزبور المتواضع حول آليات إدارة الفصل الدراسي سوى التذكير بأن ما جادت به الذاكرة في هذه العجالة ليس كل شيء في هذا المضمار؛ فالدعوة إذن مفتوحة موجهة لكل باحث متخصص يود تجريب آليات و طرق أخرى يمكن إضافتها إلى ما ذكر أعلاه. على أننا حينما نتحدث عن إدارة الفصل الدراسي فإننا نؤكد أنها من الأهمية بمكان ذلك أنه ثبت أن المسهل أحيناً يهدر ما يقرب من نصف اليوم الدراسي (أي نصف عمر المتلقي الدراسي) في الحديث عن أمور جانبيه لا علاقة لها مباشرة بصلب المنهج( أو المقرر إن شئت).(COTTON, 1990)

فهد بن مشاري الرومي
ماجستير في تدريس اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية /الولايات المتحدة
fadz29@yahoo.com

المراجع التقليدية العربية:

1) مقدمة إبن خلدون.
2) تغير الاسم من مدرس ومعلم ال ىمسهل ولهذا خلفيات لا مجال لتفصيلها

المراجع التقليدية الأجنبية:
COTTON, K. EDUCATIONAL TIME FACTORS, 1990 3)

المراجع اللاتقليدية:
1) WWW.NWRE/.ORG/SISRS/
2) WWW.UGA.BERKELEY.EDU
3) WWW.OSI.FSU.EDU
4) WWW.PSU.EDU

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 05-04-2005, 11:44 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

تطوير المنهج

بسم الله الرحمن الرحيم
إن كلمة التطوير من الكلمات الشائعة الاستخدام ، وهي تشمل جميع الجوانب (( الطب ، الهندسة ، الزراعة ، ......الخ ))
· الفرق بين التطوير والتغيير :
يوجد فرق شاسع وكبير بين التطوير والتغيير ، ومن هذه الفروق ما يلي :
1) التغيير يتجه نحو الأفضل أو ألا سوء ، بينما التطوير يتجه نحو الأفضل والأحسن
2) التغيير يحدث بإرادة الإنسان أو بدون إرادته بينما التطوير يحدث بإرادة الإنسان ورغبته الصادقة
3) التغيير جزئي إذ ينصب على جانب معين أو نقطة محددة ، بينما التطوير شامل ينصب على جميع جوانب الموضوع
*التطوير عملية شاملة وديناميكية :
أ) شاملة : لأنها تنصب على جميع الجوانب وتمس جميع العوامل المؤثرة في الموضوع
ب) ديناميكية : لأنها جميع العناصر التي تدخل فيها تكون في تفاعل مستمر ، وكل عنصر يؤثر في غيره من هذه العناصر .
*أهمية تطوير المنهج :
إن عملية تطوير المنهج هي عملية هامة لا تقل أهميتها عن عملية بناءه ، والدليل على ذلك هو انه لو قمنا بأعداد منهج بكافة صور التكنولوجيا والتقدم الحديث ، أهمل هذا المنهج لسنوات عدة ، فسيحكم عليه بالتجمد والتخلف ، ومن هنا تظهر عملية تطوير المنهج لدرجة انه من يقوم في أيامنا هذه بعملية بناء المنهج لا بد ان يضع تحت نصب عينيه أسس تطويره .
*دواعي التطوير :
توحد هناك عدة دواعي و أسباب لتطوير المنهج منها :
1) طبيعة العصر الذي نعيش فيه ، يسهم في التقدم العلمي والتقني
2) سوء وقصور المناهج الحالية :ويتم معرفة ذلك من خلال نتائج الامتحانات وتقرير الخبراء والموجهين والفنيين ،و أخر نتائج البحوث التربوية
3) عدم قدرة المناهج الحالية على الإسهام الفعال في التغيير الاجتماعي
4) عجز المناهج الحالية عن ملاحقة التطور في الفكر التربوي والنفسي
5) ارتفاع نسبة الفاقد في التعليم
6) مشكلة الغزو الثقافي


بقلم أ/ خليل العادي
khalil122@hotmail.cim

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 05-04-2005, 11:45 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

ابرز مميزات المنهج الحديث

للمنهج بمفهومه الحديث مميزات عده ، وخصائص متعددة تتمثل في النقاط التالية :
1) يعد بطريقة تعاونية ، ويراعى عند تخطيطه وتصميمه ما يلي :
· أن يراعي واقع المجتمع وفلسفته وطبيعة المتعلم وخصائص نموه وان يتم ذلك في ضوء ما انتهت إليه دراسات المتخصصين في هذه المجالات.
· أن يعكس التفاعل بين التلميذ والمعلم والبيئة المحلية وثقافة المجتمع .
· أن يتضمن جميع ألوان النشاط التي يقوم بها التلاميذ تحت إشراف وتوجيه المعلمين .
· أن يتم اختيار الخبرات التعليمية التي يتضمنها في حدود الإمكانيات المادية والبشرية القائمة والمنتظرة .
· أن يؤكد على أهمية العمل الجماعي وفعاليته وضرورة ارتباط الفرد به .
· أن يحقق التكامل والتناسق بين عناصر المنهج.
2) يساعد التلاميذ على تقبل التغيرات التي تحدث داخل مجتمعاتهم ، ومساعدتهم على تكييف أنفسهم مع متطلباتها .
3) ينوع المعلم في طرق التدريس ويختار أكثرها ملاءمة لطبيعة المتعلمين وما بينهم من فروق فرديه ، ويتعاون مع تلاميذه في اختيار الأنشطة التعليمية المناسبة لهم وطرق تنفيذها ، مما يثير حماسهم للعمل ويدفعهم إلى الإقبال على تعلم المادة الدراسية .
4) يستخدم المعلم الوسائل التعليمية المتنوعة والمناسبة ، لأنه من شأن ذلك أن يجعل التعليم محسوسا والتعلم أكثر ثباتا .
5) تمثل المادة الدراسية جزءا من المنهج ، وينظر إليها كوسائل وعمليات لتعديل سلوك المتعلم وتقويمه من خلال الخبرات التي تتضمنها .
6) يقوم دور المعلم على تنظيم تعلم التلاميذ وليس على التلقين أو التعليم المباشر كما كان الحال في الماضي ، وينتظر منه لأداء هذا الدور أن يقوم بالمهمات التالية :
· التأكد من استعداد التلاميذ للتعلم .
· تحديد الأهداف التعليمية على شكل نتاجات سلوكية منتظرة من التلاميذ وتخطيط خبرات تعليمية ملائمة .
· استثارة دوافع التلاميذ .
· التقويم

ويرتبط بهذه المهمات التعليمية المطلوبة من المعلم مهمات تعليمية منتظرة من التلاميذ ، كتحقيق النتاجات العلمية وخاصة النتاجات التي تتصل بتكوين المفاهيم وحل المشكلات وتنمية المواقف والاتجاهات المرغوبة واكتساب المهارات .
وفي ضوء هذا الدور للمعلم لم يعد عمله مقتصرا على توصيل المعلومات إلى ذهن التلاميذ ، و إنما اتسع فأصبح المعلم مرشدا وموجها ومساعدا للتلميذ على نمو قدراته واستعداداته على اختلافها .

7) يهتم المنهج بتنسيق العلاقة بين المدرسة والأسرة من خلال مجالس الآباء والمعلمين والزيارات المتبادلة بين المدارس .
8) يهتم المنهج بأن تضطلع المدرسة بدورها كمركز إشعاع في بيئتها وان تتعاون مع المؤسسات والهيئات الاجتماعية ذات العلاقة بالمتعلمين كالبيت والمؤسسة الدينية والنادي وغيرها ، وان تكون على وعي كامل بدور هذه المؤسسات وما تقدمه من نشاطات تربوية لتجنب التكرار .
9) يهتم المنهج بإتاحة فرص اختيار الخبرات والأنشطة التعليمية أمام التلميذ ، ويثق بمقدرته على المشاركة في ذلك الاختيار على اعتبار انه كائن إيجابي نشيط .
10) يهتم المنهج الحديث بتنمية شخصية التلميذ بجميع أبعادها لمواجهة التحديات التي تواجهه ، وتنمية قدرته على التعلم الذاتي وتوظيف ما تعلمه في شؤونه الحياتية .


خليل العادي
khalil122@hotmail.com

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 05-04-2005, 11:46 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

التخطيط في الرياضيات

يعد التخطيط أحد المتطلبات الأساسية للنجاح في تنفيذ معظم النشاطات الحياتية التي نقوم بها فالمحامي الناجح والمهندس والسياسي والبائع وغيرهم يحتاجون إلى الوقت الكافي من أجل تنفيذ النشاطات التي يقومون بها من أجل تحقيق الأهداف المرجوة، ومعلم الرياضيات الناجح يحتاج إلى الوقت ليقضيه في إعداد الخطط السنوية وخطط الوحدة والخطط اليومية هذا بالإضافة إلى التخطيط لرسم الخطوط العريضة للمساقات التي يراد تدريسها بالإضافة إلى الامتحانات التي يستخدمها في تقويم الأنشطة والتحقق من وصول التلاميذ إلى الأهداف المتوخاة وحتى المعلمين من ذوي الخبرة فهم بحاجة إلى الوقت الذي يقضونه في إعادة إعداد الخطط الدرسية التي أعدوها سابقاً حتى تظل خططاً درسية نامية ومتطورة وتتمشى مع التغيرات الحاصلة في ظروف المدرسة والمناهج وإلا اعترى تلك الخطط الجمود والروتين وتصبح بذلك خططاً بالية لا تحقق جميع الأهداف المرجوة.
إن الخطة الدرسية هي بمثابة ترجمة حقيقية لأهداف ومحتوى المنهاج المدرسي إلى خطة إجرائية، وإن المعلم الذي يتصف بالحيوية والنشاط لابد وأن يستعين بالإعداد والتخطيط لدروسه لكي يكون سيد الموقف الصفي، يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الأهداف المرجوة.
أنواع التخطيط:
أ- التخطيط السنوي: هو تخطيط يضع المعلم من خلاله خطة سنوية للمقرر الذي سيدرسه للطلاب وهنا يجب على المعلم أن يضع الأمور التالية في عين الاعتبار:
1- تحليل المقرر إلى وحدات دراسية .
2- تحديد الأهداف المرجوة لكل وحدة دراسية .
3- تحديد الوقت اللازم لتحقيق هذه الأهداف .
4- تحديد النشاطات والوسائل اللازمة لتنفيذ النشاطات .
5- تحديد أدوات ووسائل التقويم من اختبارات وبرامج للوقوف على مدى تحقيق الأهداف المرجوة من قبل الطلاب .
ب- تخطيط الوحدات : وتتضمن خطة الوحدة الأهداف والنشاطات ووسائل التقويم وأدواته اللازمة للمدة التي ستدرس منه وهناك أمور يجب على المعلم مراعاتها في تخطيط الوحدات وهي :
1- ما أهمية تلك الوحدة ؟ وماهي الأهداف المراد تحقيقها من تدريس الوحدة ؟ وماهي المفاهيم والمهارات التي تحويها وقابليتها للتطبيق مباشرة ؟ وماهي مفاتيح الارتقاء بها ؟
2- ماهي الأفكار المحورية والمفاهيم الشاملة للوحدة ؟ ماهي الأشياء التي سيتم التركيز عليها ؟ كم من الوقت يلزم لتدريس الوحدة ؟
3- ماهي الطرائق التدريسية الملائمة لهذه الوحدة ؟ وماهي المفاهيم والمهارات والخبرات التي يحتاج إليها التلاميذ كخلفية مطلوبة لتعلم تلك الوحدة ؟ ماهي الوسائل والأجهزة والأدوات اللازمة لتدريس هذه الوحدة ؟
4- ماهو نوع التقويم المناسب لمحتوى الوحدة ومستوى الصف ؟
ج – الخطة اليومية : وهذه الخطة تعود على المعلم بما يلي :
1- تكسب المعلم الثقة بنفسه أمام تلاميذه . 2- تجعل المعلم ملماً بالدرس ولا يقع في الارتجال والمغامرة .
الخطة اليومية يجب أن تتضمن مايلي :
1- الأهداف : والتي تعني ما الذي سأدرسه في هذه الحصة ؟
وبالرغم من أن الأهداف تبدو نظرية في الدروس اليومية إلا أنها تشكل خلفية لما يدور في الدروس لذا على المعلم أن يخبر تلاميذه بتلك الأهداف حتى يتعرفوا على المسئولية التي تقع على عاتقهم وما هو المطلوب منهم في تقويم التعلم
كأن يقول لهم : ماذا نود أن نضيف إلى معلوماتنا في هذه الحصة ؟ ويذكر لهم ذلك في نقاط ثم يستعرضها بالشرح .
2- كيف يبدأ المعلم الحصة ؟ وكيف ينهيها ؟
لابد على المعلم أن يسعى أن تكون بداية الحصة قوية وعلى وجه الخصوص في أول خمس دقائق من زمن الحصة الدرسية والتي تعتبر حاسمة والتي سينسحب أثرها على وقت الحصة كله . فيمكن لتمرين يثير تفكير التلاميذ وحماسهم لحله أن يحفزهم للعمل طوال الحصة بتفاعل جيد ومشاركة فعالة .
أما بخصوص إنهاء الحصة أو ما يسمى بالغلق ، فإن من الأخطاء الشائعة لدى بعض المعلمين أن ينهي المعلم درسه بالعبارة التالية : ( إن الواجب القادم هو ... ) مع أنه من المفروض أن ينهي المعلم الدقائق الأخيرة من الدرس في استجماع الأفكار التي نوقشت في الحصة ، فيمكن له أن يوجه لتلاميذه أسئلة من النوع التي تضيف شيئاً إلى ما تم تقديمه أو ملخص سبوري مناسب على أن يتم ذلك قبل قرع الجرس .
3- الدافعية : كل موقف تعليمي تعلمي يحتاج المعلم إلى بعض الأنشطة التي تحفز تلاميذه للعمل والمشاركة الفعالة والتي تثير اهتمامهم للقيام به . وعلى المعلم الذي يرغب في إثارة دافعية تلاميذه للتعلم أن يتجنب التعليمات والأوامر والنواهي حيث أنها تقيد التفكير الحر لدى التلاميذ مما يؤثر سلباً على دافعيتهم للتعلم ، ولكن يمكن للمعلم أن يختار أنشطة يتيح الفرصة لكل تلميذ المحاولة والتجريب فعلى سبيل المثال إذا قام المعلم بإثارة مشكلة أمام التلاميذ وطلب منهم أن يجمعوا المعلومات والبيانات والحلول حتى يكتشف التلاميذ بأنفسهم الحلول والإجابات المطلوبة حيث تولدت لديهم الدافعية لذلك
4- الطريقة : تعتمد الطريقة التدريسية على مشاركة التلاميذ في النشاطات المرتبطة بأهداف الدرس حيث تتاح لهم الفرصة الكافية للإجابة والتفاعل مع الموضوع سواء أعطى الدرس بأسلوب المناقشة أو طريقة المعمل حيث يقوم التلميذ فيه بإجراء بعض التجارب وعمل بعض القياسات أو يكون الدرس قائماً على الأنشطة التي يقوم فيها التلميذ في اكتشاف المفاهيم والأفكار بالدراسة الذاتية أو يكون الدرس قائماً على استخدام الوسائل السمعية والبصرية مثل الأفلام وغيرها أو استخدام المجموعات في التدريس أو الحاسب الآلي في التدريس فمهما تعددت الأساليب وطرائق التدريس فلابد أن تتمحور حول نشاط التلميذ أكثر من نشاط المعلم وأن يكون المعلم منظماً لتعلم تلاميذه لا ملقناً لهم .
5- الوسائل التعليمية : تلعب الوسائل التعليمية التي تتضمنها خطة الدرس دوراً فاعلاً في عملية التعلم وقد تكون مصدراً للتعلم نفسه وقد تكون من أجل توضيح المفاهيم والأفكار الرياضية الواردة في الدرس وخطة الدرس الناجحة هي التي تتيح للتلاميذ دوراً في إيجاد الأشياء وجمعها وعملها وقد تكون الأشياء عبارة عن بيانات يجمعها التلاميذ حيث تدعم التدريبات والتمارين الموجودة في الكتاب المقرر .
6- الأسئلة : إن توجيه الأسئلة للتلاميذ من قبل المعلم هي بمثابة طريق ذي فرعين للوصول إلى التعلم المنشود حيث يطلب من المعلم أن يوجه الأسئلة التي تثير أفكار التلاميذ وبالتالي تجعلهم يوجهون أسئلة أخرى مرتبطة بتلك الأسئلة للمعلم أو لزملائهم للوصول إلى أجوبة حول أفكارهم من أجل ذلك فلا بد من أن يكون التلميذ حراً في طرح الأسئلة بعيداً عن الخوف والحيرة من الفشل والإحباط والعقوبة وأن لا يستهزأ بسؤاله مهما كان . وأن يخلق المعلم جو يساعد التلميذ على الاستيضاح لشيء لم يسمعه أو لم يفهمه حيث يصغي الجميع لسؤاله مع تقبل المعلم لإجابات التلاميذ سواء كانت صحيحة أو خاطئة مع تشجيع الإجابات الصحيحة وتعديل الخاطئة وعدم التوبيخ عليها حتى لا يمتنع التلاميذ عن الإجابة مستقبلا .
7- التقويم : يقصد بالتقويم هنا الحكم على مدى فعالية الخطة الدرسية بعد تنفيذ النشاطات المتضمنة فيها ، ولكن الكثير من المعلمين لا يفكر في خطة الدرس بعد تنفيذ محتواها ، بل ينتقل إلى إعداد خطة درس آخر مع أنه من المفروض أن يسأل المعلم نفسه هل نجحت الخطة في تنفيذ النشاطات المتعلقة بها بمستوى جيد ؟ وهل حققت الأهداف المرجوة والمتضمنة في الخطة الدرسية ؟ لذا لا بد وبناءً على أسلوب مناسب في التقويم ومنه التقويم الذاتي الحكم على ذلك . ويمكن للمعلم أن يشارك زملاء ه وحتى التلاميذ في الحكم على نجاح الخطة ويسجل ملاحظاتهم ليستعين بها في إعداد خطط الدروس القادمة وكذلك في إعداد خطة الدرس نفسه في السنة القادمة .

الهدف السلوكي :
أصغر ناتج تعليمي سلوكي يتوقع حدوثه ويمكن ملاحظته بعد عملية تعليمية
قاعدة كتابة الهدف السلوكي :
أن + فعل سلوكي + الطالب + مصطلح من المادة + الحد الأدنى للأداء
أن يحل الطالب معادلة الدرجة الثانية باستخدام القانون العام في خمس دقائق
أفعال سلوكية يمكن قياسها :
يصف – يحدد – يجمع – يذكر – يقيس – يرسم – يحل – يقارن – يحول – يكتب – يبرهن .

والى اللقاء في نشرات قادمة ومفيدة بإذن الله تعالى
أخوكم
حسين بن علي يحيى النعمي
مشرف مادة الرياضيات بمحافظة القنفذة

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 05-04-2005, 11:50 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

كتاب العِلـــم

اســـتهــلا ل .

ليس من سبيل أمام الإنسان لمعرفة نفسه إلا معرفة ربه، وليس له من سبيل معرفة ربه إلا معرفته لنفسه ،ومن ثم لأشكال الحياة من حوله 0
إننا لا ننظر إلى الله تبارك وتعالى نظر العين ، ولكن نتعرف على الذات الإلهية ونحن ننظر إلى كل إبداع إلهي ، فالذي لا يعرف الله يصعب عليه أن يؤمن به ، وهنا تنطرح الحكمة الإلهية على ضمير الإنسان فتزجيه نحو التعرف على ربه ، ولا تزجيه نحو النظر إليه ، على ركيزة أن المعرفة هي الأصل في تقديم الله إليك ، تقديم الله بكل جلاله وعظمته وقدراته ومدلولات أسمائه الحسنى 0 ففي حياتك اليومية تقول عن شخص تراه كل يوم يمر بجانبك ويلقي عليك السلام بأنك لاتعرفه ، وتقول عن شخص لم تره رأي العين قط ولكنك تتعامل معه من بعيد بأنك تعرفه 0 إذاً ليس المهم النظر إلى الشخص ، ولكن المهم مدى حجم المعرفة بطبيعة الشخص ، فمعرفة الشخص هي ذات الشخص ، أما النظر لوحده مهما طال فإنه لن يقدمه إليك ، ولن يقدمك إليه 0 المعرفة هنا غنتك عن النظرة ، بيد أن النظرة هناك لم تغنك عن المعرفة 0 وأنت لا تؤمن بوجود وردة لا تهبك رائحة ، ولكنك عندما تشتم رائحة وردة فإنك تؤمن بوجودها حتى لو خفى عنك ظاهرها0
لهذا فإن ربك لم يأمرك أن تنظر إليه ، بل أمرك أن تقرأه 0 ففي البدء " كانت الكلمة " ولم تكن النظرة0 القراءة هنا تمنح مخيلتك الخيال الخصب وتفسح في مشاعلها أنهار التأمل والتفكر ، فالقرآن الكريم هو خطاب لغوي تأملي فكري يوسع المدركات العقلية والرؤى التأملية والتخيلية وهو دعوة جلية للاستدراك واليقظة من غفوة اللاقراءة ، حتى الرسل والأنبياء عليهم السلام ارتقوا إلى ربهم بالقراءة ، وكذلك فإن قلب النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن عندما يخاطبه الله تبارك وتعالى ويضرب له الأمثال التي تشير إلى قدراته ولاتُظهره له 0
لقد آمن النبي صلى الله عليه وسلم بربه دون أن يره رأي العين في زمن شهد قمة المجد الوثني ، وكان الشخص الوحيد الذي أنكر ذاك المجد الوثني ورفضه لينشر رسالة رب كريم لم يره ، ولكنه أصغى جيداً لمدلولات كلمة /اقرأ/ التي حملها إليه ملاك ، فقد كانت الكلمة عالماً من المعرفة وشمساً سطعت على ظلام أزلي ، أجل إن قوة إيمان محمد صلى الله عليه وسلم ولّد تها تلك الكلمة الأولى التي لبثت الأساس المتين لمراحل التطور الإيماني لديه صلى الله عليه وسلم 0 فالكلمة كانت برهانه الأكبر إلى المعرفة ، لقد تلقاها وهو في الأرض من رب يبعد عنه بعداً لا يبلغه به خياله ، ولكنه استمع إلى الكلمة جيداً وبنى عليها جهاده في نشر المعرفة ، واستطاع أن يقنع المقربين له بها حتى توسّع الدين الجديد الذي دعا إليه ، والناس صدّقوه وآمنوا بالله من خلاله ودخلوا دين ربهم أفواجاً بناءً على الكلمة التي سمعوها من هذا الرجل الأمين 0 واستمدت المعرفة أهميتها الكبرى لأنها غدت الدليل إلى معرفة الله الذي ما كانوا يعرفوه حتى شاع مثل في الناس يقول : " لم أر الله بعيني ، ولكن عرفته بعقلي " 0 وهذا المثل التلقائي الذي يُردد في الأوساط الش!
عبية ، يعزز مكانة المعرفة وأهميتها في درجة الإيمان 0 إذاً فليس من سبيل للإيمان بالله إلاّ سبيل المعرفة التي يكتسبها الإنسان على قدر إصغائه للكلمة ، بل إن الإيمان بذاته هو الشكل الأصفى والأرقى للمعرفة البشرية 0
وقد جعل الله تبارك وتعالى أشكالاً وألواناً للمعرفة البشرية وهي فروع تؤدي إلى سعة معرفته ، لذلك فإن الإنسان كلما بحر في علوم المعرفة ازداد إيماناً بقدرات الله مهما اختلفت أجناس هذه المعرفة من أدب ، وعلم ، وفلك ،وفن ، وطب ، وفقه 0 يبقى هذا الكلام المبارك الذي جاءنا , الدليل الأكبر لانفتاحنا على معرفة أنفسنا ، ومعرفة ما في الطبيعة التي نعيش فيها ، وتعيش فينا,ففيه نقع على شرح أنفسنا ، شرح الطبيعة ، فهو الكلام الأقوى والأبقى على الأرض ،بل هو الكتاب الأكثر ثقة وخلوداً وامتلاءً " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرا بيب سود ، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء " 0 فاطر , الآيتان 27 – 28 0
والعلم في جوهره لا يتحقق إلا عبرا لمعرفة ، فالمعرفة هي أم العلوم ، والعلوم كلها هي فروع شجرة المعرفة 0 لقد أكرم الله الإنسان بأن جعله يتفقّه في المعرفة ويتفكّر في آيات الكون ، وهذا يحقق للإنسان متعة اكتساب المعرفة ، ومتعة ارتقائه من كائن غير عارف ، إلى كائن عارف ، من كائن مظلم لكائن مضيء ، إضافة إلى أن هذه المعرفة تحقق له الطمأنينة الروحية وتزيح عنه كل مرض من أمراض الروح 0 فهو إذن لم يأ ت صدفة من مجهول ،و بالتالي لن يذهب إلى مجهول 0 كلمّا اكتسب هذا الإنسان –المتفكّر بآيات الكون – المعرفة ، ازداد طمأنينة ، وامتلأ ثقة بجدوى وجوده وحياته 0
علينا دوماً أن نكون منفتحين لاستقبال أشكال الحياة ونرنو نحو اكتشافات جديدة تزيد في درجة معرفتنا بالله وإيماننا به ، فإن الإيمان يتدرج بنا نحو الأعلى كلما تدرّجنا في المعرفة ، وهو يهبط بنا كلما تدنت لدينا المعرفة 0 ودوماً إن أولئك الذين لا يؤمنون بالله هم الذين ما عرفوه وما تلوا كتابه المبارك 0 من هذه النقطة الحساسة تناولتُ هذه الوقفة مع كتاب العلم في الإسلام ، وهو بحث شاق ومرهق استنزف وقتاً طويلاً ، لكنه أمتعني في فصوله وزادني إيماناً0

نشر العلــم عبر اللغة .

نزل القرآن الكريم على مجتمع عربي أمي لايجيد القراءة والكتابة وكذلك من خلال رسول أمي عليه أن يبلغ هذا القرآن عبر اللغة . وهنا تميّز محمد صلى الله عليه وسلم عن سائر أنبياء البشرية فهو النبي الوحيد الذي بُعث في مثل هذه الظروف .فعندما جاء الإسلام لم يكن هناك من يجيد الكتابة إلا سبعة عشر شخصاً- يمكن لمن يشاء معرفتهم في العقد الفريد لابن عبد ربه - ويذكر الجهشياري في " كتاب الوزراء والكتاب " مَنْ كانوا يدوّنون الوحي نقلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم خشية الضياع أو النسيان وهم :علي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ،وأُبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وخالد بن سعيد ، ومعاوية بن أبي سفيان ، ومعيقيب بن أبي فاطمة ، وعبد الله بن أبي السرح . إذ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليكتب الوحي فور تلقيه وبعد ذلك شجع الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم محو الأمية ، بل ودفع بعضهم لتعلّم لغات أخرى مما لهذه المعرفة اللغوية من كسب للانفتاح على العالم . يقول زيدبن ثابت : " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود ، قال : إني والله ما آمن يهود على كتاب . قال زيد فما مرَّ بي نصف شهر حتى تعلمته له !
، فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم ، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم " رواه الترمذي(*) . فأصبح طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة رغم أن عدد النساء عند نزول القرآن كان الأقل ففي "فتوح البلدان " يذكر البلاذري :أم كلثوم بنت عقبة ، وحفصة بنت عمر ، والشفاء بنت عبد الله التي كانت كاتبة في الجاهلية ، وأم سلمة التي كانت تقرأ ولاتكتب 0 ولأن القراءة هي المصدر لنشر الوعي الديني أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكريم العلماء والعارفين لأنهم يسهمون بفعالية في نشر رسالة الإسلام حتى أقر القرآن بأنهم : " ورثة الأنبياء " وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" مَنْ تعلم العلم يحيي به الإسلام لم يكن بينه وبين الأنبياء إلاّ درجة ". وقال :"إنما بُعثتُ معلماً ". وأمر الناس أن يوقروا علماءهم فقال للأنصار عندما قدم عالمهم سعد بن عبادة :" قوموا لسيدكم ". وفي رواية :"قوموا لحبركم ".
وقال أبوثعلبة : يارسول الله ادفعني إلى رجل حسن التعليم ، فدفعني إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم قال : دفعتك إلى رجل يحسن تعليمك وأدبك ". وقال عليه الصلاة و السلام:"علموا ويسروا ولاتعسروا ، وبشروا ولاتنفروا ". "سيأتيكم قوم يتفقهون ، ففقهوهم وأحسنوا إليهم ". ويكفي أنه وجه خطاباً عاماً لكافة المسلمين :" تركت فيكم ما إن تمسكتم به ، لن تضلوا أبداً : كتاب الله وسنتي ". والإنسان كذلك يتدرّج في تحصيل العلم يقول الله تعالى :" يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات "(أ) 0
وقال صلى الله عليه وسلم :" من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً ,سهل الله له طريقاً إلى الجنة "(ب) 0
وروي عنه أنه قال :" يا أبا ذر لئن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة ، ولئن تغدو فَتُعلّم باباً من العلم عُمل به أو لم يُعمل به خير لك من أن تصلي ألف ركعة "(ت) 0
================================================== =
(*) سنن الترمذي ،(22) باب ما جاء في تعليم السريانية ، رقم الحديث (2716) وقال:هذا حديث حسن 0

وروي عنه أنه قال :" فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " (ث) 0
وكما روي عنه صلىالله عليه وسلم :" فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم "(ج) 0 وقال صلى الله عليه وسلم :" أن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في جوف البحر ليصلون على معلمي الناس الخير "(ح) 0
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه :" العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والعلم حاكم والمال محكوم ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو بالإنفاق ".
وعن فضل العلم يقول معاذ بن جبل رضي الله عنه :"تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لايعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، لأنه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبل أهل الجنة ، وهو الأنيس في الوحشة ، والصاحب في الغربة ، والمحدث في الخلوة ،والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على الأعداء ،والزين عند الأخلاء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخيرة قادة وأئمة تقتص آثارهم ، ويقتدى بفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم . ترغب الملائكة في خلتهم ومصاحبتهم وبأجنحتها تمسحهم ، يستغفر لهم كل رطب ويابس ، وحيتان البحر وهوامه ، وسباع البر وأنعامه ،لأن العلم حياة القلوب من الجهل ، ومصابيح الأبصار من الظلم ، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار ، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة . التفكر فيه يعدل الصيام ، ومدارسته تعدل القيام ،به تُوصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال من الحرام ، وهو إمام العمل ، والعمل تابعه ، يُلْهَمهُ السعداء ويحرمه الأشقياء ".
فالعلماء أسهموا بفعالية بالغة في نشر الإسلام وأيضاً هم الذين كتبوا القرآن نقلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم . إن الله هو الذي حفظ القرآن ، ولكن هؤلاء أيضاً كتبوه ولهم فضل كتابته ، فهم أناس الاستنارة الأجلاء ، وأبرز اختصاصيي الروح وفقه الذات .
يقول صاحب المنار:" بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم أمياً , ولم يُنقل لنا أن الله سبحانه وتعالى بعث نبياً أمياً غيره ، فهو وصف خاص لايشارك به محمداً صلى الله عليه وسلم أحد من النبيين ، والأمية آية كبرى من آيات نبوته فإنه جاء بعد النبوة بأعلى العلوم النافعة ، وهي ما يُصلح ما فسد من عقائد البشر وأخلاقهم وآدابهم ، وأعمالهم وأحكامهم ، وعمل بها فكان لها من التأثير في العالم ما لم يكن لغيره من خلق الله ".

فضل العلــــم .

لقد بيّن الله في القرآن الكريم فضل العلم على الناس وهذه طائفة من هذه الآيات المباركة :
- "وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خيرٌ لِمَنْ آمن وعمل صالحاً ولايلقاها إلا الصابرون "(خ)
- "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلاّ العالمون " (د)
-"شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة و أولو العلم قائماً بالقسط لاإله إلاّهو العزيز الحكيم "(ذ)
-"يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات "(ر)
-"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون "(ز)
"ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "(س) 0

ومما قاله النبي صلىالله عليه وسلم : "إن الله لايقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "(ش)
-"مَنْ يرد الله به خيراً يفقهه في الدين إنما أنا قاسم ، ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً تقوم الساعة وحتى يأتي أمر الله "(ص)
-" إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر فإذا طمست النجوم أو شك أن تضل الهداة "(ض)
-"العلماء ورثة الأنبياء ، وإن العلماء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر "(ط)
-" مَنْ خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع "(ظ)
فإذن يكتسب الإنسان المعرفة والنضج والامتلاء بالحياة من كل شيء حوله . والحكمة في الإسلام هي ضالة المؤمن أينما وجدها أخذ بها . والرسول صلى الله عليه وسلم دفعك لتبحث عن العلم ولو في الصين وكانت الحكمة تُتلى في بيته كما يُتلى القرآن وقد أمر الله نساء النبي أن يذكرن :ما يتلى في بيوتهن "من آيات الله والحكمة " وسورة كاملة من القرآن حملت اسم لقمان وهو ليس نبياً ولكنه كان حكيماً ومما قاله هذا الرجل الحكيم الذي دفعته حكمته إلى تلك المكانة العالية في القرآن وهو يخاطب ابنه :"جالِس العلماء و زاحمهم بركبتك ، فإن الله سبحانه يحيي القلوب الميتة بنور العلم ،كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء ، وإياك و منازعة العلماء فإن الحكمة نزلت من السماء صافية ، فلما تعلمها الرجال صرفوها إلى هوى نفوسهم ". يبدو أن إمام الحكمة هذا كان شعلة استنارة في قومه حتى استطاع برحمة الله أن يحظى بهذا الاحتفاء الإلهي . وهنا سأقف أمام ما يمكن أن يلخّص موقف هذا الرجل الخالد من ظاهرة الحياة في الناس ، فقد سُئل : أي الخصال خير للإنسان ؟
قال : الديـن 0
قيل: فإذا كانت اثنتين ؟
قال : الدين والمال .
قيل : فإذا كانت ثلاثة ؟
قال الدين، والمال ، والحياء.
قيل :إذا كانت أربعة ؟
قال : الدين ، والمال ، والحياء ، وحسن الخلق .
قيل : فإذا كانت خمساً ؟
قال : الدين ، والمال ، والحياء ، وحسن الخلق ، والسخاء .
قيل : فإذا كانت ستاً ؟
قال : مَنْ اجتمعت فيه الخصال الخمس ، فهو تقي نقي ولله ولي .

مكانة القراءة .

القراءة هي إحدى أهم مصادر المعرفة ، ومهما بلغ الإنسان من تطور وتقنية لتلقي المعرفة ، فإنه لايستغني عن القراءة من كتاب فثمة معرفة لاتتحقق إلاّ عبر الكلمة مهما تقدّم الزمن ، وسأضرب لكم مثلاً ، فإذا تم تقديم سورة من سور القرآن الكريم من خلال مشاهد تمثيلية مصّورة في محاولة للاستغناء عن قراءة آية فإنها تفشل فشلاً ذريعاً في ذلك ، لأن هذا القرآن خلقه الله وأنزله ليُقرأ .. ليقرأ فحسب . وهذا بذاته يكون فيما لو قام شخص ما بالتغني بسورة أو آية . لأن القرآن أُنزل لُيقرأ ، لا ليُغنى أو يُلّحن . وبالتالي فإن ما تأخذه بالقراءة لا تأخذه بأي وسيلة أخرى حتى لو كانت سماعية بصوت أبلغ قارئ له.
إن على الإنسان أن يتعرف على الله بجهوده ومسعاه العملي ، فمنظر ربيع أو شجرة عامرة بالبلابل والورد من خلق شاشة ، لايقدّم لك ما يقدّمه دخولك واستنشاقك الطبيعي . وكذا فالقارئ مهما بلغ من حسن في صوته وبلاغة في تلاوته ، فإنه لايقدم لك كنوز القرآن بقدر ما تقدّمه قراءتك الذاتية والتأملية له : " إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار "(ع) 0
القراءة هي ذاكرة الإنسان ، والإنسان هو ذاكرة القراءة ولذلك فإن هذا الإنسان لم يجد طريقا إلى كماله إلاّ بعد أن تعلّم كيف يقرأ . فإنسان لايقرأ هو إنسان ناقص بكل المقاييس مهما كان موقعه الاجتماعي .

يرى بعض الذين لا يقرؤون أن القراءة لم تعد مجدية في عصر التفجر المعلوماتي لأن مايريده الإنسان بات في متناول يده بمجرد الضغط على زر . هذا كلام صحيح ولكنه ناقص لأن المعرفة وأي معرفة لاتأتي إلاّ عبر القراءة الفكرية والقلبية والبصرية ، وإن أتت فإنها تأتي غير مكتملة وكذلك تكون سريعة النسيان . والواقع فإننا تعلمنا من الحياة والتجارب بأن ما يأتي بسرعة ،يذهب بسرعة والعكس صحيح . وللمثل على هذا فكم من معلومة أتتنا عبر القنوات الفضائية ..؟ ما الذي لبث في ذاكرتنا منها ؟. في حين أننا نحفظ نشيداً قرأناه وكتبناه على مقاعد الصفوف الإبتدائية الأولى حتى لو بلغنا الثمانين من العمر ، لأن المعلومة أتت بالجهد المضني مما أدى إلى ترسيخها ترسيخاً عميقاً في الذاكرة . يمكن لنا أن نستمع بشكل يومي إلى أشرطة تحتوي على سور من القرآن الكريم ، لكن لانحفظ في حين أننا حفظنا سوراً منذ المرحلة الإبتدائية ولاننساها ولذلك جاء الخطاب الإلهي إلى النبي : اقرأ . ولم يكن : اسمع .رغم أنه كان في حالة سماع :" اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم "(غ) 0
إذن كان عليه أن يقرأ ماسمع وبذلك يحفظ, وأي طريقة أخرى فإنها لاتجدي ولاتؤدي إلى الحفظ . وهذا الخطاب ذاته يشمل الناس حتى يسيروا على ما سار عليه محمد عليه الصلاة والسلام ويحفظوا خطاب الله . هذا المثال الديني يعزز مكانة القراءة ويثبت أن لابديل عنها .. في شوارع أوربا وفي قطاراتها وحافلاتها ومواقفها الداخلية ترى الناس يستغلون هذه الأوقات الضائعة لقراءة جريدة أو جزء من كتاب في حين أن مكتباتنا تتحول شيئاً فشيئاً إلى محلات لبيع الخردة وبيع بناطيل الجينز وإذا سألت أصحابها قالوا لك : لاأحد يقرأ .. لكن الناس يلبسون الجينز ويبتاعون الخردة . هذا يحدث في بلادنا مع تفجّر الثورة المعلوماتية في وقت يزداد فيه أهل الغرب قراءة0 لايمكن للسماع أن يكون على حساب القراءة .. فمشاهدة فيلم لايمكن بأي حال أن تغني عن قراءة الرواية التي أُخذ عنها هذا الفيلم . ومن هذا المنطلق فإننا نرى أن أكثر الروايات العالمية مبيعاً هي تلك التي تتحول إلى أفلام وهنا تتحول السينما إلى عملية ترويج للقراءة ، فأنت في القراءة لاأحد يشاركك ولاأحد يشوّش عليك على عكس ما تشاهد الأحداث في صالة سينما ضخمة ومهما حاولت التركيز واستطعت!
أن تشاهد هذه الأحداث عبر جهاز في منزلك فلن تظفر بما تظفر به من خلال مسك الرواية بيديك وقراءتها حرفاً حرفاً من الغلاف إلى الغلاف . مثل هذا الكلام لايعني الدعوة إلى القطيعة عن وسائل تلقي المعرفة الأخرى ولكنه دعوة لعدم الميل كل الميل إليها فإن الأشجار في النهاية تقف على جذورها 0

الأمية الثقافية .

لقدتم الحديث مطولاً عن الأمية المنتشرة في بلادنا لأسباب متفاوتة وفي تقديرنا أن هذه الأمية تضاءلت ولسوف تتضاءل في السنوات العشر القادمة على نحو أوسع ،لأن أي أب ومهما كان موقعه فهو لن يترك أبناءه دون دخول مدارس في عصر التفجر المعلوماتي . لكن الخوف كل الخوف من تفشي الأمية الثقافية بين شرائح واسعة من فئات مجتمعاتنا المتعلمة . فالطبيب ، أو المدرّس ،أو المحامي ، أو المهندس ، أو السياسي .. ما إن يتخرج ويواجه عمله حتى تراه يتوقف كلياً عن تثقيف نفسه . فلدى الطبيب قناعة أن كل ما يدفعه إلى التفوق في مهنته هو الإلمام بمزيد من النشرات والكتب والمحاضرات والمكتشفات الطبية . وقس هذا على الاختصاصيين الآخرين ، وهذا نفسه يأتي حتى على الفقيه . والواقع أن كل أجناس المعرفة تكمل بعضها , فالفقيه الذي لايعرف شيئاً عن آثار التدخين من الناحية الطبية تكون نظرته شكلية . فعليه أن يحفظ الشعر ، ويقرأ في الفضاء ، ويقرأ في الهندسة ، ويقرأ في الأدب والحكمة حتى يستطيع أن يوسّع مفهومه عن الحياة المعاصرة وبالتالي يمكنه أن يجري مقارنات بين هذه المنجزات الحديثة وبين تفقهه في الدين . وهؤلاء جميعاً عليهم أن يحسنوا !
التعامل مع الثورة المعلوماتية الكبرى , وفي هذا ما أسميه : انفتاح العلوم البشريةعلى بعضها وتلاقح أجناس المعرفة بعضها ببعض . في حياتنا اليومية نقع على أشخاص من ذوي الاختصاصات , وعندما نلبي الدعوة لزيارة منازلهم تحل الصدمة علينا . فأزور فقيهاً في بيته ولاأرى في مكتبته الصخمة التي أفرد لها جناحاً كاملا من البيت كتاباً في الفلك أو الطب أو الأدب أو السياسة أو البيئة أو الشعر أو التاريخ . وهذا بذاته يكون لدى أصحاب الاختصاصات الأخرى . هذه هي الأمية الثقافية بعينها . فما المانع أن يقرأ الطبيب شيئاً من الشعر أو المسرح أو الرواية أو الفقه أو يشترك في مجلة ثقافيةأو دينية أو فكرية إلى جانب اشتراكه في مجلات طبية وهذا يأتي على الفئات الأخرى . إن محبة الكتاب هي محبة المعرفة البشرية برمتها ،والكتاب لايعني أبداً اختصاصا من الاختصاصات ، بل الكتاب هو المعرفة بمختلف أجناسها وألوانها . من هنا علينا أن نعزّز مكانة الكتاب في نفوسنا ونوليه قدراً أكبر من وقتنا وجهدنا ومالنا لأن الأمية الثقافيةهي أشد بؤساً وجهالة من الأمية التعليمية وإذا كانت الأمية التعليمية تُمحى على طاولات المدارس ، فإن الأمية الث!
قافية لايمحوها إلاّ الكتاب .
________________
مراجع

أ- سورة المجادلة ، الآية 11
ب- رواه ابن ماجة بسند صحيح
ت- رواه ابن ماجة بسند ضعيف وقد روي موقوفاً عليه
ث- خرجه الترمذي وابن ماجة وسنده ضعيف جداً .
ج- رواه الترمذي بسند ضعيف .
ح- الترمذي
خ- سورة القصص ، الآية 80
د- سورة العنكبوت ، الآية 43
ذ- سورة آل عمران ، الآية 18
ر- سورة المجادلة ، الآية 11
ز- سورة الزمر ،الآية 9
س- سورة النساء ، الآية 59
ش- البخاري ، كتاب العلم ، باب كيف يقبض العلم
ص- الحديث متفق عليه
ض- أخرجه الإمام أحمد في مستنده 3/157 ،لكن الهيثمي في مجمع الزوائد 1/121 ذكر أن فيه رشد بن سعد وهو مختلف في الاحتجاج به ، وأبا حفص صاحب أنس وهو مجهول .
ط- رواه الترمذي ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 2/694
ظ- أخرجه الترمذي في العلم
ع- سورة آل عمران ، الآية 190- 191
غ- الآية من 1 – 5

بقلم الأديب / عبد الباقي يوســــــف
روائـي وقاص ســـــوري
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو جمعية القصة والرواية السورية

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 05-04-2005, 11:51 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

المعلم

مجلة تربوية ثقافية جامعة
على الرغم من اهتمام التربية الحديثة بجوانب النمو الوجداني والمهاري إلى جانب النمو العقلي المعرفي ، إلا أن المعرفة لاتزال -وسوف تظل - ذات أهمية خاصة للمعلم ولعمله في المدرسة.
دليل المعلم


مناهجنا ومناهجهم.. أيهما يجب أن يتغير ؟!

أريد أن أسوق تهنئة قلبية لأخي الأستاذ زياد بن عبدالله الدريس رئيس تحرير مجلة (المعرفة) التي تصدرها وزارة المعارف، على الدراسة الموضوعية المتميزة التي قدمها لقرائه عن صورة العرب في المناهج الدراسية لأكثر من ثماني دول غربية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وثلاث دول آسيوية هي اليابان وكوريا والهند وكذلك البرازيل (المعرفة - ذو القعدة 1423هـ). ولست أشك أن أي عربي مسلم يقدر له الإطلاع على حصيلة هذه الدراسة سيصاب بصدمة عنيفة وغضب شديد، فالعرب والمسلمون في المناهج الأمريكية راكبو جمال متطرفون إرهابيون قذرون، وفي الإيطالية بدو متخلفون يسكنون الصحراء، وفي الفرنسية هم خطر داهم يهددون جيرانهم إلى الأبد، وفي المناهج الألمانية هم معادون للتقنية منكرون لحقوق الإنسان، وفي المناهج الهندية المسلمون حيات تنفث السم، وفي البرازيلية فان المرأة في الإسلام ليس لها روح، أما الصورة النمطية العامة في هذه المناهج للعربي المسلم فهو شيخ فاسق اختطف شقراء إلى خيمته بجوار بئر بترول. غير أن ما هو أخطر من ذلك كما أشارت مجلة المعرفة ان المرء يمكن أن ينتظر مثل هذا التشويه من وسائل الإعلام المعادية في هذه البلدان لأنها تعتمد على الإثارة ولا تحفل بالموضوعية، لكن من الصعب قبول ذلك من مناهج علمية ودراسات أكاديمية يفترض فيها الدقة والبحث والتحري والموضوعية، وتزويد الأجيال بالحقائق. ولابد أن يدرك القارئ الكريم أيضاً ان تقرير مجلة المعرفة قد تضمن من شتائم العرب وسباب المسلمين ما يسمح الذوق والأدب العام بنشره، واستبعد التقرير كل ما هو مستبشع كما تقول المجلة: (لقد ترددنا كثيرا أن نورد أوصافا - هي غيض من فيض - أطلقها مؤلفو الموسوعات والكتب الأكاديمية والمدرسية في الدول الغربية على القرآن الكريم والإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم والعرب والمسلمين، فهي ليست فقط بعيدة عن الموضوعية والأمانة العلمية، بل هي - بكل تأكيد - بعيدة أيضا عن الشعور والذوق والتهذيب الإنساني). *** هل هناك أي منهج في مدارسنا يقدم غير العرب والمسلمين بهذه الصورة البشعة المستقذرة ويعمق في عقول الأجيال المتلاحقة الاحتقار لهم والكراهية لحياتهم والخوف من وجودهم؟!. بل هل تنشر صحفنا ووسائل إعلامنا في معظمها إلا الثناء على المجتمعات الغربية والإعجاب بنهضتها والكثير من المديح لدول مثل اليابان وكوريا وحتى الهند والبرازيل والإشادة بنهضتهم وتقدمهم، وان كان ثمة من نقد فانه لا يقاس بما ينشرونه هم من تشريح لمجتمعاتهم وتنديد بجوانب النقص والفساد في مسيرتهم. هل يقال بعد ذلك أن علينا نحن العرب والمسلمين أن نصلح مناهجنا وننقيها من كراهية الآخر وبذور التطرف ودواعي الإرهاب والعنف؟!. وكما لا يعرف جمهورنا العربي المسلم والكثير من مثقفينا بكل تأكيد إلا القليل عن صورة العرب والمسلمين والإسلام في مناهج الدول الغربية والآسيوية واللاتينية، فإنهم لا يعرفون إلا النزر اليسير عن حركات الإرهاب ومليشيات العنف والخليط الهائل من الفكر المتطرف الذي تختزنه المجتمعات الغربية خاصة الأمريكية، ولمن شاء المزيد فإن عليه الإطلاع على الكتب الكثيرة الصادرة عن كل ذلك وآخرها كتاب (الإرهابي المجاور) من تأليف دانيال ليفيتاس الذي صدر أواخر العام الماضي في أمريكا ويقدم عرضاً تاريخياً موثقاً لحركات ومليشيات اليمين المتطرف، يكفي أن نعرف أن عدد المجموعات المتطرفة على أساس عرقي تبلغ 676 مجموعة أمريكية. *** لقد طور الغربيون معايير علمية دقيقة لقياس مدى العنف في أي مجتمع كأنواع الجريمة وأعداد المجرمين ونزلاء السجون وغير ذلك، ولو طبقت هذه المعايير على مجتمعات العرب والمسلمين لظهر أنها من أكثر المجتمعات في العالم أمناً وسلاماً وبعداً عن العنف وغنى بمعاني الإنسانية والسلام. أجدد التحية لأخي الأستاذ زياد الدريس رئيس تحرير مجلة (المعرفة) الغراء، الذي قدم في مجال عمله أنموذجاً مهنياً متميزاً للرد على حملات التجني الظالمة على ديننا وقيمنا ومناهجنا، فأرسى بذلك مثلا حضاريا يحتذي في منهجية العمل الإعلامي وأصوله، وأسوة حسنة للإعلاميين الشباب في التزام الموضوعية والبحث العلمي ومصداقية المعلومة.

محمد صلاح الدين

___________
عن جريدة المدينة

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 02:34 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع