مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #221  
قديم 05-04-2005, 02:03 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

المعلم

مجلة تربوية ثقافية جامعة
على الرغم من اهتمام التربية الحديثة بجوانب النمو الوجداني والمهاري إلى جانب النمو العقلي المعرفي ، إلا أن المعرفة لاتزال -وسوف تظل - ذات أهمية خاصة للمعلم ولعمله في المدرسة.
دليل المعلم


الصبر

كأحد عناصر التدريس

الأهداف :

من المتوقع بعد الانتهاء من دراسة هذا الموضوع أن تصبح قادرا على أن :

ـ تتعرف على أهمية الصبر كأحد عناصر عملية التدريس اللازم للمعلم امتلاكها.

ـ تتعرف على كيف يساهم الصبر في التعليم .

ـ تتحلى بالصبر باعتباره أحد أهم عناصر التدريس

في الليلة الثانية عشر ، وفي لحظة ابتسم شكسبير في أسى ووصف الصبر بأنه القدرة على تحمل الخسارة في عالم الأحزان والتراجيديا.

فهذا الوصف يذكرنا بالضحية السلبية التي تنهض من شدتها . فعندما يعاني المعلمون من صعوبة تعليم تلاميذهم ببطء وبدرجة كافية فإن الصبر يساعد المعلمين على التصميم والإرادة في تعليم الآخرين.

ومن هنا يعتبر الصبر واحد من عناصر التدريس الذي يختلف عن التعلم والتخيل والذي يتطلب التحفظ فضلاً عن الفهم.

فطبيعة الصغار غير صبورة ومتهورة لذلك لابد أن يكون المعلمين ذو حكمة وهدوء ويكون نموذج جيد للسلوك الأكثر نضجاً.

v أهميـــــة الصــــبر:

1- الصبر عند المعلمين يعتبر إرادة ليقبلوا عجز التلاميذ في جهودهم المبذولة للحصول على المعارف.

2- يساعد الصبر المعلمين على أن يتحملوا الاعتقادات الخاطئة لتلاميذهم وسوء فهمهم وأخطاءهم.

كما نجد أن النقد قيمة تدريسيه للأخطاء والغلطات وهذه القيمة يمكن أن تأتي من خلال ثقة التلاميذ في المعلمين وتزداد الثقة عن طريق صبر المعلمون تجاه تخبط وارتباك التلاميذ.

إن المعلم الصبور يعلم التلاميذ أن يكافحوا مرة أخرى لكي يحصلوا على شيء صحيح كما يكون لديهم القدرة والصبر على تحمل صعوباتها.

كما نجد أن بعض المعلمون لا يصبرون على التلاميذ الذين لا يبدون أي رغبة في التعليم سوى اللهو والتسلية والكسل.

vكيف يساهم الصبر في التعليم؟

1. يعطي الصبر التلاميذ الوقت اللازم للتعلم:

المعلم الصبور هو الذي يقوم بالشرح للتلاميذ مع جعل المواد الدراسية تبدو سهلة أما إذا بعض التلاميذ وجدوا صعوبة في شيء ما قاله سيحاول إيجاد الوقت خارج ساعات الفصل القانونية لتوضيحها للتلاميذ كما يمكن أن يقبل ساعات عمل إضافية بدون أجر .

2. يساعد الصبر في حساب ضعف الشباب الذي غالباً لا يقاوم:

إذا حدث عدم انضباط في الفصل فإن المعلم الصبور عليه أن يضبط نفسه أن يحاول أن يعد من واحد إلى عشرة ويترقب مدى مقدار نفاذ صبره.

3. يأمل الصبر على مساعدة النمو ولكنه لا يتوقع نضج التلاميذ:

إذا كانوا التلاميذ غير ناضجين نجد أن المعلمون لا يقوموا بمساعدة التلاميذ حتى يكونوا ناضجين إذا كانوا غير صبورين معه.

4. يعاني الصبر من الجنون بالفرح:

نفس الكاتب القديم لاحظ أنه من السرور أن يكون الجنون هو الوضع المميز لتلاميذ ومن هنا يجب على المعلمون أن يميزوا بين الغباء الذي لا ينتهي عند التعليم وبين الحماقة التي تقاوم في الحال.

5. يجب أن يضرب المعلم مثلاً في الصبر:

المعلمون يستطيعوا أن يشرحوا للتلاميذ كيف يصلوا إلى الصبر وما يجب أن يقوموا به عندما يعجزوا في الاحتفاظ به.

6. الصبر يهدف لإدراك الهدف:

المعلمون الممتازون هم الذين سوف يتحركون تجاه إدراك هدفهم ولن يسمحوا لشيء يعوقهم عن تحقيق ذلك ولديهم إدراك أن الرحلة سوف تكون طويلة.

7. بعض الصبر مكافأة للنفس:

المعلمون الذين يشعرون بأنه يجب أن يكون هناك تحقيق نجاح مع التلاميذ . لابد أن يتمتعوا بمهارات أفضل كما يكون لديهم معرفة وفهم أكثر لصعوبات تلاميذهم.

8. يعتبر التدريس تمارين على الصبر:

أحياناً يجب أن يتحمل تلاميذنا وأحيانا يجب أن نتحمل أنفسنا نحن نتمنى أن نحرك تلاميذنا كما نريد أن نحركهم.

مع خالص تمنياتي بدوام الرقى.

دكتور / صلاح عبد السميع عبد الرازق
كلية التربية قسم المناهج وطرق التدريس

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #222  
قديم 06-04-2005, 11:59 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الوسائل التعليمية عند الرسول صلى الله عليه وسلم

عمر عبيد حسنة

إن الباحث في سنة المصطفى ليجد أنها تحفل بالمبادئ التربوية العظيمة التي تتناول جوانب العملية التربوية التعليمية المختلفة بشكل يثير الدهشة ويبعث على الإعجاب. ومن تلك المبادئ استخدامه لكل وسيلة بصرية أو سمعية ممكنة، من شأنها أن تساعد على زيادة الفهم، أو تأكيد المعنى وتجسيد المفهومات المجردة، وتحقيق الهدف المتوخى من الموقف التعليمي.

ولعله من المـهم أن يـضــع الــباحث في اعتــباره، وهــو يبحث في استخدام الرسول للوسـائل التعليمية في تعليم أصحابه رضي الله عنهم، الحقائق الآتية:

أ- أن البيئة في عهده لم تكن لتساعد على توفير الكثير من وسائل التعليم.

ب- أن الرسول أمي لا يقرأ ولا يكتب.

ج- أن الصحابة رضي الله عنهم أميون في معظمهم.

د- أن الوسائل التي ستتناولها هذه الدراسة إنما هي على سبيل التمثيل لا الحصر، حيث إن كتب السنة تزخر بعدد وافر منها.

هـ- أن العبـــرة في هذا الصــدد ليس بعـــدد الوســائل التي استعان بها الرسول في عملية التعليم، وإنما بتقرير المبدأ والفكرة، حيث إن الرسول مشــرع، ويكفي استخدامه وسائل التعليم لمرة واحدة، ليـــكون في ذلك أســــوة وهديًا للمربين في كل العصور(1 ).

والحق أنني قبل تناول هذا الموضوع بالدراسة كنت أعرف أن النبي قد استخدم بعض الوسائل التعليمية في تعليم أصحابه رضــي الله عنهم، غيـــر أني مــا كنت أتصــور أنــها بهذه الكثـــرة ولا بهذا التنوع في طبيعتها وفي المواقف التعليمية التي وظفت فيها. ولا شك أن مزيدًا من البحث والتنقيب في كتب السنة النبوية المشرفة، سيقود إلى مزيد من المعرفة والاستفادة من أساليبه التربوية العظيمة، ولا غرو فهو المربي والمعلم الأول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ومن خلال اطلاعٍ محدودٍ على بعض كتب السنة المطهرة، وجدت أن الرسول قد استخدم الوسائل الآتية في تعليم أصحابه:

أولاً: الإشارة بالأصابع:

ورد في أحاديث كثيرة أن الرسول استخدم أصابعه عند تعليمه أصحابه رضي الله عنهم في إشارات تعليمية هادفة، فتارة يستخدم إصبعًا واحدًا، وتارة أخرى يستخدم إصبعين، وثالثة يستخدم ثلاث أصابع، وحينًا يشير بأربع، وحينًا آخر يستخدم أصابعه الخمس. وفي كل مرة تحقق إشارته هدفًا تعليميًا من زيادة وضوح معنى، إلى إثارة انتباه، إلى ترسيخ فكرة. ومن تلك الأحاديث ما يلي:

1- قال رسول الله: (والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثلُ ما يجعلُ أحدكم إصبعه هذه (وأشار يحيى بالسبابة ) في اليم فلينظر بم ترجع ) (1 ). ويحيى أحد الراوة، و(اليم ) هو البحر.

ففي هذا الحديث نجد أن الرسول يستخدم وسيلة الإشارة الحسية التي يرتبط فيها المفهوم المجرد بشيء ملموس وهو هنا إصبع. ولا شك أن ذلك أشد وقعــًا في نفوس الحاضرين من مجرد القول: إن الدنيا لا تساوي شيئًا بالنسبة للآخرة.

2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي قال: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو ) وضم أصابعه(2 ).

( جاريتين ) بنتين.

(عال جاريتين ) قام عليهما بالمؤنة والتربية ونحوهما.

إن هذه الحركة منه، أبلغ في إيصال المعنى المقصود إلى أذهان الحاضرين من مجرد القول: إن من عال بنتين حتى تبلغا يكون قريبًا مني يوم القيامة.

3- عن سهل بن سعد الســاعدي رضـي اللـه عـنــه، عن الرسول أنه قال:

( بعثت أنا والساعة كهذه من هذه; أو كهاتين ) (وقرن بين السبابة والوسطى ) (1 ).

فإشارته بإصبعيه لبيان قرب مبعثه من قيام الساعة لها من الوضوح والوقع والثبات في الأذهان أشد من القول: بعثت قرب الساعة.

4- ومثله حديث البخاري وغيره: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا )، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئًا (2 ). حيث إن الإشارة بالسبابة والوسطى والتفريج بينهما قليلاً تحدد المفهوم المقصود شرحه بأبلغ مما تفيده عبارة تقريرية مثل: كافل اليتيم يكون قريبًا من النبي في الجنة. (كافل اليتيم ) القائم بأموره.

5- عن أبي عثمان قال: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان أن النبي نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، وصفَّ لنا النبي إصبعَيْه، ورفع زهير -أحد الرواة - الوسطى والسبابة(1 ).

ففي هذا الحديث نجد أن التوضيح العملي من قبل النبي للمقدار المباح من الحرير للرجال، بأن صفّ إصبعيه أمام المتعلمين، يساعد على بقاء أثر التعلم لديهم بأقوى من اللفظ المجرد عن هذه الوسيلة.

6- عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله قال: ( من مسح رأس يتيم أو يتيمة لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ) وقرن بين إصبعيه (2 ).

7- عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله: ( أنا وامرأةٌ سَفْعَاءَ الخدين كهاتين يوم القيامة -وجمع بين إصبعيه السبابة والوسطى - امرأة ذات منصب وجمال آمت من زوجها، حبست نفسها على أيتامها حتى بانوا أو ماتوا ) (1 ).

( سفعاء الخدين ): قال في الصحاح: سفعته النار والسَّموم، إذا لفحته لفحًا يسيرًا فغيرت لون البشرة. والسفعة في الوجه سواد في خدي المرأة الشاحبة (2 ). وقال الشيخ البنا: أراد أنها بذلت نفسها وتركت الزينة والترفه، حتى تغير لونها وأسود لما تكابده من المشقة والضنك إقامة على ولدها بعد وفاة زوجها، ولم يرد أنها كانت من أصل الخلقة كذلك، لقوله: ( امرأة ذات منصب وجمال ).. ( آمت ) أي صارات أيِّمًا لا زوج لها.. ( بانوا ) أي استقلوا بأمرهم لكبرهم وانفصلوا عنها، أو ماتوا (3 ).

8- عن مجيبة الباهلية عن أبيها، أو عمها، أنه أتى رسول الله ، ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله أما تعرفني ؟

قال: ومن أنت ؟

قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول.

قال: فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة ؟

قال: ما أكلت طعامًا منذ فارقتك إلا بليل.

فقال رسول الله: لم عذبت نفسك ؟

ثم قال: صم شهر الصبر ويومًا من كل شهر.

قال: زدني فإن بي قوة.

قال: صم يومين.

قال: زدني.

قال: صم ثلاثة أيام.

قال: زدني.

قال: صم من الحُرُم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاث فضمها ثم أرسلها.

( شهر الصبر) هو شهر رمضان(1 ).

9- عــن البــراء بن عازب قـال: سمــعت رســول الله وأشار بأصابعه -وأصابعي أقصر من أصابع رسول الله - يشير بإصبعه يقول: (لا يجوز من الضحايا: العوراء البين عَوَرُها، والعرجاء البين عرجــها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تَنْقِي ).

( العجفاء ) المهزولة.

( التي لا تنقي ) أي التي لا نقي لها، أي لا مخ لها لضعفها وهزالها (2 ).

10- أخرج مسلم أن رجلاً أتى النبي فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي ؟

قال: (قل اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني -ويجمع أصابعه إلا الإبهام- فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك ) (1 ).

11- عن بشيـر بن أبي مســعود رضــي اللـه عنه أنه سمع رسول الله يقول:

(نزل جبريل فأمني فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ) ( يحسب بأصابعه خمس صلوات ) (2 ).

12- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي قال: (ليس فيما دون خمسةَ أَوْسُقٍ صدقة، ولا فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة، ولا فيما دون خمس أَوَاقٍ صدقة ).

وعن يحيى بن عُمارة قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله يقول: وأشار النبي بكفه بخمس أصابعه، ثم ذكر بمثل حديث ابن عيينة -أحد الرواة - السابق (3 ).

( أوسق ) جمع وسق وهو ستون صاعًا. والصاع أربعة أمداد، والمُدُ مكيال، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز. (خمس ذَوْد ) خمس من الأبل.

13- عن أنس بن مالك رضي الله عنه ( أن رسول الله جمع أصابعه فوضعها على الأرض ثم قال: هذا ابن آدم. ثم رفعها خلف ذلك قليلاً، وقال: هذا أجله; ثم رمى بيده أمامه وقال: وثم أمله ) (1 ).

14- وإذا كنا رأينا الرسول في الأحاديث السابقة يستخدم أصابعه الشريفة، فإنه قد يستخدم أحيانًا أصابع المتعلم لتوضيح المعنى المراد، فقد أخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ( من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يُعـلِّم من يعمل بــهن )؟ فقال أبو هريرة: فقـلت: أنا يا رسول الله. فأخذ بيدي، فعد خمسًا وقال:

( اتق المحارم تكن أعبد الناس.. وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.. وأحسـن إلى جارك تكن مــؤمنًا.. وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا.. ولا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب ) (1 ).

الثقة بالنفس والفداء:

وربما صنع الصبيان ما لم يصنع الكبار ليس تقصيرًا من الكبار بقدر ما هو إعطاء الفرصة والثقة للصغار.

عن عبد الرحمن بن عوف عن جده قال: "بينا أنا واقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا بن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت لأبي جهل يجول في الناس، قلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابترزاه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله فأخبراه فقال أيكما قتله؟ قال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين فقال: كلاكما قتله."

علموهم حب العبادة:

ومن الجميل أن يكون لأطفالنا حظ في العبادات التي نتقرب بها إلى الله؛ لتعويدهم عليها ولتعلق هذه اللحظات الخاصة بأذهانهم، حدثنا أبو قتادة قال: "خرج علينا النبي وأمامه بنت أبي العاص على عاتقه فصلى، فإذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها."

(عن السائب بن يزيد قال حُجَّ بي مع رسول الله وأنا ابن سبع سنين)، وحظّ وافر من تعلم العلوم إن طاقوا أو أحبوا ذلك، (قال ابن عباس: توفي رسول الله وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم)، (..وقال: جئتكم من عند النبي حقًّا فقالوا صلوا صلاة كذا في حين كذا.. فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنًا، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني.. فاشتروا فقطعوا لي قميصًا فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص).

الرأفة بالأمهات:

قالت عائشة (رضي الله عنها): "أمرنا رسول الله أن نُنْزِل الناس منازلهم." فإن كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد أمرنا بتعليم الأطفال الصلاة مثلاً وهذا واجب عليهم، إلا أنه وضع لهم في نفس العبادة حقًّا بأن خفف في الصلاة من أجلهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي؛ فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه"، أي أنه قبل أن يؤدي واجباته فليأخذ حقوقه.

الرفق:

إن من الجميل أن نتحدث مع الأطفال، ولكن الأجمل أن ندنوَ لمستواهم ومن خلال عالمهم لا من عالمنا نحن، ومن الأفضل أن يتمتعوا بمساحة من الحرية المسئولة.

عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله مع أبي وعليّ قميص أصفر قال رسول الله سنة سنة: (قال عبد الله وهي بالحبشية حسنة حسنة)، قالت فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي، قال رسول الله: دعها، ثم قال رسول الله: أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر يعني من بقائها.

رد مع اقتباس
  #223  
قديم 09-04-2005, 01:23 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

قلق الامتحانات ومشكلات الدراسة

--------------------------------------------------------------------------------

انقل لكم اسئلة واجابات حول قلق الامتحانات منقول من اسلام اون لاين

ولو ان المقالة طويلة عليكم استنساخها وقراءتها بدقة وفيها فوائد جمة

واتمنى للجميع التوفيق والنجاح

د.عمرو.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا طالبة في السنة الدراسية الأولى بإحدى الجامعات تتطلب الدراسة بها عمل أبحاث ودراسات طوال العام حتى موعد الامتحان مما يعيق تحصيل الجزء الخاص بمواد النظرية، لذلك أجد مشكلة في تحصيل وتجميع المادة الدراسية النظرية خلال فترة الامتحانات مما يسبب لي قلقا واضطرابا في فترة الامتحانات فأرجو إرشادي لطريقة أتجاوز بها هذه المشكلة.

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

نحن الآن في نهاية العام، فنحن نتحدث عن حل طارئ لهذه المشكلة، لأن الحل الأصلي يكمن في تقسيم هذه المواد النظرية على مدار العام عن طريق إعدادها للمذاكرة على هيئة مذكرات، يتم الاستفادة بها في مذاكرة آخر العام، أما وأن هذا لم يحدث، فإن الحل الآن هو تحديد الفترة المتبقية على الامتحانات، وتحديد المواد المطلوبة للمذاكرة، وتقسيم الوقت المحدد يوميًا إلى وحدات زمنية صغيرة أقلها ساعة، وأقصاها ساعتان، ثم يتم توزيع هذه المادة على هذه الوحدات الزمنية.

وعند مذاكرة هذه المادة المحدد لها هذه الوحدة الزمنية يتم تحديد أهم النقاط التي ستتم مذاكرتها، وتوزع على هذا الوقت بحيث إذا كانت هذه المادة من أسئلة الامتحان فتتم المذاكرة على هيئة إجابة هذا الامتحان.

بهذه الطريقة يتم الاستفادة من الوقت المتبقي بأقصى طاقة ممكنة، وبصورة تسمح باسترجاع المادة بسهولة ويسر ليلة الامتحان.

وأتمنى لك التوفيق.

الإجابة

ج - الاسم
الوظيفة

عندي مشكلة أعاني منها منذ زمن طويل وهي أنني دائما أضع برنامجا لخطة الدراسة حيث أنني لا أستطيع أن أدرس بدون أن يكون لدي خطة منظمة في مخيلتي مكتوبة على الورق حيث أقسم الأوقات وأرتب البرنامج على ذلك من دراسة.

إنني خريج جامعة ولكن وقت التنفيذ لا أستطيع فأفشل من أول محاولة وبعد مضي الزمن الذي وضعته شهر أو 6 اشهر أو أكثر أجدني لم احقق أكثر من 10 في المائة من المطلوب فينتج عن ذلك شعور بالإحباط واليأس وأنا عندي من العمر 30 عاما.

ومحاولتي الفاشلة في هذا الموضوع منذ أكثر من 15 سنة.. قرأت الكتب التي تعين عن تنظيم الوقت استشرت أهل التخصص من أساتذة وغيرهم ولكن المحاولة كلها باءت بالفشل حيث أنني اشعر أريد أن أنجز عدة أشياء في وقت واحد من شغل ودراسة وغيرها وأحاول أن أقللها حتى لا تتشتت أفكاري واحصرها في شيء أو اثنين ومع ذلك افشل.

والعجيب أنني لا أحب السهر وأنام باكرا وأظل مستيقظا بعد الفجر ولكن عندما اجلس على التلفاز اشعر بأنني ممكن أن اسهر إلى الفجر أفيدونا جزاكم الله خيرا.

السؤال

المشكلة عند وضع خطط زمنية وبرامج هي التوقعات الزائدة عن الحد التي تؤدي إلى الإحباط، وتحت قانون (الكل أو لا شيء) تحدث المشكلة، حيث يتصور واضع البرنامج أنه يجب أن يحقق مائة في المائة من هذا البرنامج، ويحشد فيه كل ما يتمناه دون النظر إلى طاقاته أو إمكانياته أو الموارد المختلفة والعوامل التي تؤثر في سير هذا الجدول الزمني، حيث يتصور كل العوامل مثالية، ويتصور عدم وجود معوقات.

ولذا، فإنني عندما أتحدث إلى الطلاب أقول لهم: إننا سنقوم بعمل جدول للحياة، وليس جدولا للمذاكرة، بحيث يكون جزء من هذا الجدول فترات الراحة وفترات الأنشطة المختلفة، حيث إن الحياة ليست مذاكرة فقط ولا عملاً فقط، ويراعى منذ البداية أن نسبة النجاح المتوقعة لمن يبدأ في طريقة الجداول ربما تكون أقل من 50 في المائة.

ثم يقوم بدراسة الأسباب التي جعلت النسبة بهذا الشكل، ويقوم بتعديل الجدول تبعًا لإدراكه الجديد لقدراته وللمعوقات، حيث إن الاختبار العملي في أرض الواقع هو خير مؤشر حقيقي، بمعنى أن الطالب الذي كان يضع في خطته أنه سيذاكر عشر صفحات خلال ساعة، ثم تكرر خلال عدة أسابيع أن تحصيله لم يتعد الصفحات الخمس، فإن الحل ليس هو الإصرار على أن يضع خطته على أساس الصفحات العشر، بل تعديل خطته لتصبح خمس صفحات، لأن الإصرار سيصيبه بالإحباط نتيجة لأن إنجازه سيظل دائمًا أقل من توقعاته.

إن الوقت دائمًا كافٍ ولكن بشرط أن ندرك كيف ننظمه في ظل قدراتنا، وفي ظل ظروفنا الحقيقية، وفي ظل الوصول للهدف وليس الوصول إلى الأمنية أو الخيال الذي نتصوره لأنفسنا.

الإجابة

إبراهيم غلوش - مصر الاسم
مهندس الوظيفة

ما هي الوسائل التي يمكن بها للطالب التغلب على حالة القلق التي تنتابه قبيل الامتحانات والتي قد تؤثر بالسلب على تحصيله فضلا عن معنوياته؟

السؤال

إن تنظيم الوقت وتقسيم المواد الدراسية على الوقت المتاح من خلال تقسيم هذا الوقت كما أسلفنا إلى وحدات زمنية صغيرة تتخللها فترات راحة، ويتخللها نشاط الإنسان العادي، بحيث لا يصبح مكرسًا تمامًا لانتظار الامتحان، هذا من أهم الأمور التي تجعل الإنسان مطمئنًا لما يفعله، ولما يقوم به، بالإضافة إلى أن الإدراك بأن الدراسة هي جزء من حياة الإنسان، وليست حياة الإنسان كله، وأن عليه النجاح فيها مثلها مثل باقي المجالات الاجتماعية والثقافية والفنية، كل ذلك يخرج الإنسان من حالة الخوف والقلق التي تنتابه، حيث تتحول الدراسة إلى قضية مصير، أو قضية حياة أو موت، فيصاب الإنسان بالقلق.

إن الطالب يجب أن يدرك أن ما يقوم به من مراجعة وتسميع للمواد التي يقوم بمذاكرتها هي نموذج مماثل تمامًا لما سيتم في الامتحان، كل الفرق أن ما يقوم به في البيت من مذاكرة، ومراجعة سيقوم بمثله ولكن هناك في لجنة الامتحان إذا شعر بهذا الشعور فسيجد أن الأمر لا يحتاج إلى كل هذا القلق.

إن المواد إذا تم إدخالها إلى الذاكرة بطريقة سليمة، فإن استعادتها ستكون أمرًا سهلاً وميسورًا بشرط أن يتخلى الإنسان عن القلق، وهناك تمرين للاسترخاء يمكن للطالب أن يقوم به 6 مرات في اليوم، 5 عقب كل صلاة والمرة الأخيرة قبل النوم، يساعد على ارتخاء الأعصاب خلال فترة المذاكرة، وتقوم فكرته على أن يقوم الطالب بالاستلقاء على الأرض، ثم رفع قدميه وذراعيه في زاوية 45 درجة كرمز للتوتر، ثم يقوم بإرخاء عضلاته لمدة 10 دقائق مغمض العينين، لا يفكر في أي شيء، ويكون هذا الإرخاء لعضلاته من أسفل إلى أعلى، بمعنى أنه يقوم أولاً بإرخاء عضلات قدميه ويحدث نفسه قائلاً: لقد استرخت قدماي، ثم يصعد إلى ساقيه فيقوم بإرخائهما، ويقول لنفسه: لقد استرخت الآن قدماي وساقاي، وهكذا في تصاعد متدرج حتى يصل إلى عضلات وجهه، فيصل إلى حالة استرخاء تام، يعد بعدها من 1 إلى 10 ثم يقوم وقد هدأت أعصابه المتوترة.

وقيمة هذا التمرين أنه يربط التوتر بالاسترخاء، بحيث بعد فترة يكون رد فعل الطالب بحالة التوتر التي قد تنتابه نتيجة المذاكرة هو أن يسترخي، والأمر الثاني أن تكرار التمرين على مدار 6 مرات في اليوم يجعل الطالب يحصل على ساعة من الاسترخاء التام خلال فترة مذاكرته، وهي فترة كافية لتنشيطه ولتهدئة أعصابه.

وفي النهاية، فإن الإطار الأهم هو الاستعانة بالله عز وجل ودعاؤه، وإدراك أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فإن الطالب الذي بذل المجهود وذاكر، فإن الله تعالى يعينه ويساعده في اجتياز امتحاناته بإذن الله. وشكرًا.

الإجابة

ط - مصر الاسم
ربة منزل الوظيفة

السلام عليكم ورحمة الله
ابنى طالب في الثانوية العامة السنة، كان العام الماضي في قمة الاجتهاد وكنت أخشي عليه من كثرة المذاكرة وأشعر أنه في ضغط شديد وأستمر على هذه الحالة حتى نهاية الترم الأول وبعدها بدأ في التبلد وقل اهتمامه بالدراسة أصبح كثير النوم، شديد العصبية مع العلم أنه حصل العام الماضي على 98%.. فأرشدوني ماذا أفعل والامتحان اقترب؟

السؤال

مشكلة هذا السؤال أنه يأتي في وقت حرج، حيث بقي على الامتحان أقل من ثلاثة أسابيع، حيث إن الحل الأمثل هو إدراك أن مشكلة هذا الطالب المسكين أنه قد وصل إلى حالة من الإجهاد النفسي، والعقلي، والبدني، جعلت هذه النفس تتمرد عليه، فهو لم يعطها فترات الراحة الكافية، حيث يعتبر البعض أن يوم الإجازة الأسبوعية بالنسبة لطالب الثانوية العامة، أو فترات الراحة خلال اليوم، أو قيام الطالب بهوايته التي يحبها أثناء الدراسة، يعتبرون كل ذلك من مجالات تضييع الوقت، ويغريهم في ذلك حصول الطالب على المجموع العالي، ولكن الواقع الطبيعي هو أنه في غياب فن الراحة، فإن النفس والعقل والجسد يصلون إلى حالة من الإجهاد تصل إلى ما نسميه بـ"نقطة الانكسار"، حيث ترفض النفس الاستمرار في هذا الوضع المجهد، ويرفض العقل الاستيعاب، ولا يقوى الجسد على ملاحقة هذا الأمر، فيصاب الطالب بما أسميته في رسالتك التبلد، وما هو بتبلد، ولكنها وسائل النفس للحصول على راحتها التي رفض صاحبها أن يعطيها لها عن طواعيته وبنظام.

ولذا، فإن الحل في حالة ابنك في خلال هذه الفترة القادمة أن نبدأ معه بنظام متدرج، تكون فيه فترات الراحة ربما في البداية أكثر من فترات المذاكرة، ويترك على راحته وقدرته على الاستيعاب، ونوفر له وقت للاستمتاع بالفسحة أو الهواية، ونبعده تمامًا عن الإحساس بالضغط، وهذا مما سيساعد على استعادته لحيويته مرة أخرى، لأن الخطأ الشائع هو مقابلة هذه الحالة من الفتور بمزيد من الضغط، ومزيد من الحرص على عدم تضييع أي وقت، بادعاء أن الوقت يضيع فعلاً، فندخل في دائرة خبيثة من تفاقم الحالة ومن ضياع الأوقات من غير طائل.

لذا، فإن الأولى هو استغلال هذه الأوقات في إعادة النشاط للنفس، بمعنى أن النفس لن تقبل أي مذاكرة، فبدلاً من حبسها وبدلاً من لومها على ضياع الوقت، فلنستغله في هواية أو فسحة أو لعبة تعود بعدها النفس قادرة على العودة إلى نشاطها الطبيعي، وعندما يحدث ذلك فسيكون الطالب قادرًا على تعويض ما فات قدر الإمكان، وبالتالي الوصول إلى النتيجة المرجوة بإذن الله.

الإجابة

أكرم.. - الاسم
الوظيفة

السلام عليكم يا دكتور.. أنا لي أسبوع لا أنام.. وامتحاناتي في الشهر القادم.. كيف أتصرف؟ على فكرة.. أنا لا أنام فعلا، وهذا ليس تعبيرا مجازيا.

السؤال

إن مسألة الأرق أو عدم النوم نعتبرها عرضًا وليست مرضًا، ويعتبر القلق أحد الأسباب المهمة لهذا الأرق.

لذا، فإننا عندما نتعامل معه، فإننا نعود إلى السبب الأساسي، والذي كما يبدو من رسالتك أن سببه هو قلق الامتحانات، لذا فإننا بالإضافة إلى ما ذكرناه في إجابتنا عن السؤال السابق الخاص بكيفية التغلب على القلق، والذي ذكرنا فيه تنظيم الوقت، وذكرنا فيه تمرين الاسترخاء، فإننا نضيف بمناسبة حديثك عن الأرق، أن هناك تعليمات للنوم السليم قبل أن نلجأ إلى النصيحة بالاستعانة بطبيب إذا استمر الحال على ما هو عليه، فإنه يجب أن تراعي:

1 - التقليل من شرب المنبهات مثل: القهوة، والنسكافيه، والشاي، خاصة في النصف الثاني من النهار، حيث تؤثر على النوم، وعلى قدرة الإنسان على الدخول في نوم مريح. لذا فيجب الاعتدال في تناول هذه المنبهات، بحيث لا تزيد عن كوب واحد من القهوة أو كوبين من الشاي، ويكون ذلك من الأفضل في نصف اليوم الأول.

2 - هو أن نمتنع عن أي مثيرات في فترة ما قبل النوم، بمعنى أنه إذا كانت هناك مادة صعبة أو تثير لدينا القلق، فيفضل ألا تكون في الفترة التي قبل النوم، ويفضل أن ننهي اليوم بمادة من المواد المحببة إلينا، أو التي نحب دراستها، فينتهي اليوم هادئًا، مما يمكننا من النوم بهدوء.

3 - الاستعانة بتمرين الاسترخاء السابق ذكره في السؤال السابق للدخول إلى النوم، بحيث تلغى منه فترة الاستيقاظ، حيث يكون تمرين الاسترخاء مدخلاً إلى النوم مع الاستعانة بالأدعية المأثورة، والأذكار الخاصة بالنوم، ولا مانع من أن نستمع إلى بعض الآيات القرآنية، أو نقرأ بعض الآيات لمن يفضل القراءة عن السماع، ويكون ذلك قبل النوم مباشرة.

4 - التأكد من التهوية الجيدة لمكان النوم، خاصة في الأيام الحارة، حيث أن التهوية الجيدة من شروط النوم الهادئ، أيضًا التأكد من أن مكان النوم مريح، ولا يوجد ما يقلق النوم. أخيرًا، فإن كوبًا من اللبن المحلى بملعقة كبيرة من عسل النحل توفر نومًا هادئًا من غير قلق.

هذه الأسباب للنوم الهادئ الصحي إذا تم توفيرها مع اتباع التعليمات المانعة للقلق أثناء المذاكرة التي أسلفناها سابقًا، فإن ذلك سيؤدي بإذن الله إلى نومك بشكل طبيعي وصحي، خاصة وأنه ما زال هناك وقت كاف على الامتحانات كما فهمنا من رسالتك. إذا لم تنجح كل هذه الوسائل في نومك بطريقة طبيعية، ففي هذه الحالة يحتاج الأمر إلى مراجعة الطبيب النفسي لمساعدتك بطريقة مباشرة من خلال المقابلة الإكلينيكية المباشرة. ووفقك الله.

الإجابة

ث- أوربا - الاسم
- الوظيفة

ما أسباب نسيان المواد الدراسية بعد الانتهاء من مذاكرتها جيدا؟؟

السؤال

كما أقول دائمًا، فإننا يجب أن نتفق أولاً على معنى المذاكرة الجيدة، لأن البعض يعتبر نفسه قد ذاكر بطريقة جيدة، والحقيقة على غير ذلك، وكما أقول دائمًا لطلابي إن هناك خمس قراءات للموضوع الذي يجب أن نعتبر أننا قد ذاكرناه جيدًا، وأقول لهم: هل بعد هذه القراءات الخمسة يمكن أن نعجز عن استعادة المادة التي قد ذاكرناها، وتكون الإجابة بالنفي، حيث يكتشفون أن السبب في العجز عن الاستعادة هو أننا لم ندخلها بطريقة جيدة إلى الذاكرة، تضمن حفظها بطريقة سليمة، وبالتالي استعادتها بطريقة صحيحة.

القراءة الأولى نسميها التعرف، حيث تتعرف على هذا الموضوع الذي سوف تذاكره، وتأخذ عنه فكرة عامة، أو نسميها قراءة الجريدة.

ثم القراءة الثانية نسميها القراءة النشطة، حيث يمسك الطالب بقلمه ليخطط تحت الأجزاء الهامة، أو يضع عناوين جانبية، أو يسجل الأسئلة الهامة التي ذكرها الأستاذ أثناء الشرح، أو يسجل الأسئلة التي جاءت في الامتحانات السابقة، وبذلك يتحول الموضوع من كيان أصم لا حياة فيه إلى كائن نشط يتفاعل مع من يذاكر معه.

وتكون القراءة الثالثة هي قراءة الحفظ، وهي تعتمد على القراءة السريعة المتفهمة، حتى لا يدخل الملل إلى نفس صاحبها.

والقراءة الرابعة هي التسميع، وللتسميع فوائد هامة، فهو يساعد الطالب على اكتشاف النقاط الضعيفة فيما حفظ، والثاني أنه يستخدم السمع كوسيلة لإدخال المعلومة بجوار الكتابة والعين، والفائدة الثالثة أنه نموذج للامتحان، فما الامتحان إلا تسميع لهذه المادة، ولكن في وقت مختلف ومكان مختلف.

أما القراءة الخامسة والأخيرة، فهي حل الأسئلة على هذا الموضوع الموجودة في نهايته، أو الأسئلة التي قد وضعتها أثناء القراءة النشطة، أو المراجعة على العناوين الهامة.

إن هذه القراءات الخمسة لا يمكن لمن قد درس موضوعًا من خلالها أن يعجز عن استعادتها.

الخلاصة أن الاستعادة الصحيحة للمادة تحتاج إدخالاً صحيحًا لها، أما وجود أي خلل في مرحلة الإدخال يجعل عملية حفظها ثم عملية استعادتها تتم بصعوبة أو ربما يفقد جزء منها ولا يمكن استعادته.

الإجابة

ر.م - الاسم
طالبة الوظيفة

اليوم.. قدمت امتحانا لمادة الرياضيات وكنت متمكنا من المادة جيدا ولم أقلق من قبل الامتحان ولم أرتبك أبدا ولكن مع كل هذا لم أجد النتيجة المطلوبة..

السؤال

لم نفهم ما هي النتيجة المطلوبة التي تتصورها، فإن كان الأمر كما تذكر بأنك قد أديت ما عليك من مذاكرة ثم لم تقلق ودخلت الامتحان وأديت ما عليك، فإن النتيجة ستكون هي حصاد كل ذلك.

إنها الاختبار الحقيقي لمذاكرتك، بمعنى أنه إذا كانت النتيجة على غير ما تتوقع، ولا ندري كيف عرفتها في نفس اليوم، فإنك تحتاج إلى مراجعة طريقة مذاكرتك، أو إلى مراجعة إدراكك للنتيجة التي تتوقعها، بمعنى أن البعض يبالغ في النتيجة التي يتوقعها، بحيث أنه يتوقع حصوله مثلاً على الدرجة النهائية، فإذا نقص درجة أو درجتين اعتبر ذلك على غير النتيجة المتوقعة، واعتبر نفسه فاشلاً، وأحبط من هذه النتيجة، وهذا نوع من التقييم المبالغ فيه، ولكن البعض يقوم به.

لذا، فإن استخدام المعايير العامة للاختبارات هي الطريقة الصحيحة المتاحة، والتي يمكن المقارنة فيها مع الغير، بمعنى ألا تضع لنفسك معيارًا خاصًا، ولكن لترضى بالمعيار العام، فإذا كان المعيار العام يجعل من يحصل على 85% من الدرجة هو من الممتازين، فيجب أن ترضى لنفسك هذا التقييم، لأن فلسفة هذا التقييم في أصلها تقوم على فكرة المدى، وهو أن لكل تقييم مدى، وليس نقطة بعينها، فالممتاز هو من يحصل على درجة ما بين الـ85% والـ100%، وبذلك يكون هناك مدى واسع لهذا المستوى.

أما اعتبار درجة معينة أو شكل معين للتفوق، أو للرضاء عن النتيجة، فهذا فكرة خاطئة تؤدي إلى الإحباط.

لذا، فإذا كنت ممن يقومون بهذا التقييم الزائد، فلتراجع طريقة تقييمك، وإن كنت قد حصلت على نتيجة غير متوقعة من خلال التقييم العام الطبيعي، فلتراجع طريقة مذاكرتك ولتستعن بأحدهم، سواء كان زميلاً أو مدرسًا وتعرض عليه طريقة دراستك وطريقة حلك ليكتشف معك نقطة ضعفك، حتى تقويها وتتجاوزها.

وفقك الله.

الإجابة

usama - الاسم
الوظيفة

هل نوعية الطعام لها تأثير على الحالة المزاجية وما هي نوعية الطعام المفضلة؟

السؤال

الحقيقة أن الطعام الصحي المتوازن مع الاعتدال في التناول تأسيًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه".

إن هذا النموذج في الاعتدال في تناول الطعام هو الذي يؤدي إلى حالة مزاجية معتدلة، فالتخمة والإفراط في الطعام تؤدي إلى حالة من الكسل، وتؤدي إلى غلبة النوم، وتؤدي إلى تقليل النشاط، وقلة الطعام وعدم الحصول على الكميات المفيدة والكافية منه أيضًا تؤثر على التركيز والانتباه، بحيث تقلل من قدرة الإنسان على الاستيعاب.

فلا يوجد طعام بعينه، ولكن يوجد نظام هو الاعتدال في نوعية الأطعمة، والاعتدال في كمية الأطعمة. فالاعتدال والوسط كله خير.

الإجابة

عمر - الأردن الاسم
الوظيفة

السلام عليكم
هل يمكن أن تدلونا على طريقة للتخلص من آفة السرحان وجزاكم الله خيرا.

السؤال

الحقيقة أن عكس السرحان هو الانتباه، ومن أجل أن ننتبه فإنه يجب أن نراعي عدة أمور: أولها، وهو ما أكدنا عليه سابقًا هو تنظيم الوقت، فإن تقسيم المادة العلمية على الوقت المتاح وتحديد ماذا سيذاكر في كل فترة زمنية، بمعنى أن هذه الساعة سأذاكر خلالها هذا النص أو هذا الموضوع، أو هذه الصفحات، وبالتالي سيكون نصيب كل خمس أو عشر دقائق صفحة مثلاً، فإن كل خمس دقائق ستصبح لها قيمتها لأنني إذا فقدتها فإنني أفقد صفحة، هذه الطريقة تجعلني في حالة انتباه مستمر، وأيضًا وجود فترات راحة بينية تجعل العقل يستعيد نشاطه، لأن السرحان في بعض الأحيان يكون وسيلة للعقل للحصول على الراحة التي لم يحصل عليها طواعية من الذي يذاكر، وبذلك تكون النقطة الأولى هي تنظيم الوقت.

النقطة الثانية، هي تثبيت الوقت، بمعنى أنه لا بد أن يكون لكل شخص فترة من اليوم تكون هي فترة المذاكرة، بمعنى أنه مثلاً الفترة من الساعة الخامسة إلى الساعة العاشرة مساءً هي فترة المذاكرة، ومع مرور الوقت يحدث ارتباط شرطي بين هذا الوقت وبين المذاكرة، فتتهيأ حواس الجسم للقيام بالمذاكرة، وكذلك تثبيت مكان خاص بالمذاكرة، بمعنى أن يكون هناك ركن خاص ليس شرطًا أن تكون غرفة مكتب، ولكن مكان وركن في البيت يكون له خصوصية المذاكرة، بحيث أيضًا عندما أتواجد فيه تتهيأ حواسي للقيام بمسألة المذاكرة، وبالتالي أصبح قادرًا على الانتباه، أيضًا تنشيط الدورة الدموية ببعض التمارين الخفيفة قبل البدء في المذاكرة يساعد على زيادة الانتباه. وأخيرًا ألا تكون المذاكرة فرصة لاستعادة الذكريات ولحل المشاكل، ولأحلام اليقظة، بحيث يدرك الطالب أن الحل الواقعي لمشاكله والوصول الحقيقي لأحلامه يكون من خلال المذاكرة وليس من خلال الأحلام والخيالات.

هذه الطرق هي طرق زيادة الانتباه من أجل التخلص من آفة السرحان، مع العلم أن نسبة قليلة من أحلام اليقظة ربما تكون شيئًا عاديًا لطالب يذاكر، ودائمًا أضرب هذا المثال فأقول: إن طالبًا يذاكر لمدة ساعتين فلا مانع من أن يحلم لمدة عشر دقائق بشرط أن يعود مرة أخرى إلى عالم المذاكرة وإلى كتابه، ولكن الطالب الذي يذاكر ساعتين فيحلم فيها لمدة ساعة ونصف، فهذا أمر مرضي يحتاج إلى علاج.

الإجابة

حسين صالح الدوسري - السعودية الاسم
طالب الوظيفة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لو سمحت أنا طالب في المرحلة الابتدائية وأشعر دائما وأنا ذاهب للاختبارات بخوف وضغوط نفسية؛ فأرجو أن تزودني بالنصائح حتى أتخطى فترة الامتحانات بهدوء. هذا ولكم التحية.

السؤال

بالإضافة إلى ما ذكرناه سابقًا في الأسئلة السابقة في نفس الحوار، فإننا نذكرك وأنت في بداية حياتك الدراسية أن المطلوب منك أن تبذل ما عليك، أما النتيجة فإنها على الله عز وجل. بمعنى أنك طالما بذلت وقتك ونظمته وقمت بمتابعة ومذاكرة دروسك واستعددت الاستعداد الصحيح للامتحان، فإن أحدًا لن يحاسبك على النتيجة؛ لأنك قد قمت بما عليك من مجهود.

ولذا، فإن القلق والخوف لا يصبح له مكان، وأيضًا يجب أن تدرك كما أسلفنا ولكننا نكرره لك، أن كل الفرق بين ما تقوم به من مذاكرة وتسميع في البيت، وما تقوم به في الامتحان؛ هو مكان هذا التسميع، فإذا تخيلت نفسك وأنت في الامتحان أنك على مكتبك تذاكر وتسمع ما ذاكرته فسوف لا تجد أي أثر للخوف أو القلق، ثم إن الاستعانة بالله عز وجل ودعاءه وصلاة ركعتين للحاجة قبل نزول الامتحان سيساعدك كثيرًا على تجاوز هذه المخاوف.

ونكرر أيضًا أن حياتك لن تكون دراسة فقط، فهناك مجالات أخرى للتميز، فكن هذا الطالب المتكامل في كل أنشطة حياتك.

الإجابة

أشرف بسيونى - مصر الاسم
الوظيفة

السلام عليكم ورحمة الله، دكتور عمرو، مشكلتي أني لا أستطيع المذاكرة إلا عندما يقترب الامتحان وأشعر أن الوقت ليس في صالحي، ولكن هذه المرة اقترب الموعد جداً، حيث عندي امتحان يوم الأحد القادم، ولم أذاكر جيداً حتى الآن وليس لدى أي رهبة من الامتحان تحفزني على المذاكرة.. فما الحل؟ جزاكم الله خيرا.

السؤال

بدلاً من أن تكون لديك رهبة فلماذا لا تكون لديك رغبة، فلتكن رغبتك في النجاح وفي أن تقضي صيفًا ممتعًا، وفي أن ترضي والديك هي حافزك على المذاكرة، وإننا نعتبر رسالتك إلينا هي بداية صحيحة لهذه الرغبة، فلولا وجود رغبة داخلك من أجل المذاكرة لما تحركت للسؤال وللاستفسار.

ولذا، فإن النقطة الثانية بعد الرغبة هي أن تدرك أن الوقت دائمًا كافٍ، فطالما تحركت إرادة الإنسان نحو المذاكرة فهو قادر على تحقيق ما يريد من إنجاز، وسيجد الوقت الكافي لذلك.

إن يوم الأحد ما زال بعيدًا، وإن الوقت الباقي يتخطى الساعات الخمسين، وإنه لوقت طويل لمن أراد أن يذاكر وينجح.

الإجابة

أيمان - الكاميرون الاسم
طالب جامعي الوظيفة

ما هي أفضل أوقات المذاكرة؟ وهل تنصحون بالسهر في الليل على حساب المذاكرة؟ وما الذي تنصحون به؟ ولكم جزيل الشكر.

السؤال

الحقيقة أن أفضل أوقات المذاكرة هي البكور، في الوقت الذي يستيقظ فيه الإنسان مبكرًا، وقد ثبت هذا علميًا، حيث وجد أن الجسم يكون به من المواد الكيميائية التي تساعد أو تحفز الانتباه والتركيز ما يجعل الاستيعاب في هذا الوقت من أفضل الأوقات.

ولذا فإن ساعات الفجر الأولى تعتبر هي أفضل أوقات المذاكرة، ولذا فإن نظام اليوم الإسلامي -إن صح التعبير- الذي ينتهي بصلاة العشاء أو بعدها قليلاً، ويبدأ بصلاة الفجر هو الأنسب للطلاب للمذاكرة، وهو أيضًا الأنسب في أيام الامتحانات، حيث يفضل النوم المبكر ولا يفضل السهر.

وذلك لأن الذي يسهر يصحو مكدودًا متعبًا وربما مع قلق الامتحان يصاب بما نسميه انغلاق أو غلق الفكر أو التفكير، حيث يعجز عن استعادة المادة التي ذاكرها، في حين أن النوم المبكر والاستيقاظ المبكر يجعل صاحبه في حالة تسمح له باستعادة ما ذاكره بهدوء.

لذا، فإن النظام الطبيعي من المذاكرة أثناء النهار والنوم الكافي أثناء الليل هو النظام الأمثل بالنسبة للطالب. وإن قلب هذا النظام يزعج الطالب في أثناء الامتحان، حيث تجده مضطرًا إلى النوم أثناء وقت الامتحان، وهو ما يشتت انتباهه وتركيزه.

الإجابة

ص - السعودية الاسم
الوظيفة

آاااااااااااه.... كان لازم ماما تاخد معاها اليوم كل إخوتي علشان يفضالي البيت.... الثانوية العامة زهق وطفش وملل و(زفت).. ما فيش تلفزيون ولا كمبيوتر (إحم) ولا إنترنت (إحمين)، ولا أي أي أي حاجة زقهتتتتتت الرحمة يا ناس قولوا لي حل.

السؤال

إن سبب الزهق والطفش هو عدم وضوح الهدف أو نسيان الهدف، ربما تكون الثانوية العامة سنة مرهقة، وربما يحتاج الإنسان إلى التنازل عن بعض احتياجاته من أجل الوصول إلى هدفه، وربما تكون الثانوية العامة مع عدم اتفاقنا على أنها الطريقة المثلى للتقييم لدخول الجامعة؛ فإننا مع ذلك نرى أنها أول فرصة يقابلها الطالب في حياته من أجل أن يدرك أن الوصول إلى الهدف يحتاج منه إلى أن يبذل مجهودًا زائدًا ويحتاج إلى أن يتخلى عن بعض راحته، إنه قبل هذه المرحلة ربما كان يحصل على كل ما يريد بسهولة ويسر، ولكن في هذه المرة هو يتطلع بعينيه إلى المستقبل ويستشرفه حيث الكلية التي يتمناها والتي هي الطريق إلى الحياة العملية.

إن البداية ستكون في الكلية، حيث ستختلف طريقة الدراسة، وحيث ستكون دراسة في الاتجاه الذي أحبه، وبعدها ستكون الحياة العملية، لن أصل إلى ذلك إلا من خلال جسر الثانوية العامة، وإلا من خلال الجدية، وإلا من خلال العمل الدؤوب، فمن أراد أن يحصل على بعض الراحة فلا بد أن يقدم بعض التعب، لا نتصور أن نحصل على ما نريد من غير أن ندفع الثمن، لنضع أمامنا لحظة مزاح وفرحة التسوق، ولنتخيل أنفسنا وسط الأصدقاء ونحن نفتخر بنجاحنا وتفوقنا.

ولنتصور الصورة العكسية التي لا نحبها جميعًا، حيث الجميع فرحون وسعداء، وحيث إننا محبطون لما أصابنا من فشل، ربما كان لا يحتاج منا أكثر من عدة ساعات من المجهود ومن التعب، ومن التخلي عن بعض أوقات الراحة.

إننا نتعب الآن كثيرًا في هذه الفترة الصعبة قبل الامتحانات مباشرة، ولكن لكي نسعد بإجازة صيفية طويلة تتلوها حياة جامعية رائعة، لم يبق إلا عدة أيام، فليكن ذلك هو الحافز، فبدلاً من الشعور بالزهق والطفش فلماذا لا نستبدل بذلك إحساسا قويا بأن الرحلة الطويلة قد قاربت على الانتهاء، وأن هذا الماراسون الطويل الذي حرصنا طواله على بذل المجهود يجب ألا نضيع ساعاته الأخيرة.

إن لحظة الوصول إلى نقطة النهاية وسط تصفيق الجماهير وتشجيعهم تنسي هذا المتسابق الذي جرى هذا الماراسون الطويل وقد تألمت عضلاته وتشنجت تراه يقفز من الفرح في نشاط وحيوية وكأنه لم يجري لعدة ساعات أو لعدة كيلومترات.

تذكر الآن لحظة نجاحك. تذكر الآن لحظة دخولك الكلية، وستجد أن كثيرًا مما تعاني منه قد زال، وفي نفس الوقت فإننا ندعوك بأن تنظم وقتك بطريقة تسمح لك بالحصول على بعض أوقات الراحة وبممارسة هوايتك، ولكن في إطار تحمل المسئولية والجدية من أجل الوصول إلى النتيجة المرجوة.

رد مع اقتباس
  #224  
قديم 11-04-2005, 09:54 AM
الصورة الرمزية العنيد
العنيد العنيد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: أبوظبــــي دار الظبــي
العمر: 41
المشاركات: 4,997
معدل تقييم المستوى: 24
العنيد is on a distinguished road

بارك الله فيــــــــــــــــــــــــــك يا استاذي الفاضل فالح العمره على هذا البحث الطيــــــــــــب حقيقه....والله يجزاك خير على هذه المتاااااابعه الطيبه ....

لك خالص شكري ..بحث قيم والله

 

التوقيع

 

أنــــــــــا العنيـــــــــــــد ولي هـــــــــامه يخضـــع لـــها العــــز ويليـــــن
أعـــــــــرف مواجيبي..وشرعــــي وأصـــوله...وأحســـــب حسابــــــي
وأدرك الشــــين والزيـــــن




بدك ولا ما بدكيش ولا ما بدكوووش

 
 
رد مع اقتباس
  #225  
قديم 11-04-2005, 11:38 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

مرحبا بك يا العنيد ولا هنت على الحضور

رد مع اقتباس
  #226  
قديم 16-04-2005, 12:53 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

مؤسسات تربية الطفل العربي بين الواقع والمأمول

مقدمة
تولي اليوم كافة المجتمعات اهتماماً خاصاً بدراسة الطفولة ، لأن أنظار العالم اليوم متجهة صوب الغد ، وما تنبئ به التوقعات والرؤى المستقبلية من تطور وتقدم علمي وتكنولوجي، وتغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية ، ولا يمكن أن تقوم الدراسات المستقبلية ، دون دراسة العامل البشري الذي سوف يحمل على عاتقه كل هذه التغيرات المتوقعة ، وأن قدراته وما يتوقع منه من عطاء في المستقبل يتوقف على مستوى إعداده ، ومنن ثم فإن دراسة المؤسسات التي جندها المجتمع لتربية الطفل وتقييم دورها ، يصبح من الأمور المهمة .
وحيث إن السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل ، لها أهميتها ، فهي تمثل الدعامات الرئيسة للشخصية فإن الدراسة الحالية تستهدف تحديد شكل وواقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، وتستشرف الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه هذه المؤسسات ، لتصبح قادرة على تأدية دورها في تربية الطفل العربي التربية السليمة، ورعايته الرعاية التي تحقق إعداده للعيش في مجتمع المستقبل وتساعده على التوافق معه .

مشكلة البحث وأهميته :
ترتبط مشكلة هذا البحث بمستقبل الوطن العربي ، لأن أطفال الوطن العربي الذين سوف يشكلون مستقبله ، تقوم على رعايتهم مؤسسات أثبتت الدراسات عدم فعاليتها في القيام بدورها التربوي وتحقيق الحماية للأطفال فإذا علمنا : أن نصف مليون طفل عربي يموتون سنوياً بسبب الإهمال في رعاية الأطفال صحياً من مرض الإسهال وهذه النسبة هي حوالي 30 إلى 40 % من وفيات الأطفال الصغار ( 24 ـ 25 ) أضف إلى ذلك ما يعانيه الطفل العربي من سوء التغذية وإهمال في التعليم والثقافة ، كل ذلك يعبر عن وجود مشكلة حقيقية في مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ولذلك تتحدد مشكلة البحث الحالي في الإجابة عن هذا السؤال : ما واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ؟ .
أما أهمية هذا البحث تنبع من أهمية هذه المرحلة العمرية فهي فترة التطبيع الاجتماعي والتكيف مع البيئة وتحديد نوع وشكل العلاقات الاجتماعية مع الآخرين في المستقبل \"فإنه تتوقف قدرة الطفل ومهارته في تكوين علاقات اجتماعية مع الآخرين وبخاصة الأطفال في مثل سنه، على ما قد تكون لدى الطفل في سنوات حياته الأولى من شعور بالطمأنينة والاستقرار النفسي وثقة بالنفس\" ( 29 ـ 21، 22 ) ولا تتوقف آثار ذلك على مراحل الطفولة التي تلي مرحلة ما قبل المدرسة بل تتعداها إلى المراحل الأخرى في حياة الفرد ولهذا \"يؤكد سيرل بيرت أستاذ علم النفس الإنجليزي أن مرحلة الحضانة فترة جوهرية ومن الأهمية بمكان ، ففي أثنائها ترسي في الشخصية أسس الأخلاق الفاضلة ، كما توضع أيضاً بذور الانحراف المزاجي وأن أسس الاستعداد لممارسة الحياة الجماعية ، والحياة الأسرية ، والحياة المدرسية ، والحياة المهنية ، والحياة الزوجية ، هذه الأسس ترسي في مرحلة ما قبل المدرسة ( 20 ـ 15 ) \" .
أهداف البحث :
يهدف البحث إلى التعرف على واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، واستشراف ما ينبغي أن تكون عليه هذه المؤسسات لتصبح قادرة على تلبية احتياجات طفل هذه المرحلة .
أسئلة البحث :
يسعى البحث للإجابة عن الأسئلة الآتية :
1 ـ ما الواقع الفعلي لمؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ؟
2 ـ ما مستوى قدرة مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة أداء وظائفها ؟
3 ـ ما ينبغي أن تكون عليه مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ؟
الدراسات السابقة :
(1) دراسة سيدة حامد عبد العال ، تقييم القصة المقدمة لطفل ما قبل المدرسة ، 1985 ، ( 14 ـ ـ ) .
تهدف الدراسة إلى تقييم القصة المقدمة لطفل ما قبل المدرسة . ولتحقيق هدف الدراسة قامت الباحثة :
بتحليل القصص المقدم للأطفال ، وإجراء مقابلات مع 150 أب وأم و 12 مديرة حضانة .
وتوصلت الدراسة إلى نتائج منها : ـ
ـ أن كمية القصص المحلية ونوعها لهذه المرحلة العمرية لازال قاصراً عن إشباع حاجة الطفل المصري .
ـ عدم اشتمال رسوم القصص على الوضوح والبساطة .
ـ عدم اهتمام القصة ببيئة الطفل المصري .
ـ افتقار القصة إى التعريف بالوطن وأمجاده ومشكلاته .
(2) دراسة (هويدة حنفي محمود )، أثر الالتحاق بدور الحضانة على التحصيل الدراسي والسلوك الاجتماعي لتلاميذ المرحلة الابتدائية ، 1985 ( 31 ـ ) .
تهدف الدراسة إلى التعريف على أثر الالتحاق بدور الحضانة على التحصيل الدراسي لمادة القراءة والكتابة ، ومادة الحساب وعلى السلوك الاجتماعي لدى أطفال الصف الأول الابتدائي .
لتحقيق أهداف الدراسة قامت الباحثة :
باستخدام اختبار رسم الرجل لقياس ذكاء الأطفال واستمارة المستوى الاجتماعي الاقتصادي لقياس التكييف ، واختبار تحصيل في مادة الحساب واختبار تحصيل في مادة اللغة العربية .
طبقت الباحثة الأدوات على عينة مكونة من 400 تلميذ بالصف الأول الابتدائي منهم 200 طفل التحقوا بدور الحضانة ، و200 طفل لم يلتحقوا بدور الحضانة .

وتوصلت الدراسة إلى نتائج منها : ـ
ـ عدم وجود فروق في درجات مادة الحساب ومادة اللغة العربية بين الأطفال الذين التحقوا بدور الحضانة ، والأطفال الذين لم يلتحقوا بها.
ـ وجود فروق على مقياس التكييف الاجتماعي بين الأطفال الذين التحقوا بدور الحضانة ، والأطفال الذين لم يلتحقوا بها لصالح الأطفال الذين التحقوا بدور الحضانة .
(3) دراسة إريك جيمس :أثر السنة الإضافية بدور الحضانة على الأطفال متأخري النمو ، 1993 ( 32 ـ ـ )
تهدف الدراسة إلى تحديد قيمة السنة الإضافية للأطفال متأخري النمو في رياض الأطفال قبل المدرسة الابتدائية .
اعتمد الباحث لتحقيق هدف الدراسة على برنامج مستوى تحصيل المهارات الاجتماعية ، واختبارات تحصيلية .
وطبق أدواته على تلاميذ الصف الأول الابتدائي في 15 مدرسة بولاية أريزونا .
توصل الباحث إلى نتائج منها : ـ
ـ تشير النتائج الكمية إلى فروق ذات دلالة للاختلاف بين التلاميذ الذين التحقوا بالسنة الإضافية برياض الأطفال قبل المدرسة والأطفال الذين لم يلتحقوا برياض الأطفال في التحصيل والقراءة ودقة اللغة لصالح التلاميذ الذين التحقوا بالسنة الإضافية برياض الأطفال .
ـ وتشير المعطيات الكيفية لتطبيق برنامج مستوى تحصيل المهارات الاجتماعية إلى أن الأطفال الذين التحقوا برياض الأطفال لهم مهارات اجتماعية عالية . (4) دراسة : خالد أحمد العامودي ، التلفزيون والأطفال إيجابية الاستخدام وسلبياته في المجتمع السعودي ، 95 ( 6 ـ ــ ) .
تهدف الدراسة إلى التعرف على دور التلفزيون في حياة الأطفال في المجتمع العربي السعودي . وأهم السلبيات المتوقعة للاستخدام غير الواعي للتلفزيون في عصر استقبال البث التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية .
وتوصلت الدراسة إلى نتائج منها :
ـ يؤدي افتقار البرامج الجادة والهادفة المنتجة محلياً إلى التركيز على مشاهدة البرامج المنتجة في الدول الأجنبية مما يؤدي إلى إحلال المفاهيم والقيم الغربية .
ـ ترسيخ الاعتقاد عن طريق البرامج الأجنبية بأن الطريق الوحيد للتقدم والتحديث هو طريق العالم الغربي .
ـ يشغل التلفزيون الأطفال عن الاهتمام بنشاطات أخرى كالقراءة واكتساب خبرات جديدة من خلال التعامل .
خطوات البحث ومنهجه :
استخدم الباحث المنهج الوصفي واستخدم الاستبيان كأداة لجمع البيانات . وقام الباحث بالخطوات الآتية : ـ
ـ تحديد مشكلة البحث والتساؤلات التي تفيد الإجابة عنها في وصف المشكلة وطرح الحلول لها .
ـ اعتمد الباحث على المراجع العلمية في وصف واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة .
ـ قام الباحث بدراسة ميدانية للتعرف على مدى قدرة مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة على تأدية بعض وظائفها وذلك في مجتمعين عربيين هما مصر واليمن .
ـ وضع الباحث رؤية استشرافية لما ينبغي أن تكون عليه مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة .
مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي وهذا ما سوف تكشف عنه الدراسة الميدانية .

مؤسسات تربية طفل
ما قبل المدرسة وواقعها في الوطن العربي
مـدخل :
إن الاهتمام بالطفولة ، هو اهتمام بالحاضر والمستقبل معاً وتعتبر مرحلة السنوات الخمس الأولى من أهم المراحل في حياة الإنسان ، فالمجتمع الواعي هو الذي يعرف ويقدر مدى أهمية مرحلة الطفولة ، ولذلك يوليها من العناية والرعاية والاهتمام أكثر مما يولي أية مرحلة أخرى ـ وتحتل مرحلة السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل اهتمام معظم الدارسين والباحثين في مجال الطفولة لأن خبرات سنوات العمر الأولى من الحياة لها أهمية كبرى في تشكيل النمو في المستقبل ، ودعا هذا الأساس السيكولوجي إلى جانب الأسس الاقتصادية والسياسية كثيراً من الجماعات في الدول الراقية إلى الضغط على الحكومات لجعل التعليم للأطفال في سن ما قبل المدرسة شيئاً رسمياً ( 12 ـ 136 ) وفي هذه المرحلة تتشكل شخصية الإنسان لأنها \"تعد تكملة لمرحلة الجنين وامتداداً لها ولذلك فهي مرحلة قبلية لما يتلوها من مراحل النمو ، أو بالأحرى هي أول المراحل وبدايتها ، وبناء على ذلك تكون الأساس الذي ترتكز عليه حياة الفرد من المهد إلى أن يصير كهلاً \" ( 21 ـ 92 ) .
إن الاهتمام بالطفولة ليس وليد اليوم ، فإن المجتمعات على مر العصور اهتمت بتربية الأطفال ورعايتهم وصون حقوقهم ، وتحفظ آثار القدماء ما يشير إلى ذلك .
ـ ففي قانون حامورابي تنص المادتين 14 ، 19 على أنه إذا كان الابن طفلاً فإن ثلث الحقل أو البستان سوف يعطى لأمه من أجله وأمه سوف تقوم بتربيته ، وينص القانون على أنه إذا اختطف رجل طفلا (ابن) رجل سوف يقتل (2 ـ 2) .
ـ أما في مصر القديمة نجد فقي نصائح الحكيم المصري القديم ( يتاح حتب) بشأن تربية الأطفال إذ يقول \" إذا نضجت وكونت داراً وأنجبت ولداً من نعمة الإله .. واستقام لك هذا الولد ووعي تعاليمه فالتمس له الخير كله وتحرى كل شيء من أجله..فإنه ولدك،وفلذة كبدك ولا تصرف عنه نفسك \" ( 8 ـ 16 ).
ـ أما في شبه الجزيرة العربية فقد اهتم العرب بأطفالهم وكانت الأم تقوم بتربية أطفالها بحنان ، ويرسل أبناء الأغنياء إلى البادية لينشئوا في رعاية مرضعات من البادية ليتعلموا اللغة ويشبوا على الفصاحة والشجاعة، ويركز العربي على تعليم أطفاله منذ الصغر ، فالطفل لديهم ليس كماً مهملاً وعلى حد قول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا صبياً تخر له الجبابر ساجدين (8 ـ 59،60)
ولقد عني الإسلام بالطفولة عناية خاصة \"فإذا كان العالم يفخر بأن أول إقرار لحقوق الطفل يرجع إلى عام 1924 وما تلاه ذلك في أعوام 1948 ، 1959 ، 1979 من تأكيد لحقوق الطفل فإن الوطن العربي يجب أن يفخر بما كان له من سبق في مجال حقوق الطفل فقد جاء الإسلام الحنيف منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة ليقرر حقوق الطفل ، قال تعالى ] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم [ سورة الأنعام / 140 \" ( 24 ـ 21 ) ، كما أمن الإسلام للطفل الغذاء والرعاية فأمر الأمهات أن يرضعن الطفل حولين كاملين قال تعالى ] والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة [ (سورة البقرة آية 233) وأمر الآباء برعاية الأطفال والإنفاق عليهم .
ونظراً لأهمية هذه المرحلة تتوالى مؤسسات تربوية عديدة مسئولية تربية الطفل في هذه المرحلة ومن أهمها الأسرة ودور الحضانة ورياض الأطفال ووسائل الإعلام ، وسوف يتناول الباحث دور كل مؤسسة من هذه المؤسسات في تربية طفل ما قبل المدرسة والواقع الفعلي لكل منها في الوطن العربي ، باكتشاف المعوقات التي تعوق هذه المؤسسة عن تأدية دورها في تربية الطفل العربي .
أولاً : الأسرة
الأسرة أول المؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع ، وهي البيئة الثقافية التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه ، وتؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي ، فالأسرة مسئولة عن حفظ النوع الإنساني ، وتوفير الأمن والطمأنينة للطفل ، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكييف الاجتماعي ، \" وفي الأسرة يكتسب الطفل أولى خبراته الصوتية ويدرك كذلك بعض الشيء لكلمات والأصوات ، ويبدأ في إدراك وجود علاقة جسمية بين ما يسمعه من أصوات مختلفة وبين بعض الظروف والمواقف في البيئة التي يعيش فيها \" (13 ـ 91 ).
وتقوم الأسرة بغرس آداب السلوك المرغوب فيه وتعويد الطفل على السلوك وفق أخلاقيات المجتمع ، أي أن الأسرة تقوم بعملية التطبع الاجتماعي للطفل باعتبارها ـ كمؤسسة اجتماعية ـ تمثل الجماعة الأولى للفرد ، فهي أول جماعة يعيش فيها الطفل ويشعر بالانتماء إليها وبذلك يكتسب أول عضوية له في جماعة يتعلم فيها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته وتحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها \" (27 ـ 185 ) وإن دور الأسرة في التربية بصفة عامة وفي تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة بصفة خاصة لا يماثله دور أي مؤسسة تربوية أخرى لما لها من أثر \" في تشكيل شخصية الفرد تشكيلاً يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال ، ويرى علماء النفس والتربية أن مرحلة الطفولة المبكرة من أهم مراحل حياة الإنسان ، إذا تعتمد عليها مراحل النمو التالية في حياته ، بل إن بعض المربيين يرى أن أثر الأسرة ترجح كفته عن أثر عوامل التربية الأخرى في المجتمع ، وأن آثارها تتوقف على الأسرة فبصلاح الأسرة تصلح آثار العوامل والوسائط التربوية الأخرى وبفسادها وانحرافها تذهب مجهودات المؤسسات الأخرى هباء \"( 26 ـ 71 ) ، فهل واقع لأسرة العربية الحالي يساعدها على القيام بمهمة تربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة تربية سليمة ؟
الأسرة العربية واقعها ـ مشكلاتها :
لحق بالأسرة العربية كثير من التغيرات ، فاختفت الأسرة الكبيرة التي تضم الجد والجدة والأبناء والأحفاد ، وحل محلها الأسرة النووية التي تضم الأرض والأم والأبناء غير المتزوجين ، كما أثرت التغيرات الاقتصادية على العلاقات الأسرية في المنطقة العربية ، \" وتشهد هذه العلاقات تغييراً سريعاً في وقتنا الحاضر . وإن مظاهر التنمية الاقتصادية ، وتسارع الهجرة من الريف إلى المدينة ، وتعاظم دور وسائل الاقتصاد الحديثة ، أدى إلى تغير أساسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرة العربية منذ قرون طويلة ، ولابد وأن تنعكس هذه التغيرات على تنشئة الطفل وعلاقته بالأسرة وعلى طريقة التعامل معه \" ( 18 ـ 153 ) ، فالأسرة اليمنية قد أصابها التغيير نتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية فإن \" تحول المجتمع اليميني منذ عام 1962 وكذلك الظروف الجديدة الي أحاطت بالأسرة أديا إلى أن تشهد البيئة الأسرية بعض الظواهر الجديدة وخاصة فيما يتعلق بشكل الأسرة من حيث الحجم والتكوين ، وفيما يتعلق بشكل العلاقات الاجتماعية في الأسرة وأنماطها ولكن من جانب آخر يمكن القول بأن الأسرة اليمنية تعيش اليوم حالة من الاستمرار والتغير في آن واحد ، رغم تأثرها بمختلف التحولات المجتمعية إلا أنه لا يزال يعيش في جنباتها الكثير من ملامح الحياة القديمة التقليدية ولن تتخلص من مظاهر التخلف فكثير من الأسر لا تزال باقية على جوانب من الموروثات التي لم تعد ممكنة أو مسايرة لروح العصر \" ( 28 ـ 9 ) ، هذه صورة من صور التخبط التي تعيشها الأسرة العربية ، فهي تعيش حالة إقدام وإحجام في آن واحد للأخذ بأسباب الحياة الاجتماعية الحديثة ، إضافة إلى هذه الحالة من الاضطراب التي لا تقتصر على الأسرة اليمنية فحسب بل تشاركها فيها كثير من الأسر في الأقطار العربية ، تعاني الأسرة العربية كثيراً من المشكلات التي تعوقها عن تأدية دورها التربوي تجاه الطفل ومنها:
1 ـ ثقافة الأم التربوية :
تعتبر تربية الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب ، ولكن الأم تضطلع بالنصيب الأوفر من هذه المسئولية ، والتي تبدأ قبل ميلاد الطفل ، بل تتجاوز ذلك إلى ما قبل الزواج ، فإن الحالة الصحية والنفسية للأم والتي تتشكل قبل الزواج لها أثرها على تربية الطفل ، وكذلك مستوى ثقافة الأم المتصل بجانب الأمومة وتربية الأطفال يتصل بشكل مباشر بتربية الطفل ، ثم مرحلة الجنين وهي من المراحل الهامة في حياة الطفل ، وقد ثبت بأن الجنين يفهم ويتعلم وهو في بطن أمه ، \"يؤكد أحد علماء النفس الإنجليز أنه اكتشف في مستشفى للولادة أن الجنين يصاب بالزعر إذا استمعت الأم إلى موسيقى يكرهها ” موسيقى الروك ” تجعله يرفض احتجاجاً ..أما الموسيقى الكلاسيك فتجعله كرائد فضاء يسبح طافياً بسلاسة في أرجاء البطن كأنما يسعى لمزيد من الالتقاط \" ( 23 ـ 20 ) .
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة ما بعد الولادة ، وتصبح الأم مسئولة من اللحظة الأولى لميلاد الطفل عن إشباع حاجاته إلى الغذاء والنظافة والحنان ، وتوفير الأمان لهذا الوليد \" وتعد علاقة الطفل بأمه أبعد العلاقات أثراً في تكوين الشخصية إذ تبدأ حياة الطفل بعلاقات بيولوجية تربطه بأمه ، تقوم في جوهرها على إشباع الحاجات العضوية كالطعام والنوم والدفء ، ثم تتطور هذه العلاقات إلى علاقات نفسية قوية وتوفر له الحب والحنان \" ( 5 ـ 82 ) ، ورغم ذلك فإن كافة المؤسسات التربوية في الوطن العربي لم تهتم بتقديم الثقافة النسوية للفتاة العربية ، وأصبحت الأمهات خاليات تماما من فنون الأمومة وبخاصة بعد أن خرجت المرأة العربية لمجال العمل وأوكلت تربية أطفالها للجدات ، والمربيات ، ودور الحضانة . بالإضافة إلى انتشار الأمية بين الأمهات في مناطق كثيرة من الوطن العربي ، مما يعوق معرفتهم لأبسط قواعد تربية الأطفال والمحافظة على سلامتهم .
ونتيجة لقصور ثقافة الأم في مجال رعاية الأطفال نجد الكثير من الآثار السلبية على الأطفال ، صحياً ، فالأم لا تدري قواعد الصحة وتغذية الأطفال مما يتسبب في انتشار أمراض سوء التغذية وتشير دراسة أجريت في البحرين \"أن الأطفال من سن 6 : 24 شهراً الذين كانوا ضحايا نقص التغذية الشديد بلغت نسبتهم 10 % أما الهزال فأكثر ما يكون انتشاراً خلال السنة الثالثة من العمر إذ يصل إلى 23 % \" (24 ـ 29 ) وكذلك انتشار أمراض الإسهال والدفتيريا والحصبة بين الأطفال ، وذلك لأن الأم نظراً لقصور ثقافتها تلجأ إلى الطرائق البدائية في التعامل مع هذه الأمراض ناهيك عن ما يتعرض له الطفل من سوء صحته النفسية كنتيجة للممارسات التربوية الخاطئة .
2 ـ الممارسات الخاطئة في تربية الطفل :
تنتهج بعض الأسر العربية بعض الممارسات في تربية أطفالهم ، وهم يعتقدون أن هذه الأساليب سوف تساعد في تربية الأطفال ، ولكن هذه الأساليب غير التربوية يكون لها أسوأ الأثر على الطفل وأن اتباع مثل هذه الأساليب إن دل على شيء ، إنما يدل على قصور في الثقافة التربوية للأسرة العربية ، من الأساليب الخاطئة .
أ ـ التدليل والحماية الزائدة :
تلجأ الأسر إلى الإسراف في تدليل أطفالها ، والخوف عليهم ، بقصد حمايتهم إلى أن يصل الأمر إلى تقييد حرية الأطفال ، ومنعهم من ممارسة حياتهم العادية ، \" وإنه حينما يعمد الوالدان إلى إظهار الكثير من مظاهر الجزع والقلق واللهفة حول صحة الطفل وحياته ومستقبله ، فإن هذا المسلك نفسه قد يتسبب في توليد عقدة الخوف والقلق وعدم الطمأنينة في نفس الطفل \" ( 11 ـ 40 ) أي أن الأسرة تخفق في تأدية أهم وظائفها تجاه الطفل ، وهي إشعاره بالطمأنينة والأمان وترسب في نفسه عقدة الخوف أي أنها تخلق منه شخصية غير سوية .
ب ـ الإهمال والقسوة الزائدة :
على النقيض نرى بعض الأسر تسرف في القسوة والشدة مع أطفالها اعتقاداً منها بأن ذلك سوف يسهم في تربيتهم وتوجيههم إلى الطريق الصواب ، ودائماً يصاحب القسوة في تربية الأبناء ، إهمال متطلبات وحاجات الأطفال ، ويظن الأهل أن الحرمان وسيلة تربوية كما أن هناك بعض الأسر التي تهمل توجيه أطفالها تماماً . اعتقاداً منها بأن الطفل في مرحلة الخمس سنوات الأولى لا يحتاج إلى توجيه ويعتبرونها مرحلة لا تأثير لها على الطفل لأنه مازال صغيراً ، ولا يدرك .
جـ ـ التفرقة في المعاملة :
يلاحظ في بعض المناطق العربية التفرقة في المعاملة ، ما بين الأبناء كتفضيل الأكبر على الأصغر ، أو الذكر على الأنثى ، \" وإن اختلاف معاملة كل من الوالدين للطفل من حنو زائد على أحدهما إلى قسوة صارمة على الآخر أو بتفضيل الذكر على الأنثى ، مما لا شك فيه أن هذا الاختلاف في المعاملة يجعل الأطفال يشعرون بعدم الإحساس بالأمن ويتولد لديهم الإحساس بالقلق النفسي ، والاكتئاب،وأخيراً في بعض الأحيان يؤدي إلى الانحراف بالسلوك\"(22 ـ 106)
فإن أساليب التربية الخاطئة التي يتبعها الأب والأم في تربية الأطفال يكون لها أسوأ الأثر على سلامة الأطفال النفسية مما يؤثر في شخصيتهم ، \" ولقد أظهرت التجارب أن سلوك الآباء والأمهات نحو أبنائهم ـ خصوصاً في السنوات الخمس الأولى من حياة أطفالهم ـ قد يكون السبب المباشر أو غير المباشر في اضطراب شخصية الطفل أو إصابته ببعض العقد النفسية \" ( 11 ـ 34 ) .

3 ـ المربيات الأجنبيات :
من الظواهر التي شغلت بال رجال التربية في الفترة الأخيرة هي مشكلة ازدياد عدد المربيات الأجنبيات في دول الخليج العربي ، خاصة وأنهن يحملن ثقافة وعادات وتقاليد وعقائد تختلف عن محتوى الثقافة العربية ، ويؤثر ذلك على الأطفال الذين يعهد إليهن بتربيتهم ومن الآثار والمشكلات الناجمة عن استخدام المربيات الأجنبيات على التنشئة الاجتماعية للطفل العربي .

* المشكلة الأولى \" الأساليب التربوية الخاطئة \" :
المربيات الأجنبيات يستخدمن أساليب تربوية خاطئة مع الأطفال ، وذلك لأنهن غير تربويات ، بل إن معظمهن لم يحصلن على أي قدر من التعليم ، أشارت نتائج أحد البحوث الميدانية إلى أن العلاقة الحميمة بين المربيات والأطفال ترجع إلى وجود بعض الأساليب التربوية الخاطئة لدى المربية مثل التساهل والتراخي ، والحنان المفرط ، والتكتم على تصرفات الأطفال ( 1 ـ 83 ) .
* المشكلة الثانية ( الآثار النفسية السيئة ) :
إن علاقة الطفل بالمربية وقيامها بكل ما يلزم الطفل ، يجعل الأم غير مألوفة للطفل وتكون المربية أكثر ألفة بالنسبة له ، مما \" ينمي لديه اتجاهات وأنماط سلبية نحو الأمومة،وقد يؤدي إلى فقدان في توازنه النفسي،فيشعر باغتراب\"(1 ـ 84).
* المشكلة الثالثة ( تأثر اللغة والثقافة )
المشكلة الثالثة أو الخطورة الثالثة ، تتصل بالمكونات الثقافية ورمز من رموز القومية العربية ، ألا وهي اللغة العربية فإن \" الثقافة هي نتاج اللغة ، والإنسان هو الكائن الوحيد القادر على الاتصال عن طريق رموز يستطيع بها الحفاظ على تراثه وتوصيله إلى الأشياء الجديدة ، وعن طريق هذه اللغة يصبح الإنسان قادراً على البناء مع الماضي \" ( 17 ـ 253 ) أي أن صلة الإنسان بتراثه تتم عبر اللغة ، وكان العرب قديماً يرسلون أطفالهم إلى البادية وذلك بهدف تقويم لغتهم ، حتى يشبوا على نطق اللغة الصحيحة أما اليوم يتركوا لمربيات أجنبيات لهن لغتهن الغريبة مما يؤثر على لغة الطفل ، في دراسة خليجية تأكد أن \"25 % من أطفال العينة في المرحلة الأولى يقلدون المربيات في اللهجة ، وأن أكثر من 40 % منهم تشوب لغتهم لكنة أجنبية \" ( 1 ـ 61 ) .
وسوف تتأثر ثقافة الطفل تبعاً لتأثير لغته بثقافة المربية الأجنبية،وسوف يعوق ذلك التنشئة الاجتماعية للطفل والتي تستهدف نقل تراث المجتمع إلى الطفل.
* المشكلة الرابعة ( تأثير العقيدة والقيم )
حيث إن العربية تكون أقرب للطفل في مرحلة السنوات الخمس الأولى من حياته فإنها سوف تصبح أهم مصدر من مصادر معرفته ، بل ويصبح لها التأثير الأكبر على قيمه وعقيدته ، وإذا كانت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريت في دول الخليج أوضحت \" أن المعتقدات الدينية للمربيات الأجنبيات يمكن ترتيبها على الوجه التالي : المسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وأخيراً الإسلامية ، مما يترتب عليه آثار سلبية للجانب الديني من التنشئة الاجتماعية للأطفال\"(1ـ63) كما أشارت نتائج الدراسات الميدانية القطرية إلى \" أن المجتمعات التي ينتمي إليها6 ,85 % من المربيات تحبذ ممارسة الحب والعلاقات العاطفية والجنس قبل الزواج \" (16 ـ 84) ، وإنه لا يمكن بحال من الأحوال ينتظر من هذه المربية أن تنشئ طفلاً متمسكاً بأداء الشعائر الدينية أو ملتزماً بالقيم الإسلامية .
ثانياً : دور الحضانة ورياض الأطفال :
لم تعد الأسرة المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تتولى تربية الطفل العربي فبعد أن خرجت المرأة للعمل ، أصبحت دور الحضانة ورياض الأطفال ضرورة اجتماعية ، فضلاً عن كونها ضرورة تربوية ، وتؤدي الحاضنة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الطفل وتنمية قدراته ، وخاصة وأن هذه الدور تتولى رعاية أطفال ما قبل المدرسة أي أن دور الحضانة هي تلك المؤسسة التربوية التي يلحق بها الأطفال في الخمس سنوات الأولى من عمرهم وقد تسمى مدارس الحضانة \" أو بيوت الأطفال أو رياض الأطفال أو دور حضانة أو مركز حضانة \" \"فلقد أنشأت أو هذه المؤسسات في عام 1769م عندما أنشأ ”جون فردريك ” Jon Friedrich \" وكان قسيساً بروتستنتيا أول حضانة للأطفال تقع بين الألزاس واللورين ، وكان سبب افتتاح الدار هو أن حرب الثلاثين سنة في أوربا ، قد تسببت في زيادة فقر المنطقة لدرجة جعلت عدد من المصلحين الاجتماعيين يحاولن مساعدة سكانها (19 ـ 171 ) .
وفي عام 1840 افتتح فروبل \" Frobel\" أو مدرسة للأطفال وأسماها روضة الأطفال ولم يحن عام 1848إلا وقد افتتح فروبل ست عشرة روضة للأطفال في أنحاء ألمانيا أما سبب تسميته لمدارس الأطفال \" برياض الأطفال \" فإن ذلك يرجع إلى اعتبار مدرسة الطفولة هذه كروضة ينمو فيها الأطفال كما تنمو النباتات في البساتين ( 19 ـ 185 ) .
أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال :
إن دور الحضانة تهدف إلى تنشئة الطفل ورعايته ، وهي مؤسسة من المؤسسات التي أقامها المجتمع ، لرعاية أطفاله \" وتعمل رياض الأطفال على توجيه الأطفال وإكسابهم العادات السلوكية التي تتفق مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع الذي ينتمون إليه وتنمية ميول الأطفال واكتشاف قدراتهم والعمل على تنميتها بما يتفق وحاجات المجتمع \" ( 3 ـ 61 ) .
وتسعى رياض الأطفال إلى تحقيق بعض الأهداف الذهنية واللغوية والانفعالية والحس حركية ، ولهذا \" ترتكز فلسفة رياض الأطفال على إتاحة الفرصة أن ينمي قدراته الذاتية وسلوكه الاجتماعي بواسطة بعض الأنشطة والفعاليات من خلال توجيه تربوي ينم عن دراسة وتأهيل عملي جيد \" ( 7 ـ 31 ) ، وقد تناول علماء النفس والتربية تحديد الأهداف والفعاليات التي يجب أن تعمل في ضوئها وتقوم بها،حددت(عواطف إبراهيم)بعض أهداف دور الحضانة ورياض الأطفال فيما يلي : (17 ـ 121، 122 ) .
* تركيز اهتمامها على نشاط الطفل و الحس حركي كمنطلق لكل تعلم ، إذ يتبين عن هذا النشاط تكوين الطفل مدركات وصور عقلية عن الأشياء التي يتعامل معها في بيئته .
* تنمي الطفل اجتماعياً من خلال إعدادها لنشاط جماعي مترابط ينظم على شكل وحدات تعليمية تقوم على اهتمامات الأطفال .
* تنمية فردية الطفل من خلال تطبيقها الأسس السيكولوجية للتعليم
* تنمية تفكير الطفل الابتكاري .
ويحدد كل قطر عربي أهدافاً لرياض الأطفال ، وإن كانت هذه الأهداف تتشابه إلى درجة كبيرة بين أقطار الوطن العربي ، ففي مصر حددت وزارة التربية والتعليم أهداف رياض الأطفال بالقرار الوزاري رقم ( 154 ) لسنة 1988 على الوجه التالي : تهدف رياض الأطفال إلى مساعدة أطفال ما قبل المدرسة على تحقيق الأهداف التربوية التالية :
ـ التنمية الشاملة والمتكاملة لكل طفل في المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية والخلقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية في القدرات والاستعدادات والمستويات النمائية .
ـ إكساب الأطفال المفاهيم والمهارات الأساسية لكل من اللغة العربية والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الحركية والصحة العامة والنواحي الاجتماعية.
ـ التنشئة الاجتماعية السليمة في ظل المجتمع ومبادئه .
ـ تلبية حاجات ومطالب النمو الخاصة لهذه المرحلة من العمر ، لتمكين الطفل من أن يحقق ذاته ومساعدته على تكوين الشخصية السوية القادرة على تلبية مطالب المجتمع وطموحاته .
ـ الانتقال التدريجي من جو الأسرة إلى المدرسة بكل ما يتطلبه ذلك من تعود على نظام وتكوين علاقات إنسانية مع المعلمة والزملاء وممارسة أنشطة التعلم التي تتفق واهتمامات الطفل ومعدلات نموه في شتى المجالات.
تهيئة الطفل للتعليم النظامي بمرحلة التعليم الأساسي ( 29 ـ 69،70 ) .
كذلك فإن رياض الأطفال في منطقة الخليج العربي تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
ـ الخروج بالطفل من بيت الأسرة إلى محيط أكبر اتصالاً بالأفراد وذلك لإتاحة الفرصة له للتعرف على أطفال الحي الذي يعيش فيه ، ومن ثم تطوير حلقة معارفه وتكوين الصداقات التي تخلق لديه الشعور بضروريته الاجتماعية والتعامل مع الآخرين .
ـ توسيع مدارك الطفل الخليجي في بعض الجوانب التي قد لا تتاح له معرفتها في البيت .
ـ تعمل الروضة على صهر الطفل في بوتقة اجتماعية مع الأطفال الآخرين .
ـ أن يتعلم الانضباط لأنه أمر أساسي لطفل الخليج مما يخلق منه مواطناً ملتزماً بواجباته ومؤدياً لها على أحسن وجه ممكن .
ـ غرس الأخلاق الحميدة وتقليد المبادئ الإسلامية الأساسية . (7ـ 48 ) ، ولكن هل استطاعت دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تحقيق أهدافها وتربية طفل ما قبل المدرسة ؟ .
واقع دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي :
إن الإجابة عن السؤال السابق تستلزم عرض الجوانب المختلفة لرياض الأطفال من ناحية مدى كفايتها ، وقدرتها على الاستيعاب لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة ، وصلاحية المباني ، وتوعية المعلمات .
أ ـ كفايتها :
إن عدد دور الرياض في الوطن العربي ، لا بد وأن يتناسب مع عدد الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، كما أن توزيعها يجب أن يكون عادلاً، أي لا تحرم منطقة في مقابل أن تتوافر دور الرياض في منطقة أخرى، مثل أن تتركز دور الحضانة والرياض في المدن ، في الوقت الذي لا توجد أي دور حضانة في الريف .
وليس هناك إحصاء وثيق وشامل وحديث لرياض الأطفال في الأقطار العربية إلا أنه من خلال إحدى الدراسات تبين \"أن عدد الرياض المتوفرة في (11) قطراً عربياً يبلغ (3743) روضة وذلك بمعدل (340) روضة في القطر الواحد أما عدد الأطفال الذين يؤمون هذه الرياض المتوافرة في ( 11 ) قطر فإن عددهم يبلغ ( 449754 ) طفلاً \"
( 15 ـ 68).
في دراسة أجراها المجلس العربي للطفولة والتنمية عام 1989. في (18) دولة عربية توصلت إلى النتائج التالية ، إن عدد رياض الأطفال المتواجدة في عدد ( 18 ) دولة عربية بلـغ ( 4848 ) أي بمـا يعادل ( 33 ,269 ) روضة في القطر الواحد ، ويلاحظ أن عدد (6) أقطار يتراوح عدد الروضات فيها من (50) فأقل ، وعدد واحد قطر يتراوح عدد الروضات فيه أكثر من (50) وأقل من (100) ، وعدد (2) قطر أكثر من (100) وأقل من (200) وعدد واحد قطر أكثر من (300) وأقل من (400) ، وعدد (2) قطر أكثر من (400) أقل (500) وعدد واحد قطر أكثر من (500) وأقل من (600) وعدد قطر واحد أكثر من (600) وأقل من (700) وعدد (2) قطر أكثر من (800) وأقل من (1000) وعدد (2) قطر لا توجد بها رياض أطفال ، وتدل هذه النتائج على عدم توازن عدد الروضات بالنسبة للأطفال ، كما تدل على ضعف انتشار فكرة الرياض في بعض الدول العربية بالرغم من الحاجة الشديدة إلى وجودها (4 ـ 5 : 9 ) وهذا يعني أن عدد دور الحضانة في الوطن العربي لا تكفي أطفال سن ما قبل المدرسة ، ولا تستوعبهم .

ب ـ المباني :
إن هناك شروطاً ينبغي توافرها في روضة الأطفال حيث تسمح للطفل بممارسة الأنشطة التي تكفل تحقيق متطلبات نموه ، كما أن تكون هذه المباني ذات مواصفات خاصة كالبعد عن مناطق الخطر والإزعاج وتراعى فيها القواعد الصحية .
ومن الشروط أن تكون قريبة من مسكن الأطفال ، بألا يبعد الدار عن مسكن الطفل أكثر من 300 متراً ، وأن تكون الروضة في منطقة صحية تتميز بالهواء النقي والشمس الساطعة ، وأن يكون المظهر العام للروضة بهياً وجذاباً ، وأن يحيط بها سور ذو ارتفاع متوسط لحماية الأطفال دون أن يحجب الرؤية للبيئة المحيطة ، أن تؤثث غرف النشاط من مناطق متعددة كل منها مجهز لأدوات وخامات تختص بمجال معين من التعليم ، تتيح القاعة ركناً هادئاً يتسنى للأطفال الراحة والاسترخاء ، أن تشمل الروضة على ساحة للعب. (16ـ 10 : 14).
ولكن معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال في كثير من الأقطار العربية أثبتت أن معظم مباني رياض الأطفال غير مطابقة للمواصفات الخاصة بها . \"وأن البنايات المعدة خصيصاً لاحتضان رياض الأطفال لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من البنايات المتوافرة في الأقطار العربية ، والتي أقل ما يقال فيها لا تعدو أن تكون مساكن عادية يدخل عليها أحياناً بعض التحويرات ، ولا تستجيب في جل الحالات إلى متطلبات نمو الطفل وحاجاته المختلفة الصحية منها والتربوية والترفيهية \" (15 ـ 73 ).
جـ ــ معلمات رياض الأطفال :
إن المعلمة هي حجر الزاوية في روضة الأطفال ، فإذا تم تجهيز أفضل المباني وبأفضل الأدوات والأجهزة ، وتم إعداد أفضل المناهج ، ولا توجد المعلمة التربوية القادرة على استغلال هذه الإمكانات وتدريس هذه المناهج سوف تعجز هذه الدور عن أداء مهمتها . وهذا يتوقف على إعداد المعلمة ، فالمعلمة في رياض الأطفال ينبغي إعدادها الإعداد الأمثل \" لأن العمل مع الأطفال في دور الحضانة عمل فني ويلقي مسئولية عظيمة على المعلمة من ناحية نمو الطفل نمواً شاملاً صحياً وعقلياً واجتماعياً فشخصية الطفل كل متكامل ، ومهمة المعلمة العناية بهذا كله وتنميته ، وبذلك فإن وظيفتها ذات أبعاد متعددة\" (21 ـ 106 ).
أما بالنسبة لواقع معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي وتأهيلهم، فإن معظمهن غير تربويات أو مؤهلات للعمل برياض الأطفال ، رغم أن بعض الأقطار العربية لجأت إلى إنشاء معاهد وكليات متخصصة في إعداد معلمات رياض الأطفال ، لكنها حتى الآن غير كافية لتخريج العدد المناسب لاحتياجات الطفولة العربية .
إن المعلمات اللائي يعملن في دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي تشير الدراسات إلى ضعف مستوياتهن التعليمية ، ففي دراسة قام بها المجلس العربي للطفولة والتنمية في 18 قطر عربي وتتوافر بيانات لها في 12 قطر كانت نسب المعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا 26,83 % أما المؤهلات المتوسطة فكانت نسبتها 41,22 % أما المؤهلات أقل من المتوسطة 31,16 % (*) وبذلك يكون ترتيب المؤهلات لمعلمات دور الحضانة ورياض الأطفال تحتل الحاصلات على مؤهلات متوسطة المركز الأول ، وغالباً ما يكن غير تربويات ، وتليها نسبة الحاصلات على مؤهلات أقل من متوسطة ، ثم تأتي نسبة الحاصلات على مؤهلات عليا في الترتيب الثالث بما يدل على عدم العناية بإعداد معلمات رياض الأطفال في الوطن العربي .
ويتضح من العرض السابق أن هناك قصوراً شديداً في الجوانب التي تناولتها الدراسة بالنسبة لرياض الأطفال،وأشارت دراسات أخرى إلى قصور في التشريعات الخاصة برياض الأطفال،ومناهجها،والإدارة والتمويل،وكل ما انتهت إليه الدراسة الحالية والدراسات السابقة يدل على عدم كفاءة وفاعلية دور الحضانة ورياض الأطفال كمؤسسة من مؤسسات تربية طفل ما قبل المدرسة في الوطن العربي في القيام بدورها في إعداد وتربية الطفل العربي .
ثالثاً : وسائل إعلام الطفل
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أثر وسائل الإعلام على سلوكيات وقيم أفراد المجتمع ، وتشكيل شخصياتهم ، ولقد زادت أهميتها في العصر الحديث بعد ما بلغته من التطور ، أما بالنسبة لعلاقة الطفل بهذه الوسائل فإن وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية تعمل على جذب انتباه الطفل ، وإثارة اهتمامه باستخدام ما يتاح لها من تقنيات حديثة ، ويزيد من تأثير الوسائل الإعلامية بتربية الأطفال ما تقدمه هذه الوسائل من مواد درامية يكون لها تأثيرها المباشر والفعال في تشكيل سلوك الأطفال وقيمهم ، أي أن هذه الوسائل تؤدي دوراً هاماً في حياة الطفل ويؤكد \" دورز \" على هذه الأهمية حيث يرى أن وسائل الإعلام فعالة جداً ولها تأثيرها على الأطفال حتى وإن لم يكن لهم معرفة سابقة بالقضايا التي تثيرها هذه الوسائل ( 36 ـ 54 ) وكل وسائل إعلام الطفل من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما لها دورها في تربية وإعداد الطفل العربي ، ولكن ما واقع هذه الوسائل في الوطن العربي.

واقع وسائل إعلام الطفل العربي
\" إن واقع وسائل اتصال الأطفال العربية سيئ للغاية ، وهو يهدد بتشويه مدمر للبناء الثقافي لأطفالنا ، وباستثناء بعض الطفرات النوعية التي حدثت في بعض وسائل الاتصال ، فإن أداء هذه الوسائل يعاني من التخلف والتقصير والتخبط المثير الذي لا يليق بأمة لها ثقافتها الذاتية المتميزة \" ( 25 ـ 136 ) ولإيضاح هذا الواقع فإنه بالنسبة لكتب الأطفال كان نصيب الطفل العربي ضئيل للغاية ففي عام الطفل 1979 ، بلغ نصيب الطفل في الاتحاد السوفيتى 7 ,4 كتاباً وفي الولايات المتحدة الأمريكية 9, 3 كتاباً وفي إنجلترا 6, 2 كتاباً في حين أن نصيب الطفل العربي لا يكاد يصل إلى \" نصف كلمة \" أما بالنسبة للإذاعة اتضح قلة الوقت المخصص لبرامج الأطفال ففي مصر مثلاً 1 % من إجمال الإرسال الإذاعي وفي قطر 9, % ، وسبب قلة البرامج الموجهة للأطفال ، أن ميزانية برامج الأطفال غير كافية ، مع عدم الاهتمام بتدريب العاملين في برامج الأطفال ، أما برامج التلفاز الموجهة للأطفال فإنها في بعض الدول لا تزيد عن برنامج واحد أو اثنين أسبوعياً في حين إنها في بعض الدول تصل إلى اكثر من (16) برنامجاً أسبوعياً ، وتعاني برامج الأطفال التلفازية من عدم كفاية الميزانيات المخصصة لهذه البرامج وعدم توفر الكتاب والمخرجين الأكفاء ، وعدم توفر الاستوديوهات الكافية والمجهزة ، وندرة برامج التدريب اللازمة لرفع مستوى الأداء بين العاملين في برامج الأطفال ، ضعف الإنتاج المحلي ، أما مسرح الأطفال فإن عدد المسارح قليل للغاية ولا تعمل هذه المسارح إلا في فترات معينة من العام ، وتتركز عادة في العاصمة ، أما سينما الأطفال لا يوجد سوى (4) دول عربية فقط هي التي تنتج أفلاماً للأطفال ( 24 ـ 50 : 54 ) .
إن واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي ، وتثقيفه ، وإن خطورة التقصير في وسائل الإعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الإعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي ، مما يكون له أسوأ الأثر في تشكيل شخصية الأطفال العرب وقيامهم وعقيدتهم .
إذا كان ذلك واقع المؤسسات التربوية المنوطة بتربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، فإن ذلك سوف ينعكس بصورة أو بأخرى على كفاءتها في تأدية وظائفها تجاه الطفل العربي .
رؤية مستقبلية لمؤسسات تربية الطفل العربي
في مرحلة ما قبل المدرسة

إن التربية لا تقف عند حد تقييم الواقع ، إنما تقوم بتقييمه من أجل رسم صورة المستقبل بشكل أفضل ، فالتربية هي تربية من أجل المستقبل ، ولذلك فإن الدور الاستشرافي للتربية هو أهم أدوارها ، وفي هذه الدراسة تناول الباحث واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قل المدرسة . بهدف التوصل إلى الصورة المأمولة التي ينبغي أن تكون عليها هذه المؤسسات من أجل تربية أفضل للطفل العربي ، ومستقبل أفضل للأمة العربية .
أولاً : الصورة المأمولة للأسرة العربية
إن الأسرة هي ذلك المحيط الاجتماعي ، الذي ينهل منه الطفل القيم والعادات والتقاليد ، ويكتسب منه اللغة والعقيدة والسلوك ، وهي أول جماعة يتفاعل معها الطفل، وتمثل بالنسبة له في سنوات العمر الأولى كل عالمه ، فإن صلحت صلح الطفل ، وإن فسدت فسد ، وينبغي الارتقاء بمستوى الأسرة الاقتصادي ، والاجتماعي والثقافي، والعمل على إزالة المعوقات التي تعوق الأسرة عن قيامها بدورها في تربية وإعداد أطفالها، ومن ثم تصبح بيئة صالحة لتربية أطفال أسوياء .
إن أولى الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل تحقيق ذلك ، الاهتمام بالأم وثقافتها التربوية ؛ لأن للأم دورها الفعال في تربية الطفل وتنمية قدراته وهي التي تتحمل العبء الأكبر في تنشئة الطفل تنشئة اجتماعية في فترة طفولته المبكرة ، والاهتمام بالأم يأتي عن طريقين الطريق الأول هو الاهتمام بثقافة الأم التربوية ويتحقق ذلك بأن تشتمل المناهج والمقررات الدراسية لتعليم الفتاة في الوطن العربي على التربية الأسرية وتبدأ هذه المقررات من مراحل التعليم الإلزامية وتمتد إلى الجامعة ، مهما كان نوع التعليم الجامعي الذي تتلقاه الفتاة ، طب ، هندسة ، تجارة ، .. .. إلخ ، بأن تتضمن هذه المقررات التنشئة الاجتماعية والصحة النفسية للأطفال وأدب الأطفال ، وكتب الأطفال ، وعلم نفس النمو ، والاقتصاد المنزلي، وصحة الطفل .
ويكون اجتياز هذه المقررات شرطاً أساسياً للنجاح في المراحل الدراسية المختلفة .
وهناك رافد آخر من الروافد التي يمكن أن تقدم من خلالها الثقافة التربوية للمرأة العربية ، وهي وسائل الإعلام ، بأن تكون هناك صحف ومجلات متخصصة في تقديم الثقافة التربوية للمرأة بشكل دوري وجاد ، على أن لا تتحول هذه الصحف والمجلات إلى تقديم أحدث \"الموضات\" وتسريحات الشعر الأوربية .
كما أن الإذاعة والتلفاز يمكن أن يؤديا دوراً مهماً في تقديم هذه الثقافة ، خاصة وأن التلفاز قد دخل كل بيت في القرية أو المدينة ، وهذا يستلزم زيادة عدد ساعات برامج المرأة بحيث تكفي لتحقيق ما نصبوا إليه من أهداف تثقيف المرأة تربوياً ، وأن يقوم بإعداد وتقديم هذه البرامج مجموعة من المتخصصين المدربين تدريباً عالياً في مجال التربية الأسرية .
إضافة إلى ذلك تقوم الهيئات والمؤسسات المعنية بالأمومة والطفولة في الوطن العربي بإصدار كتب خاصة بالتربية الأسرية تقدم للمرأة العربية هذه الثقافة ، على أن تكون أثمان هذه الكتب في متناول كافة المستويات .
وإن هذا لا يتحقق إلا من خلال التنسيق بين كافة الأجهزة في شتى الأقطار العربية، والاستعانة بالخبرات المتخصصة في هذا المجال .
وإن هذا التصور المقترح لرفع مستوى الثقافة التربوية لدى المرأة العربية هو أول وأهم أركان خلق أسرة قادرة على تربية أطفالها تربية سوية .
أما الطريق الثاني في الاهتمام بالأم ، هو الاهتمام بصحتها ، المعروف صحياً أنه لضمان صحة الطفل لا بد وأن تكون الأم بصحة جيدة ، وأن تكون خالية من الأمراض الوراثية ، والتي يمكن أن تورثها لطفلها ، وتتطلب العناية بصحة الأم أن يجند المجتمع مؤسساته الطبية لرعاية الأم في مرحلة الحمل وأن تقوم مكاتب أسرية خاصة بدراسة الحالة الصحية لراغبي الزواج من الجنسين وعمل التحاليل الطبية اللازمة لإثبات خلوهما من الأمراض الوراثية .
من الأسباب التي تعوق الأسرة عن تأدية واجباتها تجاه أطفالها انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة ، وعلى الأطفال العربية أن تتكاتف لحل المشكلات الاقتصادية التي تواجه بعض هذه الدول وأن تدفع بحركة التنمية الاقتصادية في الوطن العربي ، وأن ينشأ صندوقاً للنقد العربي يسهم في حل المشكلات الاقتصادية ، وأن يفتح المجال أمام الأسر ذات الدخل المنخفض لتحسين أحوالهم كما أن المجتمع يمكنه مساعدة هذه الأسر عن طريق توفير الرعاية الطبية والتعليمية وكافة الخدمات الاجتماعية لأطفالها بالمجان ، على أن تكون خدمات حقيقية وبنفس المستوى الذي يقدم لغيرهم من الأسر القادرة بمقابل مادي .
تعد مشكلة استخدام المربيات الأجنبيات من المشاكل ذات الثر السيئ في تربية الطفل العربي داخل الأسرة العربية ، وإن القضاء على هذه المشكلة يستلزم إصدار تشريعات تمنع جلب المربيات الأجنبيات إلى البلاد العربية ، وأن يكون البديل تحسين أوضاع دور الحضانة ورياض الأطفال للاستغناء عن هذه العمالة الأجنبية .
وقد يساعد ذلك في بناء أسرة عربية ذات في بناء أسرة عربية ذات ثقافة تربوية ومستوى اقتصادي مرتفع ، تصبح قادرة على تنشئة الأطفال التنشئة الاجتماعية السليمة واتباع الطرائق والأساليب التربوية ، وأن أسرة بهذا المستوى الثقافي ، لابد وأن يسودها الوفاق وتصبح قادرة على حل مشكلاتها ، وإن كان المجتمع هو مجموع أسرات، والأسرة هي اللبنة في بناء المجتمع ، فإن على الأقطار العربية أن تبذل جهودها من أجل الارتقاء بالأسرة العربية ، وهذا يعد استثماراً يفوق عائدة كافة استثمارات ، وسوف تُجْنَى ثمار هذه الجهود في أطفال الغد ..
ثانياً : الصورة المأمولة لرياض الأطفال
حيث إن رياض الأطفال أصبحت ضرورة اجتماعية وتربوية ، لا يمكن للمجتمع العربي تربية أطفاله وإعدادهم الإعداد الأمثل بدونها ، فإنه ينبغي أن تصبح هذه الرياض قادرة على تأدية دورها في تربية الطفل العربي وهذا يستلزم اتخاذ خطوات إيجابية للارتقاء بمستوى رياض الأطفال في الوطن العربي ..
1 ـ أن تصبح هذه الرياض كافية لاستيعاب جميع أطفال العرب في سن ما قبل المدرسة ، وأن تكون موزعة في شتى المناطق سواء المدن أم القرى حسب نسبة تواجد الأطفال ، وهذا يستلزم بالضرورة إنشاء هيئة قومية لرياض الأطفال على مستوى الوطن العربي ، وهيئة مماثلة في كل قطر عربي على أن تكون هذه الهيئات تنفيذية وليست استشارية ولها كافة الصلاحيات في إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال ، وأن تتوافر لها مصادر التمويل اللازمة .
2 ـ العناية بالمباني والتجهيزات ، هناك مواصفات خاصة بمباني وتجهيزات رياض الأطفال ، وإن زيادة الكم التي ينبغي ألا تكون على حساب الكيف ، ومن الشروط العامة أن يختار موضع الدار بعيداً عن مصادر الخطر ، والضوضاء ، وأن يتلاءم تصميمه الهندسي مع احتياجات الأطفال وأن يكون صحياً بدخول الشمس والهواء ، وأن تتوافر له حديقة وملاعب وأن يجهز بأثاث يناسب الأطفال .
3 ـ الاهتمام بإعداد معلمة رياض الأطفال ، الإعداد التربوي المناسب لمعلمة رياض الأطفال من أهم أركان فعالية الرياض ، فإذا أعدت المعلمة الإعداد الجيد ، نجحت دور الحضانة ورياض الأطفال في مهمتها التربوية ولتحقيق الآمال المنشودة في زيادة عدد رياض الأطفال في الوطن العربي مما يتطلب عدداً أكبر من المعلمات يمكن اتباع نظامين لإعداد معلمات دور الحضانة ورياض الأطفال .
الأول : معاهد متوسطة ( سنتان )
وتقبل هذه المعاهد الحاصلات على مؤهلات متوسطة أو ثانوية عامة وتجرى اختبارات قبول للمتقدمات للكشف عن قدراتهن على الابتكار و الإبداع وحسن التصرف في المواقف الاجتماعية ، مدى ثقافتها وسعة اطلاعها والتأكد من حسن مظهرها وهندامها .
ـ إجراء كشف طبي دقيق للتأكد من خلوها من الأمراض المعدية والعاهات والتشوهات .
ـ التأكد من خلوها من الأمراض النفسية والعصبية وعيوب النطق كالتهتهة واللثغاء .
وتكون الدراسة بهذه المعاهد لمدة عامين دراسيين وتقوم خطة الدراسة فيها على مجموعة مقررات تربية الطفل ومع الاهتمام باللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ والدراسات القومية والوطنية ، وأن تبتعد هذه المعاهد عن طرائق وأساليب ومناهج التعليم التقليدية ، بل تركز اهتمامها على المهارات والإبداع والابتكار وكل الوسائل الحديثة لإحداث تعليم متميز .
الثاني : كلية التربية ورياض الأطفال (أربع سنوات)
النظام الثاني لإعداد معلمات رياض الأطفال يتم عن طريق كليات رياض الأطفال وهي كليات خاصة بإعداد معلمة الرياض ، وعن طريق كليات التربية بأن يلحق قسم بكلية تربية على مستوى الوطن العربي خاص بإعداد معلمة رياض الأطفال ، ويتم القبول في هذه الأقسام والكليات وفقاً للائحة الجامعة التابعة لها وكذلك بالنسبة للمقررات التي تدرس بها وعدد الساعات ، ويمكن للأقطار العربية التي لم يسبق لها إنشاء كليات وأقسام رياض الأطفال الاستعانة بالأقطار الأخرى التي استقرت فيها أوضاع هذه الأقسام والكليات .
4 ـ العناية بمناهج رياض الأطفال ، اختيار المناهج المناسبة لأطفال هذه المرحلة التي تحقق لهم متطلبات نموهم وحاجاتهم وتساعدهم على تنمية قدراتهم واستنفار طاقتهم وتشجعهم على الابتكار والإبداع . إذا اهتمت الأقطار العربية باتخاذ ما سبق عرضه سوف تصبح لديها دور رياض أطفال تستطيع أن تقوم بدورها الكامل في تربية أطفال العرب في مرحلة ما قبل المدرسة التربية المنشودة .

ثالثاً : الصورة المأمولة لإعلام الطفل :
حيث إن الإعلام أصبح من المؤسسات التي لها قدرة ، ربما تفوق المؤسسات الأخرى في التأثير على الأطفال ، ومن أجل أن يصل بدوره في تربية الأطفال العرب إلى المستوى الذي يحقق حمايتهم من محاولات الهيمنة الثقافية الأجنبية ، وتنمية قدراتهم العقلية والاجتماعية والنفسية وتزويدهم بالعلوم والمعارف العصرية فإن ذلك يستلزم:ـ
1 ـ التنسيق بين أجهزة ووسائل الإعلام المختلفة في داخل القطر العربي الواحد وبين كل هذه الوسائل على مستوى الوطن العربي .
2 ـ العمل من خلال خطة عربية موحدة لإعلام الطفل العربي .
3 ـ إنشاء مجلس عربي لإعلام الطفل .
4 ـ إعداد كوادر علميه في مجال إعلام الطفل (مسرح ـ سينما ـ تلفاز ـ إذاعة ـ صحافة ) عن طريق معاهد عربية متخصصة .
5 ـ تمويل مشروعات إعلام الطفل العربي ، بحيث يصبح الوطن العربي قادراً على إنتاج مواد إعلام الطفل .
6 ـ إنشاء دور نشر عربية خاصة بكتب الأطفال .
7 ـ الاعتماد على الكتاب العرب في كافة وسائل إعلام الطفل ، ومنع استيراد المواد الإعلامية الأجنبية .
8 ـ الاستعانة بالتراث العربي ، فيما يقدم للأطفال العرب .
وبهذا يصبح إعلام الطفل العربي فعالاً في مجال تربية وإعداد وتثقيف الطفل العربي. وسياج أمان يحميه من محاولات الهيمنة الثقافية والفكرية من القوى الأخرى .

خلاصة النتائج والتوصيات
أولاً النتائج :
يعرض الباحث لبعض النتائج المستخلصة من تحليل واقع مؤسسات تربية الطفل العربي في مرحلة ما قبل المدرسة ، والمستخلصة من الدراسة الميدانية وهي :
1 ـ الأسرة العربية بوضعها الحالي أصبحت غير قادرة على تقديم تربية متكاملة لطفل مرحلة ما قبل المدرسة وذلك بسبب : ـ
أـ ما تواجهه الأسرة من متغيرات اجتماعية أثرت على حجمها وشكلها وعلاقاتها.
ب ـ ما تعانيه الأسرة من ظروف اقتصادية .
جـ ـ قصور الثقافة التربوية لدى الأم .
د ـ استخدام المربيات الأجنبيات .
2 ـ دور الحضانة ورياض الأطفال ، لا تستطيع القيام بدورها في تربية الطفل العربي تربية تتلاءم مع طبيعة العصر ومتطلبات المستقبل وذلك بسبب : ـ
أ ـ نقص عدد دور الحضانة ورياض الأطفال في الوطن العربي عن ما ينبغي أن تكون لاستيعاب الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة .
ب ـ النقص الشديد في معلمات رياض الأطفال المتخصصات .
جـ ـ عدم ملاءمة المباني الحالية لدور الحضانة ورياض الأطفال .
3 ـ وسائل إعلام الطفل العربي لا تستطيع القيام بوظائفها لتربية طفل مرحلة ما قبل المدرسة وذلك بسبب : ـ
أ ـ اعتماد وسائل إلام الطفل العربي على المواد الإعلامية الأجنبية .
ب ـ قلة الإنتاج العربي في مواد إعلام الطفل .
جـ ـ التركيز على الهدف الترويحي من بين أهداف إعلام الطفل وإهمال الأهداف الأخرى .
د ـ عدم وجود خطة عامة لوسائل إعلام الطفل العربي على مستوى القطر أو الوطن لتتكامل هذه الوسائل فيما بينها .

ثانياً التوصيات :
توصي الدراسة بما يلي :
1 ـ الاهتمام بالثقافة التربوية للأسرة عن طريق :
ـ إدخال مناهج التربية الأسرية في مناهج التعليم العام والجامعي .
ـ زيادة مساحة البرامج التربوية في وسائل الإعلام .
ـ عقد دورات تربوية تثقيفية للأمهات والآباء .
2 ـ مساعدة الأسرة على التخلص من مشكلاتها الاقتصادية .
3 ـ التوسع في إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال لتصبح كافية لاستيعاب أطفال مرحلة ما قبل المدرسة .
4 ـ إنشاء معاهد وكليات لإعداد معلمة رياض الأطفال .
5 ـ وضع خطة عاملة لوسائل إعلام الطفل العربي .
6 ـ تشجيع الإنتاج العربي لمواد إعلام الطفل والاعتماد عليه .
7ـ الانتقاء عند اختيار مواد إعلام غربية حتى لاتؤثر على هوية الأطفال العرب.



د/ أحمد مختار مكي


قائمة المراجع
أولاً : المراجع العربية :
1 ـ إبراهيم خليفة ، المربيات الأجنبيات في البيت العربي الخليجي ، الرياض : مكتب التربية لدول الخليج ، 1405هـ .
2 ـ إبراهيم عصمت مطاوع ، \" استراتيجية طفل ما قبل المدرسة \" المؤتمر الأول لتطوير برامج إعداد معلمات دور الحضانة ورياض الأطفال ، القاهرة : المجلس القومي للطفولة والأمومة .
3 ـ أحمد سليمان عودة وخليل يوسف الخليلي ، الإحصاء للباحث في التربية والعلوم الإنسانية، عمان : دار الفكر للنشر والتوزيع 1988.
4 ـ المجلس العربي للطفولة والتنمية ،دراسة تحليلية عن واقع رياض الأطفال في الوطن العربي ، القاهرة : المجلس العربي للطفولة ، 1989 .
5 ـ حسين عبد الحميد أحمد ،الطفل دراسة في علم الاجتماع النفسي ، إسكندرية : المكتب الجامعي الحديث ، 1992 .
6 ـ خالد أحمد العامودي ، التلفزيون والأطفال إيجابية الاستخدام وسلبياته في المجتمع السعودي ،مجلة رسالة الخليج العربي ، عدد 56 ، الرياض مكتب التربية العربي لدول الخليج ، 1995 ، ص ص 91 : 139 .
7 ـ خضير سعود الخضير ،المرشد التربوي لمعلمات رياض الأطفال بدول الخليج العربي، الرياض : مكتب التربية العربي لدول الخليج ، 1986.
8 ـ رناد الخصيب ، تربية طفل الروضة نشأة وتطور تاريخي ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1991 .
9 ـ دوجلاس ماكنوش ، الإحصاء للمعلمين ، ترجمة إبراهيم بسيوني عميرة ، القاهرة : دار المعارف (الطبعة الرابعة)،1986 .
10 ـ رمزية الغريب ،التقويم والقياس النفسي ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية، 1970 .
11 ـ زكريا إبراهيم وآخرون ،الطفل العربي والمستقبل ، الكويت : كتاب العربي 1989 .
12 ـ زينب محمد فريد، دراسات في التربية، القاهرة :مكتبة الأنجلو المصرية ، 1982 .
13 ـ سرجيو سبيني ،التربية اللغوية للطفل ، ترجمة (فوزي عيسى وعبد الفتاح حسن ) القاهرة : دار الفكر العربي ، 1991 .
14 ـ سيدة حامد عبد العال ، تقييم القصة المقدمة لطفل ما قبل المدرسة ، رسالة ماجستير ، معهد الدراسات العليا للطفولة ، جامعة عين شمس ، 1985 .
15 ـ عبد العزيز الشنتاوي ، \"واقع رياض الأطفال في الوطن العربي\" ، رياض الأطفال في الوطن العربي الواقع والمستقبل ، القاهرة المجلس العربي للطفولة والتنمية ، 1989 .
16 ـ عزة خليل عبد الفتاح ، روضة الأطفال مواصفاتها وبناؤها وتأسيسها وأسلوب العمل بها ، القاهرة : دار الفكر العربي ،1994 .
17 ـ عواطف إبراهيم محمد ، المفاهيم العلمية والطرق الخاصة برياض الأطفال، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ،1993 .
18 ـ فايز قنطار ، الأمومة ـ نمو العلاقة بين الطفل والأم ، الكويت : المجلس الوطني للفنون والآداب ( عالم المعرفة ) ، 1993 .
19 ـ فتحية حسن ، تربية الطفل بين الحاضر والماضي ، القاهرة : دار الشروق 1979 .
20 ـ فوزية دياب ، نمو الطفل وتنشئته بين الأسرة ودور الحضانة ، القاهرة : مكتبة النهضة المصرية (الطبعة الثانية) ، 1980 .
21 ـ ……………… ، دور الحضانة ، القاهرة : مكتبة النهضة المصرية (الطبعة الثانية) ، 1986 .
22 ـ كلير فهيم ، المدرسة والأسرة والصحة النفسية لأبنائنا ، القاهرة : دار الهلال ، 1983 .
23 ـ محمد حسن الألفي ، (طفل سوبر ) ، نحو طفولة عربية أفضل ، القاهرة : المجلس العربي للطفولة والتنمية ، 1989 .
24 ـ محمد عباس خضير ، سمير سالم الميلادي ، واقع الطفل في الوطن العربي،القاهرة : المجلس العربي للطفولة والتنمية،1989 .
25 ـ محمد عماد زكي ، تحضير الطفل العربي للعام 2000 ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1990م .
26 ـ محمود طنطاوي دنيا ، أصول التربية ، الكويت : وكالة المطبوعات، 1996 .
27 ـ منير المرسي سرحان ، في اجتماعات التربية ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، (الطبعة الرابعة ) 1986 .
28 ـ نورية علي حمد وآخرون ،الأسرة والمسألة السكانية في الجمهورية اليمنية، صنعاء : المجلس الوطني للسكان ، 1996 .
29 ـ هدى الناشف،رياض الأطفال ، القاهرة:دار الفكر العربي، 1989.
30 ـ هدى قناوي ، الطفل ـ تنشئته وحاجاته ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، 1983 .
31 ـ هويدة حنفي محمود \" أثر الالتحاق بدور الحضانة على التحصيل الدراسي والسلوك الاجتماعي لتلاميذ المرحلة الابتدائية\"، رسالة ماجستير ـ كلية التربية ـ جامعة الإسكندرية، 1985.


ثانياً المراجع الأجنبية :
32 – Eric James , Gundrum , the impact of an extra year of school on developmentally Delayed Kindergarten students \" Ed. D, Northern Arizona university , 1993 .
33 – Joseph F . Callahan , Leonrd H . clark ,Foundation of Education , N. Y. Mecmillan Publishing , 1983 .
34 – Joseph T . Klapper , The Effects of Mass Communication ,N.Y. : The free Press, 1960 .

رد مع اقتباس
  #227  
قديم 16-04-2005, 01:18 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

بسم الله الرحمن الرحيم



المعلم الداعية




بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْتمْ مُسْلِمُونَ " "يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا ونِسَاءً وَاتقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " أما بعد :

فإن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد ــ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

فإسهاما منى في هذه السلسلة المباركة والتي يراد منها إعداد مجتمع الدعوة إلى الله جل وعلا اخترت العنوان الأول وهو كيف يكون المعلم والمعلمة من الدعاة إلى الله تعالى وقبل أن أبدء البحث آثرت عرض الموضوع على عدد من المعلمين للإفادة من خبراتهم خلال عملهم في مجال التدريس والدعوة إلى الله تعالى خلال تلك الفترة فخرجت بجملة من التجارب العملية والتي قد أعرض لبعضها أثناء هذا البحث المختصر والذي سأتحدث فيه عن الآتي :

الفصل الأول : مقدمة في وجوب الدعوة

المطلب الأول : وجوب الدعوة على كل مسلم .

المطلب الثاني : المعلم راعي فيجب أن يحفظ رعيته .

الفصل الثاني : الدعوة الذاتية : وتنقسم إلى قسمين :

المطلب الأول : الدعوة بالقدوة الحسنة .

المطلب الثاني : الدعوة من خلال عرض المادة العلمية الجيدة الشيقة .

الفصل الثالث : الدعوة العملية : وتنقسم إلى الأقسم التالية :

المطلب الأول : احترام الطالب

المطلب الثاني : تقديم المساعدة للطالب عند حاجته لها

المطلب الثالث : زيارة الطالب عند المصائب

المطلب الرابع : زيارة الطالب في الأفراح

المطلب الخامس : محاولة الوصول لجوهر قلبه

المطلب السادس : يجب أن لا ينسى المعلم الداعية هدفه

المطلب السابع : الرفق خير كله

الفصل الرابع معوقات الدعوة :

المطلب الأول : معوقات نفسية

المطلب الثاني : معوقات خارجية

هذا ما تيسر جمعه في هذا البحث والله الموفق لكل خير وبر .

الفصل الأول : مقدمة في وجوب الدعوة

المطلب الأول : وجوب الدعوة على كل مسلم

الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من الدعوة :

"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "[ 104آل عمران ] "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ " [سورة آل عمران 110] "لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَاتِ اللَّهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ " [ 113ـ 114 آل عمران ] "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [ 157 الأعراف ] "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [ 71 التوبة ] "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ " [ 112 التوبة ] "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " [ 90 النحل ] "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ " [ 41 الحج ] "يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ " [ 17 لقمان ]

الآيات الدالة على أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ منذر ، والإنذار هو الدعوة :

" أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ " [ 2 يونس ] "وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ " [44 إبراهيم ] "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ " [ 214 الشعراء ] "وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " [ 21 الأحقاف ] "إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [ 1 نوح ] "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1) قُمْ فَأَنْذِرْ " [ 1 ـ 2 المدثر ]

التصريح بوجوب الدعوة : "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ " [94 الحجر ] "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " [ 108 يوسف ] " وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ "[ 36 الرعد ]

الأحاديث الدالة على وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

1. أخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " .

2. أخرج مسلم عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ " .

3. أخرج مسلم عن أَبي سَعِيدٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .

4. أخرج البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا "

5. أخرج البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "

المطلب الثاني : المعلم راع

المعلم راع فهو مسئول عن رعيته ، رعيته ابني وابنك وأخي وأخوك ، رعيته أولاد المسلمين فهؤلاء من أعظم الرعايا فيجب عليه حفظهم بتعليمهم أمور الدين وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة وتعليمهم ما أوكل إليه من المواد النافعة لهم في أمور أخراهم ودنياهم .

الفصل الثاني : الدعوة الذاتية

المطلب الأول : الدعوة بالقدوة الحسنة

في هذا المطلب لا يحتاج المعلم أن يقول أو يأمر بل يفعل وهنا يكمن المحك الحقيقي لأن القول سهل ميسر ولكن العمل شاق على النفس قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ " وهنا المعلم محاسب على كل أفعاله التي يأمر بها ثم لا يأتيها . قَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ : " يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ" فهذا حال من أمر الناس بالخير ولم يفعل ما أمرهم به .

المطلب الثاني : الدعوة من خلال عرض المادة العلمية الجيدة :

وهنا يكمن فن من فنون الدعوة فهذا معلم الفنية يرسم زهرة جميلة ثم يشرح للتلاميذ كيف صورها ربها ونفخ فيها هذه الرائحة الجميلة ، حتي يقلون سبحان الله ما أعظم الله .

وهذا معلم العلوم يشرح لهم إعجاز القرآن أو السنة في درس من دروسهم مر عليهم حتي يقلون سبحان الله ما أعظم الله . وهذا معلم النحو يعرب آية من كتاب الله ثم يسأل لم جاءت هذه الكلمة هنا وبين شيئا من إعجاز كلام الله ، حتى يقلون سبحان الله ما أعظم الله . وهو متقن لمادته لا يضيع شيئا منها بل مبدع في شرحها وقد تحصل على احترام طلابه له .

الفصل الثالث : الدعوة العملية

المطلب الأول : احترام الطالب

لا يمكن لأي إنسان أن يقبل منك وأنت تهينه أو تتنقص من قدره هل سمعت أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أهان أحد من مشركي مكة ابتداءً ؟؟؟ . بل كان مثال للداعية الحريص على نجات الناس . وهذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إبراهيم يسأله كافرين عن رؤى رؤها فقال لهما : " لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ ءَابَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ(39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ "

أنظر له وهو يقول لهما يا صاحبي السجن ولم يقل يا مساجين أو نحو تلك العبرات مع أنه سبب سجنه غير سبب سجنهما فهو نبي مظلوم رغبت به زوج الوزير وكبار نساء الملأ وهما ليسا كذلك مع هذا جعلهما مثله .

المطلب الثاني : تقديم المساعدة للطالب عند حاجته لها

قد تمر بالطالب ظروف معينة يحتاج معها للمساعدة وهي الشفاعة قال تعالى : " مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا " أو ما نسميه بتعبيرنا ( الفزعة ) وعندها يحسن بالمعلم أن يتدخل وقد ذكر لي أحد المعلمين أن طالب كاد أن يطرد بسبب الشك فيه أن أفسد أحد أجهزت المدرسة وكان خارج حجرة المدير فلما رآه المعلم قال رأيت وجه ليس بوجه كذاب سألته فصدقني فشفعت له عند المدير فقبل شفاعتي فهداه الله بهذه الشفاعة ولله الحمد .

وقد يحسن كذلك السكوت عن خطأ قام به بعض الطلاب إذا علم أن السكوت سيؤثر عليه ومن ذلك أن أحد المرسيين شاهد طالب يغش في أحد الإختبارات بأسلوب بدائي ( هكذا قال ) ويظهر منه أن غير متقن لهذه الحرفة فدخل عليه في القاعة وقال : هات الورق الذي عندك فأخرجها الطالب وقلبه يكاد يخرج من بين ظلوعه ، فأخذها المعلم ولم يتكلم ولما رآه بعد الإختبار قال له : أنت من عائلة محترمة فعليك بالصراط المستقيم ولا تنحرف . فكم أثرت فيه هذه الكلمات وبقي سنين يذكرها لهذا المعلم .

وقال الآخر : أنه دخل على جملة من الصفوف لتفتيشيهم والبحث عمن يحمل الدخان أو سكاكين ونحوها فرأيت أحدهم في جيبه سكين وهو من الطلبة الهادئين فنظرت له وكأني أكلمه حتى لا يراني المدير وقلت له : ترى شفتها ، وهي آخر مرة ؟؟ فقال : وعد آخر مرة . فبقي هذا الطالب يحفظ للمعلم بل لكل المتدينين هذا الفضل .

المطلب الثالث : زيارة الطالب عند المصائب

الطالب كغيره من الناس تمر بع المصيبة وهو بحاجة للموساة . وقد تكون مصائب بعض الطلاب دائمة بسبب أبٍ قاسٍ أو أمٍ زاهدة فيه أو أب ضال فاجر ، فهو بحاجة للحنان من أي أحد من الناس وبدلا من يلتف عليه الفسقة المفسدين ليتقفه هذا المعلم الداعية ، وينجيه من براثن أهل الفساد . ويكمن الخطر كل الخطر لو كانت هذه المبتلاة بنت لأنها ستبحث عمن تسرى عن همها ؛وهنا يكمن الخطر لأن الذي يستمع لها بإنصات في غالب سيكون ذئبا جبانا فاسقا يريد جسدها لينهشه .

المطلب الرابع : زيارة الطالب في الأفراح

لا يمنع أن يزور المعلم الطالب في الأفراح ويقدم التبريكات ولكن بقدر ، ولو لم يتمكن من الزيارة اكتفى بالتبريك ولو في قاعة الدرس أمام الطلاب فإن هذا سيدخل السعادة والسرور على نفس الطالب .

المطلب الخامس : محاولة الوصول لجوهر قلبه

قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ : عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس ، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة !… لقد جربت ذلك . جربته مع الكثيرين … حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور … شيء من العطف على أخطائهم ، وحماقتهم ، شيء من الود الحقيقي لهم ، شيء من العناية – غير المتصنعة – باهتماماتهم وهمومهم … ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم ، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم ، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك ، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص . إن الشر ليس عميقا في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا . إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء … فإذا آمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية … هذه الثمرة الحلوة ، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر من الناس بالأمن من جانبه ، بالثقة في مودته ، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم ،و على أخطائهم وعلى حماقتهم كذلك … وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله ، أقرب مما يتوقع الكثيرون لقد جربت ذلك ، جربته بنفسي . فليست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام !…

المطلب السادس : محاولة الثناء عليهم بما فيهم من الخير

ومن مطلقنا هنا قول النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ : "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ " فما ترك ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قيام الليل حتى مات . فهذه بضع كلمات فيها ثناء صادق حثت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ على قيام الليل . فكذا الطالب يحتاج منك إلى تشجيع وهو شيء من الثناء وفيه نصيحة طيبة . قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ : عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفي أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة . إننا لن نكون في حاجة إلى أن نتملق الآخرين لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين إذ نزجي إليهم الثناء . إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير وسنجد لهم مزايا طيبة نثني عليها حين نثني ونحن صادقون ؛ ولن يعدم إنسان ناحية خيرة أو مزية حسنة تؤهله لكلمة طيبة … ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب !… كذلك لن نكون في حاجة لأن نحمل أنفسنا مؤونة التضايق منهم ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم لأننا سنعطف على مواضع الضعف والنقص ولن نفتش عليها لنراها يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب ! وبطبيعة الحال لن نجشم أنفسنا عناء الحقد عليهم أو عبء الحذر منهم فإنما نحقد على الآخرين لأن بذرة الخير لم تنم في نفوسنا نموا كافيا ونتخوف منهم لأن عنصر الثقة في الخير ينقصنا ! كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة ، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا ، يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير !.

المطلب السادس : يجب أن لا ينس المعلم الداعية هدفه

قال لي كثير من المعلميين دخلنا التعليم من أجل هدف واضح وهو الدعوة إلى الله تعالى ؛ ولكن بعد مضي عام يتلوه عام تركنا هذا الهدف واشتغلنا بأمور دنيوية تنافسنا عليها !! . فيجب على المعالم الداعية أن لا ينسى هدفه الأكبر وهو الدعوة وأن يطرح قضيته الكبرى في كل درس بحسبه .

المطلب السابع : الرفق خير كله

أخرج البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا " وأخرج مسلم عن عَائِشَةَ قالت سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا : " اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ " والمعلم له ولا ولاية على هؤلاء الطلاب . وأخرج مسلم عَنْ جَرِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ " وأخرج مسلم عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ " . فهلا سمع المعلمون هذا الحديث . وأخرج مسلم أَنَسٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَذْهَبُ ؛ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ : يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ . قَالَ قُلْتُ : نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا .

الفصل الرابع : معوقات الدعوة

المطلب الأول : معوقات نفسية

1. الفهم الخاطئ لقوة الشخصية :

حين يفهم المعلم قوة الشخصية فهما خاطئا فيسيطر عليه هذا الهاجس فسيؤثر هذا الفهم على أدائه الدور المنتظر منه . ويبدأ هذا المعلم بتطبيق النظريات التي أخذها ممن سبقه في هذا المجال فالابتسامة ممنوعة والكلام حرام والضرب بالعصا حتم واجب . وكل هذا يبعد بين الطالب والمعلم .

2. الحواجز المصطنعة :

يضع المعلم حاجز نفسي بينه وبين الطلاب فهو لا يتحدث ولا يدعو إلا الطلاب المتدينين فقط وقد يزيد الأمر سوء إن كان لا يحدث ولا يدعو إلا فئة معينة من المتدينين ، وأما باقى الطلاب أي المئات الآخرين فهو صاد عنهم وعابس في وجوههم .

3. النظرة المتشائمة أو هلك الطلاب :

قال الشيخ محمد الدويش : لا جدل أن واقع الشباب اليوم لا يسر مسلما وأن شقة الإنحراف قد اتسعت لتشمل رقعة واسعة من خارطة حياة الشباب المعاصرة ولا جدال أن المسافة بين واقع الشباب اليوم وبين ما يجي أن يكون عليه ليست قريبة بحال .

ولكن أيعني ذلك أن الخير قد أفل نجمه ؟؟ وأن الشر قد استبد بالناس أليست هناك صفحات أخرى من حياة أولئك المعرضين غير هذه الصفحات الكالحات ؟ .

ألم يقرأ هذا وأمثاله ما أخرجه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ " ؟؟ .

قال النووي ـ رحمه الله ـ : اتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس ، واحتقارهم ، وتفضيل نفسه عليهم ، وتقبيح أحوالهم ، لأنه لا يعلم سر الله في خلقه . قالوا : فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه .

وقال الخطابي ـ رحمه الله ـ : معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ، وتذكر مساويهم ، ويقول : فسد الناس ، وهلكوا ، ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم ، والوقيعة فيهم ، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ، ورؤيته أنه خير منهم .

قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ : حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحا ، أو أطيب منهم قلبا ، أو أرحب منهم نفسا أو أذكى منهم عقلا لا نكون قد صنعنا شيئا كبيرا … لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبيل وأقلها مؤونة !. إن العظمة الحقيقية : أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع !. إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقا .. إن التوفيق بين هذه المتناقضات وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد : هو العظمة الحقيقية !.



المطلب الثاني : معوقات خارجية



1. التربية الأسرة الخاطئة

2. وسائل الإعلام

3. الصحبة السيئة

4. الإدارة غير المتفهمة

5. كثرة التكاليف ( الأعمال المطلوبة من المعالم )

6. كثرة الطلاب في الصف الواحد



وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم






عبدالرحمن بن محمد الهرفي
الداعية بمركز الدعوة بالمنطقة الشرقية







مع تحيات ابو عمر -- عبدالعزيز الردادي

رد مع اقتباس
  #228  
قديم 16-04-2005, 01:31 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

سيـاسة التعليم

في المملكة العربية السعودية

تمهيد

الباب الأول: الأسس العامة التي يقوم عليها التعليم

الباب الثاني: غاية التعليم وأهدافه العامة

الباب الثالث: أهداف مراحل التعليم

الباب الرابع: التخطيط لمراحل التعليم

الباب الخامس: أحكام خاصة

الباب السادس: وسائل التربية والتعليم

الباب السابع: نشر العلم

الباب الثامن: تمويل التعليم

الباب التاسع: أحكام عامة



تمهيد

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فإن :

1- السياسة التعليم هي الخطوط العامة التي تقوم عليها عملية التربية والتعليم أداء للواجب في تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه وتلبية لحاجات المجتمع وتحقيقا لأهداف الأمة وهي تشمل حقول التعليم ومراحله المختلفة ، والخطط والمناهج والوسائل التربوية والنظم الإدارية والأجهزة القائمة على التعليم وسائر ما يتصل به .

والسياسة التعليمية في المملكة العربية السعودية تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وعبادة وخلقا وشريعة وحكما ونظاما متكاملا للحياة ، وهي جزء أساسي من السياسة العامة للدولة وفق التخطيط المفصل فيما يلي:



الباب الأول: الأسس العامة التي يقوم عليها التعليم

2- الإيمان بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى اللّه عليه وسلم نبيًّا و ر سو لاً.

3- التصور الإسلامي الكامل للكون والإنسان والحياة، وأن الوجود كله خاضع لما سنَّه الله تعالى، ليقوم كل مخلوق بوظيفته دون خلل أو اضطراب.

4- الحياة الدنيا مرحلة إنتاج وعمل، يستثمر فيها المسلم طاقاته عن إيمان وهدى للحياة الأبدية الخالدة في الدار الآخرة، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.

5- الرسالة المحمدية هي المنهج الأقوم للحياة الفاضلة التي تحقق السعادة لبني الإنسان، وتنقذ البشرية ممَّا تردت فيه من فساد وشقاء.

6- المثل العليا التي جاء بها الإسلام لقيام حضارة إنسانية رشيدة بناءة تهتدي برسالة محمد صلى الله عليه وسلَّم، لتحقيق العزَّة في الدنيا، والسعادة في الدار الآخرة.

7- الإيمان بالكرامة الإنسانية التي قررها القرآن الكريم وأناط بها القيامِ بأمانة الله في الأرض(وَلَقَد كرمنا بَنِى َءَادَمَ و حملناهم في البر والبحر ورَزَقْناهُم مِّن اَلطَّيباتِ وَفَضَلناهم ْعَلى كثِير مِّمَّن خلقنَا تفضيلا ). " سورة الإسراء، الآية: 70

8- فرص النمو مهيَّأة أمام الطالب للمساهمة في تنمية المجتمع الذي يعيش فيه، ومن ثم الإفادة من هذه التنمية التي شارك فيها.

9- تقرير حق الفتاة في التعليم بما يلائم فطرتها ويعدها لمهمتها في الحياة على أن يتم هذا بحشمة ووقار، وفي ضوء شريعة الإسلام، فإن النساء شقائق الرجال.

10- طلب العلم فرض على كل فرد بحكم الإسلام، ونشره وتيسيره في المراحل المختلفة واجب على الدولة بقدر وسعها وإمكانياتها.

11- العلوم الدينية أساسية في جميع سنوات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بفروعه، والثقافة الإسلامية مادة أساسية في جميع سنوات التعليم العالي.

12- توجيه العلوم والمعارف بمختلف أنواعها وموادها

منهجاً وتأليفا وتدريسا وجهة إسلامية في معالجة قضاياها والحكم على نظرياتها وطرق استثمارها، حتى تكون منبثقة من الإسلام، متناسقة مع التفكير الإسلامي السديد.

13- الاستفادة من جميع أنواع المعارف الإنسانية النافعة على ضوء الإسلام، للنهوض بالأمة ورفع مستوى حياتها، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها.

14- التناسق المنسجم مع العلم والمنهجية التطبيقية (التقنية) باعتبارهما من أهم وسائل التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، لرفع مستوى أمتنا وبلادنا، والقيام بدورنا في التقدم الثقافي العالمي.

15- ربط التربية والتعليم في جميع المراحل بخطة التنمية العامة للدولهّ.

16- التفاعل الواعي مع التطورات الحضارية العالمية في

ميادين العلوم والثقافة والآداب ، بتتبعها والمشاركة فيها، وتوجيهها بما يعود على المجتمع والإنسانية بالخير والتقدم.

17- الثقة الكاملة بمقومات الأمة الإسلامية وأنها خير أمَّة أُخرجت للناس، والإيمان بوحدتها على اختلاف أجناسها وألوانها وتباين ديارها (إِنَّ هَذه أُمَّتُكُم أُمَّةَ وَحِدَةُ وَأَنَأ ربكم فاعبدون ) سورة ا لأنبياء، 1لآية: 92،.

18- ا لارتباط الوثيق بتاريخ أُمتنا وحضارة ديننا الإسلامي، و ا لإفادة من سير أسلافنا، ليكون ذلك نبراساً لنا في حاضرنا ومستقبلنا.

19- التضامن الإسلامي في سبيل جمع كلمة المسلمين وتعاونهم ودرء الأخطار عنهم.

20- احترام الحقوق العامة التي كفلها الإسلام وشرع حمايتها

حفاظاً على الأمن، وتحقيقاً لاستقرار المجتمع المسلم في: الدين، و النفس، والنسل، و العرض، والعقل، والمال.

21- التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع: تعاوناً، ومحبة، وإخاء، وإيثاراً للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

رد مع اقتباس
  #229  
قديم 16-04-2005, 01:48 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الإبداع في العملية التربوية
وسائله ونتائجه

د. يسري مصطفى السيد
جامعة الإمارات ـ كلية التربية ـ مركز الانتساب الموجه بأبو ظبي

* الهدف القريب:

* تقبُّل التفكير الإبداعي وتعديل الاتجاهات الإبداعية والتسامح مع الاختلاف العقلي وتقبُّله والتعرف على ماهيته ومراحله وأساليب تنميته، ومعوقاته.

* الهدف الوسيط:

* توفير مناخ تعليمي يساعد الطلاب على تفجير طاقاتهم الإبداعية وتنميتها.

* الهدف البعيد:

* ممارسة المعلم والمتعلم العملية الإبداعية ومهارات التفكير الإبداعي.

( المحاضرة تتناول قضايا الإبداع بعامة وكل معلم يستفيد بالتطبيق على قضايا ومفاهيم تخصصه الدقيق بالبحث في المفاهيم والمعارف والمهارات وجوانب الميول .. في تخصصه).

* اهتمام مُبرر:

1 ـ يعتبر الإبداع والتفكير الإبداعي من أهم الأهداف التربوية في التربية.

2 ـ تربية وتعليم التلاميذ المبدعين في الدول المتقدمة كان من العوامل الأساسية التي أدت إلى التقدم العلمي والاقتصادي في العصر الحديث.

3 ـ إذا كان الإبداع والاهتمام بالمبدعين مهماً بالنسبة للمجتمعات المتقدمة صناعياً، فإنه ينبغي أن تتزايد أهميته في الدول النامية، بل وتتفوق عليها في اهتمامها به.

* افتراضات:

1 ـ هل الإبداع صفة جسمية وراثية في المتعلم؟

* إن كانت الإجابة نعم ! فمن الصعب إثارته وتحسينه بالتعليم.

* أدب الإبداع يؤكد الآن إنه شكلاً من أشكال النشاط العقلي يمارسه المتعلم، ويتمتع جميع الطلاب بدرجة معينة من الإبداع، ولو أنهم يختلفون في الكم وليس في النوع في هذه الصفة، وهذا يعني إمكانية تعليم الإبداع والتدريب على ممارسته.

2 ـ هل بيئة التعلم الشائعة تنمي القدرة على الإبداع؟

* تنمية القدرة على الإبداع والتفكير الإبداعي رهن اقتناع المعلمين والمسئولين عن المؤسسة التربوية بأهمية الإبداع والمبدعين وتنمية قدراتهم الإبداعية.

* إخلاص المعلم وحماسه لإفادة الطلاب ورعاية المبدعين لا يقل أهمية في التدريس من أية عوامل أخرى تتعلق بالعملية التدريسية.

3 ـ هل يمكن إكساب المتعلم القدرات الإبداعية بدون توافر الاستعدادات والاتجاهات اللازمة للإبداع؟

* المتعلم بما يملك من قدرات عقلية واتجاهات إيجابية إبداعية، فإنه يمكنه تقبُّل وممارسة العملية الإبداعية من خلال ممارسة النشاطات التدريسية التعلمية التي تُعرّضه لمشكلات تستثير وتتحدى قدراته العقلية، وبدون توافر هذه القدرات تُصبح مشاركة المتعلم وانغماسه في العملية الإبداعية أمراً مشكوكاً فيه.

* ما الإبداع ؟ (Innovation - Creativity)

* تحديد المفهوم الدقيق للإبداع يساعد المعلمين على التعرف إلى الطلاب المبدعين، أو ذوي القدرات والاتجاهات الإبداعية.

* مراجعة البحوث والدراسات التربوية والنفسية أظهرت أن الإبداع متعدد المناحي، ويمكن النظر إليه من خلال أربعة مناحي هي:

1 ـ المنحى الأول: مفهوم الإبداع بناءً على سمات الشخص المبدع Creative Person:

هو المبادأة التي يبديها المتعلم في قدرته على التخلص من السياق العادي للتفكير وإتباع نمط جديد من التفكير، ويذكر جيلفورد Guilford أن المتعلم المبدع يتسم بسمات عقلية أهمها: الطلاقة Fluency والمرونة Flexibility والأصالة Originality .

2 ـ المنحى الثاني: مفهوم الإبداع بناء على أساس الإنتاج Creative Product:

يلخص خير الله الإبداع بأنه "قدرة المتعلم على الإنتاج إنتاجاً يتميز بأكبر قدر من الطلاقة الفكرية، والمرونة التلقائية والأصالة وبالتداعيات البعيدة وذلك كاستجابة لمشكلة أو موقف مثير".

وهكذا يعبّر التفكير الإبداعي عن نفسه في صورة إنتاج شيء جديد، أو التفكير المغامر، أو الخروج عن المألوف، أو ميلاد شيء جديد سواء كان فكرة أو اكتشافاً أو اختراعاً بحيث يكون أصيلاً Original وحديثاً Novel .

ويؤكد بعض المربين على أن الفائدة شرط أساسي في التفكير والإنتاج الإبداعي. وبالتالي فإن إطلاق مفهوم الإبداع لا يجوز على إنتاج غير مفيد، أو إنتاج لا يحقق رضا مجموعة كبيرة من الناس في فترة معينة من الزمن.

3 ـ المنحى الثالث: مفهوم الإبداع على أنه عملية Creative Process :

يُعرّف تورانس Torrance الإبداع بأنه "عملية يصبح فيها المتعلم حساساً للمشكلات، وبالتالي هو عملية إدراك الثغرات والخلل في المعلومات والعناصر المفقودة وعدم الاتساق بينها، ثم البحث عن دلائل ومؤشرات في الموقف وفيما لدى المتعلم من معلومات، ووضع الفروض حولها، واختبار صحة هذه الفروض والربط بين النتائج، وربما إجراء التعديلات وإعادة اختبار الفروض".

4 ـ المنحى الرابع: مفهوم الإبداع بناءً على الموقف الإبداعي أو البيئة المبدعة Creative Situation:

يُقصد بالبيئة المبدعة المناخ بما يتضمنه من ظروف ومواقف تيسر الإبداع، أو تحول دون إطلاق طاقات المتعلم الإبداعية. وتُقسّم هذه الظروف إلى قسمين هما:

أ ـ ظروف عامة: ترتبط بالمجتمع وثقافته، فالإبداع ينمو ويترعرع في المجتمعات التي تتميز بأنها تهيئ الفرص لأبنائها للتجريب دون خوف أو تردد، وتُقدم نماذج مبدعة من أبنائها من الأجيال السابقة كنماذج يتلمس الجيل الحالي خطاها، وبالتالي تُشجّع على نقد وتطوير الأفكار العلمية والرياضية والأدبية ...

وقد أعد تورانس تقريراً حول زيارته لليابان للمقارنة بين تأثير كل من الثقافتين اليابانية والأمريكية على الإنجاز الإبداعي، وقد ذكر أنه وجد في اليابان 115 مليوناً من فائقي الإنجاز ـ وهم جميع سكان اليابان ـ بعكس أمريكا. ويفسر تورانس ذلك في ضوء ثقافة المجتمع الياباني الميسر للإبداع والتفكير الإبداعي، ومظاهر الجد والدقة والنظام والصرامة والجهد المكثف، والتدريب على حل المشكلات بدءاً من مرحلة رياض الأطفال.

ب ـ ظروف خاصة: وترتبط بالمعلمين والمديرين والمشرفين التربويين وأدوارهم في تهيئة الظروف والبيئة الصفية والمدرسية لتنمية الإبداع لدى الطلاب.

* تعددت وسائل قياس الإبداع والمقاييس المستخدمة للتعرف على الطلاب المبدعين وعليه ظهرت مقاييس لسمات الشخصية مثل قائمة سمات التفكير المبدع (Torance) ومقاييس القدرة على التفكير الإبداعي، وقائمة السمات للشخصية المبدعة (خير الله 1981) ومقاييس الاتجاه نحو الإبداع (زين العابدين درويش 1983) ... الخ.

* مكونات الإبداع والتفكير الإبداعي:

يتضمن الإبداع والتفكير الإبداعي يتضمن مجموعة من القدرات العقلية تحددها غالبية البحوث والدراسات التربوية والنفسية بما يلي:

أولاً : الطلاقة (Fluency)

تتضمن الطلاقة الجانب الكمي في الإبداع، ويُقصد بالطلاقة تعدد الأفكار التي يمكن أن يأتي بها المتعلم المبدع، وتتميز الأفكار المبدعة بملاءمتها لمقتضيات البيئة الواقعية، وبالتالي يجب أن تُستبعد الأفكار العشوائية الصادرة عن عدم معرفة أو جهل كالخرافات.

وعليه كلما كان المتعلم قادراً على إنتاج عدد أكبر من الأفكار أو الإجابات في وحدة الزمن، توفرت فيه الطلاقة أكثر.

وتُقاس الطلاقة بأساليب مختلفة منها على سبيل المثال:

1 ـ سرعة التفكير بإعطاء كلمات في نسق محدد، كأن تبدأ أو تنتهي بحرف أو مقطع معين (هراء، جراء ..) أو التصنيف السريع للكلمات في فئات خاصة. (كرة، ملعب، حكم ..).

2 ـ تصنيف الأفكار وفق متطلبات معينة، كالقدرة على ذكر أكبر عدد ممكن من أسماء الحيوانات الصحراوية أو المائية، أو أكبر قدر من الاستعمالات للجريدة، أو الحجر، أو العلب الفارغة .. الخ.

3 ـ القدرة على إعطاء كلمات ترتبط بكلمة معينة، كأن يذكر المتعلم أكبر عدد ممكن من التداعيات لكلمة نار، أو سمكة، أو سيف، أو مدرسة .. الخ.

4 ـ القدرة على وضع الكلمات في أكبر قدر ممكن من الجمل والعبارات ذات المعنى.

ثانياً : المرونة (Flexibility)

* تتضمن المرونة الجانب النوعي في الإبداع، ويُقصد بالمرونة تنوع الأفكار التي يأتي بها المتعلم المبدع، وبالتالي تشير المرونة إلى درجة السهولة التي يغير بها المتعلم موقفاً ما أو وجهة نظر عقلية معينة.

فالتلميذ على سبيل المثال، الذي يقف عند فكرة معينة أو يتصلب فيها، يُعتبر أقل قدرة على الإبداع من تلميذ مرن التفكير قادر على التغيير حين يكون ذلك ضرورياً.

ومن أمثلة الاختبارات الشائعة للمرونة اختبار إعادة ترتيب إعادة عيدان الكبريت، أو الاستعمالات غير المعتادة لأشياء مألوفة .. الخ.

ثالثاً : الأصالة (Originality)

يُقصد بالأصالة التجديد أو الإنفراد بالأفكار، كأن يأتي المتعلم بأفكار جديدة متجددة بالنسبة لأفكار زملائه. وعليه تشير الأصالة إلى قدرة المتعلم على إنتاج أفكار أصيلة، أي قليلة التكرار بالمفهوم الإحصائي داخل المجموعة التي ينتمي إليها المتعلم. أي كلما قلت درجة شيوع الفكرة زادت درجة أصالتها. ولذلك يوصف المتعلم المبدع بأنه الذي يستطيع أن يبتعد عن المألوف أو الشائع من الأفكار.

* تختلف الأصالة عن عاملي الطلاقة والمرونة فيما يلي:

1 ـ الأصالة لا تشير إلى كمية الأفكار الإبداعية التي يعطيها الفرد، بل تعتمد على قيمة ونوعية وجدة تلك الأفكار، وهذا ما يميز الأصالة عن الطلاقة.

2 ـ الأصالة لا تشير إلى نفور المتعلم من تكرار تصوراته أو أفكاره هو شخصياً كما في المرونة، بل تشير إلى النفور من تكرار ما يفعله الآخرون، وهذا ما يميزها عن المرونة.

وعليه يمكن قياس الأصالة عن طريق:

1 ـ كمية الاستجابات غير المألوفة والتي تُعتبر أفكاراً مقبولة لمشاكل محددة مثيرة.

2 ـ اختيار عناوين لبعض القصص القصيرة المركزة في موقف مكثف قد يكون درامياً أو فكاهياً. ويُطلب من المتعلم أن يذكر لها عناوين طريفة أو غريبة بقدر ما يستطيع في وقت محدد، مع احتمال استبدال القصة بصورة أو شكل.

رابعاً : التفاصيل (الإكمال) (Elaboration)

يُقصد بالتفاصيل (أو الإكمال أو التوسيع) البناء على أساس من المعلومات المعطاة لتكملة (بناء) ما من نواحيه المختلفة حتى يصير أكثر تفصيلاً أو العمل على امتداده في اتجاهات جديدة. أو هو قدرة المتعلم على تقديم إضافات جديدة لفكرة معينة، كما يمكنه أن يتناول فكرة بسيطة أو رسماً أو مخططاً بسيطاً لموضوع ما ثم يقوم بتوسيعه ورسم خطواته التي تؤدي إلى كونه عملياً.

وقد أشارت ملاحظات تورانس في بحوث الإبداع إلى أن التلاميذ الصغار الأكثر إبداعاً يميلون إلى زيادة الكثير من التفصيلات غير الضرورية إلى رسوماتهم وقصصهم.

^ مراحل العملية الإبداعية ( عملية الإبداع Creative Process ):

ما زال فهم عملية الإبداع ومراحلها من أكثر القضايا الخلافية بين التربويين وعلماء النفس وطرائق التدريس، ويذكر والاس وماركسبري Wallas & Marksberry أن عملية الإبداع عبارة عن مراحل متباينة تتولد أثناءها الفكرة الجديدة المبدعة، وتمر بمراحل أربع هي:

1 ـ مرحلة الإعداد أو التحضير Preparation :

في هذه المرحلة تُحدد المشكلة وتُفحص من جميع جوانبها، وتُجمع المعلومات حولها ويُربط بينها بصور مختلفة بطرق تحدد المشكلة. وتشير بعض البحوث إلى أن الطلاب الذين يخصصون جزءاً أكبر من الوقت لتحليل المشكلة وفهم عناصرها قبل البدء في حلها هم أكثر إبداعاً من أولئك الذين يتسرعون في حل لمشكلة.

2 ـ مرحلة الاحتضان (الكمون أو الاختمار Incubation ):

مرحلة ترتيب يتحرر فيها العقل من كثير من الشوائب والأفكار التي لا صلة لها بالمشكلة، وهي تتضمن هضماً عقلياً ـ شعورياً ولا شعورياً ـ وامتصاصاً لكل المعلومات والخبرات المكتسبة الملائمة التي تتعلق بالمشكلة.

كما تتميز هذه المرحلة بالجهد الشديد الذي يبذله المتعلم المبدع في سبيل حل المشكلة. وترجع أهمية هذه المرحلة إلى أنها تعطي العقل فرصة للتخلص من الشوائب والأفكار الخطأ التي يمكن أن تعوق أو ربما تعطل الأجزاء الهامة فيها.

3 ـ مرحلة الإشراق (أو الإلهام Illumination):

وتتضمن انبثاق شرارة الإبداع (Creative Flash) أي اللحظة التي تولد فيها الفكرة الجديدة التي تؤدي بدورها إلى حل المشكلة. ولهذا تعتبر مرحلة العمل الدقيق والحاسم للعقل في عملية الإبداع.

4 ـ مرحلة التحقيق (أو إعادة النظر Verification ):

في هذه المرحلة يتعين على المتعلم المبدع أن يختبر الفكرة المبدعة ويعيد النظر فيها ليرى هل هي فكرة مكتملة ومفيدة أو تتطلب شيئاً من التهذيب والصقل. وبعبارة أخرى هي مرحلة التجريب (الاختبار التجريبي) للفكرة الجديدة (المبدعة).

ويلخص الألوسي (1981) مراحل عملية الإبداع في المراحل الخمس التالية:

1 ـ مرحلة الإحساس بالمشكلة.

2 ـ مرحلة تحديد المشكلة.

3 ـ مرحلة الفرضيات.

4 ـ مرحلة الولادة للإنتاج الأصيل.

5 ـ مرحلة تقويم النتاج الإبداعي.

^ ملاحظات على مراحل عملية الإبداع:

* لا يوجد اتفاق تام بين الباحثين على خطوات العملية الإبداعية أو مراحلها، وبالتالي فإن مراحل عملية الإبداع ليست خطوات جامدة ينبغي إتباعها بالتسلسل الجامد السابق الذكر.

* مراحل عملية الإبداع مراحل متداخلة ومتفاعلة مع بعضها، وبالتالي فإن فكرة المراحل كما يراها بعض الناقدين هي فكرة تحليلية تعمل على تجزئة السلوك الإبداعي.

* يرفض بعض الباحثين استخدام كلمة مراحل أو أطوار، ويفضلون الحديث عن جوانب أو أوجه العملية الإبداعية.

* يرى بعض الباحثين في موضوع الإبداع اختصار مراحل عملية الإبداع إلى مرحلة واحدة هي لحظة الإشراق أو الإلهام (الخلق Moment of Creation) وبالتالي فإن دراسة الإبداع تكون أكثر فائدة في ضوء النتاج الإبداعي بدلاً من عملية الإبداع.

^ خصائص المبدعين:

يتمتع المبدعون بصفات شخصية وعقلية ونفسية متنوعة، لكن أهم السمات العامة المشتركة بينهم تدل ـ بدرجات متفاوتة ـ على أنهم يمتلكون قدرات إبداعية. ومن هذه الخصائص كما يوثقها أدب الإبداع ما يلي:

1 ـ حب الاستطلاع والاستفسار والحماس المستمر والمثابرة في حل المشكلات.

2 ـ الرغبة في التقصي والاكتشاف، وتفضيل المهمات العلمية والرياضية والأدبية والفنية الصعبة.

3 ـ البراعة والدهاء وسعة الحيلة، وسرعة البديهة وتعدد الأفكار والإجابات، وتنوعها بالمقارنة بأقرانهم.

4 ـ إظهار روح الاستقصاء في آرائهم وأفكارهم.

5 ـ القدرة على عرض أفكارهم بصور مبدعة، والتمتع بخيال رحب وقدرة عالية على التصور الذهني، والتمتع بمستويات عقلية عليا في تحليل وتركيب الأفكار والأشياء.

6 ـ تكريس النفس للعمل الجاد بدافعية ذاتية، ويهبون أنفسهم للعمل العلمي أو الأدبي ... لفترات طويلة، ويميلون للمبادأة في أنشطتهم الإبداعية، ويثقون في أنفسهم كثيراً.

7 ـ امتلاك خلفية واسعة وعميقة في حقول علمية وأدبية ولغوية وفنية .. مختلفة ، كما أنهم كثيرو القراءة والإطلاع.

8 ـ المتعلم المبدع يسأل أسئلة إبداعية (مفتوحة النهاية) أعلى في المستوى العقلي وأكثر عدداً من غير المبدع.

9 ـ الاستقلالية في الفكر والعمل، وكثيرون منهم يميلون للانعزالية والانطواء.

10 ـ انخفاض سمات العدوانية، أكثر تلقائية من الأقران، وأكثر استقلالاً في الحكم، معارضون بشدة لرأي الجماعة إذا شعروا أنهم على صواب، أكثر جرأة ومغامرة وتحرراً، وأكثر ضبطاً للذات وسيطرة عليها.

ويتضح من السمات النفسية والعقلية السابقة أن الفرد المبدع يعاني توتراً شديداً للتوفيق بين المتعارضات الكامنة في طبيعته مع محاولة تحمل ذلك التوتر والتكيف معه والحد منه

^ الإبداع والذكاء:

تضاربت آراء علماء التربية وعلم النفس في علاقة الذكاء بالإبداع، وتذكر أدبيات الإبداع أن هناك رأيين في هذا المجال هما:

* الأول: أن الإبداع في مجالاته المختلفة، مظهر من مظاهر الذكاء العام للفرد، أو أن الإبداع عملية عقلية ترتبط بالذكاء، ولذلك يقررون أنه ما لم يكن ذكياً فلا يستطيع أن يُبدع شيئاً، وعليه فليست هناك قدرة خاصة للإبداع.

* الثاني: أن الإبداع ليس هو الذكاء، وبالتالي فإنهما نوعان مختلفان من أنواع النشاط العقلي للإنسان. فقد تجد تلميذاً مُبدعاً ولكنه لا يتمتع بمستوى عالٍ من الذكاء، والعكس وارد أيضاً. أي أن الذكاء والإبداع قدرتان منفصلتان. وبالتالي هناك قدراً من التمايز بينهما وإن لم يكن تاماً بين هذين النوعين من القدرات.

وبناء عليه، يُنظر للذكاء كما تقيسه اختبارات الذكاء بأنه تفكير تقاربي Convergent Thinking يتطلب تقديم إجابات صحيحة معينة. بينما التفكير الإبداعي هو تفكير تباعدي متشعب Divergent Thinking يتطلب تقديم عدة حلول مناسبة ومتنوعة، وبالتالي يتميز بالتعبير الحر غير المُقيد لاستعمال القدرات العقلية.

وفي هذا الصدد، تؤكد بحوث تيلر Taylor وبحوث ماكينون Mackinnon إلى أن مقاييس واختبارات الذكاء تخفق في تمييز التلاميذ المبدعين، وقد يرجع ذلك إلى أن تلك الاختبارات تتضمن بدرجة كبيرة أعمالاً تحتاج إلى التذكر والتفكير المتقارب وتهتم بتقديم إجابة واحدة صحيحة. ونادراً ما تقيس شيئاً من التفكير التباعدي المتشعب، والذي يتميز بالاتجاه إلى عدة حلول مناسبة متنوعة.

هذا، وعلى الرغم أنّ الإبداع والذكاء ليس من الضروري أن يرتبطا بعلاقة عالية، إلا أن خلاصة البحوث تشير إلى أن العلماء المبدعين يمتلكون مستوى عالياً من الذكاء.

وقد أكدت دراسات حديثة وجوب توفر درجة معينة أو حد أدنى من الذكاء (حوالي 120) في المتعلم المبدع، دونه ما أمكن له أن يكون مبدعاً. كما أوضحت معظم الدراسات عدم وجود فروق بين الذكور والإناث بالنسبة للإبداع والذكاء.

^ الإبداع والتحصيل:

أشارت دراسات عديدة إلى وجود علاقة ضعيفة بين الإبداع والتحصيل الدراسي، أو سالبة أحياناً. وهذا يعني أن الكفاءة العالية في التحصيل ليس شرطاً أساسياً لتحقيق الإبداع، وهذا يؤكد ما يقوله تورانس بأن تعلم المعلومات واسترجاعها يعتبر مؤشراً غير كافٍ للإبداع.

وهذا قد يفسر: لماذا لم يتوصل كثير من العلماء المبدعين إلى مكانتهم المرموقة في البيئة المدرسية الشائعة. وفي هذا الصدد نُقل عن إينشتين Einstein قوله: "إنني لا أكدس ذاكرتي بالحقائق التي أستطيع أن أجدها بسهولة في إحدى الموسوعات". وعليه فإن المدارس (والمعلمين) لم تكافئ كثيراً الطلاب المبدعين.

وتؤكد نتائج البحوث أن معظم الطلاب المبدعين حصلوا على تقديرات متوسطة أو ضعيفة في التحصيل الدراسي، وترد ذلك لأحد سببين: إما إن المدارس بمراحلها التعليمية المختلفة لم تستطع تمييز المبدعين وقدراتهم الإبداعية! ، أو لم تستطع مكافأة هؤلاء المبدعين وإشباع حاجاتهم وقدراتهم التفكيرية الإبداعية.

^ الإبداع والمعلم:

ترى الغالبية العظمى من التربويين أن التعلم الإبداعي لن يتم في ظروف صفية أو بيئة تعلم لا يتوفر فيها التدريس الإبداعي. وهذا يطرح سؤالاً حرجاً: كيف يكون المعلم معلماً مبدعاً؟ أو إلى أي درجة نستطيع إدخال وتبني التدريس الإبداعي في مدارسنا بمختلف مراحلها؟

لأغراض تعليم الإبداع والتفكير الإبداعي يُعرّف رومي Romey الإبداع بكلمات بسيطة، بأنه القدرة على تجميع الأفكار والأشياء والأساليب في أسلوب وتقنية جديدة . وبالتالي فالمعلم إذا استخدم أسلوباً أو تقنية جديدة تساهم في تفجير قدرات المتعلمين الإبداعية (حتى لو كان هناك من استخدم هذا الأسلوب ، أو تم وصفه في مرجع ما) يكون المعلم عندئذ معلماً مبدعاً. لذا يُنظر للمعلم باعتباره المفتاح الأساسي في تعليم الإبداع وتربيته.

ويرى المتخصصون في الإبداع أنه ما لم يمتلك المعلم حداً أدنى من معامل الإبداع Creativity Quotient على حد تعبير رومي فإن ذلك قد ينعكس سلبياً على التلاميذ بعامة وعلى المبدعين منهم بخاصة.

ولكي يحدد المعلم معامل الإبداع لديه، فإن عليه أولاً أن يحدد مدى إبداعه في النشاطات التدريسية التالية:

أولاً: الإبداع في ترتيب وتنظيم الموضوعات الدراسية:

* أسهل طرق التدريس إتباع المعلم والتزامه بتدريس الموضوعات كما هي مرتبة في الكتاب المقرر، أو في خطة المنهاج المدرسي.

* ترتيب الموضوعات والنشاطات التدريسية حسب اعتبارات معينة له دور مهم في إبداع المعلم، فمثلاً: حدوث هزة أرضية في المنطقة، أو ثوران بعض البراكين، أو غرق باخرة بالقرب من سواحل الدولة، أو خروج رحلة فضاء، أو نزول المطر .. الخ، يمكن للمعلم المبدع الاستفادة من هذه الأحداث وغيرها في إعادة ترتيب بعض الموضوعات بمرونة إبداعية، وهكذا يخرج عن الروتين التدريسي، ويتحرر من جمود الكتاب، وهذا ينطبق بالطبع بغض النظر عن التخصص الأكاديمي للمعلم (لغة عربية، علوم، رياضيات .. الخ).

* كم تقوم، كمعلم، بذلك؟ وكم يقوم المعلمون في مدارسنا بذلك؟

ثانياً: الإبداع في إثارة المشكلات:

ينبغي أن تُقدم الموضوعات على صورة مشكلات، أو أسئلة تتطلب الإجابة عنها. وكل طالب أو مجموعة من الطلاب يرى المشكلة برؤية قد تختلف عن رؤية الآخرين. وعلى المعلم أن يثير المشكلات بطرق إبداعية بدرجات متفاوتة بحيث تستفز وتلبي قدرات الطلاب وتُفجّر طاقاتهم الإبداعية.

ومن أمثلة المشكلات التي يمكن للمعلم إثارتها في صورة أسئلة إبداعية:

1 ـ كيف ينتقل الماء من التربة إلى قمة الشجرة ضد الجاذبية الأرضية؟

2 ـ لماذا خلق الله البشر بزوج من العيون، لا بعين واحدة؟

3 ـ ماذا يحدث لو دارت الأرض حول نفسها بسرعة تعادل 24 مرة سرعة دورانها الحالية؟

5 ـ كيف يمكنك الاستفادة من الزجاجات الملقاة في صندوق القمامة؟

6 ـ لماذا تتدلى سيقان نبات التين البنغالي وتنغمس في التربة؟

7 ـ اكتب قصة قصيرة لا تزيد كلماتها عن خمس كلمات.

8 ـ عبّر فنياً بالرسم عن علاقة القط بالفأر.

9 ـ كيف يمكنك قياس مساحة دائرة دون استخدام أية قوانين هندسية؟

10 ـ ماذا تتوقع أن يحدث لو انعدمت الجاذبية الأرضية؟

ثالثاً: الإبداع في تخطيط الدروس:

يُنظر إلى التخطيط الدراسي باعتباره خطة مرشدة وموجهة لعمل المعلم، وهذه الخطة ليست قواعد جامدة تُطبق بصورة حرفية، بل هي وسيلة وليست غاية، تتسم بالمرونة والاستعداد للتعديل والتطوير والتحسين في ضوء المتغيرات المستجدة.

وهذا يعني أن إتباع المعلم لخطة دراسية جامدة لعدة حصص دراسية، يعني أنه يبتعد عن الاتجاهات الإبداعية في التدريس. وهذا يعني أن التدريس الإبداعي يتطلب عدة خطط للحصة الواحدة بحيث تلائم حاجات واستعدادات الطلاب العاديين والمبدعين.

* إلى أي درجة يبتعد المعلمون عن الخطط الدراسية التقليدية؟ وإلى أي مدى يخرجون بشكل جذري عن الخطط اليومية؟ وهل يتم هذا الخروج بتقديم نشاطات تدريسية إبداعية للطلاب لحث أفكارهم وطاقاتهم الإبداعية؟

رابعاً: الإبداع في السلوك التدريسي الصفي:

المعلم المبدع يمكن أن يعوض أي نقص أو تقصير مُحتمل في النشاطات التدريسية والإمكانات المادية الأخرى. والسلوك التدريسي الصفي للمعلم يتطلب إبداعاً في إدارة الصف من جهة، ومرونة وحساسية للأنماط التعلمية للطلاب فرادى وجماعات. والمرونة تعني انتقال المعلم من دور الملقن للمعلومات إلى دور المستمع المناقش الموجه للنشاطات الميسر للتعلم المرافق في البحث والاستقصاء، المشجّع لأسئلة ونشاطات وإجابات طلابه على تنوعها وجدتها.

* إلى أي درجة، كمعلم، تعتبر سلوكك التدريسي إبداعياً؟ وإلى أي درجة أنت مرن في إدارة الصف؟ وإلى أي مدى تتصلب في إدارته؟ وكيف هي علاقاتك بطلابك؟

خامساً: الإبداع في النشاطات المخبرية:

يعتبر المعمل وما يصاحبه من نشاطات مخبرية القلب النابض في التدريس الإبداعي وتدريس العلوم بخاصة، وينبغي أن يتضمن التدريس الإبداعي نشاطات مخبرية ومشاكل علمية تتطلب فرض الفروض وطرح الأسئلة والتقصي والتجريب، على أن تُقدم هذه النشاطات بأفكار وأساليب مبدعة.

وتنمو المواهب الإبداعية لدى المتعلم إذا أُعطي الفرص لأن يعمل وينقب بنفسه، ويسجل ملاحظاته، ويقيس، ويصنف، ويستنتج، ويتنبأ، ويضع الفرضيات، ويصمم التجارب، وينفذها، وهكذا ينمو التفكير الإبداعي للمتعلم، ويقوم بدور المكتشف.

وعليه، إلى أية درجة، كمعلم علوم، تُقدم النشاطات المخبرية بطرائق غير تقليدية، وهل تسمح نشاطاتك المخبرية لتطبيق عمليات العلم الأساسية والتكاملية؟

سادساً: الإبداع واستراتيجية توجيه الأسئلة:

لكي يطرح المعلم أسئلة إبداعية، أسئلة تتطلب صياغة للفروض والتفكير والتقصي والتجريب، عليه أن يسأل أسئلة متنوعة المستويات العقلية للطلاب المختلفين، فليس جميع الطلاب يُحث تفكيرهم أو تُفجّر طاقاتهم الإبداعية بنفس النوع والمستوى من الأسئلة، ويتطلب ذلك الاحتفاظ بسجل دراسي يوضح مراحل التطور التي تطرأ على تفكير كل طالب؟

والآن حدد المستويات العقلية التي تخاطبها أسئلتك لدى طلابك؟ ونوعية الأسئلة التي توجهها لطلابك خلال المواقف التدريسية المختلفة؟ وإلى أي مدى تراعي توافق الأسئلة مع المستويات العقلية والإبداعية لطلابك؟



سابعاً: الإبداع في التقويم:

يهدف التقويم الإبداعي إلى مقارنة أداء الطلاب بالأهداف الإبداعية التي يسعى المعلم إلى تحقيقها لدى الطلاب، ولكي يكون التقويم شاملاً ينبغي تقويم تعلم الطلاب من جميع الجوانب، وهذا يشمل تقويم مدى كسبهم للمعارف وعمليات العلم ومهارات التفكير الإبداعي، واستخدام الأسلوب العلمي في حل المشكلات، ومدى كسبهم للميول والاتجاهات الإبداعية الإيجابية.

ثامناً: التقدير العام لإبداع المعلم:

يمكن تقدير إبداع المعلم (مع أخذ المعايير السبعة السابقة) من خلال إبداع طلابه، فالطلاب المبدعون بصورة أو بأخرى يعكسون لحد كبير درجة إبداعية المعلم.

وأخيراً يتسم المعلم المبدع بأنه: لا يرى نفسه المصدر الوحيد لمعارف طلابه، ويقدر الطلاب المبدعين، ويتمتع باتجاهات إيجابية نحو الإبداع والمبدعين، ويسمح لطلابه بالحرية في العمل والتفكير واختيارات نشاطات التعلم، وقادر على توفير بيئة تعلم إبداعية، ويشجع الأفكار الغريبة والجديدة والمبادأة الذاتية لطلابه.

ولضمان المناخ الإبداعي في المدرسة وبالتالي تنمية الإبداع وتفجير الطاقات الإبداعية، فإنه يتطلب من مدير المدرسة ومساعدوه مساعدة المعلمين على ممارسة التدريس الإبداعي وتوفير متطلبات ممارسته في الصفوف، وعليه أن يُشعر معلميه بأنه يقدّر الإبداع وتدريسهم عندما يُبدعون، ويستعد لتقبُّل الأفكار المخالفة لرأيه، ويهيئ جو المدرسة مادياً وعقلياً ووجدانياً للطلاب المبدعين، ويشجّع أعمال الطلاب ومعلميهم التي تتصف بالإبداعية ويفخر بها أمامهم في وجود المسئولين عن المؤسسة التعليمية كلما أمكن.

* معوقات الإبداع والتفكير الإبداعي:

مراجعة البحوث التربوية أوضحت أن من معوقات الإبداع ما يلي:

أولاً : نقص البحوث في مجال الإبداع العلمي:

نقص البحوث التربوية التي تتناول قضايا الإبداع في التخصصات المختلفة، وبخاصة في الماضي، كان له دور في إهمال المعلمين للقدرات الإبداعية لطلابهم والفشل في التعامل معهم. لكن هذا الأمر تغير كثيراً في السنوات الأخيرة عالمياً وإن ظل معلمينا للأسف في دولنا النامية غير واعين لهذه الدراسات ومضامينها التربوية، أو لا تهمهم نتائجها، ولذلك كثرة منهم يتمسكون بأفكار تقليدية أو غير واقعية عن تعليم الإبداع أو تنمية التفكير الإبداعي!! .

ثانياً : التدريس التقليدي :

* التدريس التقليدي في مدارسنا والذي يتمثل في بعض جوانبه الطلب من الطلاب وبإصرار أن يجلسوا متسمرين في مقاعدهم، وأن يمتصوا المعرفة الملقاة لهم كما يمتص الإسفنج الماء يعوق النشاط الإبداعي ونمو القدرات الإبداعية.

* ربما ساهم نمط القيادة التربوية لدى مديري المدارس الإتباعي المُقلد في الحفاظ على هذا النمط الشائع من طرائق التدريس حيث يرون انحصار دورهم في تنفيذ توجيهات رؤسائهم حرفاً بحرف.

* يرى بعض المدرسين وقد يشاركهم في ذلك مديرو المدارس أن تنمية قدرات الطلاب الإبداعية عملاً شاقاً ومضنياً، فالطالب المبدع لا يرغب في السير مع أقرانه في مناهج تفكيرهم، وقد يكون مصدر إزعاج للمعلم والمدير على السواء، وغالباً ما يرفض التسليم بالمعلومات السطحية التي ربما تُعرض عليه، كما يسبب بعض هؤلاء الطلاب حرجاً لبعض المعلمين بأسئلتهم غير المتوقعة، والحلول الغريبة التي يقترحونها لبعض المشكلات، ويعتقد تورانس أن هذا كله ربما يؤثر على الصحة العقلية للمبدع.

* كما أن المدرسة التي يسيطر عليها جو الصرامة والتسلط هي غالباً ما تكون أقل المدارس في استثمار الإبداع وقدرات التفكير الإبداعي لدى طلابها.

ثالثاً : تغطية المادة التعليمية مقابل تعلمها:

تكدس المنهج يعوق غالباً المعلمين عن تنمية القدرات الإبداعية لدى الطلاب، خاصة عندما يشعرون بأنهم مُلزمون بإنهاء المادة من ألفها إلى يائها. وبخاصة أنه لا يوجد في الأدب التربوي ما يؤكد أن تغطية المادة وقطعها بالكامل تعني أن الطلاب قد تعلموها. وعلى المعلم الذكي المبدع أن يدرك هذه الحقيقة. وعلى الرغم أن المعلمين المبدعين قد لا يُغطون مادة علمية كثيرة ، إلا أن طلابهم يحتفظون بالمعلومات والمهارات التي كانوا قد تعلموها، علاوة على نمو مواهبهم وقدراتهم التفكيرية الإبداعية.

رابعاً : المناهج والكتب الدراسية :

تشير الدراسات التقويمية لمناهجنا إلى أنها لم تُصمم على أساس تنمية الإبداع. والأدب التربوي في مجال الإبداع يؤكد على الحاجة إلى مناهج تدريسية وبرامج تعليمية هادفة ومصممة لتنمية التفكير الإبداعي لدى الطلاب.

لذا ينبغي تطوير مناهجنا بحيث تسمح بإعطاء فرص التجريب العلمي والرياضي والأدبي والفني ..، وتتضمن نشاطات مخبرية مفتوحة النهايات، وتشجع أسئلة الطلاب وتقدم لهم الفرص لكي يصوغوا الفرضيات ويختبروها بأنفسهم.

خامساً : الاتجاهات نحو الإبداع

* يعتقد بعض المعلمين أن القدرات الإبداعية لدى الطلاب موروثة وأن بيئة التعلم لها أثر قليل في تنمية هذه القدرات الإبداعية، ويرى البعض الآخر أن الموهبة تكفى دون تدريب للإبداع، وهما معتقدين خطأ.

* كذلك، فإن هناك عدد غير قليل من المعلمين وبخاصة ذوي الاتجاهات السلبية نحو الإبداع لا يعرفون كيفية تديل الطرق التي يتبعونها، والمواد التعليمية التي يستعملونها لتشجيع الإبداع.

* كما إن الامتثال لاتجاهات وضغوط مجموعات الرفاق على الطالب المبدع للمواءمة والتكيف مع زملائه يؤثر على إبداعه.

سادساً : عوامل أُخرى متصلة بالنظام التربوي

1 ـ التدريس الموجه فقط للنجاح والتحصيل المعرفي المبني على الاستظهار.

2 ـ الاختبارات المدرسية وأوجه الضعف المعروفة فيها.

3 ـ النظرة المتدنية للتساؤل والاكتشاف، واللذان يُقابلان بالعقاب أحياناً من قِبل المعلمين.

4 ـ الفلسفة التربوية السائدة في المجتمع ونظرته ومدى تقديره للمبدعين.

نتائج بحثية هامة :

1 ـ جميع الطلاب على اختلاف أعمارهم وعروقهم، مبدعون لحد ما، بمعنى أن قدرات التفكير الإبداعي موجودة عند جميع الطلاب مهما اختلفت أعمارهم وعروقهم وجنسهم.

2 ـ الطلاب متفاوتون في القدرات الإبداعية، بمعنى أن الفروق الموجودة بينهم هي فروق في الدرجة لا في النوع، أو فروق كمية لا كيفية، وعليه، يتوزع الطلاب بالنسبة لصفة الإبداع توزيعاً طبيعياً.

3 ـ للبيئة أهمية كبيرة في تنمية الإبداع والتفكير الإبداعي، وبالتالي تؤثر على الصحة العقلية والقدرات الإبداعية للطلاب.

4 ـ يتعلم المتعلمون بدرجة أكبر وفاعلية أعلى في البيئات التي تهيئ شروط تنمية الإبداع. فقد تتوفر عند المتعلم القدرات العقلية التي تؤهله للإبداع، إلاّ أن البيئة (البيت، المدرسة، مجموعة الرفاق، المجتمع) قد لا يتوفر فيها التربة الصالحة للإنتاج الإبداعي الخلاق.

مقترحات لإزالة المعوقات التي تواجه تنمية التفكير الإبداعي:

1 ـ تعليم الإبداع والتحريض على ممارسته من خلال برامج تعليمية تُعد لهذا الغرض في جميع مراحل التعليم، وذلك يستند إلى كون الإبداع ظاهرة يمكن تعليمها وتعلمها.

2 ـ تعديل وتطوير المناهج الدراسية لتصاغ بطرق تفجر وتنشط القدرات الإبداعية لدى الطلاب، ولحدوث ذلك لا بد من اقتناع الجهات الرسمية المشرفة على وضع البرامج الدراسية والمناهج التعليمية.

3 ـ توفير مناخ تعليمي تعلمي اجتماعي يشجع على تنمية القدرات الإبداعية بين المعلم وطلابه، وبين المعلم والإدارة التربوية، وبين المدرسة والمنزل.

4 ـ تطوير برامج خاصة لإعداد المعلمين المبدعين والاستمرار في تدريبهم ونموهم المهني، وتطوير وتعديل اتجاهات المعلمين نحو الإبداع والمبدعين.

تنمية الإبداع والتفكير الإبداعي

ترى غالبية التربويين المختصين بعلم النفس وطرائق التدريس، أنه يمكن تنمية الإبداع داخل المدرسة إما:

1 ـ بطريقة مباشرة: عن طريق تصميم برامج تدريبية خاصة لتنمية الإبداع والتفكير الإبداعي. أو :

2 ـ باستخدام بعض الأساليب والوسائل التربوية مع المناهج المستخدمة بعد تطويرها، ومنها :

أ ـ استخدام النشاطات مفتوحة النهاية.

ب ـ طريقة التقصي والاكتشاف وحل المشكلات.

ج ـ استخدام الأسئلة المتباعدة (المتشعبة)، والتحفيزية؟ (مثل: ماذا تعمل لو نزلت على سطح القمر؟ أو لو قابلت إديسون؟

د ـ الألغاز الصورية: وهي شائعة في اللغة العربية والعلوم والرياضيات ..(كعرض صورتين إحداهما للحمامة، والأخرى للخفاش للمقارنة بينهما).

هـ ـ العصف الذهني: وهذا يتطلب من المعلم إرجاء نقد وانتقاد أفكار الطلاب إلى ما بعد حالة توليد الأفكار، والتأكيد على مبدأ "كم الأفكار يرفع ويزيد كيفها، وإطلاق حرية التفكير، والترحيب بكل الأفكار مهما كانت غرابتها وطرافتها، والمساعدة في تطوير أفكار الطلاب والربط بينها.

و ـ اختلاق العلاقات: باختلاق علاقة بين شيئين أو أكثر (صور، كلمات، أشياء ..) كأن يُسأل الطالب عن ماهية العلاقة بين الورق والقماش مثلاً، أو القمر والبحر.. .

ز ـ تمثيل الأدوار : حيث يقوم الطلاب بتمثيل أدوار شخصيات معينة لدراسة موضوعات أو قضايا اهتموا بها دون الالتزام بحفظ نص معين، بل يُترك المجال لإبداعاتهم وما يفكرون فيه .

مصادر للاستزادة حول قضايا الإبداع والتفكير الإبداعي

1 ـ عناوين لمواقع شبكية تتناول قضايا الإبداع والتفكير الإبداعي

1 ـ الإبداع والابتكار ضرورة حتمية

http://www.qcharity.org/maga/mag_0899/mag_free_page.htm

2 ـ اساليب تنمية التفكير الإبداعي

http://www.edueast.gov.sa/asaleeb.htm

3 ـ التفكير الابداعي

http://www.e-wahat.8m.com/altafkeer%20al%20ebdaey.htm

4 ـ تقنية القبعات الست للتفكير

http://www.e-wahat.8m.com/alqubat%20...20ltafkeer.htm

5 ـ مصادر للإبتكارية والإبداع (E)

http://members.ozemail.com.au/~cavem...ve/index2.html

6 ـ الإبتكارية والإبداع وحل المشكلات

http://www.quantumbooks.com/Creativity.html#0

7 ـ الإبداع والإبتكار

http://www.teamspinnaker.net/creative.htm

8 ـ وصلات للإبتكارية

http://www.j4.com/Psychology/Creativity.htm

9 ـ مصادر للإبتكار والإبداع

http://www.au.af.mil/au/awc/awcgate/awc-thkg.htm

http://www.buffalostate.edu/orgs/cbir/

10 ـ مشروع لمنهج التفكير الإبداعي

http://www.uspto.gov/web/offices/ac/...k/invthink.htm

11 ـ جريدة الإبداع

http://www.innovation.cc/whatsnew.htm

12 ـ مراكز عالمية للتفكير الإبتكاري

http://www.usd.edu/thinking/CreativeThinking.html

13 ـ التعلم الإبتكاري

http://www.creativelearning.com/

14 ـ Creativity and Innovation in Instructional Design and Development: The Individual in the Workplace !!!!

http://www.k12.com.cn/k12etc/article...0Workplace.htm

15 ـ التدريس الإبتكاري !!!

http://www.goshen.edu/~marvinpb/arted/tc.html

16 ـ Interactive Instruction

http://www.sasked.gov.sk.ca/docs/entre36/atien6.html

2 ـ كتب وبحوث

1 ـ عبد الستار إبراهيم. "ثلاثة جوانب من التطور في دراسة الإبداع"، عالم الفكر، المجلد 15، العدد 4 ، 1985 .

2 ـ ـ عبد الستار إبراهيم. "التوجيه التربوي للمبدعين"، مجلة العلوم الاجتماعية . جامعة الكويت، العدد 1 ، 1979.

3 ـ أحمد أبو زيد . "الظاهرة الإبداعية". عالم الفكر ، المجلد 15 "، العدد 4، 1985.

4 ـ صائب أحمد الألوسي. "أساليب التربية المدرسية في تنمية قدرات التفكير الإبتكاري". رسالة الخليج العربي. المجلد 5، العدد 15، 1985.

5 ـ بول أ. تورانس . دروس عن الموهبة والابتكار نتعلمها من أمة ذات 115 مليون فائقي الإنجاز. ترجمة عبد الله محمود سليمان. مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت. المجلد 8، العدد 3، 1980.

6 ـ سيد خير الله، بحوث نفسية وتربوية: اختبار القدرة على التفكير الابتكاري، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1981.

7 ـ سيد خير الله، بحوث نفسية وتربوية: قائمة السمات الشخصية المبتكرة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1981.

8 ـ زين العابدين درويش. تنمية الإبداع: منهجه وتطبيقه. دار المعارف، القاهرة، 1983.

9 ـ حسين الدريني. الابتكار: تعريفه وتنميته. حولية كلية التربية، جامعة قطر، المجلد 2، العد 1، 1982.

10 ـ عايش محمود زيتون. تنمية الإبداع والتفكير الإبداعي في تدريس العلوم. عمان: الجامعة الأردنية، 1987.

إعداد

د. يسري مصطفى السيد

جامعة الإمارات العربية المتحدة ـ كلية التربية

http://yousry.Bravepages.com/index.htm

http://yomoal.members.easyspace.com/index.htm

http://khayma.com/yousry/index.htm

E-Mail : yomoal@hotmail.com

Yousry62@emirates.net.ae

رد مع اقتباس
  #230  
قديم 16-04-2005, 05:13 AM
فالح العاوي فالح العاوي غير متصل
مصمم جرافيكس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 870
معدل تقييم المستوى: 20
فالح العاوي is on a distinguished road

انشهد انك مذهل ............يا القادم مذهل..........


ماشاء الله جيت على الوتر ......الي حنا نغنيبه.......


وترى حفظت كل اللي قلته عندي ...في المستندات......تعرف مدرس ولزوم الشغــــــــــل.....




تحياتي يا أبو بدر

 

التوقيع

 




 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 02:29 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع