مجابهة الأفغان في القرن التاسع عشر
--------------------------------------------------------------------------------
في هذا المقال يقوم بروس كولينز Bruce Collins بدراسة الصفات المميزة للنشاط البريطاني في أفغانستان إبان حكم الملكة فيكتوريا، وهذه الصفات هي: روح المغامرة، وإنزال الكارثة بالشعب الأفغاني، والانتقام المميت.
--------------------------------------------------------------------------------
إن أحد الأفكار التاريخية السائدة من القرن التاسع عشر هو السلام البريطاني. فقد ساد السلام الطويل الأمد الذي امتد من عام 1815 إلى عام 1914 – مع توقف هذا السلام مرة واحدة خلال اندلاع حرب كريمان في أواسط عام 1850- روح أواصر العلاقات البريطانية مع قوى البلدان الأوروبية الرئيسية. أما بالنسبة للبلاد غير الأوروبية فقد شهدت في تلك الفترة سلسلة تدخلات بريطانية عسكرية وبحرية لايمكن الصفح عنها، اذ امتدت إلى كل جزء من أجزاء العالم. وقد أكد الجنرالات البريطانيون وقادة البحرية أن هذه التدخلات كانت ناجحة في معظم أرجاء العالم، أو على الأقل كان يبدو عليها سمة الانتصار. كانت الخبرة العسكرية البريطانية لها طابع خاص. اذ تتطلب التدخل الأول الذي حدث بدءا من عام 1838 إلى 1842 إظهار درجة عالية من الكفاءة لإدارة هذا التدخل ومن أجل إحراز النجاح الباهر، في حين أثبت التدخل الذي حدث منذ عام 1878 إلى عام 1881 أنه مكلف، على الرغم من إنجازه للهدف المنشود في نهاية الأمر. وفي كلتا المناسبتين تم الثأر للهزائم العسكرية التي حدثت، إلا أن إدارة السياسة في أفغانستان بقيت صعبة للغاية.
في عام 1837، قدم رئيس أركان الجيش البنغالي السير هنري فين Henry Fane تحليلاً رسميا مفاده أن الحدود الغربية والشمالية الغربية للهند البريطانية كانت آمنة بشكل تام ، وتغطي الصحراء الهندية الكبرى أو صحراء الثار جزءً منها ابتداء من البحر إلى فيروزبور Firuzpur على نهر سوتليج Sutlej. وتقف جبال الهيمالايا التي لايمكن اختراقها في نهاية الطرف الآخر. أما الجهة الوحيدة المكشوفة لتلك الجبال فهي تمتد على مسافة 120 ميلاً ابتداء من فيروزبور وحتى أعالي نهر سوتليج.
وعلى الرغم من صعوبة انقضاء عقد من القرن التاسع عشر دون حدوث بعض الحملات على الحدود التي كان لها تأثير على الجهات المتاخمة للهند البريطانية، إلا أن حاميات الحدود المنيعة قد ضمنت الأمان لهذه الحدود وأدت إلى تحسين قنوات الاتصال للقواعد الرئيسية للهند البريطانية وعملت على إقامة علاقة ودية مع البنجاب عبر نهر سوتليج، إلا أن هذا الانطباع قد تلاشى في غضون سنة.
لقد نشأ التدخل البريطاني في أفغانستان من جراء المخاوف البريطانية المتزايدة من الأطماع الروسية في آسيا الوسطى، فقد قامت روسيا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بالتوسع السريع لإمبراطوريتها في آسيا الوسطى، وبحلول عام 1830 قامت روسيا بالاستيلاء على أورال سك و تورغي وأجزاء من أكمولنسك. وقبيل حلول عام 1878 تجاوز الروس في استيلائهم على الأراضي ووصلوا إلى جنوب تركستان حيث استولوا على سمرقند وبخارى وسيميرشي. لقد كان تهديد النفوذ الروسي في آسيا الوسطى وما يمكن أن يكون له من تأثير على الرأي السياسي الهندي من ضمن المخاوف البريطانية الرئيسية. إذ قامت بريطانيا بإحكام إغلاق الهند بشكل فعال لمنع أي تغلغل بحري من قبل الخصوم الأجانب، ولكن هل من الممكن أن تكون الحدود الشمالية الغربية عرضة لأحداث من المحتمل أن تشجع الأمراء الهنود على تحدي الحكم البريطاني؟ أدرك معظم صناع السياسة أنه مهما أنجز خلال التطورات التجارية والتأسيسية، ومن خلال التحسينات الإنسانية والتعليمية والدينية، أن الحكم البريطاني اعتمد بصورة كلية على القوة العسكرية. لقد تنامى الاستياء إزاء الحكم البريطاني تحت حكم الراجا. وقررت الحكومة في الهند أن بذل روسيا لأي جهد سياسي في أفغانستان يشكل تهديدا غير مباشر حيال وحدة الدولة الإنجليزية-الهندية.
لقد تطلبت عملية إذعان الحكام الهنود للحكم البريطاني-ابتداء من أواخر القرن الثامن عشر وما بعده- وكذلك تحويلهم إلى رعايا أرستقراطيين،تطلب اللجوء إلى عمليتي القسر وشن الحرب للقيام بذلك. وعلاوة على هذا، يعتقد البريطانيون أنهم يمكنهم – وبشكل متكرر- إعادة تعيين الحكام الآسيويين بكل سهولة. فقد حاولوا التدخل بالشؤون الأفغانية وهم يجهلون تجاهلا نسبيا أحوال الأفغان. وقد أجري في عام 1830 أول اتصال بريطاني شبه رسمي بالمدن الأفغانية الشرقية الرئيسية. ففي مطلع القرن التاسع عشر تركزت الاهتمامات الدبلوماسية على العلاقات الفارسية مع منطقة الحدود الغربية. وفي عام 1838 بدا واضحاً أن أمير أفغانستان دوست محمد يتلاعب بفكرة الانحياز إلى روسيا، فقررت بريطانيا حينئذ إبداله. وكان في مخيلتهم الأمير الأفغاني العجوز السابق شجاع الملك الذي أمضى ثلاثين عاماً منفياً في الهند. وكانت الإمبراطورية الأفغانية خلال القرن الثامن عشر قد تكونت من كبار الأسياد الرئيسيين. وكانت حركة تطور الاقتصاد ضعيفة للغاية، وتميزت تلك الفترة بوضع تجاري محدد نسبياً، إذ غالباً ما كان الحكام الأفغانيون يعتمدون على الغارات العسكرية التي يشنونها على الأراضي المجاورة وبالأخص الأراضي الواقعة شمال غرب الهند وذلك من أجل الحصول على غنائم عينية جاهزة من خلال عمليات السلب المنتظمة. وفي بداية القرن التاسع عشر نشأت منافسة حادة حول السلطة بين عشيرتين متنازعتين وهما سودسي و ركوزي اللتان تنحدران من قبيلة الدورانية[1] التي كان أميرها أحمد شاه. وقد ادعى العشرات من الحكام المتخاصمين من أتباع كلتا العشيرتين الحق لتولي السلطة. وقد استطاع اشجاع الملك أن يضع يده على الحكم وذلك عندما قام بالإغارة على بلده في عام 1834، إلا أنه هزم في معركة بالقرب من قندهار من قبل دوست محمد.
كان الحاكم العام اللورد أوكلاند يرى بأنه يمكن تغيير الحكم بسهولة في كابل، فلا شيء يخيف من القيام بذلك.
وقد افترض البريطانيون خطأ بأن وجود حليف محلي يمكن أن يكون بمثابة المساعد لهم لدى القيام بأي عمل عسكري قد ينشأ من جراء تدخلهم. وخلال صيف عام 1838 كان متوقعاً من حاكم البنجاب السيخي رانجيت سنج أن يقدم دعماً كبيراً للقوات التي ستدخل إلى أفغانستان ، إلا أن رانجيت رفض المشاركة في تقديم الدعم. وبدلاً من أن تزود بريطانيا الجيش السيخي بـ 5000 جندي كمساعدة لهم، وجدت نفسها أنها ملزمة بإرسال 1400 جندي من الهند البريطانية نفسها.
وعوضا عن عبور نهر سوتلج ومن ثم البنجاب والتوجه إلى كابل من بيشاور من خلال ممر خيبر، أجبِرت القوات البريطانية إلى سلوك طريق غير مباشر إلى قندهار. وللبدء في القيام بالحملة في ديسمبر عام 1838، قامت القوات البريطانية الرئيسية، والتي كانت مرابطة في فيروزبور، بقطع مسافة 1000 ميل وذلك في مدة 135 يوماً، ولم تحدث أية معارك في طريقهم إلى قندهار، إلا أن القوات كانت تصارع أوضاع الصحراء القاسية ،ومعابر الجبال الوعرة، ونقص الطعام، والحرارة الشديدة والماء الذي تعمِّد تلويثه، وكذلك التهديد المستمر لغارات رجال القبائل الجبلية. وقد تحدث أحد الضباط عن الحرارة والغبار، ورياح الصحراء، وأسراب الذباب الكبيرة والرائحة النتنة للبعير النافقة. كانت رائحة المعسكر تماثل رائحة المقبرة، فلا يستطيع أحد أن يمشي ثلاث خطوات داخل المعسكر دون أن يرى رجلا ميتاً أو حيواناً نافقاً أو على وشك الهلاك.
ولدى وصولها إلى قندهار أمضت القوات البريطانية حوالي شهرين، وذلك بالتعاون مع قوات شجاع الملك، بالإضافة إلى حوالي 38000 من أتباع المعسكر والخدم، محاولةً استجماع قواتها أثناء حشد الإمدادات العسكرية. وقد جرى تنصيب شجاع الملك كأمير. وكانت المرحلة التالية عبارة عن التوجه من قندهار إلى كابل لمسافة قدرها 310 أميال. وقد جرت في الطريق المعركة الوحيدة للحملة العسكرية التي دامت ثمانية أشهر، وذلك في المدينة المحصنة غزنة. وقد استمرت المعركة أكثر من ساعة بقليل. وكان لزاما على البريطانيين الذين لم يجلبوا معهم أسلحة ثقيلة أثناء زحفهم عبر الوادي الرئيسي لشرق أفغانستان، أن يشقوا طريقهم إلى غزنة عن طريق القيام بهجوم جريء حدث في الفجر. ثم قاموا بتفجير إحدى بوابات المدينة بواسطة 300 ليبرة من مسحوق الرصاص، وبعد ذلك أرسل فريق هجومي مؤلف من عدد قليل من فرقة المشاة الأوروبية . وقد حصل هذا الفريق على الدعم اللازم في الوقت المناسب. وكما هو الحال في مسألة الحملات الاستعمارية، فقد اعتمد نجاح العملية على السرعة والجرأة وارتجالية وتحمل المخاطر الكبيرة للأقلية المميزة في القوات الموجودة.
وفي نهاية عام 1839 كانت بريطانيا واثقة بأن أهدافها السياسية قد تحققت، فقد نصب شجاع الملك أميراً للبلاد وهرب دوست محمد، وانسحبت قوات الحملة، إلا أنه بقي وجود بريطاني هام فيها. ومع ذلك تزايدت صعوبة تحدي إيجاد وإبقاء حكم مستقر في أفغانستان. فزعماء القبائل المستقلون لم يقبلوا بحكم شجاع الملك. وقد أدى حماس الناصحين البريطانيين، بشأن القيام بإصلاحات إدارية وسياسية، إلى حدوث تغييرات في زيادة الإيرادات والامتيازات و النفوذ الممنوحة للزعماء المحليين في كابل، وأدى هذا إلى إثارة المعارضة. وبحلول شهر أيار/مايو من عام 1841، نشرت بريطانيا ستة عشر ألف جندي في أفغانستان وفي الطرق المؤدية إليها مباشرة، كما نشرت تسعة آلاف جندي في الطريق الممتد من كراتشي إلى كويتا. وازدادت حدة العداء حيث امتعض الزعماء المحليون من شن الغارات البريطانية على الوديان المستقلة، حيث ساهمت تلك الغارات في القضاء على المحاصيل الزراعية ومهاجمة الحصون الصغيرة. وامتعض الزعماء المحليون كذلك من الانتشار الواسع للقوات الهندية في بلد مسلم، لا سيما أن الأفغان كانوا بمثابة الوسيط بشأن مصير هندوستان في القرن الثامن عشر.
كذلك برز مزيد من النزاعات نتيجة الزيادة الحادة في أسعار السلع الأساسية و وجود أعداد كبيرة من الجيوش الأجنبية، ورغبتها في شراء البضائع. وقد أدت الإصلاحات في تنظيم الجيش الأفغاني إلى تخفيض هائل في نسبة المدفوعات السنوية التي تقدم إلى قبائل غيلزاي المسيطرة على الطريق ما بين جلال آباد وكابل. فكانت ردة فعل هذه القبائل أن قامت بمهاجمة قافلة كبيرة كانت متجهة من جلال آباد إلى كابل وذلك في أكتوبر عام 1841. وقد حدث هذا الهجوم عندما كان البريطانيون يخططون للانسحاب الرئيسي. وخلال فصل الخريف، قاد اللواء السير روبرت سيل Robert Sale قائد جبهة القتال في غزنة في السنتين الأخيرتين الفريق العسكري البريطاني متجهاً من كابل إلى جلال آباد حيث مكان المعارضة، لفتح الطريق المباشر للانسحاب. إلا أن البريطانيين في مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1841 فقدوا السيطرة على سير الأحداث في كابل. فقد هاجمت جماعة من الغوغائيين المقيم البريطاني السير الكسندر بيرنز Alexander Burnes وأردته قتيلاً. ثم قامت القوات القبلية المجندة بالاستيلاء على حصن المفوضية. وخلال تردد البريطانيين في ردة فعلهم إزاء هذا الهجوم ، انضم عدد من زعماء القبائل إلى التمرد.ووصل الأمير المخلوع محمد أكبر نجل دوست محمد إلى العاصمة وتولى قيادة فرق التمرد. وحاول المبعوث البريطاني المتقاعد السير وليام ماكنوغتين William Macnaughten إجراء مفاوضات تسوية معه إلا أنه قتل وقطعت أوصاله في الثالث والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر. وإزاء هذا الاضطراب المتزايد، توصل القائد البريطاني اللواء وليام إيلفنستون William Elphinstone إلى عقد اتفاق مع ثمانية عشر زعيم قبيلة أفغانية بارزين، ونصت هذه الاتفاقية على أن يضمن زعماء القبائل سلامة الحاميات البريطانية. وفي السادس عشر من شهر كانون الثاني/يناير عام 1842، غادرت كابل القوات البريطانية المؤلفة من 4500 جندي معظمهم من الجنود الهنود (السباهيين)[2] الذين كانوا يخدمون في الجيش البريطاني، ومعهم كذلك أكثر من 12000 من الموالين والخدم وأتباع المعسكر، وقام روبرت سيل وقتئذ بتأسيس موقع دفاعي في جلال آباد عبر الطريق المؤدي إلى البنجاب.
إن الانسحاب البريطاني من كابل إلى جلال آباد قد أدى إلى وقوعهم في أسوء نكسة مرعبة في تاريخ حروب الإمبراطورية البريطانية. وخلال أيام عديدة دق ناقوس الخطر على القوات المنسحبة بسبب شدة البرد، الذي كان مهلكاً ومميتاً، و نفاذ الطعام والمؤن ،وكذلك بسبب كمائن رجال القبائل المسيطرة على أعالي الممرات الجبلية الصخرية الضيقة. وقد أدت الإصابة بالعمى الثلجي وقضمة الصقيع إلى عدم مقدرة المقاتلين من استخدام أسلحتهم، وأخذ الجوع ينخر بجميع القوات. وفي صبيحة اليوم الخامس ازداد عدد الجنود الذين كان بإمكانهم الحركة إلى عشر العدد الأصلي للجنود وهو 4500 جندي. وفي اليوم الثاني عشر من شهر كانون الثاني/يناير، هاجم الأفغان بقوة عدداً قليلاً من الجنود البريطانيين في ممر جاكدولاك واستطاعوا في اليوم التالي من خلال نصب كمين القيام بعملية مزعجة في ممر كوندامك. وتم سجن الكثير من البريطانيين، أما البقية فقد قتلوا ومن ضمنهم 18 ضابطاً.. وكان من بين الذين نجوا من هذه المحنة من القوة الرئيسية أوروبي واحد نفذ بجلده وهو الطبيب الجراح وليام برايدون William Braydon الذي وصل إلى جلال آباد وهو يعرج، وذلك في الثالث عشر من كانون الثاني/يناير. وقام [الجنود] في حامية سيل بالنفخ بالبوق طوال تلك الليلة معلنين ضرورة الحضور إلى الحامية آملين من وراء ذلك أن يأتي الناجون إليها، إلا أنه لم يأت أحد، ولم يعرف بالتحديد عدد الذين قتلوا ، إلا أن عددا كبيرا من قوات الحامية وأتباعها قد هلكوا. فالبعض منهم كان على قيد الحياة لفراره أو لأنه أصبح سجيناً. ولربما تجاوزت حصيلة المفقودين أكثر من اثني عشر ألف جندي.
وعلى الرغم من الكارثة الإنسانية المروعة التي حلت بالبريطانيين، إلا أنهم استطاعوا الحفاظ على بعض القوى العسكرية الرئيسية. فقد بقيت قوة قوامها سبعة آلاف وخمسمائة جندي في قندهار ( وهو عدد فاق كثيرا عدد الجنود المفقودين خلال الانسحاب من كابل). وقد وصلت إمدادات عسكرية ضخمة إلى بيشاور في مملكة السيخ وذلك في مطلع شهر فبراير 1842. وقد صمدت قوات الحامية سيل في جلال آباد ونجت من كارثة نقص الغذاء ومن هجمات الأفغان إلى أن وصلت قوات بيشاور للإغاثة- التي قدمت عبر ممر خيبر – للبلدة في 16 نيسان/أبريل ومعها 15 ألف جندي بريطاني.
إن الدفاع عن جلال آباد قدم رمزاً بطولياً للمرونة والمقاومة البريطانية، وكان بمثابة المقاومة الأساسية إزاء عدم الكفاءة العسكرية التي أدت إلى دمار كابل. كما أنها عملت على إيجاد الدافع إلى إرسال حملة تأديبية إلى عاصمة أفغانستان. فقد انتشرت قوات بريطانية من جلال آباد إلى الأودية المجاورة لمعاقبة القبائل المحلية. وقام البريطانيون بهدم القلاع، وحرق القرى، واقتلاع جذور الأشجار (التي هي عنصر هام للاتقاء من حرارة الصيف الشديدة )، حتى تذبل الأشجار وتموت. وجرى تبرير هذا الفعل البريطاني بأنه رد على دهاء الشعب الأفغاني. وقد كتب فيما بعد ضابط يدعى توماس سياتون أن: »كل جريمة، وكل خطيئة يمكن أن تقترفها الطبيعة الإنسانية هي أمر مألوف وواضح وضوح الشمس في أفغانستان«.
* * *
كان البريطانيون ملزمين بالانسحاب من أفغانستان سياسياً واستراتيجياً، إلا أنهم الآن يأخذون بعين الاعتبار عدة مقاييس عسكرية لمعاقبة الأفغان. وهذا ما كتبه دوق ولنغتن Duke of Willington –وهو عضو في مجلس الوزراء- إلى الحاكم العام وذلك في 30 آذار/مارس عام 1842 قائلاً: »من المستحيل أن نطبع في نفوسكم بشدة فكرة استعادة سمعتنا في الشرق«.
لقد تم إعادة الاعتبار لبريطانيا بعدة طرق مختلفة. فقد توجهت قوات الحامية في قندهار إلى كابل، وتقدم عدد كبير من القوات في جلال آباد غرباً لملاقاة قوات الحامية. وصل الجيشان إلى العاصمة في 16-17 من أيلول/سبتمبر عام 1842 وأجريا مفاوضات لإطلاق سراح 95 سجيناً بريطانياً. وقامت هذه القوات بعد ذلك رسمياً بنسف الساحات الأربع الكبيرة أو الأسواق في مركز المدينة. وأخذ البريطانيون يكررون عملية الهدم الرسمي للأبنية الرئيسية ويطبقونها كلما أرادوا إثبات قوتهم، بحجة أنه لم يكن لديهم الوقت الكافي للقيام بذلك.
قام الحاكم العام اللورد إيلنبورو Ellenborough في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر بإجراء عرض رسمي ضخم في فيروزبور وذلك للترحيب بعودة القوات إلى الهند البريطانية. وكان قد تجمع حوالي 25000 جندي إضافي على هيئة صف للترحيب بهم، وقد بلغ طول هذا الصف ميلين ونصف، وكانت الفرق والمآدب التي أقيمت والحفلات الراقصة وطلقات الترحيب كلها تنادي بالنصر ونهاية الحملة وليس بالانسحاب والفشل. وقد أعاد البريطانيون بوابات سومنوث إلى الهند، بعد أن استيلاء الأفغان عليها منذ وقت طويل، وذلك بإقامة حفل مهيب سار عبر شمال وسط الهند. وقد انتقد العديد من المعلقين البريطانيين هذا النصر الفارغ، إلا أن هذا النصر شكل عنصراً رئيسياً لسياسة ايلنبورو في إعادة بناء الثقة في الجيش الهندي.
انتهز البريطانيون الفرصة أخيرا في عدم الاستقرار السياسي والتنافس القبلي في منطقة السند حيث فتحوها وجرى ضمها إلى جنوب وجنوب شرق أفغانستان وذلك في مطلع عام 1843. وقد أشار ايلنبورو لدى اتخاذه القرار بتولي السلطة في مارس عام 1843 قائلاً: »ينبغي علينا استعادة سمعتنا التي فقدناها في الهند، وذلك عن طريق الاستيلاء على الأقاليم، وزيادة عملية الإصلاح التي ينبغي تطبيقها في إدارة المنطقة الجديدة«. وقد دفع أمراء السند الثمن باهظاً فيما يتعلق بالنكسات البريطانية في أفغانستان.
وبعد فترة الانسحاب التي تمت في عام 1842، أثبتت العلاقات البريطانية مع الأمير دوست محمد الذي أعيد إلى الحكم، أنها غير مرضية بشكل كبير. ومع ذلك فقد تغير الوضع في الإقليم الشمالي الغربي بأكمله لدى الاستيلاء البريطاني على البنجاب عام 1840. وكانت القوات البريطانية قادرة على السيطرة على البنجاب خلال فترة الاضطرابات الناتجة عن التمرد الهندي الذي حدث عام 1857. فلم يكن هناك أية تهديدات من أفغانستان ،إلا أنه في عام 1870 عادت من جديد المخاوف من التوسع الروسي، وازدادت حدة الاستياء من أمير كابل الجديد. فقد بلغت الصراعات الطويلة الأمد أوجها عام 1878، وتفاقمت بسبب صلابة الحاكم العام اللورد ليتون Lytton وعدم حذاقته السياسية، فنشأت حرب قصيرة ونتج عنها مكاسب دبلوماسية بريطانية وهو احتلال وادي كُرَم الواقع بين البنجاب وجبال أفغانستان، ونتج عن ذلك أيضا تنصيب ممثل دائم بريطاني في كابل.
وبالخضوع ظاهرياً إلى الضغوط البريطانية نجح حكم الأمير فقط في إثارة مشاعر الكره القبلي، وقام الجنود الأفغان المنشقون بحرق دار المقيمية البريطانية في أيلول/سبتمبر عام 1879 وقتلوا جميع من فيها ومن ضمنهم المبعوث البريطاني السير لويس كافاجنري Louis Cavagnari، وكان هناك وقتئذ عدد كاف من القوات البريطانية قريبة من موقع الحادث كي يعمدوا إلى اتخاذ رد فعل بريطاني سريع.
وعقب الهجوم بشهر تقريباً، توجه اللواء فردريك روبرت (الذي أطلق عليه فيما بعد اللورد روبرتس) إلى كابل. من الواضح أن اللورد ليتون قد رسم لروبرتس خطة بريطانيا. لقد وجد ليتون أنه من الأهمية بمكان إنزال عقاب عاجل لتحقيق النتائج المرجوة، وذلك قبل أن تلين المواقف السياسية البريطانية إزاء أفغانستان. فقد كان يود أن يلقن الأفغان درساً سريعاً ومؤثراً. وأكد ليتون أن جميع الشعب الأفغاني قد شارك في »جريمة عظيمة قومية، وأن أي أفغاني يقتل بيد القوة البريطانية المنتقمة فإنني سأعتبره وغداً وأقل منزلة في عالم النذالة«. وبينما كان الرأي العام البريطاني يطلب اتخاذ بعض الإجراءات القضائية، كان نائب الملك يشعر بأن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة و أشد قسوة. وقد استطاع روبرتس إنزال العقاب بالأفغان لدى وصوله إلى كابل وبشكل غير عادل. وقام البريطانيون في غضون الأربعة أسابيع التالية بإعدام حوالي 100 أفغاني، بغض النظر عما إذا كانوا قد شاركوا في الهجوم على دار المقيمية أم لا. وأشار ضابط كبير »إنهم يكرهوننا بكل معنى الكلمة ولا يهابون منا بشكل كاف«.
ومن أجل دعم ذلك الوجود العسكري الكبير خلال فصل الشتاء، أرسل روبرتس فرقاً كبيرة من الجنود للبحث عن الطعام في مناطق الريف المحيطة، وعندما واجهت تلك الفرق مقاومة، نشبت مصادمات كانت متوقعة في المنحدرات، وقد تم نهب المواد الغذائية وحرق القرى التي كانوا يدخلونها.وقد هاجمت القوات القبلية الموقع البريطاني خارج كابل في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر. ثم قامت بريطانيا في مطلع عام 1880 بتحويل أعداد كبيرة من قواتها المرابطة في بيشاور إلى كابل لتأمين خطوط الاتصال وبناء قاعدة هناك للمراقبة والتعزيزات.
وجد البريطانيون أنفسهم وسط تنافسات عنيفة بين القبائل والعشائر وداخل الأسرة الحاكمة. ففي أحد الصراعات المحلية حول السلطة بالقرب من قندهار، واجهت قوة بريطانية قوامها 2600 جندي الهزيمة في ميواند في شهر تموز/يوليو 1880، كما لحقت بالقوات البريطانية هزيمة نكراء ومخزية، إذ قتل أو جرح 43% من جنودها وهي نسبة عالية من الجرحى تفوق التصور. كان ذلك مشهداً تقليدياً لما حدث لقوة بريطانية صغيرة نسبياً والتي تعرضت إلى قوة خصم عظيمة من حيث عدد الجنود وسلاح المدفعية. وفي كثير من الأحيان تثبت المقولة القائلة بأن الإدارة البريطانية تفشل أمام النزاعات الكبيرة ،إذ تفتقر إلى تحمل المسؤولية. فعندما كان خصمهم مدججاً بالسلاح بشكل جيد-كما هو الحال بالنسبة للأفغان- لم يستطع البريطانيون التقدم بشكل ملموس أمام تلك الأعداد الكبيرة. بل على العكس من ذلك وكما حدث في ميواند كانوا قد تلقوا الهزيمة.
إلا أن البريطانيين كان يتوفر لديهم قوة بشرية كافية لتعويضهم عما فقدوه. إذ قاد روبرتس 10000 جندي كانوا على بعد 300 ميل من كابل إلى قندهار، ولدى وصوله إلى هناك هاجم جيشه الأفغان خارج قندهار وذلك في الأول من أيلول/سبتمبر من عام 1880، واستطاع روبرتس تفادي الأخطاء التي ارتكبت في ميواند، فقد كان يمتلك أسلحة تماثل أسلحة خصمه، وكذلك بالنسبة لعدد جنوده. ثم قام بردّ خصمه إلى الوراء وذلك على مراحل وبحركة جانبية موفقة. واستولت قواته على جميع أسلحة الأفغان. وقد أدت هذه الهزيمة إلى تقسيم الجيش الأفغاني إلى أقسام. إذ قامت القوات البريطانية النظامية بالعودة إلى شمال غرب المدينة وإلى قواعدها الأصلية في هراة. أما رجال القبائل المنشقون فقد لحقت بهم الهزيمة في ميدان المعركة وجرى تشتيتهم، إلا أنه لم يتم بالضرورة القضاء عليهم تماماً، فقد أشار بعض الخبراء العسكريين ومن ضمنهم روبيرتس أنه ينبغي احتلال قندهار وذلك من أجل استتباب الأمن للحكم الموالي لبريطانيا. وكان مجلس الوزراء قد رفض هذا المشروع والمناقشات من أجل القضاء على أفغانستان. وعقب حدوث عدد من المناوشات الرئيسية بين الأمراء المتنافسين في عام 1881، تم إيجاد حكم جديد في نهاية السنة وانسحب البريطانيون من المدينة. وقد احتاجت بريطانيا في أوج تدخلها إلى وجود ما يقرب 48000 جندي في مدن الهند البريطانية وفي خطوط الاتصالات، وقتل حوالي 10000 جندي وأصيب عدد منهم بالمرض.
ويبرز سؤال واضح وهو إلى أي مدى استطاع البريطانيون أن يتكيفوا بخبرتهم الحربية مع الحرب في الجبال؟. ففي عام 1841-1842 هاجم الأفغان بشدة القوات البريطانية المرابطة في أعالي التلال. وقام روبرتس خلال فترة 1878-1879 بضمان انتشار قوات على درجة عالية من الكفاءة استعداداً للتنقل من أجل تسلق قمم الجبال كي تستطيع إطلاق النار على المواقع الأفغانية، وكذلك ضمن انتشار تلك القوات في الطريق باتجاه الغرب من ممر خيبر وجلال آباد إلى كابل –وهو الطريق الذي تتحرك فيه القوات البريطانية والذي كان معظمه عرضة للمناوشات الجبلية- حيث كانت فيه الحراسة كاملة وتمت السيطرة عليه في 1879-1881. ولدى وصول البريطانيين إلى المدينتين الرئيسيتين قندهار و كابل شعروا أنهم في أمان لأن الأفغان لا يملكون أسلحة الحصار الثقيلة لنشرها في المواقع المحصنة جيداً. وقد بذل البريطانيون جهودا حثيثة للسيطرة على المناطق حول المدن الرئيسية. وكان الأسلوب الأفغاني في القتال في المناطق الخلفية المتاخمة قد سبب مشاكل للغزاة. وكانت حماية قراهم وأوديتهم من ضمن الأولويات لديهم، ومع ذلك استطاع البريطانيون التوغل بصعوبة إلى تلك الأودية العميقة والمقسمة، وذلك عن طريق نشر قواتهم. وأصر روبرتس على تزويد كتائب المشاة بستة عشر جندي مشاة ليكون هناك مجال للتحرك، إلا أن القدرة على التحرك السريع إلى أبعد حد بقي عائقاً بسبب مشاكل المواصلات.
وقد زادت الحرب الأفغانية الثانية من فكرة الالتزام العسكري ومن وجود التنافس العسكري بين البريطانيين (الاسكوتلانديين) ، وبين الهنود البريطانيين (السيخيين والغورسيين). وأراد روبرتس ضمان تحلي قوات الإغاثة- التي غادرت كابل متوجهة إلى قندهار في أغسطس عام 1880 – بالخبرة والالتزام. إن الأخذ بفكرة أنه ربما يكون الجنود الذين كانوا في الخدمة العسكرية الفعلية لفترة حوالي سنتين منهكين جعل روبرتس يستشير قواد الكتائب عن مدى استعداد رجالهم لخوض المعركة. وقد أفاد ثلاثة من القواد أن قواتهم قد لا تتحمل الإجهاد الذي يرافق عادة الحملة. ولرفع معنويات الجنود وعد روبرتس –الذي كان يأمل أن تنتهي الحملة سريعا- الجنودَ بالسماح لهم بالعودة فوراً إلى الهند بعد انتهاء القتال. وتم نقل هؤلاء الجنود الذين لم يعتادوا على الزحف العسكري، وحفظت المعدات بعناية فائقة. وأشار روبرتس أن القوات بحاجة إلى خبرات مَن تم نقلهم للنهوض بأعباء تحميل أمتعة الجيش على الحيوانات لأن السائقين أو المساعدين الأفغان قد تركوا البريطانيين في شهر آب/أغسطس أثناء الزحف من كابل إلى قندهار.
لقد كان قادة هذه القوات على دراية تامة بقوة وضعف تحمل كل فرد من أفراد قواتهم. إذ كانت تتمتع هذه القوات بخبرة عظيمة، ثم قامت بعد ذلك بالسفر في وضح النهار. وكعادة الحملات الإستعمارية، يتعمد البريطانيون إلى دمج الوحدات المتوفرة لديهم لاعتقادهم أن الجنود –على الأغلب- يَفونَ بالتزاماتهم أكثر إذا لم يتم دمجهم بعضهم ببعض. وبلغ عدد البريطانيين حوالي 2562 جنديا من إجمالي القوات البالغ عددها 9713 جنديا (ما عدا الضباط) أثناء توجههم إلى قندهار. وكان لدى كل فرقة من فرق المشاة الثلاث أربع كتائب قوامها مابين 500-700 جندي، وكان هناك كتيبة بريطانية واحدة ، وأخرى من جورخا في كل فرقة من فرق المشاة الثلاث. أما باقي الكتائب في الجيش فقد كانت تتألف من السيخيين والبنجابيين. وهكذا تم نشر القوات البريطانية والجورخية لإشعال حدة المنافسة بين الوحدات المختلفة ولإبراز أهمية القوة العسكرية لكل فرقة.
لقد جرت معركة حامية الوطيس في الأول من أيلول/سبتمبر، إذ كانت الأطراف المتصارعة في الأساس تتألف من القوات البريطانية التي كانت تدفع أحد جانبي القوة الأفغانية من مواقعها الدفاعية، وتطوق نقطة الدفاع الأفغاني الرئيسية للاستيلاء على معسكر الجيش. وادعى البريطانيون كالعادة بأن محصلة عدد الجرحى كبير جداً، إلا أن عدد الأفغان المقتولين بلغ حوالي 600 أفغاني، ولم يكن هذا العدد عاليا مقارنة بحجم الجيش البريطاني والعدد الحقيقي لطلقات البنادق والمدفعية الموجهة إلى الأفغان. وأكثر ما استطاع البريطانيون قتله هو أفغاني واحد لكل مئة طلقة أطلقت، وقد افترض خطأ أنه لم يقتل أحد بالحراب. ولم تكن مطاردة الفرسان عقب الحرب فعالة، فقد قدّر أنه قتل حوالي مئة أفغاني في عملية مطاردة أدت إلى إبعاد الفرسان الأفغان بحوالي خمسة عشر ميلاً عن ميدان المعركة. وهذا يؤكد أن القليل منهم قد جرح، وأن هؤلاء الجنود قد تخلفوا وتعرضوا للخطر حتى في مطاردة متأخرة للفرسان. لذا فالمعركة لم توجه ضربة عسكرية ساحقة للأفغان، ولكنها أحدثت انقلاباً قوياً أدى إلى تقسيم الجيش الأفغاني وتشتيت زعماء القبائل في مواطنهم المختلفة.
لقد عامل قادة الهند البريطانية –في كلا الحملتين- الأفغان كرهائن على خلاف عسكري، وذلك من أجل المحافظة على مركز بريطانيا في الهند ومكانتها كقوة عسكرية. وارتكزت كلتا الحملتين على الحاجة لتحقيق انتصارات سريعة وواضحة وانسحاب لاحق سريع. وانتهت كلتا الحملتين بإلحاق الأذى بالأفغان، وبإظهار أن العقاب يتفوق على العدالة في ردة الفعل على المقاومة الأفغانية العنيفة لوجودهم العسكري.
وترك البريطانيون أفغانستان كما وجدوها. ومنذ مئة سنة وصف الكتاب السنوي للبريد اليومي الشعب الأفغاني بأنه شعب مكون من 4 ملايين نسمة ، وكان يعاني من نقص شديد في الغذاء ، كما كان يعاني من ظلم النبلاء والجشعين.
وقدمت الهند البريطانية إلى الأمير معونة مالية حيث أنه يعتمد على قواته المسلحة التي هي تحت إمرته، أما المطالبون بالحكم –ومن ضمنهم أؤلئك الذين تورطوا في أحداث 1880-1881- فقد كانوا يتحينون الفرصة من منفاهم في روسيا والهند لخوض عملية التحدي.
--------------------------------------------------------------------------------
Bruce Collins, “Fighting the Afghans in the 19th Century,” History Today, vol. 51 (12) Dec. 2001
خدمات الفسطاط للترجمة
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الدورانية أسرة تنسب إلى مؤسسها أحمد خان الذي تولى حكم أفغانستان عام 1747م والذي كان يدعى بـ»دري دورانية« أي درة العصر، وكانت قندهار مركز حكمه. (الفسطاط).
[2] سباهي sipahi كلمة أصلها تركي، وهي تطلق على الفارس الذي يقطعه السلطان أرضاً مقابل خدماته العسكرية، وقد استخدمها كاتب المقال هنا بمعنى »سلاح الفرسان«. (الفسطاط)