النفاق .. المداراة .. المداهنة .. معاني يجب ان تفهم ..!!!!
--------------------------------------------------------------------------------
كثيراً ما يخلط بعض الناس بين مفاهيم النفاق والمداراة والمداهنة ،
وسبب ذلك غياب معاني الأخوة والصحبة الصادقة في الذهن والواقع ،
فلم تعد قلوبهم تفرق بين الحق والباطل ، وبين الإحسان والإساءة .
أولاً : إذا أُطلق لفظ النفاق فإنه يستوحي معانيَ الشر كلها ،
ولم يكن النفاق يوما محمودا ولو من وجه ما ، ويعرِّفُه علماء السلوك بأنه
إظهار الخير للتوصل إلى الشر المضمر .
فالمنافق لا يبتغي الخير أبدا ، وإنما يسعى للإضرار بالناس وخيانتهم وجلب الشر لهم ،
ويتوصل إلى ذلك بإظهار الخير والصلاح ، ويلبَسُ لَبوس الحب والمودة .
ثانياً :أما المُدَارِي ( وهو المُجَامِلُ أيضا ) فلا يُضمِرُ الشر لأحد ،
ولا يسعى في أذية أحد في ظاهر ولا في باطن ، ولكنه قد يظهر المحبة والمودة
والبِشر وحسن المعاملة ليتألف قلب صاحب الخلق السيء ، أو ليدفع أذاه عنه وعن غيره من الناس ،
ولكن دون أن يوافقه على باطله ، أو يعاونَه عليه بالقول أو بالفعل .
ولذلك كانت المداراة من الأخلاق الحسنة الفاضلة ، وذكر العلماء فيها من الآثار والأقوال الشيء الكثير .
وعن الحسن قال : التودد إلى الناس نصف العقل " .
والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق ، وأمر بمعروف بلا غلظة ، إلا رجل معلن بالفسق فقد وجب عليك نهيه وإعلامه .
ثالثاً :ومن المهم أيضا التفريق بين المداراة المحمودة ، وبين المداهنة المذمومة ،
فقد يخلط الناس بينهما في حمأة اختلاط المفاهيم والأخلاق في هذه الأزمان .
رابعاً :كثير من الأصحاب والأصدقاء يخطؤون في فهم الوجه الصحيح لصحبتهم ،
فينحون نحو المغالاة الظاهرة التي تدفعهم إلى التعلق الشديد ، في حين يكون الطرف المقابل
لا يرى كل تلك المعاني المبالغة ، بل يقصد صحبة طيبة متزنة اقتضاها الحال والمقام ،
وحينئذ يصدم من كان يُعَلِّقُ على تلك الصحبة آمالا لا تكاد تحملها الجبال ،
فنحن بحاجة إلى ترشيد المودة التي قد تأسر قلوبنا تجاه أناس نحبهم ،
كي لا نُفاجأ يوما ، فنظن قصورا من المعاني هدمت ، وهي لم تكن مبنيةً يوما .
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لا يكن حُبُّكَ كَلَفًا ولا بغضك تَلَفًا " .
وفي المقابل نحن بحاجة إلى تعميق معاني الأخوة ، الأخوة التي تقتضي الوفاء والصدق والإخلاص ،
وترفع التكلف والمجاملة والمداراة . وقديما قالوا : " إِذَا صَحَّتِ المَوَدَّةُ سَقَطَ التَّكَلُّفُ "
" وجامَل الرجلَ مُجامَلةً : لم يُصْفِهِ الإِخاءَ ، وماسَحَه بالجَمِيل ".
ولا شك أن مثل هذه المجاملة مذمومة ، إذ ليس لها محل في سياق الأخوة والصحبة الصالحة ،
وإن وقعت المجاملة أحيانا بين الأصحاب فإنما تكون بحسب المقام فقط ،
درءا لفتنة أو حفظا لمودة ، أما أن تكون المجاملة شعار تلك الصداقة ،
فذلك تشويه لجميع معاني الأخوة الصادقة.
قال علي : شر الأصدقاء من تكلف لك ، ومن أحوجك إلى مداراة ، وألجأك إلى اعتذار .
وقيل لبعضهم : من نصحب ؟ قال : من يرفع عنك ثقل التكلف ، وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ .
-----------
وللأمانه منقول للفائدة العامة
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..