مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 15-04-2005, 07:03 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
الارهااااااااااااب والتطرف



أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الملك سعود لـ الدعوة

المسلمون أقدر على علاج تطرف أبنائهم.. وليس شأن الغرب!

أناس بينهم وبين العلم الشرعي ألف حجاب يتصدون للفتوى

المناهج في عموم وطننا العربي.. قاصرة

بعض بحوث اليوم ترداد لأقوال السابقين دون بناء!

كتب - عبدالواحد القاضي:

قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود يعد أحد أبرز وأكبر الأقسام في الجامعة ويضم نخبة كبيرة من الأساتذة والأكاديميين المتخصصين في علوم الشريعة بمجالاتها المختلفة وقد أثروا الساحة بعطاءتهم المتميزة إلى جانب جهودهم داخل نطاق الجامعة, ويضم القسم أكثر من ؛80« أستاذا ودكتورا . وضيفنا اليوم هو الأستاذ الدكتور علي محمد العمري, أحد هؤلاء الأساتذة الذين التقينا معه في حوار حول بعض النقاط والقضايا, والذي قدم للمكتبة الإسلامية أكثر من ؛16« بحثا فقهيا معاصرا , فإلى حوار الدكتور العمري:



في البداية نود أن تحدثنا عن ثقافة الطالب الإسلامية كيف تراها?

- ثقافة الطالب الإسلامية تتكون من علم وعمل.

أ - العلم يكون بمبادئ الإسلام, وبحقوق المسلم, وبحقوق الجماعة, وفهم قضايا المجتمع المعاصر.

والعلم بالتيارات التي تعصف, واتخاذ ما يمكن لمواجهتها أو التخلص من شرها. كإنسان على شاطئ بحر يعد العدة قبل أن يلج البحر.

والأخذ بأسباب الحياة الحديثة مع الحرص على الثوابت. والتمييز بين الثابت والمتغي ر. ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الإسلام حيث دار.

ب - الإلمام بالسيرة العطرة التي تصقل النفس وتهذب الروح وتزرع الأمل وتضع العلامات المنيرة في الطريق, وتبي ن القدوة الصالحة سيرة المصطفى < وسيرة صحابته رضي الله عنهم, وسيرة علماء الأمة وأعلامها, وكيف صبروا في طلب العلم, وتعهد الطالب بالتزام هذا المنهج شيئا فشيئا , حتى يكون العمل مبنيا على العلم.

ج- - الإلمام بتاريخ المسلمين وعلومهم في ميدان الاجتماع والنفس والتاريخ والتقنين والعلوم الكونية, وما قد موه للبشرية. فالمسلمون هم الذين حرروا البشرية من الخرافة والأوهام; والظلم والعنصرية, والفساد. ولم ا بعدوا عن القيام بواجبهم عادت البشرية إلى جاهليتها كما نرى من ظلم وكيد وتهديد وتنك ر للحقائق وتأل ه الأقوياء على الضعفاء.

المناهج العربية

ماذا عن مستوى المناهج في الوطن العربي?

- المناهج إجمالا قاصرة.

الأصل في المنهج أن يلبي حاجات الإنسان في (الروح والعقل والبدن) وأن ينسجم مع ما يعتقده المسلمون.

غير أن المناهج صارت في معظم أقطار الإسلام متأثرة بمناهج الغربيين, وصار الطالب متأرجحا بين ما يتعلمه في البيت والمسجد, وبين ما يتلقاه في المدارس. وإذا كلمته عن تاريخ أمته, ولغته, وحضارته, وجدت الصوارف عن الانتباه كثيرة.

ولأضرب مثالا :

كان المنهج الدراسي في مصر والشام ومكة المكرمة وبغداد وسمرقند والمغرب وكل العالم الإسلامي يركز على ما يلي:

أولا : حفظ كتاب الله تعالى.

ثانيا : حفظ ما تيسر من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .

ثالثا : مبادئ القراءة والكتابة, الخط, الإملاء, النحو, ومبادئ الحساب. ثم دخول المدارس الابتدائية.

ولقد كان المنهج إلى عهد قريب أن تقرر سلسلة ابن هشام - رحمه الله - (قطر الندى, مغنى اللبيب, شذور الذهب) في المرحلة الابتدائية الأزهرية. فكيف بالمرحلة الثانوية, فكيف بالمرحلة الجامعية والتي كانت تعطي شهادة العال مية - أي عال م حقا -. فيكون الطالب موسوعة في اللغة والتاريخ والدعوة والفقه والحديث والتفسير. يصلح للوعظ, والخطابة والقضاء, والدعوة, والتعليم. ثم جاء الغزو الفكري لما ضعف المسلمون.. وأنشئت المدارس الغربية داخل بلاد الإسلام, وحوصرت المدارس والمناهج الأصلية.

احتلت الجزائر سنة 1830م, وتونس 1881م, ومراكش 1912, ليبيا 1911, ومصر 1914... وهدمت الخلافة في تركيا 1924, وألغيت المناهج الإسلامية في معظم أقطار الإسلام. ثم دب الهزال في المناهج وانعكس على شخصية الطالب ثم على شخصية المجتمع. حتى لم يعد ما يميز المسلمين في كثير من أقطارهم عن غيرهم - من حيث نمط الحياة والمظهر والمحاكم والتعليم وأهدافه - بل لتمي ع شخصية المجتمعات وعدم وضوح الرؤية بدأت الغربان تطالبنا بصياغة مناهجنا لتوافق أهواءهم كلي ة. وأذكر قول الشاعر:

لقد هزلت حتى بدا منه زالها ك لاها وحتى سامها كل مغلس

البحوث ترداد

بحوث أعضاء هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية, هل تناقش قضايا معاصرة?

- لا يخلو كثير منها عن فائدة جديدة, والبقية ترداد لأقوال السابقين دون البناء عليها, وينبغي أن تخوض غمار الواقع وتضع حلولا للقضايا المعاصرة مع ثبات القواعد الشرعية.

هناك حديث عن التطرف والغلو في عالمنا الإسلامي كيف ذلك ما أسبابه?

- لا بد من بيان معنى التطرف والغلو, ولا بد من التثبت من وجود تطرف وغلو في العالم الرسلامي. نحن نريد الحق, ونريد أن ن عالج أنفسنا فيما نراه نحن مرضا وعيبا لا فيما يراه خصوم العالم الإسلامي.

أما النقطة الأولى: فالتطرف هو اتخاذ طرف, أي البعد عن الجادة والغلو هو المغالاة والتشدد.

والمسلمون أمة وسط أمناء على الناس. والمتطرفون هم الكفار الذين يظلمون المسلمين, وغير المسلمين هم الذين جانبوا الحق, فكذ بوا على الله وكذ بوا على أنفسهم وكذ بوا على البشرية. وهم الذين يطالبون ويسعون لإهلاك من سواهم, وهم الذين يبالغون في إهمال بقية البشر, ويغالون في عبادة مصالحهم.

وأما النقطة الثانية: فإننا نرى مسلمين ملتزمين بدينهم ولا نستطيع أن ننسب لهم التطرف ما داموا في دائرة الإسلام وتعاليمه السمحة. ولكن الغربيين يصفون كل مسلم بالتطرف, ويسقطون عيوب الغرب وأمراضه وأحقاده وتاريخه المظلم, يسقطون كل ذلك على المسلمين.

وأما النقطة الثالثة: أقول حتى لو صار لدى بعض أبناء الإسلام غل و, فإن أهل العلم من ا هم الذين يعالجون المرض, فهم يعرفون الداء إن وجد ويبحثون عن سببه, وهم أعلم بالدواء, لا الغربيون الذين لم يعرفوا سببا ولا مرضا ولا دواء, بل هم أنفسهم داء عضال.

الفتوى

انتشار الفتوى وتعددها عبر وسائل الإعلام هل فيها محاذير?

- الأصل في الفتوى أن يسأل المفتي المستفتي ويستفصل عن القضية المسؤول عنها. كما قال الإمام أبوالحسن الكرخي - رحمه الله -: ؛لا ينبغي للمفتي أن يفتي حتى يسأل ويستقصي من السائل..«.

وما نراه في وسائل الإعلام لا يخلو من فائدة عندما تصدر الفتاوى عن أهلها. ولكن المحذور أن كل سامع يفهم شيئا من الإجابة, فيذهب ينشرها بين الناس كما فهمها هو, لا كما أرادها الشيخ المفتي المخلص, بل ربما كان السؤال والإجابة في موضوع فهمها بعض السامعين في موضع آخر, ثم يذهب فينشر فهمه هو وينسبه إلى الشيخ المعروف وهكذا.

من هو المفتي? ... من الذي يحق له أن يفتي الأمة?

- سئل الإمام أحمد - رحمه الله - عم ن يحفظ ستة آلاف حديث هل يحل له أن يفتي فقال: لا. قالوا: مئتي ألف قال: لا, قالوا: ثلاثمائة ألف قال: أرجو.

أي أنه - رحمه اله - حدد أدنى درجة التأهل للافتاء بأن يكون من حفظ ثلاثمائة ألف حديث أهلا للفتوى.

وهناك أمر ملحوظ في حفظة الحديث, وهو الفهم دون مجرد الحفظ وهناك التقوى ومجانبة الهوى.

والمفتي في باب البيع مثلا يحفظ الآيات الواردة في هذا الباب والأحاديث الواردة كذلك, وفهم العلماء السابقين للآيات والأحاديث, ويعرف اللغة ومدلولات الألفاظ, ويعرف الواقع الذي هو فيه. وقد تصدى في هذه الأيام للفتوى من لا يتقن قراءة آية أو حديث, وربما تصدى لبعض العلماء, لكن هان عليهم دينهم, فجاروا في فتاوايهم. كما تصدى للفتاوى نساء لا يربطهن بالإسلام سوى العداوة ممن صنعن في مدارس الباطل, فقلدن الكافرات مظهرا وفكرا وسلوكا , ور ح ن يلقين الفتاوى في مؤتمرات بكين والقاهرة واستانبول بشأن المرأة والإجهاض والزنى والطلاق وتعدد الزوجات, وربما تستشهد إحداهن بحديث أو آية وتفس ر كما تشاء. ومن فتواهن (الاحتشام لا يجب, الطلاق يقيد, التعدد ي منع, السفر لا يحتاج لمحرم... إلخ).

من هو الإرهابي?

الإرهاب أصبح لغة دولية, كيف نحاربه نحن المسلمين. ومن الإرهابي?

- الإرهاب مصدر أرهب, أي أخاف وأذعر وفز ع كما في لسان العرب. والإرهاب هو الفتنة عن دين الله. ولذا أمر الله تعالى بالقضاء على الإرهاب الذي هو ايذاء المسلمين وإخافتهم وتعكير أمنهم.

أي حتى لا يبقى في الأرض كفر أو فساد.

فالإرهابي هو الكافر. لأنه لا يرهب الله ولا يخاف لقاءه, ولذلك فهو ي ره ب الناس بمكره وكيده وتخطيطه وفجوره وغصب حقوق الناس.

ومحاربة الإرهاب بهذا المنظور تكون بالتزام حكم الله في الأرض كل الأرض, فتشريع الإسلام كله عدالة مع المسلمين وغير المسلمين. ولا أمان إلا في ظل الإسلام. والتاريخ يشهد والواقع يشهد. الإرهابي هو المشرك بالله, والذي يقدم هواه على ما شرع الله. والإرهابي هو الزاني الذي يستبيح أعراض الناس ويدعو لإباحة الزنى. الإرهابي هو السارق الناهب والغاصب الذي يستبيح أموال الناس. الإرهابي هو السك ير الذي يؤذي الناس بصخبه وضجيجه وجنونه ومجونه. الإرهابي هو الذي يرى بقي ة الناس ليسوا أهلا للحياة.

دور الأئمة والخطباء

ما الدور المفترض لأئمة وخطباء المساجد لنشر الوعي الإسلامي الصحيح?

- أولا : الوعي الإسلامي الصحيح يقد ره علماء الإسلام الأثبات الناصحون للأمة, وهؤلاء ينبغي لهم أن يزهدوا في الدنيا, وأن يناصحوا الناس أجمعين, وأن يعرفوا الواقع الذي يعيشون منه, وأن يشم روا عن ساعد الجد, ويرد وا على حجج المبطلين من الكفار, وعلى استدلالات المخطئين والعابثين من أبناء الإسلام.

ثانيا : الأئمة والخطباء يستطيعون بحكمتهم وإخلاصهم استرداد دورهم.

المجامع الفقهية

المجامع الفقهية هل قامت بدورها?

- للمجامع الفقهية في هذه الأيام دور كبير; لأن الاجتهاد الجماعي في المسائل المستجدة أبعد عن الزلل. وعلى هذه المجامع واجبات عظيمة. وعلى العلماء أن يخوضوا غمار الواقع ويستنبطوا الأحكام التي تعالج أوضاع المسلمين الفكرية, والأخلاقية, والسياسية, والاقتصادية, وهناك من القضايا ما هو م لح وم هم جدا والأمة بحاجة إلى معرفة الأحكام فيها.

وسائل الإعلام

هل وسائل الإعلام المختلفة في العالم الإسلامي ملتزمة بتعاليم الشرع?

- معظم هذه الوسائل من التلفاز والمذياع والصحف لا تعرف حرمة لتعاليم الشرع. فيها الدعاية للباطل والإغراء بالمنكر,(ر با, شهوات جسدية, كذب, تعظيم أهل الضلالة, الازدراء بأهل الفضل, تضييع الوقت, إدخال المصطلحات الغربية, استبعاد اللغة العربية, أو تحويرها وإضعافها...)

كيف يمكن الاستفادة من وسائل الإعلام في نشر الدعوة? وما رأيكم في إقامة قناة فضائية إسلامية?

- إقامة قناة فضائية إسلامية مطلب طموح, علما بأن هناك قنوات جيدة الآن, لكن أن تكون قناة إسلامية صرفة فهذه أمنية عذبة. وأما كيفية الاستفادة من الوسائل الإعلامية فإني أرى أن يقوم بأمر هذه الوسائل من عرف بالإخلاص والبعد عن الهوى, فلا يقرب معارفه ليشهرهم, أو ليفيدهم ماليا , هنا نكون قد خطونا الخطوة الأولى.

وأما الخطوة الثانية فهي اختيار أصحاب البلاغة والبيان, وأصحاب التجربة والذين يعيشون مع الناس ومع الشباب همومهم وآمالهم وآلامهم. خاطبوا الناس على قدر عقولهم , أي ليعلمهم ويقيم الحجة عليهم ويدلهم على جاد ة السلامة, وأيضا يضع الحلول لقضاياهم ويصف الدواء لأمراضهم.

باب الاجتهاد

باب الاجتهاد في الوقت الحالي هل أغلق? وما أسباب توقف الاجتهاد, وكيف يوجد الاجتهاد?

- باب الاجتهاد مفتوح ولكن لا يقوم بالاجتهاد إلا أهله. والاجتهاد هو بذل العالم قصارى جهده في معرفة الحكم الشرعي.

ومن الاجتهاد في العصر الحديث ما يصدر عن دار الافتاء في السعودية وهيئة كبار العلماء وغيرها, وكذلك ما يصدر من دراسات في القضايا المستجدة, رسائل جامعية أو بحوث فقهية, وهناك المجلات المتخصصة في الدراسات الفقهية, وأما أن باب الاجتهاد أغلق فأقول: في أواخر عهد الخلافة العثمانية ضعف وضع الخلافة سياسيا واقتصاديا وإداريا , واستأثر كثير من الباشوات والولاة بأمر ولاياتهم ودخلت داخلة الهوى. وتجرأ بعض من استهوتهم الدنيا على الفتوى بغير علم من جهة, وبمجاملة لذوي النفوذ من جهة أخرى. حينها أفتى كبار العلماء آنئذ بقفل باب الاجتهاد, ليسد وا منافذ الشياطين, وليبعدوا هؤلاء الجهلة المتعالمين. أي من باب سد الذرائع. وهذه الفتوى نفسها هي اجتهاد, وإلى حين.

والصواب أن الفقه الإسلامي لا يتوقف, وباب الاجتهاد لا يغلق, ولكن توضع الضوابط والشروط. وكم نرى في أيامنا من أناس بينهم وبين العلم ألف حجاب يتصدون للفتوى في أجهزة الإعلام وفي المجالس, وينبرون للحكم على الأحاديث أو لتفسيرها بمعيار رغباتهم, وينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة!!

وأضيف هنا أن الفقه الإسلامي ليس نظريات خيالية أو فلسفات جامدة, وإنما أحكام لتطبق. فهل يستجيب الناس لفتاوى العلماء الصادقين?

بل إن واقع أكثر المجتمعات الإسلامية عدم الالتفات إلى فتاوى أهل العلم.

القضاء

كيف ترى القضاء في الإسلام?

- القضاء فريضة محكمة وسن ة متبعة كما ورد عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم, والقضاء هو الحكم بين الناس بما أنزل الله.

والكلام عن القضاء ومكانته وأدب القاضي, وبم يقضي وكيف يقضي وعلى من يقضي.... يحتاج إلى حوار خاص.

الحضارة

ما معنى الحضارة, وهل نحن أمة متحضرة, ومتى يكون الإنسان متحضرا ?

- الأصل: الح ضارة والح ضارة الإقامة في الح ضر, والحضر خلاف البدو.

ثم إن أهل القرى والمدن تصير عندهم علوم مختلفة, وصناعات بسبب الاستقرار. وقد نسمي هذه حضارة, لأن الناس يصير لهم قوانين وقواعد لا بد من مراعاتها. والأصل أن العلوم والصناعات التي ترقى بإنسانية الإنسان وتخدمها, وكل ما ينهض بقيمه وحقوقه فهو من الحضارة.

ثم صارت ت طلق على ما يقابل الوحشية, فالمتوحش - أي من يسلك سلوك الوحوش والبهائم - من الأثرة والبطر وغمط الناس حقهم, وحب الظهور, فهو غير متحض ر ولو كان عنده علوم كثيرة. ومثال ذلك رجل يعرف أن يصلح السيارة أو يصنع آلة ولكنه كذاب أف اك مخادع ظالم هل يقال إنه متحضر....

والإنسان المهذ ب الذي لا يؤذي أحدا , وهو طاهر الثوب طاهر المكسب, فهذا هو المتحضر ولو كان قليل المعارف. بل إن الله تعالى وصف الكافرين بالجهل وعدم العقل على ما لديهم من صناعات وقوانين ونظم. أي أن العاقل المتحضر هو المؤمن.

وهل نحن أمة متحضرة?

- ضع الأمة في هذا الميزان, ونحن اليوم لنا وعلينا, والأصل أن المسلمين هم الأمة المتحضرة الخيرة , فهذه شروط استحقاق وصف الأمة المتحضرة.

وتكون الدولة - أي دولة - متحضرة بهذه الشروط أيضا .

الإيمان والدعوة إليه, العدل والعفة, البعد عن الغلو والفساد.

ماذا قدم المسلمون للعالم?

- قدموا المنهاج الأقوم والسلوك الأحمد. قدموا النصح والهداية, وحرروا البشرية من الوهم والخرافة. وقدموا العلوم الكونية (الحساب, الكيمياء, الفلك, الطب, اللغة, الهندسة والعمارة وغيرها من علوم الاجتماع والسلوك والتربية). وقدموا الفضائل والم ثل والعفو والصفح والإيثار... وعاملوا الخصم والصديق بالعدل والإحسان.

الحضارة والعالم

متى نهضت أوروبا?

- نهضت أوروبا على أكتاف المسلمين, كان حكامهم يرسلون أبناءهم ليروا النور في الأندلس وبغداد وغيرهما.

ثم لما ضعف المسلمون وقويت أوروبا هجموا على بلاد الإسلام فنهبوا الخيرات وسرقوا المكتبات..ولا تزال المخطوطات في مكتبات العواصم الأوروبية. وترجموها واستفادوا منها وحجبوها عن أهلها.

كيف نستفيد من الحضارة الغربية?

- يتلخص ذلك بأن نفرق بين المعارف الكونية وبين الأخلاق والمعتقدات, فلو أخذنا عنهم الصناعات والعلوم الطبيعية البحتة فنواميس الكون لكل الناس, وكذلك لو أخذنا عنهم تسهيل الإجراءات والمعاملات فإننا نستفيد كثيرا , وأما أخلاقهم وخمورهم وفجورهم وأوهامهم فمالنا ولها?

ما الفرق بين الإنسان المسلم وغيره من الناس في الديانات الأخرى?

- المسلم إنسان عالمي بعيد الامتداد, يرتبط بما قبل الوجود - الإيمان بالله, وبما بعد الدنيا - الآخرة. والحياة الدنيا طريق في نظره, وسلوكه يتوج ه بهذا المنظور.

وغير المسلم يا يرتبط بما قبل الوجود ولا بما بعد الحياة الدنيا .

ماذا عن الأبحاث الفقهية التي قمت بها في قسم الثقافة الإسلامية?

- هناك أبحاث عديدة قمت بها ومن أهمها:

1- ضمان السير في الفقه الإسلامي - أسباب الضمان -

2- حكم التداوي بالمحر مات.

3- حكم الاكتحال والتقطير في العين أثناء الصيام.

4- شرح قاعدة لا ينكر تغي ر الأحكام بتغير الأزمان.

5- خلاف ابن مسعود رضي الله عنه في الفرائض.

6- خلاف ابن عباس رضي الله عنهما في الفرائض.

7- كيفية التضمين في حوادث السير - مقدار الضمان.

8- عقوبة المستأمن إذا ارتكب حد ا .

9- الكفارات في حوادث الطرق, معالجة للأحوال الراهنة.

01- حكم احتساب إبراء المدين المعسر من الد ين زكاة.

11- أثر تطبيق الحدود على الاقتصاد.

21- الإقرار المعتبر.

31- الني ة التي لم يلحقها عمل هل ي بنى عليها حكم.

41- التخلي عن المكروب حتى يهلك.

51- شرح أصول الكرخي.

61- الخلاف بين أبي حنيفة ومالك.



**********************

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 

التعديل الأخير تم بواسطة : د.فالح العمره بتاريخ 15-04-2005 الساعة 07:05 PM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-04-2005, 01:29 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

شبهات

قول أخرجوا المشركين من جزيرة العرب

الشبهة:

قالوا: دل الحديث على أن كل المشركين من اليهود والنصارى لا يجوز لهم الإقامة في جزيرة العرب، إلا لفترة وجيزة لقضاء حاجة أو استيفاء دين أو غيره، وأنه ليس لهم عهد ولا أمان ولا ذمة، في جزيرة العرب، وخاصة الأمريكان.

وبناءً عليه فالمقيمون في المجمعات السكنية لا ينطبق عليهم هذا الجواز، فلذلك يجب إخراجهم ولو بالقوة.

أما كونهم ليسوا بأهل ذمّة: فالذي نعرفه بأن أهل الذمة هم: أناس يعيشون في بلاد الإسلام، وتجري عليهم أحكام المسلمين، وهؤلاء لا يكونون في جزيرة العرب؛ لأن الكافر لا يسمح له باستيطان جزيرة العرب ..

كما أنهم ليسوا بأهل هدنة: فنحن تعلّمنا بأن المهادن هو حربي عقدنا معه اتفاقاً على وقف الحرب بيننا وبينه لمدة معلومة على أن يكون في بلاده، ولا يحارب المسلمين أو يُعين على حربهم.. فالجنود الأمريكان في بلاد المسلمين، وهم يحاربون المسلمين الآن في العراق وأفغانستان ...إلخ، فكيف يكونون أهل هدنة؟!

ثم ألم ينقض الأمريكان عهدهم في كل حين، فهل نبقى نحن على عهدٍ هم نقضوه ؟

طبعاً هذا إذا فرضنا مجرد فرضية أن العهد الذي دخلوا به هو عهد صحيح يثبت أثره لعاقده، لكن الصحيح أن العقد الذي يجيز للكفار الإقامة في جزيرة العرب إقامة طويلة هو عقد باطل، كما ذكر ذلك الشيخ العلاّمة بكر أبو زيد - عضو اللجنة الدائمة وعضو هيئة كبار العلماء - في كتابه "خصائص جزيرة العرب" (ص 34).

هذا بالإضافة إلى أن الأمريكان محاربون بالاتفاق، وقد حكم سعد بن معاذ في بني قريظة أن تقتل مقاتلتهم، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال (أصبت حكم الله من فوق سبعة أرقعة)، فكان الصحابة يأتون بالصبي، فينظرون فإن كان أنبت قتلوه، وإلا تركوه!

فكان هذا دليلاً على أن البالغ من العدو الخائن للعهد، والمحارب لله ورسوله والمسلمين يعتبر مقاتلاً، يجوز استهدافه وقتله.

فالأمريكان محاربون، خانوا العهد، وحاربوا المسلمين في كل مكان، سواء بالمباشرة كما في أفغانستان، والعراق، أو بالمساعدة كما في الشيشان، وفلسطين بدعمهم للروس، واليهود هناك.

فإن قيل تلك بلاد حرب.. فهل الأمريكان -الذين يدفعون الضرائب، وأيد 70% منهم رئيسهم في الحرب على العراق- ليسوا محاربين؟ فإن قيل بعضهم ليس محاربا فهل في حالة عدم القدرة على التفريق بينهم يلزمنا أن نكف عنهم جميعا؟ أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد قال عن الذين يبيتون فيصاب من ذراريهم: (هم منهم)؟

ثم إنهم بعد الإنذار بأنهم لا عهد لهم في بلاد المسلمين لا يبقى لهم عهد.

أما كونهم أهل أمان: فنحن نتساءل: من أعطاهم الأمان!! أحاكم اتفق العلماء على كفر مثله لموالاته الكفار، أم حاكم اتفق العلماء على كفر مثله لتحكيمه غير شرع الله؟!

الجواب:

وقد أجاب على هذه الشبهة كوكبة من أهل العلم وقد أجادوا وأفادوا وننقله بنصه حيث جاء فيه:

الجواب عن الاستدلال بحديث: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) من وجوه:

الوجه الأول:

هذا الحديث لا يدل على جواز قتل مَن في جزيرة العرب من اليهود والنصارى والمشركين ألبتة، لا بدلالة منطوقه ولا بدلالة مفهومه.

ولا يدل كذلك على انتقاض عهد من دخل جزيرة العرب من اليهود والنصارى لمجرد الدخول، ولم نجد من قال بذلك من أهل العلم.

وغاية ما فيه: الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وهو أمر موكول إلى إمام المسلمين، ولو كان فاجراً.

ولا يلزم من الأمر بإخراجهم إباحة قتلهم إذا بقوا فيها، فهم قد دخلوها بعهد وأمان، حتى على فرض بطلان العهد؛ لأجل الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فإن الكافر الحربي لو دخل بلاد المسلمين وهو يظن أنه مستأمن بأمانٍ أو عهد لم يجز قتله حتى يبلغ مأمنه أو يُعلِمه الإمام أو نائبه بأنه لا أمان له.

فقد ذكر المرداوي في "الإنصاف" (10/348-352) (مع المقنع والشرح الكبير) عن الإمام أحمد أنه قال : "إذا أشير إليه - أي الحربي - بشيء غير الأمان، فظنه أماناً، فهو أمان، وكل شيء يرى العلج (أي العدو من الكفار) أنه أمانٌ فهو أمان، وقال : إذا اشتراه ليقتله فلا يقتله؛ لأنه إذا اشتراه فقد أمّنه، قال الشيخ تقي الدين - يعني ابن تيمية - : فهذا يقتضي انعقاده بما يعتقده العلج، وإن لم يقصده المسلم، ولا صدر منه ما يدل عليه" أ.ه- .

كما أن الأمان يجوز من الإمام الأعظم للكفار، ومن سائر المسلمين لآحاد الكفار، قال في الروض (4/296):"ويصح الأمان من مسلم عاقل مختار غير سكران ولو قنا -أي عبداً- أو أنثى بلا ضرورة من إمام لجميع المشركين ومن أمير لأهل بلدة ومن كل أحد لقافلة وحصن صغيرين". فيصح الأمان لهؤلاء الكفار من الإمام ومن سائر المسلمين.

الوجه الثاني:

لا يُسلَّم بقول من قال بأن هؤلاء لا عهد لهم ولا أمان ولا ذمة، فقد قال الشافعي:"فرض الله - عز وجل - قتال غير أهل الكتاب حتى يسلموا، وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، وقال تعالى:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] فهذا فرض الله على المسلمين ما أطاقوه، ولا بأس أن يكفوا عن قتال الفريقين من المشركين وأن يهادنوهم، وقد كفَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند كثيرٍ من أهل الأوثان، بلا مهادنة إذا انتاطت دورهم عنه مثل بني تميم وربيعة وأسد وطي، حتى كانوا هم الذين أسلموا، وهادن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ناساً، ووادع حين قدم المدينة يهوداً على غير ما خرج أخذه منهم" انظر الأم (4/188).

قال شيخ الإسلام في الاختيارات (ص: 455): "ويجوز عقدها -أي الهدنة- مطلقاً ومؤقتاً، والمؤقت لازم من الطرفين يجب الوفاء به ما لم ينقضه العدو، ولا ينقض بمجرد خوف الخيانة في أظهر قولي العلماء، وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة".

وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/874): "والقول الثاني هو الصواب أنه يجوز عقدها مطلقاً ومؤقتاً، فإذا كان مؤقتاً جاز أن تجعل لازمة ولو جعلت لازمة جعلت جائزة بحيث يجوز لكل منهما فسخها متى شاء كالشركة والوكالة والمضاربة ونحوها جاز ذلك، لكن بشرط أن ينبذ إليهم على سواء، ويجوز عقدها مطلقة وإذا كانت مطلقة لا يمكن أن تكون لازمة التأبيد بل متى شاء نقضها، وذلك أن الأصل في العقود أن تعقد على أي صفة كانت فيها المصلحة، والمصلحة قد تكون في هذا وهذا، وعامة عهود النبي –صلى الله عليه وسلم- كانت كذلك مطلقة غير مقيدة، جائزة غير لازمة، منها عهده مع أهل خيبر مع أن خيبر فتحت وصارت للمسلمين، ولكن سكانها كانوا هم اليهود".

الوجه الثالث:

أن لأهل العلم في تحديد جزيرة العرب المقصودة في الحديث كلاماً طويلاً وخلافاً مشهوراً بعد اتفاقهم على تحريم استيطانهم لحرم مكة، وليس هذا موضع بسط الخلاف.

الوجه الرابع:

أن الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب يُحمل على ما إذا لم يحتج المسلمون إليهم في عمل لا يحسنه غيرهم، أو لا يُستغنى عن خبراتهم فيها.

ويدل لذلك إقرارُ النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهود على الإقامة بخيبر ليعملوا فيها بالفلاحة، لعجز الصحابة وانشغالهم عن ذلك.

ولذا أبقاهم أبو بكر طيلة حياته، وعمر صدراً من خلافته؛ لحاجة المسلمين إليهم.

ولما كثر عدد المسلمين في آخر عهد عمر، وقاموا بشأن الفلاحة والزراعة؛ استغنوا عن اليهود ونقض بعضهم ذمته، فأجلاهم عمر -رضي الله عنه- إلى الشام.

يقول الإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/189) بعد ما ساق مصالحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليهود خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ما بدا لرسول الله أن يبقيهم:"فلما كان زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- غالوا في المسلمين وغشوهم ورموا ابن عمر من فوق بيته ففدعوا يده (والفدع ميل في المفاصل من عظام اليد) فقال عمر -رضي الله عنه-: من كان له سهم من خيبر فليخرص حتى يقسمها بينهم، فقال رئيسهم: لا تخرجنا ودعنا نكون فيها كما أقرنا رسول الله، فقال عمر لرئيسهم: أتراه سقط عني قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك: "كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يوماً ثم يوماً ثم يوماً". وقسمها عمر -رضي الله عنه- بين من كان شهد خيبر يوم الحديبية"

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/88-89) : "لما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر أعطاها لليهود يعملونها فلاحةً؛ لعجز الصحابة عن فلاحتها؛ لأن ذلك يحتاج إلى سكناها، وكان الذين فتحوها أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة، وكانوا نحو ألف وأربعمائة، وانضم إليهم أهل سفينة جعفر، فهؤلاء هم الذين قسَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهم أرض خيبر، فلو أقام طائفة من هؤلاء فيها لفلاحتها تعطلت مصالح الدين التي لا يقوم بها غيرهم -يعني الجهاد- فلما كان زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفتحت البلاد، وكثر المسلمون، واستغنوا عن اليهود؛ فأجلوهم وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال:"نقركم فيها ما شئنا". وفي رواية :"ما أقركم الله". وأمر بإجلائهم عند موته -صلى الله عليه وسلم- فقال:"أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب". ولهذا ذهب طائفة من العلماء كمحمد بن جرير الطبري إلى أن الكفار لا يقرون في بلاد المسلمين -الجزيرة- بالجزية، إلا إذا كان المسلمون محتاجين إليهم، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم كأهل خيبر، وفي المسألة نزاع ليس هذا موضعه" ا.هـ.

وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/476) - بعد أن ذكر أن الكفار: إما أهل حرب أو أهل عهد، وأن أهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان، قال عن أهل الأمان - : "وأما المستأمن فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها، وهؤلاء أربعة أقسام: رسل، وتجار، ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن، فإن شاءوا دخلوا فيه، وإن شاءوا رجعوا إلى بلادهم، وطالبوا حاجة من زيارة أو غيرها، وحكم هؤلاء ألا يهاجوا، ولا يقتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية، وأن يعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن، فإن دخل فيه فذاك، وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحق به، و لم يعرض له قبل وصوله إليه، فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كما كان" اهـ.

وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله - شرح صحيح مسلم (مخطوط): - عندما سئل: هل يجوز استخدام العمال من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ؟ - فقال: "نعم يجوز ذلك، لكن لا يجوز أن يسكنوا ويكونوا مواطنين، هذا ممنوع في جزيرة العرب لكن إذا دخلوا في تجارة أو عمل غير مقيمين دائماً فلا بأس"اهـ.

ويشهد لذلك ما رواه البخاري في صحيحه (3700) في قصة مقتل عمر رضي الله عنه الطويلة، وفيه أنه لما قُتل أمر ابن عباس أن ينظر من الذي قتله، فلما أخبره أنه أبو لؤلؤة - قال عمر: "قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً، فقال - أي ابن عباس - : إن شئت فعلت ! - أي إن شئت قتلنا، قال: كذبت، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم !..." .

قال ابن حجر: في الفتح (7/64) : قوله: "قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة" في رواية ابن سعد من طريق محمد بن سيرين، عن ابن عباس، فقال عمر : "هذا من عمل أصحابك ! كنت أريد أن لا يدخلها علج من السبي، فغلبتموني"، وله من طريق أسلم مولى عمر قال : قال عمر : "من أصابني ؟ قالوا : أبو لؤلؤة، واسمه فيروز، قال : قد نهيتكم أن تجلبوا عليها من علوجهم أحداً فعصيتموني". ونحوه في رواية مبارك بن فضالة.

وروى عمر بن شبة من طريق ابن سيرين قال: "بلغني أن العباس قال لعمر - لما قال : لا تدخلوا علينا من السبي إلا الوصفاء - : إن عمل المدينة شديد، لا يستقيم إلا بالعلوج".

قوله: "إن شئت فعلت" قال: ابن التين: إنما قال له ذلك؛ لعلمه بأن عمر لا يأمر بقتلهم.

قوله: "كذبت" هو على ما أُلِفَ من شدة عمر في الدين؛ لأنه فهم من ابن عباس - من قوله: "إن شئت فعلنا"، أي قتلناهم، فأجابه بذلك، وأهل الحجاز يقولون: "كذبت" في موضع "أخطأت"، وإنما قال له "بعد أن صلوا" ؛ لعلمه أن المسلم لا يحل قتله، ولعل ابن عباس إنما أراد قتل من لم يسلم منهم" انتهى .

فهذا الصنيع من عمر رضي الله عنه - وهو الذي أجلا اليهود إلى تيماء وأريحاء - دليل على أنه فَهِمَ من الأمر بالإخراج أنه إخراج خاص بالمواطنين، وأما المقيمون من هؤلاء إقامة غير دائمة، أو الواردون على المدينة - وهي من الجزيرة بالإجماع فلا يشملهم النهي.

ولم يكن عمر - وهو مَنْ هو في قوته في دين الله - ليجامل العباس أو ابنه في بقاء العلوج وهو يرى أن ذلك محرم، ولكنه كان يرى أن ذلك - أي عدم استقدامهم - أولى، ولكنه لم يلزم به، مع أنه إمام هدى، وأمير المؤمنين، وأحد الخلفاء الراشدين، ومثله - لإمامته العامة - يسوغ له أن يأمر بما يرى مصلحته، وإن كانت المسألة من مسائل الاجتهاد، ويجب السمع والطاعة له، ومع ذلك لم يفعل عمر من ذلك شيئاً ! .

فأي برهان أوضح من هذا على دلالة حديث الأمر بإخراج اليهود والنصارى - الذي كان عمر أحد رواته - كما ثبت في صحيح مسلم.

كما يشهد لهذا ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (1329) عن جابر -رضي الله عنه - في قوله تعالى: "إنما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا"..الآية، [التوبة: 28] قال: "إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة -أي له عقد أمان مع المسلمين، وليس المقصود أهل الذمة بالاصطلاح الفقهي المعروف-.

فتُحمل - إذاً - دلالة حديث إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب على المنع من استيطان المشركين لجزيرة العرب، لا إقامتهم فيها للعمل المؤقت، أو التجارة كما هو شأن الكفار الوافدين.

الوجه الخامس:

أن الكفار في البلاد في الجملة أهل وفادة وليسوا من أهل الإقامة، وهذا لا يسوّغ الدخول لكل وافد من الكفار، فإن هذا يُمنع بمناط آخر، لكن من احتاجه المسلمون ساغ وفوده، وقد قاله النبي في وصيته التي فيها ذكر إخراجهم: ( وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ) كما في الصحيح، البخاري (3053)، ومسلم (1637)، وكأنه تنبيه على الجمع بين الحكمين، وأنه لا تعارض بينهما. ولهذا فإن عمر لما أخرج اليهود؛ استند إلى الحديث، لكنه مع ذلك ترك بعض أعيان الكفار من الرقيق وغيرهم لم يخرجهم فتأمل هذا.

الوجه السادس:

أن القول بانتقاض عهد كل مشرك لأجل إقامته في جزيرة العرب يلزم منه أن تكون دماء الكفار من غير الأمريكيين والأوروبيين مهدرةً، وأموالُهم مباحةً؛ فليس انتقاض العهد بالإقامة في الجزيرة مخصوصاً بالنصارى الأمريكان والأوربيين وحدهم!

فيلزم من القول بإهدار دماء نصارى الأمريكان والأوربيين القولُ بإهدار دماء وإباحة أموال نصارى الدول الأخرى، إذ جميعهم نصارى مشركون، وهم في الحكم سواء.

ولا شك أن القول بانتقاض عهد كل مشرك لأجل إقامته في جزيرة العرب، ومن ثم إهدار دمه وإباحة ماله يفضي إلى فوضى واضطراب وظلم.

ومما يعجب له أنه على مدار عشرات السنين لم يثر هذا الأمر ليكون سبباً لقتال أهل الأمان مع وجودهم بين ظهرانينا.

إن هذا ظاهر في أن مسألة جزيرة العرب لم تكن مسألة أصلية لدى هؤلاء، وإنما استدعيت لتقوية الموقف الحادث من هذه التفجيرات.

الوجه السابع:

أن فساد الوصف لا يلزم منه فساد الأصل، ولو فرض أن الأمان المعطى لطائفة من الكفار قد تضمّن شروطاً فاسدة، فإن هذا لا يلزم منه فساد عقد الأمان وإهدار دم الكافر.

ثم إن إنذار العدو (أمريكا مثلاً) بنقض العهد وإعلان الحرب ليس موكولاً لآحاد الناس؛ بل هو موكول إلى أولي الأمر من العلماء والسلطان الأعلى للدولة. ومن عقيدة أهل السنة والجماعة الجهاد مع ولي الأمر، براً كان أو فاجراً، والسمع والطاعة بالمعروف كما في الحديث: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" أخرجه البخاري (7142) من حديث أنس - رضي الله عنه -. وفرقٌ بين إنكار المنكر وحض الحاكم على إنكاره بقدر المستطاع، وبين الإقدام على التغيير باليد، وارتكاب مفاسد لا حصر لها.

الوجه الثامن:

ليس كل موالاة للكفار تكون كفراً، فقد اشترط بعض العلماء مع مساعدة الكفار المودة لهم؛ لقول الله عز وجل:"تلقون إليهم بالمودة" [الممتحنة:1] واشترط بعض العلماء ألا يخشى المسلم سطوة الكافر وظلمه عن المساعدة، لآية الممتحنة وقصة حاطب بن أبي بلتعة (راجع تفسير القرطبي سورة الممتحنة).

قال الشيخ عبد اللطيف بن حسن في الدرر السنية (1/466): "وأما إلحاق الوعيد المترتب على بعض الذنوب والكبائر فقد يمنع منه مانع في حق المعين كحب الله ورسوله ... إلى قوله: وتأمل قصة حاطب بن أبي بلتعة وما فيها من الفوائد، ففعل حاطب نوع من الموالاة بدليل سبب نزول الآية في قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة..." الآية، فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان ووصفه به ولم يكفر لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"خلوا سبيله".

كما أنه يلزم من هذا تكفير المعين، وتكفير المعين لا بد من شروطه وانتفاء موانعه، قال الشيخ ابن تيمية في الفتاوى (12/498) : "وأما الحكم على المعين، بأنه كافر أو مشهود له بالنار فهذا يقف على الدليل المعين فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه، وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه أنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر، وقال ابن تيمية -رحمه الله- عن الإمام أحمد في المجلد (23/348):"وإنما يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته والقائلين بخلق القرآن، وقد ابتلي بهم الإمام حتى عرف حقيقة أمرهم، ومع ذلك ما كان يكفر أعيانهم" انتهى.

وأيضاً قال ابن تيمية في المجلد (12/466):"وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبيَّن له، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد قيام الحجة وإزالة الشبهة".

الوجه التاسع:

أن كفر الحاكم ليس موجباً لبطلان عقد الأمان؛ لأن الكافر دخل بلد الإسلام على أن الحاكم نافذ الكلمة وله الولاية والسلطة.

والأمان ليس من الأمور التي لا تقام إلا بأمر الأمير وحده، ولا يشترط فيها تمام شروط الولاية بل الثابت عكس ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المؤمنين: (يسعى بذمتهم أدناهم) أخرجه البخاري (3179)، ومسلم (1370)، وأحمد (993)، من حديث علي – رضي الله عنه - وكذلك أمان أم هانئ للمشركين: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) أخرجه البخاري (357)، ومسلم (336/82 – كتاب الصلاة، من حديث أم هانئ -رضي الله عنها-، ولذا نص العلماء -كما سبق- على أن الأمان يصح من كل مسلم ولو عبداً أو أنثى.

ومهما يكن من شيء: فقد اختلف العلماء في المقصود بإخراجهم، وهي مسألة محل اجتهاد، وفيها خلاف معروف. ومن تمسك برأي سابق للأئمة فلا يجوز الطعن عليه، فضلاً عن نقض العهد برأي آخر، وإلا لسقطت كثير من العقود في المعاملات والعقود بين المسلمين أنفسهم، لوجود من يقول ببطلان أو فساد هذا العقد أو ذاك، ومعلوم أن مسائل العقود والعهود فيها نزاع كثير معروف في كلام الفقهاء، وليس لمن رأى رأياً مخالفاً أن يحمل الناس عليه، أو يفتات على جماعة المسلمين بتنفيذه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-04-2005, 01:30 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

من يتترس بهم الكفار من المسلمين

الشبهة:

فعلى الرغم من أن هذه الأعمال والتفجيرات قد وقع ضحيتها مسلمون أبرياء لاذنب لهم سوى توافق وجودهم في هذه الأماكن حال وقوع هذه التفجيرات إلا أن البعض منهم قال : إن هذه التفجيرات لا تحرم لكون بعض قتلاها من المسلمين الأبرياء الذين لا ذنب لهم.

فمثل هؤلاء يجوز قتلهم تبعاً لا قصداً، قياساً على قتل المسلمين الذين يتترس بهم الكفار.
قال ابن تيمية: "وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترس بمن عنده من أسرى المسلمين، وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون، وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم" (الفتاوى 28 / 546 – 537، جـ 20 / 52)..

وقال في الإنصاف : وإن تترسوا بمسلم لم يجز رميهم إلا أن نخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار، وهذا بلا نزاع" ( الحاشية على الروض 4 / 271)

ويمكن القول بأن هؤلاء القتلى ولو كانوا مسلمين فإنهم أشبه بالطائفة الممتنعة، وقد أفتى بكفرها أبو بكر والصحابة، وهو الصحيح، وأجمع العلماء المتقدمون والمتأخرون على قتالهم، فهم طائفة ممتنعة بالشوكة عن إقامة أحكام الله داخل مجمعهم.

الجواب:

وقد أجاب على هذه الشبهة أهل العلم حيث قالوا :

أولاً: قياس قتل المسلمين في عمليات التفجير في الرياض على قتل المسلمين إذا تترّس بهم الكفار قياسٌ مع الفارق من عدة وجوه:

الوجه الأول : ما قرره أهل العلم من أن قتل المسلمين المتترس بهم لا يجوز إلا بشرط أن يُخاف على المسلمين الآخرين الضرر بترك قتال الكفار، فإذا لم يحصل ضرر بترك قتال الكفار في حال التترس بقي حكم قتل المتترَّس بهم على الأصل وهو التحريم. فجوازه ـ إذاً ـ لأجل الضرورة، وليس بإطلاق. وهذا الشرط لا بد منه، إذ الحكم كله إعمال لقاعدة دفع الضرر العام بارتكاب ضرر خاص (الأشباه والنظائر لابن نجيم ص96). قال القرطبيقد يجوز قتل الترس وذلك إذا كانت المصلحة ضروريَّة كلية، ولا يتأتى لعاقل أن يقول لا يقتل الترس في هذه الصورة بوجه, لأنه يلزم منه ذهاب الترس والإسلام والمسلمين) الجامع لأحكام القرآن (16/287).

أما لو قتل المسلمون المتترَّس بهم دون خوف ضرر على المسلمين ببقاء الكفار، فإننا أبطلنا القاعدة التي بني عليها الحكم بالجواز. فقتل المسلمين ضرر ارتكب لا لدفع ضرر عام بل لمجرد قتل كُفَّار. قال ابن تيميةولهذا اتفق الفقهاء على أنه متى لم يمكن دفع الضرر عن المسلمين إلا بما يفضي إلى قتل أولئك المتترس بهم جاز ذلك) مجموع الفتاوى (20/52).

فأين هذه الضرورة في قتل المسلمين الذين يساكنون النصارى في تلك المجمعات السكنية المستهدفة؟؟

الوجه الثاني: أن مسألة التترس خاصة بحال الحرب (حال المصافّة والمواجهة العسكرية)، وهؤلاء الكفار المستهدفون بالتفجير لسنا في حال حرب معهم، بحيث يكون من ساكنهم من المسلمين في مجمعاتهم في حكم المتترَّس بهم. بل هم معاهدون مسالمون.

الوجه الثالث: بيَّن أهل العلم أن قتل المسلمين الذين تترس بهم الكفار لا يجوز، إلا إذا لم يتأتَ قتل الكفار وحدهم. والكفار المستهدفون في تلك التفجيرات يمكن قتلهم -على فرض أنه لا عهد لهم ولا ذمة وأن دماءهم مهدرة- دون أذية أحد من المسلمين، فضلاً عن قتله.

الوجه الرابع: اختلاف حال المتترَّس به عن حال الحراس ونحوهم؛ فالمتترَّس به عادة هو أسير لدى الكفار ينتظر الموت غالباً على أيديهم، لكنهم يتقون به رمي المسلمين، أما الحراس –فضلاً عن المارة والجيران – فهم آمنون في بلادهم فبأي وجه يفاجؤهم أحد من المسلمين بأن يقتلهم لكي يقتحموا على من يحرسون من المعاهدين والمسلمين المقيمين معهم أو المتعاملين معهم؟.

الوجه الخامس: أن الله تعالى بيّن أن من مصالح الصلح في الحديبية أنه لو سلط المؤمنين على الكافرين في ذلك الحين لأدى إلى قتل أقوام من المؤمنين والمؤمنات ممن يكتم إيمانه، فلولا ذلك لسلط المؤمنين على أولئك الكافرين، قال تعالى: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [سورة الفتح 25].

قال القرطبي رحمه الله (الجامع لأحكام القرآن 16/285): "لم تعلموهم أي لم تعرفوا أنهم مؤمنون أن تطأوهم بالقتل والإيقاع بهم...والتقدير: ولو أن تطأوا رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة، ولسلطكم عليهم، ولكنَّا صُنَّا من كان فيها يكتم إيمانه. وقوله: {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ} المعرة العيب...إي يقول المشركون: قد قتلوا أهل دينهم...لو تزيّلوا أي تميزوا، ولو زال المؤمنون عن الكفّار لعذب الكفار بالسيف... وهذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن"

فتبين من هذه الأوجه أن قياس المسلمين الذين يساكنون الكفار في المجمعات السكنية على مسألة التترُّس قياسٌ غير صحيح.

ثانياً: الطائفة الممتنعة هي التي تمتنع عن إقامة شيء من شعائر الإسلام الظاهرة ولها شوكة، فلا تلزم بإقامة هذه الشعيرة إلا بالقتال، كقرية اجتمعت على ترك الأذان مثلاً وكان لها شوكة لا يمكن إلزامهم بالأذان إلا بالقتال . أما لو امتنع أفراد أو جماعة لا شوكة لها ولم يقاتلوا فلا يقاتلون، بل يلزمون بأمر الشارع .

ومن امتنع عن أداء الزكاة من العرب بعد موت النبي –صلى الله عليه وسلم- كان لهم شوكة وقوة لا يتأتى إلزامهم إلا بقتال، وقد قاتلوا فقاتلهم أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم. انظر ما رواه البخاري (1457)، ومسلم (20) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.

أما الممتنع عن الزكاة بدون شوكة فقد حكم فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((فإنا آخذوها وشطر ماله)) رواه أبو داود (1575) والنسائي (2444) من حديث معاوية بن حيدة – رضي الله عنه-.

وعليه فإن من أقام في مجمع سكني لا تقام فيه أحكام الله لا يكون في حكم الطائفة الممتنعة التي يجب على الإمام إنذاره وأمره بإقامة شرع الله، فإن امتنع وكانت له شوكة أو قاتل جاز قتاله حتى يذعن.

قال ابن تيميةولا يقتل من ترك الصلاة أو الزكاة إلا إذا كان في طائفة ممتنعة فيقاتلهم لوجود الحراب كما يقاتل البغاة) مجموع الفتاوى (20/100).

والقول بأن حراس المجمعات من المسلمين وكذلك السائقون والطباخون وعمال الصيانة ونحوهم ممتنعون عن الشعائر لا أساس له من الشرع أو الواقع، ولا يوجد أي وجه للشبه بينهم وبين الطائفة الممتنعة. بل لو فرضنا أن بعضهم يخدم الكفار بما هو محرم كإدخال الخمور لهم فإن ذلك منكر تجب إزالته وعقوبة فاعله، ولكنه لا يعد من الطائفة الممتنعة في شيء.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18-04-2005, 01:31 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

إغارة المسلمين على قوافل قريش

الشبهة:

احتجاجهم بإغارة المسلمين على قوافل قريش دون النظر في عاقبة اجتماع الكفار على حرب المسلمين:

حيث قالوا :كنّا نظن بأن هؤلاء الكفار كانوا يتدخلون في شؤوننا -وما زالوا- منذ أكثر من أربعة قرون، يعني : قبل تفجيرات نيويورك وواشنطن، وقبل تفجيرات الرياض والخُبر، وقبل احتلال فلسطين وأفغانستان، بل منذ أن أوجد الرسول صلى الله عليه وسلم نواة المدينة الإسلامية الأولى في مدينته صلى الله عليه وسلم !! فما الذي تغيّر !!

نحن كنا نظن بأن هؤلاء الكفار لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا، قاتلناهم أم لم نقاتلهم !! نحن كنا نظن بأن هؤلاء الكفار لم ولن يرضوا عنّا حتى نتبع ملّتهم، فجّرناهم أم لم نفجّرهم !! نحن كنا نظن بأنهم ينفقون أموالهم ليصدونا عن سبيل الله، ترصدنا لهم أم لم نترصّد لهم !! نحن كنا نظن أنهم يريدون لنا الشرّ وما زالوا يحاربون ديننا، جاهدناهم أم لم نجاهدهم !!

لم يقل الصحابة: يا رسول الله: لا تُغير على قوافل قريش فتستعدي قريشاً!! يا رسول الله: لا تقاتل الكفار في الجزيرة فيجتمعوا على حربك!! يا رسول الله: لا تحشد الجيوش لقتال قيصر، وإنْ حشد الجيوش لاستئصال الإسلام، فإنه لا قبل لنا بهرقل وجنوده، وعليك بالحوار والنقاش البنّاء، عليك بحوار الشجعان، وجهاد البيان لا السنان!! يا رسول الله لا تُنفذ بعث أسامة، يا خليفة رسول الله لا تنفذ بعث أسامة، لا تستعدِ علينا الروم!! لا قِبَل لنا بالروم.. أين نحن وأين الروم؟!! يا خليفة رسول الله: وماذا لو ارتدّت العرب؟!! ابق في المدينة ولا تخرج لهم وادعهم إلى الإسلام بالرفق واللين فنحن ضعفاء، وماذا لو تركوا دفع الزكاة، ما زالوا يُصلُّون!! يا خليفة رسول الله: لا تقاتل القوى العالمية الكبرى، فلا قِبَل للمسلمين بهم، وعليك بدعوتهم بالندوات والمحاضرات والبيانات والنقاشات والحوارات عبر الوسائل الإعلامية المُتاحة!!.

الجواب:

وأجاب أهل العلم على هذه الشبهة بقولهم :

ونحن نسألكم: متى بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يغير على قوافل قريش، ويبعث السرايا والجيوش، ويغزو قبائل العرب، ويخرج لغزو الروم ؟! إنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن قويت شوكة المسلمين وكثر عددهم، وصارت لهم دولة تؤويهم وتحميهم.

ألم يمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة في مكة ممنوعاً من قتال كفار قريش، مأموراً بالصبر والصفح وكف اليد، حتى إذا هاجر إلى المدينة، وصارت له قوة ومنعة وشوكة أُمر بالجهاد والنفير لقتال الأعداء.

لقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بجهاد اللسان والبنان قبل السيف والسنان، وجاهد بالقرآن وحاور وراسل وكاتب، فمن فعل فعله فقد اهتدى بهديه، واستن بسنته، ولا يصح أن يقال من أخذ بهذا إنه خوار جبان.

ثم ما تبلغ هذه التفجيرات في بلاد المسلمين -والتي يقتل فيها عشرات من الكفار المدنيين- من النكاية بالأعداء والإثخان فيهم؟!

لا نشك أن هذه الأعمال تمنح الأعداء الذريعة بالمجان؛ للتدخل في شؤون البلاد الداخلية وتحقيق بعض مآربهم.

إن هذه الأعمال ظاهرة المفسدة عديمة المصلحة، حتى ظن بعض الأخيار أنها من تدبير الاستخبارات الصهيونية والأمريكية، وليست من عمل المسلمين.

ما منا من أحد ألا وهو يفرح بالنكاية في الأعداء والإثخان فيهم وقتلهم، ولكن حيث يكون العمل مشروعاً ظاهر المصلحة، ينفع المسلمين ولا يضرهم.

وقد ذكر العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (95): "أن أي قتال للكفار لا يتحقق به نكاية بالعدو فإنه يجب تركه؛ لأن المخاطرة بالنفوس إنما جازت لما فيها من مصلحة إعزاز الدين، والنكاية بالمشركين، فإذا لم يحصل ذلك وجب ترك القتال لما فيه من فوات النفوس وشفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام، وبذا صار مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة". انتهى مختصراً.

وليت هؤلاء فعلوا فعلتهم هذه في المعسكرات اليهودية في فلسطين أو في الثكنات العسكرية الصليبية في العراق، لكان فعلاً مشروعاً لا يجد أحدٌ مدخلاً لإنكاره وتخطئة فاعله. فهو جهاد في سبيل الله، وقتال للمحتل الغاشم، ودفاع عن بلاد المسلمين.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-04-2005, 01:31 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

لم يعط ولي الأمر هؤلاء عهدا ولا أمانًا

الشبهة:

قولهم :ليس في عنقنا بيعة لولي الأمر، وعلى فرض وجودها فإنه لم يعط عهدا ولا أمانا لأحد :

حيث قال هؤلاء : إذا كانت إدانة هذه التفجيرات لأنها نقض لأمان ولي الأمر لمن استأمنه من هؤلاء الكفار المستهدفين، وبالتالي فهو خلل في الالتزام بالبيعة في أعناقنا لولي الأمر، فنحن ليس في أعناقنا بيعة لولي الأمر، حيث لم يبايعه أي واحد منا، وعلى فرض أن في أعناقنا بيعة، فأين العهد والأمان اللذين أعطاهما ولي الأمر لهؤلاء الكفار من يهود ونصارى؟

الجواب:

وقد أجاب على هذه الشبهة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع حيث قال :

أما ما يتعلق بالبيعة فأهل الحل والعقد في البلاد من علماء ووجهاء وأعيان قد بايعوا ولي الأمر بالأصالة عن أنفسهم وبالنيابة عن القوم من رجال ونساء، كما كان الشأن في ذلك حينما قام المقدمون في قومهم عن عموم المسلمين في مبايعة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم من جاء بعدهم من ملوك المسلمين، فلم تكن المبايعة من العموم فرداً فرداً من ذكور وإناث، وإنما كانت مبايعة المقدمين منهم من أهل الحل والعقد مبايعة عامة عن جميع المسلمين في تلك البلاد، ولم يقل أحد من علماء المسلمين كافة أن مبايعة ولي الأمر عينية على كل مكلف من ذكر أو أنثى، بل هي فرض كفاية إذا قام بها البعض من أهل الحل والعقد صار ذلك القيام عن الباقين، ولزمت البيعة الجميع.

أما التساؤل عن العهد المعطى لهؤلاء الكفار في بلادنا من قبل ولي الأمر، فهو التأشيرة التي لا يدخل الأجنبي البلاد إلا بحصوله عليها، وهي تعني عقداً يقتضي العهد والأمان لحاملها من حيث حمايته وحماية حقوقه حتى يبلغ مأمنه، كما تعني رعاية هذا الأجنبي لتعليمات وتنظيمات البلاد ورعايته لأعرافها وتقاليدها وحقوقها، فالتأشيرة عقد بين حاملها ومصدرها تعني الحقوق والواجبات، والله سبحانه يقول: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}، وقال تعالى: {وأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}.

والنصوص من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في الحث والتأكيد على الوفاء بالعقود والعهود متضافرة في ذلك، والله المستعان.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18-04-2005, 01:32 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

القياس على العمليات الإستشهادية

الشبهة:

هل التفجيرات في الجزيرة عملاً إرهابياً، وفي غيرها من بلاد المسلمين جهاداً وعمليات استشهادية؟ لماذا يكون قتل المدنيين المسلمين (تبعاً) في غير بلاد الجزيرة من الجهاد!! وتفجير المباني في غير الجزيرة من الجهاد!! أليست كلها بلاداً إسلامية؟.

فما الفرق بين عملية في فلسطين يموت فيها يهود ومخابرات يهود مع بعض الفلسطينيين وعملية هنا؟؟ أعني من ناحية فقهية بغض النظر عن المصلحة؟ فلو بعد عشرين سنة صارت المصلحة في التفجير فهل يجوز؟!

الجواب:

وقد أجاب أهل العلم على هذه الشبهة من عدة وجوه :

الوجه الأول: الفرق بين التفجيرات في الجزيرة، والعمليات الاستشهادية في فلسطين والشيشان وأفغانستان هو أن الكفار في المملكة العربية السعودية معاهدون، فلا يجوز إيذاؤهم ولا الاعتداء عليهم ما داموا مقيمين لعهدهم لم يباشروا شيئاً مما يعتبر نقضاً له. وربما لا يرضون بسياسة دولتهم ولا معاملتها للمسلمين، فلا ينبغي أن يحملوا أوزار غيرهم، والله يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، ويقول: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].

وأما الكفار في فلسطين والشيشان وأفغانستان فهم حربيون معتدون محتلون، ليس بينهم وبين أهلها عهد ولا أمان، وإنما هم محاربون، ولذا فقتالهم بالوسائل الممكنة أمر مشروع، بل هو جهاد في سبيل الله؛ لقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39]، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في النسائي (4095)، والترمذي (1421) وأبو داود (4772) وابن ماجة (2580) من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه: (من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد).

فلابد من التفريق بين أنواع الكفار؛ فإنهم على أربعة أقسام:

ذميون، ومعاهدون، ومستأمنون، وحربيون.

فالذمي: هو من أقام بدار الإسلام إقامة دائمة بأمان مؤبّد.

والعهد: هو عقد بين المسلمين وأهل الحرب على ترك القتال مدّةً معلومة.

والمعاهدون: هم أهل البلد المتعاقد معهم.

وأهل الحرب: هم أهل بلاد الكفر التي لم يجرِ بينهم وبين المسلمين عهد .

وأما المستأمن: فهو الحربي الذي يدخل دار الإسلام بأمانٍ مؤقت لأمرٍ يقتضيه. (الدر النقي لابن عبد الهادي 1/290، المبدع (3/313، 398)، كشاف القناع (3/100).

فالفرق بين الحربي والمعاهد أن الحربي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا صلح، بخلاف المعاهد .

والفرق بين الذمي والمستأمن أن الذمي هو من يقيم إقامة دائمة بأمان مؤبد، أما المستأمن فحربي دخل بلاد الإسلام لغرض متى انتهى ذلك الغرض خرج لبلده.

والمعاهد والذمي والمستأمن جميعهم معصومو الدم، لا يجوز الاعتداء عليهم ولا التعرّض لهم . قال تعالى:{فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِم} [التوبة: 4].

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- مرفوعاً: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً)) أخرجه البخاري (3166).

وقد عاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أصنافاً من المشركين كبني قريظة وبني النضير، وهادن قريشاً في الحديبية على ترك القتال عشر سنين، وأن من جاء من قريش مسلماً رده النبي إليهم. وهذا كله معلوم في كتب السنة والسيرة.

أما الحربيون فجواز قتلهم ليس على الإطلاق، بل منهم من يجوز قتله، ومنهم من لا يجوز قتله إلا إذا قاتل بنفسه أو برأيه.

فكل حربي بنيته صالحة للقتال فهو من المقاتلة، سواء باشر القتال ضد المسلمين أو ساعد على قتالهم بماله أو رأيه أو مشاعره.

وأما من ليست بنيته صالحة للقتال كالنساء والصبيان والشيوخ والمعاقين ونحوهم ممن لا يعين على القتال بنفس ولا رأي، فإنه لا يقتل؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان، كما في الحديث المتفق عليه عند البخاري (3015) ومسلم (1744) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- إلا إذا أعانوا الكفار على القتال، أو تترسوا بهم أولم يمكن التمييز بينهم. لحديث الصعب بن جثامة – رضي الله عنه - أن النبي –صلى الله عليه وسلم- سئل عن الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ فقال: "هم منهم". متفق عليه عند البخاري (3021)، ومسلم (1745).

فتلخص أن الذمي والمعاهد والمستأمن لا يقتلون. وأما الحربي فمن كان من أهل القتال جاز قتله، ومن لم يكن من أهل القتال فلا يجوز قتله إلا تبعاً.

إن من المتقرر لدى علماء الإسلام - وما نظن المخالفين ينازعون في ذلك- أن الكفر ليس موجباً للقتل بكل حال؛ لأدلة كثيرة:

منها: قوله تعالى:{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256].

ومنها: ما شرع من تخيير الكفار بين الإسلام وبذل الجزية والقتال.

ومنها: النهي عن قتل من لا شأن له بالقتال، كالنساء والصبيان وكبار السن والمنقطعين للعبادة الذين لا يشاركون المقاتلين بالفعل أو الرأي.

وفي تقرير هذا الأصل يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ومقصوده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزَّمِن (الضعيف) ونحوهم، فلا يقتل عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان -والأول هو الصواب- وذلك أن الله أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ} [البقرة:191] أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر" [السياسة الشرعية ص- (132) وما بعدها].

الوجه الثاني: أنه لا يلزم من جواز القتل ابتداءً جوازه بالفعل في زمن أو مكان معين؛ لأن مشروعية القتال منوطة بإعزاز الدين وظهور الغلبة للمسلمين وإذلال الكفار، فإذا ظهر لدى أهل الاجتهاد أن القتال في حالة معينة مفسدته أعظم من مصلحته لم يجز القتال حينئذ، ونصوص أهل العلم طافحة بهذا الأمر في الكلام عن صور عديدة تندرج تحت هذا الضابط العام، ومن ذلك ما جاء في مغني المحتاج (4/226): (إذا زادت الكفار على الضعف ورُجي الظفر بأن ظنناه إن ثبتنا استحب لنا الثبات، وإن غلب على ظننا الهلاك بلا نكاية وجب علينا الفرار لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] أو بنكاية فيهم استحب الفرار".

وقال الشوكاني في السيل الجرار (4/529): "إذا علموا -أي المسلمون- بالقرائن القوية أن الكفار غالبون لهم مستظهرون عليهم فعليهم أن يتنكبوا عن قتالهم ويستكثروا من المجاهدين ويستصرخوا أهل الإسلام، وقد استدل على ذلك بقوله عز وجل: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، وهي تقتضي ذلك بعموم لفظها... ومعلوم أن من أقدم وهو يرى أنه مقتول أو مأسور أو مغلوب فقد ألقى بيده إلى التهلكة".

الوجه الثالث: ما ذكروه في السؤال خارج موطن النزاع؛ فإن المسألة المتحدث عنها هي قتالهم في غير هذه البلاد، لا سيما وأنهم قد دخلوها بعهود أمان. وما حدث في بعض بلدان المسلمين لا يقتضي نقض كل عهد في كل بلدان المسلمين، خاصةً إذا تذكرنا أن بلدان المسلمين أصبحت ولايات متعددة تنفرد كل ولاية بسلطة مستقلة، ولها علماؤها وأهل الحل والعقد فيها، كما قرره فقهاء الإسلام، كإمام الحرمين والشوكاني وصديق حسن خان والشيخ محمد أبو زهرة (يراجع الإرشاد ص- (425)، السيل الجرار (4/512)، الروضة الندية (2/18) الوحدة الإسلامية ص- (64) وما بعدها)، وهو الرأي الذي لا يسع المسلمين سواه، إذ لو قيل بخلافه لبطلت ولايات الإسلام المتعددة من عهد بني أمية، حيث نشأت ولاية الأندلس إلى يوم الناس هذا، ولا يزال علماء الإسلام يبايعون أهل تلك الولايات، ويحرمون الخروج عليهم، ويرون وجوب طاعتهم في غير معصية الله.

وإذا تقرر عدم انتقاض العهود في كل بلاد الإسلام بانتقاضها في بعضها بمباشرة القتال، فمن باب أولى عدم انتقاضها بالتسبب والإعانة، كما في الشيشان وفلسطين.

إلا أنه مما يجب أن يفطن له أنه مع عدم انتقاض هذه العهود، فإنه لا يجوز الوفاء بما يتضمن التخاذل عن نصرة المسلمين في البلدان المعتدى عليها، فإن وقع هذا الشرط فهو باطل لا يلزم، بل لا يحل الوفاء به.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18-04-2005, 01:32 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

تبييت ذراري الكفار

الشبهة:

وعلى الرغم أيضا من أن هذه الأعمال والتفجيرات قد وقع ضحيتها معصومو الدم من نساء وأطفال المشركين ممن لاذنب لهم سوى وجودهم في هذه الأماكن حال وقوع هذه التفجيرات إلا أن البعض منهم قال : إن وجود بعض المدنيين الأبرياء من الكفار في عداد القتلى لا يحرم هذه العمليات، فقد روى الصعب بن جثامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أهل الديار من المشركين يبيّتون فيصاب من نسائهم وذرياتهم، قال: ((هم منهم)).

فهذا الحديث يدل على أن النساء والصبيان، ومن لا يجوز قتله منفرداً يجوز قتلهم إذا كانوا مختلطين بغيرهم ولم يمكن التمييز؛ لأنهم سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن البيات وهو الهجوم ليلاً، و البيات لا يمكن فيه التمييز، فأذن بذلك لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.

ويلزم لمن قال بمسألة قتل الأبرياء من دون تقييد ولا تخصيص أن يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن بعدهم بأنهم من قتلة الأبرياء على اصطلاح هؤلاء القائلين، لأن الرسول نصب المنجنيق في قتال الطائف، ومن طبيعة المنجنيق عدم التمييز، وقتل النبي عليه الصلاة والسلام كل من أنبت من يهود بني قريظة ولم يفرق بينهم، قال ابن حزم في المحلى تعليقا على حديث: عرضت يوم قريظة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من أنبت قتل، قال ابن حزم : وهذا عموم من النبي صلى الله عليه وسلم، لم يستبق منهم عسيفا ولا تاجراً ولا فلاحاً ولا شيخاً كبيراً، وهذا إجماع صحيح منه . المحلى (7/ 299) .

قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: وكان هديه صلى الله عليه وسلم إذا صالح أو عاهد قوماً فنقضوا، أو نقض بعضهم وأقره الباقون ورضوا به غزا الجميع، وجعلهم كلهم ناقضين كما فعل في بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع، وكما فعل في أهل مكة، فهذه سنته في الناقضين الناكثين . وقال أيضا : وقد أفتى ابن تيمية بغزو نصارى المشرق لما أعانوا عدو المسلمين على قتالهم فأمدوهم بالمال والسلاح، وإن كانوا لم يغزونا ولم يحاربونا ورآهم بذلك ناقضين للعهد، كما نقضت قريش عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بإعانتهم بني بكر بن وائل على حرب حلفائه .

ولا يزال القادة المسلمون يستعملون في حروبهم مع الكفار ضربهم بالمنجنيق، ومعلوم أن المنجنيق إذا ضرب لا يفرق بين المقاتل وغيره، وقد يصيب من يسميهم هؤلاء بالأبرياء، ومع ذلك جرت سنة المسلمين على هذا في الحروب، قال ابن قدامة رحمه الله: ويجوز نصب المنجنيق لأن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف، وعمرو بن العاص نصب المنجنيق على أهل الإسكندرية . (المغني والشرح 10 / 503).

وقال ابن قاسم رحمه الله في الحاشية : ويجوز رمي الكفار بالمنجنيق ولو قتل بلا قصد صبياناً ونساء وشيوخاً ورهباناً لجواز النكاية بالإجماع، قال ابن رشد رحمه الله : النكاية جائزة بطريق الإجماع بجميع أنواع المشركين (الحاشية على الروض 4 / 270).

ثم نقول لهؤلاء: ماذا تقصدون بالأبرياء؟

فهؤلاء لا يخلون من الحالات الآتية :

الحالة الأولى: أن يكونوا من الذين لم يقاتلوا مع دولهم، ولم يعينوهم لا بالبدن ولا بالمال ولا بالرأي والمشورة ولا غير ذلك، فهذا الصنف لا يجوز قتله بشرط أن يكون متميزاً عن غيره، غير مختلط به، أما إذا اختلط بغيره ولم يمكن تميزه فيجوز قتله تبعاً وإلحاقاً، مثل كبار السن والنساء والصبيان والمرضى والعاجزين والرهبان المنقطعين.

قال ابن قدامة: ويجوز قتل النساء والصبيان في البيات وفي المطمورة إذا لم يتعمد قتلهم منفردين، ويجوز قتل بهائمهم يتوصل به إلى قتلهم وهزيمتهم، وليس في هذا خلاف. ( المغني والشرح 10 / 503).

وقال (ويجوز تبييت العدو، قال أحمد بن حنبل لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلا البيات، قال ولا نعلم أحداً كره البيات (المغني والشرح 10 / 503)

الحالة الثانية: أو هم من الذين لم يباشروا القتال مع دولهم المحاربة، لكنهم معينون لها بالمال أو الرأي، فهؤلاء لا يسمون أبرياء، بل محاربين ومن أهل الردء ( أي المعين والمساعد ) .

قال ابن عبدالبر -رحمه الله- في الاستذكار : لم يختلف العلماء فيمن قاتل من النساء والشيوخ أنه مباح قتله، ومن قدر على القتال من الصبيان وقاتل قتل . الاستذكار (14 / 74).

ونقل الإجماع أيضا ابن قدامة رحمه الله في إباحة قتل النساء والصبيان وكبار السن إذا أعانوا أقوامهم , وقال ابن عبدالبر رحمه الله: وأجمعوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل دريد بن الصمة يوم حنين؛ لأنه كان ذا رأي ومكيدة في الحرب، فمن كان هكذا من الشيوخ قتل عند الجميع . التمهيد (16 / 142).

الحالة الثالثة: أن يكونوا من المسلمين، فهؤلاء لا يجوز قتلهم ما داموا مستقلين، أما إذا اختلطوا بغيرهم، ولم يمكن إلا قتلهم مع غيرهم جاز، ويدل عليه مسألة التترُّس وسبق الكلام عنها.

الجواب:

وقد أجاب أهل العلم على هذه الشبهة بقولهم :

إن مما نحمده للسائل لياذه بكلام أهل العلم، ونقل نصوص من عباراتهم، وهو منهج إذا اكتمل واضطرد وحسن معه القصد أفضى بصاحبه إلى طريق الصواب، وإن من أهم ما ينبه إليه طالب العلم ضرورة ضم النصوص بعضها إلى بعض، والصدور عن دلالتها مجتمعة، وعدم ضرب بعضها ببعض، أو الانتقاء منها بإعمال بعضها والإعراض عن بعض، ولهذا ألّف العلماء في الجمع بين النصوص والتوفيق بين دلالاتها وتنـزيل كل نص على ما يناسبه، وكذلك كلام أهل العلم فإنه يُجمع بعضه إلى بعض، ويصدر عن مجموعه ولا يعامل باجتزاء منقوص وإنما باستقراء متكامل، ولذا فإن دلالة هذه النقول المذكورة في السؤال لا بد أن تُستكمل بذكر النصوص الشرعية الأخرى في هذه المسألة وكلام أهل العلم عليها، وأن يتكون الرأي بعد البحث والنظر، لا أن ينطلق الإنسان في بحثه ليحشد لرأي قد حسمه وفرغ منه، وإن كان منطلقه عاطفة جيّاشه وحميّة صادقة، فالمقام مقام امتحان القلوب للتقوى، وصدق التحري لمراد الله –عز وجل-، والخضوع والتسليم لحكمه، وبذلك يكتمل النظر، ويتحقق –بتوفيق الله- الوصول إلى الحق بتجرد وإنصاف.

فإذا نظرنا بهذا النظر إلى هذه المسألة فإنا نجد أصلاً عاماً قررته النصوص الشرعية ببيان جلي، وهو تحريم قتل النساء والأطفال ومن ليس من أهل القتال منها:

1- قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

قال القرطبي (2/348): قال ابن عباس وعمر بن عبدالعزيز ومجاهد هي محكمة، أي قاتلوا الذين هم بحالة من يقاتلونكم، ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان والرهبان وشبههم.

2- عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: (إن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مقتولة فأنكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قتل النساء والصبيان) أخرجه البخاري (3014) ومسلم (1744)، قال النووي في شرح مسلم (12/73):"أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم قتل النساء والأطفال إذا لم يقاتلوا.

3- عن سلمان بن بردة قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه ثم قال: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً...)) رواه مسلم (1731).

4- عن رياح بن ربيع قال: كنا مع النبي –صلى الله عليه وسلم- في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شيء فبعث رجلاً فقال: انظر إلى ما اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: على امرأة قتيل، فقال: ((ما كانت هذه لتقاتل))، وعلى المقدمة خالد بن الوليد، قال: فبعث رجلاً فقال: ((قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفاً)) أخرجه أبو داود (2324) وصححه الألباني.

فاستنكر النبي –صلى الله عليه وسلم- قتل المرأة، وبين سبب استنكاره وهو كونها ليست من أهل القتال، فقرن النبي –صلى الله عليه وسلم- كونها لا تقاتل بمنع قتلها، فدل على أن علة القتل هي القتال.

وكذا ذكره –صلى الله عليه وسلم- العسيف، وهو الأجير لحفظ المتاع والدواب فلا يقتل إلا إن قاتل، وبناءً عليه فكل مستأجر لأعمال غير قتالية لا يجوز قتله ولو حضر لأرض المعركة.

5- عن أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- أنه خرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أميراً على جيش فقال لهإنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حبسوا أنفسهم له). أخرجه مالك (973).

6- عن عمر –رضي الله عنه- أنه قال: (اتقوا الله في الفلاحين). أخرجه البيهقي (9/19).

إن هذه النصوص مجتمعة تدل على أن القتال إنما هو لأهل المقاتلة والممانعة، أما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة فلا يقتل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وإذا كان أصل القتال المشروع في الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} انتهى مختصراً من مجموع الفتاوى (28/354).

إن هذه النصوص من كلام الله عز وجل، وكلام رسوله –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وعلماء الأمة الراسخين متواردة على حرمة دم من ليس من أهل القتال، وأنها مصانة بحكم جليّ واضح، فإذا وجد من النصوص ما يظن أن ظاهره يخالف هذا جمع بين هذه النصوص بحيث تأتلف ولا تختلف قائلين (آمنا به كل من عند ربنا)، عائذين بالله أن نشابه من يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.

ولذلك فإن هذه النصوص المتظاهرة لا يمكن أن تعطل دلالتها، ويبطل معناها بحديث التبييت المشهور.

فإن الاستدلال بحديث (التبييت) المروي في البخاري (3021) ومسلم (1745) عن الصعب بن جثامة – رضي الله عنه - على إباحة قتل الأبرياء من الكفار غير المحاربين استدلال بالشيء في غير موضعه، فلا يصح من وجهين:

الوجه الأول: أن الذين أجاز النبي تبييتهم -ولو أصيب نساؤهم وأطفالهم- إنما هم الكفار المحاربون الذين يقيمون في ديار الحرب، وليس بينهم وبين المسلمين ميثاقٌ ولا عهد، فيدخل النساء والذراري تبعاً. بخلاف هؤلاء المستهدفين في المجمعات السكنية، فهم معاهدون معصومون.

ولذا جاء في لفظ الحديث : "سئل عن الذراري من المشركين". وهؤلاء الأبرياء الذين قتلوا في التفجيرات

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18-04-2005, 01:33 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

قصة أبي بصير مع المشركين

الشبهة:

احتجاجهم بأنه ليس في عنقهم بيعة لأحد ممن أعطى هؤلاء العهد فلا يلزمنا هذا العهد بالأمان أو الذمة:

حيث قالوا : إن المجاهدين ـ أو ما تسميه أمريكا تنظيم القاعدة ـ ليس بينهم وبين أمريكا عهد، فيجوز لهم قتالهم، قال ابن القيم: "ومنها: أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام، فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم ولم يتحيزوا إلى الإمام لم يجب على الإمام دفعهم عنهم ومنعهم منهم، وسواءً دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه، أو لم يدخلوا. والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم . وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهد جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد، كما أفتى به شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية -قدس الله روحه- نصارى ملطية وسبيهم، مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين)".

الجواب:

وأجاب أهل العلم على هذه الشبهة بقولهم:

صحيح أن المجاهدين أو ما يسمى بـ"تنظيم القاعدة" ليس بينهم وبين أمريكا عهد ولا ذمة، فيجوز لهم قتال الجنود الأمريكان اللذين غزوهم واحتلوا ديارهم، ولكن لا يجوز لهم قتال الأمريكان المدنيين في بلادٍ لهم فيها عهد وأمان حتى يخرجوا منها.

أما أبو بصير -رضي الله عنه- حينما قاتل كفار قريش، فإنه لم يقاتلهم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي محلُ أمان لمن تحيَّز إليها منهم؛ لأنهم فيها معصومون مستأمنون.

بل لم يقتل أبو بصيرٍ رسولَ قريش حين رآه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا الرسول قد فرّ من أبي بصير بعد أن قتل أبو بصير صاحبَه، مع أنه لم يكن ثمة عهد بينه وبين هذا الرجل. فالذي منعه من هذا هو أن الرجل قد تحيَّز إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وهذا التقييد مستفادٌ من النص ذاته، المنقول عن ابن القيم رحمه الله، حيث قال: "ومنها ـ أي من فوائد قصة أبي بصيرـ : أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم ولم يتحيزوا إلى الإمام لم يجب على الإمام دفعهم عنهم ومنعهم منهم، وسواءٌ دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه، أو لم يدخلوا. والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم".

فنلحظ أن ابن القيم قد قيَّد جوازَ قتلِ الطائفة التي لم تدخل في عقد الإمام وعهده (كأبي بصير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) للمعاهدين بألاّ تتحيَّز الطائفة إلى الإمام؛ إذ من مقتضى المعاهدة والأمان أن يحمي الإمام المعاهدين من أي اعتداء عليهم متى كانوا في سلطانه.

وهذا صريح في استقلال كل دولة أو جماعة بذمتها وعهودها، ولذا لم يكن مشروعاً للذين ليس بينهم وبين الأمريكان عهد أن يعتدوا عليهم في بلادٍ لهم مع أهلها عهدٌ وذمة.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18-04-2005, 01:34 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

مفاهيم الجهاد


تعريف الجهاد

كلمة لها وقعها في الآذان والنفوس بل وأصبح لها وقعها المميز حتى عند غير أهل اللغة - أي العرب أنفسهم - من أصحاب اللغات الأخرى الأجنبية وأصبحت عندما تذكر تتفاعل معها النفوس وتتهيأ الأذهان لاستدعاء صور مخصوصة بعينها تتعلق بهذه اللفظة فهل نحن حقا نعرف عن الجهاد ما يكفي لكي نكون ملمين بمدلوله ومراده وحقيقته أم أننا في ذلك نترك المجال مفتوحا أمام كل من هب ودب سواء كان من المسلمين أو غيرهم ليدلي لنا بفهمه الخاص ويمليه علينا مقنعا إيانا أن هذا هو الفهم السليم وأن ما عداه باطل مشوه لحقيقة هذه الكلمة عظيمة المدلول.

إن مأساتنا نحن المسلمين إنما تكمن على الحقيقة في دخولنا في أعوص المسائل وأقوى النقاشات ونحن لم نحرر مقاصد ألفاظنا ومرادات تعبيراتنا وبذا يبدأ النقاش وينتهي ونحن ما زلنا بعد لم نتفق ولم نلتق ولذا لا يصح أن نتغافل نحن معشر المسلمين عن الخطوة الأولى في الحوار حول أي موضوع أو النقاش في أي قضية ألا وهو تحرير المصطلحات وبيان المراد منها حتى لا يغني كل طرف منا في واد ولا يسمعه صاحبه.

إن المتعامل مع نصوص الشريعة الغراء الكاملة لابد له أن يفهم مراد ألفاظ الشارع الكريم التي استخدمها في هذه النصوص على مراد الله تعالى لا على مراد غيره لأنه المعبود بهذه الألفاظ ولابد له بعد ذلك من الوقوف على هذه النصوص فلا يفسرها بهواه أو سابق فهمه بل هو يستقي منها مقاييس الصواب والخطأ والمفروض وغير المفروض من الأقوال والأفعال فينساق لمراد الله تعالى فيها فتكمل له منازل العبودية الرفيعة وينال منها أعلاها.

لقد درج علماؤنا في التعامل مع الألفاظ الواردة في نصوص الشريعة على سلوك طريق تعريف اللفظ في اللغة العربية عند أهل الاصطلاح من أهل اللغة ثم تناول هذا التعريف في اصطلاح علماء الشريعة وهو ما يعبر عنه بالتعريف الشرعي الخاص باللفظ وبذا تكون معاني اللفظ قد تم استيعابها فأما من حيث اللغة فلأن الله تعالى إنما أنزل أحكام الشريعة باللغة العربية فمرادات الألفاظ في اللغة العربية لابد من اعتبارها عند النظر في دلالات هذه الألفاظ واما من حيث التعريف الشرعي فهو التعريف الذي بدت معالمه واضحة في أحكام الشريعة ونصوصها وبان أنه المراد من خطاب الله تعالى لعباده بهذا الأمر وقد استقرأه علماء الشريعة من مجمل ومفصل النصوص الشرعية وقد يتفق التعريفان اللغوي والشرعي وقد يفترقان ولكن هذا لا ينفي أن دلالات اللفظ اللغوية لا بد أن تنعكس ظلالها على معنى اللفظ الشرعي فتزيد من مساحته وتوسع من معانيه.

وتعال بنا الآن نتعرف على هذه دلالات هذه الكلمة جليلة القدر عظيمة الشأن " الجهاد ":

أولا: المعنى اللغوي:

تدور دلالة كلمة الجهاد لغة حول المعاني :

1 ـ بذل واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل.

2 ـ الجهاد مصدر جاهد جهاداً ومجاهدةً، وجاهد فاعل من جَهَدَ إذا بالغ في قتل عدوّه وغيره، ويقال : جَهَدَه المرض، وأجهده إذا بلغ به المشقة، وجَهَدت الفرس، وأَجْهَدتُه إذا استخرجت جُهده، والجهد بالفتح المشقة، والضم الطاقة، وقيل : يقال بالضم وبالفتح في كلِّ واحدٍ منهما فمادة ج هـ د حيث وُجدت ففيه معنى المبالغة.

3 ـ قال الراغب في مفردات القرآن: (الجَهْد والجُهْد: الطاقة والمشقة· وقيل الجَهْد بالفتح: المشقة، والجُهْد: الوسع) وقال ابن حجر: (والجهاد بكسر الجيم: أصله لغة: المشقة) .

وبذا نرى أن تعريفات أهل العلم رحمهم الله تعالى لمعنى الجهاد اللغوي تدور حول مجموعة معان وهي:

1. بذل أقصى الوسع والطاقة والجهد.

2. المشقة.

3. المبالغة.

4. المدافعة حيث لا بد من طرف آخر ليجاهده.

فكلمة "الجهاد" لها مدلول عميق، وبنظرة سريعة المعاني التي ذكرها العلماء يتضح لنا كمثال أن المعنى اللغوي لكلمة "جهاد" مشتق أصلاً من كلمة: "جَهد"، وهي تدل على بذل الجهد، واستفراغ الوسع والطاقة في أمر من الأمور، فأنت تقول: فلان أجهدَ فلانًا، يعني: أتعبه، وفلان اجتهد في كذا، يعني: بذل جهده وغايته. فإذا أضفنا إلى أصل معنى كلمة "جهد" لفظ "الجهاد" أو "المجاهدة" الذي يدل على مفاعلة بين طرفين، يعني هناك من يبذل جهده ضدك، وأنت تبذل جهدك ضده، مثل المقاتلة، ففرق بين أن تقول: فلان قتل فلانًا، وبين أن تقول: فلان قاتل فلانًا، فالأولى تحتمل المعنى أنه وجده نائمًا فقتله، لكن قوله: قاتله معناه أن هذا كان معه سيف -مثلاً-، والآخر معه سيف كذلك، فتلاقيا، ومازال كل واحد منهما يكرُّ ويفرُّ، ويميل يمنة ويسرة على الآخر، حتى أمكن منه فقاتله ثم قتله وهو معنى له دلالته اللغوية التي تنعكس ولابد على الدلالة الشرعية.

إذن "جاهد" تدل على أن هناك طرفًا آخر يقاتل المسلمين، ويؤذيهم ويحاربهم ويكيد لهم، والمسلمون مطالبون بأن يواجهوا هذا بالجهاد والمجاهدة، مثل قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران:200]، فقوله: (اصْبِرُوا) يقتضي أن الإنسان يصبر على ما يناله وما يصيبه، لكن قوله: (وصابِرُوا) معناه أنه لا يكفي الصبر؛ بل لابد من المصابرة، بمعنى أنكم ستلقون أعداء يصبرون كما تصبرون، فصابروا صبرًا فوق صبرهم.

ثانيا: المعنى الشرعي:

تتراوح تعريفات العلماء للجهاد بين متوسع ومضيق سواء لمعناه هو أو لمن يتوجه إليه الجهاد على الوجه التالي:

1. هو بذل الجهد من المسلمين في قتال الكفار، والبغاة، والمرتدين ونحوهم.

2. هو بذل الجهد في قتال الكفار خاصة بخلاف المسلمين من البغاة وقطاع الطريق وغيرهم .

3. قال الحافظ "الجهاد شرعاً بذل الجهد في قتال الكفار ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفسّاق ، فأما مجاهدة النفس فعلى تعلّم أمور الدين ثم على العمل بها ثم تعليمها وأما مجاهدة الشيطان فعلى ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب وأما مجاهدة الفسّاق فباليد ثم اللسان ثم القلب".

4. المعنى الشرعي عند أغلب الفقهاء هو قتال المسلمين للكفار بعد دعوتهم إلى الإسلام أو الجزية وإبائهم

فهو عند الأحناف: (بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله عز وجل بالنفس والمال واللسان أو غير ذلك أو المبالغة في ذلك)(4).وأنه: (الدعاء إلى الدين الحق وقتال من لم يقبله).

وعند المالكية هو: (قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله تعالى).

وعند الشافعية كما قال الحافظ ابن حجر: (وشرعًا: بذل الجهد في قتال الكفار).

وعند الحنابلة: (قتال الكفار).

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تعريف عام للجهاد قال فيه: "والجهاد هو بذل الوسع والقدرة في حصول محبوب الحق، ودفع ما يكرهه الحق" وقال أيضاً: "··· وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان".

وبذا يتضح أن الجهاد في تعريفه الشرعي عند العلماء ينحصر عند أغلب الفقهاء بالنسبة لمن يتجه إليه في قتال الكفار وهذا هو تعريف الجهاد عند الإطلاق وهناك أنواع أخرى أطلق عليها الشارع اسم الجهاد مع خلوها من القتال كجهاد المنافقين، وجهاد النفس وهو يتسع ليدخل فيه الجهاد باليد واللسان والقلب.

وتحت هذا المعنى العام للجهاد يدخل أنواع ( من يتوجه إليه الجهاد ) وهي:

1. جهاد النفس في طاعة الله تعالى وترك معاصيه.

2. جهاد الشيطان.

3. جهاد المنافقين.

4. جهاد الكفار، ومن ذلك جهاد البيان والبلاغ، ومدافعة الفساد والمفسدين؛ بل إن جهاد الكفار بالسنان إن هو إلا جزء من القيام بفريضة الأمر بالمعروف الأكبر وهو نشر التوحيد والنهي عن المنكر الأكبر وهو الشرك بالله والكفر به وذلك بعد دعوة الكفار إلى التوحيد ورفضهم له أو لدفع الجزية

أما بالنسبة لدرجات الجهاد أو أنوعه فيما يتعلق به خاصة فهي:

1. جهاد السنان واليد والقتال.

2. جهاد اللسان.

3. جهاد القلب.

وجهاد الكفار ينقسم إلى قسمين هما:

1. جهاد الدفع.

2. جهاد الطلب على تفصيل سنتناوله في موضعه.

ومع وضوح كل من المعنى اللغوي والشرعي للفظ الجهاد تتحدد صورة تداولنا للمصطلح وتعاملنا معه في دائرة حوارنا ونقاشاتنا حتى يكون هذا الحوار على أرضية واضحة ثابتة تصل إلى نتائج مثمرة بإذن الله تعالى .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18-04-2005, 01:35 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

أخلاقيات الجهاد في الإسلام

لما كان الإسلام دين الحياة بكل تفاصيلها وأوقاتها وأحوالها في السلم والحرب فقد أمر الله عز وجل في كتابه الكريم ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة - أمر المسلم بالعدل والرحمة علاقاته مع الآخرين بما فيهم أعداؤه ومن يقاتلهم ،و لم يطلق الإسلام يد أتباعه في جهادهم ضد أعدائهم ، بل وضع لهم أعظم الدساتير التي عرفها الكون على مر الدهور والعصور ، دستوراً ملؤه الرحمة والعدل والقسط لأن هذا الدين لم يضعه البشر بل هو من عند الله رب العالمين ، فكان هذا الدين عدلاً وقسطاً ورحمة للعالمين . ولم يعرف التاريخ مثل هذه الأخلاقيات التي يلزم بها دين أتباعه في قتالهم لعدو الله وعدوهم كما عرفها أخلاقا نظرية وواقعا حيا يمارسه المسلمون في جهادهم وقتالهم ، فالحرب في الإسلام مقدسة فاضلة في الباعث عليها وفي ابتدائها وسيرها وانتهائها ومعاملة المغلوبين فيها.. حرب عادلة لاتبيح قتل أحد لا يقاتل.. وتمنع إتلاف الزرع والشجر وتخريب العمران، تستمد نظامها من عند الله لا من قوانين الغابة في الأرض ولا من تحكم القوى في الضعيف، الباعث عليها نصت عليه الآية (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) و(قاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله )، فالقتال لدفع الاعتداء، ودفع الفتنة وإعلاء كلمة الله وحده وإقامة دينه، ، فالقتال لمنع الفتنة حتى إذا انتهت انتهى القتال، والأصل في القتال التحريم إلى أن يكون هناك سبب له وهو الاعتداء والإسلام لا يقصد بالقتال الاستيلاء على الأرض أو التحكم في الرقاب أو في مصائر العباد.

فمن أخلاقيات الجهاد في الإسلام :

1) عدم جواز قتل النساء والأطفال:

هناك أصل عام قررته النصوص الشرعية ببيان جلي، وهو تحريم قتل النساء والأطفال ومن ليس من أهل القتال منها:

1- قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

قال القرطبي (2/348): قال ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد هي محكمة، أي قاتلوا الذين هم بحالة من يقاتلونكم، ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان والرهبان وشبههم.

وعن الحسن البصري : المراد بذلك النهي عن ارتكاب المناهي من المثلة والفلول وقتل النساء والشيوخ الذين لا قدرة لهم على القتال ، وكذلك النهي عن قتل الرهبان وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة وفي الآية نهي مطلق يفيد التحريم عن قتال من لم يقاتل من النساء والأولاد والشيوخ والرهبان.

2- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "إن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان".

قال النووي في شرح مسلم (12/73): "أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم قتل النساء والأطفال إذا لم يقاتلوا".

3- عن سلمان بن بردة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه ثم قال: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً...)).

4- عن رياح بن ربيع قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شيء فبعث رجلاً فقال: انظر إلى ما اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: على امرأة قتيل، فقال: ((ما كانت هذه لتقاتل))، وعلى المقدمة خالد بن الوليد، قال: فبعث رجلاً فقال: ((قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفاً)).

فاستنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل المرأة، وبين سبب استنكاره وهو كونها ليست من أهل القتال، فقرن النبي -صلى الله عليه وسلم- كونها لا تقاتل بمنع قتلها، فدل على أن علة القتل هي القتال.

وكذا ذكره -صلى الله عليه وسلم- العسيف، وهو الأجير لحفظ المتاع والدواب فلا يقتل إلا إن قاتل، وبناءً عليه فكل مستأجر لأعمال غير قتالية لا يجوز قتله ولو حضر لأرض المعركة.

5- عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه خرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أميراً على جيش فقال لهإنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حبسوا أنفسهم له) .

6- عن عمر -رضي الله عنه- أنه قالاتقوا الله في الفلاحين).

فهذه النصوص مجتمعة تدل على أن القتال إنما هو لأهل المقاتلة والممانعة، أما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة فلا يقتل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وإذا كان أصل القتال المشروع في الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

وسيأتي الرد على احتجاج البعض بحديث التبييت على جواز قتلهم مطلقا تبعا لا أصالة عند الرد على شبهات القائمين بأعمال التفجير في ديار الإسلام واستهداف النصارى المقيمين في ديار الإسلام بدعوى أنهم محاربون.

2) عدم جواز قتل الأعمى ولا الزمنى ولا الراهب ولا العبد ولا الفلاحين ولاغيرهم ممن ليس من أهل الممانعة ولا المقاتلة:

وقد تقدم بعض أدلة هذه المسألة في المسألة السابقة ،وكذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية. ونسوق طائفة أخرى من أقوال أهل العلم في ذلك :

قال الإمام مالك: لا يقتل النساء والصبيان والشيخ الكبير والرهبان والمجوسيين في الصوامع والديارات.

و قال شمس الدين بن قدامة المقدسي: إذا ظفر بالكفار لم يجز قتل صبي لم يبلغ بغير خلاف، ولا تقتل امرأة ولا هرم ولا شيخ فان وبذلك قال مالك وأصحاب الرأي، أما الفلاح الذي لا يقاتل فينبغي أن لا يقاتل لما روى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: اتقوا الله في الفلاحين الذين لا يناصبونكم الحرب. وقال الأوزاعي: لا يقتل الحراث.

قال الشوكاني: لا يجوز، مثل من كان متخليًا للعبادة من الكفار كالرهبان لإعراضهم عن ضرر المسلمين.

قال صاحب كتاب الهداية الحنفي: لا يقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا فانيا ولا مقعدا ولا أعمى، لأن المبيح للقتل عندنا هو الحراب، ولا يتحقق منهم، ولهذا لا يقتل يابس الشق "الشلل النصفي" والمقطوع اليمنى والمقطوع يده ورجله من خلاف، ولا يقتلوا مجنونا والمشهور عند المالكية أن الصناع لا يقتلون.

3) حرمة قتل المدنيين الذين ليسوا من أهل المقاتلة والممانعة:

اختلف العلماء في علة قتال المشركين: أهي الكفر أم هي الانتصاب للقتال؟

ذهب الجمهور إلى أن العلة الانتصاب للقتال، أما الشافعية فيرون أن العلة هي الكفر.

وأجاب الجمهور أنه لو كانت العلة هي الكفر فإن هذه العلة موجودة في النساء والرهبان والشيوخ والزمني والأعمى، وهؤلاء وردت النصوص بمنع قتلهم في الحرب كما سبق وبينا.

كما احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما مر على المرأة المقتولة: ((ما كانت هذه تقاتل)) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم علة النهي عن قتلها أنها لا تقاتل ولو كانت علة قتل الكفار وهو كفرهم لأمر النبي بقتلها لأنها كافرة!

وكذا قول عمر بن الخطاب: (اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب) فجعل علة عدم قتلهم أنهم لا يشاركون في الحرب.

فكل الأصناف السابقة المنهي عن قتالهم من النساء والصبيان والشيوخ والزمني والرهبان كلهم اشتركوا في علة واحدة هي عدم مشاركتهم في القتال وعدم انتصابهم إليه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمني ونحوهم فلا يقتلون عند الجمهور إلا أن يقاتل بقوله أو بفعله وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان، والأول هو الصواب؛ لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله، وذلك أن الله أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191].

أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر، فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه أهـ.

4) لا يجوز التمثيل بجثث القتلى:

وردت عدة أحاديث في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة نقلها عنه جمع من أصحابه، منهم:

بريدة بن الحصيب، وعمران بن الحصين، وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وسمرة بن جندب، والمغيرة بن شعبة، ويعلى بن مرة، وجرير بن عبد الله، وعبد الله بن يزيد، وأسماء بنت أبي بكر رضوان الله عليهم أجمعين، فمن ذلك:

ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النهبة والمثلة.

وما أخرجه أحمد ومسلم والأربعة عن بريدة رضي الله عنه مرفوعاً: (اغزوا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً... الحديث).

وما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبَّان عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة)، وقد رواه البخاري عن قتادة إثر قصة العرنيين مرسلاً.

وما أخرجه أحمد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله عن المثلة).

وما أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعثنا رسول الله في بعث، فقال: إن وجدتم فلاناً وفلاناً لرجلين فأحرقوهما بالنار، ثم قال حين أردنا الخروج: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما"، وفي بعض ألفاظ الحديث: (وإنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله).

وثمَّة نصوص أخرى تفيد النهي عن التمثيل بالحيوان أيضاً ليس هذا مجال ذكرها.

قال ابن عبد البر في "الاستذكار": (والمثلة محرَّمة في السنة المجمع عليها، وهذا بعد الظفر، وأما قبله فلنا قتله بأي مثلة أمكننا) نقلاًً عن "مواهب الجليل".

وقال ابن عابدين في حاشيته: (نهينا عن المثلة بعد الظفر، أما قبله فلا بأس بها اختياراً).

إلا أن البعض يقيد ذلك بألا يمكن قتلهم أي قبل الظفر إلا بالمثلة بهم، وذلك بتحريقهم ونحوه.

وذهب بعض أهل العلم إلى جواز المثلة إذا كان ذلك على سبيل القصاص

واحتج بالأدلة التالية:

أولاً: قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126].

قال الشعبي وابن جريج: (نزلت في قول المسلمين يوم أحد فيمن مثِّل بهم لنمثِّلن بهم، فأنزل الله فيهم ذلك).

وقال القرطبي: (أطبق جمهور أهل التفسير على أن هذه الآية مدنية، ونزلت في شأن التمثيل بحمزة يوم أحد، ووقع ذلك في صحيح البخاري في كتاب السير، وذهب النحَّاس إلى أنها مكية، والمعنى متصل بما قبلها من المكي اتصالاً حسناً؛ لأنها تتدرج الرتب من الذي يدعى ويوعظ، إلى الذي يجادل، إلى الذي يجازى على فعله، لكن ما روى الجمهور أثبت، روى الدار قطني عن ابن عباس قال: لما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى منظرًََا ساءه، رأى حمزة قد ُشق بطنه، واصُطِلم أنفه، وجُدعت أذناه، فقال؛ "لولا أن يحزن النساء أو أن تكون سنة بعدي لتركته حتى يبعثه الله من بطون السباع والطير، لأمثِّلن مكانه بسبعين رجلاً"، ثم دعا ببردة وغطى بها وجهه فخرجت رجلاه، فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه، وجعل على رجليه الإذخر، ثم قدمه فكبر عليه عشراً، ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة، وكان القتلى سبعين، فلما دفنوا وفرغ منهم نزلت هذه الآية {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125]، إلى قوله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127]، فصبر ولم يمثل بأحد)، وكذا أخرجه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه بإسناده عن أبيّ بن كعب بنحو هذه القصة.

قال شيخ الإسلام: (أما التمثيل في القتل فلا يجوز إلا على وجه القصاص، وقد قال عمران بن حصين رضي الله عنه: ما خطبنا رسول الله خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة، حتى الكفار إذا قتلناهم فإنا لا نمثل بهم ولا نجدِّع آذانهم ولا نبقر بطونهم، إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا فنفعل بهم ما فعلوا، والترك أفضل كما قال تعالى؛ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ...}[النحل: 126]، قيل؛ إنها نزلت لما مثَّل المشركون بحمزة وغيره من شهداء أحد، فقال: لئن ظفرني الله بهم لأمثِّلن بضعفي ما مثلوا بنا، فأنزل الله هذه الآية، وإن كانت قد نزلت قبل ذلك بمكة... ثم جرى بالمدينة سبب يقتضي الخطاب فأنزلت مرة ثانية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل نصبر)).

ونقل صاحب الفروع عن الإمام أحمد أنه قال: (إن مثَّلوا مُثل بهم) - ذكره أبو بكر -

وقال شيخ الإسلام -: (المثلة حق لهم، فلهم فعلها للاستيفاء وأخذ الثأر، ولهم تركها والصبر أفضل، وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد، ولا يكون نكالاً لهم عن نظيرها، فأما إن كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان، أو زجر لهم عن العدوان، فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع، ولم تكن القضية في أُحُد كذلك؛ فلهذا كان الصبر أفضل، فأما إن كانت المثلة حق لله تعالى فالصبر هناك واجب، كما يجب حيث لا يمكن الانتصار ويحرم الجزع).

ثانياً: ما جاء في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: (أن قوماً من عكل وعرينه اجتووا المدينة فأمرهم النبي بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الذود، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم).

قال الباجي رحمه الله تعالى: (أما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالعرنيين الذين قتلوا رعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا نَعَمَه، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، فقد روى سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه؛ أنهم كانوا فعلوا بالرعاء مثل ذلك، ومثل هذا يجوز من مثَّل بمسلم أن يُُمثَّل به على سبيل القصاص).

يشير الإمام الباجي رحمه الله تعالى إلى ما أخرجه مسلم في صحيحه بإسناده عن سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه قال: (إنما سَمَل النبي أعين أولئك؛ لأنهم سَمَلوا أعين الرعاة).

وقال القاضي عياض: (اختلف العلماء في معنى حديث العرنيين هذا، فقال بعض السلف؛ كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة فهو منسوخ، وقيل؛ ليس منسوخاً وفيهم نزلت آية المحاربة، وإنما فعل بهم النبي ما فعل قصاصاً؛ لأنهم فعلوا بالرعاة مثل ذلك، وقد رواه مسلم في بعض طرقه، ورواه ابن إسحاق وموسى بن عقبة وأهل السير والترمذي، وقال بعضهم؛ النهي عن المثلة نهي تنزيه ليس بحرام) .

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": (ومال جماعة منهم ابن الجوزي على أن ذلك وقع عليهم على سبيل القصاص؛ لما عند مسلم من حديث سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه قال؛ إنما سمل النبي أعينهم؛ لأنهم سملوا أعين الرعاة...)، إلى قوله: (وتعقبه ابن دقيق العيد بقوله؛ إن المثلة وقعت من جهات وليس في الحديث إلا السمل.

قلت – أي ابن حجر –؛ كأنهم تمسكوا بما نقله أهل المغازي أنهم مثَّلوا بالراعي.

وذهب آخرون إلى أن ذلك منسوخ.

قال ابن شاهين عقب حديث عمران بن حصين رضي الله عنه في النهي عن المثلة؛ (هذا الحديث ينسخ كل مثلة، وتعقبه ابن الجوزي بأن ادعاء النسخ يحتاج إلى تاريخ).

5) عدم جواز قتل رسل الأعداء:

وقد نقل المطيعي الإجماع على تحريم قتل رسول الأعداء.

قال الشيرازي: "لا يقتل رسولهم لما روى أبو وائل قال: لما قتل عبد الله بن مسعود ابنة النواحة قال: إن هذا وابن أثال قد كانا أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولين لمسيلمة الكذاب فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهدون أني رسول الله؟ قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت قاتلاً رسولاً لضربت أعناقكما فجرت سنة أن لا تقتل الرسل"اهـ.

قال ابن قدامة: لأن الحاجة تدعو إلى الله فإنا لو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت مصلحة المراسلة أهـ.

6) لا يقاتل الكفار والمشركين قبل دعوتهم إلى الإسلام:

فلا يجوز قتال الكفار والمشركين قبل دعوتهم إلى الإسلام للأدلة التالية:

1ـ عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين خيرًا، وقال له: ((إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم)).

قال ابن قدامة: "من لم تبلغه الدعوة يدعى قبل القتال ولا يجوز قتالهم قبل الدعاء".

قال الشيرازي: فإن كان العدو ممن لم تبلغهم الدعوة لم يجر قتالهم حتى يدعوهم إلى الإسلام لأنه لا يلزمهم الإسلام قبل العلم والدليل عليه قوله عز وجل: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15]. ولا يجوز قتالهم على ما لا يلزمهم".

قال الخرقي: "ويدعي عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا".

وقال ابن قدامة في الشرح: "إن وجد منهم من لم تبلغه الدعوة دعي قبل القتال، وكذلك إن وجد من أهل الكتاب من لم تبلغه الدعوة دعى قبل قتاله"اهـ.

جاء في تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار: "ولا يحل لنا أن نقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام ولا ينبغي قتالهم حتى يدعوهم إلى الجزية".

قال الشيخ المحلي في شرحه على منهاج الطالبين للنووي: "ولا يقاتل الإمام البغاة حتى يبعث إليهم أمينًا يسألهم ما ينقمون، بأن يعظهم ويأمرهم بالعودة إلى الطاعة، ثم إن لم يرجعوا أعلمهم بالقتال"أهـ.

قال الشيخ شهاب الدين في الحاشية شارحًا لما سبق قوله "ولا يقاتل الإمام" أي لا يجوز حتى يبعث إليهم.

7) عدم جواز الغدر والخيانة ونقض العهد:

لايوجد دين يحث أتباعه على الوفاء بعهودهم واحترام مواثيقهم مثل دين الإسلام ، ولم يجعل ذلك قاصرا على التعامل بين أتباعه فحسب بل أيضا بينهم وبين أعدائهم فقال سبحانه: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58] وهذا مع الأعداء المحاربين الذين يخشى غدرهم فكيف بمن دونهم؟!! والنصوص في ذلك متوافرة متكاثرة فمنها :

1- قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء:107].

قال الطبري رحمه الله: "يقول: إن الله لا يحب من كان من صفته خيانة الناس في أموالهم، وركوب الإثم في ذلك وغيره مما حرمه الله عليه".

وقال القرطبي: "روي أنها نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة، أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار ويغتال ويغدر ويحتال، فنزلت هذه الآية إلى قوله: {كَفُورٍ}، فوعد فيها سبحانه بالمدافعة، ونهى أفصحَ نهي عن الخيانة والغدر. وقد مضى في الأنفال التشديد في الغدر، وأنه ينصب للغادر لواء عند استه بقدر غدرته يقال: هذه غدرة فلان".

2- وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء:34].

قال ابن كثير رحمه الله: "قوله: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} أي: الذي تعاهدون عليه الناس، والعقود التي تعاملونهم بها؛ فإن العهد والعقد كل منهما يسأل صاحبه عنه، {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} أي: عنه".

3- وقال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِين} [يوسف:52].

قال القرطبي رحمه الله: "معناه أن الله لا يهدي الخائنين بكيدهم".

وقال ابن سعدي رحمه الله: "فإنّ كلّ خائن لا بدّ أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بدّ أن يتبين أمره".

4- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة)) .

قال المناوي رحمه الله: "((فإنها بئست البِطانة)) بالكسر، أي: بئس الشيء الذي يستبطنه من أمره ويجعله بطانة. قال في المغرب: بطانة الرجل أهله وخاصته مستعار من بطانة الثوب. وقال القاضي: البطانة أصلها في الثوب فاستعيرت لما يستبطن الرجل من أمره ويجعله بطانة حاله. والخيانة تكون في المال والنفس والعداد والكيل والوزن والزرع، وغير ذلك".

5- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) .

قال النووي رحمه الله: "الصحيح المختار أن معناه أن هذه الخصال خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال، ومتخلّق بأخلاقهم؛ فإن النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه، وهذا المعنى موجود في صاحب هذه الخصال، ويكون نفاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس، لا أنه منافق في الإسلام فيظهره وهو يبطن الكفر، ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا أنه منافق نفاق الكفار المخلدين في الدرك الأسفل من النار".

6- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره)) .

قال ابن تيمية رحمه الله: "فذمّ الغادر، وكل من شرط شرطا ثم نقضه فقد غدر".

7- وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا...)) .

قال النووي رحمه الله: "وفي هذه الكلمات من الحديث فوائد مجمع عليها، وهي: تحريم الغدر، وتحريم الغلول..." .

8- وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكلّ غادر لواء, فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان)).

9- وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكلّ غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة)).

قال النووي رحمه الله: " معنى: ((لكل غادر لواء)) أي: علامة يشهَر بها في الناس؛ لأن موضوع اللواء الشهرة. وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة؛ لأنّ غدره يتعدّى ضرره إلى خلق كثيرين. وقيل: لأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء".

وقال ابن حجر رحمه الله: "أي: علامة غدرته، والمراد بذلك شهرته وأن يفتضح بذلك على رؤوس الأشهاد، وفيه تعظيم الغدر سواء كان من قبل الآمر أو المأمور".

10- وعن علي رضي الله عنه قال: ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها: ((ذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرفٌ ولا عدل)) .

قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((وذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم)) المراد بالذمة هنا الأمان. معناه: أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمّنه به أحد المسلمين حرُم على غيره التعرُّض له ما دام في أمان المسلم، وللأمان شروط معروفة... وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله)) معناه: من نقض أمانَ مسلم فتعرّض لكافر أمَّنه مسلم، قال أهل اللغة: يقال: أخفرتُ الرجل إذا نقضتُ عهده، وخفرته إذا أمَّنته".

وقال ابن حجر رحمه الله: " قوله: ((ذمّة المسلمين واحدة)) أي: أمانهم صحيح، فإذا أمَّن الكافرَ واحدٌ منهم حرُم على غيره التعرّض له... وقوله: ((يسعى بها)) أي: يتولاها ويذهب ويجيء، والمعنى: أن ذمّة المسلمين سواء صدرت من واحد أو أكثر، شريف أو وضيع، فإذا أمّن أحد من المسلمين كافرا وأعطاه ذمّةً لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحرّ والعبد؛ لأن المسلمين كنفس واحدة... وقوله: ((فمن أخفر)) بالخاء المعجمة والفاء أي: نقض العهد، يقال: خفرته بغير ألف أمّنته، وأخفرته نقضت عهده".

قال ابن تيمية رحمه الله: "جاء الكتاب والسنة بالأمر بالوفاء بالعهود والشروط والمواثيق والعقود، وبأداء الأمانة ورعاية ذلك، والنهي عن الغدر ونقض العهود والخيانة والتشديد على من يفعل ذلك".

11- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) .

قال المناوي: "أي: لا تعامله بمعاملته, ولا تقابل خيانته بخيانتك فتكون مثله, وليس منها ما يأخذه من مال من جحده حقّه إذ لا تعدّي فيه, أو المراد إذا خانك صاحبك فلا تقابله بجزاء خيانته وإن كان حسنا, بل قابله بالأحسن الذي هو العفو, وادفع بالتي هي أحسن".

وقال ابن قدامة: وإذا عقد الهدنة الإمام لزمه الوفاء بها لقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]. وقال سبحانه وتعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة:4]. ولأنه لو لم يف بها لم يسكن إلى عقده، وقد يحتاج إلى عقدها.

ويقول أيضًا: "إن الأمان إذا أعطي أهل الحرب حرم قتلهم وما لهم والتعرض لهم".

و صفحات تاريخ المسلمين الحربي ناصعة البياض، خالية من الظلم والبغي والعدوان والغدر والخيانة.

رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 02:21 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع