مجالس العجمان الرسمي

العودة   مجالس العجمان الرسمي > ~*¤ô ws ô¤*~المجالس العامة~*¤ô ws ô¤*~ > مجلس الدراسات والبحوث العلمية

مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 15-08-2008, 10:46 AM
السنافي1 السنافي1 غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 3,219
معدل تقييم المستوى: 0
السنافي1 is on a distinguished road
Post جميع دروس شرح كتاب منهج السالكين

منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدِّين

للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي

المتوفَّـىٰ سنة 1376 هـ

وهذا شرح ميسّر له على حلقات


الدرس الأول من شرح كتاب منهج السالكين



قال الشيخ رحمه الله :

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

قال العبد الفقير عبد الرحمن السحيم :

الشرح :


افتتح المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز ، ولبركة هذا الاسم .

وأما حديث " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر " فهو حديث ضعيف جداً ، كما في إرواء الغليل للألباني .

ثم افتتح المصنف كتابه بخُطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح بها

قال الشيخ رحمه الله :

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،

من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له

وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
.

الشرح :

وقد تضمّنت هذه الخطبة الحمد والشهادة لله بالوحدانية ولنبيِّـه بالرسالة والاستعانة والاستغفار والتوبة .

وافتتح المصنف كتابه بهذه الخطبة لقوله عليه الصلاة والسلام : كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .

والمتأمل في هذه الخطبة يجد أن الحمد والاستعانة والاستغفار بلفظ الجمع بخلاف الشهادة .

قال ابن القيم رحمه الله : والأحاديث كلها متفقة على أن " نسعينه ونستغفره ونعوذ به " بالنون ، والشهادتان بالإفراد . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لما كانت كلمة الشهادة لا يتحملها أحد عن أحد ولا تقبل النيابة بحال أفرد الشهادة بها ، ولما كانت الاستعانة والاستعاذة والاستغفار يُقبل ذلك ، فيستغفر الرجل لغيره ، ويستعين الله له ، ويستعيذ بالله له أُتي فيها بلفظ الجمع ... وفيه معنى آخر ، وهو أن الاستعانة والاستعاذة والاستغفار طلب وإنشاء ، فيستحب للطالب أن يطلبه لنفسه ولإخوانه المؤمنين ، وأما الشهادة فهي إخبار عن شهادته لله بالواحدانية ولنبيه بالرسالة وهي خبر يُطابق عَقْد القلب وتصديقه ، وهذا إنما يخبر به الإنسان عن نفسه لعلمه بحاله ، بخلاف إخباره عن غيره ، فإنه إنما يخبر عن قوله ونطقه لا عن عَقْد قلبه ، والله أعلم . انتهى كلامه رحمه الله .

قال الشيخ رحمه الله :

أما بعد :

فهذا كتاب مختصر في الفقه ، جمعت فيه بين المسائل والدلائل واقتصرت فيه على أهم الأمور وأعظمها نفعا لشدّة الضرورة إلى هذا الموضوع

وكثيرا ما اقتصر على النص إذا كان الحكم فيه واضحا

لسهولة حفظه وفهمه على المبتدئين


الشرح :

جعل المصنف كتابه هذا مُختَصَراً مُقتصِراً فيه على النص متى ما كان الحُـكم واضحاً
وطريقة المصنّف أنه لا يُكثر من الأدلة لسهولة الحفظ والفهم .

كما أن من طريقته أنه يسوق المسائل ويؤخّر الأدلة أحياناً ليسوقها في الأخير .

قال الشيخ رحمه الله :

لأن العلم : معرفة الحق بدليله


الشرح :

ولما كان هذا هو المقصود اكتفى بالدليل الواضح ، وربما اكتفى بالدليل الواحد .

فهذا هو العلم كما قال الذهبي :

العـِلم قال الله قال رسولـه *** قال الصحـابة ليس بالتمويه

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأى فقيه

وقال ابن القيم في النونية :

العِـلم قال الله قال رسولـه *** قال الصحابة هم أولو العرفان

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فلان

قال الشيخ رحمه الله :

والفقه : معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بأدلتها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح

الشرح :

هذا هو تعريف الفقه ، والفقه في اللغة هو الفهم

ويزيد بعضهم في التعريف : بأدلّتها التفصيلية
ليخرج بذلك القيد " معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بأدلتها الإجمالية " ويُقصد بذلك أصول الفقه

لأن أصول الفقه تبحث في الأدلة الإجمالية وتوضع القواعد عليها ، بخلاف الأدلة الفقهية .

واقتصر المصنف رحمه الله في هذا المختصر على مصادر الاستدلال المتفق عليها ، وهي :

الكتاب ، وإذا أُطلق فإنه يُقصد به الكتاب العزيز " القرآن " .

والسنة ، ويُقصد بها ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو سنة تقريرية أو وصف خلقي أو خُلقي .

والإجماع ، أي ما أجمعت عليه الأمة ، ولو كان في عصر من العصور ، ولو جرى الخلاف في عصر ثم وقع الإجماع واستقر وجب الأخذ به وحرُمت مُخالفته ، ولا يجوز خرق الإجماع ، ويجدر بطالب العلم العناية بمعرفة الإجماع حتى لا يأتي بطوامّ تُضحك العوامّ !

وقد دلّ الكتاب العزيز على حجية الإجماع ، كما في قوله تعالى : ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا )

ودلّت عليه السنة كما في قوله عليه الصلاة والسلام : إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة . رواه الحافظ الضياء في المختارة .

وينبغي التنبّه إلى أن بعض من يذكر الإجماع أو يسوقه يتساهل فيه أحيانا

وممن وُصف بذلك : الإمام ابن المنذر والإمام النووي وابن قدامة في المغني ، فإذا قيل : أجمع العلماء على كذا فيحتاج للتأكد منه ، إذ قد يعنون به أحيانا رأي الجمهور .

والقياس : أن يُقاس فرع على أصل ثابت حكمه ، ويشترك المقيس والمقيس عليه في العلّة .

وينبغي أيضا التنبّه إلى كثرة وقوع الخطأ في القياس .

ولذا قال الإمام أحمد رحمه الله : أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فالتأويل في الأدلة السمعية ، والقياس في الأدلة العقلية .

فلا يتحقق القياس إلا بوجود العلة المشتركة

وبوجود النص الواضح الجلي في الأصل الذي يُقاس عليه .

ولا عبرة بمن خالف أو ردّ القياس ، وهم الظاهرية رحمه الله ، فقد رد القياس وقال ببطلانه ، وهذا لا يُلتفت إليه

فهذه الأربعة ( الكتاب والسنة والإجماع والقياس ) هي مصادر الاستدلال المتفق عليها

وهناك مصادر للاستدلال مُختلف فيها ، ومنها :

* قول الصحابي ، والصحيح أنه حجة

* الاستحسان

* استصحاب الحال

* عمل أهل المدينة

وغيرها ، وهي مبسوطة في كُتب أصول الفقه .

قال الشيخ رحمه الله :

وأقتصِر على الأدلة المشهورة خوفا من التطويل .


الشرح :

بمعنى أنه لا يورد جميع الأدلة التي تحضره في المسألة خشية الإطالة .

قال الشيخ رحمه الله :

وإذا كانت المسالة خلافية اقتصرت على القول الذي ترجح عندي تبعا للأدلة الشرعية


الشرح :

وقيّده بما ترجّح عنده ؛ لأنه قد يكون عنده راجحا وعند غيره مرجوحا ، لما يرى أو لما يتضح له من خلال الأدلة .

لأنه قد يصح الدليل عند عالم فيأخذ به ، ولا يصح عند غيره فلا يأخذ به ، وهكذا .

ثم قال الشيخ رحمه الله :

الأحكام الخمسة :

الشرح :

هذه تُسمى الأحكام الشرعية ، أو الأحكام التكليفية التي كُلّف بها العباد ، والقيد فيها أغلبي ؛ لأن المباح لا يُكلّف به ، فلا يتعلّق به أمر ولا نهي .

وقد عرّف المؤلف هذه الأحكام ببيان حكمها وأقسمها ، وهو ما يُسمّيه الأصوليون : التعريف بالرسم .

وهناك التعريف بالحدّ ، وهو بيان حقيقة الشيء .

قال الشيخ رحمه الله :

الواجب : وهو ما أُثيب فاعله وعوقب تاركه


الشرح :

وهذا التعريف غير دقيق .

لماذا ؟


لأنه ليس كل من فعل الواجب أُثيب عليه ، ولا كل من تركه أثم وعوقب .

ولو قيل : ما أثُيب فاعله امتثالاً ، وعوقب تاركه عمداً .

فعلى سبيل المثال : الصلاة

قد يُصلي المنافق ولا يُثاب

وقد يتركها المسلم نسيانا ولا يُعاقب ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك . رواه مسلم .

وقد عُرّف الواجب بـ : ما استحق فاعله الثواب بفعله ، واستحق تاركه العقاب بتركه .

وتعريفه بالحدّ : ما طلب الشارع فعله طلبا جازما
فالواجب مأمور به مطلوب على سبيل الجزم ، بخلاف المسنون .

قال الشيخ رحمه الله :

والحرام : ضده


الشرح :


يعني : ما عوقب فاعله ، وأُثيب تاركه .
يُقال فيه مثل ما قيل في الواجب ، بأن التعريف غير دقيق .

فليس كل من فعل مُحرّما بآثم ، ولا كل من ترك مُحرّما مأجور مُثاب .

فقد يترك الحرام من لا يقدر عليه ويتمنى الحرام ويُعاقب عليه .

وقد يترك الشخص الحرام لنظر الناس إليه ولكنه لم يتركه لله عز وجل .

وقد يفعل الحرام من لا يعلم بحرمته فلا يُعاقب إذا لم يكن مُفرّطا

كما أن مرتكب الأمر المحرّم – وإن كان كبيرة – تحت مشيئة الله عز وجل ، إن شاء غفر له ، وإن شاء عذّبه .

ولو قيل فيه : ما استحق فاعله العذاب ، واُثيب تاركه لله ، لكان أولى .

وتعريفه بالحدّ : ما طلب الشارع تركه طلبا جازما

قال الشيخ رحمه الله :

والمكروه : وهو ما أثيب تاركه ، ولم يعاقب فاعله


الشرح :

كذلك


لو قيل فيه : ما أُثيب تاركه امتثالاً ، ولم يُعاقب فاعله . لكان أولى .

وتعريفه بالحدّ : ما طلب الشارع تركه طلبا غير جازم .

قال الشيخ رحمه الله :

والمسنون : ضده


الشرح :

كذلك

فالمسنون ما أُثيب فاعله امتثالاً ، ولم يُعاقب تاركه .

وتعريفه بالحدّ : ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم .

قال الشيخ رحمه الله :

والمباح : الذي فعله وتركه على حد سواء .


الشرح :

المباح متساوي الطرفين

لم يرد فيه أمر ولا نهي بخصوصه .

قال الشيخ رحمه الله :

ويجب على المكلف أن يتعلم من الفقه كل ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته وغيرها

قال صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين . متفق عليه
.

الشرح :

هذا بيان ما يجب على المكلّف ، وأنه يجب على المسلم أن يتعلّم ما تصح به عقيدته ، وما تصح به عبادته ، وما تقوم به معاملاته .

وهذا القدر فرض عين على كل مسلم ومسلمة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : طلب العلم فريضة على كل مسلم . رواه ابن ماجه وغيره ، وصححه الألباني .

فالفقير – مثلا – لا يجب عليه تعلّم أحكام الزكاة ، ولا تعلّم أحكام الحج ، طالما أنه لا يجد المال .

لأنه غير مُكلّف بهذه الأشياء

لكن الصلاة لا يُعذر بتعلم أحكامها أحد ، إذ تجب على الذكر والأنثى ، وعلى الحرّ والعبد .

ومن تعلّم أحكام دينه رفع الجهل عن نفسه وعن غيره

وأصابته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "

ولم يعبد الله على جهل ، وإنما يعبد الله على علم وبصيرة .

ويكون مُطمئنا في علمه وعمله ومعتقده .

فالعلم نور لأهله في الدنيا والآخرة .

ومفهوم المخالفة في قوله صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "

أنه من لم يُرد به خيراً لم يُفقهه في الدّين .

والله تعالى أعلى وأعلم .
[/QUOTE]

  #2  
قديم 15-08-2008, 11:24 PM
حراب العجمي حراب العجمي غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 908
معدل تقييم المستوى: 0
حراب العجمي is on a distinguished road
رد: الدرس الأول من شرح كتاب منهج السالكين

بسم الله الرحمن الرحيم

اخي الفاضل السنافي بارك الله فيك وكثر الله من امثالك

  #3  
قديم 16-08-2008, 08:17 AM
السنافي1 السنافي1 غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 3,219
معدل تقييم المستوى: 0
السنافي1 is on a distinguished road
رد: الدرس الأول من شرح كتاب منهج السالكين

وفيك بارك تسلم يالغالي

سررت بتواجدك الطيب

  #4  
قديم 20-08-2008, 10:20 PM
السنافي1 السنافي1 غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 3,219
معدل تقييم المستوى: 0
السنافي1 is on a distinguished road
Arrow الدرس الثاني من شرح كتاب منهج السالكين

الدرس الثاني من شرح كتاب منهج السالكين


قال المصنف رحمه الله :

كتاب الطهارة

الشرح :

هذا التبويب ليس في بعض النُّسخ

وفي بعض نسخ الكتاب ( فصل ) بدل ( كتاب الطهارة )

والكتاب هو ما يضم الفصول والأبواب

والأليق أن يكون فصلا مما تقدّم

ثم يأتي كتاب الطهارة

لأن هذه الأشياء التي يذكرها المصنف لا علاقة لها بالطهارة علاقة مباشرة

قال الشيخ رحمه الله :

قال النبي صلى الله عليه وسلم :

بُني الإسلام على خمس

الشرح :


البناء يكون للشيء المعنوي ، ويكون للشيء الحسي
وهنا البناء معنوياً
وهو مبني للمجهول ( بُـنِـيَ )

وهذه دعائم الإسلام وأركانه العِظام التي لا يقوم إلا بها .

والإسلام هو دين الأنبياء بالمعنى العام ، وهو دين محمد صلى الله عليه وسلم بالمعنى الخاص ، وتفصيل ذلك في شرح الأصول الثلاثة .

والإسلام إذا أُطلق فإنه يشمل الإسلام والإيمان

ومثله الإيمان إذا أُطلق

وإذا ذُكرا جميعاً فإن الإسلام يُطلق على الأعمال الظاهرة ( الصلاة والزكاة والصيام والحج )

والإيمان يُطلق على الأعمال الباطنة ، كالخوف والرجاء والإنابة والخشية والتوكّل ونحوها من أعمال القلوب .

وقد يسأل سائل : ما هو الإسلام ؟

والجواب : هو الدين المبني على هذه الأركان القائم عليها وعلى تحقيقها .

ثم جاء التفصيل بعد الإجمال ، أي تفصيل الخمس التي بُني عليها :

قال الشيخ رحمه الله :

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله

الشرح :


وفي رواية لمسلم : بُني الإسلام على خمس : على أن يعبد الله ويكفر بما دونه ... الحديث .

هذه شهادة التوحيد التي لا يصح إسلام شخص إلا بتحقيقها .
لقوله عليه الصلاة والسلام : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله . رواه البخاري ومسلم .

وشهادة التوحيد ( لا إله إلا الله ) تتضمن النفي والإثبات

نفي الآلهة ( لا إله ) وإثبات وحدانية الله ( إلا الله )

ومعناها : لا معبود بحق إلا الله .

ولها شروط وبسط ذلك في كُتب التوحيد .

والتوحيد هو أهم المهمات ، وهو أولى ما يشتغل به طالب العلم في تعليمه ودعوته ، إذ أن الرسل أول ما دعوا إلى توحيد الله عز وجل ، فكل نبي قال لقومه : ( اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ) قبل أن يأتيهم بالتشريع .

وقال عز وجل : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ )

وشهادة أن محمداً رسول الله هي ضمن شهادة التوحيد ، وهي داخلة في الركن الأول من أركان الإسلام .

ومعناها : تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر ، وطاعته فيما أمره ، والانتهاء عما نهى عنه وزجر .

وهي مُستلزمة لمحبته عليه الصلاة والسلام .

وسيأتي مزيد بيان وإيضاح في كلام المؤلف رحمه الله

قال الشيخ رحمه الله :

وإقام الصلاة

هذا هو الركن الثاني من أركان الإسلام ، وهو أعظم الأركان بعد الشهادتين ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها وصلّوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فقد حرُمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله . رواه البخاري .

وقد جعلها الله حدّاً فاصلاً بين الإيمان والكفر

وجعلها علامة على قبول توبة المشرك وإسلامه فقال : ( فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ )

ولم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كُفر إلا الصلاة ، كما نقله عنهم التابعي الجليل شقيق بن عبد الله البلخي .

وما ذلك إلا لأن الصلاة لا يُعذر أحد بتركها بخلاف الزكاة والصيام والحج .

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة . رواه مسلم .

وقال عليه الصلاة والسلام : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .

فالنبي صلى الله عليه وسلم عبّر بـ " الـتّـرك " فمجرّد الترك عمداً من غير عُذر كفر بالله العظيم .

وعلى هذا القول جمهور الصحابة رضي الله عنهم

ومما يدلّ على أهمية الصلاة أنها فُرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة ، وفُرضت عليه لما عُرج به .

وهي صِلة بين العبد وبين ربّـه

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغير على قوم انتظر فإن سمع أذاناً وإلا أغار .

ومع ذلك ميزان الصلاة وقدرها ضعيف في نفوس كثير من المسلمين .

قال الشيخ رحمه الله :

وإيتاء الزكاة

الشرح
:

هذا هو الركن الثالث من أركان الإسلام

وهي – بحمد الله وفضله ومِنّته – لا تجب إلا على أهل الزكاة ، فالفقير لا تجب عليه

ثم إنه رُوعي فيها حظ الفقير ، وحق الغني

فلم يُجحف بالغني ، ولم يُترك الفقير

وهي في اللغة : النماء والزيادة

وشرعاً : قدر من المال في مال مخصوص لمالك مخصوص .

ثم إنها لا تجب في كل مال

فلا تجب في مال لم يبلغ النِّصاب

ولا في ما لم يتم ملكه

ولا في مال لم يحُل عليه الحول ، إلا في الزروع والثمار والركاز

كما لا تجب في المواشي إلا بعدد مُعين وأن تكون سائمة أغلب الحول .

فشروط وجوب الزكاة في المال ثلاثة :

تمام الملك

بلوغ النصاب

حولان الحول

فكلّ هذا من التخفيف والتيسير في التشريع

قال الشيخ رحمه الله :

وصوم رمضان

الشرح
:

وهذا هو الركن الرابع

وعند بعض العلماء يعدّونه الركن الخامس ويُقدّمون الحج ، وستأتي الإشارة إلى الرواية .

والصوم لغة هو الإمساك
وشرعاً : إمساك مخصوص في زمن مخصوص بِنيّـة .

وصوم رمضان أي شهر رمضان ، وهذا يدلّ على جواز قول : رمضان ، دون تقييده بشهر .

وهذا الصيام تهذيب للنفس ، وكبح لجماحها ، وتربية وتهذيب لها .

وأول ما شُرع الصيام كان على التخيير من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم ثم فُرض على الناس ، إلا أنه خُفف عن الحامل والمرضع والمريض والمسافر .

وخُفف عن الحائض والنفساء أن تُفطر وتقضي وجوباً .

وهذا أيضا من يسر الإسلام .

قال الشيخ رحمه الله :

وحج البيت

الشرح
:

المقصود البيت العتيق ، أو البيت الحرام

وإذا أُطلق البيت في نصوص الوحيين قُصد به الكعبة .

وهو فرض على المستطيع ، فإن الله سبحانه وتعالى قيّده بالاستطاعة ، وهذا أيضا من يسر التشريع .

والحج هو القصد في اللغة

وشرعا : قصد الكعبة بصفة مخصوصة في زمن مخصوص بشروط مخصوصة .

وسيأتي تفصيل أكثر في مواضع هذه الأركان من هذا الكتاب .

قال الشيخ رحمه الله :

متفق عليه .

الشرح
:

هذه رواية مسلم

وأما رواية البخاري فهي بلفظ : بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان .

وهي كذلك في رواية عند مسلم أيضا ، أي بتأخير ذكر الصيام .

وقوله : متفق عليه
أي اتفق على روايته الشيخان ، يعني البخاري ومسلم .

فإذا قيل : متفق عليه ، فيُقصد أن البخاري ومسلم أخرجاه عن نفس الصحابي ، ولو بزيادة أو نقص أو تقديم وتأخير أو اتفقا على إخراجه بالمعنى عن نفس الصحابي .

أما إذا اختلف الصحابي ، كأن يرويه البخاري عن ابن عمر ، ويرويه مسلم عن أبي هريرة ، فلا يُقال حينئذ :

( متفق عليه )

وإذا قيل أيضا : رواه الشيخان ، أو رواه البخاري ومسلم ، فكذلك عن نفس الصحابي .

والمتفق عليه أعلى درجات الصحة في الحديث النبوي .

  #5  
قديم 21-08-2008, 02:01 AM
قوت قوت غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 637
معدل تقييم المستوى: 17
قوت is on a distinguished road
رد: الدرس الثاني من شرح كتاب منهج السالكين

الأخ السنافي شكرا على موضوعك القيّم ،، والذي حوى معلومات كثيره ،،

نجهلها من حيث اختلاف الروايات ،،،

،،بكل ود ،، قوت،،

  #6  
قديم 21-08-2008, 02:45 AM
الغروب الغروب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 29,452
معدل تقييم المستوى: 10
الغروب is on a distinguished road
رد: الدرس الثاني من شرح كتاب منهج السالكين

الاخ / السنافي 1

جزاك الله خيرآ على ما اثريت به علمنا اسأل الله ان يتقبله وينفع به

دمت بطاعة الرحمن

 

التوقيع

 

 
 
  #7  
قديم 21-08-2008, 03:11 PM
سمو الرووح سمو الرووح غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 31,712
معدل تقييم المستوى: 49
سمو الرووح is on a distinguished road
رد: الدرس الثاني من شرح كتاب منهج السالكين

جزاك الله خير الجزاء

أخي الفاضل / السنافي1

شكرا لك على الموضوع القييم والذي نحتاجة فعلاّ لأننا نجهل الكثير منه

لاحرمت الأجر والمثوبة الحسنه من الله وفي ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى

دمت بتوفيقٍ من الله وحفظا

 

التوقيع

 


تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
كلنا تميم المجد
 
 
  #8  
قديم 22-08-2008, 11:55 PM
السنافي1 السنافي1 غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 3,219
معدل تقييم المستوى: 0
السنافي1 is on a distinguished road
رد: الدرس الثاني من شرح كتاب منهج السالكين

قوت

الغروب

فضه


بارك الله فيكن وفي مروركن الطيب

  #9  
قديم 24-08-2008, 10:48 AM
السنافي1 السنافي1 غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: May 2008
المشاركات: 3,219
معدل تقييم المستوى: 0
السنافي1 is on a distinguished road
Arrow الدرس الثالث من شرح منهج السالكين



الدرس الثالث من شرح منهج السالكين



ثم أخذ المصنف رحمه الله بالتفصيل لما تقدّم ، فقال :

فشهادة أن لا إله إلا الله : عِلم العبد واعتقاده والتزامه : أنه لا يستحق الألوهية والعبودية إلا الله وحده لا شريك له


الشرح :

لما ذكر المؤلف رحمه الله الحديث المتفق عليه الذي بيّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم مباني الإسلام العِظام ، ذكر معنى لا إله إلا الله .

بأنه عِلمُ العبد اليقني واعتقاده الجازم الذي يعقد قلبه عليه ويلتزمه ، بأنه لا معبود بحق إلا الله

وبأنه لا يستحق العبادة إلا الله

ولا يستحق التأليه والتعظيم إلا الله تبارك وتعالى

قال سبحانه وتعالى : ( أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء ) أي أنهم لا يتّبعون شركاء على الحقيقة

( إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )

فالخالق المالك المدبّر هو الذي يستحق العبادة

فمن صرف شيئا من العبادة لغير الله فقد ثلم هذه الشهادة ، شهادة التوحيد .

ومن أتى بناقض من نواقض لا إله إلا الله فقد أبطل شهادة التوحيد ، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم .

فلا ينتفع العبد بهذه الشهادة ولا ينجو إلا بتحقيقها ، فليست مُجرّد كلمة تُقال باللسان .

ثم قال المؤلف رحمه الله :

قال الشيخ رحمه الله :

فيوجب ذلك على العبد :


الشرح :

أي ذلك الاعتقاد الجازم يُوجب على العبد ويُحتّم عليه

قال الشيخ رحمه الله :

إخلاص جميع الدين لله تعالى


الشرح :

والإخلاص أن لا يقصد العبد بعمله إلا الله عز وجل
قال الجرجاني في التعريفات :

الإخلاص في اللغة : ترك الرياء في الطاعات .

وفي الاصطلاح : تخليص القلب عن شائبة الشّوب المكدر لصفائه ، وتحقيقه أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره فإذا صفا عن شوبه وخلُص عنه يُسمى خالصا ، ويسمى الفعل المخلص إخلاصا . قال الله تعالى : ( مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا ) [ النحل : 66 ] فإنما خلوص اللبن ألاّ يكون فيه شوب من الفرث والدم .

وقال الفضيل بن عياض : ترك العمل لأجل الناس رياء ، والعمل لأجلهم شرك ، والإخلاص الخلاص من هذين وألاّ تطلب لعملك شاهداً غير الله . انتهى كلامه رحمه الله .

والإخلاص شرط في قبول العمل الصالح :

قال اللّهُ تبارك وتعالى : أَنَا أَغْنَىَ الشّرَكَاءِ عَنِ الشّرْكِ . مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ . رواه مسلم .

وقال عليه الصلاة والسلام : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان لـه خالصا وابتُغي به وجهه . رواه الإمام أحمد وغيره .

سُئل الفضيل بن عياض عن قوله تعالى : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) فقال : هو أخلص العمل وأصوبه . قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصوابا ، فالخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة . اهـ .

وقد حرص السلف على إخفاء العمل الصالح إلا أن يكون في إظهاره مصلحة .

وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى في شرح الحديث الأول من شرح العُمدة .

ثم فسّر المصنف رحمه الله الإخلاص بلازِمِـه ، فقال :

وأن يكون عِباداته - الظاهرة والباطنة - كلها لله وحده

وان لا يشرك به شيئا في جميع أمور الدين

وهذا أصل دين جميع الرسل وأتباعهم


كما قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ) [الأنبياء : 25] .

الشرح :

وإخلاص العمل أمان من سوء الخاتمة ، فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا ، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ، ومال الآخرون إلى عسكرهم ، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه ، فقالوا : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنه من أهل النار ، فقال رجل من القوم : أنا صاحبه أبدا ، فخرج معه كلما وقف وقف معه ، وإذا أسرع أسرع معه . قال : فجُرح الرجل جرحا شديداً ، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه ، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أشهد أنك رسول الله . قال : وما ذاك؟ قال : الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار ، فأعظم الناس ذلك فقلت : أنا لكم به ، فخرجتُ في طلبه حتى جرح جرحا شديداً ، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه وضوء وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه ، فقتل نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة .



قال ابن القيم : لو نفع العلم بلا عمل لما ذمّ الله سبحانه أحبار أهل الكتاب ، ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين . اهـ .

فالمنافقون يقولون : لا إله إلا الله ، ولكنها لا تنفعهم لأنها غير خالصة لله عز وجل .

وإخلاص العمل ينفع أحـوج ما يكون إليه صاحبه ، قال صلى الله عليه وسلم : من استطاع منكم أن يكون لـه خبيئة من عمل صالح فليفعل . رواه الحافظ الضياء في المختارة ، وهو في صحيح الجامع .

أي أن يكون له عمل خالص بينه وبين الله عز وجل .

قال الشيخ رحمه الله :

وشهادة أن محمداً رسول الله


الشرح :

ثم ذكر المؤلف رحمه الله معنى الشق الثاني من شهادة التوحيد ، وهو شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :

قال الشيخ رحمه الله :

أن يعتقد العبد : أن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين - الإنس والجن - بشيرا ونذيرا يدعوهم إلى توحيد الله وطاعته بتصديق خبره وامتثال أمره .


الشرح :

هذا من معاني شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم

فيشهد العبد شهادة حق ، ويعلم علم يقين أن الله عز وجل أرسل محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام واصطفاه بالنبوّة وخصّه بالرسالة العامة إلى جميع الثقلين - إنسهم وجنّهم – ، ولذا فإنهم يوبّخون يوم القيامة ، كما في قوله سبحانه وتعالى : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ )

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : أي من جملتكم والرسل من الإنس فقط ، وليس من الجن رسل ، كما قد نصّ على ذلك مجاهد وبن جريج وغير واحد من الأئمة من السلف والخلف ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : الرسل من بني آدم ، ومن الجن نذر . اهـ .

وأن يعتقد العبد أن الله إلى جميع البشر – عربهم وعجمهم ، أحمرهم وأسودهم – إلى قيام الساعة .

ويعتقد أن الله أرسله بشيراً لمن آمن به ، ونذيراً لمن عصاه وخالف أمره .

كما قال تعالى : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا )

وكما في قوله تبارك وتعالى : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا )

فهو عليه الصلاة والسلام بشيرا لقوم ، نذيراً لآخرين .

ثم قال المؤلف :

وأنه لا سعادة ولا صلاح في الدنيا والآخرة إلا بالإيمان به وطاعته .

الشرح :

لو لم يكن في توحيد الله عز وجل وفي تحقيق الشهادتين إلا هذا المعنى لكفى

فلا سعادة ، ولا صلاح ، ولا خيرية إلا بالإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبطاعته .

ولو علمت البشرية بهذا لحرصت عليه أشدّ الحرص ، وهي تتخبط في دياجير الظّلمات تلهث بحثاً عن السعادة والطمأنينة .

قال الشيخ رحمه الله :

وأنه يجب تقديم محبته على النفس والولد والناس أجمعين .


الشرح :

هذا مما يجب أن يعتقده العبد لتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين . رواه البخاري ومسلم .

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ، فقال له عمر : فإنه الآن ، والله لأنت أحب إليّ من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر . رواه البخاري .



ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست بالدعاوى بل بالبيّنات وصدق المحبة

وتقديم أمره على أمر كل مخلوق

وتقديم طاعته على طاعة كل البشر

قال ابن القيم – رحمه الله – :

فالمحبة النافعة ثلاثة أنواع :

محبة الله ، ومحبة في الله ، ومحبة ما يعين على طاعة الله تعالى واجتناب معصيته .

والمحبة الضارة ثلاثة أنواع : المحبة مع الله ، ومحبة ما يبغضه الله تعالى ، ومحبة ما تقطع محبته عن محبة الله تعالى أو تنقصها .

فهذه ستة أنواع عليها مدار محابِّ الخلق ، فمحبة الله عز وجل أصل المحابِّ المحمودة وأصل الإيمان والتوحيد ، والنوعان الآخران تبع لها .

والمحبة مع الله أصل الشرك والمحابّ المذمومة والنوعان الآخران تبع لها .

ومحبة الصور المحرمة وعشقُها من موجبات الشرك .

وكلما كان العبد أقرب إلى الشرك وأبعد من الإخلاص كانت محبته بعشق الصور أشد .

وقال – رحمه الله – في قوله صلى الله عليه على آله وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين . متفق عليه

قال : فذكر في هذا الحديث أنواع المحبة الثلاثة ، فإذاً المحبة إما :

محبة إجلال وتعظيم ، كمحبة الوالد .

وإما محبة تحنن وود ولطف ، كمحبة الولد .

وإما محبة لأجل الإحسان وصفات الكمال ، كمحبة الناس بعضهم بعضا ، ولا يؤمن العبد حتى يكون حبّ الرسول عنده اشد من هذه المحابّ كلها .

وقال : فلا عَيْبَ على الرجل في محبته لأهله وعشقه لها إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع له من محبة الله ورسوله ، وزاحم حبه وحب رسوله ، فإن كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها فهي مذمومة وإن أعانت على محبة الله ورسوله وكانت من أسباب قوتها فهي محمودة . انتهى



ثم ذكر المصنف ما يؤيد هذا الاعتقاد ويُرسّخه في القلب فقال :

وان الله أيده بالمعجزات الدالة على رسالته

وبما جبله الله عليه من العلوم الكاملة والأخلاق العالية وبما اشتمل عليه دينه من الهدى والرحمة والحق والمصالح الدينية والدنيوية
.

الشرح :

هذا أيضا مما يجب أن يعتقده العبد في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

فيعتقد أن الله عز وجل أيّـد نبيه صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الباهرة الدالّة على صدقه صلى الله عليه وسلم

ومن أعظم ما أجرى الله عز وجل على يديه من المعجزات :

انشقاق القمر

والإسراء والمعراج

وتأييده بالملائكة تُقاتل معه

ونبع الماء من بين أصابعه

وتكثير الطعام بين يديه

ومنها :

إخباره بما لم يقع ثم وقع ، ومنها ما كان في حياته صلى الله عليه وسلم ، ومنها ما وقع بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .

قال الشيخ رحمه الله :

وآيته الكبرى : هذا القران العظيم بما فيه من الحق في الأخبار والأمر والنهي
.

والله أعلم .

الشرح :

والآية هي العلامة

فالقرآن أكبر وأظهر معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الباقية

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ما من الأنبياء من نبي إلا قد أُعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إليّ ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة . متفق عليه .

فأكبر علامات نبوته صلى الله عليه وسلم هذا القرآن العظيم ، فهو المعجزة الكبرى ، وقد تحدّى بها صناديد قريش وأقحاح العرب على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، أو أن يأتوا بعشر سور ، أو أن يأتوا بسورة من مثله ، فتحدّاهم بذلك ووقفوا موقف العاجز .

ومن حاول أن يأتي بمثله أو يُجاريه صار أضحوكة للعرب بل للناس على مرّ الأيام ، كمسيلِمة الذي لا يُذكر إلا قُرن اسمه بالكذب فيُقال : مُسيلِمة الكذّاب !

والله تعالى أعلى وأعلم .

  #10  
قديم 24-08-2008, 11:35 AM
سمو الرووح سمو الرووح غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 31,712
معدل تقييم المستوى: 49
سمو الرووح is on a distinguished road
رد: الدرس الثالث من شرح منهج السالكين


الشرح :

لما ذكر المؤلف رحمه الله الحديث المتفق عليه الذي بيّن فيه
النبي صلى الله عليه وسلم مباني الإسلام العِظام ، ذكر معنى لا إله إلا الله .

بأنه عِلمُ العبد اليقني واعتقاده الجازم الذي يعقد قلبه عليه ويلتزمه ، بأنه لا معبود بحق إلا الله

وبأنه لا يستحق العبادة إلا الله

ولا يستحق التأليه والتعظيم إلا الله تبارك وتعالى



جزاك الله خير الجزاء

أخي الفاضل / السنافي1

على هذه الدرر المتواصلة من منهج السالكين ولاحرمت الأجر والثواب الحسن وفي ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى

لك كل الشكر والتقدير والاحترام لشخصك الكريم على هذا المجهود الذي تشكر عليه .. بارك الله فيك

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مجلة أمريكية تنشر تقريراً عن كتاب (لا تحزن) كأكثر كتاب عربي مبيعا سمو الرووح المجلس العــــــام 8 08-02-2008 02:53 PM
.......... دروس و عبّر .......... العرجاني محمد مجلس الشعر النبطي 30 07-03-2007 02:48 PM
دروس مهمه في الشعر حبيب مجلس المواهب الشعرية 8 27-04-2006 07:03 PM
كتاب الكتروني عن الأمراض النفسية وطرق النجاح في الحياة كتاب قيم جدا وصغير الحجم فالح العاوي المجلس العــــــام 13 28-03-2006 12:42 AM

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 03:08 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع