القصور :
إذا كان للعرب تراث في فن البناء والهندسه المعمارية فذلك لم يعرف لهم إلا في اليمن ، ولم تبلغ بعد مساعي المنقبين والباحثين درجة كافية لإعطائنا من المعلومات ما نستطيع أن نبني عليه حكما عادلا ونحن نعلم أن فن البناء في جنوب الجزيره لم يرثه أبناء الشمال الذين كان مساكنهم في الغالب بيوت الشعر وهياكلهم الهواء الطلق ومدافنهم رمال البادية أما مع الإسلام فإن الفن العربي تجلى أحسن ما يكون في العمارة الدينية وقد أنشأ المهندسون طريقة البناء فيها بساطة وجلال .. ويمكن القول أن تطور المسجد هو سجل تاريخي لتطور الحضارة الإسلامية وعلاقاتها مع الأمم المختلفة .. وإذا استثنينا المساجد وغيرها من الأبنية الدينية ، فإن الأمويين لم يتركوا في الفن البنائي سوى آثار قليلة منها القصور التي بناها على ضفاف البادية أمراء البيت المالك ، شأنهم في ذلك شأن أمراء غسان من قبلهم فالظاهر أنه لم يسكن دمشق منهم سوى معاوية وعبدالملك ، أما "الخضراء" دار الخلافة للجامع الكبير في دمشق فلا أثر لها اليوم ، كذلك تلاشت أطلال "القبه الخضراء" التي بناها الحجاج في واسط دارا له.
إلا أن تخوم بادية الشام حافلة ببقايا قصور كانت في الأصل حصونا رومانية على الحدود فعمد اليها المهندسون الذين استخدمهم الأمويون فأعادوا عمرانها وابتنوها من جديد على الطراز البيزنطي أو الفارسي ، وبالقرب من عين التمر آثار قصر يعرف باسم "الأخيضر" وهو في الطرف الشرقي من بادية الشام وليس محققاً أن تكون هذه الآثار عائدة إلى آخر العصر الأموي أم أول العهد العباسي.
وهناك آثار أوفر عدداً على ضفاف بادية الشام الجنوبية الغربية فقد بنى هناك يزيد بن عبد الملك أو رمم قصراً يسمى (الموقر) ما تزال منه بعض بقايا إلى اليوم أما ابنه الوليد الثاني الذي كان منصرفاً إلى الصيد وغيره من الملاهي، فقد أقام في قصرين متجاورين هما (قسطل) و (الأزرق) .. وكانا من حصون الرومان في شرق الأردن .. وإلى الوليد بن يزيد يعزي ابتناء قصر آخر في هذه البقعة يعرف باسم (المشتى)، وهو أول قصر في هذه الربوع زاره الأثريون .. ولم يكن بناؤه قد أكمل عند وفاة الخليفة، وقد نقلت واجهة هذا الصرح الفخم إلى متحف القيصر فريجريك في برلين.
قصر عمرة :
من المباني الأموية المشهورة قصر (عمرة) في الجانب الشرقي من نهر الأردن وهو على خط مستقيم من ضفة البحر الميت الشمالية وقد بناه الوليد بن عبد الملك، على الأرجح وما يمتاز به هذا القصر التصاوير الطينية الرائعة، فعلى جدرانه صور ليست شخصيات تاريخية، منها صورة للملك لذريق أو رودريك آخر ملوك أسبانيا من القوط الغربيين، وهو الذي قضى عليه القائد طارق بن زياد في معركة (وادي بكة) بالأندلس وهناك نقش للقيصر البيزنطي وآخر للنجاشي، ونقش لكسرى كما تحوي الجدران أشكالاً رمزية تمثل الفلسفة والتاريخ والشعر، وفي صورة لمشهد صيد نرى أسداً واثباً على حمار وحشي، ومن آثار الفن أيضاً صور تمثل الراقصات والموسيقيين وأهل الطرب أما الزينة فقوامها أوراق النبات متدلية من مزهريات وأشجار النخيل والعنب، وعليها عناقيد الثمر، والغار وطيور البادية، وأكثر الكتابات بالعربية وفيها بضعة أسماء يونانية، وليس في العالم الإسلامي صور محفوظة كهذه الصور.
قصر الحير وخربة المفجر :
كشف في الحقبة الأخيرة عن قصرين لهشام بن عبد الملك، أحدهما (قصر الحير) الغربي، على بعد نحو أربعين كيلومتراً إلى الشرق الشمالي من القريتين على الطريق بينهما وبين تدمر وقد كشف عنه الفرنسي دانيال شلومبرجه، ونقلت بعض بقاياه إلى دمشق حيث نصبت في مدخل المدينة الغربي .. والآخر يعرف بخربة المفجر قرب أريحا، وقد كشف عنه الأثريان هاملتون وبرامكي بين سنتي 5391 و 2491.. وفيه عدا البلاط الملكي جامع وحمام، ويمتاز الحمام عن غيره من الحمامات المعروفة في القصور الأخرى المتخلفة عن البلاط الملكي جامع العهد باتساعه وتمام تجهيزه ويمتاز فوق ذلك بالفسيفساء التي كشف عنها في بعض غرفه، فقد زينت أرض المربع في إحداها بصورة سجادة على غاية ما يكون من الدقة والروعة .. وفي جانب هذه الغرفة نفسها ديوان للجلوس بشكل نصف دائرة تقريباً رصعت مقاعده وأرضه بالفسيفساء .. أما الرسم الذي في الأرض فهو شجرة من الأترج أو البرتقال تحمل الثمر يحيطها ثلاثة غزلان قد سطا أحدها أسد يفترسه .. والظاهر أن فنانين من بيزنطية قد استجلبوا لصنع الرسوم بالفسيفساء، وهي تعتبر من أجمل ما تحدر إلينا من هذا الفن .. ويذهب الأثريون الذين كشفوا عن هذا القصر أن الزلزال الذي حدث سنة 647 هـ قد هدم هذا القصر قبل أن يتم بناء الطابق الأعلى فيه.
مجمل القول أن قصور بني أمية في المشرق لم يبق منها اليوم سوى الخرائب والأطلال فما شهده الشرق من أحداث دامية وغزوات متكررة كان من نتيجته القضاء على معالم ضارية مهمة ولو بقيت تلك القصور قائمة لأعطت صورة واضحة للعالم عن خصائص الفن المعماري في عصر بني أمية ومع ذلك فإن ما تبقى من تلك القصور يعكس ملامح عظمة دولة كان لها امبراطورية تمتد إلى الهند والصين شرقاً وإلى أواسط أوروبا غرباً.
الفن والعمارة :
ظلت الدولة الإسلامية، في أول أمرها، مشغولة بحروبها طيلة عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما .. ثم شغلت بالخلاف بين علي و معاوية ولذلك لم يفكر أحد في اقامة عمائر تضارع بيوت العبادة في بلاد الشام أو فارس وظلت الحال على ذلك ، الى عهد الدولة الأموية ، حيث أقام عبد الملك بن مروان سنة 27هـ (169م ) قبة حول الصخرة ، ورصد لبنائها خراج مصر لسبع سنوات ، وقد بقي من المبالغ المخصصة لبنائها مائة ألف دينار ، فأمر بها عبد الملك جائزة للرجلين المشرفين على البناء، وهما " رجاء بن حيوة الكندي" أحد علماء الإسلام من بيسان، و " يزيد بن سلام" من القدس، ولكنهما رفضا، فأمر عبد الملك بن مروان بأن تسبك ذهباً وتفرغ على القبة والأبواب.
تصميم القبة :
تعد قبة الصخرة من أعظم العمائر الإسلامية في الجمال والفخامة وإبداع الزخرفة، كما تمتاز عنها بوساطة التصميم وتناسق الأجزاء .. وهي تتكون من مبنى حجري مثمن الشكل، قوامه تثمينة خارجية من الحجر، وفي الداخل تثمينة داخلية ثانية من الأعمدة والأكتاف ويتوسط التثمينتين دائرة من الأعمدة والأكتاف أيضاً، تعلوها قبة، وبين التثمينتين الخارجية والداخلية رواق وبين التثنية الداخلية والدائرة المقام عليها القبة رواق آخر .. وقد خصصت هذه الأروقة للصلاة ولمرور الناس حول الصخرة.
أما الصخرة نفسها فهي غير منظمة الشكل، يبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب 7,71 م، وعرضها من الشرق إلى الغرب 5,31 م، وأقصى ارتفاع لها عن أرض البناء 5,1 م. وحجر الصخرة مكسو بالرخام الملون على ارتفاع ذراعين، ويحيطها سور خشبي بديع النقش والزخرفة.
وفي آخر الصخرة المرخمة، من الشمال الغربي، حجر صغير على ستة أعمدة صغيرة، قيل أنه أثر قدمي النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وقبالة القدم المشار إليه مرآة من سبعة معادن يسمونها " درقة حمزة"، وهي محمولة على ثلاثة أعمدة جميلة، منها إثنان (زوجان في جسد)، والمحراب الذي يصلى به أمام الصخرة يقع على يمين الداخل من الباب القبلي داخل السور الخشبي السالف الذكر وتجاه المحراب باب مغارة الصخرة الشريفة هناك عقد من الرخام محمول على عمودين ينزل منه إلى باطن المغارة بأربع عشرة درجة.
والمعروف أن الأرض التي فوقها الصخرة وسائر أجزاء المغارة مفروشة بالرخام .. ومن آيات الإعجاز في تصميم بناء قبة الصخرة أنه روعي فيه أن يكون في دائرة دعامات القبة لفت بسيط، حتى لا تحجب الأعمدة الواقفة أمام الرائي الأعمدة الأخرى المقابلة لها في الطرف الآخر .. ولذلك يتسنى لمن يدخل من أي باب من أبوابها، أن يرى كل ما في من أعمدة وأكتاف سواء منها ما كان أمامه تماماً أو ما كان من في الجهة المقابلة وقد كان الجدار الخارجي من جدران البناء مغطى بالفسيفساء، ثم استبدلت بلوحات القيشاني، في عهد السلطان سليمان القانوني، وما تزال قبة الصخرة غنية بزخارف الفسيفساء في كثير من أجزائها الداخلية .. والروابط الخشبية الضخمة التي تربط تيجان الأعمدة بعضها ببعض حليت بصفائح معدنية فيها نقوش بارزة غاية في الدقة والإبداع .. وتحتوي قبة الصخرة على كتابة كوفية يبلغ طولها 42 متراً من الفيسفساء المذهبة، على أرضية زرقاء داكنة، وذلك بأعلى التثمينة الداخلية، وقوام هذه الكتابة آيات قرآنية، كما تضم أيضاً عبارة تشير إلى تاريخ إنشاء البناء، سنة 27 هـ في حكم عبد الملك بن مروان.
أما السبب الذي من أجله أقام عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة في الحرم الشريف ، فقد كثرت فيه الروايات، تقول إحدى هذه الروايات أنه عندما ثار عبد الله بن الزبير بالحجاز ضد الأمويين، وأخذ البيعة لنفسه، أذاع عبد الله بن الزبير في الناس أن عبد الملك قصد من بناء القبة والمسجد الأقصى إلى صرف الناس عن حج البيت الحرام إلى المسجد الأقصى والصخرة المقدسة متأسياً في ذلك بأبرهة حين بنى بيت صنعاء ليصرف الناس عن مكة على أنه من العسير القطع بصحة ما نسب إلى ابن الزبير، لأنه مات بعد ذلك بقليل .. وفي رواية أخرى ذكرها اليغقوبي أن عبد الملك منع أهل مصر والشام من الحج، لأن عبد الله بن الزبير كان يأخذهم إذا حجوا بالبيعة، ولما منع عبدالملك الناس من الخروج إلى مكة ضجوا وقالوا: ( تمنعنا من حج بيت الله الحرام، وهو فرض من الله علينا ) ، فقال : ( هذا ابن شهاب الزهري يحدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) ، وهذه الصخرة التي يروى أن رسول الله وضع قدمه عليها لما صعد إلى السماء، تقوم لكم مقام الكعبة .. لذلك بنى عبد الملك على الصخرة قبة، وعلق عليها ستور الديباج، وأقام لها سدنة، وأخذ الناس يطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة .. ويبدو أن هذه الرواية من وضع خصوم بني أمية، لأن عبد الملك كان من التابعيين [ولد سنة 62 هـ]، ومن غير المعقول أن يقدم رجل مثله على محاولة تغيير أحد أركان الدين الخمسة، فضلاً عن أنه يعلم أن الحج هو الوقوف بعرفة، لا الطواف حول الكعبة .. والمرجح أن عبد الملك أراد ببناء قبة الصخرة أن يجد فيها المسلمون ممن يخشون على أنفسهم من ثورة الحجاز بعض العوض عن زيارة الكعبة .. ومهما يكن من أمر فإن القبة ظلت بعد ذلك أربعة قرون في يد المسلمين ، محاطة بالإجلال والتعظيم حتى أنه لم يكن يسمح لغير المسلم أن يطأ أرضها.
جدار البراق :
هو حائط كبير مبني من حجارة ضخمة، يبلغ طوله نحو 651 قدماً، وارتفاعه 56 قدماً والمسلمون يقدسونه نظراً لعلاقته الوثيقة بقصة إسراء الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى بيت المقدس وربما كان هذا الجدار, كما يعتقد بعض الناس، هو الحائط الخارجي للهيكل الذي رممه هيرودوس سنة 11 ق.م ودمره تيطس سنة 7 .م، وهو يؤلف جزءاً من الجدار الغربي للحرم القدسي.
الرسوم المائية :
في قصر عمره رسوم لمشاهد يد واستحمام، ورقص، ورسوم رمزية لآلهة الشعر والحكمة ، والنصر ومشاهد من التاريخ الإغريقي كما تحوي الرسوم بعض مراحل العمر: الفتوة والرجولة والكهولة، وفيها منظر لقبة السماء وبعض النجوم، فضلاً عن البروج المختلفة، ورسوم طيور وحيوانات، وزخارف نباتية متنوعة وأهم الرسوم في هذا القصر رسمان: الأول يمثل الخليفة على عرشه، وحول رأسه هالة، وفوقه مظلة يحملها عمودان حلزونيان، ويحف به شخصان .. وعلى عقد المظلة كتابة كوفية لحق التلف أكثر أجزائها، ويستنبط من الكلمات الباقية أنها كانت تشتمل على عبارات دعاء.
أما الرسم الثاني فهو صورة مشهورة باسم صورة أعداء الإسلام وقوام هذه الصورة ستة أشخاص ذوي ملابس فاخرة ومرسومين في صفين: ثلاثة في الصف الأول وثلاثة في الصف الثاني وفوق أربعة منهم كتابة بالعربية والإغريقية ما تزال باقية فالأول من اليسار وفي الصف الأمامي فوقه كلمة "قيصر" بالعربية واليونانية، والثاني في الصف الخلفي فوقه كلمة يظن أنها "لوذريق" وهو آخر ملوك القوط في أسبانيا، والثالث في الصف الأمامي فوقه كلمة "كسرى" وهو ملك الفرس، والرابع في الصف الخلفي فوقه كلمة "النجاشي" وهو ملك الحبشة.
المسجد الأقصى :
يقع المسجد الأقصى في الجهة الجنوبية من الحرم الشريف .. شرع في بنائه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك سنة 507 م فجاءت عمارته على طراز المسجد الأموي بدمشق والذي يرجع تاريخ بناءه إلى عهد الخليفة نفسه .. ويقوم المسجد على ثلاثة وخمسين عموداً من الرخام وتسع وأربعين دعامة مربعة الشكل. وكانت أبوابه في العصر العباسي مغلفة بصفائح من الفضة والذهب، ولكن الخليفة أبا جعفر المنصور أمر بنزعها وسكها دنانير تصرف على المسجد، لأنه خشي على بيوت الله من البهرج الزائد .. وفي القرن الحادي عشر للميلاد عبثت أيدي الصليبيين بالحرم الشريف فجعلوا قسماً منه كنيسة، واتخذوا القسم الآخر مسكناً لفرسان الهيكل ومستودعاً لذخائرهم.
أمر صلاح الدين الأيوبي بترميم وتجديد المسجد ، فجدد المحراب وكسى قبته بالفسيفساء ، وأحضر له منبر الحسين ، رضوان الله عليه ، من عسقلان ويعتبر هذا المنبر تحفة فنية رائعة ، فهو مصنوع من خشب الساج الهندي ومطعم بخشب الأبنوس وبالصدف والعاج ، ومزخرف بطريقة الحشوات المجمعة وتوالت أيدي التجديد والترميم على المسجد الأقصى منذ ذلك التاريخ فرممت جوانبه وفرشت أرضه بالطنافس والبسط المصنوعة في أقاليم العالم الإسلامي ، والتي كان ما يزال المسجد يحتفظ بها إلى ما قبل الإعتداء الصهيوني في أغسطس سنة 1969م.
في سنة 1927 طرأ على المسجد خلل ، فهبت الشعوب الإسلامية وأسهمت في جمع مبلغ مائة ألف دينار جدد بها المسجد وفي سنة 1936 تصدعت أروقة المسجد على أثر زلزال ، فقامت وزارة الأوقاف المصرية بتعميره ، كما أعادت هذه الوزارة بناء الجانب الشرقي الذي أحرقه الصهاينة سنة 1969 .
قصر مشتى :
لعل من أهم وأقدم العمائر المدنية التي ترجع الى عهد الدولة الأموية في بلاد الشام قصر مشتى الذي على بعد عشرين ميلا جنوبي عمان بالأردن .. ويتكون القصر من مساحة كبيرة يحدها سور مربع الشكل ، طول كل ضلع من أضلاعه نحو 144 مترا .. وتتخلل السور أبراج نصف دائرية ، ومدخل القصر الرئيسي يقع في الضلع الجنوبي .. وتنقسم المساحة المحصورة بين جدران هذا السور إلى ثلاثة أقسام ، المتوسط منها أوسعها ، وهو الوحيد الذي تم بناء بعض أجزائه أما الجانبان الآخران فلم يشيد فيهما أي بناء .. ويؤدي مدخل القصر إلى قاعة تفضي بدورها الى بهو، وتحف بالقاعة وبالبهو غرف أخرى ، وخلف البهو فناء كبير .. وإلى الشمال من هذا الفناء يرتفع بناء كنيسة (بازيليك) يتقدمها مدخل ذو ثلاثة عقود ، وتنتهي "البازيليك" بثلاث حنيات ، وهو شكل شائع في تخطيط الكنائس وعلى جانبي البازيليك مجموعة من المباني قوامها فناء مستطيل في وضع عمودي باتجاه "البازيليك" ، وفي كل من جانبي هذا الفناء ساحة في وضع عمودي بالنسبة الى الفناء ، وحول كل ساحة غرفتان مقبيتان.
وجدران القصر الداخلية وأقبيته من الآجر ، وفيه أعمدة من الرخام ، وأما عقوده وأركانه فمن الحجر الجيري.
إن أعظم مافي القصر المشتى من الناحية الفنية هو الزخارف المحفورة في الحجر الجيري ، في الواجهة الجنوبية التي يقع بها المدخل ، وكان ارتفاع هذه الواجهه ستة أمتار .. وقد أهدى السلطان عبد الحميد سنة 1903 هذه الواجهة إلى القيصر غليوم ، وقد حفظت في متحف القيصر فريدريك في برلين وأصبحت نواة القسم الشرقي في المتحف المذكور.
وتنقسم الواجهة الى مثلثات ، بعضها قائم على قاعدته ، وبعضها الآخر قائم على احدى زواياه وفي وسط أحد المثلثات زخرفة كبيرة على شكل وردة ، وفي داخلها رسوم مراوح نخيلية وكيزان صنوبر، ونجوم صغيرة وأزهار لوتس ونلاحظ أن المثلثات القائمة على قاعدتها جاءت زخرفتها شبه كاملة أما المثلثات الأخرى فإن أشكالها وزخرفتها لم تأت كاملة .