انواع الرؤيا
الرؤيا ثلاث انواع
حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاث فالرؤيا الصالحة بشرى من الله والرؤيا من تحزين الشيطان والرؤيا مما يحدث بها الرجل نفسه فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليتفل ولا يحدث بها الناس قال وأحب القيد في النوم وأكره الغل القيد ثبات في الدين قال وهذا حديث حسن صحيح
[line]
قوله : ( إذا اقترب الزمان ) قال صاحب الفائق فيه ثلاثة أقاويل
أحدها
أنه أراد آخر الزمان واقتراب الساعة لأن الشيء إذا قل وتقاصر تقاربت أطرافه ومنه قيل للمقتصد متقارب ويقولون تقاربت إبل فلان إذا قلت , ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب .
ثانيها
أنه أراد به استواء الليل والنهار لزعم العابرين أن أصدق الأزمان لوقوع العبادة وقت انفتاق الأنوار وزمان إدراك الأثمار وحينئذ يستوي الليل والنهار .
ثالثها
أنه من قوله صلى الله عليه وسلم يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة , قالوا : يريد به زمن خروج المهدي وبسط العدل وذلك زمان يستقصر لاستلذاذه فيتقارب أطرافه .
قلت : قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب
أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة في باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في الميزان والدلو ( لم تكد ) أي لم يقرب ( وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ) أي الذي هو أصدقهم حديثا هو أصدقهم رؤيا ( ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ) كذا وقع في أكثر الأحاديث وفي حديث أبي هريرة عند مسلم جزء من خمسة وأربعين .
ووقع عند مسلم أيضا من حديث ابن عمر ( جزء من سبعين جزءا ) وعند الطبراني عن ابن مسعود ( جزء من ستة وسبعين ) .
وأخرج ابن عبد البر عن أنس ( جزء من ستة وعشرين . وفي رواية ( جزء من خمسين جزءا من النبوة ) . وفي رواية ( جزء من أربعين ) .
وفي رواية ( جزء من أربعة وأربعين ) . وفي رواية ( جزء من تسعة وأربعين ) ذكر هذه الروايات الحافظ في الفتح ثم قال أصحها مطلقا الأول .
وقال وقد استشكل كون الرؤيا جزء من النبوة مع أن النبوة انقطعت بموت النبي صلى الله عليه وسلم فقيل في الجواب إن وقعت الرؤيا من النبي صلى الله عليه وسلم فهي جزء من أجزاء النبوة حقيقة وإن وقعت من غير النبي فهي جزء من أجزاء النبوة على سبيل المجاز .
وقال الخطابي قيل معناه إن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة لأنها جزء باق من النبوة وقيل المعنى إنها جزء من علم النبوة لأن النبوة وإن انقطعت فعلمها باق .
وتعقب بقول مالك فيما حكاه ابن عبد البر أنه سئل أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال أبالنبوة يلعب ؟ ثم قال الرؤيا جزء من النبوة فلا يلعب بالنبوة . والجواب أنه لم يرد أنها نبوة باقية وإنما أراد أنها لما اشتبهت النبوة من جهة الاطلاع على بعض الغيب لا ينبغي أن يتكلم فيها بغير علم انتهى .
وقال صاحب مجمع البحار ولا حرج في الأخذ بظاهره فإن أجزاء النبوة لا تكون نبوة فلا ينافي حديث ذهب النبوة انتهى ( فالرؤيا الصالحة بشرى من الله ) أي إشارة إلى بشارة من الله تعالى للرائي أو المرئي له .
( والرؤيا من تحزين الشيطان ) أي بأن يكدر عليه وقته فيريه في النوم أنه قطع رأسه مثلا ( والرؤيا مما يحدث بها الرجل نفسه ) كمن يكون في أمر أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر ( وليتفل ) قال في القاموس تفل يتفل ويتفل بصق .
( قال وأحب القيد في النوم وأكره الغل ) قال المهلب : الغل يعبر بالمكروه . لأن الله أخبر في كتابه أنه من صفات أهل النار بقوله تعالى إذ الأغلال في أعناقهم الآية .
وقال النووي قال العلماء : إنما أحب القيد لأن محله الرجل وهو كف عن المعاصي والشر والباطل وأبغض الغل الغل لأن محله العنق وهو صفة أهل النار " القيد ثبات في الدين " وإنما جعل القيد ثباتا في الدين لأن المقيد لا يستطيع المشي فضرب مثلا للإيمان الذي يمنع عن المشي إلى الباطل .
قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه الشيخان .
الرؤيا الصالحه
حدثنا سفيان حدثنا سليمان بن سحيم قال سفيان لم أحفظ عنه غيره قال سمعته عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أبيه عن ابن عباس قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ثم قال ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم .
حدثنا روح حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .
حدثنا وكيع حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبادة بن الصامت قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تبارك وتعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة فقال هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له .
حدثنا عفان حدثنا أبان حدثني يحيى عن أبي سلمة عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت قول الله تبارك وتعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة فقال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي أو أحد قبلك قال تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له
حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا حرب حدثنا يحيى يعني ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال هي الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له .
حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان حدثني حميد بن عبد الرحمن اليزني أن رجلا سأل عبادة بن الصامت عن قول الله لهم البشرى في الحياة الدنيا فقال عبادة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقد سألتني عن أمر ما سألني عنه أحد من أمتي تلك الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له .
حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد يعني ابن زيد حدثنا عثمان بن عبيد الراسبي قال سمعت أبا الطفيل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبوة بعدي إلا المبشرات قال قيل وما المبشرات يا رسول الله قال الرؤيا الحسنة أو قال الرؤيا الصالحة .
حدثنا يحيى بن أيوب قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يبقى بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات قالوا يا رسول الله وما المبشرات قال الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له قال أبو عبد الرحمن وقد سمعت من يحيى بن أيوب هذا الحديث غير مرة حدثناه يحيى بن أيوب أملاه علينا إملاء قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي مثله .
حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان عن الأعمش عن ذكوان عن رجل عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له .
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان عن ذكوان عن عطاء بن يسار عن شيخ عن أبي الدرداء أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية الذين آمنوا وكانوا يتقون . لهم البشرى في الحياة الدنيا قال الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر سمعه من عطاء بن يسار وعبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر سألت أبا الدرداء فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر نحوه .
حدثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء قال أتاه رجل فقال ما تقول في قول الله لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال لقد سألت عن شيء ما سمعت أحدا سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بشراهم في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له وبشراهم في الآخرة الجنة .
حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء قال سئل عن هذه الآية لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة فقال لقد سألت عن شيء ما سمعت أحدا سأل بعد رجل سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له بشراه في الحياة الدنيا وبشراه في الآخرة الجنة
تأويل الرؤيا ما يستحب منها وما يكره
حدثنا أحمد بن أبي عبيد الله السليمي البصري حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا ثلاث فرؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان فمن رأى ما يكره فليقم فليصل وكان يقول يعجبني القيد وأكره الغل القيد ثبات في الدين وكان يقول من رآني فإني أنا هو فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بي وكان يقول لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح وفي الباب عن أنس وأبي بكرة وأم العلاء وابن عمر
وعائشة وأبي موسى وجابر وأبي سعيد وابن عباس وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
الرؤيا الصالحة جزء من النبوة
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة : يعني من أجزاء علم النبوة من حيث إن فيها إخبارا عن الغيب , والنبوة غير باقية لكن علمها باق وقيل معناه تعبير الرؤيا كما أوتي ذلك يوسف عليه السلام .
واعلم أن روايات العدد مختلفة في صحيح مسلم والمشهور منها من ستة وأربعين وفي رواية خمسة وأربعين وفي رواية من سبعين وكذا في غير مسلم مختلفة في رواية العباس من خمسين وفي رواية عبادة أربعة وأربعين وفي رواية ابن عباس من أربعين جزء وفي رواية له من تسعة وأربعين وفي رواية ابن عمر من ستة وعشرين قال الطبري هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي فرؤيا الناس تكون من سبعين ورؤيا الصالح تكون من ستة وأربعين وهكذا تتفاوت على مراتب الصلاح كذا في شرح مسلم والمبارق شرح المشارق . وفي مرقاة الصعود قال الخطابي معنى هذا الكلام تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده وقال بعضهم معناه أن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة لأنها جزء باق من النبوة .
وقال آخر معناه أنها جزء من أجزاء علم النبوة وعلم النبوة باق والنبوة غير باقية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبت النبوة وبقيت المبشرات الرؤيا الصالحة انتهى .
وقال الإمام ابن الأثير في النهاية : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة وإنما خص هذا العدد لأن عمر النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثا وستين سنة , وكانت مدة نبوته منها ثلاثا وعشرين سنة , لأنه بعث عند استيفاء الأربعين وكان في أول الأمر يرى الوحي في المنام ودام ذلك نصف سنة ثم رأى الملك في اليقظة فإذا نسبت مدة الوحي في النوم وهي نصف سنة إلى مدة نبوته وهي ثلاث وعشرون سنة كانت نصف جزء من ثلاثة وعشرين جزء وذلك جزء واحد من ستة وأربعين جزء وقد تعاضدت الروايات في أحاديث الرؤيا بهذا العدد وجاء في بعضها جزء من خمسة وأربعين جزء , ووجه ذلك أن عمره صلى الله عليه وسلم لم يكن قد استكمل ثلاثا وستين ومات في أثناء السنة الثالثة والستين ونسبة نصف السنة إلى اثنتين وعشرين سنة وبعض الأخرى نسبة جزء من خمسة وأربعين جزءا , وفي بعض الروايات جزء من أربعين ويكون محمولا على من روى أن عمره كان ستين سنة فيكون نسبة نصف سنة إلى عشرين سنة كنسبة جزء إلى أربعين ومنه الحديث الهدي الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة . أي إن هذه الخلال من شمائل الأنبياء ومن جملة الخصال المعدودة من خصالهم وأنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم فاقتدوا بهم فيها , وليس المعنى أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة ويجوز أن يكون أراد بالنبوة ها هنا ما جاءت به النبوة ودعت إليه من الخيرات أي أن هذه الخلال جزء من خمسة وعشرين جزءا مما جاءت به النبوة ودعا إليه الأنبياء انتهى .
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
والله اعلم
السؤال :ماهي عقوبة من يتعامل بالربا ؟