مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #31  
قديم 15-04-2005, 07:20 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الممارسة الإدارية

ثم إن الإدارة ـ كما تقدم ـ ممارسة، لا مجرد نظريات وآراء وفرضيات، فإن تبلور هذه لا تكون، إلاّ بالممارسة، أما من يملك هذه فقط بدون الممارسة، فيصلح أن يكون مستشاراً من الدرجة الثانية، إذ المستشار من الدرجة الأولى، هو الذي مارس وتصاعد في علمه بالتجارب، ومن هنا قيل: (دع الطبيب واسأل المجرّبا) فإنه وإن كان خطأ، إذ المجرّب بلا طبابة علمية، لا يؤمن من التطبيق الخطأ، مثلاً أنه رأى وجع رأس ولد له وإن شفاءه في العقار الفلاني، وإذا مرِض بمثل ذلك ولد آخر له أعطاه نفس العقار، بينما يمكن أن يكون الأوّل صداعه من الحرارة، فالعقار الفلاني دواء له، بخلاف الثاني، لإمكان كون صداعه من البرودة، فنفس ذلك العقار يزيده داءً.

وعلى أيٍّ، فالمدير الممارس، بحاجة إلى صفات جسمية كالصحة والطاقة المكافئة للعمل، وصفات عقلية من العلم والقدرة على تطبيق الصغريات على الكبريات، والتمكن من البت والحكم، والتقدير المناسب إلى غير ذلك، كما يلزم أن يكون حازماً، كما قال الشاعر:

وأحزم الناس من لم يرتكب عملاً***حتــى يفـــكر ما تجــني عواقبه

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 15-04-2005, 07:24 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

المواصفات العامة للإدارة

(مسألة): الإدارة يجب أن تكون مرنه، فإن الإنسان لم يخلق من الحجر والشجر، حتى يتمكن الشخص من المعاشرة معه بالعنف والشدة، بل إنّ الإنسان خلق من عصب، ولحم، ودم، وعقل، وعواطف، ومثل ذلك فالمدير يحتاج إلى المرونة الكاملة، حتى يتمكن من الإدارة الصحيحة، فإن الإنسان يتمكن أن يأخذ منشاره ويدخل البستان ويقطع ما شاء من الزوائد من الأغصان أو الأشجار ونحوها، كما أنه يتمكن أن يأخذ فأسه ويدخل في بناء ويحطم ما يشاء، لكن هل يتمكن الإنسان أن يفعل مثل ذلك تجاه إنسان مثله، هذا ما لا يمكن إطلاقاً، ولذا فالواجب على الإدارة أن تكون مرنة والمدير الناجح، هو المدير الذي يكون مرناً، وعليه فاللازم على المدير الناجح، أن يلاحظ هذه البنود الآتية:

الأول: التعاون، فإن التعاون بين المدير ومرؤوسيه كالتعاون بين المدير وعامليه، وبين العمال وبعضهم من أي قسم من أقسام الإدارة كانوا، بسبّب القوة والتقدم، مأخوذاً من مبدأ (الاتحاد قوة) وهذا المبدأ يؤكد الحاجة إلى العمل الجماعي وأهميّة الاتصال في الأصول. قال سبحانه: (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [1].

الثاني: المساواة، فإن اللازم على المدير، أن يجعل المساواة الكاملة نصب عينيه، بالنسبة إلى العمال المتساوين، لا أن يرجح بعضهم على بعض، في أية من الامتيازات، فإن الترجيح يوجب التفكك وابتعاد القلوب، مما يسبب ضعف الإنتاج، فاللازم على المدير الناجح، الحصول على ولاء مرؤوسيه من هذه الناحية، حتى يتفانوا في العمل وذلك ببذله مزيدا من العطف والعدل والإحسان، عند التعامل معهم، وليس معنى المساواة جعل غير المتساويين متساويين، بل معناه جعل المتساويين في الأداء متساويين في الحقوق، وإلا فجعل غير المتساويين متساويين في الحقوق ظلم وإجحاف بحق المتفوق.

الثالث: استقرار العمالة، بمعنى أن لا يكون المدير يخرج هذا تارة ويدخل ذاك أخرى حتى يسقط الاستقرار، فإن غير المستقر من العمال، لا يخدم العمل بمثل المستقر، من غير فرق بين أن يكون ذلك في المعمل، أو المصنع، أو المدرسة، أو الوزارة، أو غيرها، فإن عدم الاستقرار، راجع إلى سوء الإدارة وضيق الأُفق في المدير.

الرابع: المبادرات، بأن يفسح المدير أمام المرؤوسين المجال، ليتمكنوا من تطبيق أفكارهم، ومبادئهم وابتكاراتهم، فإن كثيرا من المرؤوسين عندهم ابتكارات ونفسيات صالحة للارتفاع، فإذا رأوا أمامهم المجال مفتوحا، تمكنوا من التقدم والتفوق، بعكس ما إذا لم يفسح المدير المجال أمامهم، حيث إنهم يبقون في درجة متأخرة، وتضمحلّ كفاءاتهم، وابتكاراتهم،بالإضافة إلى أن صاحب النفسية الرفيعة والابتكار، إذا لم يجد المجال أمامه مفتوحاً لم يهتم بالعمل، ولعل من أسرار جمود كثير من الأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية في العالم الثالث بصورة عامة، عدم رعاية هذا المبدأ، حيث إن الأفراد المنظمين يشعرون بالغبن بالتشكيل الهرمي، الذي يجعل من الرئيس رئيساً دائماً، ومن الطبقة المتوسطة، طبقة متوسطة دائماً، ومن القاعدة قاعدة دائماً، فالأفراد يزهدون في العمل، لأنهم لا يرون أمامهم المجال مفتوحاً وكثير منهم يرى نفسه أفضل من الوسط أو أفضل من القمة، بينما عليه هو أن يطيع، أما غير المنظّمين من الأفراد الخارجيين، فإنهم لا يلتحقون بالتنظيم، لأنهم يزهدون في هذا التشكيل الذي يرونه جامداً، ويقتل إبداعات وابتكارات أفراده، فيبقى الحزب جامداً من الداخل والخارج، والحزب الذي يكون جامداً، داخلاً وخارجاً، لا يرتقي إلى المستويات المتوخاة، بينما نرى العكس من ذلك في أحزاب ما يسمى بالعالم الحر، حيث إن الفرد يترقّى حسب كفاءاته، وإن التحق بالحزب متأخّراً، فكل مُنْظَمّ يجد المجال أمامه مفتوحاً للترقي، فيعمل غاية ما في وسعه ويخدم الحزب والمجتمع وتظهر كفاءاته، وكأنه مطارد في العمل، كما أن الأفراد غير المنظمين يرون المجال أمامهم مفتوحاً إذا انضموا إلى الحزب، فينضمون بهدف الترقي والتقدم.

الخامس: تقسيم العمل، بأن يكون المدير، قادراً على جعل الإنسان المناسب في المكان المناسب، وهذا هو المعبر عنه بالتخصيص أو التخصص، من غير فرق بين أن تكون الإدارة خاصة أو عامة، فنية أو خدمية [2]، أو في القطاع الحكومي. واللازم على المدير، أن يجعل كل فرد في المكان المناسب له، فالفرد غير المناسب إن كان أرفع انهدمت كفاءاته، واندثرت، وذلك خسارة في الإدارة وفي الحياة بصورة عامة، وإن كان أخفض، لم يتمكن من العمل حسب مقامه، لأنه ليس كفؤاً له، وبذلك يضيع العمل، فعدم التقسيم يؤدي إلى ضياع العمل، أو ضياع الفرد، وبالنتيجة كلاهما ضياع الفرد والعمل معاً.

السادس: السلطة والمسؤولية، فعلى المدير أن يعرف، أن السلطة بقدر المسؤولية، والمسؤولية بقدر السلطة، وهذا ما يعبر عنه بالحق والواجب، فإن السلطة والمسؤولية، مرتبطتان ارتباطاً عضوياً، والمسؤولية تتبع السلطة وتتدفق منها، كما أن السلطة مزيج من السلطة الرسمية المستمدة من مركز المدير، والسلطة الشخصية التي تتكون من الذكاء، والخبرة، والقيمة الخلقية، والخدمات السابقة، والتجارب، وما أشبه ذلك، فالمسلط غير المسؤول، كما أن المسؤول غير المسلط، لا يتمكن أن يسير بالإدارة إلى شاطئ السلام.

السابع: مراعاة النظام، ومعنى ذلك احترام الاتفاقات والنظم والأوامر، وعدم الإخلال بشيء من القواعد الموضوعة للإدارة، وهذا المبدأ يستلزم وجود رؤساء قديرين في كل المستويات الإدارية، فإنه إذا اختل النظام، إنهدم كل شيء، وعادت الإدارة من السيئ إلى الأسوأ، إلى حد الاضمحلال،

ومن الواضح أن الوزن، يلازم النظام في الأمور المعنوية، كما أن في الأمور المادية، الوزن يلازم التقدير الصحيح.

الثامن: الترتيب، وهذا تابع تلقائياً للنظام، والترتيب ينقسم، إلى الترتيب المادي، والترتيب الاجتماعي، بمعنى أن يكون هناك مكان معين لكل شيء ولكل شخص، ويكون كل شيء وكل شخص في مكانه الخاص به، فإن البعثرة في الأفراد، كالبعثرة في الأشياء، توجب تحطم الإدارة، قريباً كان أو بعيداً.

التاسع: تدرّج السلطة، بأن تكون سلسلة الرؤساء من أعلى الرتب إلى أدناها، تسلسلاً صحيحاً، لا أن الرؤساء جاءوا إلى السلطة، بسبب المحسوبية أو المنسوبية، كما نرى ذلك بالنسبة إلى الحكومات الثورية، التي لا يلاحظ فيها، إلاّ معايير الثورة، وبذلك تتحطم الإدارة تحطماً فظيعاً، ولذا نرى أن الثورات تبدأ بترحيب عظيم من المجتمع، ثم لا تزال في الضعف إلى حد الاضمحلال والسقوط، فترى أن الثوري يأتي إلى الإدارة بمن هو صديقه، أو رفيقه في السلاح، أو قريبه، أو خليله في التنظيم، أو ما أشبه ذلك، ومن الواضح أن مثل ذلك لا يتمكن من الإدارة، فتتحطم الإدارة، وبذلك يرتفع ضجيج الناس ويعملون لإسقاط الثوار.

العاشر: وحدة التوجيه، بأن تكون كل مجموعة من الأنشطة التي لها نفس الهدف، لها خطة واحدة ورئيس واحد، وهذا المبدأ يتعلق بالمنشأة، سواء كانت منشأة خدميّة، أو معنوية، أو حكومية، أو غيرها، وليس الأمر مرتبطاً بالعاملين.

الحادي عشر: وحدة السلطة الآمرة، وهذا الأمر مرتبط بالعاملين، وهو غير العاشر، ومعنى هذا أنه، يجب أن يستلم الموظف الأوامر من رئيس أو مشرف واحد فقط، فإن تعدد الآمرين والمشرفين، يوجب تبعثر الجهود وتحيّر العاملين، مثلاً المدرسة يجب أن يكون نظامها حسب سلطة واحدة، لا أن جماعة في مقام السلطة، يقررون كتاباً لهذا الصف، وجماعة أخرى يقررون كتاباً آخر، هذا بالنسبة إلى وحدة التوجيه، أما بالنسبة إلى وحدة السلطة الآمرة، فهو عبارة عن مدير عام واحد، يوزع المعلمين على الصفوف ويراقب تعليمهم، ولا يراد بذلك في كلا الأمرين الوحدة الحقيقية، بل الأعم من الوحدة الاعتبارية أيضاً، كأن يكون هناك أفراد متعددون في مقام السلطة والتوجيه والأمر، لكنهم يوجهون ويأمرون بأكثرية الآراء.

الثاني عشر: خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة، فإن كان هناك مديرين، سواء كانوا رؤساء الحكومات، أو في المعامل، أو في المدارس، أو في القطاع الخاص، يقدمون المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، وهذا يؤدي إلى تبعثر في الجهود وعدم وصول إلى النتائج، فإذا تعارضت المصلحة الشخصية، مع المصلحة العامة، يجب تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، أو إمكان الملائمة بينهما، بحيث لا يضر بالمصلحة العامة.

الثالث عشر: ملاحظة المركزية أو اللامركزية في السلطة، فإن هناك قد تكون المركزية، كما في الحكومات الوحدوية، وقد تكون اللامركزية، كما في (فيدرالية) الحكومات المحلية مع الحكومات اللامركزية، ولكل منهما موضع لا يرتبط بالآخر، ومن ملاحظة الحكومات الوحدوية والحكومات (الفدرالية) تظهر هذه الحقيقة.

الرابع عشر: مكافأة الأفراد وتعويضهم، لا مادياً فحسب، بل معنوياً أيضاً، ويجب أن تكون المكافأة للعاملين وطرق دفع أجورهم وإرضاء نفسياتهم، عادلة وقادرة على تحقيق أقصى رضى ممكن لكل فرد من أفراد العاملين، وصاحب العمل والمدير يكون هو المسؤول الأول عن مثل ذلك.

الخامس عشر: على المدير، أن يكون قادراً على التخفيف من ثقل الروتين واليأس، الذي يكون كابوساً على قلوب العاملين، فإن الإنسان خلق متطوراً وتقدمياً، فإذا لم يلاحظ فيه هذه الناحية يكون قطعة من الجمود، وهل الجامد يتمكن من المساهمة في تقدم الحياة إلى الأمام، وذلك يسبّب فشل الإدارة وضعف الإنتاج، وكثيراً ما ينتهي الأمر بالإدارة إلى السقوط، ثم أن من الواضح أن ما ذكرناه في هذه المسألة، ليس جميع مبادئ الإدارة الناجحة، وإنما ذكرنا شطراً من تلك المبادئ، وعلى من يريد الاستقصاء، فعليه بالملاحظة ومراجعة المفصلات.

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 15-04-2005, 07:25 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الهياكل الإدارية

(مسألة): توضع خرائط للتنظيم ولبيان هيكل المنظمة، في كثير من الإدارات الكبيرة، سواء كانت إدارة حكومية، أم إدارة خاصة، لتبيّن الوحدات الإدارية، التي تتكون منها الصورة التنظيمية، ولتبيّن الوظائف الموجودة فيها وخطوط السلطة والمسؤولية، التي ترتبط بين أجزائها وارتباط بعضها ببعض، وكيفية التنسيق بينها، وذلك لعدة أمور والتي منها: تحديد إطار المنظمة والوحدات الإدارية والوظائف التي تتكون منها تلك الوحدات.

ومنها: بيان كيفية تقسيم العمل بين الموظفين في المنظمة.

ومنها: توضيح العلاقات بين مختلف الإدارات والأقسام، وكيفية التنسيق بينها، وأيها أكبر وأيها أصغر وأيها مقدم وأيها مؤخر، وإلى غير ذلك.

ومنها: توضيح خطوط السلطة والمسؤولية في المنظمة.

ومنها: توضيح عدد المستويات الإدارية في المنظمة.

ومنها: تعريف الموظف برئيسه، المباشر وتعريف الرئيس بالمرؤوسين التابعين له مباشرة، وأن أي رئيس في القمة، وأي رئيس في الوسط، وأي رئيس في القاعدة.

ومنها: بيان لمجموع اللجان الموجودة في المنظمة، وسلطاتها وعلاقاتها بأجزاء المنظمة.

ومنها: الغرض الإعلامي، حيث إن الخريطة تساعد الزائرين، الذين يأتون من خارج المنظمة، للتعرّف على أقسام المنظمة وعلى رؤوس الأموال المستثمرة في المنشآت، والمنشآت نفسها وتنظيماتها ووظائفها وسياساتها، وقد تبين بذلك أن هناك أجزاء مباشرة وأجزاء غير مباشرة، وتتضمن الأجزاء غير المباشرة كل عناصر الحياة الاجتماعية، التي تسهل وتنظم وتؤثر على نشاط الأعمال، وتشتمل على الحكومة، ومختلف شعبها، وفروعها، ونقابات العمال، والأحزاب، والمنظمات، ودور النشر، والإعلام، والنقود، والإئتمان، والمستهلكين، وعامة الناس، فإنها كلها وغيرها، عوامل بيئية تؤثر على سياسة الأعمال وتصرفها وتوجهها توجيهاً على قدر ما لها من المجال في هذا الحيّز الكبير من المجتمع، وبالرغم من أن علاقة هذه العوامل البيئية بالأعمال، هي علاقة غير مباشرة، إلاّ أنها هامة، ولها وزنها وتأثيراتها في سير الأمور، حسناً أو سيئاً، باستقامة أو بانحراف، بتوسع أو بتضيق، من جهة الكم أو الكيف.

ثم هذه العلاقات متبادلة ومتشابكة، نظراً لأن نشاط منشآت الأعمال وأهدافها تشكل هذه العوامل البيئية وتؤثر عليها أيضاً، فإنه كما أن أجزاء الكون متشابكة جداً، حتى أن رغيف الخبز الواحد بحاجة إلى الأرض، والمطر والهواء والنور والماء والحر والبرد، واليد العاملة والليل والنهار، والتقنية في العصر الحديث، أو الحيوانات، ونحوها في العصر السابق لأجل حراثة الأرض، وحتى بحاجة إلى الطيور التي تلتقط الحشرات الضارة بالزراعة، كذلك أجزاء الأعمال والخدمات، فمعمل واحد بحاجة إلى حكومة ترعاه ومصارف مالية، تكون مستودعاً لمصادر المال، ومنها عطاؤه، ونقابة عمال تنسّق للعمال أنشطتهم وجهودهم، وحزب يسنده، حتى لا يطغى عليه، وقضاء يفصل نزاعاته، وغيرها وغيرها، وبعض هذه الأمور مما يعد من المنظورات، وبعضها مما يُعد من غير المنظورات.

ثم إن المنشأة يجب أن تساير الأهداف والمعايير الاجتماعية العامة، وإلا ما سمح لها بالوجود، وإذا وجد المنشأ المرغوب فيه وجد ضعيفاً وناقصاً ولا يمر عليه زمان، إلاّ وينهدم، مثلاً المجتمع الذي لا يسمح بشرب الخمر لا يمكن فيه تأسيس معمل خمر، فإنه وإن ساندته الحكومة فرضاً، لكنه إذا ولد كانت ولادته ناقصة، ثم لا يمر زمان حتى يسقط، وعليه فالخطط الاقتصادية، مثلاً يجب أن توضع حيث تكون مقبولة للجماهير، سواء من جهة الدين، أو من جهة الفكرة التي يحملها المجتمع، ومثل الخطط الاقتصادية، كذلك الخطط الثقافية والخطط الاجتماعية وغيرهما من سائر أبعاد المجتمع.

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 15-04-2005, 07:27 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

أهمية الخبرة الإدارية

(مسألة): المدير بحاجة إلى مؤهلات سابقة على الإدارة ومتزامنة معها، حتى يكون مديراً ناجحاً يتمكن أن يسير بالمنشأة إلى الأمام، منها:

أولاً: يحتاج المدير إلى مؤهل جامعي في إحدى التخصصات المرتبطة بالإدارة، كالإدارة العامة، أو إدارة الأعمال، أو العلوم السياسية، أو العلوم الاقتصادية، أو المحاسبة أو ما أشبه، ومن الواضح أنه كلّما كان المدير أكبر ويدير منشأة أضخم فهو بحاجة إلى مؤهل جامعي أرفع.

ثانياً: في البلاد الإسلامية، حيث الصبغة العامة في البلاد هي الإسلام، فالمدير بحاجة إلى إلمام بالعلوم الإسلامية المحتاج إليها في كيفية الإدارة، من الأخلاق الإسلامية في باب المعاشرة والمداراة والتزاور وما أشبه، وعلم الاجتماع العام بالسلوكيات الإسلامية، وعلم الفقه في الجملة، وعلم النفس الإسلامي، بأن يعرف نفسيات المسلمين وما إلى ذلك، وهذا ليس خاصاً ببلاد الإسلام، وإنما ذكرناه من باب أنه محل الكلام بالنسبة إلى هذه البلاد، التي نعيش فيها، وإنما كل مدير يعيش في بيئة خاصة دينية أو غير دينية بحاجة إلى معرفة الأجواء النفسية والأخلاقية والاجتماعية لتلك البيئة، وإلاّ فلن يتمكن من التعايش مع الرؤساء والمرؤوسين ومن أشبه، ممن إدارته مرتبطة، بهم ممّا يسبب له ذلك فشلاً ذريعاً.

ثالثاً: الخبرة العملية، حيث يلزم توفر الخبرة العملية للمدير في مجال عمله، وذلك لا يكون إلا بالترقي التدرّجي في سلم تلك الإدارة، ولهذا نرى في البلاد الاستشارية (الديمقراطية) يترقّى الموظف الحكومي من مدير ناحية إلى قائم مقام إلى محافظ في المحافظة الصغيرة ثم إلى المحافظة الكبيرة ثم إلى محافظة العاصمة، وهكذا بالنسبة إلى سائر الشؤون، من غير فرق فيما ذكرناه بين الإداري الحكومي، أو الإداري في القطاع الخاص، في مختلف الأنشطة الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو العسكرية أو غيرها، فالخبرة العملية تساعد المدير في التعرف على الجوانب الإيجابية والسلبية في الإدارة وتفيده في وضع الأمور في نصابها، سواء عند قيامه بإجراء الدراسات والأمور التنظيمية، أو بصب الهيكل الإداري، أو بالممارسة العملية.

رابعاً: التدريب في مجال التنظيم والأساليب، لما يحتاجه المدير، فانه شرط أساسي بالنسبة إلى العاملين في هذه الأنشطة، فمن المستحسن بالنسبة إلى المدير، تنظيم دورات تدريبية لعدة أسابيع أو لعدة أشهر، حسب صعوبة الإدارة أو سهولتها لاطلاع المدراء الجدد بالنسبة إلى أعمالهم الجديدة على كافة أعمال ونشاطات التنظيم والأساليب الهيكلية، وعلى كيفية القيام بإجراء الدراسات التنظيمية، وكيفية التعامل مع الرؤساء الإداريين، ومع الموظفين في الإدارات والأقسام، التي سيقومون بإجراء دراسات فيها، أو مع سائر الناس، إذا كانوا مرتبطين بإدارتهم بسائر الناس، فان الدورات التدريبية لها مدخلية كاملة في إعداد المديرين، لتسلم المناصب الجديدة، أو للسير بهم حسب المناهج المتغيرة في نفس الإدارة.

خامساً: يلزم مراعاة التخصص، بالنسبة إلى الإدارة والعلوم العامة، وهي ناقصة بالنسبة إلى الأمور التي تتطلب اختصاصاً بالنسبة إلى المديرين الذين يديرون قسماً يحتاج إلى الاختصاصات، فإن الإدارة ليست كدكان بيع بسيط يجري فيه البيع والشراء فقط، وإنما هو اختصاص، فلا يكفي توفّر العلوم العامة بالنسبة إلى إعطاء الاختصاص، فمثلاً الدراسة العامة لا تكفي للمدير الذي يريد إدارة مؤسسة اقتصادية، أو ثقافية، أو سياسية، أو ما أشبه، ذلك كما أن الاختصاص في عمل لا ينفع المدير بالنسبة إلى إدارة غير العمل المختص به، كالسياسي يوضع مديراً لمؤسسة اقتصادية أو بالعكس.

سادساً: إذا كانت المؤسسة مرتبطة بالتعامل بلغة أجنبية، من حيث العمال أو الرؤساء أو سائر الناس، الذين على علاقة مع المنشأة، فاللازم أن يكون المدير ملمّاً بتلك اللغة، أما إذا كان له مترجم، فلا ينفعه في الإلمام بتلك الخصوصيات اللغوية، التي يحتاج إليها المدير، وقد قيل قديماً: (وكل لسان في الحقيقة إنسان). وفي الحديث: (من عرف لسان قوم أمن شرهم) وإنما ذكر الحديث الجانب السلبي، لأنه غير معلوم للناس غالباً.

أما الجانب الإيجابي فهو واضح، وعلى هذا فتتمة هذا الحديث أنه (استفاد من خيرهم) فهو كالآية الشريفة المتعرضة للجانب السلبي، الذي هو أهم الجانبين مما يتجنبه الإنسان، قال سبحانه: ((لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)) [1].

سابعاً: أن يكون دائم التفاوض والاطّلاع والمطالعة في الكتب المعنية بشأن إدارته، خصوصا في ظروفنا الراهنة، التي يتصاعد العلم فيها بسرعة مذهلة، و هناك مجلات وجرائد وكتب خاصة تُعنى بالتصاعد الإداري، مما يجعل المدير متخلفاً زمنياً إن لم يكن دائم الاتصال بها.

[1] سورة النساء: الآية 123.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 15-04-2005, 07:34 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

صفات المدير المثالي

(مسألة): يلزم أن يتوفر في المدير، صفات لها أهميتها في التمكن من إيصال سفينة الإدارة إلى المقصد بسلام، فإن الإدارة أمر ذو شعب طرف منها المدير، وطرف منها العمال، أو من إليهم كمدير المدرسة، حيث إن طرف منها التلاميذ والمعلٌمين، وطرف منها الجوامد كالمصنع أو المدرسة أو ما أشبه ذلك، فالمدير يلزم عليه مراعاة كل من الطرفين على حده، ومراعاة الارتباط بين هذا الطرف وذاك مثلاً: مدير المعمل، يراعي المعمل، حيث الرعاية لها شرائطها وخصوصياتها، ويراعي العمال، ويراعي الارتباط بين المعمل والعمال، و (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) [3] فالحديث في الشمول بالنص للإنسان وبالملاك الذي يرتبط به، .

وعلى أيٍّ حال فاللازم في المدير أن يتصف بالصفات التالية، وكلما ضعفت هذه الصفات فيه كمّاً أو كيفاً، ضعفت الإدارة، والعكس صحيح، وهي:

1 ـ أن تكون له القدرة التامة على التعبير عن نفسه، تكلّماً أو كتابةً، حتى يفضي إلى الآخر بما يريد، فإن الإدارة بحاجة إلى بحر من الإقناع، وكلما كانت الإدارة أهم، كان الإقناع محتاجا إليه أكثر، وبدون ذلك، لا يتمكن المدير، لا من إقناع رؤسائه ـ إذا كان له رؤساء ـ ولا من إقناع مرؤوسيه.

2 ـ أن تكون له رغبة في البحث عن الحقائق، واستعداد للعمل بجد وإخلاص وتفاني، في تأدية الواجب في مختلف أبعاد الإدارة، فإن من يركب رأسه ويتصور أنه على صواب، ينكشف لديه بعد زمان، أن الطريق كان موصلا إلى الفشل، ومهما كان الإنسان يرى صواب نفسه، احتاج إلى البحث، أليس كل منّا جرّب مراراً أنه كان مخطئاً في جهل مركب، ثم بالبحث و الفحص ظهر صواب آخر، غير الصواب الذي زعمه، فاللازم أن يكون دائم البحث عن المسائل والمشاكل المتنوعة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

3 ـ أن يهتم بالوقت اهتماماً بالغاً، فإنه وإن قيل: أن الوقت من ذهب، لكن هذا مثال تقريبي، وإلاّ فالوقت ثالث ثلاثة في تقدّم الأمم وتأخّرها، فالإنسان والعمل والوقت إن استغلت استغلالاً حسناً، أتت بالنتائج المرضية، وإلاّ كانت الحصيلة الخيبة والفشل،

4 ـ أن يكون لطيفاً ودوداً محبّاً للآخرين مدارياً لهم، فإذا لم يكن للمدير ميل لمدّ يد الصداقة إلى الآخرين، ولا يسعهم بأخلاقه، ولا يتمكن من إنشاء العلاقات وإبقائها، ولا يستعد لكسب ودٌ الناس وثقتهم، لابد وأن يعي أنه يمشي في طريق الفشل.

وحتى إذا كان رئيس الدولة، أسقطه الناس بالطرق الديمقراطية، إن كان البلد ديمقراطياً (استشارياً) وإلا فبالسلاح، إن الناس إذا لم يرضوا عن التاجر، لن يتعاملوا معه، وإذا لم يرضوا عن إمام الجماعة، لم يحضروا صلاته، وإذا لم يرضوا عن مرجع التقليد غيّروا تقليدهم، وإذا لم يرضوا عن المدرس، استبدلوه بغيره، وإذا لم يرضوا عن الوزير أو السفير أو المدير، سعوا لإسقاطه، وأخيراً فإنه فرد، والناس جماعة، و الجماعة تتغلب على الفرد،
والمدير الذي فوقه رئيس مهمته أعقد وأصعب، حيث إن توقعات رؤسائه تناقض توقعات مرؤوسيه، فاللازم أن تكون له مهارة وبراعة في ترضية الطرفين وتقريب وجهات نظرهم، وإلاّ فالسخط من جانب يوجب سقوطه، وإن رضي عنه الطرف الآخر.

5 ـ أن يكون تفكيره منظماً وعقله بارعاً في تحليل الأشياء وتصنيفها، فإن النظم و التصنيف العقليين أهميتهما أكثر مما هو مطلوب في الأمور المادية، بل الأول في منزلة القائد، والثاني في منزلة المقود،
ثم إن كل ما نراه من آثار الجمال والظرافة في مختلف أبعاد الحياة، التي عملها الإنسان سواء في الحدائق أو الدور أو الشوارع أو المصانع أو الصنائع أو غيرها وغيرها، إنما هي من آثار جمال الفكر ونظام التحليلات الذهنية.

6 ـ أن يكون له ميل طبيعي للاستفسار عن كل ما يحيط به، و التعمق في الإجابات المطروحة في الساحة، فلا يكتفي بالإجابات السريعة التي يؤتى بها بادئ الرأي، وذلك لا يكون، إلاّ بأن يربي نفسه، على الدقة والعمق و التدبر في جوانب الأشياء، ليظهر له الأقرب فالأقرب إلى الصواب.

7 ـ ثم بعد الاستطلاع و الاستفسار، يأتي دور أن يكون له قدرة على الاستفادة مما يجمعه من المعلومات بأن يتمكن من تحليلها وغربلتها واستخراج الصالح منها، وربط بعضها ببعض، وملاحظة الملائمة بين النتائج والأبعاد الأُخرى.

8 ـ أن يكون بعيد النظر عند الدراسة، سواء على الأشياء أو الأفراد، قادراً على المقايسات الزمنية والعملية، 9 ـ أن يكون حكمه على نفسه وعلى الآخرين، حكماً متصفاً بالعدل والإنصاف.

قال تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى...) [10] فيتصف في أحكامه بالأمانة والنضج والموضوعية والتعقل، وأن يكون بعيداً عن التحيّز والعنف والعاطفية، والأحكام العشوائية.

10 ـ وأخيراً أن يكون مؤمناً بالله واليوم الآخر، وإنما ذكرناه أخيراً، مع أنه أول، لأن الكلام في شروط الإدارة بصفة عامة ومن الواضح أن كثيراً من المديرين، يحسنون الإدارة بدون الإيمان بالله، وإنما جعلناه شرط الإدارة، لأنا حسب ما نعتقد، نرى أن الضمير لا يكمل بدون الإيمان بالله، مهما كان ضمير الإنسان نظيفاً نقياً محايداً، فهو في نظرنا من الشروط، بل الشرط الأساسي في الأمر، بينما بنظرهم ليس شرطاً.

إن معرفة الإنسان، إن الله رقيب دائم عليه، بحيث: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [11] وأنه يقول في يوم ما (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [12] توجب أن يعمل أحسن العمل ويتقن أفضل الإتقان، وذلك ما يحتاجه المدير في كل الأحوال.

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 15-04-2005, 07:35 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

المهمات الإدارية والعلاقة بين الرئيس والمرؤوس

(مسألة): المدير مكلف بعملين أساسيين:

الأول: بالنسبة إلى البيئة الداخلية، فإنها تؤثر في المدير وتفاعله مع المسؤولية، فإن المدير في منشأته يكون مسؤولا عن البيئة التي سيعمل فيها بضمن مرؤوسيه، أو مع الناس، إن كانت المنشأة مربوطة بالناس، ومن ثم فإن المدير يجب أن يخلق الظروف، التي تمكنه من القيام بالعمل بفاعلية، وكفاءة، وتقدم، واطراد، سواء في الجهة الكيفية أو في الجهة الكمية، فاللازم أن يخطط المدير عمليات مرؤوسيه والمرتبطين به في داخل بيئته، ويختارهم بدقة ويدربهم، ليتقدموا إلى الأمام وينظم علاقات العمل ويوجه عملهم ويقيس النتائج الفعلية بالمقدمات، ويرى الارتباط بين الأسباب والمسببات، التي توجب قوة الإدارة وما أشبه.

الثاني: بالنسبة إلى البيئة الخارجية، فإنه وإن لم يملك الخارج، ملكاً كما يملك الداخل، فإن المدير لا يملك القوة التي تمكنه من التأثير على سياسة الحكومة، أو الظروف الاقتصادية، أو العلاقات الدولية، والعلاقات مع سائر المؤسسات المشابهة، أو غير المشابهة، مما تؤثر كل واحدة منها في الأُخرى تأثيراً ما، لكنه يملك التهيئة والعمل طبق العلاقات المتبادلة وما شابه ذلك، فيجب عليه أن يلاحظ ذلك بدقة متناهية، بل الدقة في البيئة الخارجية أهم، من الدقة في البيئة الداخلية، فإن الإنسان إذا ملك شيئاً تمكن من التصرف فيه كيفما شاء، وإن كان بقدر، حيث إن طرفه إنسان له عاطفة، لكن بالنسبة إلى البيئة الخارجية، فإن ملك المدير محدود جداً، من غير فرق بين أن يكون المراد بالمدير الحكومة أو المؤسسة الخاصة أو المؤسسة العامة، ومن ذلك يظهر، أنه يجب على المدير تصنيف الوظائف الإدارية، بحيث يتمكن من تقسيم الأنشطة بين البيئة الخارجية والبيئة الداخلية، مثلا بالنسبة إلى المؤسسة الاقتصادية في البيئة الخارجية، يكون التسويق والإنتاج والتحميل والتخزين وما أشبه، من الأمور التي يجب على المدير القيام بها، وتختلف وظائف المشروع من منشأة لمنشأة أخرى.

ولكن وظائف المدير لا تختلف، بل هي مشتركة بينها جميعاً، ومن ثم، فإن على المدير وظائف عامة، بالنسبة إلى الكل، ووظائف خاصة بالنسبة إلى البيئة الداخلية، أو البيئة الخارجية، ونحن نوجز ذلك إلى:

أولاً: أعمال المدير، ثم نفصل ذلك في مسائل مستقبلية، فإن الأعمال الرئيسية التي ذكروها للمدير خمسة:

الأول: التخطيط.

والثاني: التنظيم.

والثالث: التشكيل.

والرابع: التوجيه.

والخامس: الرقابة.

أما الأول: الذي هو عبارة عن التخطيط، فهو عبارة عن اختيار الأهداف والسياسات والبرامج والإجراءات، التي يحتاج إليها المدير في تخطيطه للإدارة، ومن الواضح أن كل ذلك للمؤسسة، كوحدة واحدة تتشعب إلى فروع كثيرة، ومن التخطيط: اتخاذ القرارات، لأن القرار ينطوي على اختيار بين البدائل، فإن أمام المدير دائما بدائل متعددة يمكن صرف النشاط في هذا البديل أو البديل الآخر، فاللازم أن يعرف، أي البدائل أفضل من الجهة الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو من سائر الجهات المرتبطة بالاختيار الأفضل؟ كما أن هناك مثلا السياسات المتعلقة بالسلطة، أو الأسعار، أو المنافسة، أو المؤتمرات مع المؤسسات المشابهة ونحو ذلك، وكذلك البرامج الخاصة بالإنتاج أو المراجعة الداخلية أو التمويل، أو الإجراءات التي تستلزم مناولة المنتجات والأشخاص، ومن المعلوم أن التخطيط ومسؤوليته لا يمكن فصله عن الأداء الإداري، لأن كل المديرين، تقع عليهم مسؤولية التخطيط، بغض النظر عن مستواهم الإداري، من غير فرق من أن يكونوا في قمة الهيكل التنظيمي، أم في وسطه، أم في قاعدته، كما أن على المدير أن يلاحظ دائماً احتمالات تغير التخطيط بواسطة مفاجآت لم تكن في الحسبان، أو بواسطة أمور تظهر، وإن كانت في الواقع موجودة، لكن الإدارة كانت في غفلة عنها، فربما يخطط لأحد البدائل، لأنه الأفضل، ثم يظهر له أن غيره أفضل، أو يفاجأ الأمر بحرب أو انقلاب في البلد أو في الجوار، أو سيل أو زلزلة أو إضراب من العمال، يسبب تجمد سير العمل، أو ارباكه، مما يضطر المدير إلى تغيير البديل إلى بديل آخر، أما إذا وقع الانقلاب في نفس البلد، فالاضطراب يكون أكثر، والانتباه والتصرف يجب أن يكون أسرع.

الثاني: التنظيم، وربما يطلق على التنظيم (سلاح الهيكل التنظيمي) أو يطلق عليه (علاقات السلطة الإدارية) وهو عبارة عن إنشاء هيكل مقصود للأدوار، عن طريق التمييز وتحديد الأنشطة اللازمة، لتحقيق أهداف المنشأة، وكل جزء منها على نحو أفضل، وتجميع هذه الأنشطة وتخصيص المديرين، لكل مجموعة من هذه النشاطات، وتفويض السلطة للقيام بهذه الأنشطة، وتوفير أسباب تنشيط علاقات السلطة أفقياً ورأسياً في الهيكل التنظيمي.

وهذا الهيكل التنظيمي، ليس نهاية في حد ذاته، بل هو مرحلة من مراحل التقدم نحو هدف المؤسسة والتنظيم يساهم مساهمة فعالة في نجاح المنشأة، ولهذا السبب فإن تطبيق مبادئ التنظيم، يعتبر على جانب كبير من الأهمية بالنسبة إلى الهدف، ومن اللازم في الهيكل التنظيمي، ملاحظة هذين الأمرين معاً:

الأول: حسن صورة التنظيم، بأن يكون جميل المنظر.

والثاني: أن يكون كفوءاً، بحيث يؤدي المؤدى المطلوب لسائر الأشياء الكونية، حيث لها مظهر ومخبر، فالإنسان مثلاً له مظهر جميل، بينما له مخبر هو عبارة عن القلب والكبد والكلية وما أشبه، ولا يغني أحدهم عن الآخر، وإن كان المظهر ثانوياً، والمخبر أولياً ومن الواجب أن يكون التنظيم مناسباً للعمل، كما أن الإدارات في هياكلها التنظيمية، تشبه بعضها بعضاً، إذا كانت من قسم خاص وكل المديرين عندما يقررون تنظيم منشأة أو إدارة أو قسم، يتبعون نفس الطرق المعروفة، بغض النظر عن كونه رئيسا لمجلس الإدارة، أو مديراً للإدارة أو رئيساً لقسم في القمة أو في القاعدة أو في الوسط، فإنه سيعكس الأهداف التي ينبغي الوصول إليها، عن طريق تجميع الأنشطة المسؤول عنها، ثم يعهد بالبعض إلى مرؤوسيه، مع تفويضهم السلطة التي تلزمهم لتحقيق النتائج، وعليه أن يوفر التنسيق الضروري بين هذه السلطات من ناحية، وبين نفسه، وبين تلك السلطات نفسها من ناحية ثانية، وبين تلك السلطات والعمل الخارجي من ناحية ثالثة،وكل ذلك يقع ضمن الهيكل التنظيمي المعبّر عنه (بالتنظيم) في الاصطلاح الإداري، ثم إن من اللازم في تنظيم الهيكل، أن يكون وسطاً بين الفضفاض والضيق، فإن كُلاً منهما يوجب عنتاً وإرهاقاً وعدم وصول إلى النتائج المتوخاة، وقد قال سبحانه: (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) [1]. وفي الحديث: (خير الأمور أوسطها) [2].

فإن الآية والحديث كليتان تنطبقان على ما نحن فيه أيضا،ً كانطباقهما على ألوف الصغريات في جميع أبعاد الحياة، فإن التنظيم لو كان فضفاضاً أوجب الفوضى وعدم تحدد المسؤوليات، وإن كان ضيقاً أوجب عدم تمكن الأفراد، سواء من الرؤساء أو المرؤوسين من التحرك المريح، وعدم ذلك يوجب الضيق على الموظف، مما يسبب عدم سير العمل نحو الهدف المرضي، وكثيراً ما يسبب العطب والشلل، ولا أقل من عدم اطراد التقدم، سواء في الجهة الأفقية، أو الرأسية.

الثالث: التشكيل، ويقصد به قولبة الهيئة الإدارية، على الوضع الصالح،بوضع الإداريين في المراكز المختلفة، التي يبينها الهيكل التنظيمي، ومن ثم فإن هذه الوظيفة تستلزم بالضرورة تحديد المواصفات والمستلزمات اللازمة لكل من يتولى مركزاً معيناً، مع تقييم المرشحين واختيارهم وتدريبهم والتنسيق بينهم، مع تقديم الحوافز، لضمان فاعلية الأداء، بالصورة التي تنتهي إلى النتيجة المتوخاة.

ثم إن من اللازم، أن لا يكون التشكيل في أول وضعه بالصيغة النهائية، إذ كثيراً ما يُخطئ الحدس في التشكيل، مما يستلزم التغيير، حسب التجارب التي دلت على الصلاحية أو اللاصلاحية، فإذا كان التشكيل مشدوداً بقوة لم يتمكن المدير من التغيير المطلوب، مثلاً أن يجعل المدير العام للقسم الفلاني، مديراً لمدة ثلاثة أشهر تحت التجربة والاختبار، فإذا أحسن مدد المدة إلى ستة أشهر أو إلى سنة أو ما أشبه، حتى إذا أساء، لم يكن مشدوداً بمعاهدة لا يتمكن من نقضها، أو يقع في مشاكل مادية أو إدارية أو قانونية، كان في غنى عنها، لو حزم في أول الأمر، وجعل الأمر رجراجاً ممكناً للشد أو الفصل.

الرابع: التوجيه، حيث من المعلوم أن التخطيط والتنظيم في حد ذاتهما، لا يؤديان إلى إتمام العمل على النحو المطلوب، فمن الضروري توجيه الرئيس الإداري على الأنشطة المتعلقة وذلك بإرشاد المرؤوسين والإشراف عليهم، ليطلع على سير الأعمال سيراً حسناً، حسب المطلوب، ومطلوب التوجيه سهل للغاية، إلاّ أن أساليب التوجيه تكون معقدة على قدر كبير من التعقيد، حيث إن التوجيه عبارة عن توجيه إنسان لإنسان آخر، وذلك الإنسان كثيراً ما لا يستعد لقبول التوجيه، إذا لم تكن العبارات مناسبة وملائمة له، والإدارة حازمة معه والمداراة له صحيحة، فالواجب على الرئيس الأعلى، وكذلك على رؤساء الأقسام، سواء كان مديراً في القمة، أو في القاعدة، أو في الوسط، أن يخلق في مرؤوسيه فهماً عميقاً وتقديراً لمفاهيم المؤسسة ومنهجها وأهدافها وسياساتها ونتائجها التي ستعود إليهم، أو إلى المجتمع، فإن الإقناع في باب التوجيه من أهم الأمور، التي يجب مراعاتها لكل شخص في صدد التوجيه، سواء كان مديراً أو رئيساً أو واعظاً أو مبلغاً، أو مرشداً دينياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو غير ذلك، كما أنه ينبغي على المرؤوسين، معرفة هيكل التنظيم، والعلاقات الداخلية بين الأنشطة والشخصيات وواجباتهم وسلطاتهم، وتقع على الرئيس مسؤولية مستمرة تتعلق بتوضيح مهام المرؤوسين وإرشادهم نحو الأداء الأفضل، مع تحفيزهم للعمل بحماس وثقة، مما يخلق فيهم جواً من الاندفاع النفسي، ثم إن أساليب وطرق التوجيه، التي يمكن للمدير استخدامها متنوعة، وتختلف حسب شروط الزمان والمكان والمرؤوسين وغير ذلك، فلذا يجب على المدير الذي يريد التوجيه السليم الناجح، أن يكون ملمّاً بكل الأساليب البديلة، مع القدرة على استخدام الأسلوب الصحيح، أما نتيجة التوجيه الناجح للمرؤوسين فهي تنمية أشخاصهم بالنسبة إلى المعرفة والمهارة و الخبرة وغير ذلك، فيكونون مدربين ناجحين ويقومون بعملهم بكفاءة نحو تحقيق أهداف المؤسسة، ولا يلزم أن يكون المدير بنفسه موجّهاً، ومن الممكن أن يستخدم الموجّه اللائق الملم بشؤون الإدارة، وعلى المدير في مسألة التوجيه، أن يستفيد من كل الوسائل الممكنة، كالدورات والمخيمات في الفصول المناسبة، وأشرطة الفيديو والكتب والجرائد والمجلات المعنية بهذا الشأن، والنشرات الجدارية وغيرها، ومن الجدير بالذكر أن التوجيه يجب أن لا يكون جافّاً، وإلا كان ضرره أقرب من نفعه، ومن الواجب أن لا يكون ثقيلاً وجارحاً لكرامة المرؤوسين، والمرؤوسون بحاجة إلى مكافآت في قبال التوجيه، سواء كانت مكافآت مادية، أو معنوية كتوجيه الشكر اللفظي أو الخطي، أو غير ذلك.

الخامس: الرقابة، فالأعمال الأربعة السابقة، لا تكفي في السير إلى الأمام، إذ الإنسان بطبيعته إذا لم يكن يعرف بوجود رقيب عليه، لا يستقيم، إما لأنه يرى نفسه على حق في عدم العمل، أو لأنه يرى الحق في الجانب الآخر، لكنه يسرق من الوقت والعمل أو غير ذلك، كما هو الشأن في كل انحراف، والرقابة تنطوي على الأنشطة التي تصمم، لكي تمكّن كلّ من الأهداف والأفراد على التمشي مع الخطط الموضوعة، ومن ثم فهي تقيس الأداء، وتصحح الانحرافات السلبية، وتؤكد الخطط وتسبب الحوافز للتقدم من جهة الكم والكيف، والتخطيط يجب أن يسبق الرقابة، لكن الخطط وحدها لا تكفي، لأنه لا يمكن أن تأتي بالنتائج ذاتيّاً، بل ترشد المدير إلى استخدام الزمن، لغرض تحقيق أهداف محددة، وبعد ذلك يتم اختبار ومراجعة الأنشطة، لتحديد مدى اتفاقها مع العمل المخطط، أي أن الأداء الفعلي، يقيّم عن طريق مقارنة النتيجة بالمعيار السابق ووضعه، وتكون الرقابة سبباً لتصحيح مسار العمل من كلتا جهتي الكم والكيف، وكثيراً ما تنتهي الرقابة إلى تغيير وسيلة الأداء لفرد، أو أكثر من فرد من المرؤوسين أو المديرين المتوسطين، أو الذين هم في القاعدة وإعادة توزيع الواجبات و الحقوق، وتعديل السلطات المفوضة وتغيير الخطة الإدارية وتعديل الأهداف والزيادة أو النقصان، فالرقابة مثل المحرر، الذي يعيّن درجة الحرارة في الإنسان، مما يسبب التنبيه لكي يعدل الإنسان درجة حرارته، إذا رآها على غير المستوى المطلوب، بالزيادة تارة والنقيصة أخرى، كما أنه إذا رآها على المستوى المطلوب، يحافظ على بقائها على ذلك بأن لا تزيد ولا تنقص، وكذلك حالة الرقابة بالنسبة إلى المؤسسات العامة أو الخاصة، الحكومية أو غير الحكومية.

ثم إنه تبين مما تقدم من الأعمال الخمسة، أنه يمكن تقسيم الوظائف الرئيسية للإدارة إلى مجموعتين:

الأُولى: مجموعة الوظائف السابقة للتنفيذ، وتتكون هذه الوظائف من التخطيط والتنظيم والتشكيل، على ما بينا شرح كل واحد موجزاً، وتعمل هذه الوظائف على تحضير الجهود وإقامة إطار للعمل، يناسب الهدف المنشود.

أما المجموعة الثانية من الوظائف الرئيسية للإدارة: فهي المتعلقة بالتنفيذ، وتتكون من التوجيه والرقابة، وهما وظيفتان تعملان على دفع الأعمال المادية والمعنوية اللازمة، لتحقيق الهدف بواسطة جهود الآخرين، فهما كالقوى المحركة الضرورية لتقديم العمل إلى الأمام، من ناحية الكم والكيف، وقد يكون من الضروري في بعض الأحيان، في المرحلة الثانية، إجراء تعديلات في الوظائف قبل التنفيذ، وهاتان المرحلتان الرئيسيتان، لا تتوقف إحداهما على الأُخرى كما لا تكون إحداهما بديلةً عن الأُخرى، إن نشاط التخطيط والتنظيم والتشكيل، لا يتوقف عندما يبدأ التوجيه والرقابة، وكذلك التوجيه والرقابة يكونان في عرض سير العمل، والفارق هو الضعف والقوة في هذا الجانب أو ذاك.

وهذه الأعمال الخمسة، على الشرط الذي ذكرناه، يقوم بها المدير، بغض النظر عن نوع المؤسسة أو نوع النشاط، أو المكان أو الزمان، أو غير ذلك، فرؤساء مجالس الإدارات، ومديرو الإدارات، ورؤساء الأقسام، ورؤساء العمال، ومديرو المصالح الحكومية، أخذاً من رئيس الدولة إلى الرؤساء، الذين هم في القاعدة، وعمداء الكليات، ومديرو المطارات والسكك الحديدية وما أشبه، كلهم بصفتهم يحتلون مراكز إدارية، يؤدون نفس الشيء من الناحية الإدارية، وإن كانت أنشطتهم تختلف، حسب المنشأة التي يديرونها.

[1] سورة البقرة: الآية 143

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 15-04-2005, 07:43 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الأمراض الإدارية:

(مسألة) قد يكون المدير مريضاً، وقد يكون الجو مريضاً، وقد يكون المرؤوسون مرضى، وكلامنا في هذه المسألة في البحث الأول، أما البحث الثاني فهو خارج عن طوق هذا الكلام، وبحثه مرتبط بعلم الاجتماع في الجملة، وأما كون المرؤوسين مرضى فذلك مرتبط بنظام التربية في المعنى الأعم، نعم لا إشكال في أن المدير السليم يجب أن يتمكن من رفع المرض عن الجو والموظفين ولو بقدر، وذلك مما يمكن، وعلى أي حال فالأمراض التي تصيب الإدارة والمدير كثيرة نذكر جملة منها على سبيل الإلماع غالباً لا التفصيل، فإن التفصيل أحياناً يرتبط بعلم النفس، أو علم الأخلاق أو ما أشبه، مما لم يوضع هذا الكتاب لها، واللازم أن يلاحظ المدير هل أنه من المرضى أو لا، وأن مرضه من أي قسم، والغالب أن يكون مريضاً بقسم من هذه الأمراض أو بأقسام منها، كما، قد يكون الإنسان في علم النفس والأخلاق مبتلياً بأمراض متعددة كالبخل والجبن والغرور والأنانية وما أشبه ذلك، فإذا وجد المدير نفسه مريضاً فاللازم أن يسرع في العلاج وإلاّ سبب المرض سقوطه من الإدارة عاجلا أو آجلاً، والفرق بين الأمراض الجسمية والنفسية التي تصيب المدير ما نحن بصدده الآن:

أولاً: إن الأمراض الجسمية غالباً تقض مضجع الإنسان وراحته مما يضطر إلى العلاج شاء أم أبى، أما الأمراض الروحية أو النفسية (والتي منها أمراض المدير والإدارة، وترجع أمراض الإدارة إلى أمراض المدير أيضاً، حيث إنه لم يشخص تشخيصاً صحيحاً فتمرضت الإدارة) ففي كثير من الأحيان تتجلى للمدير بأنها محاسن، أو تتجلى له أنها أمور عادية.

قال سبحانه في حق أمثال هؤلاء مما المدير صغرى من صغرياته: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) [1].

وقال في آية أخرى: (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا...) [2] وقال في آية ثالثة: (... كل حزب بما لديهم فرحون) [3].

الثاني: إن الأمراض الجسمية لها أطباء كثيرون وأدوية وصيادلة ومستشفيات ومستوصفات ومصحات وأجهزة وآلات وما إلى ذلك، بينما الأمراض الروحية لا يوجد لها شيء من ذلك إطلاقاً، وإنما الإنسان بحاجة إلى رفعها بنفسه، أو بمعاونة بعض المدربين في بيان المرض والعلاج كالزهاد وعلماء النفس ومن أشبه، وغالباً ما يكون المرض صعب العلاج، لأنه صار ملكة في الإنسان وعلى قوله سبحانه وتعالى: (... إلاّ أن تقطع قلوبهم...) [4].

الثالث: إن الأمراض الجسمية يطلب المجتمع رفعها دائماً مما يحفز الإنسان المريض على الإسراع في العلاج، بينما الأمراض الروحية بالعكس في كثير من المجتمعات، لأن المجتمع بأسره مريض أو بالقسم العام منه مما يحفز المريض على البقاء في مرضه، بل يسببون له مزيداً من المرض ويطلبون منه أن يوسع في مرضه، كالمستبد الذي يحفزه المتملقون والمتزلفون إلى الاستمرار في الدكتاتورية والتوسيع فيها، وعلى أي حال فالمدير المريض قد يكون مرضه ضاراً لنفسه، وقد يكون ضاراً لمؤسسته، وقد يكون ضاراً بالمرؤوسين أو الرؤساء، وقد يكون ضاراً بالمجتمع ككل، أو بقطاع كبير منه، وليس المراد على سبيل القضية الحقيقية أو على سبيل منع الجمع، بل على سبيل منع الخلو (على اصطلاح المنطقيين) فإن جملة من الأمراض التي نذكرها تضر أكثر من جهة واحدة، وعلى أي حال فالمدراء المرضى هم:

1 ـ المدير الانحصاري، وهو من يخصص كل الامتيازات الإدارية لنفسه، وإن أعطى بعض الامتيازات للموظفين كان إعطاؤه لهم هامشياً.

2 ـ المطالب، وهو من يزعم أن كل عمل يقوم به الموظفون إنما هو واجبهم، فلا يستحقون التشويق ولذا لا يشوّق الموظفين بما عملوا، وبالرغم من أن العمل واجباً على الإنسان، فإن ذلك لا ينافي تشويقه وتأييده وشكره بإعطاء الجزاء له، فإنا نرى أن الله سبحانه مع أن كل شيء في العبد من نعمه سبحانه، مع ذلك يشكره على أعماله حتى أن من أسمائه الشكور.

3 ـ التافه، وهو الغير مستعدّ لحل مشكلا ت الموظفين ولا لقضاء حوائجهم، فهو كالنبتة التي لا رائحة لها ولا خاصية ولا مظهر جميل.

4 ـ المرعب، وهو الذي يرأس الموظفين بالإرعاب والتهديد دون التعقل وملاحظة الموازين.

5 ـ الأعور اليساري، وهو من يرى النقد للموظفين فقط دون التحسين، إذ يلزم على المدير أن يرى الموظفين بعينين عين النقد فيما يحتاج إلى النقد، وعين الرضا والتحسين فيما يحتاج إلى الرضا والتحسين، لا بعين واحدة.

6 ـ الأعور اليميني، وهو من يرى التحسين لا النقد، إذ الموظفون لهم جوانب حسنة وجوانب سيئة، فاللازم أن يحسن المدير معهم عند فعلهم الحسن وينتقدهم عند فعلهم السيء.

7 ـ الجاف، وهو الذي لا يصرف المال لأجل الحوائج الإدارية، وهذا نوع من البخل.

8 ـ الباطني، وهو الذي يخفي أعماله المرتبطة بالإدارة والموظفين عن الإدارة والموظفين، حتى أن الإدارة والموظفين لا يعرفون ماذا يريد عمله، بل أحياناً ماذا عمل وغالباً ما يكون هذا الشيء من جهة خوفه من فساد عمله، وهو لا يريد أن ينسب الفساد إليه أو من بعض الجهات الأخرى.

9 ـ الإنتاجي، وهو الذي لا يهتم بمن يعمل في الإدارة، ولا يلاحظ إنسانية الموظفين، بل نظره فقط إلى الإنتاج، فكأن الموظفين معمل من المعامل، لا كأنهم بشر من الناس.

10 ـ الأحول، وهو الذي يرى عمل نفسه أكثر من واقعه، كالأحول الذي يرى الواحد اثنين.

11 ـ الحرفي، وهو الذي يريد من الموظفين أن يأتوا بالقوانين والأنظمة حرفياً بدون اختيار لهم في الزيادة والنقيصة، مع عدم ملاحظته للفرق بين الخصوصيات الزمانية والمكانية والافرادية، فإن الأفراد والزمان والمكان يختلفون اختلافاً كبيراً، فلا يمكن أن يقيد الناس بحرفية القوانين.

ولذا نرى في القوانين الإسلامية، بل في كل قوانين العقلاء القسمين كالسفر والحضر بالنسبة إلى الصيام والصلاة التمام أو القصر، والقوانين الثانوية بالنظر إلى الاضطرار والإكراه وما أشبه ذلك.

12 ـ المذكر، وهو الذي يكتب كل شيء من أعماله وأعمال موظفيه من دون ملاحظة الأهمية وغيرها، فإنه يكتب كل رطب ويابس وصحيح وسقيم وكبير وصغير.

13 ـ الإتكالي، هو الذي يكلف الموظف الذي تحت إدارته بعمل كل شيء من قبيل حتى إمضاء الأوراق، وإنما يكون الاسم للمدير فقط، وهذا ما يذكره التاريخ عن الخلفاء العباسيين، حتى أنه كان لهم بيت الختم فلا يتعبون أنفسهم حتى بختم الأوراق.

14 ـ العنيف، وهو الذي يتفجر غيظاً إذا لم تنفذ أوامره وطلباته ولم تحقق أمانيه ويعامل الموظفين والإدارة بصورة عامة، بل وأحياناً الآلات بالعنف بدون لين ورفق.

15 ـ المضايقي، وهو الذي يقف دون ترفيع الموظفين وترقيتهم، بحجة أنهم ليسوا أهلاً لذلك لعدم خبرتهم أو ما أشبه.

16 ـ السباب، هو الذي يتخذ السب والهمز والطعن واللعن وما أشبه ذريعة للوصول إلى أهدافه الإدارية، وأحياناً إلى أهدافه الشخصية، المدير يستغل الإدارة ومنصبه لأعماله الشخصية.

17 ـ الفنان، وهو من يرى أن كل ما يفعله حسن، لأنه فعله، وقد قال سعدي عن لسان بعض أمثال هؤلاء (كل عيب يختاره السلطان فهو فن).

18 ـ الإنجازي، وهو من يزعم أنه وحده الذي إذا أشرف على عمل أنجزه بخير وسلام دون ما إذا أشرف غيره على مثل ذلك العمل، فهو يرى نفسه فوق الواقع كما يرى غيره دون الواقع.

19 ـ المتنصل، وهو الذي إذا وقع خطأ في العمل وغالباً هو يخطئ يوقع اللوم على أحد الموظفين، وينتقده، أو يفصله، أو ينزله، أو يقطع من راتبه، ويعتقد أنه بذلك تمكّن من التنصل من الخطأ، ويؤدب الموظفين الآخرين كما فعله عبد الناصر في حرب اليمن مع عامر، وفعله قاسم مع الذين أعدمهم في أم الطبول، إلى غير ذلك من الأمثلة.

20 ـ المعملي، وهو الذي يظن أنه يجب العمل باستمرار ولا يعطي مجالاً للموظفين حتى يتنفسوا، وقد تقدم أن عشرة بالمائة إلى خمسة عشر وأحياناً إلى العشرين للموظف الحق في الترفية عن نفسه، لأن الإنسان ليس حجراً أو مروحة يشتغل باستمرار ويبقى في مكانه باستمرار.

21 ـ الإلعابي، وهو الذي ينظر إلى الموظفين كأنهم ألعوبة بيده، فيكون كالطفل الذي يلعب بملاعيبه.

22 ـ الاستعلائي، وهو الذي يريد نزاهة نفسه ويستر عيوبه بإلقاء تبعات المشاكل والفساد على الآخرين من الموظفين، أو من إليهم، ومن الواضح أن التنصل شيء والاستعلاء شيء آخر، فهما أمران مختلفان.

23 ـ الدجال، وهو الذي يظهر نفسه نزيهاً لكنه من وراء الستر يحرك هذا ضد هذا وذاك ضد الآخر، يريد بذلك الجمع بين مظهره النزيه ومخبره الكريه.

24 ـ الكمي، وهو الذي يهتم بالكم في الإنتاج ونحوه، لا بالكيف.

25 ـ الصرفي، وهو الذي يعرف الصرف لا الاستحصال، بينما يجب على الإنسان أن يكمل الدائرة بالصرف والاستحصال ولو بقدر.

26 ـ المعصومي، وهو الذي يزعم أن الموظف يلزم أن يكون معصوماً، فإذا أخطأ لم يغفر له، غافلاً من أن الإنسان له أخطاء إذ لم يخلق معصوماً، وإنما الواجب غفران الخطأ وتعديله، فإذا استمر في الأخطاء اتخذ القرار المناسب.

27 ـ الإستغلالي، وهو الذي يستغل مقامه وإمكانات الإدارة لأجل حاجات شخصية، مثلاً استخدام سيارة المؤسسة لنقل عائلته، أو يستخدم بعض خدم المؤسسة لأجل خدمة بيته، أو الذهاب بولده إلى المدرسة أو ما شابه ذلك.

28 ـ المبعثر، وهو الذي يجعل كل شيء لكل شيء وفي كل مكان، فلا يهمه أن يضع الطابعة مكان البراد، والمدفأة مكان الحاسبة، وهكذا بالنسبة إلى الأفراد فيجعل مكان المدير الموظف ومكان الموظف المدير، ويجعل الأخصائي بالبريد في إدارة الكهرباء وبالعكس، كما نشاهد كل ذلك في البلاد الدكتاتورية في الشرق الأوسط وغيرها.

29 ـ المتهرّب، وهو المدير الذي يتهرب عن الإيجابيات ويجنح إلى السلبيات، فينقض كل نظر ايجابي بدون أن يكون له دليل على السلب إلاّ بعض التعاليل غير المنطقية.

30 ـ النتائجي، وهو الذي يريد النتائج فقط، بدون أن يفكر في كيفية الوصول اليها أو تهيئة الوسائل المؤدية إلى تلك النتائج، فقد قال سبحانه: (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ) [5].

31 ـ القمّاشي، وهو الذي يجمع من هنا وهناك من أقوال وأفعال غير مرتبطة بعضها ببعض، ولذا لا يصل إلى النتائج، وكثيراً ما يكون ضره أقرب من نفعه.

32 ـ المتبختر، وهو من يتبجح بأن النتائج الحاصلة في إدارته صحيحة مائة في المائة والحال ليس الأمر كذلك، بل هي ناقصة في الجزئيات، وإنما في جملة من الكليات أيضاً، بما لا تصل إلى النتائج السقيمة، لكنه يريد بقوله ذلك الكبرياء والتبختر ليس إلاّ.

33 ـ الأولوي، وهو من يرى كل نظرية له أولى من غيرها، ويطبّق نظرياته على الموظفين بلا ملاحظة سائر الموازين (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ...) [6] ويصر على خطأه ويضرب بأنظار الآخرين عرض الحائط.

34 ـ الحلالي، وهو الذي يزعم أنه يتمكن من حل كل المشكلات، بلا ملاحظة أن بعض المشكلات غير قابلة للحل، وبعضها تحل بنسبة مئوية خاصة لا مطلقاً، وبعضها يمكن حلها بواسطة غيره من الأخصائيين ونحوهم، ولهذا يكون متهوراً في الإقدام على الأمور من غير أن ينظر إلى العواقب.

35 ـ المعلولي، وهو الذي يشتغل لحل المشكلات بالمعلول دون العلة، كالطبيب الذي يعطي الدواء لرفع حمرة الوجه الحاصلة من الحمى دون علاج نفس الحمى، فإذا رأى مثل هذا المدير أن المشترين لا يقبلون على بضاعته، يشتغل في الدعاية لرفع هذه المشكلة لا في إجادة نوعية البضاعة التي هي العلة في عزوف المشترين عن الإقبال عليها، وكذلك بالنسبة إلى الثقافة وغيرها.

36 ـ المعاكسي، وهو الذي يعمل أعمالاً يعاكس بها موظفيه أو رؤسائه الذين هم مجبورون منه، فهو في واد وسائر الموظفين من زملائه أو رؤسائه أو مرؤوسيه في واد آخر.

37 ـ المصالحي، وهو الذي يصلح بين رأيه وبين آراء موظفيه بما يوجب ضرر المؤسسة، كالسيارة التي من صالح الركاب أن تسير مائة، فيقول بعضهم بذلك وبعضهم بالخمسين، فتسير خمساً وسبعين حيث يضر بالركاب ولا يلاحظ الأصلح من القولين، وإنما يجمع بين القولين.

38 ـ الوحدوي، وهو الذي يرى وحدة كيفية العمل مع الأفراد و الموظفين والمؤسسات، بينما أن الأشخاص كالأشياء يختلفون فيشتري الآلات المكتبية للمستشفى والمطار بشكل واحد أو يتعامل مع المثقف كما يتعامل مع الريفي الجاهل، قال سبحانه: (... هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون...) [7]؟

39 ـ التصميمي، وهو الذي يرى التصميم في كل شيء سواء عمل بصوابه أو لا، بل حتى وإذا علم بخطأه لأنه يرى أن التصميم من اللاتصميم، فهو عاشق لأخذ التصميم من غير النظر إلى النتائج والمزايا والخصوصيات والموازنات وغيرها.

40 ـ التجزيئي، وهو من يزعم أن الاهتمام بالجزئيات كاف بدون حاجة إلى الاهتمام بالكليات، وعكسه أيضاً صحيح وهو من يهتم بالكليات دون الاهتمام بالجزئيات، بينما يجب على المدير أن يهتم بالجزئيات وبالكليات كل في مقامه، وإلاّ كان العمل ناقصاً أو مبتوراً أو سبب خبالاً.

41 ـ التصفيقي، وهو الذي يقرب المصفقين حول نفسه ممن يسبح بحمده ويثنيه، من دون نظر إلى الكفاءة وسائر المؤهلات ومن دون نظر إلى النتائج، وإنما يريد أن يظهر نفسه أمام الآخرين بأن الناس ملتفون حوله، وأنه شخصية بارزة في المجتمع مهما كانت النتائج وخيمة.

42 ـ الذرائعي، وهو الذي يتوسل إلى الذرائع في تبرير تأخره وتأخير مؤسسته، بدل أن يفكر في الحلول الواقعية للمشكلات لينتشل نفسه ومؤسسته من السقوط.

43 ـ الوجهيني، وهو الذي يظهر شيئاً ويبطن آخر، كما في بعض البلاد الإسلامية في الستينات، حيث كان رئيسها يعمل لأمريكا باسم روسيا، ويحطم الاقتصاد باسم الاشتراكية، ويفني المسلمين باسم التقدمية ويضرب المسلمين باسم محاربة إسرائيل، ويهيء الأجواء لاستيلاء إسرائيل على أراضي إسلامية أكثر باسم القومية، إلى غير ذلك، وأفراد كثيرون في رؤساء الحكومات ورؤساء الوزارات ومن أشبه ذلك، وهكذا حال المؤسسات الصغيرة الأهلية.

44 ـ الأشيائي، وهو الذي يزعم أن موظفيه أشياء لا أشخاص، ولذا يحتم عليهم أن يعملوا بالروتين الكامل بدون أدنى ابتكار، كما يعمل الشيء لا كما يعمل الشخص، وبذلك تجمد المؤسسة والجمود مبدأ السقوط دائماً.

45 ـ الإستشاراتي [8]، وهو الذي يجمع حول نفسه المستشارين والمعاونين أكثر من المتعارف، أما بقصد إظهار نفسه بالمظهر الاستشاري وأما بقصد ترفيع سمعة مؤسسته أو لغير ذلك.

46 ـ الخطي، وهو الذي يزعم بأن تعيين الأصول والمقررات واللوائح كاف في الإجابة عن مختلف الأسئلة، وحل كل المشاكل وجعل الموظفين يمشون في الصراط المستقيم، مع أن تعيين الخط لا يغني الإدارة الصحيحة التي هي عبارة عن وضع الخط العام موضع التنفيذ، وإرجاع الصغريات إلى كبرياتها الكلية.

47 ـ الأخشابي، وهو الذي يريد من الموظفين أن يكونوا كالأخشاب التي ينجزها المعمل، حيث استواء الأحجام والأشكال، فاللازم أن يكونوا في أعمالهم وأفعالهم بالوتيرة الواحدة، من دون أن يلاحظ أنهم بشر لكل منهم خصائص وميول واتجاهات وآراء وأفكار وتقلبات.

48 ـ المتأرجح، وهو الذي إن ربحت المؤسسة في نتيجة أريدت منها أو سمعة عند الناس جعل نفسه مساهماً فيها، بل ربما نسب الربح إلى نفسه، وإن خسرت ابتعد عنها بل أخذ في النقد بأن ذلك من أفراد آخرين، وإن كان هو صاحب المشكلة فليس له روح موحدة مع المؤسسة، والمدير يجب أن يعمل بروح واحدة.

49 ـ الإرتجاعي، وهو الذي يقاوم كل فكر جديد والتجديد في المؤسسة، ويحارب أصحاب مثل هذه الأفكار.

50 ـ التغييري، وهو الذي يزعم أن في تغيير الأشخاص وفصلهم أو تغيير صورة المؤسسة أو شكلها، تحل المشاكل بما ليس الأمر كذلك على إطلاقه، بل ربما يكون هو المولّد للمشكلة، وربما يكون السبب عدم استقامة المنهج العام والروح السائدة في المؤسسة، لا أن المشكلة في أحد الأمرين السابقين، وهو يرى نصف المشاكل وحلولها لا النصف الآخر، وربما يطلق (النصفي) لمن يرى نصف المشكلة كالطبيب الذي يرى نصف المرض، كمن تمرّض ومبعث مرضه مرض في قلبه، ومرض في كبده، فيرى مرض القلب فقط دون مرض الكبد، فيعالج مرض القلب ويترك مرض الكبد، مما قد يؤدي بالمريض إلى ما لا يحمد عقباه.

51 ـ الضوضائي، وهو الذي يتصف بالضوضاء في عمله وكلامه، سواء في إدارته ومكالمته مع الموظفين أو الجماهير أو غيرهم.

52 ـ التنقيطي، وهو الذي يلاحظ الدقة المتزايدة في الأوراق المربوطة بالإدارة، فيقدم عبارة على عبارة، ويضع نقطة مكان نقطة، أو يزيد أو ينقص أو يبدل كلمة بكلمة إلى غير ذلك.

53 ـ البرّاد، وهو الذي يعمل ما يوجب برود الموظفين عن أعمالهم، ونفور القلوب منه، مما يؤثر أخيراً على النتائج.

54 ـ الكل شيء، وهو الذي يصمم ويراقب ويقدم ويعمل ويؤخر ويحلل ويفعل كل شيء، ومن المعلوم أن من يعمل كل شيء، يكون كل شيء منه ناقصاً وأحياناً تافهاً، ولذا قالوا في المثل: (كل شيء لا شيء).

55 ـ الكبريائي، وهو الذي يرى لزوم أن يتواضع له المرؤوسون والجماهير في كل شيء، فيرى نفسه فوق كل أحد، ويرى أن من يقصر في ذلك يستحق العقاب، بالفصل وعدم ترفيع الدرجة وما أشبه ذلك.

56 ـ المنبّت، وهو الذي يتفرّد في آرائه وأعماله ويرى صوابية رأيه من دون الاحتياج إلى الآخرين، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيمن يسبق أصحابه في الطريق بدون ملاحظتهم ولا ملاحظة فرسه، ولا ملاحظة نفسه: (المنبّت لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى).

57 ـ المتذبذب، وهو من لا يقدم على العمل إلاّ بقلب متردد، ودائماً يكون متردداً بين الإقدام والإحجام، والتصميم وعدمه، حتى يفوّت الفرصة من يده.

58 ـ الغافل، وهو من لا يحسب حساب التيارات الجارية في المجتمع،

59 ـ الجاهل، وهو الذي لا يعلم نواقصه، ولا يريد أن يعرفها ولا أن يصلحها.

60 ـ قصير النظر، وهو الذي لا يفكر في المستقبل، بل يرى الحاضر فقط ويعمل للحاضر فقط، بينما يجب على الإنسان أن يفكر في الحاضر والمستقبل

فإن ملاك هذه الأحاديث وأمثالها يجري فيما نحن فيه، وفي الآية الكريمة: (... فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) [9].

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ*أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا).

61 ـ الضوابطي، وهو العامل بدون مرونة، فإن من لا مرونة له يمشي حسب الضوابط مع العلم أن الظروف غالباً تتغير، فاللازم المرونة، وقد ألمعنا إلى مثل ذلك في بعض النقائص السابقة، مما بينه وبين هذا عموم من وجه.

62 ـ الإمتدادي، وهو الذي يصرف كل تفكيره في المستقبل، ولا يفكر في الحاضر ولا يعيره اهتماماً.

63 ـ الآرائي، وهو الذي كل يوم له وجهة نظر ويغيّر آراءه، فله رأي في هذا اليوم وغداً رأي آخر، وهكذا، ومن الواضح أن مثل هذا الإنسان لا يصل إلى نتيجة، بل يبني ويهدم ويبني ويهدم إلى أن لا يبقى له وقت ولا مال ولا سمعة، ويقع في مشاكل لا قبل له بها.

64 ـ الفحوصي، وهو الذي يفحص دائماً حلول المشاكل وكيفية العمل في الطرق السابقة، بدون مراعاة تغيّر الظروف من الزمان السابق إلى الزمان الحالي، لمختلف التيارات التي يحملها الزمان.

65 ـ الأماني، وهو الذي يعيش على الأماني دون العمل والذي يفكر في الذي لا ينبغي، ولا يعمل الممكن تحذراً منه، وقد قيل لإنسان لماذا لا تنظم الشعر (وقد كان قادراً على النظم) قال: لأن ما أريده لا أقدر عليه وما أقدر عليه لا أريده، وهذا يكون في كل إنسان سلبي.

66 ـ الساعاتي، وهو الذي يقرر لكل ساعة عملاً، مع أن الرئاسة عبارة عن انتهاز الفرص، فإذا لم ينتهز الإنسان الفرصة في وقتها فاتته، وكثيراً ما تكون الفرصة أهم من العمل الذي قرره لمثل هذه الساعة.

67 ـ الجنبي، وهو الذي لا يصرّح بالمقررات للموظفين بصراحة اللهجة وبوضوح، بل يقول بعضها ويجمل بعضها ويبيّن بعضها، يريد بذلك إظهار نفسه بالمظهر المرتفع الذي لا يفهم كلامه الناس، ثم يعتب عليهم في عدم تطبيقهم أوامره، وهذا نوع من الغرور والكبر.

68 ـ البعدي، وهو الذي له بعد واحد مع رؤسائه ضد مرؤوسيه أو بالعكس، مع أنه يجب أن يكون تابعاً للعدالة، سواء كان في هذا الطرف أو في ذلك الطرف يدور مع الحق حيث ما دار، قال سبحانه: (... وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى...) [10] وربما يعبر عن مثله (بالبعد الواحدي).

69 ـ المنعزل، وهو الذي لا ينسجم مع الموظفين ومع رؤسائه ومع الناس الذين هم محل ابتلائه، بل لا يعاملهم إلاّ بقدر المعاملة فقط، بدون انبساط وأخذ وعطاء، مما يحتاج إليه أي مدير في أي بعد من أبعاد الحياة.

70 ـ التشريفاتي، وهو الذي لا يتمكن الناس من الوصول إليه لجفاف أخلاقه، وإن كان بابه مفتوحاً، لكن وجهه حاجب دونهم.

71 ـ المنغلق، وهو الذي بابه مسدود على الناس وحجابه منسدل، وهو ينغلق على عمله وفكرته ورأيه.

72 ـ ذو البعد القديم، ويقابله ذو البعد الحديث، وهو الذي يرجح كل قديم على الحديث، أو الذي يرجح كل حديث على القديم، ومن فروع ذلك أنه يرجح الشباب على الشيوخ أو يرجح الشيوخ على الشباب من غير ملاحظة الكفاءة، وقد قال علي (رضي الله عنه) في كلمة جامعة: (يعجبني رأي الشيخ وجلد الغلام).

ومن الواضح أن ما قاله (عليه الصلاة والسلام) هو الغالب، وإلاّ فقد يكون للغلام الرأي وللشيخ الجلد، ولهذا نرى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أحياناً يجعل رؤساء جيشه مثل أسامة، أو رؤساء دولته مثل أسيد.

73 ـ الفأسي، وهو الذي يكون كالفأس يضرب كل شيء، لكي يكون في طرف نفسه ولا يلاحظ الآخرين، بينما يجب أن يكون الإنسان كالمنشار يعطي ويأخذ، ولا يكون كالمسحق (المحكماك) أيضاً ممن يعطي ولا يأخذ.

74 ـ المتفرعن، وهو الذي يرى كأنه فرعون ولسان حاله كما قال فرعون بلسان الحال: (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي؟) فيرى الناس عبيداً له،

75 ـ الظنوني، وهو الذي يعمل بالظنون بدون تثبت وأخذ بالموازين والضوابط ولا بالاستشارة فما وصل إليه ظنه يتبعه، سواء في الأعمال الإدارية أو مع الموظفين أو في غير ذلك من شؤون الإدارة، كما أنه قد يكون الإنسان الفردي يعمل بالظنون أيضاً في مأكله ومشربه وملبسه وأخلاقه مع عائلته أو مع سائر الناس.

76 ـ المتجاوز، وهو المفرط أو المفرّط حيث يتجاوز إلى الداخل ضيقاً أو إلى الخارج سعة بدون رعاية الوسط، كما ينقل في الشخص الذي اشترى عبداً كان يطيع حرفياً، فرأى منه عنتاً ثم باعه واشترى عبداً آخر كان يطيعه حسب اللوازم أيضا فرأى منه إرهاقا مما اضطر إلى بيعه أيضا.

ولا يخفى أن الأقسام اكثر من هذه الأعداد، لكنا اكتفينا بهذه الكمية مخافة الملالة في ذكر الأكثر وطول البحث، ربما يوجب الإطناب الممل ويخرج الكتاب عن وضعه المتوسط.

[1] سورة الكهف: الآيتان 103 و104.

[2] سورة فاطر: الآية 8.

[3] سورة المؤمنون: الآية 53 وسورة الروم: الآية 32.

[4] سورة التوبة: الآية 110.

[5] سورة التوبة: الآية 46.

[6] سورة البقرة: الآية 206.

[7] سورة الزمر: الآية 9.

[8] الاضطرار إلى عمل خلاف قاعدة النسبة أوجب هذه اللقطة ونحوها.

[9] سورة البقرة: الآية 200.

[10] سورة المائدة: الآية 8.

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 15-04-2005, 07:47 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

صفات المدير الناجح

(مسألة) هناك فرق بين صفات المدير أو الرئيس، وبين صفات القائد أو الزعيم، فصفات المدير هي ما يستمدها من النفس والمجتمع والقانون، والشرع عند المدير المتشرع، اما صفات القائد فهي بالإضافة إلى ذلك، يشترط فيه بعض المواهب الشخصية والفطرية والإقدام، وغير ذلك مما لا يشترط في المدير، فإن قدرة الإبداع العام والمرونة مع الظروف، والتصلب في المشي إلى الهدف والتجاوز عن الجزئيات في سبيل القضية العامة إلى غيرها، يجب توفرها في القائد، بينما لا يحتاج المدير إليها، وهنا قسم ثالث من الأفراد وهم رؤساء الدول ومن أشبههم من الذين وصلوا إلى الحكم بجدارة، فهم دون القائد، وفوق المدير، مثلاً.

(لنكلن) في أمريكا قائد، إما فلان فهو رئيس دولة، وفلان فهو مدير.

وفي الهند (غاندي) كان قائداً أما (نهرو) فكان رئيس دولة، ومدير الشرطة الفلانية فهو مدير

ونحن لا نريد بهذه الأمثلة التصديق على أشباه هؤلاء، وإنما نريد الإلماع إلى الفروق البينة، بين الأقسام الثلاثة.

وغيرهما من مديري الشركات والمؤسسات مديرون وليسوا بقادة ولا برؤساء دولة، وكيف كان فقد ذكر بعضهم في صفات المدير الناجح، مما يعرف منها صفات المدير الفاشل من باب (وبضدها تتعرف الأشياء) الأمور التالية مما قد ألمعنا إلى بعضها فيما سبق، لكن حيث إن بين هذه الصفات وبين المذكورة سابقا العموم من وجه، نذكرها تباعا بدون التفصيل في خصوصياتها:

1 ـ تحمل المسؤولية عن الأعمال أو الفشل.

2 ـ الرغبة في اتقان العمل وتحسينه.

3 ـ اعتبار العمل متعة يتمتع بها لا ثقلاً على كاهله.

4 ـ القدرة على التنفيذ في الوقت المناسب.

5 ـ العمل تحت ضغط الوقت.

6 ـ قوة الارادة على التنفيذ بعد الفهم والقناعة.

7 ـ الثقة بالناس والعمل على أساس تحقيق النجاح.

8 ـ اتقان وسائل تقوية الذاكرة.

9 ـ القوة البدنية والصحة العامة.

10 ـ الوضوح في الرأي، بأن يكون صاحب رأي في الأمور.

11 ـ الطموح.

12 ـ المرونة مع الثبات في السير نحو الهدف.

13 ـ التوسط بين الإفراط والتفريط.

14 ـ الأفق الواسع، والنظرة الشاملة.

15 ـ التزام الشخصية وعدم الترجرج.

16 ـ الصبر والنفس الطويل.

17 ـ ضبط النفس والتحكم في الأعصاب في المواقف الحرجة، خصوصا المثيرة منها.

18 ـ الهدوء أمام الأزمات، مع الاندفاع الداخلي الشديد لحلها، بأن يكون مندفعاً لحل المشكلة، وكما قال بعضهم في المثل: يجب أن يكون كالبط ظاهره هادئ، لكنه يضرب رجله في الماء بسرعة.

19 ـ الواقعية والنظرة الشمولية، لمواجهة نسبية الأمور في عالم الإدارة.

20 ـ الإنضباط واحترام الوقت مبتدءاً بنفسه وملتزما بتطبيقه على الآخرين، بالقدر الممكن.

21 ـ احترام القوانين والأنظمة وتطبيقها على شخصه وعلى غيره، فإن المدير الذي لا يطبق القوانين على نفسه، يعتبر مديراً فاشلاً، فإنه مهما كان ناجحاً في أعماله، فإن مهابته من القلوب ساقطة، وذلك يسري في غيره أيضاً شاء أم أبى.

22 ـ احترام القوانين والأنظمة والتخطيط بروحها، وليس بحرفيتها.

23 ـ التفكير الدائم بالمستقبل والحاضر، لا أن يترك المستقبل للحاضر أو الحاضر للمستقبل.

24 ـ الحزم، وعدم التردد في اتخاذ القرار.

25 ـ الاستقرار على الرأي والقرار، بعد التأني في الوصول إليه.

26 ـ الإصرار على تنفيذه بعد ذلك.

27 ـ سرعة تمكن الانسحاب عن القرار، إن ظهر خطأه.

28 ـ الثقافة العامة والسعي لزيادتها باستمرار.

29 ـ المعرفة المتخصصة والمسلكية والسعي لتجديدها، حسب التصاعد في الثقافات.

30 ـ الرغبة الملحة في الإطلاع على الحياة العامة والخاصة.

31 ـ التكيف مع الواقع لتحقيق الهدف بالإمكانات المتوفرة أو المتاحة.

32 ـ الممارسة والتجارب والخبرة.

33 ـ القدرة على استخلاص الدروس والعبر من التجارب الفاشلة أو الناجحة، سواء بالنسبة إلى مؤسساته أو سائر المؤسسات.

34 ـ الكفاءة في الدمج بين النظرية والتطبيق، للحصول على أعلى مردود عملي.

35 ـ التصدي لمواجهة الصعوبات، وعدم الهروب منها.

36 ـ التصرف اتجاه المواقف الطارئة بسرعة ومرونة، حسب ما يتطلبه الموقف.

37 ـ القدرة على تلخيص المناقشات والمواقف.

38 ـ القدرة على عرض الرأي، والإقناع بقوة الحجة والمنطق.

39 ـ القدرة على النقد الذاتي، وعدم التحاشي عن توجه النقد إليه، وإنما ينظر إلى النقد بموضوعية.

40 ـ الإرتياح لظهور الحق له، إذا كان على خطأ، سواء كان النقد من جهة داخلية أو جهة خارجية أو جهة نفسية.

41 ـ أن يكون فعالاً محرضاً، وذا تأثير في الآخرين.

42 ـ تثبيت التوجيهات الشفهية، خطياً بالقدر اللازم.

43 ـ عدم التراجع عن التوجيهات الشفهية إذا لزم عنها مسؤولية.

44 ـ الصدق في إنجاز الوعود، والسعي لتحقيقها بكل إمكاناته.

45 ـ الأمل وعدم الإستسلام لليأس أو القنوط، خصوصاً إذا كان موضع القنوط الإحباط.

46 ـ التفاؤل والتطلع للمستقبل.

47 ـ السعي الدائب لاكتساب العادات والصفات الجيدة، والتطبع عليها.

48 ـ العناية المتوازنة والمستمرة بالمجالات الرئيسية للإدارة.

49 ـ الإنصاف بينه وبين سائر الناس، سواء كانوا رؤساء أو مرؤوسين أو الجماهير المرتبطة به.

50 ـ التنبؤ للمستقبل والإهتمام به والتطلع الدائم لمعرفة المستقبل، من الأسباب الموصلة إليه عادة.

51 ـ القدرة على تحديد الأهداف الأساسية بعيدة المدى.

52 ـ شمولية النظرة والمعالجة، فإن النظرة الجانبية كالمعالجة الجانبية تسبب الخبال.

53 ـ السعي لتنفيذ الأهداف ضمن أولويات متوازنة.

54 ـ التعرّف على البيئة المحيطة والتكيف معها.

55 ـ جمع الإمكانات لتنفيذ الأهداف.

56 ـ الإقتصاد في الإمكانات وترشيد استخدامها.

57 ـ التعرّف على برمجة الأعمال الخاصة به، أو بالمنشأة ككل.

58 ـ الروح التنظيمية والترتيب، فإن الإنسان إذا ربىّ نفسه على التنظيم والترتيب تطبع بهذه الروح، حتى تأتي منه الأشياء تلقائياً.

59 ـ حسن توزيع العمل على المرؤوسين، حسب قدراتهم، والسعي للتعرف على هذه القدرات وتطويرها.

60 ـ الموضوعية في إختيار العناصر، لإشغال الوظائف، لا بنحو المحاباة أو الأهواء أو المحسوبية والمنسوبية، وما أشبه.

61 ـ تبسيط وتحديث نظام الإتصالات وأدواته.

62 ـ التنسيق بين نشاطات الأقسام المختلفة.

63 ـ تأمين التنسيق والتزامن بين أعمال الجهات، أو العناصر المشاركة بالتنفيذ.

64 ـ القدرة على التنسيق والتعاون مع الجهات الأعلى، والموازية، والجهات الأدنى.

65 ـ جعل فعالية وحدته منسجمة مع الوحدات الأخرى، كجزء من كل متماسك.

66 ـ حسن استخدام الوقت وتوزيعه، مع عدم التضييق الموجب لعدم الرضا.

67 ـ أن تكون قراراته واضحة ومتأنية، بعيدة عن المزاجية والأهواء والميول.

68 ـ الإهتمام بالتدريب المستمر لشخصه ولمرؤوسيه، أفراداً وجماعات، حتى يكون دوماً مدرباً ومتدرباً.

69 ـ تشجيع البحث العلمي والتطلع إلى الأمور المعاصرة محلياً وعالمياً.

70 ـ السعي لتحليل تجارب الآخرين الفاشلة أو الناجحة، والاستفادة منها.

71 ـ أن يكون قادراً على ترتيب السلطة، ومتابعة تحقيق الأهداف الرئيسية.

72 ـ قلة الدخول في التفاصيل كلما ارتفع المستوى، لأنه إذا دخل في التفاصيل، فاته المستوى الأرفع الذي هو مقصوده.

73 ـ تشجيع العمل الجماعي، على نحو الإستشارية (الديمقراطية).

74 ـ خلق روح التنافس بين المجموعات العاملة تحت يده أو الذين هم معه، وأحياناً يتمكن من خلق مثل هذه الروح في المراتب العليا أيضاً.

75 ـ تشجيع المبادرات الفردية والجماعية والإبتكارات.

76 ـ إفساح المجال لظهور المرؤوسين الأكفاء، حتى يتمكنوا من التقدم إلى الأمام.

77 ـ القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب.

78 ـ القدرة على اتخاذ القرار المفهوم للمنفذين.

79 ـ القدرة على تأمين الإمكانات الواقعية، لتنفيذ قراراته.

80 ـ أن يكون مصراً على تنفيذ الأهداف والواجبات والقرارات التي يريدها.

81 ـ القدرة على توجيه ومساعدة مرؤوسيه في تذليل الصعوبات والتعاون معهم.

82 ـ الموضوعية في استخدام وتوزيع الحوافز المادية والمعنوية.

83 ـ تقوية نظام الإحصاء وترتيب المعلومات، حتى تكون ملكة عادية بالنسبة إليه وبالنسبة إلى من يتمكن من التأثير عليه.

84 ـ التعود على تنظيم دوري عن لأعماله وأعمال وحدته.

85 ـ حب العمل الميداني والقرب من مواقع التنفيذ.

86 ـ متابعة سير تنفيذ توجيهاته وقراراته بحزم واستمرار.

87 ـ القدرة على معرفة أسباب الخطأ ومعالجتها.

88 ـ المحافظة على أسرار الوحدة السارية في روح المنشأة.

89 ـ المحافظة على موجودات المنشأة.

90 ـ السعي الدائب لتطوير التعليمات وأساليب العمل وتبسيطها.

91 ـ السعي لتحديث أدوات الإدارة باستمرار، سواء كانت الأدوات باشتراء أو باستئجار.

92 ـ العمل على تكوين وتقوية الفئة الإحتياطية من الإداريين والإختصاصيين، على ما المعنا إليه سابقاً، حيث يحتاج العمل إلى الاحتياطي.

93 ـ الإحتفاظ بإمكانات إحتياطية، لمواجهة الظروف الطارئة.

94 ـ العمل على جاهزية إداراته، لاستمرار عملها بوتيرة مناسبة في الحالات العادية أو الطارئة.

95 ـ ممارسة الوظائف العامة للإدارة بشكل متكامل ومتوازن.

96 ـ التغيير المناسب للإدارات أو الأشخاص أو الآلات، إذا اقتضت الظروف ذلك.

97 ـ الحرص على الاحترام المتبادل مع الرؤساء والمرؤوسين والزملاء والجماهير، إذا كان محل إحتياجهم منطلقاً من احترام الذات واتقان العمل الشخصي.

98 ـ عدم المس والتشهير بمن سبق، وبمن هو في الحال رئيس أو مرؤوس أو زميل له، وكذلك جماهير المتعاملين معه.

99 ـ الاهتمام بالروح المعنوية للمرؤوسين وأوضاعهم المادية.

100 ـ التعامل مع العاملين كبشر، وليس كأشياء، على ما سبق الإلماع إلى مثل ذلك.

101 ـ الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية نحوهم وبتقاليدهم وبأعرافهم.

102 ـ البساطة.

103 ـ عدم ارباك المرؤوسين، وعدم تكثير الأوامر عليهم وانتقادهم.

104 ـ السعي لرفع كفاءاتهم باستمرار، وإظهار مواهبهم ومبادراتهم.

105 ـ السعي لخلق إحتياطي من العناصر الكفوءة، حتى يكونوا رؤساء ومن يرى الأقسام ومن أشبه ـ وهذا غير ما تقدم من الإحتياطي ـ.

106 ـ نسبة النجاح إلى الناجح، لا أنه يجعل النجاح من حصته، كما أنه إذا كان النقد وارداً على نفسه يبيّن ذلك من دون أن ينسبه إلى غيره.

107 ـ التكلم باحترام ويقول عن نفسه نحن ولا يقول أنا.

108 ـ المشورة والروح الإستشارية في المناقشات.

109 ـ الحزم في تحمل مسؤولية القرار وتنفيذه.

110 ـ تشجيع العمل الاجتماعي، والتعاون بين العناصر.

111 ـ الاعتماد على العناصر الكفوءة، وإيجاد التنافس الشريف بين العناصر.

112 ـ حسن التعامل مع الرؤساء والزملاء والمرؤوسين والجمهور.

113 ـ تمرين النفس، حتى تكون قادرة على السيطرة وفرض الإنضباط.

114 ـ احترام سلطات وصلاحيات المرؤوسين، وعدم تجاوز رؤساء التسلسل.

115 ـ الثقة بالنفس.

116 ـ الثقة بالآخرين مع حسن الرقابة وحسن الظن، بما لا يكون موجباً للخبال.

117 ـ حسم الخلافات بالسرعة الممكنة، وبالعدالة والإنصاف والإحسان.

118 ـ إلقاء روح الوئام والأخوة بين العناصر.

119 ـ أن يكون هو المقدم في كل أمر يأمر به المرؤوسين، فإن الرئيس أسوة، فإذا رأوا انه يعمل بما يقول، عملوا هم أيضاً، وإلا كسلوا وكذلك، في النواهي.

120 ـ مساعدة المرؤوسين في تنفيذ واجباتهم، وتوضيح طريقة التنفيذن وإرشادهم إلى أفضل الطرق.

121 ـ مساعدة المرؤوسين والزملاء، بل والرؤساء أيضاً على تصحيح الأخطاء وتجاوز الصعوبات.

122 ـ الاهتمام بأن يكون قدوة حسنة بالنسبة لا إلى المرؤوسين فحسب، بل وحتى الزملاء وحتى الرؤساء، فإن الإنسان الحسن السيرة، يكون قدوة لمن فوقه أيضاً.

123 ـ المصارحة بدون التجريح، وإنما مع المداراة.

124 ـ إيجاد الثقة المتبادلة بينه، وبين الجوانب الأخرى.

125 ـ لزوم الوصول إلى المحبوبية لدى المرؤوسين والرؤساء والزملاء.

126 ـ الابتعاد عن الشعبية الرخيصة.

127 ـ توفر الجرأة الأدبية، تجاه الرؤساء والزملاء والمرؤوسين.

128 ـ حسن الاستماع إلى كلام الآخرين لأن الاستماع الحسن، من أسباب استقطاب المتكلم حول نفسه.

129 ـ الاهتمام بفهم وجهات نظر الآخرين، وإن كانت مخالفة لآرائه، وعدم الغرور في جعل رأيه فوق آرائهم.

130 ـ لا يرفع صوته على الآخرين، ولا يصرخ خلال المناقشة مع المرؤوسين، ولا يحدث الضوضاء والجلبة.

131 ـ الإستفادة من تجارب الذين سبقوه وخبراتهم، بدون الغرور وتصوّر أنهم ما كانوا يفهمون، وأنه هو الذي يفهم، كما يتفق ذلك في كثير من المغرورين والجهلاء.

132 ـ الشعور بالانتماء والولاء للمنشأة، وتنميته لدى مرؤوسيه.

133 ـ الدعاية الواقعية للمنشأة، وشرح أوضاعها بموضوعية.

134 ـ الجدية في موضع الجد، والدماثة في موضع الدماثة، وفي المثل (لا تكون قاسياً فتكسر، ولا ليناً فتعصر).

135 ـ تأييد المرؤوسين على ممارسة الصلاحيات، وتحمل المسؤوليات ويجعل الرجوع إليه في حالات استثنائية فقط.

136 ـ الحزم في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب في المرؤوسين، بدون المحاباة ونحو ذلك مما يوجب قلة الهيبة والعنف.

137 ـ تبسيط إجراءات التعامل مع الجمهور، وقد ذكرنا شرحاً حول التبسيط في بعض مسائل هذا الكتاب.

138 ـ إيجاد الجو المناسب لتعامل المواطنين مع المنشأة، وإبعاد النظرة الفوقية بالنسبة إليهم.

139 ـ تقصّي صدور القرارات والإجراءات على الجمهور معنوياً ومادياً.

140 ـ تصحيح الأخطاء، كلما انكشف له الخطأ، والسير بالمنشأة إلى الأفضل، كلما حدث ذلك.

141 ـ احترام النفس.

142 ـ الالتزام.

143 ـ حب العمل في المنشأة التي يرأسها.

144 ـ الذكاء وسرعة البديهة، فإن الإنسان قابل بأن ينمي في نفسه أمثال هذه الصفات، ولو بقدر ما تتحمله ظرفيته.

145 ـ الإخلاص.

146 ـ التواضع مع الاعتزاز بالنفس، والبعد عن الغرور أو التعالي.

147 ـ الموضوعية، بأن لا يكون ذاتياً أو انفعاليا مزاجياً.

148 ـ الصدق مع الرؤساء والزملاء والمرؤوسين والجماهير.

149 ـ الصراحة والابتعاد عن الوشاية.

150 ـ النزاهة.

151 ـ قوة الاحتمال والصبر والمثابرة والاستقامة.

152 ـ النشاط والقوة البدنية والتريّض باعتدال، ويمكن تحصيل ذلك بواسطة الرياضات الخفيفة ونحوها.

153 ـ طيبة القلب وكرم النفس.

154 ـ اعتبار الوظيفة مسؤولية أكثر من كونها وجاهة ومعاشاً.

155 ـ اعتبار المصلحة العامة كأنها مصلحة خاصة، وتقديم مصلحتهم على مصلحته الذاتية.

156 ـ القدرة على الفصل بين المصلحتين، حتى لا يتصوّر أن مصلحته مصلحة العامة أو بالعكس.

157 ـ وأخيراً بل أولاً ـ التوكل على الله سبحانه والاستعانة به، والإستخارة بأن يطلب الخير من الله سبحانه وتعالى فيما يريد أن يفعل، أو يدع، وفي الآية الكريمة: (... وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدْراً) [1].

ومن الواضح أن: (من توكل على الله كفاه الأمور وأراه السرور) وروايات الاستخارة، بمعنى طلب الخير من الله سبحانه وتعالى، متعددة.

ثم من غير شك أن الصفات على قسمين: قسم مكتسب، وهي الأكثر عدداً، وقسم موهبة خاصة، فاللازم التركيز في الحياة الإدارية على زيادة الصفات التي يمكن اكتسابها تدريجياً مع الزمن، بالممارسة، والتعود، والتعلم، والتكرار، والإرادة، والصبر بالمجهود فردياً أو جماعياً، كما أن الواجب على المدير صقل وبلورة مواهبه، والإمكانات الفطرية المودعة فيه بشتى الوسائل والسبل، وبذلك يزيد المردود الذي يمكن الحصول عليه من الصفات أو الإمكانات الفطرية أو الخلقية المتوفرة أصلاً لدى الإدارة، فإن النفس الإنسانية كالأرض الخالية، يمكن أن يزرع فيها الطيب أو الخبيث، وإن كانت الأراضي تختلف بين طيب وأطيب، ولذا ورد الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة).

ثم لا يخفى أنه يجب أن لا يأخذنا الهول، من كثرة الصفات التي ذكرناها سلبية أو إيجابية في هذه المسألة، أو المسائل السابقة لأنها كثيرة، والإنسان لا يتمكن أن يتحمل مثل هذه الكثرة، فإن الإنسان يتحمل أكثر من هذه الكثرة، إذ الصفات كالعلوم، أليس الإنسان يتحمل العلوم الكثيرة؟ وكذلك الصفات الكثيرة سلبية وإيجابية، وإن كانت أحياناً تبدو أنها مثالية، لكنها ليست مستحيلة أو مستعصية في معظمها، بل هي ممكنة وتحتاج إلى الفهم والقناعة والدأب والجهد والإرادة، للوصول إليها والممارسة الدائمة، كما ذكروا ذلك في علم الأخلاق مفصلاً وفي علوم النفس الحديثة، فعلى الإنسان السعي لذلك بطريقة عملية على طول الخط، حتى يتمكن من الوصول إليها جميعاً، أو إلى العدد الممكن منها.

ثم من الممكن للإنسان أن يراقب نفسه، حتى يكشف عن نفسه نقاط الضعف والقوة، فيسعى بينه وبين نفسه لتقوية نقاط القوة وتجنب نقاط الضعف، ومن الواضح أن الإنسان إذا كان مخلصاً مع نفسه في إرادته للإتصاف بالصفات الحسنة، والتجنب عن الصفات السيئة يتمكن من ذلك، وقد ذكر علماء النفس، أن الإيحاء النفسي له أكبر الأثر في التخلق بالأخلاق الحميدة، حتى يمكن أن يصبح الجبان شجاعاً.

[1] سورة الطلاق: الآيتان 2 و3.

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 15-04-2005, 07:51 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

مميزات القائد

ثم أنهم اختلفوا في أنه من هو القائد؟ وما هي القيادة؟ هل هي مجرد صفات إذا تحلى بها الفرد يصبح قائداً؟ وقد ذكرنا بعض الصفات التي يجب أن تتوفر في القائد، أم هي ظروف معينة إذا وجدت ظهر القائد، وإذا تغيرت تغير القائد، أم هي موقف معيّن لمجموعة أشخاص، فإذا تغير الأشخاص تغير القائد، أم أن القائد يظهر في حالة وجود هدف معيّن فإذا تغير الهدف تغير القائد، والظاهر أن القائد بحاجة إلى الصفات، والظرف الخاص، والهدف الخاص، وعند توفر هذه الأمور تجتمع الأشخاص وينجذبون إلى القائد انجذاب الشيء إلى شبيهه، فكل من نظريات الصفات والظروف والمجموعة والهدف، لا تكفي أن تكون مبرراً لظهور القائد، وأن يستدل كل واحد ما اختاره، مثلاً نظرية الصفات حول صفات القيادة، أمور متى توفرت في انسان كان قائدا وهي: توفر طاقة جسمانية، وقوة تحمّل عصبية، وشعور قوي بالهدف وبالإتجاه، والحماس، والصداقة، والشعور الرقيق، والخبرة الفنية، والحزم، والقدرة على اتخاذ القرارات، والذكاء، والقدرة على تعليم الآخرين، والإيمان.

وبعضهم يرى أن الصفات التي تجعل من القائد، قائداً عبارة عن السن، والوزن، والإرتفاع، والقوى الجسمية والمظهر، والصوت، والذكاء، والمعرفة، والحكم السليم، وبعد النظر، والإصابة في التفكير، والقدرة على التعبير، وعدم الإنطواء الشخصي، والقدرة على تحمل المسؤولية، والأمانة، والثقة بالنفس، والسيطرة على الأعصاب، والتفاؤل، والمركز الاجتماعي، والمهارات الاجتماعية، مثل: حسن التصرف، والدبلوماسية، والتعاون.

أما نظرية الظروف، فتقول الشخص الذي يملك أكثر كمية من المعلومات عن موقف معين، يصبح قائدا في هذا الوقت بالذات، فإذا تغيرت الظروف، تغير القائد، والنظرية المجموعية، تقول: العبرة في أشخاص مجموعة، فإذا تغير الأشخاص تغير القائد، ونظرية الهدف، تقول: أنه إذا تغير الهدف للجماعة، تغير القائد، لكنك خبير بأن هذه النظريات لا تتمكن أن تثبت أمام الواقع الذي ذكرناه من لزوم الظرف الخاص، والصفات الخاصة، والهدف الخاص، وعند ذلك تنجذب مجموعة من الأشخاص حول القائد، فيصبح قائداً، فإذا فقدت إحدى الشروط الثلاثة الأولى لا يكون انجذاب، ولا تكون قيادة.

ومن الواضح أن وجود صفات القيادة في شخصية معينة، لا يجعل منها قائداً والقائد قد يكون كذلك في وقت معين، وقد لا يكون قائدا في وقت آخر، كما أن هناك الكثير من الأشخاص يتصفون بصفات القيادة، وليسوا بقادة، فإن صفات القيادة في ذاتها قد تتوفر في شخص دون أن يحتل مركز القيادة، لأسباب تتعلق بالموقف أو بالظروف المحيطة.

ثم أن القائد يستلزم بطبيعته وجود التابعين، والتابع لا يظهر تبعيته في شكل طاعة عمياء، بل وتابع إلى الحد الذي يقبل فيه عن طيب خاطر، التأطير التوجيهي للقائد للوصول إلى الأهداف التي تجمعهم، فإن الجماعة بعضهم يكون تابعاً، وبعضهم يكون متبوعاً، كما هي حالة الحياة في كل بعد من أبعادها، وهناك علاقة متشابكة دائما بين القائد والتابعين، فالتابعون يتبعون القائد، والقائد يتبعهم، لكن في بعدين لا في بعد واحد، ويمثل القائد الفلسفة الأساسية لتابعيه، وهو يحدد طريقه على هذا الأساس، وإلاّ فقد التابعون طريقهم ووجدوا أنفسهم في ارتباك وحيرة، وأحياناً يفقدون ثقتهم وبالتالي القيادة عن القائد، فالقيادة مسألة نسبية في ذاتها، وتابعة للظروف الخاصة والأهداف الخاصة، لوضوح أن مجرد وجود جماعة من الناس، لا يعني وجود قائد، كما أن وجود من فيه صفة القائد، لا يعني أن يصبح قائداً فعلياً، فيجب أن يكون هناك هدف، والظروف نفسها تحدد الصفات الواجب توفرها في الشخص، إذ قد تفرض الظروف قيادة لا عنف، وقد تفرض الظروف قيادة عنف، وهكذا تظهر القيادة نتيجة ظروف اجتماعية للوصول إلى هدف، فيربط القائد بالهدف، نعم الصحيح أنه يمكن أن يكون كل من العنف واللاعنف مثلا وسيلة للوصول، ففي الجزائر مثلا العنف أوصل الجزائريين إلى الحكم، بينما في الهند أوصل اللاعنف الهنود إلى الحكم، وتظهر القيادة نتيجة التفاعل الإجتماعي بين شخص وآخرين، فانعزال الأشخاص عن بعضهم عزلاً تاماً لا يمكن أن يظهر القائد، فإذا وجدت مشكلة معينة وظهر شخص معين، يبيّن الحلول والأفكار الجديدة لها، فإنه يصبح قائداً لهذه المجموعة إذا رأت المجموعة أنه هو الشخص المنشود، الذي يتمكن من الوصول بالمجموعة إلى الأهداف المنشودة بسلامٍ، فأساس القيادة هو اشتراك القائد والتابعين في تحقيق أهداف مشتركة، فلا يمكن أن يقال: أن فلاناً قائد لاعتبار أنه ذكي أو ماهر أو مفكر أو مخلص أو مثابر أو مستقيم أو نزيه، أو ما أشبه.

نعم لا شك أن هذه الصفات معتبرة في القائد، دون العكس، أما العلاقة بين القائد وتابعيه، فمن طبيعة البشر أن يجتمع الإنسان في مجموعات، بغية إشباع حاجاته أو الإقلال من خسارته التي هي عدم إشباع مجموعة من رغباته، أو بعض رغباته، فإن الإنسان وحده لا يتمكن من الوصول إلى الهدف في الأمور الكبيرة، وإن تمكن في الأمور الصغيرة، ويقبل الأفراد توجيه الآخرين، لأن إشباع حاجاتهم سيتم عن طريق الآخرين، فيعتبر القائد على هذا الأساس وسيلة لتحقيق رغبات تابعيه، فإذا اعتقد الأشخاص أن حاجاتهم ستشبع عن طريق شخص ما، يصبحون تابعين له ويصير ذلك قائداً لهم، كما أن هناك بدائل يمكن اتباعها في الوصول إلى الهدف، مثل الإنسان الذي يريد السفر من مكان إلى مكان، فإنه يتمكن أن يسافر بالطائرة أو السيارة أو القطار أو الدابة أو سيراً على الأقدام وأحيانا تكون الطرق متساوية، كالسفر بهذه السيارة أو هذه السيارة، أو السفر على هذه الدابة أو على هذه الدابة.

ثم أن التابعين يتبعون القائد، لأنه يعدهم ويقوم فعلا بالحصول على ما يريدون أكثر من غيره، ويرون فيه الكفاءة والشهامة والمتطلبات القيادية، ومن غير شك أن الشخص الذي تتوفر لديه صفات محددة للقيادة، يتوقع منه أن يحقق أكثر ممن لا تتوفر فيه هذه الصفات، بل قد تكون الصفات منحصرة.

ثم قد يظهر القائد نتيجة رضا المجموع، وقد يكون الرضا في شكل صامت بدون انتخابات، وقد يكون العكس، كما لو طلب شخص من زملائه، أن يقوموا بزيارة مسافر ووافقوا على ذلك، فيصبح قائداً في هذا الظرف بالذات ولهذا الهدف بالخصوص، وقد يكون ذلك لمدة دقائق، كما قد يكون قائداً لمدة سنوات، كما في قيادات الانقلابات الشعبية.

أما إذا تم تعيين شخص كرئيس، فإنه لا يعتبر قائداً لأنه يستمد سلطته من جهة رسمية أو من سلطة عليا فوقه، أما القائد فيستمد سلطاته من التابعين له، وقد ذكرنا فيما سبق أن الأقسام ثلاثة: القائد، والرئيس، والمدير، فالرئيس الإداري هو الذي يعتمد كثيرا على السلطة المفوضة إليه من أعلى أو من المجموعة، أما القائد فيستمد سلطاته من الجماعة ذاتها، مع تفاوت بين صفات هذا وصفات هذا، وعلى كل، فالقيادة تنبع من الجماعة، ويشعر الأعضاء بالحاجة إليها، وتؤمن بأهداف الجماعة، وتشعر بشعورهم مستمدة منها سلطاتها، لا كشكل رئيس أو مدير، ثم انه يقع كثيرا ما للمرؤوسين، سواء كانوا تحت القيادة أو الرئاسة أو الإدارة، مشاكل لابد لمن فوقهم أن يعالجها بسلام وبسرعة مهما أمكن، وإلاّ فمن الممكن أن يستفحل الأمر بما لا يمكن حلها، نعم في بعض الأحيان لا يمكن الحل، فاللازم على من في الفوق أن يحل الأمر بالتي هي أحسن، بمعنى تضييق الدائرة مهما أمكن، وذلك يحتاج إلى الصفات الرفيعة، قال سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [1].

أما عن توقّع الحرب في حدود البلاد مثلا فيتصرف رئيس الدولة تصرفاً سيئاً، حتى يأتي بها إلى عاصمته، فذلك معاكس الحكمة تماماً.

ونذكر في هذا المقام من مشكلات المرؤوسين أموراً عشرة، مما تحتاج إلى الحل أو تضييق الدائرة، فعلى الرئيس أن يقوم بالممكن من الأمرين:

الأول: عناد المرؤوسين، فمن الأهمية بمكان معرفة الرئيس بعناد المرؤوسين، فإذا كان العناد صفة شخصية خاصة بالمرؤوسين، فإنه من الممكن تجنب عناده بتوجيه الإقتراحات له بدلاً من إعطاء الأوامر، أو إثارة دافع اهتمامه مما يمس بكرامته للحصول على التعاون المطلوب، ويلزم على الرئيس إفهام الموظف العنيد، أنه يستحيل إتمام الأعمال في جو يسوده العناد، وربما يضطر الرئيس إلى نقل الموظف إلى مكان آخر أو فصله اضطراراً إذا كان لا يمكن إطفاء العناد فيكون ذلك كمثل بتر العضو الفاسد الذي لا ينتفع منه، وربما يخشى على سائر الأعضاء من العدوى.

الثاني: لامبالاة المرؤوسين، فإنه كثيرا ما يلاحظ الرئيس الإداري، ظاهرة اللامبالاة عند بعض موظفيه، وتحويل اللامبالاة إلى الإستعداد للتعاون مع المؤسسة ومع الزملاء ومع الرئيس، من أهم وظائف الإدارة والرئاسة والقيادة، وذلك بإيجاد وتدعيم الدوافع إلى التعاون وخلق مشجعات ومرغبات، نعم قد تكون اللامبالاة عند المرؤوس راجعة إلى اللامبالاة عند الرئيس ذاته، وفي هذه الحالة يجب أن يصلح الرئيس نفسه، حتى بصلاحه ينصلح المرؤوس، ومن أهم الطرق التي يستخدمها الرؤساء في علاج اللامبالاة، هو إصرارهم على ضرورة تنفيذ الأعمال مهما كانت الظروف، ومن الإصرار أن يقوم نفس الرئيس بتنفيذ العمل، حتى يكون تقريعاً بالنسبة إلى المرؤوس اللامبالي.

الثالث: انعدام المبادرة عند المرؤوسين، فإنه في كثير من الأحيان يكون عند المرؤوس حالة تسبب عدم المبادرة إلى الأعمال، فيعتمد المرؤوس على الرئيس، وقد يرجع ذلك إلى تركيز كبير في السلطة وإلا فمن الضروري تشجيع المرؤوس على التفكير البنّاء، حتى يبادر إلى العمل، ومن اللازم أن يعلم المرؤوسون استعداد الرؤساء، لتقبل الأفكار الجديدة، لحل المشاكل والتقدم إلى الأمام، وغالباً ما يخصص صندوق الإقتراحات للإطلاع على الإتجاهات السلبية المحتاجة إلى المبادرة.


الرابع: جفاء المرؤوس، فإنه ربما يظهر لأحد الموظفين جفاء لرئيسه أو لمرؤوسيه أو لزميله، أو تصرف بشكل غير لائق في المنشأة أو غير المنشأة، من الأمور المرتبطة بالرئاسة أو القيادة أو الإدارة، فمن الضروري على الرئيس في هذه الحالة أن يعرف، هل أن التصرف غير اللائق مجرد رد فعل لتصرف غير لائق من الطرف الآخر؟ أو هي حالة مستفحلة، أوله أسباب خارجية، فيسعى بتحسين حالة ذلك الموظف، مهما أمكن، وربما يحتاج الأمر إلى مباحثات وأحيانا تكون المباحثات طويلة، حتى يتمكن المشرف من إزالة هذه الجفوة.

الخامس: عصيان المرؤوس، بسبب تصرفات الرئيس، فإنه إذا اعترض مرؤوس على تصرفات الرئيس بشكل ظاهر أو بشكل خفي، وآل إلى العصيان، لا بد أن يفهم الرئيس سبب الاعتراض، فإذا رأى الرئيس أن العصيان له سبب وجيه، تصرف بما يرفع ذلك السبب، مثلاً إذا كان السبب هو موضوع بعمل الرئيس، مما يثير اعتراض المرؤوس، فاللازم على الرئيس تجنب ذلك الموضوع، حتى يتضح الموقف، وكثيرا ما يكون الوقت كفيلاً بإصلاح هذا الأمر.

نعم أحيانا يكون الأمر الذي أثار اعتراض المرؤوس، أمراً ضرورياً حيوياً للرئاسة أو الإدارة أو القيادة، فحينذاك يجب الإقناع والتفاهم، أما إذا استمر العصيان، فاللازم على الرئيس نقل مثل هذا الموظف أو فصله، على ما ذكرناه في أمر سابق.

السادس: تحيّز المرؤوس، ومن الضروري على الرئيس، عدم اعتبار التحيز نوعاً من العداء الشخصي، فالتحيز لدى الإنسان طبيعة والآراء مختلفة والأفكار متعددة، فإذا كان التحيز من قبيل اختلاف الاجتهادات أو اختلاف المصالح، فهو أمر يمكن تقبله، أما إذا كان التحيز مجرد عناد في الرأي وما أشبه ذلك، فاللازم أن يعالج الأمر، كما قلنا في بعض الأمور السابقة.

السابع: غرور بعض الموظفين، فإن الغرور عند بعض العاملين بمثابة دافع قوي لقيامهم بأعمالهم على غير وجه حسن، وأحياناً يكون الغرور خطراً على المشروع، سواء كان مشروع دولة أو قيادة أو إدارة، ومن أقسام الغرور تصوّر المرؤوس، أن المشروع لا يمكنه أن يستمر بدونه، كان من أقسامه سرعته في الأمر أو بطؤه أو عدم مبالاته، وقد يكون التصرف من الرئيس في هذه الحالة، هو إعطاء الموظف إجازة قصيرة أو طويلة، بمرتب أو ما أشبه ذلك، وقد يكون بنقله أو فصله أو ما أشبه ذلك.

الثامن: عدم الأمانة، فإنه قد يكون الموظف غير أمين على المال أو على العرض أو على العمل أو ما أشبه ذلك، فإن مثل هذا المرؤوس يجب ان ينبه حسب موازين التنبيه، سراً أو جهراً أمام زملائه أو غيرهم، حتى يعود إلى الأمانة مع لزوم اخذ الاحتياطات اللازمة حول الشيء الذي يظهر هو عدم أمانته فيه، فإذا رأى الرئيس أنه لا ينقلع، فاللازم علاج الأمر بما يصلح الموضوع، من الإجازة أو الفصل أو التشهير أو النقل أو العقاب، أو ما أشبه ذلك.

التاسع: غباء بعض المرؤوسين، فإنه إذا لاحظ الرئيس غباء بعض المرؤوسين، فإنه من الأهمية أن لا يذكر الرئيس أن مرؤوسه غبي، فإذا كان المرؤوس بطيئاً في الفهم، لكن يستطيع القيام بعمله بشيء من الصبر والتعلم، فإن الرئيس يقوم بإعطاء تعليماته الواضحة، مرة كتابة ومرة شفهياً، ويطلب من المرؤوس إعادة صياغة السؤال بالتعليمات أو العمل أو ما أشبه، أما إذا كان الموظف غير صالح للوظيفة، فإنه من المفضل دائماً نقله إلى وظيفة أخرى تناسبه، دون أن يذكر له السبب، مما يوجب عدائه أو بغضائه، أو على الأقل حزنه وانكسار نفسه.

العاشر: الإشاعات، فإنه كثيراً ما تشاع الإشاعات حول الإدارة أو الرئاسة أو القيادة، فمن الضروري على الرئيس أن يلاحظ، هل أن الإشاعات صحيحة، حتى يعرف أسبابها ويزيل تلك الأسباب، حتى تزول الإشاعات، أو أن الإشاعات من المغرضين أو من عدم المبالاة، ولكل من هذه الإشاعات علاج خاص، وعلى أي حال فمن الضروري على الرئيس عدم ترك مجال للإشاعات بين الموظفين أو بين الناس، بل قطع جذورها، إما بالإصلاح أو إسكات المغرضين أو إظهار أن الإشاعة غير واقعية.

ثم هنا أمران آخران، ألمع إليهما جملة ممن كتب حول الإدارة.

أحدهما: في مدح الموظفين وانتقادهم، والمراد بالموظف أعم من الأقسام الثلاثة، فإن المديح يقوي الرابطة عند المرؤوسين بالرضا والقبول من الآخرين، وعليه فاللازم على المشرف من أي الأقسام كان، أن لا يعتقد أن الأعمال الممتازة شيء بديهي، وإنها واجب المرؤوس أن يأتي بها بل يمدحه بما يستحق المدح، من دون زيادة أو نقيصة، بأن لا يكون فيه مغالاة، فإن القليل من المديح الصادق أكثر مفعولاً من الكثير الكاذب، فاللازم أن لا يكون فيه إفراط ولا تفريط، ويجب أن يأتي المديح في الوقت المناسب، ولا يلزم أن يكون مباشرة بعد إتمام العمل، ومن المفضل أن يكون المديح أمام الآخرين، إذا لم يكن هنالك محذور في ذكر هذا المديح، والمديح يجب أن يكون بصفة شخصية أحياناً، وبصفة رسمية أخرى، وهذا موكول إلى المادح، حيث يرى أن أيهما هو الأفضل، كما أن اللازم أن يبتعد المديح عن الإنفعالات الشخصية، حتى يتصف المديح بالموضوعية، وعدم التحيز والمحاباة وما أشبه، ويجب أن يشير المادح إلى أن الموظف يمكنه أن يفعل أحسن مما كان، حتى يشجعه على الترقي، كما أنه يلزم أحياناً نقد الرئيس للموظف، لكن يجب أن يتم النقد بدون انفعال وبدون تجريح، وأن لا يوجه أمام الآخرين، ففي الحديث: (من نصح أخاه سراً زانه ومن نصح أخاه جهراً شانه) إلاّ إذا اضطر إلى المجاهرة، وحينئذ يجب أن تكون المجاهرة بقدر، فإن اكتفى بالمجاهرة أمام عشرة، لا يتعدى ذلك إلى المجاهرة أمام عشرين وهكذا، كما أنه يجب على الرئيس أن لا يعطي النقد لأشخاص غير المرؤوسين المباشرين، بل يوجه النقد إلى الرئيس المباشر، الذي هو دونه أو زميل له أو هو فوقه، كما أنه يجب أن لا يوجه النقد بأساس شخصي، وإنما بصفته عضواً في الجماعة إلاّ إذا كان التصرف تصرفاً غير لائق شخصياً، فإن التصرفات قد تضر الشخص، وقد تضر المؤسسة، وقد تضرهما معاً (وبالاصطلاح المنطقي بينهما عموم من وجه).

كما أن النقد يجب أن يخفف مهما أمكن، فلا يكون بقسوة في غير محله، وهكذا يجب أن يكون النقد إيجابيا،ً أي بهدف البناء والتحسين والإصلاح، لا الهدم، وكثيراً ما يسبب النقد ابتعاد المنتقد أكثر فأكثر، كما قال الشاعر:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء***وداوني بالتي كانت هي الداء

وعلى أي حال، فاللازم أن يوجه النقد بشكل لا يثير انفعال الموجه له النقد، ولا انفعال الآخرين، إذ قد يثير النقد انفعال الآخرين، هذا بالنسبة إلى الأمر الأول.

أما الأمر الثاني: فهي الشكاوي الموجهة من المرؤوسين إلى الرؤساء، فإن شكاوي المرؤوسين، ما هي إلاّ تصرفات ناتجة من ضغط الانفعالات العاطفية أو العقلانية، ولذا فإن من الأهمية بمكان عدم الوقوف في طريق الشاكي وعرض شكواه، وإلاّ فإنه كثيراً ما يتعقد الأمر أكثر فأكثر، وعلى هذا فمن الضروري اتخاذ الخطوات التالية، فيما يتعلق بالشكاوي:

فأولاً: يجب أن يعلم المرؤوسون، أن الرئيس مستعد لتقبل الشكاوي المعقولة، أما الانتقادات الاعتباطية والمغرضة، فاللازم على الرئيس ردها بالتي هي أحسن.

الثاني: يجب التأكد من عدم وجود أية معوقات، تعطل من عرض الشكوى على الرئيس.

الثالث: عند الإستماع إلى شكوى من مرؤوس معين، يجب إعادته إلى حالته العادية، أي حالته قبل الانفعال، وقد رأى بعض الإداريين أن من طرق إعادة الشاكي إلى حالته الطبيعية، أن يصمم الرئيس على أن لا ينظر في الشكوى، إلاّ إذا ابتسم الشاكي، ويستدرج الشاكي إلى حيث الابتسام والرجوع إلى حالته الطبيعية.

الرابع: أن يكون الرئيس راغباً حقيقة في معرفة الحقائق والدوافع، قبل اتخاذ أي قرار بشأن الشكاية، بصرف النظر عن الأمور التي ترد أحياناً في الشكاية الكتبية أو اللسانية، حيث حالة الهيجان والهامشيات، وما أشبه ذلك.

الخامس: يجب عدم تعجيل اتخاذ قرار في الشكوى، وإذا كان من الضروري التعجيل، فإنه من الأهمية وبمكان تحديد موعد أقصى لاتخاذ القرار، حتى يطمئن الشاكي إلى جدية دراسة الموضوع.

السادس: استعداد الرئيس لرفع موضوع الشكوى، إذا اعتقد الشاكي أن موضوع الشكوى غير عادل.

السابع: إذا لم يكن للرئيس وقت كاف لاستماع الشكوى، أو حل المشكلة وكّل الأمر بمن يكون حصيفاً ويرضى عنه الشاكي، ليحل هو الشكوى.

الثامن: قد يمكن إرضاء الشاكي، بإعطائه إمتيازاً مادياً أو معنوياً، وقد يكون ذلك أفضل من حل شكواه، حيث تبقى الجذور في نفسه، وتعود مرة ثانية إلى الظهور أو نحو ذلك.

التاسع: من الضروري تجنب تعدي الشكوى إلى سائر المرؤوسين، وذلك بأخذ الإحتياطات اللازمة حول الشكوى، حتى لا تسري بين المؤسين، فإن الشكوى مثله مثل النار، قليلها كثير، وصغيرها كبير.

العاشر: يجب اتباع الحلول الوسط، إذا لم يمكن الحل النهائي للشكوى، فإن كثيراً من الناس يرضون بالحلول الوسط، حيث يرون فيه النصفة بين الشاكي، وجهة شكواه.

[1] سورة فصلت: الآيتان 34 و35.

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 30-04-2005, 09:26 PM
الخليجي الخليجي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 1,246
معدل تقييم المستوى: 21
الخليجي is on a distinguished road

ماقصرت , جزاك الله خير

تحياتي

 

التوقيع

 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ( ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر )
رواه مسلم

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 02:31 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع