القاهرة ـ لها أون لاين ـ محمد رضا: ارتبط شهر مارس بشكل عام بالمرأة المصرية، لاسيما تلك التي تنتسب إلى الهيئات والجمعيات النسائية ذات التوجه العلماني. هؤلاء النسوة يخترن قضايا مختلفة من اجل طرحها علي المجتمع المصري لمناقشتها باستفاضة, وفي مقدمه هذه القضايا المشاركة السياسية للمرأة وكيفيه تفعيلها, والتمكين للمرأة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
ويفرد الإعلام المساحة المطلوبة لهؤلاء ليتحدثن ويطلقن أفكارهن, وبخاصة أن شهر مارس الذي يضم بين أيامه يوم المرأة العالمي8 مارس، ويوم المرأة المصرية16 مارس؛ إذ جاء الاحتلال الإنجليزي سنة 1882، وهبت النساء لجمع التبرعات لتحقيق النضال ضد المحتل مشاركة للرجل.
لم تتوقف حركة النساء، ففي سنة 1919 ناضلن وشاركن في الثورة, وتحديدا في 16 مارس 1919، إذ خرجت النساء بقيادة "هدى شعراوى" للتظاهر ضد الاحتلال؛ وقد اتخذت نساء الزمن الحالي ذلك اليوم مناسبة للمرأة المصرية، وهذا اليوم هو المناسبة المثالية لاستعراض تقدم الأنشطة التي تقام لصالح مساواة المرأة، وتقييم التحديات التي يجب على النساء التغلب عليها في مجتمع اليوم، وتقدير التدابير التي تم اتخاذها لتحسين وضع الإناث والاحتفال بانتصاراتهن.
ومما يذكر أن الاحتفال بيوم المرأة العالمي تم للمرة الأولى في 19 مارس 1911 في النمسا والدانمارك وألمانيا وسويسرا. وقد اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977 تاريخ الثامن من مارس للاحتفال بـ"اليوم العالمي لحقوق المرأة والسلام".
وفي ضوء الاهتمام الصاخب بقضايا المرأة، الذي ارتفعت أصواته في الأعوام الأخيرة وغطت علي القضايا والأزمات العديدة التي يئن منها المجتمع برجاله ونسائه، لابد من وقفه نقدية منصفه في شهر مارس، شهر المرأة، يراجع من خلالها كثير من الممارسات التي تسعي بصدق وأمانه لإعاده التوازن للمجتمع من خلال إنصافها دون جور على بقية أطراف المجتمع والمهمشين منهم على وجه الخصوص .
أيام وليس يوما واحدا
الكاتبة الصحفية "صافى ناز كاظم" أكدت أن المرأة لا تحتاج إلى يوم لتكرم فيه.
وقالت:"بصراحة أنا ضد حكاية يوم للمرأة ويوم للرجل ويوم للطفل ماهذا التمييز غير المقبول؟!". ووصفت ذلك بأنه أشياء مفتعلة, وتساءلت:"متى مر علينا يوم من الأيام ولم نكرم ونبر فيه والدينا؟". وأجابت:"ففي كل يوم هناك تواد ورحمة بين المرأة وزوجها وبينها وبين أبيها فهذه هي شريعة الإسلام".
وأضافت:"في كل يوم أفتح - وتفتح فيه كل إمراة مسلمة - كتاب الله تجد فيه تذكير بحقوقها فهناك حقوق شرعية كفلها لها دين الله ويجب أن تأخذها، مثل كرامتها وعزتها وواجب المودة والرحمة بها، كما أن لها حقوق في العمل والعلاقات الاجتماعية ولها الحق في أن تتبوأ أعلى المكانات العلمية إذا كانت جديرة بذلك كما أن الحق في التمثيل النيابي".
وأكدت أنها ضد أن يتم تخصيص حصة لها في البرلمان "بل أنا مع أن تخوض المرأة غمار العملية الانتخابية وان تخوضها هي والرجل ليس على أساس النوع ولكن على أساس الكفاءة لهذا المنصب والمكان".
محاولة للتدخل
ويقول الدكتور "عبد الله الأشعل" مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون الدولي:"من الملاحظ أن أفكار على غرار يوم المرأة العالمي، وهى أفكار تنطلق من الأجندة الغربية، أن المقصد منها في الغرب هو تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة واعتبار ذلك دستور الحياة الدولية".
وأشار إلى أن الغرب- أوروبا وأمريكا – صور تحفظ الدول الإسلامية على فكرة المساواة المطلقة على انه خروج على الخط العام وانحراف عنه, و لهذا السبب عمدت الدول الغربية إلى قياس الفارق في الموقف والنمط الغربي و الموقف الإسلامي على انه قدر التخلف عن الموقف الحضارى, والذي يتعين بسببه الضغط على الدول الإسلامية لتقليل الفجوة بين الموقفين, وتستغل أحداثا ـ هي صناعتهم ـ لممارسة ضغوط كثيفة لإبرام اتفاقيات تتصل بحقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل ومحاولة إقرار مبدأ الحرية الجنسية وزواج المثليات وإعطاء رخصة في الإجهاض, معتبرا أنها مطالب تمس بشكل مباشر نسق القيم للدول الإسلامية.
ويرى الأشعل أن العالم الإسلامي يرى أن فكرة تحرير المرأة واليوم العالمي للمرأة وبكين ومؤتمرات السكان وفكرة تمكين المرأة في الدول الإسلامية, ما هي إلا محاولة للتدخل في شئون العالم الإسلامي.
وحذر الدكتور عبد الله الشعل من أن تنحصر مفاهيم الغرب المصدرة إلينا بشأن تحرير المرأة والاهتمام بها من خلال يوم أو احتفال تنقضي ساعاته ويقف الأمر عند الحد الشكلي؛ مثل ارتياد عدد من الساحات التي لم تكن ترتادها، وكانت حكرا على الرجل؛ مثل القضاء وعمادة الكليات ورئاسة الجامعات؛ وربما رئاسة الوزارات وهو أنجاز شكلي له ثمنه في نظر الغرب، ولكنه يأتي على حساب قواعد التأهيل والكفاية الواجبة للمنصب.
دموع التماسيح
أما الكاتب والشاعر "محمد التهامي" فيرى أن مثل هذه الاحتفالات تشبه دموع التماسيح التي تكاد تغرق الشرق الأوسط الكبير والصغير.. والمؤتمرات العالمية تحت المسميات المختلفة في أمريكا وأوروبا تلهث للأخذ بيد الشرق الأوسط الغريق وتهنئه بالخلاص الذي حققه العدوان، وتبشره بحيازيب الخير الذي سيهطل عليه من كل سماء بشئ اسمه الحرية السياسية, وشيء اسمه الديمقراطية وشيء اسمه حرية الاقتصاد والتجارة العالمية, وشيء اسمه حرية المرأة وحقوقها!.
وأشار إلى أن مثل هذه الحركات أغفلت جانبا كبيرا ولم تتطرق إلى إحصاء عدد الفتيات الدارسات في مختلف الجامعات العربية، ونسبه عددهن إلى عدد البنين ولم يتطرق إلى مجالات عمل المرأة في مصر مثلا، وفي مختلف الدول العربية، وكذلك في ميادين التدريس والطب والإعلام، ولم يتطرق إلى إنتاج المرأه العربية الأمية في الريف ومقدار مشاركتها في التنمية، ولم يتطرق إلى أن الزوجة في البلاد العربية لها ذمتها المالية المستقلة عن زوجها وغير ملزمه بالإنفاق علي الأسرة علي عكس ما في البلاد الأجنبية.
وأضاف:"لسنا هنا في مجال المقارنة والمنافسة مع غيرنا ولكن نحاول تسليط بعض الأضواء علي الصورة الحقيقية في بلادنا عكس ما يقولون من تراجع الدور السياسي للمرأة".
مجرد شعارات
"جيهان الحلفاوى" مرشحة الإخوان المسلمون في الانتخابات البرلمانية السابقة والداعية الإسلامية بالإسكندرية؛ أكدت أن يوم المرأة العالمي عنوان شكله فيه الخير, لكن الواقع يظهر أن ما بذل من اتفاقيات ومواثيق دولية مجرد شعارات تحارب في سبيلها شريعة الإسلام, حتى أضحى"يوم المرأة العالمي" كلمة حق يراد بها باطل".
وأشارت إلى أن المرأة تحتاج إلى فهم يكون أكثر عمقا وليس بمؤتمرات تقام هنا أوهناك!.
وقالت:"المرأة ليست في حاجة إلى يوم, ولست في حاجة إلى هذا الكم من الاحتفالات والندوات والمؤتمرات والمقالات التي تتحدث عن يوم المرأة العالمي في الوقت الذي تظل فيه المرأة منسية ومبخوسة الحق, ولا يشعر بها أحد".
وأضافت:"بل إن للمرأة حقوقا ومن حقها الأساسي أن تعيش حياة آمنة وما يحدث في معظم بقاع العالم فيه ضياع لحقوق المرأة".
وأوضحت أن أماكن النزاع في العراق وفلسطين من قبلها وغيرها من البلاد تكون المرأة والطفل هما الضحية الأولى.
وقالت إن من حقها أيضا الدفاع عن هذا الحق المسلوب وهى تكافح للحصول على تلك الحقوق، كما أن دينها ينادى بحقوقها تلك؛ ومنها العيش في أمان وطمأنينة، وان تكون في هذا الإطار على علاقة طيبة بالرجل كزوج أو كأخ أو كأب، كما أنها تسعى لأن تكون على علاقة جيدة بالمجتمع.