الممارسة الإدارية
ثم إن الإدارة ـ كما تقدم ـ ممارسة، لا مجرد نظريات وآراء وفرضيات، فإن تبلور هذه لا تكون، إلاّ بالممارسة، أما من يملك هذه فقط بدون الممارسة، فيصلح أن يكون مستشاراً من الدرجة الثانية، إذ المستشار من الدرجة الأولى، هو الذي مارس وتصاعد في علمه بالتجارب، ومن هنا قيل: (دع الطبيب واسأل المجرّبا) فإنه وإن كان خطأ، إذ المجرّب بلا طبابة علمية، لا يؤمن من التطبيق الخطأ، مثلاً أنه رأى وجع رأس ولد له وإن شفاءه في العقار الفلاني، وإذا مرِض بمثل ذلك ولد آخر له أعطاه نفس العقار، بينما يمكن أن يكون الأوّل صداعه من الحرارة، فالعقار الفلاني دواء له، بخلاف الثاني، لإمكان كون صداعه من البرودة، فنفس ذلك العقار يزيده داءً.
وعلى أيٍّ، فالمدير الممارس، بحاجة إلى صفات جسمية كالصحة والطاقة المكافئة للعمل، وصفات عقلية من العلم والقدرة على تطبيق الصغريات على الكبريات، والتمكن من البت والحكم، والتقدير المناسب إلى غير ذلك، كما يلزم أن يكون حازماً، كما قال الشاعر:
وأحزم الناس من لم يرتكب عملاً***حتــى يفـــكر ما تجــني عواقبه