إدمان استخدام فيسبوك : النشر بالموقع الاجتماعي
بقلم الباحث / عباس سبتي
هل من المستغرب أن يتعامل الناس مع إدمان استخدام فيسبوك ذلك الموقع الرائد للمواقع الاجتماعية ؟ شعبية هذا الموقع وما يقدمه إلى أية جماعة أو فرد من أجل التواصل مع الآخرين كل يوم أن لم يكن كل ساعة ، وحسب الفئات العمرية . الناس البارعون في استخدام أجهزة التكنولوجيا حول الحوار والنقاش أو التسوق في المواقع التي زاروها ، لكن يتطلب الأمر تبادل المعلومات والحصول عليها من الآخرين عن الحياة الشخصية الذي بدأ في بداية عام 2000م واستمر إلى الآن في أوساط جيل التكنولوجيا ، وللأسف الإدمان أيضا يغير في كيف يتصرف الناس وكيف يرون العالم من حولهم وأهم من ذلك كيف يرون أنفسهم ؟
شرعية الإدمان النفسي ( الفكري ) : A Valid Mental Addiction :
دراسة حديثة قام بها الباحثون النرويجيين عبر أرجاء العالم في عام 2012 م وهي أول دراسة علمية تبين وتقيس إدمان استخدام فيسبوك ، موقع فيسبوك كما يعلم الكثير عبارة عن موقع تبادل واتصال اجتماعي باستخدام جهاز الكمبيوتر ، الهاتف المحمول والأجهزة المحمولة ، ويقوم المستخدمون بتجديد بياناتهم الشخصية وحالتهم الاجتماعية وتبادل البيانات مع الأصدقاء وأفراد الأسرة ، وبالعكس ، والكل مشغول فكره وعقله بما يرسله إلى الآخرين من المواد والمحتويات .
تهدف هذه الدراسة معرفة تحديد درجة إدمان استخدام فيسبوك ، حيث أجرى هذه الدراسة باحثون في علم النفس لمساعدة الذين يعانون كسر اتصالهم الفكري باستخدام هذا الموقع ، ومع المقارنة فأن هذا النوع من الإدمان النفسي يكون أشد من الإدمان الجسدي لان الانترنت قد انتشرت في الحياة اليومية للناس ، من البقالة إلى رسم خريطة المواقع والاتجاهات فأن الاتصال عبر الانترنت أصبح أداة لا تقدر بثمن ، وهذا الاتصال لا يتم إلا من خلال دخول فيسبوك .
وللتوضيح فأن القضية الأساسية هي إدمان استخدام الشبكات الاجتماعية وظهور أعراض لهذا الإدمان ، وبما أن فيسبوك عبارة عن أكبر موقع اجتماعي يوفر المتعة النفسية والفكرية ، فأن هناك مواقع اجتماعية تحاول تقليد فيسبوك لجلب انتباه واهتمام المستخدمين مثل موقع : " MySpace and Bing " لكنها لم تشتهر شعبياً مثل فيسبوك
اختبار الحالة : Testing for the Condition :
نموذج اختبار إدمان استخدام فيسبوك استخدم من قبل الباحثين النرويجيين والاختبار عبارة عن مقياس جديد عن درجة تورط وانشغال وسيلة الشبكة الاجتماعية بحياة الفرد وحالته الفكرية أو العقلية ، ويسمى هذا المقياس ب " مقياس إدمان فيسبوك برغن ( Bergen ) أو (BFAS ) الذي يقيس بيانات مستخدم فيسبوك ضمن ستة مجالات مسببة للإدمان :
تعديل المزاج ، ظهور الاعراض ، الانتكاسة ، التسامح ، الانسحاب ، الصراع .
باستخدام نموذج المسح طبق الباحثون اختباراً على (420) رجل وامرأة مع زيادة عدد النساء ، ويتكون المسح من الأسئلة عن قضايا شخصية والتقويم الذاتي وساعات النوم وكيف يعبر عن مشاعره الاجتماعية عبر فيسبوك ، وهل لدى الفرد ميول تجعله مدمناً ، هذا وقد تم تصميم الأداة في عام 2011 .
أسئلة المسح ( الأداة ) تتيح للمستخدمين بيان معدل استخدام فيسبوك حسب تقدير سلم الدرجات : الحد الأدنى إلى الحد الأعلى كما في الأسئلة :
أنت تفكر بشكل متكرر بفيسبوك ، كيف تستخدم الموقع مرة ثانية ؟
تود استخدام فيسبوك مرة بعد مرة .
فيسبوك يجعلك تهرب من الهموم والمخاوف اليومية .
توجد محاولات سابقة لك لاجتناب استخدام فيسبوك لكنها فشلت .
أنت تنفعل بسرعة عندما تريد دخول فيسبوك فلا تستطيع .
فيسبوك يأخذ كثيراً من الوقت منك ، أنه يضر عملك أو الدراسة .
إذا ارتفع معدل تقدير سلم الدرجات في الأداة فأنه يبين احتمال إدمان مستخدم المواقع الاجتماعية ، ولكن ليس بالضرورة تكون هذه الأسئلة مناسبة لكل مستخدم لهذه المواقع ، ووجد الباحثون أن الذين يعملون في الخارج معدل تقدير سلم الدرجات تكرارها أكثر ، بينما المنطوون على أنفسهم معدل تقدير سلم الدرجات تكرارها أقل ، وهناك علاقة مع مستوى تكرار دخول فيسبوك وقلة النوم ليلاً في اليوم .
كانت بعض النتائج متوقعة من الدراسة ، إذ الشباب أصغر سناً أكثر إصابة بحالة الإدمان في استخدام المواقع الاجتماعية من الشباب أكبر سناً ، وطبيعة ميلهم ونموهم ونضجهم مع عالم التكنولوجيا أكثر ، الأجيال الشابة تضع كل التطبيقات في هواتفهم المحمولة من أجل التفاعل مع الآخرين ، بينما الأجيال الأكبر سناً يحبون ان تكون البيانات الشخصية أكثر خصوصية ولا يحبذون المشاركة والتفاعل .
وجدت نتائج طيبة أو جيدة في الدراسة أيضا ، إذ وجد الباحثون أن المستخدمين الأكثر تنظيماً أقل إصابة بحالة الإدمان ، ورأوا أنه بدلاً من ذلك الموقع كأداة توفر العديد من المصادر لأعمالهم ولتواصلهم مع الآخرين خصوصاً عندما لا يكون التواصل وجهاً لوجه غير متاح لهم ، وأنهم حريصون على تتبع مصادر المعلومات أين ما كانت ويثمنون ما يستلمون من الآخرين من المعلومات وغيرها ، لذا تصبح أفعالهم أكثر تركيزاً من نشر البيانات الشخصية في الموقع شاءوا أو أبوا .
من حيث متغير الجنس ، وجد ان المرأة أكثر عرضة للإصابة بحالة الإدمان من الرجل ، وهذه النتيجة متوقعة بحكم ان المرأة أكثر ميلاً إلى عقد العلاقات الاجتماعية من الرجل الذي هو أكثر تنافساً مع غيره ، فيسبوك وبقية المواقع الاجتماعية توفر للنساء فرصة التعبير والتواصل مع الآخرين بشكل منتظم ، كما هو حالها عند حديثها مع الجيران وفي مكاتب العمل ، بينما الرجل يميل إلى التواصل مع الغير من أجل الوصول إلى الهدف المحدد .
النقد الموجه إلى الدراسة النرويجية و (BFAS ) : Criticisms of the Norwegian Study and BFAS :
يأتي النقد إلى أن الدراسة هي الأولى من نوعها تطرح مشكلة الإدمان ، مع وجود أداة تقييم وهو شيء طبيعي لأبحاث علم النفس والرغبة في قياس حالة يمكن تصنيفها بدقة ، لكن لا يعني ذلك أن أداة ( BFAS ) هي أفضل أداة لقياس حالة إدمان استخدام الشبكات الاجتماعية .
ومن جهة ثانية فأن كثيراً من المستخدمين المدمنين يستخدمون فيسبوك من أجل التسلية والمتعة أكثر من مجرد الحصول على المعلومات ، هؤلاء المستخدمون يلعبون ألعاباً الكترونية ومشاهدة قنوات الفيديو التي تعرض مقاطع فيديو ، ثم أن حالة إدمان هؤلاء ليس فقط باستخدام فيسبوك أو التفاعل عبر الشبكات الاجتماعية الأخرى وإنما البحث عن المتعة والتسلية أينما وجدت .
وأخيراً أن مصطلح " حالة إدمان استخدام فيسبوك " قد لا يكون دقيقاً من الناحية الفنية ، والقضية هي أن الناس بحاجة إلى التواصل مع الآخرين عبر هذه المواقع وتحديث وقراءة بياناتهم الشخصية وهذا قد يسبب في التجسس على الآخرين أو الرغبة فيما ينشرونه الآخرون عن أنفسهم و اهتماماتهم ، وهذه قضية خطيرة لكل من يريد التواصل مع الآخرين أو من يريد التواصل مع أشخاص معينين ، لذا مصطلح هذا النوع من السلوك عبر الشبكات الاجتماعية باسم " الإدمان " غير صحيح ويلقي لوم على صاحب السلوك على شركة الموقع في مقابل الفرد الذي يريد العودة باختياره إلى الموقع .
كسر العادة : Breaking the Cycle :
مثل أي حالة إدمان التي تنطوي بتعلق نفسي إلى نوع من إشباع المتعة الذاتي ، يبدأ العلاج مع المريض أولاً بمعرفة مشكلة السلوك وتحديد سبب المشكلة لإيجاد المتعة الفكرية المؤقتة ، وهذا مهم لأن هذه المتعة تدفع قهراً المستخدم بالرجوع إلى الموقع الاجتماعي عبر الانترنت .
الأسباب المؤدية إلى حالة الإدمان باستخدام المواقع الاجتماعية كثيرة ، وتبدأ مع الحاجة النفسية للشخص ومع الحاجة إلى الشعور ب :
الإنتماء إلى المجموعة
مطلوب من شخص ما
الإنصات إلى
القدرة إلى التواصل بشكل صريح ومنتظم مع شخص ما
أمن المكان
التعبير عن النفس بشكل أفضل
التواصل
براعة التواصل الاجتماعي
معرفة ما يقوم به الآخرون من تحديث البيانات
تعود هذه العوامل والحالات النفسية إلى أيام الطفولة للفرد حيث أن كثيراً من الرغبات لم تتحقق له ، فالذين يتواصلون بسرعة مع الآخرين يفضلون موقع فيسبوك بسرعة ، يبحثون عن الأصدقاء الذين كانوا معهم بالمدرسة ، وهناك من يسبح لوحده باختياره او ما فرضه الواقع عليه لا يشعر بأهمية التواصل عبر المواقع الاجتماعية مثل الكبار الذين لا يتواصلون في أوقات طويلة أو كثيرة مع غيرهم .
عند تحديد هذه العوامل والحالات النفسية التي تأخذ وقت التحقق من شخصية المريض وتاريخ مرضه من أجل التعرف على المرضى ، يتم البدء بالعلاج ومعرفة لماذا أن فيسبوك لم يكن السبب في حالته وعندما يكشف المريض هذه العلاقة ، فأنه يستطيع كسر عادة الإدمان والتغلب على عملية الانسحاب وإيجاد حل اجتماعي حقيقي خارج الانترنت .
أنها ليست عملية سهلة ، خلافاً لتعاطي المخدرات الإدمان النفسي والفكري باستخدام المواقع الاجتماعية منتشر في المجتمعات الحديثة ، يحتاج المرء للقيام بشيء ما في بعض أماكن ليس فيها هواتف محمولة مرتبطة بشبكة الانترنت ، لكي لا يرتبط بأجهزة التكنولوجيا ، كما في المناطق غير الحضرية ، او في المناطق التي لا تتوفر فيها الاتصالات العادية .
وقت انقطاع الاتصال وقت حساس لأن المريض أو المدمن بسهولة يبحث عن شيء آخر بدلاً من الانشغال بهذه الأجهزة ، لكن هذا لا يعني حل مشكلة إدمان استخدام هذه الأجهزة ، وإنما يوفر بديلاً عن هذا الاستخدام التكنولوجي وعلى المريض أن يتدرب على السيطرة على الحاجات والتركيز على السلوك المقبول ، على سبيل المثال إذا احتاج المريض إلى الاتصال الاجتماعي عليه أن يتعلم كيف يوجه ذلك بالاتصال مع الناس الحقيقيين في الوقت الحقيقي ، وذلك من خلال النهج ، السلوك ، وإعادة بناء مهارات الاتصال وجهاً لوجه وفهم سلوك جسم المستمع ومعرفة متى لا تضغط هذه العادة ، وإعادة تعلم هذه المهارات تصبح خطوة مهمة في إعادة مدمن استخدام المواقع الاجتماعية إلى العالم الحقيقي ،
الملخص : In Summary :
إدمان استخدام فيسبوك سيكون أكثر شيوعاً لكل جيل ينمو اليوم والغد مع أجهزة التكنولوجيا ، وتوجد فئات عمرية الان يرون عدم الخطأ مع نشر كل ما يتعلق بحياتهم عبر الانترنت كل يوم ويتوقعون نفس الشيء مع غيرهم ، ويمكن تغير النتائج الحياة الاجتماعية للناس والتأثير على مهنة الإنسان وكيف يتفاعل الناس مع غيرهم وعلى حالتهم النفسية وتصوراتهم عن أنفسهم وعدم الاهتمام بقوة حالة الإدمان سيؤدي إلى خلق المشكلات أكثر غير حالة الإدمان عبر الانترنت .
في بعض الحالات فأن ضجة فيسبوك هي مسئولة عن حالة الإدمان الرقمي والتي تشبه حالة اللوم على تسجيلات فرق الروك خلال السبيعايات والثمانينيات من القرن الماضي ، ووسيلة التسلية موجودة ولكن المستخدم والمستمع لا يزالا مسئولين عن سلوكهما ، وهذا السلوك عبارة عن حالة إدمان ومن أجل كسر العادة ( المشكلة ) على المستخدم أن يعترف أن له حاجة حقيقية وإيجاد طريقة لمواجهتها بشكل صحيح خارج المواقع الاجتماعية .
أقول :
أجرينا دراسة الإدمان على استخدام الانترنت " حيث صممنا قياس الإدمان من أجل معرفة المستخدم درجة الإدمان لديه سواء استخدم أي جهاز تكنولوجي مع وجود فوارق في بنود بعض الأدوات .
المصدر :
Facebook Addiction: Addicted to Social Media Posting
الكويت 21/9/2014