مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #11  
قديم 29-09-2006, 05:31 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

خلافة يزيد بن معاوية
(60 - 64 هـ/ 679- 683م )
بويع له فى حياة أبيه ليكون وليّا للعهد من بعده، ثم أكد البيعة لنفسه بعد موت والده فى النصف الثانى من رجب سنة ستين، واستمر فى منصبه إلى أن توفى سنة أربع وستين !
وقد واجهته المشاكل والعقبات عقب تسلمه الحكم، فقد قامت ضده ثلاث ثورات، ترجع دوافعها إلى تقرير "مبدأ الوراثة" فى بنى أمية.
الفتنة:
ما كاد يزيد يتسلم زمام الحكم حتى واجه نفرًا من المسلمين يمتنعون عن مبايعته، ثم ما لبثت معارضتهم لبيعته أن تحولت إلى ثورة مسلحة.
وكان يزيد قد طلب من أمير المدينة المنورة الوليد بن عتبة بن أبى سفيان الحصول على البيعة من الحسين بن على، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، لكن الحسن وابن الزبير رفضا، وخرجا من المدينة إلى مكة، وتوقف ابن عمر فقال: إن بايع الناس بايعت. فلما بايع الناس بايعه ابن عمر، وتعقَّد الموقف فى الحجاز.
وعلم أهل العراق برفض الحسين مبايعة يزيد وتوجهه إلى مكة، فوجدوا الفرصة سانحة للتخلص من الأمويين وإعادة الدولة كما كانت فى عهد على؛ ليتولى أمرهم الحسين بن على، فهو أحب إليهم من يزيد بن معاوية! وبقاء الحكم فى العراق أحب إليهم من بقائه فى الشام.
فأرسلوا رسلهم إلى الحسين، ليحرضوه على المطالبة بالخلافة، ويطلبوا منه المسير إلى الكوفة، فبعث الحسينُ ابنَ عمِِّه "مسلم بن عقيل بن أبى طالب" إلى الكوفة ليتبين الموقف؛ وليمهد له الأمر، حتى إذا رأى إجماع الناس على بيعته أسرع بإحاطته علمًا بذلك. وعندما أقبل "مسلم بن عقيل" على الكوفة رأى من أهلها إقبالا ورغبة فى مبايعة الحسين، فبعث إليه على الفور يستعجل قدومه.
لكن الأمويين كانوا قد أحيطوا علمًا بما يدور فى الكوفة فأرسلوا على الفور عبيد الله بن زياد واليًا عليها ليحفظ الأمن والنظام، وليضبط الأمر على النهج الذى اتبعه والده زياد من قبل أيام الخليفة معاوية بن أبى سفيان.
استطاع عبيد الله أن يُحكم سيطرته على البلاد، ويقتل قادة الدعوة إلى الحسين، ومن بينهم "مسلم بن عقيل" ويخرس الألسنة التى تنادى بالحسين خليفة.
وتحرك ركب الحسين إلى الكوفة فى هذا الجو المتأزم الملبد بالغيوم، فنصحه كبار الصحابة وكبار شيعته مثل أخوه: محمد بن الحنفية، وعبد الرحمن بن الحارث المخزومى، وعبد الله بن عباس، ليصرف النظر عن الذهاب إلى العراق، وعدم الاطمئنان لما نقل إليه من موافقة أهلها على مبايعته، غير أن الحسين -رضى الله عنه- لم يستمع لنصح الناصحين.
حادث كربلاء:
خرج -رضى الله عنه- فى جماعة من شيعته لا يزيدون عن ثمانين رجلا، ومعه نساؤه وأطفاله قاصدًا الكوفة دون أن يعلم بما حدث !
فلما بلغه ما حدث لم يتراجع، بل واصل المسير وكانت القوات الأموية فى انتظاره، ولم يكن اللقاء متكافئًا. وفى "كربلاء" التحم الفريقان، فسالت الدماء وسقط الحسين شهيدًا بالقرب من الكوفة يوم عاشوراء فى العاشر من المحرم سنة 61هـ / 681م، وتخلص يزيد من أحد منافسيه الأقوياء، وبقى عبد الله بن الزبير.
مواجهة عبدالله بن الزبير:
ذهب عبدالله إلى مكة محتميًا بها، وسمى نفسه العائذ بالبيت. فلما بلغه استشهاد الحسين أخد البيعة لنفسه من أصحابه فى وجود والى مكة الأموي "عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق" الذى كان فى استطاعته أن يتغلب على ابن الزبير، لكنه كان يرفق به.
فماذا يفعل يزيد، وقد لجأ ابن الزبير إلى الحمى ؟!
ولى على الحجاز الوليد بن عتبة بن أبى سفيان الذى اشتد على "ابن الزبير" فلم يجد ابن الزبير بدّا من اللجوء إلى حيلة معقولة؛ لكى يتخلص من الوليد. وهداه تفكيره إلى أن يطلب إلى يزيد تغيير هذا الوالى حتى يتسنى له أن يفكر فى مصالحته.
وسرعان ما استجاب يزيد، فعزل الوليد وعين مكانه "عثمان ابن محمد بن أبى سفيان".
وقد نجحت حيلة ابن الزبير، فعثمان كان شابّا صغيرًا لم تصقله التجارب، ولا خبرة له بسياسة الناس وقيادتهم، فأساء من حيث أراد الإصلاح.
لقد أرسل وفدًا من أشراف أهل المدينة إلى دمشق ؛ لكى يرى الخليفة بنفسه مدى طاعتهم وولائهم، وأحسن يزيد وفادتهم، وأغدق عليهم، ومنحهم العطايا ليستميل قلوبهم، وليكونوا خير دعاة له إذا رجعوا إلى أهليهم وذويهم، فمن رأى ليس كمن سمع، ولكنهم بعد أن رأوا فى عاصمة الخلافة الجديدة مظاهر البذخ والإسراف، وسمعوا مالا يتفق مع تقاليد الخلفاء الراشدين من مظاهر الترف، عادوا وهم يعلنون بين أهليهم وذويهم أنهم قد خلعوا طاعة يزيد، ثم بايعوا عبد الله بن حنظلة بن أبى عامر "ابن غسيل الملائكة" وتوجهوا بعد ذلك إلى والى يزيد على المدينة فأخرجوه منها، وحاصروا دار مروان بن الحكم بالمدينة تعبيرًا عن سخطهم ورفضهم لبنى أمية.
واستغاث مروان بن الحكم بيزيد، وتأزم الموقف من جديد، فقد أعد يزيد جيشًا ضخمًا من جند الشام، وأسند قيادته إلى مسلم ابن عقبة، ليحمى بنى أمية بالمدينة، وليخضع الثائرين عليه.
وعلم أهل المدينة بمقدم الجيش فلم يجدوا بدّا من إخراج بنى أمية إلى الشام بعد أن يأخذوا عليهم العهود والمواثيق ألا يساعدوا عليهم أحدًا.
وخرج بنو أمية مطرودين من المدينة، لكنهم تقابلوا مع جيش مسلم بن عقبة، فطلب منهم أن يشيروا عليه بما ينبغى أن يفعله، فأرشده عبد الملك بن مروان إلى كيفية الزحف على المدينة، والدخول إليها، وزحف مسلم كما أشار عليه عبد الملك، ونفذ الخطة فوصل إلى الحرة شمالى شرق المدينة، وهى أرض صخرية بركانية، فخرج إليه أهل المدينة بقيادة عبد الله بن حنظلة، والتحموا مع جند الخليفة فى معركة شديدة انتهت بهزيمة أهل المدينة، وقتل عدد كبير من بنى هاشم وقريش والأنصار.
وفى جو الهزيمة هذا دعا مسلم الناس للبيعة؛ محذرًا من عاقبة المخالفة بعد أن رأوا بأعينهم ما حل بغيرهم.
فبعد أن انتهى مسلم من إجبار الناس على البيعة، سار بمن معه من الجند إلى البيت الحرام بمكة؛ حيث يعتصم ابن الزبير، لكن القدر لم يمهله، فتوفاه الله قبل أن يصل إلى مكة.
ويتولى على الفور قيادة الجيش الأموى الزاحف على مكة للقاء عبد الله بن الزبير: "الحصين بن نمير السكوني" ، ويواصل مسيرته إلى مكة المكرمة، ويشتد على الثائرين، ولا يمنعه شىء مما يحتمون به، ويستمر الحصار شهرين، وابن الزبير متحصن بالبيت الحرام، وتأتى الأنباء بوفاة الخليفة يزيد، فيتوقف القتال، ويرفع الحصار، ويعود الجيش الأموى إلى الشام، ويخرج ابن الزبير على الناس فتذعن جزيرة العرب كلها له، ويبايعه كثير من أنصار الدولة الأموية وسط العواصف خليفة للمسلمين.
الفتوحات الإسلامية فى عهد يزيد:
وبالرغم من الصراعات الشديدة التى حدثت فى عهد يزيد، فإن الفتوحات الإسلامية لم تتوقف، واستمرت فى العديد من الجهات، فهناك فى الشرق واصلت الجيوش الإسلامية فتوحاتها فى خراسان وسجستان تحت قيادة مسلم بن زياد، فغزا سمرقند وحُجَنْدة، أما هناك فى الغرب فقد أعاد يزيد بن معاوية، عقبة بن نافع واليًا على إفريقية، وكان معاوية قد عزله عنها، فواصل عقبة بن نافع فتوحاته بحماس منقطع النظير وقال: إنى قد بعت نفسى لله-عز وجل-، فلا أزال أجاهد من كفر بالله. ففتح مدينة "باغاية" فى أقصى إفريقية، وهى مدينة بالمغرب، وهزم الروم والبربر مرات عديدة، ثم واصل المسير إلى بلاد الزاب، فافتتح مدينة "أَرَبَة" وافتتح "تَاهَرْت" و"طَنْجة" و"السُّوس الأدنى"، ثم صار إلى بلاد السوس الأقصى، واستمر فى فتوحاته حتى بلغ "مليان"، حتى رأى البحر المحيط (المحيط الأطلنطى) فوقف عليه وقال مقالته التى حفظها له التاريخ: يا رب لولا هذا البحر لمضيت فى البلاد مجاهدًا فى سبيلك. ثم عاد راجعًا إلى القيروان.

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29-09-2006, 05:32 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

خلافة مروان بن الحكم
(64 - 65 هـ/ 683- 684م )
نحن الآن فى عام 64هـ / 684م، وما زال الطريق طويلا أمام الدولة الأموية التى دبت فيها الروح ثانية؛ لتواصل المسيرة حتى سنة 132هـ /750م، فكيف واجهت الأعاصير والأنواء؟! وكيف أعادت بسط سلطان الدولة الأموية من جديد على الأقاليم التى أعلنت البيعة لابن الزبير.
والعجيب أن عرب الشام انقسموا إلى فريقين بعد أن اجتمعت بنو أمية على مروان بن الحكم!
فالعرب اليمانية راحوا وحدهم يؤيدون مروان، أما العرب القيسية، وعلى رأسهم الضحاك بن قيس، فقد راحوا يؤيدون عبدالله بن الزبير.
وهنا يتجلى دور مروان بن الحكم؛ لقد جمع أنصاره، وسار أولا إلى الضحاك، واقتتل الفريقان بـ "مرج راهط" بغوطة دمشق وكان ذلك فى المحرم سنة 65هـ، وانتصر مروان بن الحكم، ودخل دمشق بعد أن قضى على الفتنة، ونزل بدار معاوية بن أبى سفيان، وبايعه الناس بالخلافة.
مصر فى حوزة الأمويين:
وبعد أن استقرت الأمور فى دمشق توجه مروان إلى مصر على رأس جيش قوى، ودخلها سنة 65هـ/685م وكان عليها عبد الرحمن بن جحدم القرشى عاملا لابن الزبير، وولى ابنه عبدالعزيز بن مروان على مصر، وأمده بموسى بن نصير؛ ليكون وزيرًا له ومشيرًا. وعادت مصر للأمويين مرة أخرى بعد انفصال دام تسعة أشهر تحت قيادة أنصار ابن الزبير. وبقى الحجاز والعراق فى يد ابن الزبير بعد أن دانت الشام ومصر للأمويين.
لقد كانت مصر على اتصال بالحجاز فى عهد عبدالله بن الزبير، تمده بما يحتاج إليه من الغلال، فلما خضعت ثانية للأمويين حرم الحجاز مما كانت مصر تمده به، وتأثر موقف ابن الزبير فى الحجاز بهذا الوضع الاقتصادى، وفى هذا الوقت كان مروان بن الحكم يعمل على تنفيذ خطوات محسوبة بدقة وإحكام، لقد أعد جيشين: أحدهما إلى الحجاز للقضاء على عبد الله بن الزبير، أما الجيش الآخر فقد سيره إلى العراق للقضاء على مصعب بن الزبير شقيق عبد الله وواليه هناك. ويشاء الله أن تحل الهزيمة بجيش الحجاز، وألا يقوم جيش العراق بشىء يذكر فى حياة مروان الذى عاجلته المنية سنة 65هـ بعد أن عهد بالخلافة لابنيْه عبد الملك، ثم عبد العزيز.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29-09-2006, 05:32 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

خلافة عبد الملك بن مروان
(65 - 86 هـ/ 684- 705م )
كان الأمويون عندما عقدوا "مؤتمر الجابية" لمبايعة مرْوان بن الحكم قد اتفقوا على أن يخلفه: "خالد بن يزيد بن معاوية" ثم "سعيد بن العاص" من بعده. "
غير أن "مروان بن الحكم" نقض ذلك العهد وعهد بالخلافة لابنه "عبد الملك" ومن بعده ابنه " عبد العزيز" وراح يصرف الأنظار عن "خالد بن يزيد" الذى كان شابّا محدود الخبرات فى الإدارة.. بما أوتى من وسائل، ورغم ما فى ذلك من إيثار لابنه ونقض لعهده فإنه كان خيرًا لاستقرار الدولة وكان خيرًا للإسلام والمسلمين.
وباتت الدولة الإسلامية الموحدة تتقاسمها خلافتان:
الأولى: عليها عبد الله بن الزبير وتضم الحجاز والعراق.
أما الثانية: فيتولاها عبد الملك بن مروان الذى تولى عقب وفاة أبيه، ولم تعد تضم إلا الشام ومصر.
وقد نجح عبد الملك بن مروان فى ضبط الأمور، والقضاء على الفتن، فانتشل الدولة من الفوضى التى وصلت إليها، وأعاد الأمن والاستقرار إلى ربوعها.
لقد ظهر بالكوفة المختار بن عبيد الله الثقفي، وجمع من حوله شيعة على -رضى الله عنه-، وراح يتتبع قتلة الحسين هنا وهناك وقتل منهم الكثير وعلى رأسهم أمير الجيش الذى حارب الحسين " عمر بن سعد بن أبى وقاص"، وقتل "عبيد الله بن زياد" أمير العراق الأموى، وشتت جيشًا قوامه (40) ألفًا، كما قتل "الحصين ابن نمير" واستولى على الموصل، وراح يدعو لمحمد بن الحنفية ابن الإمام على كرم الله وجهه، ويناديه بالإمام المهدى يريد المهدى المنتظر.
لقد انتشر نفوذ الشيعة فى شرق الدولة وكان هذا العامل هو المعول الذى مهد لزوال الدولة الأموية على مر الزمن!
وقد عمد الشيعة فى ذلك الوقت وعلى رأسهم المختار إلى الانتساب لمحمد بن الحنفية، ليستفيدوا من هذه النسبة فى اكتساب مزيد من المؤيدين الناقمين على بنى أمية والثائرين من أجل المطالبة بدم الحسين وآله.
والمعروف أن محمد بن الحنفية كان عالمًا زاهدًا، قد رفض أن يبايع لأحد من الخليفتين ابن الزبير أو ابن مروان، وقال لا؛ حتى يبايع الناس أجمعون فإن بايعوا بايعت. وهكذا فعل عبد الله بن عباس، ولم يكن له مطمع فى الخلافة، أو هدم البيت الأموى أوالقضاء على ابن الزبير.
ولقد أغضب الدعوة باسم محمد بن الحنفية "عبد الله بن الزبير" فأرسل أخاه "مصعب بن الزبير"؛ ليكون أميرًا على العراق، وأمره بالقضاء على "المختار الثقفى".
وقد نجح مصعب فى حصار المختار بالكوفة وقتله، وأصبح الحجاز والعراق لابن الزبير ومصر والشام لعبد الملك بن مروان.
وفى سنة 70هـ /690م خرج عبد الملك بن مروان إلى العراق لأخذها من الزبيريين، وتدور بينه وبين مصعب عدة معارك، وأخيرًا يتمكن "عبد الملك بن مروان" من القضاء على "مصعب ابن الزبير" فى معركة "دير الجاثليق" وكان ذلك سنة 71هـ/691م وقيل: سنة 72هـ/692م. المهم أن عبد الملك بعد مقتل "مصعب ابن الزبير" دخل "الكوفة" معقل الزبيريين، وأخذ البيعة من أهلها لنفسه، وولَّى ولاة من قِبله على العراق.
الحجاج وابن الزبـير:
ولم يبق إلا الحجاز يسيطر عليه عبد الله بن الزبير من مكة، وقد حانت الساعة الفاصلة، ساعة الحزم والحسم، فأمر عبدالملك ابن مروان "الحجاج بن يوسف الثقفى" -الذى يمكن أن يتخذ من الطائف مسقط رأسه قاعدة لعملياته الحربية- أن يتصدى لعبد الله ابن الزبير المتحصن بمكة المكرمة.
وتحرك جيش الحجاج من الطائف إلى مكة فحاصرها كما فعل الحصين بن نمير من قبل، وقذف ابن الزبير بالمنجنيق، وظل يضيق على ابن الزبير وأنصاره الخناق حتى تفرق عنه معظم أنصاره، لكن ابن الزبير ظل يقاوم رافضًا أن يستسلم حتى قتل سنة 73هـ/ 693م، وكانت خلافته تسع سنين.
وبمقتل ابن الزبير دخلت الحجاز من جديد تحت حكم بنى أمية، وكوفئ الحجاج بأن ظل واليًا على الحجاز من قبل عبد الملك ابن مروان حتى سنة 75هـ/ 695م.
ثورات ابن الأشعث:
ولا يكاد عبد الملك بن مروان يلتقط أنفاسه ليتفرغ للبناء والتعمير، ومواصلة الفتوح حتى يرى أن جماعات الشيعة فى مدن العراق مثل الكوفة تشكل خطرًا على الدولة؛ بسبب قربها من بلاد فارس، التى رأى أهلها فى الشيعة خير سبيل لتحقيق أطماعهم القومية فى ضرب الأمويين باعتبارهم ممثلين للعنصر العربى وسلطانه فى الدولة الإسلامية، وركز الفرس نشاطهم فى سبيل وصول أبناء الحسين بن على بن أبى طالب إلى منصب الخلافة، مدعين بأنهم من سلالة الحسين؛ وذلك لأنه تزوج من شهر بانوه بنت يزدجرد الثالث آخر أكاسرة الفرس، وزعموا أن تلك السلالة من أبناء الحسين تجمع بين دم عربى، وأشرف دم فارسى.
وتصدى الحجاج بن يوسف لهذه الفتنة مرة أخرى، ويحقق الأمن والاستقرار فى ربوع البلاد.
ويصدر الأمر من الخليفة الأموى بأن يتولى الحجاج أمر العراق والمشرق الإسلامى، ويسير إليها فى جيش من أهل الشام.
وكان الحجاج شديدًا عنيفًا، فراح يواجه عدة ثورات كانت إحداها بقيادة "عبد الرحمن بن الأشعث".
وتدور معارك شرسة مثل "دير الجماجم" بين الجيش الأموى وبين جيش ابن الأشعث، يتبادل فيها الفريقان النصر والهزيمة، وتستمر سجالا بينهما فى أكثر من ثمانين موقعة، تدور الدائرة بعدها على ابن الأشعث، فيهرب إلى بلاد الهند. ولكن الحجاج يرسل من يلاحقه ويتابعه حتى يأتى إليه برأسه فى الكوفة.
وهكذا استطاع الحجاج إخضاع بلاد العراق وما والاها من بلاد المشرق لسلطان عبد الملك بن مروان، وبهذا توطدت دعائم الدولة فى عهده، وانتشر الأمن فى البلاد، ويتفرغ عبد الملك لجانب من الإصلاح الداخلى، فيصدر أمره بصك الدنانير الإسلامية، عليها شهادة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله بسم الله، فكان أول من ضرب الدنانير والدراهم الإسلامية، لتحمل محل العملة البيزنطية فيتحقق للدولة استقلالها المالى والاقتصادى.
وأصدر أمره بجعل اللغة العربية هى اللغة الرسمية التى تكتب بها الدواوين فى أرجاء الدولة، وينفذ ابنه عبد الله بن عبدالملك بن مروان والى مصر هذه التعليمات؛ حيث كانت مصر ما تزال تكتب باللغة القبطية، بما أدى إلى انتشار اللغة العربية لغة القرآن والحديث، فهى بلا شك إحدى المقومات الأساسية للدولة الإسلامية.
وسوف تظل هذا الخطوة الرائدة صفحة مضيئة يسجلها التاريخ لعبد الملك بن مروان على مر الزمان.
الفتوحات الإسلامية فى عهد عبدالملك:
وبعد أن استقرت الدولة فى الداخل، وتم القضاء على الفتن والثورات، راح عبد الملك يواصل ما بدأه السابقون من الفتوحات، ويعمل على تأمين الحدود التى تعرضت للإغارة والمهاجمة والاستيلاء على بعضها من جانب الروم، منذ أن أصدر معاوية أمره إلى الجيش الذى كان يحاصر القسطنطينية بالعودة إلى البلاد، وتمكن عبد الملك من استرداد الثغور الإسلامية، وإخضاع أرمينية، وسواحل سورية، وكثير من الثغور الإسلامية، وفَتْح عدد من حصون الروم منها: "مرعش" و"عمورية" و"أنطاكية"، وأظهر للروم أن الدولة الإسلامية باقية، وأنها لم تضعف ولم تهن!
وما كاد عام 62هـ/682م يأتى حتى صدر الأمر بأن يتولى "عقبة بن نافع" إفريقية للمرة الثانية؛ ليواصل حروبه وفتوحاته، ويتمكن من فتح الجزائر، ويتوغل نحو بلاد "السوس" فى المغرب الأقصى.
وكان عقبة فى عهد معاوية قد انطلق بجيوشه إلى إفريقية واستولى عليها واختار "القيروان" قاعدة له، ولكن بعد الانتهاء من بناء القيروان صدر قرار بتعديل القيادة العليا بالميدان الإفريقى سنة 55هـ/ 675م.
فقد استعمل معاوية بن أبى سفيان مسلمة بن مخلد على مصر وإفريقية، فاستعمل مسلمة على إفريقية مولى له يقال له "أبو المهاجر" فلما وصلها عزل عقبة.
وكان معاوية يهدف من ذلك إلى مواجهة الإمبراطورية البيزنطية صاحبة السيادة إذ ذاك على شمال إفريقية، ومحاولاتها إيقاف الزحف الإسلامى المنتظر من القيروان.
واستطاع "أبو المهاجر دينار" أن يفسد خطط البيزنطيين باكتساب البربر إليه، ونشر الإسلام بينهم.
وتجلّى نجاح هذا القائد حين اكتسب إلى صفوفه زعيم قبيلة البربر وهو "كسيلة" فدعاه إلى الإسلام، فأسلم وترتب على ذلك انتشار الإسلام بين كثير من البربر، فراحوا يتفهمون حقيقة الإسلام، ويقبلون عليه، وراح الفتح الإسلامى فى شمال إفريقية يمتد وينتشر.
ولكن الفتوحات الإسلامية تتعرض لأول نكسة خطيرة لها لعدم معرفة نتيجة السلطة المركزية فى "دمشق" بالتطورات التى طرأت على السياسة البيزنطية فى تلك البلاد، فعندما أعادت السلطات "عقبة بن نافع" سنة 62هـ/682م إلى القيادة العليا للميدان الإفريقى، ووصل إلى "القيروان" قاعدته الحربية التى أنشأها من قبل، انطلق منها لممارسة المهمة التى عين ثانية من أجلها، بل إن عقبة لما عاد إلى ولاية إفريقية جازى المهاجر عما فعله به عندما عزله سنة 55هـ، فقبض عليه وأوثقه فى الحديد، وخرج به مكبلا فى زحف خاطف، وصل به إلى ساحل المحيط الأطلسى، وعند ذلك النهر الذى تقوم عليه مدينة مراكش اليوم أدخل عقبة ابن نافع فرسه فى المحيط وراح يرفع رأسه فى عزة المؤمن، وتواضع المعترف بفضل الله عليه قائلا: "اللهم فاشهد أنى لو كنتُ أعلم وراء هذا البحر أرضًا لخضته غازيًا فى سبيلك".
لكن عقبة فاته أن يستمع إلى أبى المهاجر ونصائحه حول البيزنطيين وسياستهم، ولجوئهم إلى أسلوب الغدر والخديعة والمكر والخيانة، فقد انتظروا حتى عاد قاصدًا القيروان، وكان يسير فى مؤخرة جيشه، وأعدوا له كمينًا وهو فى طريق العودة بالتعاون مع كسيلة -الزعيم البربرى- الذى تحالف مع الروم، وادعى أن عقبة قد عزم على تأديب البربر؛ لأنه أساء الظن فى حقيقة إسلامهم.
والتقى الجميع فى معركة "تهوذة" عام 63هـ/ 683م، وأحاطت قوات البزنطيين بعقبة بن نافع وراح "أبو المهاجر" يدافع عنه دفاع الأبطال ولكنهم تمكنوا من قتله، واستشهد عقبة ولحق بالرفيق الأعلى.
وبعثت الخلافة الأموية بجيوش جرارة على رأسها قائد من خيرة قادتها هو "حسان بن النعمان" الذى عمل على تحرير شمال إفريقية تمامًا من البيزنطيين، والقضاء على أساليبهم الغادرة.
دخل حسان القيروان سنة 74هـ / 694م، وبادر بالزحف على "قرطاجنة"، وهى أكبر قاعدة للبيزنطيين فى إفريقية "تونس الحالية" ودمرها تمامًا، ثم طارد فلول الروم والبربر، وهزمهم فى "صطفورة" و"بنزرت" ولم يترك حسان موضعًا من بلادهم إلا دخله بجنوده، ثم عاد "حسان" إلى القيروان، فأقام بها حتى استراح الجيش وضمدت جراح المصابين.
واضطر حسان إلى اتخاذ مراكزه فى "برقة" حتى جاءته الإمدادات من مصر سنة 81هـ/ 700م، فخرج بالجيوش لملاقاة جيوش البربر بقيادة امرأة منهم تدعى الكاهنة، واستطاع الانتصار على البربر، وأعاد القيروان إلى حضن الإمبراطورية الإسلامية.
وأخذ حسان يعمل بعد ذلك على تدعيم الفتوحات الإسلامية بشمال إفريقية، فأسس قاعدة بحرية إسلامية باسم "تونس".
واستعان بعمال مصر وخبرتهم فى بناء تلك القاعدة، ثم أقبل حسان على إفساد خطط البيزنطيين، وراح يعمل للقضاء على مكرهم وألاعيبهم. فحبب الإسلام وزينه فى قلوب أبناء الكاهنة، ثم قربهم إليه، وجعلهم فى الرئاسة العليا على أبناء قبيلتهم، مبينًا لهم أن العزة لله ولرسوله وللمسلمين، وأن الإسلام يستهدف عزة أبناء إفريقية وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهكذا عادت إفريقية إلى الإسلام والمسلمين.
وعلى الجانب الآخر، فى خراسان، تابع "المهلب بن أبى صُفرة" أمر الفتوح فى تلك البلاد بعد أن أسند إليه الحجاج ولايتها!
لقد فتح خُجَنْدة وغزا "كَشّ" سنة 80هـ/699م، واتخذها مركز القيادة، وأرسل منها أولاده لغزو كثير من البلاد، لكنه مات فى شهر ذى الحجة على مقربة من "مرو" وتولى ابنه يزيد بعد أبيه، فاستهل عهده بغزو "خوارزم".
ويأتى عام 85هـ فيتولى "المفضل بن أبى صفرة" أمر خراسان ويفتح "باذغيش" و"أخرون" "وشومان"، لكن الحجاج سعى بآل المهلب لدى عبد الملك حتى لا يولى منهم أحدًا، واتهمهم بأنهم كانوا من أتباع عبد الله بن الزبير، وأشار على "عبد الملك" بأن يولى قتيبة بن مسلم الباهلى على خراسان، وهو من باهلة التى تنتمى إلى قيس، وبذلك يستطيع أن يجذب إليه القيسيين فى خراسان.
ووصل قتيبة بن مسلم إلى "مرو" فى نهاية سنة 85هـ/704م.
ولكنه لم يكد يستقر فى خراسان حتى وصلت الأنباء فى سنة 86هـ/705م بوفاة الخليفة عبد الملك بن مروان رحمه الله رحمة واسعة.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 29-09-2006, 05:34 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

خلافة الوليد بن عبدالملك
(86 - 96 هـ/705- 714م )
توفى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان سنة 86هـ/ 705م وخلفه ابنه الوليد، وكان أبوه قد عهد إليه بالخلافة، وبويع له بها يوم وفاة أبيه.
وكان عهده، عهد فتح ويسر وخير للمسلمين، لقد اتسعت فى أيامه رقعة الدولة الأموية شرقًا وغربًا، فعندما تولى الوليد الحكم استعمل عمه عبد الله بن مروان على إفريقية، فعزل حسانًا واستعمل بدلا منه موسى بن نصير عام 89هـ، فكان شديدًا وصارمًا على البربر الذين طمعوا فى إفريقية بعد مسير حسان عنها فوجه إليهم ابنه عبد الله، فقَتل وسبى منهم خلقًا كثيرًا، وتوجه إلى جزيرة "مايوركا"، فاقتحمها وسبى أهلها، وتوجه إلى طائفة أخرى من البربر، فأكثر فيهم القتل والسبى، حتى بلغ الخمس "ستين ألفًا من السبى"، فلم يكن سبى أعظم منه، ثم خرج غازيًا طنجة يريد من بها من البربر، فانهزموا خوفًا منه، فتبعهم وقتلهم، واستأمن من بقى منهم، ودخلوا فى طاعته، وترك عليهم وعلى طنجة مولاه "طارق بن زياد" وأبقى معه جيشًا أكثره من البربر، وترك معهم من يعلمهم القرآن والفرائض، حينئذ لم يبق له فى إفريقية من ينازعه.
ورأى الوليد أن أهم ما يجب عمله تقوية الأسطول الإسلامى وضرب قواعد البيزنطيين فى صقلية وغيرها من جزر البحر المتوسط المقابلة لإفريقية، لكى يدعم هذا الوضع المستقر للمسلمين فى الشمال الإفريقى الذى أصبح جزءًا من الدولة الإسلامية.
لقد دخلت الفتوح الأموية فى شمال إفريقية مرحلتها الختامية سنة 89 هـ/ 708م بتولى إمارة القيروان موسى بن نصير خلفًا لحسان بن النعمان.
فلقد أجاد التنسيق بين الأساطيل الإسلامية فى غرب البحر المتوسط، وبين قواته البرية، وفتح الأجزاء النائية، كما رأينا، وهى التى تعرف باسم المغرب الأقصى، وطرد البيزنطيين من قواعدهم البحرية القريبة من سواحل إفريقية "تونس"، وعندئذ أصبح شمال إفريقية الجناح الأيسر للدولة الإسلامية فى عهد الأمويين، وأصبح أهلها دعاة للإسلام يسهمون فى نشره فيما جاورهم من بلاد.
وقد عهد موسى بن نصير إلى طارق بن زياد بالقيادة العليا للقوات الإسلامية، وهو من أبناء البربر المسلمين فى مدينة "طنجة".
وجاءت هذه الخطوة من جانب موسى بن نصير، دليلا على سمو وعلو مبدأ المساواة فى الإسلام، فقد رأى البربر أن أحد أبناء إحدى القبائل البربرية صار القائد العام لجبهة المغرب الأقصى.
وكان من نتيجة هذا العمل أن أتاح للدين الإسلامى الحنيف دماء جديدة هيأت له الانطلاق إلى فتح الأندلس، ونشر نوره على أرجاء هامة من غرب أوربا.
فتح الأندلس:
نحن الآن فى سنة 91هـ / 710م؛ حيث استشار موسى بن نصير الخليفة الوليد بن عبد الملك، فى فتح الأندلس "أسبانيا"، وعلى أثر الموافقة أرسل موسى سرية استطلاعية بقيادة طريف بن مالك، وكان من البربر، فشن غارة على جنوب أسبانيا، ومعه أربعمائة مقاتل ومائة فرس.
واستطاع أن يتوغل بهم فى الجزيرة الخضراء، ويعود إلى ساحل إفريقية حاملا الكثير من الغنائم، وكان ذلك فى رمضان سنة 91هـ/710م، وقد تأكد له قصور وسائل الدفاع فى أسبانيا بل انعدامها.
ولقد شجع نجاح طريف فى تلك الغزوة القائد الأعلى موسى ابن نصير على التقدم لفتح الأندلس (أسبانيا)، ووقع اختياره على والى طنجة وقائد جيشه طارق بن زياد ليتولى مهمة هذا الفتح العظيم.
وفى شهر رجب من سنة 92هـ/711م قام طارق بن زياد ومعه جيش مكون من سبعة آلاف مقاتل بعبور المضيق الذى عرف باسمه، ونجحت عملية العبور، واحتل المسلمون الجبل بكامله.
لقد جمع طارق قواته بعد العبور عند هذه الصخرة من جنوب البلاد وهى التى نسبت إليه وعرفت باسم "جبل طارق"، وها هو ذا يندفع بقواته كالسهم، لا يقف فى طريقه شىء، ولقد حاول ملك أسبانيا "لذريق" أن يوقف هذا الزحف بجيش جرار قوامه مائة ألف، ولكن طارق بن زياد كان قد طلب المدد من قائده موسى بن نصير فأمده بخمسة آلاف حتى أصبح عدد جنده اثنى عشر ألفًا.
واندفع طارق بكل إيمان زاحفًا على القوط -حكام شبه جزيرة أسبانيا-، وأنزل بهم هزيمة فادحة فى موقعة رمضانية على نهر لكة "وادى لكة" بمقاطعة "شَذُونة"، وراح يواصل فتوحاته بعد أن قتل "لذريق"، فأوقع بالقوط الهزيمة الثانية عند مدينة "إِسْتِجَة"، فألقى الله الرعب فى قلوب أعدائه، ففزعوا منه فزعًا شديدًا، وظنوا أنه سيفعل بهم فعل سلفه "طريف بن مالك"، وكان طريف قد أوهمهم أنه سيأكلهم، هو ومن معه، فهربوا منه إلى طليطلة.
يا إلهى إن النصر من عندك، هذه الراية الظافرة تتقدم، وتتوغل، ومدن أسبانيا تتهاوى واحدة بعد الأخرى فى يد المسلمين.
وها هم أولاء جنود الإسلام ينتشرون؛ حيث قرر طارق وهو فى مدينة إستجة أن يفرق جيشه ويوجهه إلى جهات شتى، فهذه شعبة تتوجه إلى "قرطبة"، فتدخلها وتستولى عليها، وتلك شعبة من الجيش وصلت إلى مدينة "غرناطة"، فدخلتها وملكتها، وشعبة من الجيش تقتحم مدينة "تُدْمِير" فيضطر أهلها إلى مصالحتها، وسار طارق ومعه معظم الجيش إلى مدينة "جيان" يريد "طليطلة" فهرب أهلها وتركوا له المدينة خالية.
ويواصل المنتصرون متابعة الفلول المنهزمة، وملاحقتهم حتى "جِلِّيقية" فى أقصى الشمال الغربى من الأندلس، ثم عاد من هناك، وعادت جيوشه إلى "طليطلة" فى سنة 93هـ/712م، وهنا خشى "موسى بن نصير" أن تقطع على الجيش الإسلامى خطوط المواصلات، ويحال بينه وبين قواعده التى انطلق منها، ويقوم العدو بالانقضاض عليه ومحاصرته، والقضاء عليه، فيسرع بإصدار أوامره إلى طارق أن ينتظره فى "طليطلة" حتى يسعى إليه بنفسه هو، ويؤمن خطوطه الخلفية ويلحق به.
وعَبرَ موسى بقواته إلى الأندلس، مستهدفًا تطهير الجيوب التى خلفها طارق وراءه، من هنا كان على موسى أن يقوم بتأمين مؤخرة الجيش الفاتح، فافتتح مدنًا وحصونًا كان بقاؤها بين الأسبان خطرًا على الوجود الإسلامى الجديد بشبه الجزيرة حتى وصل إلى "طليطة"، وهناك التقى بجيش طارق بن زياد، وقد استغرق ذلك من موسى جهدًا ووقتًا حتى وصل إليه، وهناك فى "طليطلة" التقى القائدان طارق وموسى، وراحا ينسقان الفتوح الباقية ببلاد الأندلس فيما بينهما.
وسارا معًا حتى بلغا "سرقسطة" على نهر "الإبرو"، ومن هناك سار طارق إلى الشمال حتى بلغ جبال "ألبرت" أى الأبواب، وهى التى تسمى اليوم جبال البرانس ووقف على أبواب فرنسا. وكان ذلك فتحًا عظيمًا، أن ترفرف راية الإسلام، وتقف على أبواب فرنسا فى أقل من مائة عام من هجرة الرسول (!
وبينما كان طارق بن زياد يقف على أبواب "فرنسا"، كان موسى يتجه غربًا حتى دخل ذلك الإقليم الذى يطل على خليج "بسكاية" ويسمى "أشتوريس" وانتهى بفتوحاته أخيرًا على ساحل "بسكاية" واستدعى الخليفة الوليد كلا من موسى وطارق إلى دمشق سنة 95هـ/714م، ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن موسى بن نصير قد أرسل الأسطول الإسلامى لفتح جزيرة "سردينيا" فافتتحوها عنوة، وعادوا بالسبايا والغنائم سنة 92هـ.
وتابع ولاة الأندلس من بعد موسى الفتوح، فقام ابنه عبد العزيز باستكمال فتح شرق الأندلس وغربه، وجعل عاصمته فى مدينة "إشبيلية".
فتح بلاد ما وراء النهر:
وننتقل من جبهة إلى جبهة لنتابع تقدم الراية الظافرة فى أرجاء الأرض، وإذا كنا قد تركناها، وهى ترفرف على أبواب "فرنسا" فها نحن نعود لمتابعتها وهى ترفرف على أبواب "الصين"، كل ذلك كان فى عهد الوليد بن عبد الملك الذى كان عهده خيرًا وبركة على الإسلام والمسلمين.
فعندما تولى "قتيبة بن مسلم" خراسان سنة 86هـ/ 705م، اتخذ من "مرو" قاعدة له، تم فتح بلاد النهر -المعروف بنهر جيحون- ودخل المسلمون بلادًا عديدة، سرعان مادخلت فى دين الإسلام ودافعت عنه مثل "الصَّفَد" و"طخارستان" و"الشاش" و"فَرْغَانة" فى نحو عشر سنين.
وأخيرًا، أنهى أعماله الحربية بفتح "كاشغر" فى "التركستان" الصينية سنة 96هـ/ 715م، وصارت الدولة الإسلامية بذلك تجاور حدود الصين.
فتح الهند:
لقد فتح المسلمون بلاد "فارس" و "خراسان" و"سجستان"، وكانت غايتهم نشر الإسلام، وحماية الحدود الجنوبية للدولة الإسلامية؛ ولم يبق إلا الهند.
وفى عهد الوليد بن عبد الملك كلف الحجاج بن يوسف الثقفى الشاب المسلم: "محمد بن القاسم" مهمة غزو بلاد الهند، وسار محمد بن القاسم إلى الهند سنة 89هـ/ 708م وفتح ثغر الديبل (إحدى مدن الساحل الغربى للهند)، ثم سار عنه وجعل لا يمر بمدينة إلا فتحها حتى عبر النهر، فصالحه أهل "سربيدس" وفتح "سهبان"، ثم سار إلى لقاء "داهر" ملك السند والهند، وكان لقاء فريدًا. إن "دَاهِر" وجنوده يقاتلون على ظهور الفيلة، والفيلة عندما تستثار تكتسح كل ما أمامها وتدوسه.
ودارت معركة حامية كتب الله فيها النصر لراية الإسلام، وهزم "محمد بن القاسم" الملك "داهر" وقتله، وراح محمد بن القاسم يتقدم، ويمد فتوحاته فى كافة أرجاء بلاد السند، حتى وصل إلى "الملتان" ودخلها وغنم منها مغانم كثيرة.
ولقى الوليد بن عبد الملك ربه سنة 96هـ/ 715م بعد أن رفعت راية الإسلام فى عهده على حدود فرنسا والصين وفى خراسان وسجستان والسند، وبلاد الهند.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 29-09-2006, 05:36 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

خلافة سليمان بن عبدالملك
(96 - 99هـ/ 714- 717م )
لم تطل خلافة سليمان بن عبد الملك كثيرًا، فأوصى بالخلافة من بعده "لعمر بن عبد العزيز"، ابن عمه بدلا من ابنه أيوب لما عرف فيه من ورع وعدل.



خلافة عمر بن عبد العزيز
(99 -101 هـ/ 717- 719م )
ورأى الخليفة الجديد سحب "الحملة الثالثة" من على أبواب القسطنطينية بعد أن استمرت اثنى عشر شهرًًا تحقق فيها إذلال "إمبراطورية الروم" التى كانت مصدر خطر على الدولة الإسلامية، وشل نشاطها الحربى المعادى للدولة الإسلامية، وعادت الحملة الأموية الثالثة والأخيرة فى نهاية سنة 99هـ/ 718م.
وتفرغ عمر لإقامة الحق والعدل وإشاعة الخير والسلام فى ربوع البلاد الإسلامية، راح يرفع المظالم عن الناس، ويعمل على إنصاف كل من ظلم فى عهود سابقيه من بنى أمية، وتعويض كل من حرم، ويعيد عهد جده "عمر بن الخطاب" الخليفة العادل الذى ملأ الدنيا عدلا، وراح يتشبه به فى زهده، وتقشفه، وإيمانه بالله، وتمسكه بكتابه، وسنة رسوله (.
لقد راح يحض الناس على مكارم الأخلاق، ويفرض العقاب الصارم على أى عدوان مهما صغر وحقر؛ ليقطع دابر الفساد، ويعيد الأمن والأمان إلى ربوع البلاد.
وامتد عدله إلى الأطراف البعيدة، وشمل أهل البلاد المفتوحة من غير المسلمين، الذين لهم عقد ذمة، وعهد مصالحة ؛ فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم.
لقد رفع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة، وخفف الضرائب عن عامة المسلمين، وأصدر أمره بأن يوقف تحصيل خراج الأرض من المصريين لمدة عام تعويضًا لهم عما زيد عليهم فى أعوام سبقت.
ورأى أن المؤلفة قلوبهم قد استغنى الإسلام عنهم، وراح يرفع الأعباء عن أهل العراق وخراسان والسند التى كان الحجاج وأتباعه قد فرضوها على بعض من اعتنقوا الإسلام.
وراح يشجع أهل البلاد المفتوحة على قبول الإسلام والانضواء تحت لوائه، وتحبيبه إليهم بكل الوسائل، لقد هدأت أعصاب الناس، وراحوا جميعًا يفكرون فى الخير حتى الخوارج فى العراق والمشرق وإفريقية أقلعوا عن حركاتهم الثورية، وأرسلوا لـ "عمر" من يناظره فأفسحوا المجال للحجة والدليل بدل السيف والحرب.
لقد كانت فترة خلافته هى فترة التقاط الأنفاس، ولم الشمل، وجمع الكلمة، والدفع بالتى هى أحسن، إنه لم يكن يود توسيع رقعة الدولة أكثر مما وصلت إليه، وحسبه أن يعمل على تدعيمها وتوطيدها، وقد فعل وتحقق له ما أراد.
وتوفى -رحمه الله- فى رجب من سنة 101هـ/ 720م، وكانت هذه الفترة القصيرة من خلافته نقطة مضيئة فى دولة بنى أمية، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر.
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 29-09-2006, 05:37 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

خلافة يزيد بن عبد الملك
( 101 - 105 هـ/ 719- 723م )
تولى "يزيد بن عبد الملك بن مروان" الخلافة عقب وفاة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، وظل فى الحكم خمس سنوات من سنة 101هـ/ 720م إلى سنة 105هـ/ 724م.
وإذا كانت قوة الخليفة ضرورية للدولة، فإن الدولة الإسلامية قد انتابها الضعف بعد أن تولى أمرها خلفاء ضعاف، هان على الأعداء أمرهم.
لقد انتشرت الفتن والاضطرابات فى الداخل، أما فى الخارج فقد كانت قبائل التركمان تضغط فى الشمال، بينما كان دعاة بنى العباس يسعون بنشاط فى تدبيرهم السرى لتقويض دعائم الحكم الأموى فى الشرق.
لقد أعلن "شوذب الخارجى" الثورة على الأمويين، وهزمهم فى عدة معارك، حتى استطاع "مسلمة بن عبد الملك" والى الكوفة القضاء عليه وعلى الخارجين على الدولة معه، وتشتيت شملهم.
ويخرج "يزيد بن المهلب بن أبى صفرة" على الخليفة مع الخارجين عليه، ويسير إلى "البصرة"، ثم يواصل السير إلى الكوفة، ولكن الخليفة "يزيد بن عبد الملك بن مروان" يرسل إليه أخاه "مسلمة" بجيش قوى يقضى على الفتنة، ويظفر به.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 29-09-2006, 05:38 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

خلافة هشام بن عبدالملك
( 105 - 125 هـ/ 723- 742م )
ولا يطول الأجل بالخليفة "يزيد بن عبد الملك بن مروان" فيلقى ربه ويخلفه من بعده هشام بن عبد الملك ( 105 - 125هـ) (724 - 743م).
جاء هشام ليواجه "ثوارًا" و"خوارج" خلال حكمه الذى استمر قرابة عشرين سنة. ثار "الحارث بن سريج" بخراسان بتشجيع وتأييد من التركمان ( الأتراك ) على الخليفة هشام بسبب "الضرائب" التى فرضها على الموالى من الفرس، وبعض الولاة. وسرعان ما انضم إليه فى ثورته هذه خلق كثير من العرب وغيرهم.
وراح يستولى على المدن الواقعة على ضفاف "نهر سيحون". ويصدر الخليفة الأمر إلى "أسد بن عبد الله القسرى" بتولى أمر هذه البلاد، ومواجهة الخارجين.
وأخذ الحارث يتراجع أمام "أسد بن عبد الله" الذى أُمِرَ أن يطارده، ويسترد منه البلاد التى استولى عليها، فانسحب الحارث إلى "طخارستان" ومنها إلى بلاد "ما وراء النهر"؛ حيث انضم إلى الأتراك ضد الدولة الأموية، وكان من أمر الخارجين أيضا على الدولة فى عهد "هشام" بمواجهة "زيد بن على ابن الحسين" وأنصاره، ويقتل يوسف الثقفى والى العراق السابق الثائر.
وكان عهد هشام يعتبر حدّا فاصلا بين عهد ازدهار الدولة الأموية وعلو شأنها وبين عهد اضمحلالها، وانتشار العوامل الفتاكة فى جسمها، إن الخليفة "هشامًا" يمثل رابع الخلفاء الأمويين الأقوياء الكبار بعد "معاوية بن أبى سفيان" و" عبد الملك بن مروان" و"الوليد بن عبدالملك"، لقد استطاع أن يسير على نهجهم فى القبض على شئون الدولة بحزم وعزم وقوة، وأن يكبت جميع عوامل الفتن التى سبق أن أظهرت عداءها، وأطلت برأسها.
تُرى من يخلفه بعد أن قاد السفينة فى مجرى الأيام والأعوام لتصل إلى عام 125هـ/743.
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 29-09-2006, 05:38 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

سقوط الدولة الأموية
لقد خلف "هشام" أربعة من الخلفاء الأمويين عجزوا عن ممارسة السلطان، وأفلت منهم زمام الحزم، وأتاحوا الفرصة لعوامل الهدم والاضمحلال، فراحت الدولة الأموية تتهاوى وتسقط سنة 132هـ/750م.
وقد كان ظهور العباسيين فى هذه الفترة على مسرح الأحداث يمثل ضربة قاصمة أطاحت بالبيت الأموى عن عرش الخلافة الإسلامية.
فبعد وفاة الخليفة "هشام بن عبد الملك" بويع "الوليد بن يزيد" بالخلافة فى 6من ربيع الآخر سنة 125هـ/ 723م، وهو اليوم الذى توفى فيه هشام.
وقد كان "الوليد بن يزيد" النموذج الذى يمثل مساوئ نظام وراثة الخلافة، لم يكن الوليد بن يزيد بن عبد الملك ابنًا لهشام بن عبد الملك بل ابن أخيه.
إن نظام الشورى يتيح للجميع وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب حتى يستريح ويريح.
ولكن "نظام الوراثة" يأتى لدولة الإسلام "بالوليد" الذى أشاع عنه خصومه أنه كان منهمكًا فى الملذات، مستخفّا بأمر الأمة، مشغولا باللهو، مجاهرًا بالمعاصى، وكان الإمام الزهرى يبغضه ويحث هشامًا على خلعه.
لقد اجتمع بعض أهل "دمشق" على خلعه وقتله لمجاهرته بالإثم، وكان ذلك فى جمادى الآخرة سنة 126هـ/ 744م، بعد أن قضى فى الخلافة سنة واحدة، وشهرين، وأيامًا، وكان الذى يقود الثورة عليه ابن عمه يزيد بن الوليد الذى وصفه أنصاره بأنه كان ورعًا تقيّا محافظًا على الدين راعيًا للإسلام والمسلمين، لكنه لم يَبْقَ فى الحكم إلا خمسة أشهر وعدة أيام حيث مات بالطاعون.
وبايع المسلمون بعده أخاه "إبراهيم بن الوليد" خلفًا له، لكنه لم يكد يتولى الأمر حتى سار إليه مروان بن محمد بن مروان بن الحكم ثائرًا للوليد بن يزيد.
لقد خلع "مروان" "إبراهيم" وهرب إبراهيم من دمشق، وظل أتباع مروان يلاحقونه حتى عثروا عليه وقتلوه، ولم يلبث فى الخلافة غير سبعين يومًا وقيل ثلاثة أشهر.
وتولى "مروان" الخلافة فى صفر سنة 127هـ/ 745م، ليشهد عهدًا من الفتن والاضطرابات.
وفى عهده اضطربت الأمور فى البلاد، وخرج البعض على الطاعة، وانتهز العباسيون هذا التفكك، والتصدع فراحوا يعملون على إسقاط دولة بنى أمية لتقوم مكانها دولة العباسيين.
لقد حمل لواء الدعوة للعباسيين أبو مسلم الخراسانى، واستطاع الاستيلاء على "خراسان" ووطد سلطانه فيها.
وفى الثالث من شهر ربيع الأول سنة 132هـ/ 750م، استولى أبو مسلم على "نيسابور" وراح يعلن الدعوة لأبى العباس السفاح أول خلفاء بنى العباس، فماذا فعل مروان؟ وكيف واجه هذا التيار الزاحف ؟ لقد أعد جيشًا للقضاء على العباسيين، وكان اللقاء على "نهر الزاب" ولكن دارت الدائرة على مروان وجيشه، ففر هاربًا إلى مصر.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل دارت معركة أخيرة حاسمة، لقد لاحقه العباسيون وطاردوه، ودارت معركة أخيرة بينه وبينهم على ضفة النيل الغربى عند بلدة "بوصير"، وقُتِلَ مروان، وبمقتله انتهت دولة الأمويين التى استمرت قرابة إحدى وتسعين سنة ليشهد العالم مولد دولة جديدة تحمل راية الإسلام هى دولة بنى العباس.
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 29-09-2006, 05:43 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road


فتوحات الأمويين :
وصلت فتوحات المسلمين إلى الصين شرقاً وإلى ما وراء جبال البيرينية غرباً، فبلغ أقصى مداه في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان الذي حكم أوسع رقعة، ومعه ارتسمت حدود الامبراطورية العربية.

الدولة الرومانية الشرقية :

اتجهت أنظار المسلمين نحو الشمال والغرب حيث الدولة الرومانية الشرقية التي كانت تغير على المناطق الخاضعة لسلطان المسلمين .. فرتب معاوية الغزو إليها براً وبحراً ، وجهز أسطولاً بلغ عدده 1700 سفينة وفتح عدة جهات كجزيرة رودس وبعض الجزر اليونانية الأخرى، كما أكثر براً من الصوائف والشواتي - حملات الصيف والشتاء - وفي سنة 84 هـ حاصر القسطنطينية براً وبحراً، ولكنه لم يستطع فتحها لمتانة أسوارها ومنعة موقعها، ولفتك النار الإغريقية بسفن المسلمين.

الحصار الثاني للقسطنطينية :

في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك حاول المسلمون فتح القسطنطينية مرة ثانية ، وشرع في تجهيز الحملة للإستيلاء عليها، ولكنه توفي قبل تحقيق هدفه .. فلما تولى سليمان الخلافة أنفذ الجيوش البرية والأساطيل البحرية لفتح المدينة .. وقد دافع أنستسياس الثاني امبراطور الروم عن عاصمته بكل ما أوتي من قوة ، وأرسل إلى الثغور حملة لتحول دون وصول المؤن والامدادات إلى جند المسلمين .. ثم انضم إلى جيش المسلمين في آسيا الصغرى ليو الأزوري البيزنطي ، وكان يطمع في الملك .. فأخذ المسلمون يستولون على بلاد آسيا الصغرى مدينة تلو أخرى ، حتى عبروا البحر ووصلوا إلى أسوار العاصمة .. وتبعهم أسطول المسلمين من الثغور الشامية والمصرية واشترك في حصار المدينة .. وقد اضطر أهل القسطنطينية، إزاء هذا الخطر الداهم، إلى خلع الأمبراطور أنستسياس وتولية (ليو) الذي استطاع بفضل معاونة الشعب له، من استدراج سفن المسلمين، ففتكت بها النار الاغريقية، ونفذت أقواتهم .. وقد تحمل المسلمون آلام الجوع والمرض حتى فني جلهم، بعد أن دمرت أكثر سفنهم .. وهكذا أخفقت الحملة الثانية كما أخفقت الحملة الأولى.

فتح شمالي أفريقيا :

في سنة 50 هـ أرسل معاوية إلى عقبة بن نافع، وكان يقيم ببرقة، عشرة آلاف جندي، فدخل أفريقيا وتمكن من فتحها، وأسلم على يديه كثير من البربر، وقد عمل العرب على إدخالهم في جيوشهم، إذا تسنى لهم بذلك أن يجتذبوهم إلى الإسلام الذي امتد ووصل إلى بلاد السودان .. وقد كون البربر نواة الجيوش التي أتمت فتح بلاد المغرب تحت أمرة قواد من العرب والبربر .. وقد أصبح عقبة بن نافع والياً على أفريقيا بعد أن كانت تابعة لوالي مصر .. وقد رأى عقبة على أثر انتصاره على البربر، أن يتخذ مدينة يقيم بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمن ثورة أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وأمر ببناء هذه المدينة، كما بنى فيها المسجد الجامع.

فتح بلاد ما وراء النهر :

انتشر الإسلام في خلافة الوليد بن عبد الملك، مما أمكنه من إعادة عهد الفتوح التي تمت في عهد خلفاءه السابقين ، فاتسعت رقعة أملاكه في المشرق والمغرب .. أما فتوحاته في المشرق فكان الفضل فيها لقائده قتيبة بن مسلم الباهلي الذي ولاه الحجاج بن يوسف الثقفي منطقة خراسان سنة 68 هـ. فخرج منها إلى بلخ، فقابله أهلها وعظماؤها وتبعوهم، ثم عبر نهر جيحون وقابل ملك الصغاينان وأهدى إليه كثيراً من الهدايا، وقد سلم إليه الملك بلاده .. وفي سنة 78 هـ غزا قتيبة بيكند، وهي بلدة تقع بين بخارى وجيحون، وأغار على الصغد وقاتل أهلها وهزمهم، ثم عقد معهم صلحاً وولى عليهم والياً من قبله ما لبثوا أن غدروا به وقتلوه .. فرجع إليهم قتيبة وفتح المدينة عنوة، وواصل فتوحاته إلى أن دخل بخارى وألزم أهلها أن يمدوه بقوة إضافية من الجيوش المحلية تتراوح عددها بين عشرة آلاف وعشرين ألف رجل، ساعدته على إكمال فتوحاته.

وفي سنة 93 هـ فتح قتيبة مدن خوارزم صلحاً ، ثم فتح سمرقند بعد قتال شديد .. وبفتح سمرقند وطد قتيبة مركزه في بلاد ما وراء النهر .. ولم يكتف قتيبة بما أحرزه من نصر، بل نراه يقرر مد حدود الدولة العربية إلى أواسط آسيا، فعبر نهر جيحون متوجهاً شطر بخارى وانتصر على الجيوش التي قابلته، ثم قصد فرغانه، وهي إقليم متاخم لبلاد تركستان ومن مدنها جخنده، فلقي هناك مقاومة تذكر، غير أنه أحرز نصراً مبيناً ثم فتح كاشان عاصمة فرغانة .. وفي أثناء إقامته بها جاءه كتاب الوليد بن عبد الملك ويقول فيه : ( قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجدك واجتهادك في جهاد أعداء المسلمين، وأمير المؤمنين رافعك وصانع بك الذي يجب لك ، فأتم مغازيك وانتظر ثواب ربك ) .. عند دخوله سمرقند وجد قتيبة كثيراً من الأصنام، وكان عبادها يعتقدون أن كل من اعتدى عليها مات لساعته، فقام قتيبة بإحراقها ومحا هذه الخرافة من معتقدات القوم بعد أن سيطرت عليهم أحقاباً من السنين.

محاولة فتح بلاد الصين :

لم تكن الصين مجهولة لدى العرب، فالصلات التجارية كانت قائمة بين العرب والصين قديماً ، فكانت حاصلات الشرق التي تتلقاها بلاد الشام وموانئ المتوسط تمر بنسبة كبيرة عن طريق بلاد العرب .. وعندما توفي يزدجرد آخر ملوك آل ساسان في فارس استنجد ابنه فيروز بالصين لتنصره على العرب وتعاونه في استعادة ملكه غير أن امبراطور الصين اكتفى بإرسال مبعوث من قبله ليدافع عن ضية الأمير الهارب.

في سنة 96هـ سار القائد العربي المشهور قتيبة بن مسلم على رأس جيش كثيف إلى حدود الصين .. وبينما هو في طريقه إليها جاءه نبأ وفاة الوليد بن عبد الملك ، فلم يثنه ذلك عن مواصلة الغزو، بل تابع سيره حتى اقترب من الصين .. فأرسل إلى ملكها وفداً برئاسة هبيرة بن المشمرج الكلابي، ودارت بينه وبينهم عدة مراسلات انتهت بأن قدم امبراطور الصين الجزية للعرب .. كما قدم للمبعوث صحافاً من ذهب بها تراب من الصين ليطأها قتيبة ، حتى يبر بحلفه الذي قطعه ، وهو أن لا ينصرف عن الصين حتى يطأ ترابها .. على أن العلاقات بين العرب والصين اكتسبت أهمية عظيمة أبان حكم هشام بن عبد الملك الذي أرسل سفيراً له يدعى سليمان إلى الأمبراطور (هزوان تسنغ).

فتح بلاد السند :

ترجع حملات المسلمين على بلاد الهند إلى عهد بعيد، فقد أرسلوا أولى حملاتهم إليها بعد أن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه بخمس عشرة سنة، ومن ثم أخذ سيل العرب يتدفق على هذه البلاد من ناحية الشمال الغربي، واستقر بعض العرب في البلاد التي كانوا يفتحوها، وكونوا بها ممالك كان لها أثر كبير في تقدم الحضارة الإسلامية .. وفي عهد معاوية غزا المهلب بن أبي صفرة بلاد السند سنة 44 هـ، وامتدت فتوح المسلمين في هذه البلاد فشملت البوفان والقيقان والديبل .. ولما ولي الوليد بن عبد الملك الخلافة، عهد الحجاج بن يوسف الثقفي إلى محمد بن قاسم بغزو بلاد الهند، فسار إليها سنة 98 هـ وحاصر ثغر الديبل وفتحه عنوة وبنى به مسجداً، ثم سار إلى بيرون فاستقبله أهلها استقبالاً حسناً وأدخلوه مدينتهم وعقدوا معه صلحاً.

واصل محمد بن القاسم فتوحه في هذه البلاد، حتى بلغ نهر السند، والتقى داهر ملك السند، وكان هو وجنده يقاتلون على ظهور الفيلة، فاقتتلا قتالاً شديداً انتهى بقتل داهر وهزيمة أصحابه .. وبذلك استطاع محمد بن القاسم أن يمد فتوحه في أرجاء بلاد السند كلها. ثم تابع فتوحه حتى وصل الملتان ودخلها، والمولتان أو الملتان مركز مشهور للحجاج من الهنود في جنوب بلاد البنجاب .. وكان فيه صنم يعظمه الهنود، ويقدمون له أموالاً كثيرة كل عام، تنفق على بيت الصنم والمعنكفين عليه ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إلى ملوك الهند وأمرائها يدعوهم إلى الإسلام، ووعدهم بأن يقرهم على ما بأيديهم، فأسلم كثير منهم وتسموا بأسماء عربية .. وكانت سيرة الخليفة عمر بن عبد العزيز وورعه وتقواه من الدوافع التي حملت هؤلاء الملوك على اعتناق الدين الإسلامي، كما قام عمر بن مسلم الباهلي، عامل الخليفة بغزو بلاد الهند، غير أن المسلمين خرجوا من الهند في عهد هشام بن عبد الملك ولجأوا إلى مدينة بناها ابن عوانة الكلبي وسماها (المحفوظه)، وتقع وراء البحيرة مما يلي الهند.

فتح شمالي أفريقيا :

تقلد موسى بن نصير ولاية أفريقيا من قبل الوليد بن عبد الملك سنة 88 هـ فخرج من مصر على رأس جيش قاصداً أفريقيا (تونس) فلما بلغها ضم إليه جيشاً آخر جعل مقدمته مولاه طارق بن زياد ثم أخذ موسى يقاتل البربر ويبسط نفوذ الأمويين وينشر الإسلام في أرجاء بلاد المغرب، حتى بلغ طنجة فحاصرها حتى سلمت وأسلم أهلها، وقلد طارقاً ولايتها وكان الشقاق بين جوليان حاكم سبتة ولذريق ملك أسبانيا قائماً .. وقد ساعد هذا الخلاف العرب وفتح لهم الباب واسعاً وذلك لهم سبيل غزو الأندلس .. وقد زار جوليان موسى بن نصير وحثه على غزو الأندلس، رغبة منه في التخلص من لذريق، ووصف لموسى بن نصير جمال الأندلس وما جمعت من شتى المنافع، وطيب المزارع، وكثرة الثمار، وغزارة المياه وعذوبتها، مما حمل موسى على التفكير جدياً بغزو الأندلس.

فتح بلاد الأندلس :

استأذن موسى بن نصير الخليفة الوليد بن عبدالملك في فتح بلاد الأندلس، فأذن له على أن يختبر البلاد أولاً بجيش قليل العدد .. فأرسل موسى طريف بن مالك، وكان بربرياً ، في سنة 91 هـ على رأس خمسمائة مقاتل .. فعبر بهم البحر في سفن جوليان، وغزا بعض الثغور الأندلسية الجنوبية بمساعدة جوليان، وعاد محملاً بالغنائم، كما تحقق من ضعف وسائل الدفاع عن الأسبان .. ثم أرسل موسى طارق بن زياد، قائد جيشه، في شهر شعبان سنة 92 هـ (711م) فعبر طارق المضيق مع سبعة آلاف من المسلمين جلهم من البربر وألقت السفن مرساها قبالة الجزيرة الخضراء، عند صخرة الأسد التى حملت اسم طارق إلى اليوم.

لما علم الملك لذريق بنزول العرب أرض أسبانيا، جمع جيشاً جراراً لمواجهة المسلمين بينما أخذ طارق بفتح القلاع والمدن، بانتظار أن يصله المدد الذي طلبه من موسى بن نصير، وقد أمده موسى بن نصير بعدة آلاف مقاتل، فبلغ عدد جيشه اثنى عشر ألفاً، وثارت مخاوف المسلمين عندما علموا بدنو جيش لذريق، ولكن طارقاً لم يزدد إلا حماسة واستبسالاً .. ويزعم المؤرخون أنه ألقى فيهم الخطبة المنسوبة إلى طارق، قال: (أيها الناس ، أين المفر، البحر من ورائكم والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، اعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات لكم إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمراً، ذهب ريحكم، وتعودت القلوب من رعبها الجرأة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة بمناجزة هذه الطاغية…).
ثم التقى طارق بجيش لذريق على مقربة من نهر وادي (لكة)، أو وادي (بكة), ودارت معركة حاسمة فاصلة تم فيها النصر لجيش المسلمين أما لذريق فقيل أنه فر من المعركة واختفى أثره، وقد وجدت عربته وثيابه الحربية بعد أيام على ضفة نهر الوادي الكبير .. ويقول المؤرخون أن انتصار المسلمين ألقى بإسبانيا كلها في أيدي المسلمين ولم يكن طارق بحاجة إلى الجهد الكبير ليقضي على المقاومة في بعض المدن، فكانت المدن تستسلم والمعاقل تفتح دون مقاومة تذكر .. وكتب طارق إلى موسى بن نصير يخبره بما أحرزه من نصر، وما استولى عليه من غنائم، فأمره موسى بأن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به واستخلف موسى ابنه عبدالله على القيروان، وخرج في سنة 93 هـ في عسكر ضخم إلى الأندلس.
استشار طارق رؤساء جيشه فأشاروا عليه بأن وقف القتال يعرض المسلمين للخطر، ويتيح للعدو فرصة لجمع شمله وتوحيد كلمته فأخذ يزحف على المدن الإسلامية، وقسم جنده ثلاث فرق، فأرسل مغيث بن الحارث على رأس سبعمائة فارس إلى قرطبة، فعبر المسلمون النهر وباغتوا الحرس، واستطاعوا العثور على احدى الثغرات، فتسلقوا الأسوار واستولوا على المدينة . ثم فتح العرب كورة ريه ومدينتها مالقة، ثم كورة ألبيره حيث غرناطة وفي النهاية فتحت مدينة طليطلة .. أما موسى بن نصير فقد دخل الأندلس وفتح مدينة قرمونة الحصينة، ثم مضى إلى اشبيلية وفتحها وامتدت فتوحات موسى إلى برشلونة شرقاً وأربونة في الداخل، وقادش في الجنوب الغربي.
وقصد موسى مدينة طليطلة فاستقبله طارق بحفاوة، ولكن موسى كان غاضباً فانتزع منه المغانم وسجنه، ثم صفح عنه وتابعا الفتح معاً وسبب غضب موسى كون طارق لم يتوقف عن الفتح كما أمره سيده وسار موسى وطارق لفتح شمالي البلاد، وتابعا السير حتى بلغا جبال البرانس (البيرينه)، وتم بذلك فتح أسبانيا، وقد بقيت بعض الأقاليم الجبيلية خارج سلطان العرب، ومنها الأقاليم الشمالية الغربية التي لجأ إليها أشراف القوط وزعماؤهم.
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 29-09-2006, 05:45 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road


معاوية بن أبي سفيان :
ينتسب معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية التي دان لها المسلمون قرابة تسعين سنة ، إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف .. وكان أمية من سادة قريش في الجاهلية، وكذلك كان هاشم بن عبد مناف ، لهذا لا نعجب إذا تنافس هذان البطنان على رياسة قريش، وكان أمية كثير المال والعيال ، فكان له عشرة أولاد امتازوا بالشرف والسيادة ومنهم حرب وسفيان وأبو سفيان .. وكان حرب بن أمية قائد قريش يوم الفجار ، كما قاد أبو سفيان قريشاً في حروبها ضد النبي عليه السلام ، وهو صاحب العير القادمة من الشام إلى مكة ، والتي وقعت من أجلها غزوة بدر الكبرى .. وكان قائد الجيش النافر وقتئذ لحماية قريش ، عتبة بن عبد شمس جد معاوية لأمه .. فكان أبوه صاحب العير، وجده صاحب النفير، وبهما يضرب المثل فيقال للخامل : ( لا في العير ولا في النفير) .. وقد ولد معاوية بن أبي سفيان بمكة قبل البعثة بخمس سنين ..

إسلامه :

أسلم معاوية يوم فتح مكة، هو وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند .. وصل معاوية إلى ثلاث وعشرون سنة، فاتخذه الرسول صلى الله عليه وسلم كاتباً للوحي .. ولما فتحت مكة في السنة الثامنة للهجرة أراد أبو سفيان أن يمنع الأذى والمذلة عن قومه ، وأنهى العباس ذلك إلى الرسول، فأمر منادياً ينادي بمكة : ( من أغمد سيفه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ) .. وبذلك سوى الرسول بين بيت أبي سفيان وبيت الله ، وهو شرف عظيم لم ينله أحد مثله، فلا نعجب بعد ذلك إذا أسلم كثير منهم وأخذوا يعملون على نشر الإسلام ومد فتوحاته ..

معاوية في عهد الخلفاء الراشدين :

أبلى بنو أمية بلاءاً حسناً في حروب الردة، وسار بعضهم إلى الشام، فاشتهر أمرهم وعظم ذكرهم، ومنهم يزيد بن أبي سفيان الذي ولاه أبو بكر قيادة الجيوش الأربعة التي أنفذها لفتح الشام .. وقد ولاه عمر دمشق ، كما ولي أخاه معاوية بعض ولايات بلاد الشام .. فلما مات يزيد أضاف عمر إلى معاوية ما كان لأخيه .. ولما تسلم عثمان بن عفان الخلافة ولي معاوية الشام كلها ، ثم استقل بهذه البلاد بعد مقتل عثمان .. وعندما بويع علي بن أبي طالب في المدينة امتنع معاوية عن المبايعة له ، متهماً إياه بالهوادة في أمر عثمان وإيوائه قتلته وعدم القصاص منهم .. وبايعه أهل الشام على المطالبة بدم عثمان ومحاربة علي ، مما أوقع الخلاف والشقاق بين أهل العراق وأهل الشام .. وقصارى القول فإن بيت عبد شمس انتقل من السيادة في الجاهلية إلى السيادة في الإسلام.

صفات معاوية :

كان معاوية داهية من دهاة العرب، ومن أوفرهم حظاً في السياسة .. وكان حسن التدبير لأمور الملك ، يحلم في مواضع الحلم ويشتد في مواضع الشدة .. وكان سخياً مضيافاً لأشراف رعيته .. وقد استطاع أن يجذب إليه الرجال ذوي الآراء المعتدلة في الأحزاب المعارضة ، فاستطاع أن يكبح جماح المسلمين عامة والخوارج خاصة .. وخضع له من أبناء المهاجرين والأنصار من يعتقد أنه أولى بالخلافة.

وصية لإبنه قبيل وفاته :

لما مرض معاوية مرض الموت أوصى ابنه يزيد وصية تدل على سداد رأيه وخبرته بالأمور ومعرفته بالرجال فقال له : أنظر إلى أهل الحجاز، منهم أصلك وعزك، فمن أتاك منهم فأكرمه ومن قصر عنك فتعاهده .. وانظر أهل العراق فإن سألوك عزل عامل في كل يوم فاعزله، فإن عزل عامل واحد أهون من سل مائة سيف، لا تدري على من تكون الدوائر .. ثم أنظر أهل الشام فاجعلهم الشعار دون الدثار، فإن رابك عدوك ريب فارمه بهم .. لست أخاف عليك إلا ثلاثة: الحسين بن علي، وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر، فأما الحسين بن علي فأرجو أن يكفيكه الله ، وأما ابن الزبير فإنه خب (داهية) ضب ، فإن ظفرت به فقطعه إرباً إرباً .. وأما ابن عمر فإنه رجل قد وقذه الورع (تركه عليلاً)، فخل بينه وبين آخرته يخل بينك وبين دنياك .. وقد مات معاوية في رجب سنة 60 هـ.
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدوله العثمانيه د.فالح العمره مجلس الدراسات والبحوث العلمية 56 03-04-2007 11:56 PM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 08:55 PM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع