لا شك ان الكثيرين في الوطن العربي لا يعرفون شيئا عن حرب الشتاء التي نشبت بين الإتحاد السوفياتي وفنلندا....
حرب الشتاء... أتت بعد رفض فنلندا تبادل أراضي مع الإتحاد السوفياتي وإقامة قواعد عسكرية سوفياتية في فنلندا بالإضافة إلى تأجير أراضي للإتحاد السوفياتي.... فشن السوفيات في أواخر سنة 1939 هجوما على فنلندا... الإتحاد السوفياتي بدباباته وطائراته وأسلحته المتطورة يهاجم فنلندا الضعيفة التسلح... صمد الجيش الفنلندي والمتطوعون الفنلنديون (مع بعض المساعدات التي تلقوها من الدول الإسكندنافية التي أرسلت متطوعين لقتال السوفيات ومساعدات تلقوها من فرنسا وبريطانيا تتمثل في بعض الاسلحة ) في الصمود لمدة ثلاثة أشهر أمام الغزو السوفياتي وكبدوا السوفيات خسائر كبيرة .... لكن في النهاية انتهت الحرب بانهيار الدفاعات الفنلندية وتمكن السوفيات في النهاية من الحصول على إقليم كاريليا الذي يمثل عشر أراضي فنلندا وهذا كان هدفهم من الحرب...
مع ذلك فالحرب كانت بالنسبة للسوفيات هزيمة عسكرية وكانت بالنسبة للفنلنديين انتصارا عظيما.... ذلك لأن موازين القوى كانت متباينة بشكل كبير... وأن يستغرق السوفيات ثلاثة أشهر لتحقيق النصر على جيش أضعف منهم بكثير فهذه فضيحة مدوية... في حين أن صمود الفنلنديين تلك المدة كلها كان انتصارا مدويا وإنجازا أسطوريا...
وهنا تذكرت حرب تموز بين حزب الله وإسرائيل... وحرب الشتاء بين إسرائيل وحماس... في كلتا الحربين كانت موازين القوى متباينة بشكل صارخ.... خصوصا في حرب الشتاء ضد حماس...
ثالث اقوى جيش في العالم يواجه حزب الله وحماس التان تقل ترسانتهما العسكرية عن اضعف جيوش العالم...
وفي هذين الحربين قواسم مشتركة كثيرة مع حرب الشتاء....
وتتمثل في:
التباين الواضح في موازين القوى.
الصمود:
نجح الفنلنديون في الصمود امام الجيش السوفياتي لمدة ثلاثة أشهر ونجح كذلك كل من حزب الله وحماس في الصمود لمدة تفوق الشهر ضد الصهاينة وكانا مستعدان للصمود أشهرا أكثر.
تكبيد العدو المتفوق خسائر كبيرة:
لقد كبد الفنلنديون خسائر كبيرة للسوفيات.... كما أن حزب الله كبد الصهاينة خسائر جمة... ونجح في تحويل جنوب لبنان لمقبرة للمركافا مفخرة الصناعة الحربية الصهيونية... بدليل ان الكثير من الدول كانت تريد شراء المركافا لكنها ألغت صفقات البيع.
هذه هي الأمور المشتركة والتي جعلت الفنلنديين يفتخرون بحرب الشتاء. وجعلت بعض الخونة العرب يصرفون المليارات لتحويل النصر إلى هزيمة.... لكن كان هناك في تلك الحرب عدة اختلافات....
المتطوعين من الدول الشقيقة والصديقة:
في حرب الشتاء قامت الدول الإسكندنافية بدعم الفنلنديين في نضالهم,,,, وأرسلت عشرات الآلاف من المتطوعين.... للأسف فإن الدول العربية لم ترسل متطوعين لمساعدة حزب الله وحماس,,, بل على العكس جرمت المقاومة واعترف الصهاينة بأن الكثير من الدول العربية تواطئت معهم في حربي تموز وعملية الرصاص المسكوب.
الموقف الدولي من الحرب:
نتيجة لشنه الحرب... قامت الدول العظمى في ذلك الوقت بإرسال معدات عسكرية لفنلندا.... وتم طرد السوفيات من عصبة الأمم.... في حين في حربي لبنان وغزة تم دعم الصهاينة بالمال والسلاح وتمت محاصرة المقاومة... كما أن القوى العظمى كانت في صف إسرائيل... ولم تصل للمقاومة سوى مساعدات من إيران وسوريا.
قوة الخصم:
الإتحاد السوفياتي عام 39 ليس هو نفسه الإتحاد السوفياتي الذي هزم هتلر... لقد أرسل ستالبن للقتال ضباطا وجنودا غير مدربين ... يعني أسلحة متطورة لكن بوجود ضباط لا يتقنون وضع الخطط العسكرية وجنودا لم يتمرنوا بما فيه الكفاية.... ستالين تمكن من الصمود ضد هتلر لأنه بعد حرب الشتاء قام بعملية تحديث واسعة للجيش السوفياتي وتم تدريب الجنود بشكل جيد والإتيان بضباط اشد كفاءة... لكن اليوم معروف أن أكثر الجنود خبرة وتدريبا هم الجنود الصهاينة.
الإستعدادات للحرب:
في حرب الشتاء كان الفنلنديون مستعدين للحرب... في حرب تموز لم يتوقع حزب الله أن تشن إسرائيل الحرب بل كان يريد فقط عملية تبادل أسرى كما جرت العادة.... كما أن حماس اخذت على حين غرة في وقت لم تتوقع فيه الحرب أبدا.
أخيرا:
تمكن السوفيات في نهاية الحرب من تحقيق أهدافهم من الحرب... وانهارت الدفاعات الفنلندية وحصل السوفيات على إقليم كاريليا... في حين أن حزب الله لم تنهر دفاعاته بل بقي مستعدا للقتال حتى آخر لحظة في الحرب... ولم تتمكن إسرائيل من اجتياح قرية لبنانية واحدة... وحقق حزب الله هدفه من الحرب وحرر الأسرى... في حين لم تحقق إسرائيل ولا هدف من أهدافها... كما أن حماس صمدت طوال الحرب.... ولم تحقق إسرائيل اهدافها من الحرب,,,, في حين هاهي حماس بدأت تجني ثمار تضحياتها وحررت 20 أسيرة...
بالتالي فإن إنجاز حزب الله وحماس ضد الصهاينة كان اكبر من إنجاز الفنلنديين ضد السوفيات...
مع ذلك السوفيات الفنلنديين يفتخرون بتلك الحرب التي خسروها في حين أن الخونة العرب يحاولون تشويه انتصاراتنا!!!
م / ن