جماليات التشكيل الإيقاعي
في القصيدة العربية الحديثة
تمثل الحركة والتنظيم الأساس الذي يتولد منه الإيقاع، وإذا كانت الضربة والسكون يمثلان جانبا مهما من الإيقاع في الموسيقى، فإن مادة الإيقاع في الشعر تتحدد بطبيعة الوحدة الصوتية «الحرف والحركة »، إذ تشتمل الوحدات الصوتية على إمكانات إيقاعية كامنة يتم تفجيرها في سياق إيقاعي يشتمل على عنصري الحركة والتنظيم معا، بمعنى أن الشعر» يستمد موسيقاه من مادة صياغته وهي اللغة « [1]ولا يعني هذا أنَّ الإيقاع » لا يتألف من الحركة مطلقة بلا قيد ولا شرط ... الإيقاع يمتاز ... بالنظام « [2] ويخضع هذا النظام لتردد الوحدات الصوتية » على مسافات زمنية متساوية أو متقابلة داخل الوحدة الموسيقية، وقد تكون هذه الظاهرة صمتا خفيفا أو سكونا أو حركة معينة « [3] .
إن الحركة والنظام قد يتوافران في مكونات لغوية عديدة، غير أن هذه المكونات لا تقدم إيقاعا فنيا لخلوها من قيمة التناسب، » والتناسب هو أن تتفق العناصر في الوزن فتكون بالنسب اللازمة لا تزيد عليها ولا تنقص وفي النظام يحسن التآلف وكمال الانسجام، فالتناسب هو اعتدال النسب وتكافؤها به يكسب الإيقاع ثوب الروعة والجمال ويرتقي الفن إلى أسمى درجات الكمال « [4] ويؤكد محمد العياشي أن الغاية من هذا كله تحقيق ثمرتين هما القيمة الجمالية والقيمة التعبيرية، أي أن » جمال الإيقاع مستفاد من تناسب العناصر في وزنها وحركتها وشكل نظامها « فضلا عن قدرة الإيقاع على التعبير والتصوير والتأثير .[5]
ولا بد من التمييز بين نمطين من الإيقاع : إيقاع بسيط يتميز بالرتابة والتكرار ،ويتجلى ذلك في نبض القلب ودقات الساعة، ونمط مركب بالغ التعقيد يتجلى في الشعر، ويحدد علي يونس فوارق بين النمطين على النحو التالي :
أ ـ فالعلاقة بين العناصر في النوع الأول ظاهرة بسيطة يسهل قياسها، أماني النوع الثاني فهي أخفى وأكثر تركيبا .
ب ـ والعلاقات في النوع الأول توشك أن تكون حسية خالصة، ولهذا لا يتفاوت الناس في إدراكها وإن تفاوتوا في الثقافة أو العمر أو غير ذلك، بل أن من صور هذا الإيقاع ما يدركه بعض الحيوان وينفعل له .
أما العلاقات في النوع الثاني فهي عقلية حسية، ولا تكفي الحواس لإدراكها، بل تحتاج كذلك إلي الفكر، ولذلك يتفاوت الناس في فهمها وتذوقها وتقديرها ولا بد أن تتوافر في متلقيها درجة من النضج والعقلي والثقافي .
ج ـ والعلاقات بين العناصر في النوع الأول تنتظم انتظاما تاما أو شبه تام، أما في النوع الثاني فتجمع بوضوح بين النسق والخروج على النسق .[6]
2
ان الشعر لا يغير الوحدات الصوتية للغة، أو الألفاظ التي تتركب منها، ولا يغير من التراكيب، ولكن الشعر ينظم هذه كلها بطريقة خاصة مختلفة، لدرجة يصدق معها القول إن الشعر يمثل ظاهرة » ذات بنية أشد تعقيدا « [7]، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك تمايزا واضحا ـ والوضوح هنا لا يعني أهميته أو تبنيه ـ بين الشعر والنثر يتجلى بداهة في كيفية أدائيهما، وكيفية رسمهما، إذ اعتاد العرب قديما وحديثا تأدية النثر بكيفية تختلف عن الشعر، ولذا نقول : قرأ مقالة، أو رسالة، أو رواية، وانشد قصيدة، ولذلك فإن » الإنشاد عند الأداء إبراز الإيقاع « [8] .
ان كتابة الشعر تختلف وتتباين عن كتابة النثر، إذ بمجرد رؤية فضاء النص نستدل على ان هذا شعر أو نثر، غير أن تحديدا علميا يميز الشعر عن النثر هو التمايز الإيقاعي، أي انه يغلب عليه الانتظام » وهو النظام الذي يحكم عدد المقاطع وأنواعها ) من حيث هي قصيرة أو طويلة أو زائدة الطول ( وترتيبها « [9] .
وفي ضوء هذا فإن الشعر ليس قسيما أو مقابلا للنثر كما انه ليس خرقا أو انتهاكا له ـ بل هو خرق للكلام العادي ـ انه تشكيل جديد يمثل خلقا ليس بالقياس الى شيء موجود مسبقا، وإنما له استقلاله الذي يتجاور معه، ويختلف عنه في آن، أن النثر هو الآخر خرق وانتهاك متعمد للكلام العادي .
3
أقام الخليل بن أحمد الفراهيدي نظريته في الإيقاع على أساس المتحرك والساكن، وقام باستقراء ناقص للشعر العربي، أسس في ضوئه القواعد المعيارية للعروض العربي، وهي النظرية الإيقاعية المهيمنة، ومن الجدير بالذكر ان هناك نصوصا شعرية عديدة خارجه على هذه النظرية، منها جاهلية : لعبيد بن الأبرص وامريء القيس والنابغة .
إن نظرية الإيقاع الخليلية تحكمها فرضيات ذهنية سابقة تصنف الموضوعات وتحددها، وهي جزء من نظرة شمولية تستشري في مجمل النشاط اللغوي والموسيقي، ولقد أسهمت الأسس المنطقية في تدعيم هذه الفرضيات وتأكيد أهميتها وجدواها، وتتحدد الأصول المنطقية في ضوء القياس القائم على : اصل، وفرع، وعله، وحكم، ولذلك لاحظنا اللغويين يحددون أصولا تمثل أساسا ويقيسون عليها الفروع، ويمثل الأصل الأساس وتتولد عنه الفروع . ويصدق هذا على نظرية الخليل العروضية التي أقامت فرضيات مسبقة تتحدد في الدوائر العروضية التي تشتمل الواحدة منها على بحور مستعملة وأخرى مهملة، وان بعض هذه البحور المستعملة لها أساس نظري ليس له وجود في واقع الشعر، ولذلك برر العروضيون مثلا ان هذا البحر لم يرد تاما في الشعر على الرغم من انه في دائرته العروضية ـ وهي فرضية مسبقة ـ ورد تاما . ان العروضيين » افترضوا ... أوزانا » مثالية « لا وجود لها في الواقع الشعري، وافترضوا ان بعض الأوزان الحقيقية صور مشتقة من هذه الأوزان المثالية . ويتضح ذلك إذا قارنا بين صورة » المديد « في الدائرة، وصورته في الشعر وكذلك الوافر والهزج والرمل والسريع والمنسرح والمجتث«[10].
ان الدرس العروضي بقي معياريا ومتخلفا عن تتبع حركة التطور الإيقاعي في العصور المختلفة لان » العروضيين القدماء أقاموا بناء فكريا بعيدا عن الزمان والمكان، فلا هو يمثل أوزان العرب القدماء، التي زادوا ونقصوا فيها، ولا هو يمثل أوزان المحدثين التي أنكروها واهملوها « [11].
ولقد واجهت قواعد الخليل العروضية نقدا يتفاوت في حدته، ويبدو ان ادونيس اكثر هذه الأصوات قساوة إذ يرى أن الإيقاع الخليلي يقدم » لذة للأذن اكثر مما يقدم خدمة للفكر « [12] وان قواعده » الزامات كيفية تقتل دفقة الخلق أو تعيقها أو تقسرها، فهي تجبر الشاعر أحيانا ان يضحي بأعمق حدوسه الشعرية في سبيل مواصفات وزنية كعدد التفعيلات والقافية « [13] .ان نظرية الإيقاع الخليلية تصل درجة القداسة لدى عدد من الدارسين وان مناقشتها أو هدمها لا يقل في خطورته عن هدم مقدس، ويبدو لي ان هذا هو الذي دفع أدونيس الى القول بان » الرؤية الخليلية لفن الشعر ترجمه دقيقة للرؤية الدينية . كانت بينهما مطابقة شبه كاملة : أخضعت القواعد والأشكال لمبدأ مطلق وثابت تماما « [14]
4
يحاول بعض الدارسين من القدامى والمحدثين ان يسم كل بحر من البحور الشعرية بسمات معينة تحدد ماهيته وطبيعته ومن ثم يكون ملائما لغرض دون آخر، وتتجلى ملامح ذلك عنده حازم القرطاجني من القدامى مثلا [15] وعند المحدثين مثل: البستاني، وعبد الحميد الراضي، والعياشي، وأتوقف لمجرد الإشارة عند عبد الله الطيب المجذوب الذي قسم الأوزان الشعرية الى البحور الصعبة : كالمديد، والبحور المضطربة :كالسريع، والبحور القصار : كالمجتث والمضارع، والبحور الشهوانية : كالمقتضب . ويصف البحور القصار مثلا بأنها » لا يصلح فيها النظم إلا لمجرد الدندنة والترويح عن النفس بجرس الألفاظ« [16]، ويقول عن البحور الشهوانية إن » نغماتها لا تكاد تصلح الا للكلام الذي قصد منه قبل كل شيء ان يتغنى به في مجالس السكر والرقص المتهتك المخنث «[17] ولم يقتصر المجذوب على هذا الوصف المعياري الثابت للأوزان الشعرية بعامة ولكنه وصف البحور الشعرية بأحكام انطباعية محولا إياها الى معايير ثابتة، فهو يقول عن المديد بان فيه» صلابة ووحشية وعنف، تناسب هذا النوع من الشعر . ولا يستبعد أن تكون تفعيلاته قد اقتبست في الأصل من قرع الطبول التي كانت تدق في الحرب « [18] ويقول عن الخبب بأنه » بحر دنيء للغاية وكله جلبة وضجيج « [19] ويقول عن الرمل إن فيه » رقه وعذوبة مع ما فيه من الأسى « [20] ويقول » ومع التكسر والرقص والتثني تجد في المنسرح لونا جنسيا يشبه لون المتقارب المجزوء«[21] .
ان محاولة الربط بين البحور الشعرية ومعانيها وأغراضها الشعرية أمر تبطله النصوص نفسها، لان مواقف الشعراء وتجاربهم الشعورية وحالتهم الانفعالية تتفاوت وتختلف على الرغم من استخدامهم الأوزان الشعرية نفسها، ولذلك فإن الوزن الشعري يمثل إيقاعا عاما يلونه الشاعر بتجربته الشعورية، ويخضعه لانفعاله فيتلون بخصوصيته، ولذلك فليس هناك وزن شعري جنسي مثلا واخر دنيء أو صلب .
5
تصدر نازك الملائكة في تصوراتها عن التجديد في الشعر العربي الى أمرين : أحدهما : معرفتها بالعروض العربي، وثانيهما : قراءتها للشعر الإنجليزي، غير أن المعرفة والقراءة هاتين لم تخرجا على الأصول العربية، لأن شعر التفعيلة على الرغم من اختلافه عن شعر الشطرين فإنهما يتماثلان في مزايا وعيوب، وإنهما جميعا لا يخرجان عن أصول عروضية معروفة، ولذلك أكدت نازك الملائكة » أن شعرنا الجديد مستمد من عروض الخليل بن أحمد قائم على أساسه « [22]، غاية ما في الأمر أن حركة شعر التفعيلة استعانت ببعض تفاصيل العروض القديم على » إحداث تجديد يساعد الشاعر المعاصر على حرية التعبير وإطالة العبارة وتقصيرها بحسب مقتضى الحال « [23]. إن نازك الملائكة لا تنبذ شعر الشطرين ولا تهدف الى القضاء على أوزان الخليل وإنما ترمي الى » أن تبدع أسلوبا جديدا توقفه الى جوار الأسلوب القديم وتستعين به على بعض موضوعات العصر المعقدة « [24]
وتمايز نازك الملائكة بين نظام الشطرين ونظام التفعيلة، لأن نظام الشطرين يلزم الشاعر بنظامي الصدر والعجز، وان الشاعر لا بد أن يقف في البحور الستة عشر » عند نهاية الشطر الثاني وقفة صارمة لا مهرب منها فتنتهي الألفاظ وينتهي المعنى « [25]، إن نظام الشطرين عند نازك الملائكة يفرض قيودا هندسية صارمة على الشاعر لأن » الأشطر المتساوية والوحدات المعزولة لا بد أن تفرض، على المادة المصبوبة، شكلا مماثلا يملك عين الانضغاط وتساوي المسافات . أو لنقل أن هندسة الشكل، لا بد أن تفرض هندسة مقابلة في الفكر الذي يستوعبه هذا الشكل « [26] أما نظام التفعيلة فإنه يتمرد على نظام الشطرين هذا أولا، ويعتمد التفعيلة ثانيا، ويتعمد ثالثا » تحطيم استقلال الشطر تحطيما كاملا « [27]، وهذا لا يعني أنه ليس هناك من وقفات صارمة يفرضها الإيقاع والمعنى في نهاية كل شطر ،لأن شعر التفعيلة لا يلزم الشاعر » أن ينهي المعنى والإعراب عند آخر الشطر ،وإنما يجعل من حقه أن يمدهما الى الشطر الثاني أو ما بعده « [28] .
وفي ضوء هذا يبدو تمرد نازك الملائكة على نظام الشطرين استجابة لعنصرين، أحدهما : يتجاوب فيه شعر التفعيلة مع الفكر المعاصر الذي » يكره النسب المتساوية ويضيق بفكرة النموذج ضيقا شديدا « [29] ولذلك فشعر التفعيلة هو الآخر يتمرد على هذه السيمترية الصارمة فيخرج على الرتابة » وعلى فكرة النموذج المتسق اتساقا « [30]، اما ثاني العنصرين فإنه يتصل بالمعنى وعلاقته بنظامي الشطرين والتفعيلة على السواء، فإن نظام الشطرين يتحكم في طول العبارة وفي المعنى الذي يحددها، ولذلك يخضع المعنى لهندسة نظام الشطرين، بمعنى أن الأشطر المتساوية في نظام الشطرين تفرض عبارات متساوية [31]، وهذا ما يتجاوزه شعر التفعيلة الذي تهدف نازك الملائكة من ورائه الى أن يكون السطر الشعري خاضعا للمعنى، فيتوقف الشاعر » حيث يشاء المعنى والتعبير « [32] .
إن المعنى وطول العبارة وقصرها خاضعة في نظام الشطرين لطبيعة الوزن وأطوال أشطره، بمعنى أن الخارجي ـ نظام الشطرين ـ يتحكم في الداخلي ـ المعنى ـ، ولكن طبيعة الوزن وأطوال الأشطر خاضعة للمعنى في شعر التفعيلة، أي أن الداخلي ـ المعنى ـ يتحكم في تحديد الخارجي، ومن ثم تكون أشطر شعر التفعيلة غير متساوية، ولا يستطيع أحد أن يحدد أبعادها .
وفي ضوء هذا تخلص نازك الملائكة الى القول إن نظام الشطرين » متسلط، يريد ان يضحي الشاعر بالتعبير من أجل شكل معين من الوزن، والقافية الموحدة مستبدة لأنها تفرض على الفكر أن يبدد نفسه في البحث عن عبارات تنسجم مع قافية معينة ينبغي استعمالها، ومن ثم فإن الأسلوب القديم عروضي الاتجاه، يفضل سلامة الشكل على صدق التعبير وكفاءة الانفعال، ويتمسك بالقافية الموحدة ولو على حساب الصور والمعاني التي تملأ نفس الشاعر «[33]، وتتكرر الأفكار ذاتها لدى رائد من رواد الشعر الحر ـ بلند الحيدري ـ الذي يرى أن القصيدة التقليدية « تنمو طابقيا، هذا طابق فوقه طابق .. الخ ولكل طابق حياته الخاصة، والتي تكاد القافية والروي أن تكون المزلاج الذي يغلق الباب على المعنى الا في القصائد ذات الأشكال القصصية، وهي قصائد موضوعية نجدها عند امريء القيس وأبي نواس بكثرة، وعند الجواهري وخاصة عند أبي ريشة في الفترة الأخيرة«[34]
ويرفض محمد النويهي إيقاع الشطرين لأنه إيقاع حاد » يزيد من رتوبه وإملاله تنظيمه في البحر التقليدي تنظيما هندسيا مسرفا في السيمترية، إذ بعد انقسام القصيدة الى أبيات متساوية تماما ينقسم البيت الى شطرين متساويين متناظرين وينتهي كل بيت بنفس القافية والروي من مطلع القصيدة الى نهايتها « [35]، ويقرن النويهي الإيقاع بما يحدث في العالم الداخلي » فليس الشعر بأوزانه المختلفة وأنظمة إيقاعه المتعددة سوى محاكاة لهذا الاهتزاز الجسمي والتموج الصوتي اللذين يأخذاننا ونحن نعاني الانفعالات القوية «[36] .ويقول النويهي » أما الشكل الجديد فلا يلتزم فيه الشاعر بأي عدد من التفاعيل، بل يزيد منها وينقص بحسب ما تحتاج إليه كل فقرة من معناه وكل موجة من موجات عاطفته في جملة من الجمل الموسيقية المتتالية التي تنقسم عاطفته إليها وتتتابع فيها . فقد يكون البيت تفعيلة واحدة بل جزءا من تفعيلة وقد يكون أي عدد من التفاعيل يحتاج إليها الشاعر لبناء جملته الموسيقية « [37].
ولا يختلف عز الدين إسماعيل عن نازك الملائكة ومحمد النويهي في تحديد الخصائص التي يتميز بها نظام الشطرين، والفوارق التي يختلف فيها شعر التفعيلة ،إذ يرى عز الدين إسماعيل أن البحور الشعرية إنما تمثل أشياء ناجزة يتعامل معها الشاعر بطريقتين فهو اما » أن يطوع الكلمات لنسق سابق لم يصنعه ولم يشارك في صنعه . إنه بذلك كمن يشكل نفسه من خلال الطبيعة لا كمن يشكل الطبيعة من خلال نفسه «[38]، وبذا نكون في صميم نظام الشطرين الذي يتحكم فيه الوزن في الجور على انفعال الشاعر والمعاني التي يروم التعبير عنها ،إن الخارجي متمثلا في الوزن والقافية يتحكمان في الداخلي، ويحددان نوعه وطبيعته، إن البحر بالنسبة للشاعر » بمثابة الأدراج التي يطلب منه أن يملأها . أما تصميم هذه الأدراج ذاتها فلا دخل له فيه « [39].
أما شعر التفعيلة فإن الشاعر » ينسق الطبيعة .... تنسيقا خاصا يتلاءم مع حالته الشعورية « [40] أي أن الدفقة الشعورية والانفعالية تتحكم في تحديد طبيعة الوزن، وهذا يعني أن الداخلي متمثلا في الانفعال والتجربة الشعورية يتحكمان في الخارجي ـ الوزن والقافية ـ ويحددان نوعيهما وطبيعتيهما .
إذن هناك علاقة وثيقة بين العالم الداخلي للمبدع والإيقاع لدى بعض نقاد شعر التفعيلة، ويتحكم الداخلي ـ المعنى عند نازك والانفعال عند النويهي وعز الدين إسماعيل ـ بالخارجي ـ الإيقاع ـ، ويبدو لي أن هذه التصورات تلوين وتنويع لتصورات اليوت الذي يرى أن » القصيدة ذات الطول يجب أن يكون فيها صعود وهبوط في درجتها من الحدة حتى تطابق ما يحدث فعلا للعاطفة الإنسانية من تراوح بين الصعود والهبوط . وبهذا التراوح تتم الوحدة الموسيقية الشاملة لبناء القصية ككل « [41]
ويؤكد النويهي في مواطن عديدة أن شعر التفعيلة يمثل خطوة في تجديد القصيدة العربية، وهو مرحلة انتقالية، ويعاني شعر التفعيلة من عيب أساسي كونه » لا يزال مرتبطا بالتفعيلة القديمة لم يتخلص تماما من الموسيقية الحادة « [42]، ويدعو النويهي الى بديل آخر يقوم على أساس النبر، غير أن النبر ليس له تأثير دلالي في اللغة العربية، وان أبعاده الإيقاعية لم تتضح بعد بدليل أن النويهي نفسه يؤكد » أن الإيقاع النبري يحتاج الى تدريب ومراس حتى تألفه آذاننا وتهتدي الى ما فيه من موسيقى خفيفة ونظام سمح مرن « [43]، ولما كان هذا البديل الإيقاعي المقترح لم يتأسس بعد، وإنما هو في طور التكوين ،وحوله خلافات كثيرة، فإننا سندع الحديث عنه الآن .
إن نازك الملائكة ومحمد النويهي وعز الدين إسماعيل يؤكدون أن نظام الشطرين خاضع لنظام هندسي صارم [44]، ولكنهم لا ينفون عن الشعر : من نظام الشطرين والتفعيلة التقيد بسيمترية معينه يحكمها العالم الداخلي، إذ تؤكد نازك الملائكة أهمية المعنى في تحديد تشكيل الشعر، وتحديد أوزانه وأطوال أشطره، وإذا كان المعنى يمثل خاصية تتولد في الذات فإن عز الدين إسماعيل لا يبتعد كثيرا عن هذا التصور، إذ يؤكد أهمية النظام بوصفه عنصرا جوهريا في الأعمال الفنية، ولكنه حريص على جعل » هذا النظام شيئا يصدر عن نفس الشاعر لا شيئا يفرض من الخارج أو يفرضه الشاعر نفسه على نفسه « [45] .
إن المنظور الجديد لتشكيل الإيقاع عند عز الدين إسماعيل يرجع إلى أساس جمالي يغاير الأساس الجمالي القديم تمام المغايرة ،لأن القصيدة القديمة لا تمثل » بنية أو صورة موسيقية ... بل كانت ... وحدة موسيقية مكررة مرة ومرة تكون هذه الوحدة بيتا ينتهي بقافية متكررة، ومرة تكون مجموعة من الأبيات لها نظام وقواف تتكرر في الوحدات الأخرى . كانت القصيدة القديمة شكلا موسيقيا » مفتوحا « ... يمكن أن تتكرر فيه الوحدة الموسيقية الى مالا نهاية، شأنها شأن الزخرفة العربية » فن الأرابسك « [46] أما الأساس الجمالي الجديد لشعر التفعيلة فيتجلى في » أن القصيدة بنية إيقاعية خاصة، ترتبط بحالة شعورية معينة لشاعر بذاته، فتعكس هذه الحالة لا في صورتها المهوشة التي كانت عليها من قبل نفس الشاعر « [47]
وأكدت نازك الملائكة أن الشعر الحر » ظاهرة عروضية قبل كل شيء . ذلك أنه يتناول الشكل الموسيقي للقصيدة ويتعلق بعدد التفعيلات في الشطر، ويعنى بترتيب الأشطر والقوافي، وأسلوب استعمال التدوير والزحاف والوتد « [48]، بمعنى أنه ليس نفيا لقصيدة الشطرين، وإنما كان هدفها » أن تبدع أسلوبا جديدا توقفه الى جوار الأسلوب القديم وتستعين به على بعض موضوعات العصر المعقدة « [49]، ويماثل هذا التصور ما ذهب اليه عز الدين إسماعيل فهو يؤكد » أن الشعر الجديد لم يلغ الوزن ولا القافية، لكنه أباح لنفسه ... أن يدخل تعديلا جوهريا عليهما لكي يحقق بهما الشاعر من نفسه وذبذبات مشاعره وأعصابه ما لم يكن الإطار القديم يسعف على تحقيقه . فلم يعد الشاعر حين يكتب القصيدة الجديدة يرتبط بشكل معين ثابت للبيت ذي الشطرين وذي التفعيلات المتساوية العدد والمتوازنة في هذين الشطرين، وكذلك لم يتقيد في نهاية الأبيات بالروي المتكرر أو المنوع على نظام ثابت « [50]
ومن الجدير بالذكر أن نازك الملائكة ومحمد النويهي وعز الدين إسماعيل يتحدثون عن تحطيم البيت في قصيدة الشطرين ،إذ تذهب نازك الملائكة الى » تحطيم استقلال الشطر تحطيما كاملا « [51]ويتم ذلك من خلال تجاوز وقفات القافية من ناحية واستخدام التضمين الذي يجعل البيت » مفضيا بمعناه وإعرابه الى البيت الذي يليه « [52]من ناحية ثانية، ويؤكد النويهي أن الشكل الجديد » يهدم السمترية الحادة البارزة للبيت ذي الشطرين « [53]، ويذهب عز الدين إسماعيل الى الوصول الى بنية إيقاعية ذات أثر ودلالة لا يتم بإلغاء الشعراء الوزن والقافية وإنما » أن يحطموا الوحدة الموسيقية للبيت تلك الوحدة التي تفرض على النفس حركة معينة لم تكن في أغلب الأحيان هي الحركة الأصلية التي تموج بها النفس « [54]
وفي ضوء هذا فإن النص الشعري لا يلغي الوزن أو القافية وإنما يقدم مفهوما جديدا لهما، فالسطر الشعري » سواء أطال أم قصر ما زال خاضعا للتنسيق الجزئي للأصوات والحركات المتمثل في التفعيلة، أما عدد هذه التفعيلات في كل سطر فغير محدد وغير خاضع لنظام معين ثابت « [55]
إن المعنى عند نازك الملائكة هو الذي يحدد طول السطر الشعري أو قصره [56]، ويرى محمد النويهي ان الأسطر الشعرية » ليست تطول وتقصر كيفما اتفق، ولا لاستتمام المعنى اللغوي وحده، بل مع تهدجات العاطفة وتلاعبها بالنفس الصادر من الرئتين « [57]، بمعنى أن الشاعر لا تحكمه سيمترية الشطرين، فيتوقف في ضوء القوالب المسبقة، وإنما » يستطيع أن يقف ما أن ينتهي معناه وموجته العاطفية في جملته الموسيقية » [58]ويرجع عز الدين إسماعيل ذلك » لنوع الدفعات والتموجات الموسيقية التي تموج بها نفس الشاعر في حالته الشعورية المعينة « [59]، ولا يختلف عنهم حسن توفيق الذي يرى » أن يكون الإيقاع العروضي متمشيا مع الإيقاع النفسي الذي يتردد في روح الشاعر عندما يشرع في التعبير عن تجربته، ومن الطبيعي أن يختلف الإيقاع النفسي من شاعر الى آخر وان يختلف أيضا عند الشاعر الواحد تبعا لاختلاف تجاربه وتنوعها « [60] .
ويبدو أن محمد بنيس لا يبتعد كثيرا عن التصورات السابقة، فهو يمايز بين زمان الشعر وزمان نصوص أخرى كالتاريخ والنحو مثلا، ويؤكد أهمية الداخلي في تحديد الخارجي، أي أنه يرجع عملية الإبداع كلها الى » منظومة الدواخل « ،وعلى الرغم من إغراء هذه العبارة التي تؤكد الداخل رؤية ولغة فإنه حين يفسرها يرجع بها الى مقولات تكاد تقترب من مقولات بعض النقاد الذين سبقت الإشارة اليهم، يقول : » يخالف الزمان الشعري كلا من أزمنة التاريخ والنحو والتقنية . زمان الشعر متشكل من منظومة الدواخل، إنه النَّفس [61]بكل توتراته وانبساطاته، لا يستسلم حتما لتقعيد مسبق « [62] إن النفس يمثل جوهرا أساسيا تتشكل في ضوئه معطيات الكتابة وتجلياتها فهو الذي يتحكم في تنظيم الوحدات الصوتية والوحدات الدلالية، لأن الربط بين هذه الوحدات صوتية ودلالية » تبعا لإيقاع النَّفس هو ما يؤسس إيقاعا مغايرا له صيحة المغامرة وحجة التجربة والممارسة وألق الخروج « [63]، إن العلاقة بين النفس والإيقاع ليست علاقة التابع بالمتبوع، كما تدل النصوص السابقة وإنما يصل الأمل بالناقد الى قصر أحدهما على الآخر في قوله » وما الإيقاع الا النفَّس، ولذا فإن ما يحدد المتتاليات داخل النص هو هذا النفس، ضوء الجسد النافذ الى عتمة الكلام اليومي وقوانينه العامة . إنه أيضا رؤية المبدع للعالم . تدمير القوانين العامة، وإعادة تركيب المتتالية ـ المتتاليات، حسب إيقاع النفس، مقدمة لتدمير سلطة اللغة وأنماط الخضوع لتراتب مسبق للوجود والموجودات « [64].
إن الناقد يحيل هنا الى مجهول يتحكم في تحديد بناء الإيقاع فإن النَّفس مفهوم مضبب لا حدود لطبيعته وماهيته، ومن الجدير بالذكر ان الناقد ينبه الى هذا الأمر في قوله » إن قوانين اللاوعي التي نجهل أسرارها تتدخل في صوغ هذا الإيقاع « [65].
إن هذه التصورات تحيل في بعض تجلياتها الى أن عملية الإبداع الشعري في الشعر الحر ترجع الى قوى غيبية تذكرنا بكهنة معبد كوبيلا ـ التي ذكرها أفلاطون ـ، وبشياطين الشعر ـ عند العرب ـ، وليس الأمر كذلك في تقديري لأن عملية الإبداع ترجع في الحقيقة الى عملية واعية يقصد إليها الشاعر، وهي نتاج عملية جدل بين الذات ت وموضوعها . وأعني بالذات ـ هنا ـ الوعي الإنساني المقصود القار في أعماق الإنسان، وأن الموضوع يقع خارجها، مهما كان نوعه وشكله، وإن الذات في أثناء تفاعلها مع موضوعها تحدث حركة جدل يتم من خلالهما وعي للذات ولموضوعها، ويعبر الإنسان عن هذا بطرائق كتابية مختلفة، شعرا، تاريخا، فلسفة، وقد تكون محصلة الجدل ـ هذا ـ وعيا ناقصا وبسيطا، ومن ثم لا يقدم سوى نتاج هزيل، وقد يكون التجادل عميقا يسهم في التأثير بين طرفي الذات بموضوعها، تأثيرا بالغا .
إن الوعي في حالة إبداع النص الأدبي يلغي التراتبية التي يتم تأكيدها في مواطن أخرى من الكتابة، لأن الشعر ليس وصفا وتحليلا، وإنما خلق، والخلق لا يلتزم بتراتبية مسبقة، وإنما يخلق تراتبيته الخاصة به، وهي وليدة جدل عميق بين الذات وموضوعها، والجدل هذا وعي .
6
تؤكد نازك الملائكة أن الشعر الحر » أسلوب في ترتيب تفاعيل الخليل تدخل فيه بحور عديدة من البحور العربية الستة عشر المعروفة « [66] ،ولذلك فإن شعر التفعيلة لا يعدو كونه مجرد » ظاهرة عروضية تعنى بـ
1- عدد التفعيلات في السطر .
2- ترتيب الأشطر والقوافي
3- أسلوب استعمال التدوير والزحاف والوتد « [67]
وتتبدى ملامح المحافظة عند نازك الملائكة في تأكيدها إحالة عروض شعر التفعيلة، وكأنه فرع من عروض الخليل، إذ تتحدد جدته من خلال :
1- استبدال نظم الشطرين بنظام السطر الشعري .
2- حرية مقيدة لعدد التفعيلات في السطر الشعري .
وما عدا ذلك فإن الشاعر لا يخرج على القانون العروضي » جاريا على السنن الشعرية التي أطاعها الشاعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا هذا « [68]
إن أساس شعر التفعيلة هو وحدة التفعيلة عند نازك الملائكة، إضافة إلى حرية مقيدة في عدد التفعيلات في السطر الشعري الواحد، وتضع نازك قواعد صارمة فهي تخرج عددا من البحور الشعرية لعدم صلاحيتها للشعر الحر، وهي : الطويل، والمديد، والبسيط، والمنسرح، » فهي لا تصلح للشعر الحر على الإطلاق، لأنها ذات تفعيلات منوعة لا تكرار فيها، وإنما يصح الشعر الحر في البحور التي كان التكرار في تفعيلاتها كلها أو بعضها« [69] . وقد نظم الشعراء على هذه البحور، ومن هؤلاء بدر شاكر السياب، يقول من بحر البسيط :
نافورة من ظلال من أزاهير مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
ومن عصافير مفاعلن فعْلن
جيكور، جيكور، يا حقلا من النور مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
يا جدولا من الفراشات نطاردها مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
في الليل في عالم الأحلام والقمر مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
يتشرت الأجنحة أندى من المطر مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
في أول الصيف [70] مستفعلن فعْلن
ويقول في سفر أيوب من بحر البسيط أيضا :
يا رب أيوب قد أعيا به الداءُ مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
في غربة دونما مالٍ ولا سكن ِ مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
يدعوك في الدُجنِ مستفعلن فعلن
يدعوك في ظلمات الموت أعباءُ مستفعلن فعلن مستفعلن فعْلن
ناد الفؤاد بها فارحمه ان هتفا مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
يا منجيا فلك نوح مزق السدفا مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
عني أعدني الى داري الى وطني[71] مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
يقول السياب
رأيت الذي لو صدق الحلم نفسه فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
لمد لك الفما فعول مفاعلن
وطوق خصرا منك واحتاز معصما فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن
لقد كنت شمسه فعولن مفاعلن
وشاء احتراقا فيك، فالقلب يصهر فعولن مفاعيلن فعولن نفاعلن
فيبدو على خديك والثغر أحمر فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
وفي لهف يحسو ويحسو فيسكر [72] فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
والبحور الصالحة للشعر الحر عند نازك الملائكة هي :
أ ـ البحور الصافية :
وهي البحور التي يتألف شطراها من تكرار تفعيلة واحدة ست مرات، وهذه هي :
الكامل، شطره ( متفاعلن متفاعلن متفاعلن )
الرمل، شطره ( فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن )
الهزج، شطره ( مفاعيلن مفاعيلن )
الرجز، شطره ( مستفعلن مستفعلن مستفعلن )
ومن البحور الصافية اثنان يتألف كل شطر فيهما من أربع :
المتقارب، شطره ( فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن )
المتدارك، شطره ( فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن )
أو ( فعلن فعلن فعلن فعلن )
وينبغي لنا أن نضيف هنا ( مجزوء الوافر ) ( مفاعلتن مفاعلتن ) فإنه من البحور الصافية وشطره تفعيلتان . « [73]
وأضافت نازك بحرا آخر تزعم أنها ابتكرته، وهو بحر صاف، » اشتقته من الوزن الخليلي المعروف المسمى » مخلع البسيط « [74] ووزنه مستفعلاتن مستفعلاتن .
ب ـ البحور الممزوجة :
وهي التي يتألف الشطر فيها من أكثر من تفعيلة واحدة على أن تتكرر إحدى التفعيلات، وهما بحران اثنان :
السريع، شطره ( مستفعلن مستفعلن فاعلن )
الوافر، شطره ( مفاعلتن مفاعلتن فعولن ) [75]
وتشترط نازك الملائكة في هذين البحرين شرطا مفاده » أن يكون » التنويع في عددالتفعيلة المتكررة وحسب « [76]، ففي بحر الوافر لا بد أن يجري على النسق التالي :
مفاعلتن فعولن
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مفاعلتن فعولن
أي أن ينتهي كل سطر شعري بالتفعيلة فعولن .
الضرب :
يشتمل العروض الخليلي على مصطلحات عروضية معروفة حافظ العروض الحر على قسم منها وألغى اخريات، إذ من المعروف ان القصيدة تتكون من شطرين في العروض الخليلي، ويتكون كل شطر من عدد من التفعيلات، يطلق على أخر تفعيلة من الشطر الاول العروض، وتسمى آخر تفعيلة من الشطر الثاني الضرب، ففي بحر الطويل مثلا :
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
_ــ_______ ______
الحشــــــو العروض
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
ـــــــــ ______
الحشـــــــو الضرب
ولا بد أن يلتزم الشاعر في قصيدة الشطرين بالعروض ـ باستثناء حالة التصريع ـ في القصيدة كلها، دون أي تغيير، وكذا الأمر في المحافظة على الضرب، إذ يمثلان قانونا صارما لا يجوز كسره بأي حال من الأحوال . ولما كان إيقاع التفعيلة ألغى نظام الشطرين، واستبدله بنظام السطر الشعري، فلقد حافظ على حشو البيت والضرب، وألغى العروض تماما ،إذ لسنا إزاء شطرين .
وقد ألزمت نازك الملائكة الشاعر بضرورة المحافظة على قوانين الخليل في اضرب، لأن اختلاف الضرب في قصيدة الشطرين يعني تشكيلات مختلفة من البحر الشعري، ولذلك يجب على الشاعر المحافظة على ضرب واحد دون تجاوزه، لأن » القانون العروضي الذي خضع له الشاعر العربي دائما انه ليس يمكن أن تجتمع تشكيلتان في قصيدة واحدة، وإنما تقتصر كل قصيدة على تشكيلة واحدة يختارها لشاعر منذ مطلع القصيدة ويلازمها في كل بيت « [77]، ففي قصيدة حرة يحق للشاعر أن يكرر عدد التفعيلات في الحشو ،ولكنه ينبغي أن يلتزم بضرب واحد مثل :
متفاعلن فعلن
متفاعلن متفاعلن متفاعلن فعلن
متفاعلن متفاعلن فعلن
متفاعلن فعلن
متفاعلن متفاعلن فعلن
فالضرب هنا هن » فعلن «، وهو ثابت ولا يجوز تغييره، ولذلك ترفض نازك الملائكة تنويع الأضرب في تشكيلات مختلفة من البحر الشعري، كما هو الحال في قصيدة الشاعر :[78]
لكنهم متيقنون لأنهم صرعى حميّا ( متفاعلاتن )
وعزاؤهم أن الحياة تقول للأبطال هيا ( متفاعلاتن )
منا الصدى ( فعلن )
من مقلتي وفمي ( فعلن )
فأحسه نارا ووعدا وارتقابا للغد ( متفاعلن )
إن الضرب هنا متنوع فهو يختلف من سطر إلى آخر، » متفاعلاتن، وفعلن ومتفاعلن «، وترى نازك الملائكة أن » الأذن العربية لا تقبل في القصيدة الواحدة إلا تشكيلة واحدة « [79] وعلى الرغم من أن الأذن العربية لا تدل على قانون محددد، وهي في الحقيقة إشارة إلى قضية ذوقية وانطباعية، فإن نازك أصرت على ذلك وحافظت عليه، وترى » أن وحدة الضرب قانون جار في القصيدة العربية مهما كان أسلوبها :شطرين أو شطرا ثابت الطول، أو شطرا متغير الطول من بحر صاف أو شطرا متغير الطول من بحر ممزوج . ففي الحالات كلها ينبغي ان تحافظ على ثبات الضرب . وإنما تنحصر الحرية التي نملكها في حشو الشطر«[80]
ومن الجديد بالذكر ان اغلب النقاد يخالفون النـزعة التقليدية المحافظة لنازك الملائكة لدرجة يصف يوسف الخال كتابها بانه » يتردى بالانكفاء والرجعية والضيق ـ ضيق النفس ( بفتح الفاء وتسكينها ) وإساءة الفهم ـ فهم الوزن العربي التقليدي، بل وزن الشعر عموماً، وفهم اللغة العربية وإمكاناتها، وفهم الإنسان، خصوصاً العربي بقدرته على التغير والتكيف والتخطي « [81] ويرجع النويهي رفضه لآراء نازك الملائكة إلى ضرورة تجاوز الرتابة في الإيقاع بشكله التقليدي، وتجاوز ما تفرضه نازك الملائكة من قيود تؤكد هذه الرتابة وتعمقها، ولذلك فإنه يدعوا إلى ما يلجأ اليه الشعراء من » تنويع الإيقاع في التفعيله نفسها بادخال ما يطبقون من الزحافات ... وبتنويع صور الأضرب التي يستعملونها، وبالانسياق احياناً انسياقاً هينا لا نشاز فيه من وزن إلى وزن قريب منه يذوب فيه « [82] ويرجع عز الدين إسماعيل ذلك إلى قيمة » التلوين في الإيقاع، سواء في حشو السطر أو في نهايته، وفي علاقة السطور بعضها ببعض، وفيما يتسرب خلالها من حركه نفسية، والإلزام بصورة واحدة ثابته لتفعيله في نهاية كل سطر لا يضمن من الناحية الموسيقيه الا نوعاً من الإيقاع الرتيب « [83] ويرجع شكري عياد ذلك إلى التنويع لان ثبات الضرب في القصيدة كلها، وبخاصة في البحور الصافية يزيد من الإحساس بالرتابة ويستدل على ذلك بقصائد الشعراء المجيدين الذين » يعمدون إلى تغير الأجزاء الوزنية الأخيرة ـ أو الاضرب ـ مخالفين بذلك قاعدة من قواعد الشعر االكلاسيكي « [84]
تنويع الأوزان :
يعد تنويع الأوزان في شعر التفعيلة امراً معيباً وخاطئاً عند نازك الملائكه التي لا تجيز هذا التنويع مهما كانت مبرراته المعنوية أو الفنية ولذلك فهي تعيب على الشعراء الذين »خلطوا بين بحور الشعر نفسها فنظموا قصائد حرة تجاورت فيها اشطر من البحر السريع وأخرى من الرجز « [85]، وتستشهد لذلك بقصيدة سعدي يوسف :
ياطائراً اضناهُ طول السفرْ
قلبي هنا في المطرْ
يرقب ما تأتي به الاسفار
وترى ان الشطر الثالث يخرج على البحر السريع بسبب تفعيلة الضرب » مفعولن « لأنها » لا ترد في ضرب السريع على الاطلاق وانما هي مما يرد في الرجز بحسب قواعد العروض العربي « [86].
ويبدو ان نازك الملائكه تنفرد بهذا التصور، في حين يجوّز النقاد الآخرون، وهم كثر، تنويع الأوزان في القصيدة الواحدة، ويبرر عز الدين إسماعيل هذا التنويع وفقاً لحالات متعدده وهي :
1- ان يكون السطر الجديد بداية لمقطع جديد من القصيدة .
2- او ان يعبر هذا السطر عن انتقال في الموقف الشعوري .
3- فان لم يكن هذا ولا ذاك فيتحتم عند ئذ ان تكون هناك » علاقة تداخل « بين التفعيلة المستخدمة في السطر الأول والتفعيلة المستخدمة في السطر الذي يليه، على ان يدخل في اعتبار الشاعر استغلال هذه العلاقة فنياً [87] .
ويجيز علي يونس الانتقال من وزن الى آخر، شريطة ان يكون » مصحوباً بالانتقال المعنوي او الشعوري« ويستشهد لذلك بقصيدة لحسب الشيخ جعفر :
يافتى مر طعام الذكريات
يافتى بالله خبر كيف جاء
طائر الموت على عينيك مثقوب الرداء
(اشم شواء لحمي في عيونك استلذ النار تأكلني
وتتركني
رماداً في مهب الريح تعصف بي وتنثرني
فيا وطني ترابك تاج رأسي، قرة العينين ثوبي الرث أو كفني
فلا تهن )
عائد انت الينا حينما يهمي السحر
مطراً من برتقال
فالنص الشعري ينقسم إلى قسمين القسم الأول من بحر الرمل وتفعيلته فعلاتن والقسم الثاني المحصور بين القوسين، وهو من الوافر وتفعيلته مفاعلتن ويرى علي يونس ان » الابيات تصور حواراً بين طرفين وقد اختص كل واحد من هما بأحد الوزنين . فالانتقال من وزن الى وزن مصحوب بانتقال معنوي « [88] .
ويبدو ان التطور الحاصل في الشعر دفع الشعراء لاأسباب دلالية وجمالي’ وفني’ المزج بين الأوزان الشعرية في قصيدة واحدة، وبخاصة في الجانب الدرامي في الشعر، إذ يرى علي عشري زايد ان الشاعر يستخدم » وزنين في قصيدة واحدة لتعبر عن الصراع بين حركتين نفسيتين مختلفتين كما في قصيدة » بور سعيد « للشاعر » بدر شاكر السياب « فتجربة القصيدة تقوم على الصراع بين حركتين نفسيتين : اعتزازه بصمود المدينة الباسلة وانتصارها وإحساسه بفداحة الثمن الذي بذلته، والتضحيات التي قدمتها « [89]
وإذا تجاوزنا التصورات النظرية المعيارية التي شغف بها الرواد والنقاد على السواء الى التحليل، يبدو أن الشاعر الحر لم تكن تعنيه تلك الأصول المعيارية كثيرا بدليل تمرده عليه، ومحاولته التجريب مهما كان نوعه، ولذلك حاولت نازك الملائكة رد الشعراء عن محاولات التجريب تلك، وتحولت الى خليل جديد تفرض على الشعراء قيودها، ويبدو ان الشاعر أخذ يتمرد على قوانين البحور والزحافات، يقول بلندالحيدري « خرجنا الى هذه التجربة بحيث تتحول الموسيقى في كل قصيدة الى موسيقى القصيدة الخاصة ،لا الى موسيقى البحر . ومن الخطأ أن نقول الآن أن شعراء الحداثة مالوا الى استخدام سبعة او ستة بحور فقط، في الحقيقة البحر الغي نهائيا، وهنا في هذه الحالة ملنا الى استخدام موسيقى القصيدة الذاتية، أي أن لكل قصيدة موسيقاها الخاصة » [90]
التدوير :
التدوير هو اتصال شطري البيت الشعري، وإذا أردنا أن نقرأ البيت الشعري دلاليا فإننا ندمج الشطرين معا، دون وقفة عند نهاية الصدر، وإذا أردنا قراءة البيت إيقاعيا فإننا نضطر أن نشق الكلمة التي تصل الشطرين شقين، قسم يقع في صدر البيت والآخر في عجزه . أما التدوير في الشعر الحر فله دلالة تبدو مختلفة عن طبيعة التدوير في نظام الشطرين ،وإن كنا لا نعدم أن نجد مثالا يتيما يماثل مفهوم التدوير بدلالته القديمة، ذلك أن تنشق فيه الكلمة الى شقين، قسم يقع في سطر شعري والآخر يقع في شطر شعري تال له، ولقد استشهدت به نازك الملائكة، وهو :
لأهتف قبل الرحيل
ترى يا صغار الرعاة يعود الرَّ
فيق البعيد
وفي ضوئه تقرر » أن التدوير يمتنع امتناعا تاما في الشعر الحر « [91]، ويتأتى امتناع التدوير عندها لأنها تنظر الى السطر الشعري من منظور لا يزال يحافظ على أغلب مقومات البيت الشعري، أي أنه يمثل وحدة مستقلة إيقاعا ودلالة ،ولذلك فهي تستدل بأن » شعر الشطر الواحد « سواء أكان قديما أم حديثا !! يستقل استقلالا تاما ولا يدوّر، كما أن شعر الشطر الواحد لا بد أن ينتهي بقافية، وان التدوير بهذه الصورة يلغي القافية التي لا تزال تحافظ على مفهوم لها يقترب من مفهومها القديم،، ولا يزال يحافظ بشكل صارم على جلجلة الإيقاع بشكله القديم [92] .
أما التدوير بمفهومه الحديث فإنه يعني » توزع جملة واحدة على أكثر من بيت، أي على أكثر من سطر واحد إذا انطلقنا من جهة الكتابة، وعلى أكثر من منظومة إيقاعية، إذا انطلقنا من جهة الوزن « [93]، أي التأكيد على الخصائص الزمانية والمكانية ،وهذا ما أكده حسب الشيخ جعفر في قوله » القبض على الزمان والمكان هو لعبة التدوير الشعري، الفبض عليهما وتهشيمهما أو المزج بينهما، أي أنك في الوقت نفسه في البؤرة الشعرية نفسها يمكنك أن تكون في العديد من الأزمنة والأمكنة المختلفة « [94]
ويميل الى التدوير أغلب النقاد، إذ يعده محمد النويهي » وسيلة من وسائل الشعر الجديد للتخلص من حدة الإيقاع القديم « [95] ويطلق عليه عز الدين إسماعيل مصطلح الجملة الشعرية، وهي » بنية موسيقية أكبر من السطر وإن ظلت محتفظة بكل خصائصه، فالجملة تشغل أكثر من سطر وقد تمتد أحيانا الى خمسة أسطر أو أكثر « [96] . ويرى إن السطر الشعري على الرغم من ارتباطه موسيقيا بباقي الجزئيات فإنه يمثل » بنية موسيقية تشغل من حيث الحيز سطرا من القصيدة يصل امتداده الزمني في بعض الأحيان وفي أقصى الحالات الى تسع تفعيلات « [97]، فهو يكرر بعض قواعد نازك الملائكة بشكل أقل حدة وصرامة، ويرى في الوقت نفسه أن التدوير ـ الجملة الشعرية ـ تفرضها مبررات إبداعية نفسية، ويحيل ذلك الى التجربة الشعورية، ولذلك فالشاعر » لا يكفيه السطر الشعري وإن امتد زمنيا إلى تسع تفعيلات ... لأن يمزق هذه الدفقة الشعورية الممتدة ويقسمها موسيقيا على عدة أبيات، أي عدة وحدات موسيقية، ينفصل بعضها عن بعض ويستقل . ومعنى هذا أن الدفقة الشعورية الممتدة لا تظفر من الشاعر ببنية موسيقية موحدة وموازية ومساوية لهذه الدفقة « [98] .
إن الأساس الجمالي الذي يصدر عنه عز الدين إسماعيل سواء أكان في التجديد في الإيقاع الجديد أو في التدوير ـ الجملة الشعرية ـ يرجع الى ضرورة المطابقة بين » الشعور وصورة التعبير «، فإن كانت الدفقة قصيرة اقتضت سطرا شعريا قصيرا، وإن كانت طويلة امتدت لجملة شعرية، تنقسم الى عدة اسطر شعرية . غير أن عز الدين إسماعيل لا يزال يغترف من مؤثرات تراثية مرة، ويكرر بعض أفكار نازك الملائكة مرة أخرى، فهو يؤكد أن » السطر الشعري مهما امتد فإن له طولا » معقولا « لا يستطيع أ ن يتجاوزه « [99]، إن هذا الطول المحدد و » معقوليته « تؤكدان الضوابط القديمة التي لا تزال تتبدى من ثنايا تفكيره .
وتبقى هناك مشكلة لا بد من إيجاد حل لها تلك التي تتصل بقراءة الجملة الشعرية مرة واحدة، وذلك أمر مستعص من الناحية البيولوجية، أي أن القاريء لا بد أن يتوقف عند نهاية السطر أو داخل السطور، ويحيلنا عز الدين إسماعيل الى مجهول، لأن هذا التوقف » ليس له قاعدة ولا يمكن أن تكون له قاعدة، وإنما هي مسألة جمالية صرف« [100]، وكأن القضايا الجمالية ـ لدى الناقد ـ لا ضوابط لها ولا قواعد .
ومن الجدير بالذكر أن أحمد المعداوي يتلقف مصطلح الجملة الشعرية ولكنه يقسمه الى ثلاثة أنماط تعتمد المعيار الكمي، وهو معيار سطحي، وليس معيارا فنيا، فالجملة الشعرية القصيرة » تبدأ من ثلاث عشرة تفعيلة لتصل الى حدود الست عشرة تفعيلة، وما زاد على ذلك يعتبر جملة شعرية طويلة، شريطة أن تتكرر هذه الأخيرة عددا من المرات في القصيدة الواحدة او تتناوب عليها الأسطر والجمل الشعرية القصيرة « [101]، وهناك جملة استغراقية » وهي الجملة التي تستغرق القصيدة كلها إيقاعيا، فلا ينقي ثمة مجال لمساهمة أي من السطر الشعري ولا الجملتين القصيرة والطويلة « [102] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ محمد مندور، الأدب وفنونه، معهد الدراسات العربية، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1963 م ص 29 .
[2] ـ محمد العياشي، نظرية إيقاع الشعر العربي، ص 63 .
[3] ـ محمد مندور، الأدب وفنونه، ص 37 .
[4] ـ محمد العياشي، نظرية إيقاع الشعر العربي، ص 68 .
[5] ـ نفسه، ص 68 ـ 69 .
[6] ـ علي يونس، نظرة جديدة في موسيقى الشعر العربي، الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة
الطبعة الثالثة، 1993 .، ص 18 ـ 19 .
[7] ـ يوري لوتمان، تحليل النص الأدبي ،ترجمة محمد أحمد فتوح، دار المعارف، مصر، 1995 ،ص 2 .
[8] ـ محمد العياشي، نظرية ايقاع الشعر العربي، ص77 .
[9] ـ علي يونس، نظرة جديدة، ص26.
[10] ـ نفسه، ص6.
[11] ـ شكري عياد، موسيقى الشعر العربي، دار المعرفة، القاهرة، 1968 .، ص15 .
[12] ـ ادونيس، قصيدة النثر، مجلة شعر، ربيع 1960، ص75 .
[13] ـ نفسه .
[14] ـ ادونيس، النص القرآني وآفاق الكتابة، دار الآداب، بيروت، 1993، ص 113.
[15] ـ ينظر بالتفصيل علي يونس، نظرة جديدة، ص102.
[16] ـ عبد الله الطيب المجذوب، المرشد الى فهم أشعار العرب وصناعتها، د . ت، 1/87 .
[17] ـ نفسه، 1/ 90 .
[18] ـ نفسه 1/ 77 .
[19] ـ نفسه1/ 83 .
[20] ـ نفسه 1/140 .
[21] ـ نفسه1/188، وينظر شكري عياد، موسيقى الشعر العربي، ص18 ـ 19 .
[22] ـ نازك الملائكة، قضايا الشعر المعاصر، دار العلم للملايين، بيروت، 1983 م .، ص 7 .
[23] ـ نفسه، ص 52 .
[24] ـ نفسه، ص 64 .
[25] ـ نفسه، ص 42.
[26] ـ نفسه، ص 59 .
[27] ـ نفسه، ص 42 .
[28] ـ نفسه، ص 42 .
[29] ـ نفسه، ص 60 .
[30] ـ نفسه، ص 60 .
[31] ـ ينظر : نفسه، ص 50 .
[32] ـ نفسه، ص 60 .
[33] ـ نفسه، ص 63 .
[34] ـ عبد العزيز المقالح، الشعر بين الرؤيا والتشكيل، دار العودة بيروت، 1981 . ،ص 42
[35] ـ محمدالنويهي، قضية الشعر الجديد،، معهد الدراسات العربية، المطبعة العالمية، القاهرة 1964م ص 95 .
[36] ـ نفسه، ص 33 .
[37] ـ نفسه، ص 87 ـ 88 .
[38] ـ عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر، قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1967 م، ص 54 .
[39] ـ نفسه .
[40] ـ نفسه .
[41] ـ محمد النويهي، قضية الشعر الجديد، ص 22 .
[42] ـ نفسه، ص 100، وينظر 102 و 231 و232 وغيرها .
[43] ـ نفسه، ص 244 .
[44] ـ ينظر نازك الملائكة، قضايا الشعر المعاصر، ص 59 ومحمد النويهي، قضية الشعر الجديد ص 95 وعز الدين اسماعيل، قضايا الشعر المعاصر، ص 56 .
[45] ـ عز الدين اسماعيل، قضايا الشعر المعاصر ،ص 56 .وتتكرر هذه الأفكار لدى نقاد آخرين، إذ يؤكد أدونيس أن (( الذهنية العربية تميز بين الأنواع وترغب في أن يظل النظام الهندسي سائدا في الشعر والفن عامة )) أدونيس، قصيدة النثر، مجلة شعر، ص 76 . وينظر : محي الدين اللاذقاني، القصيدة الحرة، مجلة فصول العدد الأول صيف 1997.
[46] ـ عز الدين اسماعيل، قضايا الشعر المعاصر، ص 63 ـ 64 .
[47] ـ نفسه، ص 64 .
[48] ـ نازك الملائكة ،قضايا الشعر المعاصر، ص 69 .
[49] ـ نفسه، 64 .
[50] ـ عز الدين اسماعيل ،الشعر العربي المعاصر، ص 65 .
[51] ـ نازك الملائكة، قضايا الشعر المعاصر، ص 42 .
[52] ـ نفسه، ص 10 .
[53] ـ محمد النويهي، قضية الشعر الجديد، ص 100 .
[54] ـ عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر، ص 66 .
[55] ـ نفسه، ص 66 .
[56] ـ نازك الملائكة، قضايا الشعر العربي المعاصر، 60 .
[57] ـ محمد النويهي، قضية الشعر الجديد، 104 .
[58] ـ نفسه، 107 .
[59] ـ عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر ،ص 67 .
[60] ـ حسن توفيق، اتجاهات الشعر الحر، ص 27 .
[61] ـ التشديد من الكاتب .
[62] ـ محمد بنيس، حداثة السؤال، ص 24 .
[63] ـ نفسه. ولا يختلف عبد العزيز المقالح عنهم إذ يقول : يقول عبد العزيز المقالح : )) التشكيل الموسيقي ـ إذن إيقاع وزني، أو وحدات موسيقية صوتية تخضع لاختيار الشاعر نفسه، وهو بدوره يضعها ـ ما يشاء ـ في الاطار النفسي أو اشعوري الذي يجد نفسه خاضعا له أثناء الكتابة اشعرية . وليس هناك بالضرورة وزن حزين ووزن مبهج، وإنما هناك لحظة شعرية تعبر عن الحالة الشعورية للشاعر، وهذه اللحظة هي التي تتحكم في الأوزان وفي حركة التشكيل الموسيقي، موقعة ما تشاء من الألحان الحزينة أو السارة (( ينظر : عبد العزيز المقالح ،الشعر بين الرؤيا والتشكيل، ص 116 .
[64] ـ نفسه، ص 28 .
[65] ـ نفسه .
[66] ـ نازك الملائكة، قضايا الشعر المعاصر، ص 74 .
[67] ـ نفسه، ص 69.
[68] ـ نفسه، ص 79 .
[69] ـ نفسه، ص86 .
[70] ـ عبد الرضا علي، العروض والقافية، ص 109، وانظر ديوان السياب مج 1 : 186، 248 .
[71] ـ عبد الرضا علي، العروض والقافية، ص 110، انظر ديوان السياب مج 1 : 492، 660 ،707 .
[72] ـ نفسه، ص 117 وينظر ديوان السياب ،قصيدة (( ها .. ها .. هوه ))مج 1 ص 635 .
[73] ـ نفسه، ص 83 ـ 84 .
[74] ـ نفسه، ص 84 .
[75] ـ نفسه، ص 85 .
[76] ـ نفسه، ص 86 .
[77] ـ نفسه، ص 90 .
[78] ـ نفسه، ص 91 .
[79] ـ نفسه، ص 91 .
[80] ـ نفسه، ص 82 .
[81] ـ يوسف الخال، نحو شكل جديد لشعر عربي جديد، مجلة شعر ع31 ـ 32، 1964 ص122
[82] ـ محمد النويهي، قضية الشعر الجديد، ص256 .
[83] ـ عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر ص120 .
[84] ـ شكري عياد، موسيقى الشعر العربي، ص124 .
[85] ـ نازك الملائكه، قضايا الشعر المعاصر، ص81 .
[86] ـ نفسه، ص82
[87] ـ عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر، ص102 .
[88] ـ علي يونس، النقد الادبي وقضايا الشكل الموسيقي في الشعر الجديد ص60 .
[89] ـ نفسه ص62 .
[90] ـ عبد العزيز المقالح ،الشعر بين الرؤيا والتشكيل، ص 41 .
[91] ـ نازك الملائكة، قضايا الشعر المعاصر، ص 116 .
[92] ـ ينظر :نفسه، ص 117 .
[93] ـ كمال خير بك، حركة الحداثة في الشعر العربي المعاصر، ص 275 .
[94] ـ حسب الشيخ جعفر، لقاء معه، جريدة : الفينيق، العدد 22 / 1997
[95] ـ محمد النويهي، قضية الشعر الجديد، ص 275 .
[96] ـ عز الدين اسماعيل ،الشعر العربي المعاصر، ص 108 .
[97] ـ نفسه .
[98] ـ نفسه، ص 109 .
[99] ـ عز الدين اسماعيل ،الشعر العربي المعاصر، ص 109 .
[100] ـ نفسه، ص 110 .
[101] ـ أحمد المعداوي ،أزمة االحداثة، ص 58 .
[102] ـ نفسه، ص 59
امير القلوب مركز الابحاث