سيدي سمو الامير
تامل هذا المقطع ولك جزيل الشكر والعرفان
فعند البحث في أصل أهم المبررات الشرعية التي يستند إليها حزب إقصاء المرأة من الحياة العامة، إصراراً على إرضاء الضمير، وليس أخذاً عن فلان وعلان، يسوقنا الجهد إلى معرفة أن ربنا لم يحرمنا من شيء مما يزعم عبده بتحريمه علينا، وأغلب الظن أن هذا العبد لا يخفى عليه حقيقة ما أقول، ولكنها الهيمنة والاختيار الانتقائي، واستغلال الفراغ المعرفي الشرعي لدى أغلب نسائنا.
فدلالة حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) إن كان قد وصلنا كما قيل وبصرف النظر عن ظروف راويه «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» على أنه إخبار بنفي الفلاح عن أهل فارس، ونبوءة بانتصار المسلمين، ألا يمكن أن نزيد عليه أنه قد يمثل وجهة نظر لرسول الله (ص) تشبه قياساً رأيه الذي أشار به على أصحابه في ترك النخل بدون تأبير، والذي عاد ليقول حين شاص النخل ولم ينتج: «إنما ظننت ظناً، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوه، فإني لا أكذب على الله، ثم قال: أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، أفلا يكون الرسول (ص) قد علم من أمر «بوران» بنت كسرى ومن ستتولى مقاليد الحكم، ما جعله يستبعد نجاحها في قومها، والذي لا يمنع أبداً أن تفلح امرأة أخرى حيث أخفقت هي بدليل ما عرضه القرآن من قصة الملكة بلقيس، فهل يجوز لنا الإدعاء بأن الرسول (ص) يمكن أن يأتي بما يخالف القرآن! أليس عبد الرحمن بن عوف هو القائل بعد وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: «والله ما تركت ذا رأي من الرجال، ولا صاحبة فضل من النساء، إلاّ أخذت رأيه، ورأيها»! مما يدل على أن حديث «ناقصات عقل ودين» قد عني بنقصان الخبرة والثقافة والتجربة، أوليس حري بنا حين نذكر أول الحديث، أن نختمه بآخره ونصه: «ما رأيت ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن»، فلو كان النقص المقصود بمعنى البلاهة والعجز، فكيف بصويحباته أن يغلبن أصحاب العقول والألباب؟