,*, الحمد لله مات ابني ,*,
من يستطيع ذلك ؟
من يصبر عند الصدمة الأولى ؟
من يتصبّر فيقول عند نزول المصيبة وحلول الكارثة
( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .
قليل ما هم .
لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر ،
فقال : اتقي الله واصبري . قالت : إليك عني ! فإنك لم تصب
بمصيبتي ، ولم تعرفه فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم ،
فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين ،
فقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة
الأولى . رواه البخاري ومسلم .
هل تأملت العنوان ؟
الحمد لله ... مات ابني !
أهذا موطن من مواطن الحمد ؟
أيكون الحمد على المصيبة ؟
قال أبو سنان : دفنت ابني سنانا ، وأبو طلحة الخولاني جالس على
شفير القبر ، فلما أردت الخروج أخذ بيدي ، فقال : ألا أبشرك يا
أبا سنان ؟ قلت : بلى . قال : حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن
عرزب عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟
فيقولون : نعم .
فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟
فيقولون : نعم ، فيقول : ماذا قال عبدي فيقولون : حمدك واسترجع ،
فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد . رواه الإمام
أحمد والترمذي وهو حديث حسن .
وروى البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا
قبضت صفيَّهُ من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة .
حضر ابنُ السماك جنازةً فعزَّى أهلها ، وقال : عليكم بتقوى الله
والصبر ، فإن المصيبةَ واحدةٌ إن صبر لها أهلُها ، وهي اثنتان إن
جزعوا ؛ ولعمري للمصيبة بالأجر أعظم من المصيبة بالميت ،
ثم قال : لو كان مَنْ جَزِعَ على مَيِّتِهِ رُدَّ إليه لكان الصابرُ أعظمَ
أجراً وأجزل ثواباً .
تأمل قصة موسى مع الخضر – عليهما السلام – كيف قتل الخضر
غلاما صغيرا حتى قال موسى : ( أقتلت نفسا زكية ) ؟
لكن ما خفي على موسى عليه الصلاة والسلام وأظهره الله للخضر
هو حقيقة ذلك الطفل لو عاش .
قال عليه الصلاة والسلام : إن الغلام الذي قتله الخضر طـُبِـعَ كافرا ،
ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا . متفق عليه .
وهذا ما خشيه الخضر : ( فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا *
فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما (
وهذا من لطف الله بعباده ، أن خلـّـص أبويه منه حتى لا يُرهقهما
طغيانا وكفراً بالله ، بل أبدلهما خيرا منه وأزكى ، وقد ورد أنه
سبحانه أبدلهما به وخلف عليهما جارية ولدت نبياً أو أنبياء .
فسبحان من بيده ملكوت كل شيء ...
كم في طيّات الأمور من ألطاف اللطيف الخبير ؟
وكم هي العـِـبَر التي سُتِرت عن العباد ...
ولو كُشِفت لهم حجب الغيب لعلموا علم يقين أن الله أرحم
بالعباد من أمهاتهم .
ولأدركوا أن المصائب مِحَنٌ في طيّـها منح ٌ.
وصدق الله :
( لا تحسبوه شراً لكم)
|