بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعود لكم من جديد ونكمل ما تبقى من أجزاء التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة
ومع الجزء الرابع عشر .
أبوب الميزان
باب ما جاء في الميزان وأنة حق
قال تعالى { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا } [الأنبياء :47] وقال تعالى { الْقَارِعَةُ 1 مَا الْقَارِعَةُ 2 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ 3 يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ 4 وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ 5 فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ 6 فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ 7 وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ 8 فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ 9 } [القارعة : 6-9 ] قال العلماء : وإذا انقضى الحساب كان بعد وزن الأعمال لأن الوزن للجزاء فينبغي أن يكون بعد المحاسبة , فإن المحاسبة لتقدير الأعمال والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها . قال الله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا} الآية. وقال : {5 فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ 6 فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ 7 وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } إلي آخر السورة . وقال { ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم } الآيتين: في الأعراف [9] والمؤمنين [103].
وهذه الآيات إخبار لوزن أعمال الكفار لأن عامة المعنيين بقولة { خفت موازينه } في هذه الآيات هم الكفار وقال في سورة المؤمنين [105] { فكنتم بها تكذبون}وفي الأعراف { بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ } [الأعراف : 9 ] وقال : { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } وهذا الوعيد بإطلاقه للكفار , وإذا جمع بينه وبين قوله : { وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء : 47] ثبت أن الكفار يسالون عما خالفوا فيه الحق من أصل الدين وفروعه إذ لم يسالوا عما خالفوا فيه أصل دينهم من ضروب تعاطيهم ولم يحاسبوا به ولم يعتد بها في الوزن أيضا فإذا كانت موزونة دل على يحاسبون بها وقت الحساب وفي القرآن ما يدل إنهم مخاطبون بها مسئولون عنها بها مجزيون على الإخلال بها لان الله تعالى يقول : { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ 6 الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ }[فصلت : 6-7] فتوعدهم على منعهم الزكاة واخبر عن المجرمين إنهم يقال لهم { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } [المدثر:42] فبان بهذا إن المشركين يخاطبون بالإيمان والبعث وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأنهم مسؤلون عنها محاسبون بها مجزيون على الإخلال بها .
وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنة قال : (( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لايزن عند الله جناح باعوضة واقرؤوا إن شئتم { فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا }[الكهف : 105] (1)
(1) رواة البخاري (4729) ومسلم (2785).