مجالس العجمان الرسمي


مجلس الدراسات والبحوث العلمية يعنى بالدراسات والبحوث العلمية وفي جميع التخصصات النظرية والتطبيقية.

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 16-04-2005, 02:03 AM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road
اليهووووووود

اليهودية العلمانية وما تنطوي عليه من امكانيات*



تشارلز س. ليبمان**



اريد ان اناقش المعاني المتعددة التي يمكن ان تعزى إلى المصطلح "يهودية علمانية"، واريد، بعدها، ان اقوّم احتمالات تطور "اليهودية العلمانية" في اسرائيل وتحولها.



وتوجد نقطتان تستحقان الذكر على سبيل التقديم. فالكثير مما يجب عليّ قوله في هذا الموضوع، وفي الحقيقة الكثير مما يجب قوله بشأن اليهودية في اسرائيل، هو تعليق على العمل الذي انجزه اليعازر شوايد SCHWEID ، وإعداد لموضوعات تستند اليه، واعتراضات بين الحين والحين مستمدة منه. واليعازر شوايد هو مَنْ كانت مساهمته العبقرية في تاريخ الفكر اليهودي قد اثارت عمل ييحزقيل كوفمان في ملحمته "جولاه في-نيشار1 "، وتفوقت عليه من بعض الجوانب. وانا اشعر بالفخر اذا وصفني احد بأنني تلميذ شوايد. والمبرر الوحيد لاقدامي على كتابة أي شيء في هذا الموضوع هو ان شوايد وانا نخاطب في كثير من الاحوال جمهورين مختلفين ونعتمد إلى حد بعيد على تقاليد مختلفة في المعرفة: فهو يعتمد على تقاليد فلسفية وثقافية تاريخية، واعتمد انا على العلوم الاجتماعية.



ثانيا، اهتمامي بهذا الموضوع هو اهتمام سياسي. فاهتمامي باليهودية العلمانية نابع من املي في ان تكون متمكنة من انشاء رؤية قومية، ولديها القدرة على تنشيط المجتمع الاسرائيلي، قطاعه اليهودي على الاقل، وتصل إلى مستوى في الثقافة يرفع قدر معتنقيها.



وقد لاحظت منذ بضع سنوات ان مفكرين ذوي شأن في عصر ما بعد الصهيونية كانوا مستعدين لانكار وجود اليهودية العلمانية. واظن ان الصهاينة في عصر ما بعد الصهيونية راضون بالتنازل عن اليهودية للمتدينين، لان هذا يسهل تجريد دولة اسرائيل من الصبغة اليهودية. واذا كانت اليهودية "دينا" اساسا، كما يزعم بُعاز افرون2، وكما يقترح باروخ كيمرلينج3، واذا لم يكن من الممكن التفرقة بين الدين المدني والدين التقليدي، كما يقترح شموئيل هاسفاري في "حاميتز4" ومسرحية فليشر الشعبية المعادية للدين5، فإن "فصل الدين عن الدولة" يعني فصل اليهودية عن الدولة. ولكن الهدف الاول له جاذبية اكبر إلى حد بعيد. وقد يثور جدل حول معنى "فصل الدين عن الدولة"، ولكن عندما تكون هذه العبارة شعارا فهي تحصل على تأييد غالبية الاسرائيليين. وطبقا للدراسة الشاملة التي اجراها معهد لويس جوتمان في سنة 1993، ايد 54 في المئة من اليهود الاسرائيليين فصل الدين عن الدولة6.



ويشترك الصهاينة في عصر ما بعد الصهيونية والمؤسسة الدينية في تحالف ايديولوجي واحد على الاقل، فهذان الجانبان ينكران او يستبعدان السمات الايجابية لليهودية العلمانية ويعرّفانها بأنها بديل اقل جودة لليهودية يخفف من غلوائها.



واضفاء طابع سياسي على تحليل اليهودية العلمانية سلاح ذو حدين. وقد اصبحت مؤمناً بأن الدين اليهودي يجب فصله عن الدولة، حتى وإن كان هذا لصالحه فحسب. واذا حدث هذا، وبقيت اسرائيل دولة يهودية، فإن مضمون ومعنى اليهودية لهذه الدولة، وكل ما اريد هو ان ابين انه من الضروري للذين يعتقدون مثلي ان الشعب اليهودي له الحق في ان تكون له دولة -أي دولة تعكس مصالحه العرقية والسياسية وتراثه الثقافي- الاقرار بأن هذا التراث الثقافي، وبرغم ما طرأ عليه من تحولات وتغير في القيم. ليلائم احتياجات مجتمع معاصر، هو مقولة ذات مغزى تشير إلى اكثر من ان توجد دولة لليهود. ومن الناحية الاخرى، فإن الثقافة اليهودية، حتى الثقافة اليهودية العلمانية، لا يمكن ابدا ان تعني الامر نفسه الذي تعنيه الثقافة الفرنسية او الثقافة الانجليزية، أي ثقافة دولة قومية، لسبب بسيط هو ان اليهود ليسوا الامة الوحيدة المقيمة في ارض الدولة، ويوجد يهود يقيمون ايضا خارج ارض الدولة.



وبمعرفة اهمية بيان ان الثقافة اليهودية العلمانية تحتوي على مقومات النمو والحياة، يكون الخطر الواضح هو ان تكون معتقداتي السياسية هي التي تملي التحليل الذي اقدمه. وعلى القارئ ان يقوّم هذه المقالة في هذا الضوء.



مكونات اليهودية



الاسلوب الوحيد الذي استطيع ان استعين به في بحث معنى اليهودية العلمانية هو محاولة فهم ما تعنيه اليهودية. وانا اعتقد ان اليهودية لها ثلاثة مكونات: مكوّن عرقي، ومكون ثقافي، ومكون ديني. وهذه المكونات مترابطة بطبيعة الحال، ولكن من الممكن التمييز بينها لاغراض التحليل. والمكون العرقي هو الاسهل فهما. وهو يشتمل على الاهتمامات والالتزامات الخاصة التي يشعر بها احد اليهود تجاه آخر، بفضل ان هذا الآخر يهودي. والرابطة العرقية رابطة شبيهة بالرابطة العائلية، وتقوم على اساس الشعور بأن اليهود مترابطون من ناحية علم الاحياء (بيولوجيا)، على نحو ما. وكون الروابط القائمة على علم الاحياء اسطورية، وان يهودا كثيرين يدركون كنهها الاسطوري، امر لا يعتد به، ما داموا يتصرفون كما لو كانت الاسطورة تعبر عن حقيقة.



والمكوّن الثقافي هو الاشد صعوبة في الفهم، لان "الثقافة" او "معنى الثقافة"، هو الامر الاشد استعصاء. ومعظمنا لديه تصور معقول لما تعنيه الثقافة. فلا توجد مشكلة في فهم كل منا للآخر عندما نستخدم هذا الاصطلاح في اقوالنا اليومية، برغم ان هذا الاصطلاح يستخدم بمعنيين مختلفين. فنحن نتحدث عن الثقافة ونعني بها شخصا مثقفا، شخصا متعلما مهذبا مطلعا على شؤون الفن والموسيقى والادب. ثانيا، نحن نتحدث عن ثقافات مختلف المجتمعات او مختلف طبقات المجتمع، ونعني بها شيئا آخر. وهذا "الشيء الآخر" هو الذي نلاقي صعوبة كبيرة في تحديده، حتى وان كانت لدينا فكرة جيدة لا بأس بها عن ما يعنيه. وعندما اعلن المفكر الايديولوجي السوفييتي الرئيس CHIEF ميخائيل سوسلوف ان التعبير الادبي اليهودي لم يعد ضروريان لانه "لا جدوى من احياء ثقافة ميتة"7، فإن المصطلح "ثقافة" كان واضحا. وهو واضح، ايضا، في الخطاب الذي وجهته إلى الرئيس PRESIDENT زالمان شازار مجموعة من يهود منسك الذين اوضحوا رغبتهم في العيش في اسرائيل "تلبية للامنية الانسانية الطبيعية... في العيش في صلة وثيقة بالثقافة القومية اليهودية، وفي ان يطلع المرء ابناءه على هذه الثقافة التي نحن مجردون منها الآن"8 والوضوح النسبي لهذا المصطلح لاغراض المناقشة لم يحل مشكلة التعريف الرسمي له. والحقيقة انني اكتشفت امرا اثار كدري، هو ان ما كتبه في الآونة الاخيرة علماء اجتماع وعلماء طبائع البشر ووصف الانسان في هذا الموضوع (وعلم الاجتماع وعلم طبائع البشر ووصف الانسان هما العلمان اللذان اعتمد عليهما اعتمادا اكبر من اعتمادي على سواهما)، يثير من الحيرة اكثر مما يفيد. وعندما يكون ما يكتب قريب العهد، فانه يكون اكثر اثارة للحيرة. ومن هنا، شعرت بالسعادة عندما عثرت على تعريف حديث يعتمد اعتمادا كبيرا على الكتابات القديمة، ويختلف عن بعض التعريفات الراهنة في انه لا يحيد كثيرا جدا عن تصورنا المعقول لما تعنيه الثقافة. فكريستوفر كلاوسين يقول:



كلمة (ثقافة)، عندما تستخدم في علم طبائع البشر ووصف الانسان، بدلا من استخدامها تعبيرا يدل على التعظيم والاجلال، تشير إلى الاسلوب الاجمالي لحياة مجتمع متميز، تقاليده وعاداته ومعتقداته وفنه -(الاجمالي المنهجي للسلوك الذي ينتقل بالتعلم من الآباء إلى الابناء)، كما لخصته مرجريت ميد في 19599.



ويجب ان يضاف ايضا ان نواتج الثقافة التي هي جزء من "اسلوب الحياة" رمزية ومادية ايضا. وقد جاء في كتاب مدرسي في علم الاجتماع، صدر في وقت مبكر ان: الثقافة "نظام للمعايير المكتسبة اجتماعيا التي تنتقل اجتماعيا للحكم والاعتقاد والسلوك، كما انها النواتج الرمزية والمادية لانماط السلوك التقليدية المترتبة على ذلك"10. وما ينقص هذا التعريف، كما سأوضح في خاتمة هذه المقالة، هو الاشارة بشكل محدد إلى القيود التي تفرضها الثقافة على الفرد. ولكن هذا لا ينبغي ان يزعجنا من اجل اغراض المناقشة الراهنة.



وعندما يلم المرء بالتعريف الذي سبقت الاشارة اليه الثقافة، فإنه يستطيع مناقشة الثقافة اليهودية والثقافات الفرعية اليهودية في مختلف العصور والاماكن. فالثقافة ليست ساكنة. انها تتحول، وتكتسب رموزها قيما مختلفة. ولكن ما يميز الثقافة الحية التي تعي ذاتها هو ان الكثير من التغيرات التي تطرأ عليها يفرضها الارتداد في الزمن، بحيث يظل من الممكن خيط الثقافة. و "السُنّة" هي ثقافة الماضي كما تــُؤوَّل في الحاضر.



والرابطة العرقية مركز مهم من مراكز الثقافة اليهودية. ولكنها توسع معنى الرابطة العرقية اليهودية، كما افهمها، لكي تصنف تحت عنوان الثقافة اليهودية، بدلا من الزعم، مثلما افعل انا، ان انواع هذه الثقافة يمكن تمييزها من الناحية التحليلية. وقد يجد المرء يهودا، مثل الاعداد الكبيرة من اليهود الموجودين في الولايات المتحدة، ليس لهم ادنى رابطة بالثقافة اليهودية، ولكنهم يحتفظون، مع ذلك، بروابط عرقية قوية. ولا استطيع استبعاد الحجة القائلة ان هذا علامة على ان الرابطة العرقية اليهودية هي القاسم المشترك الادنى للثقافة اليهودية، وان ما يجد المرء لدى هؤلاء اليهود، هو شكل هزيل من اشكال الثقافة اليهودية. ويمكن ان يزعم المرء انه بينما تنطوي الرابطة العرقية على الزعم بوجود روابط بيولوجية مشتركة، وان هذا يميزها بوضوح تام عن الثقافة، فإن هذه الروابط مزعومة او اسطورية، وهي مشتقة من تعريفات الثقافة. وانا اعترف بقوة دفع هذه الحجج، ولكني اجد، مع ذلك، ان الاكثر فائدة هو فصل الثقافة عن الرابطة العرقية، بدلا من سقوط الرابطة العرقية في الثقافة. والامر الاكثر اهمية، من اجل الحجة التي اقدمها، هو التفرقة بين الثقافة اليهودية من حيث هي موضوع للفهم -فغير اليهودي قد يكوّن اكثر الماما بالثقافة اليهودية واكثر قدرة على معرفتها من اليهودي -والمشاركة في هذه الثقافة. وتعرّف الثقافة من حيث هي عملية من العمليات: "مجمل اسلوب حياة مجتمع متميز". ومن حيث انتاجها الادبي والموسيقى والفني. ولكن هذين التعريفين يمكن ان يكون كل منهما بعيدا عن الآخر، واريد ان ازعم ان هذا المأزق الراهن للثقافة العلمانية في اسرائيل. والحقيقة ان جانبا من جمهور الثقافة اليهودية العلمانية في اسرائيل قد يكون اسرائيليين لا يشتركون في الثقافة اليهودية الا مشاركة هامشية. ويوجد، من الناحية الاخرى، يهود، مثل المقيمين في اسرائيل، لا يعرفون الا القليل عن الثقافة اليهودية، ولكن حكمهم ومعتقداتهم وسلوكهم امور رسخ فيها اسلوب الحياة اليهودي الذي ليس دينيا بالضرورة.



وهذا يقودنا إلى المكون الثالث لليهودية: وهو الدين اليهودي. وانا افهم الدين على انه مجموعة من المعتقدات والطقوس تتعلق بالتابع الديني للمتعالي، أي الله. والتفرقة بين الدين والثقافة هي، في بعض الجوانب، تحكمية تماما. وفي استطاعة المرء تعريف الدين بأنه ثقافة. ويستطيع المرء ان يزعم، على الضد من هذا التعريف، ان قوة دفع الثقافة اليهودية المعاصرة هي التفرقة بين الدين والثقافة العلمانية11. والحجة القائلة إن السُنّة اليهودية كانت، منذ بدايتها، "ابداعا ثقافيا تاريخيا لا نظير له"، وليست "سُنّة الوحي الالهي بمعناه التقليدي"12، توجد في قلب الجهود المبذولة لانشاء ثقافة يهودية علمانية، بدءا من اوائل القرن التاسع عشر. ومن الناحية الاخرى، ولدت اليهودية الاصلاحية، في كل محاولة لتأكيد ان اليهودية كوّنت دينا، لا ينفصل عن مكوناته القومية فحسب، بل ايضا عن "كل مكوناته الثقافية تقريبا"13. ولكن من الممكن الاستمرار في الزعم ان الدين هو الثقافة، وان ما يفعل انصار الثقافة اليهودية العلمانية واليهودية الاصلاحية، هو حقا تحديد مضمون الثقافة اليهودية.



والسبب الذي حملني على التفرقة بين الدين والثقافة هو وجود جانب مهم، هو ان "الدين من حيث هو ثقافة" لا يقدم الينا الا فهما جزئيا للدين. واعتبار الدين ثقافة هي رؤية مراقب، سواء كان هذا المراقب من معتنقي هذا الدين او من غير معتنقيه. وهذه النظرة تساعد في وصف الدين وتحليله من بُعْد. ولكن هذا غير كافٍ، من ناحية مذهب الظواهر. فنحن في حاجة ايضا إلى النظر إلى الدين من وجهة نظر معتنق الدين، عندما "يمارس الدين"، وهي عبارة خرقاء ولكنها تبرز المعنى. وعندما يؤدي معتنق الدين احد الفرائض بطريقة فيها وعي بذاته، او عندما يصلي بطريقة واعية وليس بالتعود، او عندما يمر بنوع او آخر من التجارب الدينية (ولا يحدث شيء من ذلك في السُنة اليهودية بشكل اعتيادي وبغير شيء من المشقة)، عندئذ يتجلى الله لمعتنق الدين، وتكون العملية دينية بشكل خاص، بحيث يكون وصفها بأنها عملية ثقافية امرا خادعا.



معنى اليهودية العلمانية



عندما نتقبل ان الدين اليهودي يمكن ان يكون متميزا عن الثقافة اليهودية والرابطة العرقية اليهودية، يصبح واضحا ان اليهودية العلمانية ممكنة. وهي تعني عددا من الاشياء. ولننظر إلى كل منها واحدا بعد الآخر.



فاليهودية العلمانية يمكن ان تعني اليهودية العرقية والثقافية بغير أي شكل من اشكال الدين، سواء الدين من حيث هو ثقافة او "ممارسة الدين". وهذا ممكن من الناحية النظرية، ولكن من العسير تصوره عمليا، لان التداخل بين الدين والثقافة في اليهودية شديد الجلاء. وازالة جميع عناصر الدين من الثقافة اليهودية يعني فصلها عن سُنّتها. فالثقافة، بحكم تعريفها نفسه، يجب ان تمتد جذورها في الماضي. ويقول شوايد:



سر حيوية الثقافة هو استمرارها التاريخي واتصالها. وتنشأ الثقافة في شكل عضوي من مصادرها، وتوجد الذات القومية بالمحافظة على اتصال الوعي القومي العلماني من جيل إلى جيل14.



وازالة كل آثار الدين قد لا يترك للناس الا بقية من ثقافة، برغم انه ليس واضحا على الاطلاق ان كان ما تبقى سيصبح يهوديا معترفا به. ولعل هذا ما عناه بعض الناس يوما باصطلاح "الثقافة العبرية" ولكن من العسير عليّ ان اتصور اية ثقافة تكون ذات مغزى ولكن جذورها توجد بأكملها في الحاضر. وارى ان هذا ما ادى بالحركة الكنعانية إلى ابتكار ماضٍ اسطوري لثقافتهم العبرية. وتوجد دوائر محدودة من اليهود العلمانيين في اسرائيل يصفون انفسهم بأنهم انسانيون، ويبحثون عن طقوس ومراسم تكون بديلا عن الدين اليهودي. ويسعى بعض هؤلاء "الانسانيين" إلى اسباغ معنى انساني علماني علىالرموز اليهودية التقليدية. وهذا مشروع اشتركت فيه الصهيونية منذ سنواتها الاولى بدرجات متفاوتة من النجاح. ولكن عددا قليلا منهم يرغب في ازالة هذه الرموز ازالة تامة15.



ويوجد تعريف لليهودية العلمانية عملي بدرجة اكبر، وجذاب في رأيي، ويحافظ على المكونات الدينية، ولكنه يؤكد الدين باعتباره ثقافة، لا باعتباره دينا، وهو يقضي بإيجاد علاقة بالله. ويبدو لي ان هذا يميز اسلوب التنوير اليهودي والحركات غير الدينية التي نشأت من التنوير، ومنها الصهيونية، بطبيعة الحال. وبعبارة اخرى، تحافظ اليهودية العلمانية من هذا النوع على مكون ديني. وهي تعترف بأن الدين شكّل الجانب الرئيسي لمضمون الثقافة اليهودية في الماضي، إن لم يكن قد شكل هذا المضمون بأكمله. وعجز الثقافة الدينية عن توفير اطار معنوي يمكن تصديقه، لتفسير حالة اليهود في اوروبا الشرقية، ومن ثم عجزها عن التحرك تحركا فعالا دفاعا عن المصالح العرقية اليهودية، كان دافعا رئيسيا لنشوء اليهودية العلمانية في شكلها القومي المعاصر. وقد بذلت جهود كثيرة في فترة الييشوف [ الجالية اليهودية في فلسطين ] والسنوات الاولى للدولة، لايجاد سلسلة من الطقوس والمراسم التي اكدت الدين اليهودي، بإعادة تفسيره من الناحيتين الاجتماعية والقومية. واهم الجهود في هذا الاتجاه بذلتها مختلف الكيبوتزات16، ولكن هذا كله لم يحقق الا نجاحا محدودا. ولا يثير الدهشة ان هذا الشكل من اشكال اليهودية العلمانية شديد الاستعداد لتقديم احترامه للدين، ويعرقله اصرار اليهود "المتدينين" المعاصرين على تعريف اليهودية تعريفا يقتصر تماما على الناحية الدينية، وفرض التعريفات لليهودية، عمليا ونظريا، على جميع اليهود الآخرين.



وتوجد طريقة ثالثة لوصف اليهودية العلمانية، وهي طريقة يمكن ان تتقبل التعريف الثاني، ولكنها تؤكد الجانب الشعبي للثقافة، تؤكد معنى الثقافة من حيث هي مجمل طريقة حياة مجتمع ما، وتقاليده وعاداته ومعتقداته. وهذه هي الثقافة التي تميز الغالبية العظمى لليهود الاسرائيليين، طبقا لدراسة حديثة اجراها معهد لويس جوتمان عن المعتقدات الدينية والمواقف والسلوك لليهود الاسرائيليين الذين سبقت الاشارة اليهم17. ويتوصل الياهو كاتز، احد الذين اجروا الدراسة، في ملخص عن نتائجها، إلى اربعة استنتاجات لها صلة بالاغراض التي نسعى اليها. واليهود الاسرائيليون الاكثر تمسكا بأصول دينهم يشكلون ما يترواح بين 25 في المئة و 30 في المئة من العينة التي اجريت عليها الدراسة. والغالبية العظمى للاسرائيليين ليست "متدينة" بالمعنى التقليدي للتدين. ولكن كاتز يلاحظ، اولا، انهم يراعون الكثير من "المتزفوت18" التقليدية. وبرغم ان مراعاتهم لاصول الدين جزئية وانتقائية، فهي ليست عشوائية وفردية وغير منهجية. ثانيا، هذه المراعاة لاصول الدين ليست بلا قصد، وقد ينقصها القصد "الصحيح" من وجهة نظر دينية، ولكن الدافع لها هو التزام واعٍ باتصال الشعبُ اليهودي. ثالثا، الذين يراعون هذه "المتزفوت" ليسوا بلا ايمان، والحقيقة ان الايمان الديني واسع الانتشار، ولكن الغالبية العظمى للاسرائيليين ينفصلون عن اليهود الذين يراعون اصول الدين، وفي هذا الشأن يجد المرء اكبر دليل على وجود شكل حيّ من اشكال اليهودية العلمانية. والسبب في انفصال هؤلاء الاسرائيليين جانبا من السُنة اليهودية، على النقيض مما يقال في بعض الاحيان، ولكنهم لا يعتقدون ان ما يمارسونه لا يفرضه الله، وهم يدركون "انحرافاتهم" التي لا تزعجهم19. وبعبارة اخرى، يراعي معظم اليهود الاسرائيليين يعتقدون ان نمط ممارستهم للشعائر نابع من الكسل او التهاون او التقصير. فهم يشاركون في شكل له نمط خاص لمراعاة اصول الدين غير "الهالاخاه"20، ولكنهم حوّلوه إلى اساليب شعبية لليهودية العلمانية. وقدرة اليهود الاسرائيليين على الاستمرار في تحمل هذه الاساليب الشعبية هو أمر آخر. وتحولها إلى انماط لا تكون يهودية بصورة واضحة هو امر في علم الغيب.



ولكن هذا الشكل من اشكال اليهودية العلمانية حيّ، في الوقت الراهن، برغم انه ليس على ما يرام تماما. ويوجد نزوع إلى اغفاله او استبعاده، لاننا نبحث في ناحية اخرى عن علامات اليهودية العلمانية، وتوجد آراء اتخذت بغير دراسة للحقائق، تقوم على اساس الثقافة العبرية العلمانية "للييشوف"، عن ما ستكون عليه. والذين يمارسون اليهودية العلمانية ليسوا "الجمهور المتنور" الذي يعهد اليه كبير القضاة اهارون باراك بقدر كبير من السلطة. وهذا "الجمهور المتنور"، الذي هو في الحقيقة "الطبقة الجديدة" في اسرائيل21، بعيد عن أي نوع من انواع اليهودية، برغم انني غير مستعد للتخلي عن الامل في استعادة تعاطفه. ومهد اليهودية العلمانية الاسرائيلية موجود بين جماعة من السكان قد تكون ملمة بكتابات ادون اولام اكثر من المامها بكتابات برينر. ونزعتها العلمانية لا تنم عن التمرد او معاداة الدين.



الامكانيات التي تنطوي عليها اليهودية العلمانية



قررت منذ البداية ان اهتمامي باليهودية العلمانية يعود إلى قدرتها على تكوين رؤية قومية، وان تكون وسيلة رئيسية ينتقل بها التراث الثقافي للماضي إلى الجيل الراهن. والفرض الذي وضعته هو ان الكثير من هذا يتم عن طريق وسط الدولة او بمساندتها، عن طريق سياساتها العامة، ورموزها ومراسمها، وعطلاتها القومية، ونظام التعليم فيها، والمساندة والوضع المالي اللذين توفرهما للنشاط الثقافي الذي يتفق مع اهدافها. واعتقد ان اليهودية العلمانية، وثقافتها بصفة خاصة، يهددها خطر ان تعصف بها الثقافة الدينية ذات الصبغة اليهودية (لدي اقلية من اليهود الاسرائيليين) والثقافة المحايدة ذات الصبغة اليهودية (لدى الاغلبية). وتبدي روث جافيسون وجهة نظر مماثلة في مقالة بالغة الاهمية:



خصوم (الهالاخاه) الذين يعتنقون فكرة ان تكون اسرائيل دولة قومية يهودية، هم الذين يجب ان يشرحوا المضمون الخاص للقومية اليهودية. وهم الذين يجب ان ينقلوا هذه الاجابة إلى الجيل الجديد من الاسرائيليين لم يصلوا إلى هنا بفضل (الثورة الصهيونية)، بل نتيجة صراع شديد يتعلق بوجودهم مع هويتهم الشخصية. واذا لم يحصلوا على جواب، فيمكننا ان نتوقع تطورين محتملين: ان يملأ الفراغ مضمون ديني يهودي، بكل ما فيه من مبادئ انفصالية، او ان يكون جميع اليهود الاسرائيليين شعبا يتحدث العبرية (ولدى بعضهم تكون العبرية ركيكة مليئة بالعيوب)، ولكن تنقصهم اية وجهة خاصة تفضي إلى ثقافة يهودية قومية22.



وثقتي ضئيلة بمقدرة اليهودية العلمانية على المنافسة في الساحة المفتوحة، في الوقت الحاضر على الاقل، ما لم تكن هناك اجابات متوقعة في وقت قريب، وما لم تتخذ خطوات لتقويتها.



وقد رأيت بالفعل ان اليهودية العلمانية اذا فهمت على انها يهودية بغير مكونها الديني، فانها تفقد الثقافة بالفعل. وكل ما يتبقى هو المكون العرقي. وفي الحالة التي لا يحتمل حدوثها لاستمرار وجود الرابطة العرقية اليهودية في العالم المعاصر بغير دين او ثقافة، فالامر المرجح هو ان تنحط لتصبح نوعا من انواع العنصرية. ربما اخدع نفسي، ولكني اودّ ان اعتقد ان بعض مؤيدي بيتار ييرروشالايم [ منظمة بيتار في القدس ]، على الاقل، الذين يهتفون "الموت للعرب"، عندما يلاعب بيتار الفريق العربي من مدينة الطيبة، هم يهود بينهم رابطة عرقية وقد جردوا من الثقافة اليهودية. والامر الذي اخشاه، وتدعمه دراسة اجراها معهد كارمل في سنة 1994 عن شباب المدارس الثانوية23، هو ان يكون معظم هؤلاء الشباب جزءا من اغلبية الاسرائيليين ذوي الثقافة التقليدية، برغم انهم غير متدينين، الذي تشير اليهم دراسة جوتمان. فاذا كان هذا صحيحا، فإنه يدعم مخاوفي بشأن الفجوة بين الفنانين والمثقفين الذين ينتجون ثقافة يهودية والمنتجين الانسانيين لهذه الثقافة.



والتعريف الثاني لليهودية العلمانية انطوى على اعتراف بالدور الاصلاحي للدين في الثقافة اليهودية، ولكنه انطوى على رفض اهمية الدين للفرد، فالدين يعتبر ثقافة بغير "ممارسة الدين". ويعترف بأن الدين قوة حاسمة في تشكيل ثقافة الماضي اليهودية. ونحن نعترف بأن الدين اليهودي، والرموز الدينية ومنتجات الانسان الدينية، وحتى الكثير من القيم الدينية ومنتجات الانسان الدينية، وحتى الكثير من القيم الدينية، هي جزء من تراثنا، ونحن ندمجها في ثقافتنا السياسية. وهذا لا يعني اننا نقبل التكليفات او الاوامر او المعتقدات الدينية باعتبارها تُلزمنا في حياتنا. وبسبب اننا انفسنا لسنا متدينين، فاننا نحل الرموز ومنتجات الانسان والقيم الدينية، ونضفي عليها طابعا علمانيا. وهذا شكل مثالي لليهودية العلمانية من نواحٍ عديدة. ويبدو هذا حلا لا تشوبه شائبة عند الحريصين على المحافظة على الدولة اليهودية خالية من عبء الاكراه الديني، وبشكل ديمقراطي للحكومة. وهو وصف لمجتمعنا الراهن، من بعض النواحي، ولكنه خادع من نواح اخرى، لان هذا ليس الاتجاه الذي يسير فيه المجتمع الاسرائيلي.



والدين المدني في اسرائيل الذي نصفه انا ودون -يحيى في دراستنا يلائم هذا الوصف24. فالرموز الدينية تستخدم في انشاء نظام من الاساطير والطقوس يضفي صفة شرعية على النظام الاجتماعي ويؤدي إلى اندماج السكان اليهود وحشدهم، برغم ان الرموز الدينية نفسها تطرأ عليها تحولات وتغير في القيم. ولا يؤدي الله دورا في شبه الدين هذا، وربما لا يكون الدين المدني قد اشبع الاحتياجات الروحية للفرد في سعيه إلى ايجاد معنى لحياته الشخصية. ومن الناحية الاخرى، وجد الافراد الذين اندمجت هويتهم الشخصية في الهوية القومية الجماعية ارتياحا شخصيا، ايضا، في الدين المدني.



وفي ختام دراستنا التي صدرت في سنة 1983، في اعقاب الحرب التي دارت في لبنان، ابدينا انا ودون-يحيى تحفظاتنا على مستوى الالتزام بأن الدين المدني قادر على الاثارة. وتحفظاتنا في الماضي اصبحت امورا مؤكدة اليوم. وفي غيبة البيانات التي يقتضيها البحث العام، لا يمكن انكار ان الدليل على حدوث تدهور يكون منحازا وانطباعيا، ولكن لا يمكن اغفاله. ومن امثلة ذلك ان وسائل الاعلام الاسرائيلية قد وفرت ترويجا على نطاق واسع في السنوات القلائل الماضية للدراسات التي تلقي ظلالا من الشك على المكانة الرفيعة لمؤسسي اسرائيل والابطال الاوائل الذين سبقوا انشاء الدولة، وبطولتهم ودوافعهم. والتمثيليات التلفزيونية انتجت وعرضت وهي تحمل روح الشك نفسها هذه. وربما يكون قد نشأ بعض الاعتراض على هذه الدراسات، ولكن نشرها في الصحافة واذاعتها على الجمهور في التلفزيون، يبين ان المجتمع الاسرائيلي اقل تقديرا إلى حد بعيد اليوم للابطال الاسطوريين مما كان عليه يوما ما25.



ويوجد مثل ممتاز لتدهور الدين المدني الاسرائيلي، هو انتاج مسرحية "حاميتز"، للكاتب المسرحي الاسرائيلي الذائع الصيت شموئيل هاسفاري، على خشبة المسرح في الآونة الاخيرة. فقد استقبلت المسرحية استقبالا حارا، في الليلة التي شاهدتها فيها على الاقل، ولم يدنها احد في وسائل الاعلام، في حدود ما اعلم. والحقيقة انها منحت اسمى جائزة في المسرح الاسرائيلي لافضل مسرحية اسرائيلية في سنة 1995. والموضوع الذي تدور حوله هو ان المجتمع الاسرائيلي يجب ان ينسى ماضيه، ويتجاهل من يزعم انهم ابطاله، وينسى حتى مجازر اليهود والستة ملايين الذين قضوا نحبهم، وان يعيش مجتمعا سويا بغير ارتباطات خاصة بأي شيء يهودي بصفة خاصة.



واستعداد اسرائيل لابرام اتفاقية سلام مع الفلسطينيين يعزى، في جانب منه على الاقل، إلى اعتراف الصفوة السياسية والعسكرية بأن اسرائيل قد لحقها بالفعل المطلب الخاص باستقلال الفرد والرفاهية المادية-وهو مطلب يفتت، ان لم يحطم، أي نظام ايديولوجي او رمز يعطي معنى للمجتمع الذي تسوده روح الجماعة. وقد اشار رئيس اركان الجيش الاسرائيلي امنون شاحاك، وهو يعلق على الزيادة الظاهرة في عدد الاسرائيليين الشباب الذين يعتبرون الخدمة العسكرية "غير لائقة"، إلى ان "المشكلة هي تفضيل الفردية على الجماعية في عصر التحرر (الليبرالية)"26. وقد اعرب وزير الدفاع اسحق مردخاي عن القلق بسبب "انخفاض دوافع الشباب للخدمة في الوحدات القتالية في قوة دفاع اسرائيل"27. ويصف إفرايم إنبار، الاستاذ في جامعة بار-ايلان، الانخفاض المستمر في النسبة المئوية للشباب الاسرائيليين الذين يتطوعون في الوحدات القتالية، ويلاحظ ان الزعماء الاسرائيليين يدركون ان مجتمعهم "تظهر فيه علامات الاعياء، وانه اكثر عزوفا عن اداء ثمن الصراع الطويل الامد مع العرب"28. وهو يشير إلى رئيس اركان الجيش السابق ايهود باراك (ورئيس الوزراء الحالي):



كثيرا ما اعرب عن القلق بشأن النسيج الاجتماعي لاسرائيل، ومن امثلة ذلك انه وصف التغيرات في المجتمع الاسرائيلي قائلا: "... الاعياء والاستخفاف بالدنيا المتراكمان، ويصحبهما وسائل اعلام عدوانية متطفلة، والتقليل من شأن الاعمال الصهيونية، ونشوء انشقاق في الاجماع على الاهداف السياسية لاسرائيل، حتى على استخدام القوة (وقد رأينا هذا في لبنان وفي الانتفاضة)-كل هذا اوجد ادراكا وواقعا للضعف"29



وتوجد نبرات اشد حدة في مقالة كتبها في وقت قريب دان مارجليت، صاحب احد الاعمدة في هآرتس وصاحب احد برامج التلفزيون، وقد صاغ رأيه في عبارات اتسمت بالعناية والتوازن. ويقول مارجليت انه يوجد اكثر من سبب لانخفاض الدوافع بين الشباب الاسرائيليين للانخراط في الوحدات القتالية:



اصبح المجتمع الاسرائيلي متهالكا على المادة وذا وجهة استهلاكية. وقد ابرز الوالدان ووسائل الاعلام تحقيق الذات ومصلحة الفرد، باعتبارهما مقدمين على أي التزام عام. ودُفِعَت الصهيونية خلف كلمة (بعد)، واكتسبت اليهودية لون المغالاة في التشدد...30



ومن العلامات الاخرى لتدهور الدين المدني تحول الاحتفالات الدينية المدنية إلى احتفالات خاصة. ويوجد مثل جيد على ذلك هو تدهور عيد الاستقلال، باعتباره عيدا قوميا مهما، وتحول الاحتفالات به من احتفالات جماهيرية إلى حفلات عائلية محدودة لشواء اللحم في الحدائق العامة31.



واحدى وسائل رؤية تدهور الدين المدني هي عجزه عن اثارة الالتزام بالروح الجماعية الاسرائيلية او اليهودية، وحشد الاهالي، القطاع اليهودي على الاقل من الاهالي، من اجل الاهداف الاجتماعية. ولكن لما كنّا نهتم اهتماما خاصا بإدماج القيم اليهودية في الدين المدني -أي في الثقافة السياسية- فإن الاهتمام الراهن بقضية اليهودية والديمقراطية له علاقة خاصة بذلك. وفكرة وجود صراع لا يمكن تسويته بالفعل بين اليهودية والديمقراطية، تعتبر امرا مسلما به في معظم النقاش الذي يدور حول هذا الموضوع، برغم ان بعض الباحثين المبرزين يرون ان هذا الانقسام ليس شديدا إلى الحد الذي يعتقده مروجو هذا الرأي32. ولا يعنيني من يكون على صواب ومن يكون على خطأ، فرأيي هو انه في الوقت الذي توجد فيه موضوعات مهمة في السُنة الدينية ضارة بالديمقراطية، فان هناك موضوعات اقل شأنا وآراء قليلة في النصوص المقدسة نفسها تؤكد جميع القيم الرئيسية تقريبا للديمقراطية الليبرالية33. ولذلك يسترعي الانتباه ان الصفوة من المفكرين والسياسيين والمثقفين في المجتمع الاسرائيلي تجاهلت تحويل عناصر الدين اليهودي هذه إلى قيم معيارية، ولم تسعَ إلى تحقيق هذا التحويل. وقد حدث تحول في امور كثيرة في الدين: ومن امثلة ذلك ان الاعياد الدينية التي تحتفل بعلاقة الانسان بالله، تحولت إلى اعياد قومية تحتفل بمنجزات "الامة". وبذلك، فإن عدم تلاؤم العناصر المتحررة (الليبرالية) في داخل السُنة الدينية مع اليهودية المعاصرة، امر ذو اهمية.



والاجابة عن التساؤل عن السبب في عدم حدوث هذا هي، في رأيي، ان المسألة مسألة وقت. ورأيي هو انه لو نشأت قضية اليهودية والديمقراطية منذ اربعين عاما، لزعم قطاع واحد على الاقل من صفة البلاد، هو القطاع الذي يضمه حزب ماباي، وليس حزب مابام، بقوة، ان اليهودية والقيم اليهودية تتفق تماما مع قيم المجتمع الديمقراطي. ولم يكونوا ليستشهدوا بالنصوص التقليدية فحسب، بل لاستشهدوا، ايضا، بسلوك الجالية اليهودية في اوروبا الشرقية. ولا اظن ان الصفوة الصهيونية المتدينة كانت ستتحداهم في هذا المجال. ولكن لو حدث هذا، لظلت الصفة العلمانية مطمئنة نسبيا، بسبب شعورها بأن من حقها ان تفسر التراث الثقافي، المختلف عن القواعد الهالاخاويّة، مثلما هو من حق جمهور المتدينين، وان ما شعرت به في قلوبها هو بالضرورة اصول واصداء التراث الاصيل. وحكاية الجدل الذي ثار بين دافيد بن جوريون واول وزير للاديان، ييهودا ليب ميمون (صياد سمك)، مفيدة في هذا الشأن. فعندما رفض بن جوريون مطلب ميمون بإغلاق مكاتب الحكومة في ايام صوم الفصح، وقاوم ميمون بتحدٍ بن جوريون بشأن الاساس الذي يستند اليه لرفض هذا المطلب، اشار رئيس الوزراء إلى انه مطلع على ما يحدث في المدن اليهودية التقليدية في اوروبا الشرقية، مثل ميمون. واليوم، يوجد هذا النوع من ثقة اليهود بأنفسهم في اوساط الزعماء السياسيين العلمانيين، ودعك من الصفوة المثقفة. وهم يميلون إلى النزول على ارادة الصفوة المتدينة في ما يتعلق بمعنى اليهودية. والحقيقة ان الكثيرين من الصفوة المثقفة سعداء لنزولهم على ارادة الصفوة المتدينة، لان هذا يسهل انشاء نموذجين لقطبي المجتمع، نموذج القطب اليهودي في مقابل نموذج القطب الديمقراطي.



والتدهور لم يصِب الدين المدني وحده، بل اصاب، ايضا، الالتزام القومي، ينعكس بشكل جيد في مقالة كتبها جيديون ساميت في جريدة هآرتس. ويعكس العمود الذي يكتبه ما اعتبره عنصرا رئيسيا، ان لم يكن مهيمنا، في المجتمع الاسرائيلي المعاصر. فساميت يقول:



وضع المعلقون على الهوية، منذ بعض الوقت، اصبعهم على اتخاذ المجتمع الاوضاع السوية [ بصورة متزايدة ]. ولاحظوا الميل المتزايد للانتقال من الشعارات القومية إلى الفردية البسيطة... إلى شهوة الحياة.



...ومادونا، وسندوتشات بيج ماك، ليست الا الهامش الخارجي لعملية بعيدة المدى، ليس اساسها النفوذ الامريكي، بل ازدياد الميل نحو الغرب، خاصة في اوساط الشباب. ومن الخطأ ان يعزى هذا إلى هوية اجنبية.



والامر على الضد من ذلك، فاللغة الجديدة تشتمل على اشكال جديدة للاستهلاك الثقافي والنشاط في اوقات الفراغ، وهي اشكال اصبحت فوق القومية. ويحدث هذا بالموسيقى الشعبية والافلام السينمائية والرحلات خارج البلاد والثياب، بل واسلوب الحديث34.



ومقالة ساميت تضع اصبعها على مشكلة اليهودية العلمانية. فاليهودية العلمانية تواجه منافسة في جبهتين. احداهما الجبهة الدينية، وهي نقطة سأعود اليها مرة اخرى. ولكن مشكلتها الاكثر الحاحا في الوقت الراهن هي انها تتنافس، ايضا، مع الثقافة الغربية الحديثة او بعد الحديثة. وهدف مَنْ أوجدوا الثقافة اليهودية العلمانية الحديثة، كما يقول شوايد، خاصة الثقافة التي يصفها بأنها ثقافة عبرية، هو المحافظة على الاتصال التاريخي بالماضي اليهودي، في الوقت الذي تتحول فيه الهوية الثقافية لليهود الجدد إلى اشكال اوروبية حديثة. واعتقد، باعتباري مراقبا، انه كان من الممكن ان يطمئن جيل سابق او جيلان، بل ثلاثة اجيال، إلى ان اليهودية العلمانية قد نجحت في استيعاب الاشكال اليهودية التقليدية، وبالمثل، الاشكال الاوروبية الحديثة في ثقافة محلية. واذكركم بأنني لا اعني بالثقافة الادب والفن والمنتجات الرمزية للثقافة فحسب، بل إلى جملة طريقة حياة متميز، وتقاليده، وعاداته ومعتقداته. ويوجد سبب للشك في هذا اليوم. فنحن لم نستوعب او نهضم هذه الثقافات بقدر ما عرّضنا انفسنا اليها. ويشير ساميت، وهو على صواب، في رأيي، إلى ان الثقافة المهيمنة على كثير من اليهود الاسرائيليين ليست هي اليهودية العلمانية، بل هجين من نوع ما لثقافة ما بعد الحداثة، المشتركة في الغرب بأسره، التي يشعر معها بالرضا.



وهذا الرأي يثير عددا من الاسئلة، اولا، الستُ أهوّن من شأن قوة اللغة في ضمان احياء الثقافة اليهودية المستقلة؟ والحقيقة ان شوايد نفسه، وهو بصفة عامة الصوت المتشائم، هو الذي يعلق اهمية كبيرة على اللغة، باعتبارها اداة اساسية في ايجاد ثقافة مميزة والمحافظة عليها. وجانب كبير من القسم الختامي لدراسته عن الثقافة اليهودية هو انشودة مدح لمنجزات الصهاينة في احيائهم الثقافة اليهودية وتحولها عن طريق وسيلة اللغة العبرية. ثانيا، اذا كان ساميت على حق، فكيف يمكن تعليل نتائج الدراسة التي اجراها جوتمان واشرنا اليها من قبل؟



وفي ما يتعلق باللغة، فإنني لا اجد تحليل شوايد مقنعا تماما. وانا ارفض، بالتأكيد، التصور القائل ان أي شيء يتم انتاجه باللغة العبرية يكون من تلقاء نفسه نتاجا للثقافة اليهودية. ثالثا، لو سلمت برأي شوايد عن الاهمية المبكرة للغة العبرية في تشكيل ثقافة يهودية جديدة، فإن تحليله الثقافي للماضي يقوى اهمية الموجة الجديدة "لادب الشارع" وهي محاولة لتبسيط اللغة في الادب الاسرائيلي، وتخليصها من جميع الاشارات الواردة في الكتاب المقدس او المستخدمة في الطقوس الدينية او التي يستخدمها الحاخامات35. وهذه التأثيرات اللغوية لما بعد الصهيونية التي تفرِّغ اللغة العبرية من متاعها الثقافي، كما عبر عن ذلك روشيل فورستنبرج36، تعكس تغيرا اساسيا في الثقافة الاسرائيلية المعاصرة، وهو امر اشار اليه يوسف دان منذ بضع سنوات في مقالة نشرتها جريدة هآرتس37.



ولكن ماذا عن الدليل المستمد من البحث الذي اجراه جوتمان عن اليهود الاسرائيليين، والذي يبدو انه يبين الحيوية المستمرة للثقافة اليهودية العلمانية على المستوى الشعبي؟ ويوجد دليل اضافي في هذا الشأن. وفي البحث الذي اجراه معهد كارمل عن شباب المدارس الثانوية في سنة 1994، سئل الشباب اليهود الاسرائيليون عما اذا كانوا يشعرون بأنهم اسرائيليون او يهود بدرجة اكبر. وقد قال واحد وخمسون في المئة منهم انهم يشعرون بأنهم اسرائيليون ويهود بالقدر نفسه. وقال تسعة وعشرون في المئة انهم يشعرون بأنهم يهود بدرجة اكبر38. والحقيقة ان معهد كارمل يجد ان الهوية اليهودية هي مثلما كانت تقريبا في دراسة مقارنة اجريت في سنة 198439. وبالاضافة إلى هذا، فإن الدراسة التي اجراها معهد كارمل تجد ان قيم الشباب الاسرائيليين بصفة عامة، مهما قال المرء عنها، ظلت ثابتة إلى حد ما بالمقارنة بالقيم التي ذكرت في تقرير 1988. وقد توصلت الدراستان اللتان اجراهما معهد جوتمان في السنتين 1974 و 1976 إلى نتائج مماثلة. وبذلك تظل مسألة ما تنطوي عليه اليهودية العلمانية من امكانيات بلا حسم. ويوجد دليل على الوجود القوى للثقافة اليهودية في المجتمع الاسرائيلي، ويوجد دليل يناقضه على اضمحلالها التدريجي. وتعتمد الحجة المقدمة، ايضا، إلى حد ما، على نوع الدليل الذي يقبله المرء ويعتبره موثوقا به. ولكن الامر الذي لا يقل اهمية عن ذلك ويجب تقديره هو ان الغالبية العظمى للاسرائيليين يعيشون في نظامين متعارضين للقيم. وطبيعة القيم العلمانية الفردية ذات الوجهة الاستهلاكية القوية المنتشرة في المجتمع الغربي، تبين ان جميع الاسرائيليين تقريبا، وبينهم كثيرون من الذين يراعون اصول الدين، سوف يضفون بعض هذه القيم على انفسهم إلى حد ما. وبذلك، اصبحت توجد بالتأكيد مجموعة القيم التي تقدم بديلا من السُّنن اليهودية. والخطأ هو الاعتقاد انها قد حلت تماما محل القيم اليهودية التقليدية.



ويبين تقرير معهد جوتمان انه في الوقت الذي فيه اقل من ربع اليهود الاسرائيليين، وربما الخمس فحسب، "متدينون"، فإن ما يقرب من اربعة اخماسهم يقررون انهم يراعون بعض الجوانب على الاقل للسُّنة اليهودية. وحتى ضمن الخمس الباقي، ضمن مَنْ يصفون انفسهم بأنهم "لا يراعون قواعد الدين بأكملها"، توجد اغلبية تراعي جانبا على الاقل من جوانب القواعد الدينية. ومن امثلة ذلك ان 6 في المئة فقط من مجموع افراد العينة يقررون انهم يندر ان يشتركوا في صلاة عيد الفصح اليهودي "سيدر" SEDER، او لا يشتركون فيها على الاطلاق، ويقرر 12 في المئة انهم يندر ان يشعلوا شموع "حانوكا40"، او لا يشعلونها أبدا. ونسبة الاسرائيليين الذين يراعون قواعد الدين نسبة عالية. ولكن يجب اضافة توضيحين. الاول هو ان الذين لا يراعون قواعد الدين هم الافضل تعليما واغلبيتهم الساحقة من الاشكيناز. ومن الناحية الاخرى، يبيّن دليل مستقل ان الالتزام بممارسة السنن اليهودية التقليدية لدى السفارديم، يقل بسرعة اكبر كثيرا من السرعة التي يقل بها الالتزام بهذه السنن لدى الاشكيناز41. وبرغم ان الذين لا يراعون قواعد الدين يشكلون اقلية واضحة من اليهود الاسرائيليين، فمن المرجح انهم يشكلون قسما كبيرا، ان لكن اغلبية، من الصفوة من اساتذة الجامعات والمفكرين والمثقفين، وهم يتربعون بقوة في وسائل الاعلام، ايضا.



ثانيا، نحن لا نعرف الاختلاف الذي يفعله هذا الاتجاه إلى السُنّة اليهودية، في حياة معظم اليهود الاسرائيليين. ولدينا كتابات كثيرة عن زيارة قبور القديسين. ولكن لا توجد لدينا، بصفة عامة، دراسات عن كيفية احتفال اليهود الاسرائيليين، بصفة عامة، وغير المتدينين منهم، بصفة خاصة، بأعياد بريتوت42 او بار او بات-ميتزفوت43 ، او بأعياد الميلاد والزواج، والاعياد اليهودية، والاعياد القومية، او الاعياد غير اليهودية، مثل ميلاد المسيح ورأس السنة الجديدة العلمانية. ولدينا بعض المواد المحدودة عن الجنازات وحفلات التأبين الخاصة، ولكنها غير كافية. فهذه الدراسات يجب ان تخبرنا بأوجه الشبه والاختلاف، من ناحية "عيداه" [ الطائفة ]، ومجموعات الاعمار، والتعليم، ومستوى مراعاة قواعد الدين، والاجيال في اسرائيل. عندئذ فحسب يمكننا ان نزعم اننا على علم بحالة التراث اليهودي او ما اذا كان هذا التراث قد اندمج او يندمج في الثقافة الاسرائيلية المعاصرة. ومن المؤكد ان امورا كثيرة سوف تظل موضوع حكم فردي. وفي اغسطس 1996، عقد افيف جيفين قرانه في حفل زواج تحدثت عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية بالتفصيل على قدر استطاعتها. وقد وجدت مشقة في تفسير اهمية هذا الحدث. هل زواج افيف جيفين نفسه ذو اهمية؟ هل عقد قرانه في حفل زواج يهودي ذو اهمية؟ هل لأن زواجه اتّبع طقوسا محافظة وليست متشددة امر ذو اهمية، او هل المهم انه اختار اتباع طقوس محافظة في حفل زواجه، وهو اقرب الى السُّنة اليهودية من الزواج الاصلاحي؟



وربما نكون قد غالينا في تقدير مستوى اندماج السُّنة اليهودية في الثقافة الاسرائيلية. ومن الامور المعتادة ملاحظة ان جميع الاسرائيليين تقريبا يحتفلون بعيد "سيدر". والنتائج التي توصل اليها تقرير معهد حوتمان تؤكد هذا. ولكننا لا نعرف الا القليل جدا عن كيفية الاحتفال ب "سيدر". ويوجد دليل قوي على ان استخدام "الهاجادا"44 وليس "الهاجادوت" المستحدثة، هي التي اتسمت بها اعياد "سيدر" في الكيبوتزات منذ مدة تتراوح بين ثلاثين وستين عاما. ولكننا لا نعرف الدور الذي يؤديه هذا في "سيدر"، ويشير شلومو ديشين، في بحث وشيك الصدور، يقوم على اساس تقارير من تلامذته في جامعة تل ابيب، الى ان قراءة "الهاجادا" يصحبها ملاحظات تحقر النص، ويكون هذا التحقير بذيئاً في بعض الاحيان45. وطلاب جامعة تل ابيب ليسوا قطاعا يمثل جميع فئات المجتمع الاسرائيلي، ولكن المرء ينتابه شعور بأن الشعائر والطقوس الدينية التي تمارس لدى نسبة لا بأس بها من اليهود الاشكيناز، على الاقل، تُفرغ من اهميتها بصورة متزايدة. ولكننا في الحقيقة لا نعرف ما يكفي عن ذلك، كما يقول ديشين. وهذا مجال اشعر بأنه مهم لفهم الثقافة الاسرائيلية، ويُحسن صنعا علماء الاجتماع وعلماء طبائع البشر ووصف الانسان بارتياده.



والحقيقة اننا ربما نكون قد قلّلنا من شأن تأثير السُنّة اليهودية على الثقافة اليهودية المعاصرة. ونتائج انتخابات 1996 تدل على ذلك. فالاغلبية الساحقة التي حصلت عليها الاحزاب الدينية واليمينية في داخل الناخبين اليهود، تعزى، بدرجة غير قليلة، الى مخاوف الكثيرين من اليهود الاسرائيليين من ان يحمل استمرار الائتلاف بين حزبي ميرتس والعمل تهديدا للثقافة اليهودية والقيم اليهودية، كما تعبر عنها سياسات الدولة في الوقت الراهن (وكون هذه المخاوف تستند الى اساس سليم، ليس مهما للحجة التي اقدمها).



وحتى الجانب المظلم له مقابل مشرق. فلجنة شنهار التي عيّنها وزير التعليم في سنة 1991، لدراسة تعليم اليهود في نظام المدارس غير الدينية، وجدت ان مواد المناهج الدراسية وتدريب المدرسين وعدد الساعات المخصصة للمواد اليهودية، لا تفي بالغرض منها تماما. وبعبارة اخرى، لم يكن نظام التعليم، وهو اقوى اداة اجتماعية في حوزة الدولة، يستخدم لدعم الثقافة اليهودية. وهذا يبعث على الامل في ان تؤدي التغيرات في التعليم الى تحسين الوضع الراهن. ولو كانت لجنة شنهار راضية عن تدريس المواد اليهودية في المدارس لزاد قلقي كثيرا بشان ما تنطوي عليه اليهودية العلمانية من امكانيات ويزيد حيوية اليهود الاسرائيليين مذابح اليهود و وعلاقات اسرائيل باليهود المشتتين في العالم, ورفاهية اليهود في جميع انحاء العالم, والقدس ودرجة القومية الاسرائيلية والمشاركة في الشعائر اليهودية, وتأكيد المعتقدات اليهودية الاساسية وقبل كل شئ الشعور القوي بالروابط العائلية والحقيقة أن الروابط العائلية يمكن أن توفر أهم قوة اندماج في المجتمع الاسرائيلي ومن الامور ذات الاهمية في هذا الشان تكرار الاشارة الى رابين على انه >> أب << وهو ما سمع من شباب اسرائيليين عقب اغتياله وهم يبدون عديمي الحيوية على نقيض قيم التضحية بالنفس لصالح الجماعة, والتكتل الشعبي والمساعدة المتبادلة وقبل كل شي قيمة العمل العضلي وهي قيم يعتبرها اساسية للثقافة العبرية للصهاينة الاوائل. ومن الناحية الاخرى تبدو المجموعة الراهنة للقيم مناسبة بشكل افضل لامة حديثة، ولكن القليل من هذا, عدا قيمة الروابط العائلية, ينعكس في وسائل الاعلام الاسرائيلية, وينعكس اقل ما يمكن في المسرح الاسرائيلي, والقيم القومية اليهودية التي يشترك فيها الاسرائيليون, على مستويات مختلفة من الالتزام, لا تنعكس في منتجات صفوة المثقفين والمفكرين في اسرائيل.



وربما توجد فجوة واسعة بين التعبير الثقافي عن الحياة الاسرائيلية في موسيقاها وفنها ومسرحها ومستوى الاهتمام والالتزام اليهوديين اللذين يوجدان في اوساط الغالبية العظمى للاسرائيليين وانا اميل الى ان اصف صفوة اساتذة الجامعات والمثقفين والمفكرين من اليهود الاسرائيليين بالاسلوب نفسه الذي وصف به الراحل كريستوفر لاتش الصفوة التي تماثلهم من اليهود الامريكيين46، وهو يقول ان افراد الصفوة قد شنوا حملة صليبية "لتوسيع مجال الاختيار الشخصي في الامور التي يشعر معظم الناس فيها بالحاجة إلى قواعد اخلاقية صلبة"47. وتبدو غالبية المجتمع:



عند صنّاع فكر المتعلمين عتيقة لا امل فيها، غير متمشية مع الاتجاهات الحديثة، وضيقة الافق. وهي تتسم في آن واحد بالسخف وبأنها تنذر بخطر غامض- لا لانها تريد الاطاحة بالنظام القديم، ولكن بالتحديد لان دفاعهم عن هذا النظام يبدو منافيا للعقل بصورة عميقة، إلى حد انه يعبر عن نفسه، في ذروة قوته، في التعصب الديني، وفي قمع الرغبات الجنسية قمعا ينفجر بين الحين والحين على هيئة عنف مضاد للنساء وللبهجة، وفي نزعة وطنية تؤيد الحروب الامبريالية، ومبدأ اخلاقي قومي يعبر عن الذكورة العدوانية. والصفوة الجديدة التي تجمع في آن واحد بين الغطرسة وعدم الشعور بالأمن، تنظر إلى الجماهير بمزيج من الاحتقار والخوف48



ولا يزال في علم الغيب ان كانت هذه الفجوة المزعومة بين الصفوة المثقفة في اسرائيل وغالبية مواطنيها يمكن سدها، وبأية طريقة يتم هذا. هل تستوعب غالبية اليهود الاسرائيليين قيم صفوتها المثقفة، ام تجد الصفوة المثقفة وسيلة للاستجابة للوجهات اليهودية للجماهير؟ وفي هذه الحالة الاخيرة، ربما تزدهر الثقافة اليهودية العلمانية في اسرائيل، وقد يتحقق هذا عن طريق اقتران ظهور صفوة جديدة بتغير ميول الصفوة الراهنة.



وهذا يجعل مسألة المستوى الذي عنده تندمج اليهودية العلمانية في حياة الناس، ومن المسائل التي يتم حولها الجدل ولم يبتّ فيها بعد. ويرجح البعض ان تظل اليهودية العلمانية من المسائل التي يتم التعبير عنها تعبيرا عاما او جماعيا. وقد يسعون إلى ايجاد معنى وانجاز روحانيين خارج عالم الثقافة اليهودية. وسوف يجد آخرون جوانب من اليهودية العلمانية يمكن ان تتحقق عند مستويات وجودية وروحانية اكبر. وكثيرون من الاسرائيليين، قد يكونون اغلبية، يفعلون هذا اليوم.



خاتمة



لا يمكن ان توجد يهودية علمانية ليس لها اصل في السُّنة اليهودية، ولا توجد سنُّة يهودية تنكر جذورها الدينية. وفي ظل هذه الفروض، ما الذي تنطوي عليه اليهودية العلمانية في اسرائيل من امكانيات؟ الحكم في هذا الامر لم يعرف بعد. والادلة مختلطة. والانطباع الذي تكون لديّ هو ازدياد تجاهل السُّنة اليهودية واللامبالاة تجاهها لدى الصفوة الاسرائيلية. ومن السهل لوم المؤسسة الدينية نفسها على هذه الحال التي وصلت اليها الامور ومن السهل الزعم ان الصفوة المتدينة قد اختصت نفسها باليهودية، وهي تفسر النصوص التقليدية والقيم التقليدية بطريقة احادية الجانب وتغلب الجنس وتتسم بخوف مرضي من الاجانب. وقد اغفلت او رفضت قيما في السُّنة اليهودية كان يمكن ان تكون منارات للرؤى والسلوك الاخلاقي لجميع الاسرائيليين. ولكنها، بدلا من ذلك، تسامحت مع السلوك الذي لا يمكن ان يوصف الا بأنه "تدنيس لاسم الرب" [ بالعبرية: HILLUL HA-SHEM ]، وهو التعبير الذي ترجع اليه هذه الصفوة. ولكن حتى لو كان البيت الديني في اسرائيل فاسدا فسادا اخلاقيا، فهذا ليس كافيا لتفسير الطابع الواهن لليهودية العلمانية. ومن الامور شديدة السهولة لوم السياسيين المتدينين او العلمانيين، مثلما فعل الراحل يوناثان شابيرو49. وهذا لا يقدم اجابة عن التساؤل عن سبب استسلام العلمانيين بسهولة شديدة في المعركة الدائرة حول تعريف طبيعة اليهودية.



والاجابة واضحة. فاليهودية العلمانية تختلف عن الدين في انها لا تولّد في قلب المؤمنين بها ما يولده الدين من التزام وحماس وثقة. ولا يتعرض إلى الضرر قدر كبير من الحياة الشخصية لليهود العلمانيين يدفع إلى بثّ الحيوية فيهم في الصراعات الدائرة حول طبيعة اليهودية. وفي الوقت الذي قد نوافق نحن جميعا على ان قدرا كبيرا معرض إلى الضرر على المستوى العام -مستقبل اسرائيل نفسها باعتبارها دولة يهودية قد يكون في الحقيقة معرضا إلى الضرر - فان الاهتمامات الايديولوجية لم تعد تولّد الجهود التي كانت تولّدها يوما ما. وسلبية اليهود العلمانيين في ما يتعلق بالقضايا العامة تجعلهم عاجزين في وجه الجمهور المتدين النشط، من ناحية، والضغوط التي تمارس لاستيعاب ثقافة ما بعد الحداثة التي تشمل العالم كله، من الناحية الاخرى.



ولكن توجد روح جماعية في داخل اليهود الاسرائيليين ربما تكون اكثر قوة من الروح الجماعية الموجودة في أي بلد ديمقراطي غربي. فاسرائيل بلد صغير، وهذا يعني ان دوائر الصداقة، او المعرفة على الاقل، تشمل نسبة كبيرة من المجتمع. ولو استطعنا تسجيل جميع معارف اليهود الاسرائيليين، ثم سجّلنا جميع معارف المجموعة الثانية، لكان من المرجح ان نجد ان معظم اليهود الاسرائيليين لا يبتعدون اكثر من خطوة واحدة او خطوتين على الاكثر عن معرفة كل منهم الآخر. وفي هذا الشأن، يشبه اليهود الاسرائيليون اليهود المتشددين في كل انحاء العالم. ثانيا، العبرية من حيث هي لغة اولى، وَقْف من الناحية الفعلية على اليهود الاسرائيليين. ودوائر المعارف وكون اللغة العبرية وقفا على اليهود الاسرائيليين، يعني انهم، مع كل ما يقومون به من رحلات ومع كل ما يتعرضون اليه من وسائل اعلام الدولة، يكونون اكثر راحة إلى حد كبير عندما يكون كل منهم موجودا مع الآخرين. ومن الصعب ان ادعم بالمستندات اعتقادي ان الاسرائيليين يسعون، اكثر من أي شعب آخر اعرفه، إلى ان يكون كل منهم في صحبة الآخر، ويشعر كل منهم بأنه مرتاح عندما يكون في صحبة الآخر بصفة خاصة، ويبدي الاحساس بالمسئولية تجاه افراد الجماعة التي ينتمي اليها. وهذه المسئولية لم تعد تمتد إلى الدولة، او حتى إلى المجتمع المدني. وهذا، ايضا، شكل من اشكال الثقافة اليهودية. وهي ليست ثقافة رفيعة. ولكنها تشكل اساسا وقاعدة يمكن ان تنشأ عليهما ثقافة يهودية اكثر نبلا.



ولكن نشوء هذه الثقافة، في الوقت الراهن على الاقل، يحتاج إلى الثقافة الدينية ايضا. ويتحدث أ. ب. ييهوشوا عن حاجة العلمانيين إلى ثقافة دينية، بسبب اتصال الثقافة الدينية بالنصوص التقليدية التي تشكل اساس الثقافة اليهودية50. ويقول عاموس عوز انه يفضل نشوء تحالف روحي مع الصهيونية الدينية، بدلا من تحالف سياسي مع اليسار "الهيلليني"51(التقليدي). ويتحدث دافيد جروسمان عن ان الثقافة الدينية القومية لها "رسالة والتزام اجتماعي" يسبغان اهمية كبيرة على التعليم، "وحيوية التعلم في الييشيفوت... والمقدرة على الجدل والتحليل الديالكتيكي المعقد، وعلى الجاذبية العقلية للفكر المجرد"52. والسبب، في اعتقادي، في ان اليهودية العلمانية تحتاج إلى تحالف مع الثقافة الدينية، هو ان اليهود العلمانيين ليست لديهم وحدهم الارادة او الانضباط الذاتي اللذين يقتضيهما تأكيد ثقافة تقوم على المسئولية والولاء.



ولا يمكن انكار ان ما تنطوي عليه اليهودية العلمانية من امكانيات، امر يبدو ان من الصعب التنبؤ به. ولكن اليهودية العلمانية موجودة في اسرائيل. وأحد الاسباب التي تجعلها تبدو ضعيفة جدا هو اننا ربما نبحث عنها في الاماكن غير الصحيحة. فنحن نقرن اليهودية العلمانية "بالثقافة العبرية"، ونضع اليهودي الجديد في مقابل "يهودي جالوت"، ونقرن اليهودية العلمانية بالهاوتزيوت [ الحركة الطلائعية ] وبالكيبوتز، وبقيم تتفق مع انبل ما في الحضارة الغربية. وبدلا من ذلك، قد يقودنا البحث إلى جماهير اليهود الاسرائيليين، عيدوت ها - مزراح [ الطوائف الشرقية ]، بصفة خاصة، الذين يحمل الكثيرون منهم معتقدات خرافية، ويتخذون مواقف تقوم على الكره المرضي للاجانب. ولكن هل هؤلاء هم شعبي؟ ما لم يعترف صنّاع الثقافة بأنهم كذلك، وما لم يحاولوا معرفة مصادر مواقفهم ومعتقداتهم، وما لم يحاولوا ان ينقلوا اليهم مصادر اعتقادهم، فإن الاغتراب لدى مَنْ هم منتجات الثقافة اليهودية العلمانية ومَنْ ينتجون الثقافة اليهودية العلمانية سوف يستمر في الزيادة.



واكون سعيدا لو ان جماهير اليهود الاسرائيليين اضفوا على انفسهم على الاقل بعض القيم المقترنة بما كان يسمى يوما ما "الثقافة العبرية"، واعتقد، بالتأكيد، ان هذه مهمة اساسية يجب ان تضطلع بها مؤسساتنا التعليمية والصفوة المثقفة لدينا. ولكن لا يمكن ان يفعل هذا غير مؤسسات واشخاص يقبلون السُّنة اليهودية والماضي اليهودي، ليكونا نقطة بداية في الجهد الذي يبذلونه.



وأخيرا، فلنمعن النظر في البديل غير الديني لليهودية العلمانية بجدية اكبر. لقد عرّفنا الثقافة بأنها مجمل طريقة حياة مجتمع ما، وتقاليده وعاداته ومعتقداته. ورأينا ان يكون البديل الرئيسي من الثقافة اليهودية هو تجريد الثقافة الاسرائيلية من يهوديتها، لتستوعب قيم الثقافة الغربية الحديثة بتركيزها على استقلال الفرد، والمذهب الفردي، ومذهب الكُليّات، وبذلك تتقوض اليهودية من حيث هي دين ومن حيث هي ثقافة قومية. ولكن ربما نكون قد بالغنا في قوة الثقافة الغربية الحديثة، لاننا اسأنا فهم طبيعة الثقافة. وكريستوفر لاتش يعتقد، بالاستناد إلى فيليب ريف، ان في قلب كل ثقافة توجد "محرمات" وهو يقول مستشهدا بريف:



الثقافة هي مجموعة من المطالب الاخلاقية - "محركات محفورة بعمق، وقد نقشت في الشخصيات المتفوقة الجديرة بالثقة". وهذا هو السبب في انه من الامور المعقولة وصف الولايات المتحدة اليوم بأنها "مجتمع بلا ثقافة". فهي مجتمع ليس فيه شيء مقدس، ولذلك، لا يوجد أي شيء محظور. وقد يعترض احد علماء طبائع البشر ووصف الانسان قائلا ان المجتمع الذي بلا ثقافة هو تعبير متناقض، ولكن ريف يعترض على الطريقة التي يقصر بها علماء الاجتماع معنى الثقافة على "طريقة الحياة." فالثقافة، كما يقول ريف، هي طريقة للحياة تساندها الارادة لادانة ومعاقبة الذين يقفون في وجه الوصايا والسنن. "وطريقة الحياة" ليست كافية. فطريقة حياة الناس يجب ان تكون راسخة في "نظام مقدس" - أي في تصور للكون، هو في النهاية تصور ديني، يبلغنا (بما لا ينبغي عمله)53



ويلاحظ لاتش انه بينما يترتب على هذا التعريف ادانة شاملة لما يسميه الطريقة الامريكية للحياة وما نسميه نحن الثقافة الغربية، فانه يتضمن، ايضا، شعاعا من امل، لانه:



اذا كانت الثقافة تستند إلى الرغبة في التحريم، فان الثقافة التي "تغفر" مثل ثقافتنا لا يمكن توقع استمراها على قيد الحياة إلى اجل غير محدود. فسوف يكون على الصفوة التي تغفر لدينا ان تعيد اكتشاف مبدأ التقييد. وقد يكون المشروع الحديث قد انطلق في مساره. و(فكرة ان الناس لا يحبون ان يخضعوا لاية قوة... غير قوتهم هم) هي فكرة لم تفقد الثقة بها، ولكنها اخذت تفقد قدرتها على الايحاء برؤى قوية المفعول للتقدم54



والميزة الكبرى للحياة في اسرائيل هي ان فرصة استعادة السُنة اليهودية واليهودية العلمانية في تناول اليد دائما، على الضد من الحياة في جولاه [ الشتات ]. والكتابات والمقالات التي دبّجها الذين شكلوا اليهودية العلمانية الحديثة، والمعرفة التي يتمتع بها الذين وجدوا اصداءها في الماضي البعيد، قد لا يكون صداها قويا مثلما كان يوما ما، ولكنها متاحة للجمهور الاسرائيلي. ويجب ان نجد طريقة لربط هذا النوع من الانتاج الثقافي بمشاغل واهتمامات جمهور الاسرائيليين الذين يحتاجون إلى ان يصبحوا اكثر وعيا بذاتهم، بشأن طبيعة اهتماماتهم اليهودية ومعناها*.



* تنويه التوضيحات بين قوسين هكذا: [ ]، او في هوامش النص، هي لـ ترجمات سياسية.



الهوامش



1 إيغال في التعبير عن الشتات، وتعني: ظلمات الغربة او المنفى.



2 بُعاز إفرون: "الدولة اليهودية او الامة الاسرائيلية؟"، ترجمه وكتب مقدمة له جيمس دياموند، (بلومنجتون، 1995).



3 يقول كيمرلنج: "يوجد يهود علمانيون في العالم وفي اسرائيل، ولكن يوجد شك خطير في شيء اسمه اليهودية العلمانية". باروخ كيمرلينج: "الدين والقومية والديمقراطية في اسرائيل"، في "زمانيم"، العددان 50 و 51 (شتاء 1994)، ص 129.



4 نوع من العجائن غير مخمّر.



5 دان اوريان: "القالب النمطي لليهودي المتدين في المسرح الاسرائيلي"، في "اساف" العدد 10 (1994)، ص 150، وهو يلاحظ انه توجد في المسرحية "اشارات كثيرة تسوي (الدين المدني الصهيوني) بالسنن اليهودية".



6 شلوميت ليفي وحنّا ليفنسون والياهو كاتز: "المعتقدات والتقيد بقواعد الدين والتفاعل الاجتماعي لدى اليهود الاسرائيليين" (القدس: معهد لويس جوتمان في اسرائيل للابحاث الاجتماعية التطبيقية، 1993). وللمزيد من التوسع في معنى هذا الرأي، انظر الفصل الخامس من كتاب "الطابع اليهودي للاسرائيليين: ردود على تقرير جوتمان" الذي اعده للنشر تشارلز س. ليبمان والياهو كاتز (الباني 1997).



7 برنارد واسرشتين: "تلاشي الشتات: اليهود في اوروبا منذ 1945" (كامبريدج: 1996)، ص 184.



8 المصدر السابق، ص 190.



9 كرستوفر كلاوسين: "مرحبا بعصر ما بعد النزعة الثقافية"، في "امريكان سكولار" 65 (صيف 1996)، ص 380.



10 ج. أ. لوندبيرج وس.س. شراج و أ.ن. لارسين: "علم الاجتماع" (نيويورك، 1963)، ص 761، وقد استشهد بها وليام ر. كاتون الابن في مقالته "تطور الفكر الاجتماعي"، في "دليل علم الاجتماع الحديث" الذي اعده للنشر روبرت فارس (شيكاجو، 1964)، ص 946.



11 اليعازر شوايد: "فكرة اليهودية باعتبارها ثقافة" (تل ابيب، 1995).



12 المصدر السابق، ص 63.



13 المصدر السابق، ص 111.



14 المصدر السابق، ص 174.



15 هذه الجهود والخلافات في الرأي بينها مسجلة في صفحات مجلة "ياهدوت هوفشيت" (اليهودية الحرة)، وهي مجلة تصدرها "الحركة العلمانية الاسرائيلية من اجل يهودية انسانية" (تنوواه هيلونيت اسرائيليت لي-ياهدوت هومانستيت).



16 شالوم ليلكر: "يهودية الكيبوتز: سُنة جديدة في طور التكوين" (نيويورك، 1982).



17 ليفي وليفنسون وكاتز: "المعتقدات والتقيد بقواعد الدين والتفاعل الاجتماعي".



18 الوصايا الدينية الاخلاقية والسلوكية.



19 الياهو كاتز: "يهودية السلوك والظواهر"، في كتاب "الطابع اليهودي للاسرائيليين" الذي اعده للنشر ليبمان وكاتز.



20 HALACHA: العقيدة اليهودية وقواعدها وقوانينها التي جمعتها الشريعة طوال القرون. مارست تأثيرا هائلا-باعتبارها تفسيرا للتوراة- في ما يتعلق بالقيمة الروحية المطلقة للارض، حيث انها ظهرت رداً على احوال اليهود في المنفى.



21 للاطلاع على مناقشة لهذه النقطة تلقى الضوء عليها، انظر رونين شامير: "المجتمع واليهودية والاصولية الديمقراطية: عن المصادر الاجتماعية للتفسير القضائي"، في كتاب "دولة يهودية وديمقراطية" الذي اعده للنشر آرئيل روزن-زفي (تل ابيب، 1996)، ص 241-260.



22 روث جافيسون: "هوية وايديولوجية وقانون دولة يهودية وديمقراطية"، في الكتاب الذي اعده للنشر روزن-زفي، مصدر سابق، ص 216.



23 توصل بحث عن شباب المدارس الثانوية الاسرائيلية في 1994، إلى ان 49 في المئة من الطلاب في مدارس الدولة الدينية قالوا انهم يكرهون العرب، مقابل 33 في المئة من طلاب المدارس الثانوية غير الدينية التابعة للدولة ياكوف ازراحي وروفن جال: "آراء طلاب المدارس الثانوية في العالم ومواقفهم بشأن المجتمع والامن والسلام" (زيخرون ياكوف، 1995)، ص 68 (بالعبرية).



24 تشارلز س. ليبمان واليعازر دون-يحيى: "الدين المدني في اسرائيل: اليهودية التقليدية والثقافة السياسية في الدولة اليهودية" (بيركلي، 1983).



25 للاطلاع على ملخص النقاش، انظر قصة الغلاف في مجلة جيروساليم ريبورت: "ابطال اسرائيل يتعرضون إلى الهجوم"، 29 ديسمبر 1994. والمقالة الرئيسية التي نشرت بقلم كاليف بن-ديفيد، ص 13-19، عنوانها الفرعي هو "في المسرح والشاشة، وفي وسائل الاعلام وكتب التاريخ، ينتقد اساطير وابطال اسرائيل والصهيونية، ويهاجمون ويعاد تقويمهم. هل هذا هو التنقيح التاريخي الصحيح لمجتمع متغير، ام ان روح الاستخفاف والتهكم المتزايدة هي التي تقوض الاسس الايديولوجية للبلاد؟" (ص13).



26 نيويورك تايمز، 31 مايو 1995، ص A 10. وقد ظهر هذا التصريح في مقالة مهمة بقلم كلايد هابرمان عنوانه "جيش اسرائيل الذي كان يوما ما حرما مقدسا، يجرد الآن من بهائه وسحره"، وهو دليل اضافي يدعم الرأي القائل ان الدين المدني الاسرائيلي يتدهور. ولذلك، كان الجيش هو المؤسسة الرئيسية فيه.



27 هآرتس، 6 أغسطس 1996، ص 4.



28 إفرايم إنبار: "حدود التفكير الاستراتيجي الجديد في اسرائيل". مجلة بوليتيكال سيانس كوارترلي، المجلد 111، العدد 1 (1996)، ص 4.



29 المصدر السابق.



30 هآرتس، 8 أغسطس 1996، ص 18.



31 اليعازر دون-يحيى: "الاعياد والثقافة السياسية: الاحتفالات بعيد الاستقلال"، جيروساليم كوارترلي، العدد 45 (شتاء 1988) ص 61-84.



32 اليعازر شوايد: "اسرائيل دولة يهودية-ديمقراطية-رؤية تاريخية ونظرية"، الباييم، العدد 11 (1995) ص 78-89، و "الدين اليهودي والديمقراطية الاسرائيلية"، ياهدوت هوفشيت، العدد 7 (ديسمبر 1995)، ص 24-30، وآشر ماعوز: "قيم دولة يهودية ديمقراطية"، في كتاب "دولة يهودية ديمقراطية" الذي اعده للنشر روزن-زفي، ص 85-169. وتوجد مادة كثيرة تدعم المقارنة بين اليهودية والديمقراطية، خاصة معاملة غير اليهود معاملة مساوية لمعاملة اليهود، في مختلف المقالات التي كتبها موشيه جرينبرج، الباحث المتخصص، اساسا في الكتاب المقدس، برغم انه لا يعالج هذا الموضوع بالتحديد. ومن امثلة ذلك كتاب موشيه جرينبرج: "دراسات في الكتاب المقدس والفكر اليهودي" (فيلادلفيا، 1995)، انظر بصفة خاصة: "البشرية واسرائيل والامم في التراث اليهودي"، ص 369-393.



33 تشارلز س. ليبمان: "مواقف نحو العلاقات بين اليهود وغير اليهود في السُنة اليهودية واسرائيل المعاصرة" (اكيجونال بيبرز، مركز كابلان، جامعة كيب تاون، 1984)، وفي وقت حديث، ستيف م. كوهين: "الليبرالية السياسية اليهودية"، كومنتري، معدة للنشر.



34 جيدون ساميت: "الامة تصعد درجة" هآرتس (28 يوليو 1995)، ص 18.



35 المجلة الادبية الجديدة "ريشوف" هي طليعة هذا الاتجاه.



36 روشيل فورستنبرج: "ما بعد الصهيونية: الآمال والمشكلات"، معدة للنشر.



37 يوسف دان، ملحق هآرتس، 3 مارس 1994 ص E1 و E8.



38 إزراهي وجال: "آراء طلاب المدارس الثانوية في العالم..." ص 124.



39 المصدر السابق، ص 182.



40 "حانوكا" هو عيد الانوار، يضيء فيه اليهودي شمعة يوميا، على مدى اسبوع كامل.



41 موردخاي بار-ليف وافراهام ليسلاو: "العالم الديني لخريجي المدارس الدينية العامة" (رامات-جان، جامعة بار-ايلان، 1994) (بالعبرية).



42 "بريتوت" هو عيد المواثيق، أي العهود الدينية التي ترتبط بالتاريخ اليهودي القديم.



43 "بار-ميتزفوت" احتفال بمناسبة بلوغ الولد السن التي يمكنه عندها ان يؤدي الشعائر الدينية، وهو سن الثالثة عشرة، ويسمى سن التكليف. وللبنت، يسمى "بار-ميتزفوت" وتبلغه عند السن ذاتها.



44 هاجادا تعني القصص، وهي احد اجزاء التلمود. تشمل خليطا من الحكايات والنوادر حول حاخامات، او اناس من العامة، وشخصيات توراتية، وملائكة، وعفاريت، وسحر، ومعجزات. توجد بكثرة في التلمود البابلي الذي تهيمن عليه اللغة الآرامية، حيث يتوقف النص فجأة ليسردها. وقد اعتبرت دائما ذات قيمة ثانوية.



45 شلومو ديشين: "الاسرائيليون العلمانيون قبيل عيد الفصح اليهودي: اتصال الرموز التقليدية والابداع فيها واقتلاعها وتدنيسها"، معد للنشر قريبا (بالعبرية).



46 كريستوفر لاتش: "ثورة الصفوة: هل الغوا ولاءهم لامريكا؟"، مجلة هاربرز 289 (نوفمبر 1974)، ص 39-49. وقد اعدت هذه المقالة بعد تنقيحها من كتاب "ثورة الصفوة وخيانة الديمقراطية" الذي نشره و. و. نورتون في سنة 1995.



47 المصدر السابق، ص 40.



48 المصدر السابق، ص 182.



49 يوناثان شابيرو: "السياسيون من حيث هم طبقة مهيمنة: حالة اسرائيل" (تل ابيب، 1996)، ص 45 FF (بالعبرية).



50 ملحق هآرتس، 29 ديسمبر 1995، ص 20-26.



51 ها-تسوفيه، ملحق السبت، 8 مارس 1996، ص 7 و ص 17.



52 دافيد جروسمان: "انا احتاج اليك، وانت تحتاج اليّ"، افار في - اتيد، 3 سبتمبر 1996، ص 7 و 8. هذه المقالة مترجمة من الاصل العبري الذي ظهر في جريدة يديعوت احرونوت، 23 نوفمبر 1995.



53 لاتش: "ثورة الصفوة"، ص 222.



54 المصدر السابق، ص 223.



* ترجمة: ترجمات سياسية- القاهرة.



** تشارلز س. ليبمان هو استاذ الدراسات السياسية في جامعة بار - ايلان.

 

التوقيع

 



من كتاباتي
صرخاااات قلم (( عندما تنزف ريشة القلم دما ))
قلم معطل وقلم مكسوووور
عندما ’تطرد من قلوب الناس !!!!!!(وتدفن في مقبرة ذاتك)
دعاة محترفون لا دعاة هواه ( 1)
الداعية المحترف واللاعب المحترف لا سواء(2)
نعم دعاة محترفين لا دعاة هواة!!!! (( 3 ))
خواطر وجها لوجه
همسة صاااااااااااارخه
خواطر غير مألوفه
اليوم يوم الملحمه ...
على جماجم الرجال ننال السؤدد والعزه
عالم ذره يعبد بقره !!!
معذرة يا رسول الله فقد تأخر قلمي
دمعة مجاهد ودم شهيد !!!!!!
انااااااااا سارق !!!!
انفلونزا العقووووووووول
مكيجة الذات
الجماهير الغبيه
شمووووخ إمرأه

 
 
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-04-2005, 03:36 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

كيف تطورت العلاقة بين اليهود والنصارى من عداوة إلى صداقة…؟ !



سليمان بن صالح الخراشي


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد .. مما تقرر عند أهل الإسلام أن العلاقة بين اليهود والنصارى هي علاقة عداوة وصراع وكيد، يشهد بذلك تاريخ الطائفتين الذي لم تجف منه الدماء بعد. وقد حكى الله عن كلا الطائفتين بأنها تقول عن صاحبتها بأنها ليست على شيء: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء).
إلا أن معظم المسلمين في هذا العصر تفاجأوا عندما رأوا أن تلك العلاقة العدائية قد تبدلت وتغيرت وانقلبت إلى الضد، ليحل محلها التعاون والدعم والتنسيق، ليتوج ذلك كله بقيام دولة لليهود على أرض فلسطين، ليتساءلوا بعدها عن الذي غيَّر الأحوال، ومزج الطائفتين في طائفة واحدة تسعى لأهداف مشتركة.
وفي هذه الرسالة التي بين يديك أيها القارئ إجابة مختصرة عن الأسباب التي غيرت العلاقة بين اليهود والنصارى من عداء إلى محبة ومن كيد إلى تعاون لنعلم كمسلمين شيئاً خفياً عن أعدائنا، وتستبين لنا سبيل المجرمين.
واعلم أن معظم ما جاء في هذه الرسالة هو ملخص من الرسالة القيمة: (حقيقة العلاقة بين اليهود والنصارى) للأستاذ الفاضل: أحمد محمد زايد(1) مع زيادات مهمة من الرسالة القيمة الأخرى: (دراسات في الأديان: اليهودية والنصرانية) للدكتور سعود الخلف(2)، وإضافات أخرى، ثم صياغة ذلك بنفس واحد.
أسأل الله أن ينفع بهذا المختصر، وأن يجعله منبهاً للمسلمين بكيد أعدائهم وحقيقة الصراع معهم. وأن ينصر الإسلام وأهله، ويذل الكفر وأهله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين

تاريخ اليهود :
نشأ إبراهيم عليه السلام في أرض بابل وما جاورها في بيئة مشركة تعبد الأصنام وقد قص الله تعالى علينا إنكار إبراهيم عليه السلام على قومه شركهم فلما لم يجد منهم استجابة لدعوته هاجر إلى فلسطين وأقام في مدينة نابلس.
-لما حدث قحط وجدب في فلسطين هاجر إبراهيم إلى مصر مع زوجته سارة، وحصلت لهم أحداث كثيرة، ثم أهداه فرعون مصر جارية اسمها هاجر أنجبت له إسماعيل عليه السلام، فأخذها إبراهيم عليه السلام وابنها ووضعهما في مكة. ثم بنى هو وإسماعيل الكعبة –كما هو معلوم-.
- رزق الله إبراهيم ابنه (اسحق) من زوجته سارة. فلما كبر اسحق تزوج وأنجب ولدين هما (عيصو) و(يعقوب) وهو المسمى إسرائيل، وإليه ينتسب بنو إسرائيل .
-ورزق يعقوب باثني عشر ولداً كان أحبهم إليه (يوسف) عليه السلام الذي تآمر عليه إخوته –كما هو معلوم- وألقوه في الجب … الخ القصة المذكورة في سورة يوسف.
-استدعى يوسف أهله إلى مصر بعد أن كانوا يعيشون في فلسطين، فعاش بنو إسرائيل من بعده في مصر.
- لما اشتد أذى الفراعنة لبني إسرائيل في مصر بذبح أبنائهم واستحياء نسائهم بعث الله موسى وأخاه هارون إلى فرعون، وقد قص الله نبأ ما حدث بينهم إلى أن خرج بنو إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام من مصر وتبعهم فرعون وجنوده فأهلكهم الله في اليم.
- قدَّر الله على بني إسرائيل أن يتيهوا في الأرض بعد خروجهم من مصر عقاباً لهم لعدم قتالهم الجبابرة المستولين على بيت المقدس، قال سبحانه (…قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين)
- في فترة التيه توفي موسى وهارون عليهما السلام فتولى قيادة بني إسرائيل (يوشع بن نون) خليفة موسى عليه السلام. الذي فتح الله على يديه بيت المقدس.
- بعد استقرار بني إسرائيل في فلسطين مر اليهود بثلاثة عهود متتالية:
1- عهد القضاة؛ حيث كانت جميع أسباطهم تحتكم إلى قاضٍ واحد فيما شجر بينهم، واستمر هذا العهد حوالي 400 سنة.
2- عهد الملوك : وهو المذكور بعقوله تعالى (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله..) فجعل الله عليهم طالوت ملكاً، ثم ملكهم بعده داود، ثم ابنه سليمان عليهما السلام.
3- عهد الانقسام : وهو العهد التالي لسليمان عليه السلام حيث تنازع الأمر بعده ابنه (رحبعام بن سليمان) و(يربعام بن نباط)، فاستقل (رحبعام) بسبط يهوذا وسبط بنيامين وكون دولة سميت بدولة يهوذا نسبة إلى سبط حكامها وهو سبط يهوذا الذي من نسله داود وسليمان عليهما السلام وكانت عاصمتها بيت المقدس.
واستقل يربعام بن نباط ببقية الأسباط (وهي عشرة) وكون دولة إسرائيل شمال فلسطين وعاصمتها نابلس، وهم من يسمون (السامريين) نسبة إلى جبل هناك يسمى شامر .
-كان بين الدولتين عداء بدون قتال.
- سقطت دولة إسرائيل بيد الآشوريين بقيادة ملكهم (سرجون) عام 722 ق.م، وسقطت دولة يهوذا بيد الفراعنة عام 603 ق.م
- في حدود عام 586 ق.م تقريباً أغار (بختنصر) ملك بابل على فلسطين فطرد الفراعنة، ثم دمر دولة يهوذا التي تمردت عليه وأسر عدداً كبيراً من اليهود وأجلاهم إلى بابل بما عرف بـ (السبي البابلي) .
- في سنة 538 ق.م تغلب (كورش) ملك الفرس على البابليين فأطلق سراح اليهود ورجع كثير منهم إلى فلسطين.
- في سنة 135ق.م أخمد الرومان في عهد الحاكم (أدريان) ثورة قام بها اليهود فدمروا البلاد وأخرجوهم، فأصبح اليهود مشتتين في بقاع الأرض. قال سبحانه (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم وقطعناهم في الأرض أمما…) .
- في زمن سيطرة الرومان على فلسطين بعث الله عيسى عليه السلام رسولاً إلى بني إسرائيل، قال تعالى (ورسولاً إلى بني إسرائيل) فدعاهم لإصلاح فسادهم، فاستجاب له بعض اليهود، وأما الكهنة فقد ناصبوه العداء لأنه كشف خداعهم ومفاسدهم. فانقسم بنو إسرائيل قسمين كما قال تعالى (فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة) فالقسم الأول هم (النصارى) والقسم الثاني هم (اليهود) .
-سعى كهنة اليهود وأحبارهم إلى الحاكم الروماني وأثاروه على عيسى عليه السلام ورغبوه في قتله. فنفذ طلبهم. ولكن الله رفع عيسى عليه السلام إليه وألقى شبهه على غيره فصلبوا الشبيه، قال تعالى (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ) وقال (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً) .

مصادر دين اليهود :
1-التوراة أو العهد القديم ويتكون من 39 كتاباً هي أربعة أقسام :
القسم الأول: أسفار موسى وهي خمسة: سفر التكوين، سفر الخروج، سفر اللاويين، سفر العدد، سفر التثنية . وهذه الخمسة يطلق عليها (التوراة) .
القسم الثاني: الأسفار التاريخية وهي اثنا عشر : يوشع والقضاة، راعوث، صموئيل، الملاك، أخبار الأيام، عزرا، نحميا، استير . وينقسم كل من صموئيل والملوك وأخبار الأيام إلى قسمين.
القسم الثالث: الأسفار الشعرية، وهي خمسة: أيوب، مزامير داود، أمثال سليمان، الجامعة من أمثال سليمان، نشيد الأنشاد لسليمان .
القسم الرابع: أسفار الأنبياء، وعددها 17: أشعياء ، إرميا، مراثي إرميا، حزقيال، دانيال، هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، يونان، ميخا، ناحوم، حبقوق، صفنيا، حجي، زكريا، ملاخي.
2-التلمود: ومعناه "كتاب تعليم ديانة وآداب اليهود" وهو روايات شفوية تناقلها الحاخامات من جيل إلى جيل. جمعها الحاخام (يوضاس) في كتاب سماه (المشنا) أي الشريعة المكررة. ولشرح المشنا كتبت (الجمارا) ومنهما يتكون التلمود.
3-البروتوكولات : وهي مقررات تتلخص فصولها في تدبير الوسائل للسيطرة على السياسة العالمية.

تاريخ النصارى :
-وهم من تبع عيسى عليه السلام من بني إسرائيل –كما سبق-. سموا بذلك لأنهم ناصروه أو نسبة لبلدة (الناصرة) وهي قرية المسيح.
-بعد رفع الله تعالى لعيسى عليه السلام لم تمض بضع سنين حتى اختلف النصارى في المسيح عليه السلام، قال سبحانه (وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن).
-في سنة 325م عقد اجتماع بأمر الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي اعتنق النصرانية يضم ممثلين لجميع الكنائس المسيحية للفصل في الخلاف في ألوهية المسيح عليه السلام. فخلصوا إلى قرارات من أهمها : إثباتهم ألوهية المسيح! وحرق كل كتاب لا يقول بذلك!
-في سنة 381م عقد المجمع القسطنطيني الأول فقرر ألوهية (روح القدس).
- وبذلك أصبحت العقيدة النصرانية تقوم على هذين العنصرين:
1- التثليث، والإيمان بثلاثة أقانيم(3) .
وقد كفرهم الله بهذا في قوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) .
2- صلب المسيح فداء عن الخليقة . وقيامه من قبره ورفعه

مصادر النصارى :
يعتبر الكتاب المقدس بعهديه القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل) هو مصدر النصرانية .
أما الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام. والذي قال الله تعالى فيه (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين) هذا الإنجيل غير موجود اليوم بيد النصارى! ولعل هذا مصداقاً لقوله تعالى (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذُكروا به) أما الذي بين يدي النصارى اليوم فإنه أربعة أناجيل !
1-إنجيل متى. 2-إنجيل مرقص. 3- إنجيل لوقا. 4-إنجيل يوحنا.
وهذه الأناجيل الأربعة لم ينسب واحد منها إلى المسيح عليه الصلاة والسلام، وإنما هي منسوبة إلى هؤلاء الأشخاص الذي يزعم النصارى أن اثنين منهم (متى ويوحنا) من الحواريين.
وهذه الأناجيل تحتوي على تاريخ لعيسى عليه السلام؛ حيث ذكر فيها ولادته ثم تنقلاته في الدعوة ثم نهايته بصلبه (كما يزعمون) ثم قيامه وصعوده إلى السماء. كما تحتوي على مواعظه وخطبه ومجادلاته مع اليهود، ومعجزاته .
فهذه الأناجيل أشبه ما تكون بكتب السيرة إلا أن بينها اختلافات ليست بقليلة، وبعضها اختلافات جوهرية لا يمكن التوفيق بينها إلا بالتعسف(4).
إضافة إلى أن هذه الأناجيل الأربعة لم تعرف إلا في زمن متأخر بعد رفع المسيح عليه السلام حوالي (166-170م) حيث لم يُشر إليها أحد من المتقدمين من النصارى .

فرق النصارى:
1-الكاثوليك: وهم أتباع البابا في روما وأهم ما يتميزون به هو:
1- قولهم بأن الروح القدس انبثق من الأب والابن معا .
2- يبيحون أكل الدم والمخنوق .
3- أن البابا في الفاتيكان هو الرئيس العام على جميع الكنائس الكاثوليكية.
4- تحريم الطلاق بتاتاً حتى في حالة الزنا.
والكاثوليك هم أكثر الأوربيين الغربيين وشعوب أمريكا الجنوبية وتُسمى كنيستهم الكنيسة الغربية.
2-الأرثوذكس : وهم النصارى الشرقيون الذين تبعوا الكنيسة الشرقية في القسطنطينية(5) وأهم ما يتميزون به هو:
1- أن الروح القدس انبثق عندهم من الأب فقط .
2- تحريم الطلاق إلا في حالة الزنا فإنه يجوز عندهم .
3- لا يجتمعون تحت لواء رئيس واحد بل كل كنيسة مستقلة بنفسها.
وهذا المذهب منتشر في أوربا الشرقية وروسيا والبلاد العربية؛ كمصر .
3-البروتستانت: ويسمون: "الإنجيليين"، وهم أتباع مارتن لوثر الذي ظهر في أوائل القرن السادس عشر الميلادي في ألمانيا وكان ينادي بإصلاح الكنيسة وتخليصها من الفساد الذي صار صبغةً لها –كما سيأتي إن شاء الله-.
وأهم ما يتميز به أتباع هذه النحلة هو:
1- أن صكوك الغفران دجل وكذب وأن الخطايا والذنوب لا تغفر إلا بالندم والتوبة.
2- أن لكل أحد الحق في فهم الإنجيل وقراءته وليس وقفاً على الكنيسة.
3- تحريم الصور والتماثيل في الكنائس باعتبارها مظهراً من مظاهر الوثنية.
4- منع الرهبنة.
5- أن العشاء الرباني تذكار لما حل بالمسيح من الصلب في زعمهم، وأنكروا أن يتحول الخبز والخمر إلى لحم ودم المسيح عليه السلام.
6- ليس لكنائسهم رئيس عام يتبعون قوله.
وهذه النحلة تنتشر في ألمانيا وبريطانيا وكثير من بلاد أوربا وأمريكا الشمالية(6).

موقف اليهود من عيسى عليه السلام:
1-الطعن في مولده عليه السلام : لأنه مولود من أم دون أب. وهذا الأمر ليس بغريب على اليهود الذي تطاولوا على الخالق –جل وعلا-.
2-الكفر بدعوته ونبوته، وإنكار معجزاته.
3-التآمر على قتله وصلبه. إلا أن الله رفعه وألقى شبهه على غيره –كما قرر ذلك القرآن الكريم-.

موقف اليهود من أتباع عيسى عليه السلام :
بعد أن رفع الله عيسى عليه السلام استمر اليهود في الكيد لأتباعه وتعقبهم والتآمر عليهم. وقد حفظ التاريخ عدداً من تلك المؤامرات والمكايد، من أشهرها قصة أصحاب الأخدود التي قصها الله علينا في القرآن، وهي تحكي مقتل آلاف النصارى حرقاً على يد اليهودي (ذي نواس) سنة 524م في نجران .
ولقد كان اليهود إلى وقت قريب يقولون: "يجب على اليهود السعي الدائم لغش المسيحيين"(7)، ويقولون: "من يفعل خيراً للمسيحيين فلن يقوم من قبره قط"(8).

موقف النصارى من اليهود :
بعد أن دارت الدائرة على اليهود وأصبحوا مشردين في الأرض تسلط النصارى عليهم وانتقموا منهم في حوادث كثيرة سجلها التاريخ، من ذلك أن القدس لما سقطت بأيدي الحملة الصليبية قام النصارى بإحراق اليهود في معابدهم، ومن ذلك طردهم المتكرر من بلاد أوربا، إلى غير ذلك من الحوادث التي من آخرها ما قام به هتلر من حرق اليهود وطردهم لما علم خطرهم ومكرهم. ولقد كان النصارى إلى وقت قريب يقولون : "يعتبر اليهود خطراً على جميع شعوب العالم، وخاصة الشعوب المسيحية"(9). ويقولون: "يتضمن التلمود كل الكفر والإلحاد والخسة"(10).
وقد قال الله تعالى عن الطائفتين (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء)
أما عداوة الطائفتين للإسلام وأهله فهي لا تخفى على مسلم منذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم .

كيف انقلبت العداوة إلى صداقة وتعاون ؟ !

علمنا –سابقاً- أن العلاقة بين اليهود والنصارى كانت إلى وقت قريب علاقة عداء وصراع وانتقام متبادل. فما الذي تغير حتى أصبحنا نرى كثيراً من النصارى اليوم (وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا) يتعاونون مع اليهود ويمدونهم بألوان المساعدات المتنوعة ويمكنونهم من الاستيلاء على فلسطين كما هو مشاهد؟!
-كانت الكنيسة قبل حركة الإصلاح الديني تمارس تسلطاً على رقاب النصارى وتكبت حرياتهم وتفرض آراءها عليهم ولو كانت مخالفة للعلم، وتنتقم ممن يخالف تعاليمها ولو كان نابغاً بالحرق أو القتل .
-وزاد من تسلطها أنها استأثرت بفهم الكتاب المقدس وتفسيره دون سائر النصارى، وما على الآخرين إلا قبول آرائها وتفسيراتها دون نقاش .
-وبلغ انحرافها مبلغه عندما أصدرت (صكوك الغفران) للمذنبين! يشتريها المذنب من الكنيسة ليضمن بعدها أنه مغفور له من الله! تعالى الله عن قولهم.
-لما كان الحال هكذا اشتدت الحاجة إلى حركة إصلاحية تقف في طريق هذه الانحرافات الكنسية . وكانت هذه الحركة بقيادة (مارتن لوثر) المولود في ألمانيا عام 1482م، وكان قسيساً وأستاذاً لعلم اللاهوت .
- قام لوثر بثورته أو احتجاجه لإقرار هذه المبادئ:
1- جعل الكتاب المقدس المصدر الوحيد للمسيحية، ورد كل ما جاء عن البابوات .
2- من حق كل مسيحي أن يقرأ الكتاب المقدس وأن يفسره.
3- عدم اعترافه بنظام (البابوية) .
4- مطالبته بزواج القساوسة .
5- عدم إيمانه بالأسرار الكنسية المزعومة؛ كمسألة الاستحالة .
-هذه أبرز مطالب الحركة الاحتجاجية أو الإصلاحية بقيادة (لوثر) والتي سميت في ما بعد بـ(البروتستانت). ويلاحظ أنها ركزت على تغييرات شكلية لم تكن هي السبب في انحراف الكنيسة، وأبقت على جذور الانحراف والضلال من تحريف الكتاب المقدس، والصلب، والتثليث، وغير ذلك. فكانت ثورة شكلية انتفع منها اليهود –كما سيأتي- ولم ينتفع منها النصارى.
-بعد قيام هذه الحركة الإصلاحية لقيت الاضطهاد والتضييق من الكنيسة (الكاثوليكية) مصداقاً لقوله تعالى (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة)
-كان لحركة الإصلاح الديني "البروتستانتية" أثر كبير في إحداث تغيير في طبيعة العلاقة بين اليهود والنصارى، يتبين ذلك مما يلي:
أولاً: كان النصارى –جميعهم- قبل عصر الإصلاح الديني بقيادة البابا يعادون اليهود ويقودون حملات التطهير والإبادة ضدهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
ثانياً: "حافظت الكنيسة الكاثوليكية –إلى عهد قريب- على موقف ثابت من المسألة اليهودية يقوم على رفض التصالح مع اليهود إلا إذا اعترفوا بالمسيح واعتنقوا النصرانية"(11) .
ثالثاً: "لم يكن في الفكر الكاثوليكي التقليدي قبل عهد الإصلاح الديني أدنى مكان لاحتمال العودة اليهودية إلى فلسطين، أو لأية فكرة عن وجود الأمة اليهودية، وكان القساوسة يرفضون التفسير الحرفي للتوراة ويفضلون تفسيرات لاهوتية أخرى وبخاصة المجازية التي أصبحت الأسلوب الرسمي للتفسير التوراتي"(12).
ومن هنا وعلى ضوء مفاهيم العهد الجديد أخذت كل التنبؤات والوعود المتعلقة باليهودية اتجاهاً تفسيرياً جديداً استبعد أي تدخل بشري أو عمل سياسي يقضي أو يفضي إلى عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لليهود بها"
يضاف إلى ذلك أن العهد القديم كان "حتى أواخر القرن الرابع عشر حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه إلا قلة من رجال الإكليروس الذين يعرفون العبرية واللاتينية"(13) .
-إذاً فاليهود في نظر المسيحيين –على ضوء ما سبق- مارقون كفار يجب اضطهادهم. وفسرت وعودهم على ضوء العهد الجديد بأسلوب يسلبهم كل حق، وكتابهم حبيس ولغتهم مندرسة.
هذا هو وضع اليهود كشعب وكتاب ووعود ولغة قبل حركات الإصلاح. ثم جاء البروتستانتية "حركة الإصلاح" فشكلت مسار التغيير في كل ما سبق فانقلبت الأمور إلى اتجاه معاكس تماماً لما كانت عليه المسيحية قبل عصور الإصلاح الديني.
فحصل اليهود من حركة الإصلاح الديني على ما لم يكونوا يحلمون به حيث "إن رياح التغيير في الموقف المسيحي تجاه اليهود بدأت تهب منذ ظهور الحركة الإصلاحية البروتستانتية في القرن السادس عشر، حين أطاحت هذه الحركة بحق الكنيسة في احتكار تفسير الكتاب المقدس وتحديد الرؤية المسيحية الفكرية، وبذلك تم إحياء النص التوراتي وبدأ التفسير الحرفي للنصوص المتعلقة باليهود يحل محل التأويلات والتفسيرات التي تبنتها الكنيسة الكاثوليكية الأم، وبدأت النظرة إلى اليهود تتغير تدريجياً"(14).
اعتمد هذا التغير على المبدأ الذي نادى به لوثر وهو إلغاء احتكار الكنيسة ورجال الدين حق تفسير الكتاب المقدس، ودعوته الشعب أن يتعامل مباشرة مع الكتاب وجعله المصدر الوحيد للمسيحية باعتباره مصدر المسيحية النقية.
وبذلك "جاءت البروتستانتية بفكرة إقامة الحقيقة الدينية على أساس الفهم الشخصي دون فرض قيود على التفسيرات التوراتية، فكان كل بروتستانتي حراً في دراسة الكتاب المقدس واستنتاج معنى النصوص التوراتية بشكل فردي، وهكذا فتح الباب للبدع في اللاهوت المسيحي وأصبح التأويل الحرفي البسيط هو الأسلوب الجديد في التفسير بعد أن هجر المصلحون البروتستانت الأساليب التقليدية الرمزية والمجازية"(15) ولما اعتمد البروتستانت على الكتاب المقدس (العهد القديم كأصل) وآمنوا بوجوب التعامل الفردي المباشر مع نصوصه تاركين الأساليب المجازية التقليدية في تفسير هذه النصوص كان أول ما يفتحونه العهد القديم فتقع أعينهم على التنبؤات والوعود اليهودية فيفهمونها بحرفيتها دون تأويل ويعتقدون مضمونها .
وقد تولدت عن هذا نظرة جديدة عن اليهود حاضراً وماضياً ومستقبلاً ونتج ما يلي:
1-"أصبح العهد القديم المرجع الأعلى لفهم العقيدة المسيحية وبلورتها"(16).
2-"اعتبرت اللغة العبرية –باعتبارها اللغة التي أوحى بها الله، واللسان المقدس الذي خاطب به شعبه المختار –هي اللغة المعتمدة للدراسة الدينية"(17) .
إن هاتين النتيجتين اللتين أفرزتهما حركة الإصلاح تعدان نقلة ذات أهمية في تاريخ اليهود، كما تعد نقلة ذات أهمية أيضاً في تاريخ العلاقة بين الطائفتين.
فالعهد القديم الذي ظل حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه أحد إلا القليل أصبح على يد البروتستانت المرجع الأعلى للنصارى فيما يخص اليهود بل في فهم العهد الجديد. واللغة العبرية التي اعتبرت "الأساطير الكاثوليكية التقليدية أن دراستها تسلية الهراطقة وكان تعلمها في نظر الكثيرين بدعة يهودية، واتخذت خطوات عنيفة لاجتثاثها"(18) هذه اللغة أصبحت بعد حركة الإصلاح جزءاً من الثقافة الأوربية "فقد أصبح العالم يتقن اللاتينية واليونانية والعبرية وأصبحت العبرية جزءاً من المنهج الدراسي اللاهوتي، وفي نهاية القرن السادس عشر أخذت الحروف العبرية تستعمل في الطباعة، وانكب المسيحيون العاديون ورجال الدين على دراسة أدب الأحبار، وأعجب المسيحيون أيما إعجاب بالعبرية واقترن في أذهان كثير من المجموعات والفرق البروتستانتية مع إعجابهم بالعبرية إعجابهم بالمبادئ والقيم اليهودية.
وتسربت الروح العبرية اليهودية إلى الفنون والآداب فكان الفنانون يرسمون ويحفرون مناظر من الكتاب المقدس، وحلت قصص وتفسيرات العهد القديم محل المسرحيات التي كانت تمثل حياة القديسين، وأصبحت شخصيات العهد القديم كأبسالوم وإيستر ويوحنا وجوزيفوس وغيرهم تبدو على أنها شخصيات تحتذى في أخلاقها"(19) .
وهكذا تسربت الأدبيات اليهودية إلى صميم العقيدة والفكر المسيحي وكانت هذه الأدبيات تدور حول أمور ثلاثة:
"الأمر الأول: هو أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنهم يكونون بذلك الأمة المفضلة على كل الأمم.
الأمر الثاني: هو أن ثمة ميثاقاً إلـهياً يربط اليهود بالأرض المقدسة في فلسطين، وأن هذا الميثاق الذي أعطاه الله لإبراهيم عليه السلام هو ميثاق سرمدي حتى قيام الساعة.
الأمر الثالث: هو ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون، أي بإعادة وتجميع اليهود في فلسطين حتى يظهر المسيح فيهم"(20) .
وآمن النصارى البروتستانت أن مساعدة اليهود لتحقيق هذه الغاية –وقيام دولة صهيون- أمر يريده الله لأنه يعجل بمجيء المسيح الذي يحمل معه الخلاص والسلام، وساد الاعتقاد أن النصارى المخلصين سوف يعيشون مع المسيح في فلسطين ألف سنة في رغد وسلام قبل يوم القيامة طبقاً لبعض التفسيرات الحرفية لسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي.
وهكذا ظهر اتجاه جديد في المسيحية يحيي الهالة التي أضفتها التوراة على بني إسرائيل، ويوجب على المسيحيين التدخل البشري لتحقيق وعود يهودية واردة في التوراة، كما قام هذا الاتجاه الهائل بدعم اليهود والدعوة إلى قيام كيان لهم في فلسطين، كما تزعم هذا الاتجاه حركة الدعوة لانبعاث اليهود وتسفيه التحقير المسيحي لليهودية والمطالبة بضرورة رفع الظلم والاضطهاد عن هذا الشعب المختار وفقاً للإيمان الحرفي بالكتاب المقدس.
-وجد اليهود في هذه الفرصة من يناصرهم ويدعو إلى قضاياهم ويتحالف معهم بعد أن كانوا مضطهدين .
-إن الأدبيات التي تسربت إلى العقيدة المسيحية يصح أن نطلق عليها تهويداً للمسيحية أو بعثاً لليهودية والعبرية. وإن المحاور الثلاثة التي تدور حولها هذه الأدبيات والمذكورة قبل قليل: لهي اليوم "قاعدة الصهيونية المسيحية التي تربط الدين بالقومية، والتي تسخر الاعتقاد الديني المسيحي لتحقيق مكاسب يهودية"(21) وهكذا ولدت الصهيونية في أحضان البروتستانتية قبل هرتزل بثلاثة قرون "وكانت أنشودة مسيحية قبل أن تصبح حركة سياسية يهودية كما قال "كينين" أحد أبرز القيادات الصهيونية اليهودية الأمريكية في كتابه (خط الدفاع الإسرائيلي)، وإن أول من رفع شعار "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" هم أصوليون مسيحيون، وإن المسيحية اليهودية هي التي مهدت لظهور الصهيونية اليهودية ودعمتها لتنفيذ المشروع الاستيطاني فوق أرض فلسطين، وهي التي خلقت تياراً شعبياً قوياً ينحاز دائماً إلى الحركة الصهيونية ويضغط دائماً على مؤسساته الرسمية لتمنحها الدعم والمساندة وتحقيقاً لأهدافها العدوانية التوسعية"(22).
-لقد كان هؤلاء المسيحيون الجدد يعتقدون أن هناك ثلاث إشارات يجب أن تسبق عودة المسيح: "الإشارة الأولى هي قيام إسرائيل، وقد قامت إسرائيل في العام 1948م. ولذلك اعتبر الصهيونيون المسيحيون في الولايات المتحدة هذا الحدث أعظم حدث في التاريخ لأنه جاء مصدقاً للنبوءة الدينية.
الإشارة الثانية هي احتلال مدينة القدس، ولقد احتلت إسرائيل القدس في العام 1967 التي ينظر الإنجيليون من الصهيونيين المسيحيين على أنها المدينة التي سيمارس المسيح حكم العالم منها بعد قدومه الثاني المنتظر. ولذلك تضغط الكنائس الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل. ولقد تجاوب مجلسا الشيوخ والنواب مع هذه الضغوط في إبريل – نيسان 1990.
الإشارة الثالثة هي إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى. ولقد وضعت خريطة الهيكل الجديد، فيما تتواصل الحفريات تحت المسجد بحجة البحث عن آثار يهودية مطمورة. وفي الوقت نفسه يتم إعداد وتدريب كهان الهيكل في معهد خاص بالقدس. أما الأموال اللازمة فقد جمع معظمها وأودع في حساب خاص باسم مشروع بناء الهيكل.
ويزعم هؤلاء أنه بعد اكتمال المشروع، ستقع هرمجدون(23) التي يظهر المسيح فوقها مباشرة وسيرفع إليه بالجسد المؤمنين به ليحكم العالم من القدس مدة ألف عام تقوم بعدها القيامة(24).
-مما سبق يتضح لنا كيف كان لحركة الإصلاح الديني الدور الأكبر والأساسي لتحويل مسار العلاقة بين اليهود والنصارى من صراع دموي إلى تحالف استراتيجي آثم اعتُبر المسلمون في نظره –رغم إيمانهم بالمسيح- أعداءً للمسيحية، وانقلبت النظرة بالنسبة لليهود الذين حاربوا المسيح وكذبوه وصلبوه –كما زعموا- فأصبحوا هم الحلفاء والأصدقاء والسادة!! والعجيب أن تنتشر هذه الدعوة في دول عديدة من دول أوربا على رأسها إنجلترا التي أخذت على عاتقها مناصرة اليهود من خلال معتقداتها الإصلاحية الأصولية المسيحية اليهودية.
-ولما كانت حركة الإصلاح تخالف ما عليه الكنيسة الكاثوليكية فقد نالها من التضييق والاضطهاد الكثير والكثير.
فقد دعا "البابا ليو العاشر، مارتن لوثر إلى روما في 7 يوليو سنة 1518م فلم يلب الدعوة وردّ على نائبه رداً شديداً قاسياً ونشر أن البابا ليس معصوماً وأن الكتاب المقدس وحده هو القاعدة الحقيقية للتعليم المسيحي .
ثم دعاه البابا ثانية إلى روما فلم يجب فبادر إلى حرمانه فأحرق لوثر قرار الحرمان فكان قرار مجمع ودمن سنة 1521م بطرد لوثر وإهدار دمه وحرم قراءة كتاباته وإحراقها، ثم لما التف الناس حوله قرر المجمع إلغاء ما سبق"(25) وإذا كان لوثر قد نجا بعض الشيء من هجمات الكاثوليك فإن أتباعه لم يسلموا من صراع دموي رهيب(26) اضطرهم في كثير من الأحيان إلى الهجرة خارج أماكن الصراع هرباً بمعتقداتهم من الفتنة. "وإذا كانت محاكم التفتيش في الأندلس قد دفعت باليهود إلى أوربا هرباً بدينهم فإن الصراع الديني في أوربا حمل مطلع القرن السابع عشر المتهودين الجدد إلى العالم الجديد"(27) أمريكا التي اكتشفت سنة 1492م.
وكان لهجرة البروتستانت آثار مباشرة وواضحة في بلورة الشخصية الأمريكية بالصورة التي نراها عليه اليوم .
-وهكذا انتشرت "البروتستانتية" في أوربا وأمريكا وعلى إثر ذلك تشكلت أكبر قوة معادية للإسلام بدت في أشكال تحالفية ضد الدين الحق ساعية إلى تحقيق وعود مفتراة غير عابئة بقيم أو أخلاق أو إنسانية.
-إذاً فقد أصبح على رأس سياسات الدول البروتستانتية (وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا) دعم قيام دولة لليهود على أرض فلسطين، فلهذا انهالت المساعدات المتنوعة لأجل ذلك حتى تحقق ذلك بعد وعد بلفور الشهير وزير خارجية بريطانيا، عام 1917م، ولم تقف بريطانيا عند حدود الكلام والوعود، بل شرعت في التنفيذ عملياً، وذلك بمساعدة عصبة الأمم، وما فرضته من انتداب على فلسطين وتسهيل هجرة اليهود إليها ثم تمكينهم من إحكام قبضتهم عليها وتسليمها لهم، وأوربا تعلم ذلك كله وتباركه، ووقفت بريطانيا محتضنة للصهيونية نظرياً حيث تعهدتها منذ بذرتها الأولى، وعملياً حتى تسليمها لليهود أرض فلسطين بعد إنهاء الانتداب في 14 مايو 1948م ليعلن عن قيام دولة إسرائيل في 15 من نفس الشهر(28)، من أجل ذلك فلا عجب "إذا اختار حاييم وايزمان" وهو يهودي ومن بريطانيا وشغل منصب أول رئيس لدولة إسرائيل بعد قيامها في 1948م- لا نعجب إذا اختار وايزمان لندن مقراً للصهيونية العالمية، دون أن تعترض عليه أي دائرة سياسية بريطانية"(29). ولا نعجب أيضاً إذا سمعنا هرتزل يقول: "إنني لأول لحظة انضممت فيها إلى الحركة الصهيونية اتجهت عيناي إلى إنجلترا، لأنني رأيت بسبب الأحوال العامة أن في إنجلترا نقطة الارتكاز التي يمكن أن تتحرك عليها الرافعة"(30) .
-ومع أن إنجلترا كانت أول الدول وأشدها حماسة للصهيونية نظرياً وعملياً إلا أن دولاً أوربية كثيرة لم تكن أقل حماساً من بريطانيا. ففرنسا مثلاً كانت من "أول من طرح بشكل جدي فكرة توطين اليهود في فلسطين. فقد أعدت حكومة الإدارة الفرنسية 1798 خطة سرية لإقامة "كومنولث يهودي في فلسطين" حال نجاح الحملة الفرنسية في احتلال مصر والمشرق العربي بما فيه فلسطين"(31).
أما أمريكا (البروتستانتية) فإنها فاقت بريطانيا ودول أوربا في دعمها لليهود منذ قيام دولتهم، وهذا لم يعد يخفى على أحد، وإليك شيئاً مما قام أو صرح به رؤساؤها لتزداد يقيناً بذلك:

1-الرئيس جيفرسون: الذي بلغ من تأثير الصهيونية المسيحية فيه حداً كبيراً اقترح فيه اتخاذ رمز لأمريكا يمثل أبناء إسرائيل تظلهم غيمة في النهار، وعمود من نور في الليل بدلاً من شعار النسر(32)، وذلك توافقاً مع ما تتضمنه الآية 12 من الإصحاح 13 الواردة في سفر الخروج: كان الرب يسير أمامهم خلال النهار في عمود من السحاب ليهديهم الطريق، ويسير أمامهم خلال الليل في عمود من نار ليضيء لهم".
2- ودور ويلسون: "حاكم أمريكا أثناء الحرب العالمية الأولى من عام 1912م ومروراً بسنوات حكمه كان يقدر اليهود، ويعلي من شأنهم وليس أدل على ذلك من جعله "برنارد باروخ" وهو يهودي مستشاره للشؤون الاقتصادية، وجعله اليهودي "لويس برانديس" مستشاراً قضائياً، بل جعله رئيساً للمحكمة الأمريكية العليا. وفي الوقت نفسه يرفض ويلسون المستر "تافت" رئيس الجمهورية السابق في هذا المنصب الخطير ويرشح هذا اليهودي (33) ولما زار بلفور الولايات المتحدة في 20 إبريل 1917م وعده ويلسون حينذاك بتقديم كل عون لليهود، بل إن بلفور طلب من "برانديس" أن يكون على اتصال دائم مع حاييم وايزمان لتنسيق الخطوات في شأن إقامة إسرائيل- كل ذلك على علم من ويلسون.
وبعث ويلسون رسالة رسمية لزعيم الصهيونية الأمريكية الحاخام "ستيفن وايز" مصدقاً بشكل رسمي على وعد بلفور(34) وأعلن لكثير من زعماء اليهود تأييده لوعد بلفور، ولم يكن هذا كله بضغط من اليهود المحيطين بالرئيس، إنه بروتستانتي "ينحدر من أبوين ينتميان للكنيسة المشيخية وقد نشأ على التعاليم البروتستانتية الأمريكية التي كانت تؤمن بالأسطورة الصهيونية"(35) حتى قال عن نفسه: "إنه يجب على ابن راعي الكنيسة أن يكون قادراً على المساعدة لإعادة الأرض المقدسة لشعبها اليهودي"(36) واعتبر ويلسون وحكومته واضعي حجر الأساس للدولة اليهودية نظراً لما قدمه في هذا السبيل.
وخلف ويلسون ثلاثة:
وارن هاردبخ وهو صهيوني مسيحي قال في أحد تصريحاته في يونيو 1921م: "يستحيل على من يدرس خدمات الشعب اليهودي ألا يعتقد أنهم سيعادون يوماً إلى وطنهم القومي التاريخي" كما صرح بتأييده الشديد لصندوق اكتشاف فلسطين(37).
وجاء كالفن كولدج وهربرت هوفر وأكدا تعاطفهما مع الشعب اليهودي وأحقيته في أرض الميعاد كما أكدا إعجابهما الشديد بدور الحركة الصهيونية في تأهيل فلسطين لاستيعاب الهجرات اليهودية(38) .
3- فرانكلين روزفلت: الذي جاء وعبر عن صهيونيته فاتخذت في عهده نجمة داود وسليمان شعاراً رسمياً لدوائر البريد وللخوذ التي يلبسها الجنود في الفرقة السادسة، وعلى أختام البحرية الأمريكية، وعلى طبعة الدولار الجديد، وميدالية رئيس الجمهورية، وخفراء الشرطة في شيكاغو، وشارة الصدر التي يضعها العمدة في كثير من المناطق(39).
4-هاري ترومان: الذي فتح أبواب فلسطين لمائة ألف يهودي وطالب بزيادة عدد المهاجرين حتى وصلت الأعداد في عهده إلى 1500 يهودي شهرياً استمرت شهوراً طويلة، وتمت الموافقة الأمريكية بأمر ترومان على تقسيم فلسطين، ومنح اليهود بجهوده 56% منها(40) وكانت أمريكا أول دولة تعترف بإسرائيل في العالم حتى قبل أن تطلب إسرائيل من ترومان الاعتراف بشكل رسمي. ولا نعجب فترومان "كان قد درس التوراة على نفسه وكان يؤمن بالتبرير التاريخي لوطن قومي لليهود، وكان كبروتستانتي يحس بشيء عميق له مغزاه في فكرة البعث اليهودي، وكان معروفاً بحبه للفقرة التوراتية الواردة بالمزمار "137" والتي تبدأ "لقد جلسنا على أنهار بابل وأخذنا نبكي حين تذكرنا صهيون" .
ولقد اعترف ترومان أنه ما من مرة قرأ فيها قصة إنزال الوصايا العشر في سيناء إلا وشعر بوخز خفيف يسري في عروقه. ولقد صرح بأن "موسى تلقى المبدأ الأساسي لقانون هذه الأمة على جبل سيناء"(41) كما صرح مراراً بأن كتابه المفضل هو التلمود(42).
5-الجنرال إيزنهاور: كان عضواً مؤازراً لجمعية "بناي برث" اليهودية وصديقاً لجماعة "شهود يهوه" الإرهابية وشارك في جميع خطط جمع التبرعات لليهود، قال إيزنهاور: إن إسرائيل ولدت بعد الحرب الثانية وإنها قامت لتعيش مع غيرها من الدول التي اقترنت مصالح الولايات المتحدة بقيامها(43).
6- جون كنيدي: من تصريحاته "إن أمريكا التزمت التزامات صريحة بحماية إسرائيل ومن مصلحتنا نحن الأمريكيين تنفيذ ما التزمنا به"(44).
وقال أمام المنظمة الصهيونية الأمريكية بعد أن تكلم عن قيام دولة إسرائيل وأنها لم تولد لتختفي: "كان ترومان أول من اعترف بإسرائيل وسأواصل أنا السير في هذا الطريق"(45) .
كان كنيدي "يؤمن بأن يهوه هو الذي يحمي الولايات المتحدة ويسهر على أمنها"(46) .
7- ريتشارد نيكسون: وهو أكثر الرؤساء الأمريكان فكراً وتنظيراً، وهو أصولي إنجيلي كان يقول: "لقد أمرت في حرب 1973م ببدء جسر جوي ضخم للمعدات والمواد التي مكنت إسرائيل من وقف تقدم سوريا ومصر على جبهتين.. إن التزامنا ببقاء إسرائيل التزام عميق فنحن لسنا حلفاء رسميين، وإنما يربطنا معاً شيء أقوى من أي قصاصة ورق، إنه التزام معنوي، إنه التزام لم يخل به أي رئيس في الماضي أبداً وسيفي به كل رئيس في المستقبل بإخلاص، إن أمريكا لن تسمح أبداً لأعداء إسرائيل الذين أقسموا على النيل منها بتحقيق هدفهم في تدميرها"(47) .
8- جيمي كارتر: في معركة انتخابية رئاسية بين كارتر وريجان والثالث أندرسون تبارى الثلاثة في إعلان التأييد المطلق لليهود. فلما اتهم ريجان منافسه كارتر بأنه يرفض وصف منظمة التحرير الفلسطينية بأنها منظمة إرهابية، هرول كارتر ليعلن أمام المؤتمر اليهودي "إن شيئاً لن يؤثر على التزام بلاده نحو إسرائيل، وإن القدس يجب أن تبقى موحدة إلى الأبد" وأخذ يتفاخر بما قدمه من مساعدات لإسرائيل خلال فترة رئاسته استجلاباً لرضا أسياده وتمشياً وإعلاناً لما يؤمن به(48).
وقال أمام الكنيست الإسرائيلي في مارس 1979م وكان يعمل على إقرار معاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل: "لقد أقام كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مهاجرون روّاد، ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة"(49).
وكارتر مهندس السلام بين مصر وإسرائيل.
9- ثم جاء ريجان إلى البيت الأبيض "وأكد أكثر من إحدى عشرة مرة أنه يؤمن بنبوءات التوراة ومنها معركة هرمجدون"(50) .
10- وجاء بوش الأب الذي عمل بكل قوة في مسار الصهيونية وقام عملياً بما لم يقم به رئيس قبله:
فقد سهل هجرة اليهود السوفيت التي بلغت ذروتها ما بين عام 1989م إلى 1991م وقدم المساعدات المالية لإسرائيل وقال: إن بلاده قدّمت مساعدات مالية وعسكرية بلغت 4.4مليارات دولار، وبذل 10 مليارات دولار لتوطين اليهود السوفيت في فلسطين الذين جاؤوا إليها بضغوط كبيرة من بوش(51). وحرب الخليج وما تم فيها ثم ما ترتب عليها، ما هي إلا نموذج من أعمال بوش الإجرامية، ثم مؤتمر مدريد وفرض ما يسمى بالسلام العربي الإسرائيلي، إن الأدوار التي قام بها بوش نقلت العالم نقلة هائلة، أو نقول غيرت تغييرات هائلة في كثير من الأحداث خاصة على الصعيد العربي الإسرائيلي.
11- وجاء كلينتون وأعلن عن اتجاهه الصهيوني فقرب اليهود، حتى إن مجلس الأمن القومي فيه 7 من اليهود من 11 عضواً بالإضافة إلى مناصب أخرى حشر فيها اليهود وقربهم.
وكلينتون صاحب شعار "لن نخذل إسرائيل أبداً"(52).
12- ثم جاء بوش الابن فأكمل المسيرة في دعم اليهود كما هو مشاهد. واستغل أحداث سبتمبر في شن حملة واسعة النطاق على المسلمين بدعوى محاربة الإرهاب! نسأل الله أن يرد كيده وأعوانه في نحورهم.
-وهكذا فإنه على مستوى القمة لا يأتي رئيس أمريكي إلا ويترجم عن صهيونيته الإنجيلية بمناصرة اليهود والعمل على حماية أمن إسرائيل، وما ذلك إلا تأكيداً على إيمانهم بنبوءات العهد القديم وما فيه من عود يهودية.
ولم يقتصر هذا الاتجاه الديني الصهيوني على رجال القمة بل كان اتجاهاً عاماً يؤمن به رجال السياسة الأمريكيون.

واجب المسلمين .. حكومات وشعوباً:

أما الحكومات الإسلامية فإن الواجب عليها :
1- أن تعلم أن الصراع في قضية فلسطين هو صراع عقدي، وأن الدول النصرانية تدعم اليهود من خلال قناعات دينية لن تتزحزح عنها وما دام عدوك يحاربك بعقيدته ألا تحاربه بعقيدتك ؟! .
2- أن تراجع تلك الحكومات دينها، وأن تعلم –علم اليقين- أن لا عزة لها بين الأمم إلا بالتمسك به وتحكيمه، وأما بغير ذلك فما هو إلا الذل والهوان وتسلط الأمم عليها .
3- أن لا تنخدع أو تخضع لضغوط الدول النصرانية فتساعدها في حربها لدعاة الإسلام وأهله تحت شعار محاربة الإرهاب. وأن تعلم بأن تلكم الدول إنما تحارب الإسلام نفسه، وأنها لن ترضى من الحكومات في حال استجابتها للضغوط بغير الكفر –والعياذ بالله- كما قال سبحانه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) .
فهل تفيق تلك الحكومات لما يخطط لها ولدينها، وتضع يدها في يد أبنائها في مواجهة هذا المكر الصليبي العالمي ؟ ! نسأل الله أن يكون ذلك قريباً.

وأما الشعوب المسلمة فالواجب عليها :
1- أن تعود إلى دينها وتعمل بشريعة ربها ليرفع الله عنه الذل الذي ضربه عليها بسبب شرودها عن شرع الله.
2- أن تقدم ما تستطيع في هذا الصراع مع اليهود والنصارى؛ إما بدعم مالي أو بمقاطعة .. (فاتقوا الله ما استطعتم) .
3- أن تستعد لمعركة قادمة فاصلة بين المسلمين واليهود الذين يتوافدون على الأرض المباركة، قد أخبر عنها صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله"(53) وقد قال سبحانه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) .
أسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يخذل أعداء الدين وأن يؤلف بين المسلمين وحكوماتهم، ويجمعهم على الحق، ويوحد كلمتهم وصفوفهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

-------
الهوامش
([1]) الطبعة الأولى، 1420، طبعة خاصة بدار التوزيع والتسويق الدولية بالدمام.
([2]) الطبعة الأولى، 1418، مكتبة أضواء السلف.
([3]) الأقنوم: كلمة يونانية الأصل تدل على شخصية متميزة. ويوازيها في الإنجليزية كلمة Person أي: شخص. انظر: حقائق أساسية في الإيمان المسيحي، ص 52. (دراسات في الأديان للدكتور سعود الخلف، ص 204).
([4]) انظر شيئاً من هذه التناقضات والاختلافات في كتاب: إظهار الحق، للشيخ رحمت الله الهندي –رحمه الله-. وانظر: دراسات في الأديان للدكتور سعود الخلف، ص 151-171.
([5]) افترقوا عن الكاثوليك سنة 869م ؛ لخلاف الفرقتين حول روح القدس: هل انبثق من الأب والابن كما يقول الكاثوليك. أم من الأب فقط كما قاله الأرثوذكس ؟
([6]) انظر في هذا (محاضرات في النصرانية) ص 161، 164، 180، (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء) ص 257، 262 .
([7]) عن: الأصولية الإنجيلية، لمحمد السماك (ص7) .
([8]) المرجع السابق (ص7).
([9]) المرجع السابق (ص 10).
([10]) المرجع السابق (ص 11) .
([11]) النبوءة والسياسة: الإنجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية/ غريس هالسل ترجمة/ محمد السماك ص 6 جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ط الأولى ليبيا 1990.
([12]) الصهيونية غير اليهودية/ ريجينا الشريف ص 26 ترجمة أحمد عبد العزيز / عالم المعرفة . الكويت عدد (96) بتصرف.
([13]) الأفعي اليهودية ص 56 .
([14]) النبوءة والسياسة ص 9.
([15]) الصهيونية غير اليهودية ص 31.
([16]) الأصولية الإنجيلية ص45 يعني تفسر على ضوئها قضايا العهد الجديد: المسيحية.
([17]) المصدر السابق ص 46.
([18]) الصهيونية غير اليهودية ص 34 بتصرف.
([19]) المرجع السابق ص 34-37 باختصار .
([20]) الأصولية الإنجيلية ص 44، 45.
([21]) المرجع السابق ص 44، 45.
([22]) النبوءة والسياسة ص 6.
([23]) هرمجدون: معركة فاصلة بين الخير والشر ستقع –كما يزعم هؤلاء- على أرض فلسطين، انظر: حمى سنة 2000 للأستاذ عبد العزيز كامل.
([24]) الأصولية الإنجيلية، محمد السماك (ص 84-85).
([25]) المجامع: ص 446-448 بإيجاز.
([26]) انظر: الإسلام والصراعات الدينية ص 141-146.
([27]) الأصولية الإنجيلية ص 69 .
([28]) لمزيد من تفاصيل هذه المؤامرة يراجع/ فلسطين وصراع القوى/ محمد عطا ص16-29 مكتبة الأنجلو 1967 بدون، مطامع بريطانيا في الشرق الأوسط/ وضع معهد البحوث السياسية البريطانية تعريب/ صلاح العزبي ص 7-11 مكتبة الأنجلو بدون، اليهودية/ أحمد شلبي ص111-116، الطريق إلى بيت المقدس جـ2 ص55-86.
([29]) فلسطين والمواقف العربية والدولية/ إبراهيم المسلم ص 65ط الأولى دار الأصالة 1985، الرياض .
([30]) مؤامرة فلسطين/ ب جنسين جـ1 ص65 كتاب رقم (116) سلسلة كتب سياسية، الدار القومية للطباعة بدون.
([31]) مشاريع الاستيطان اليهودي منذ قيام الثورة الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى د/ أمين عبد الله محمود ص 14 عالم المعرفة رقم (74) 1984 الكويت .
([32]) الأصولية الإنجيلية ص 71.
([33]) انظر: أمريكا والصهيونية/ سامي حكيم ص 7-22ط الأولى – الأنجلو القاهرة 1967، خطر اليهودية العالمية ص 201،202.
([34]) أمريكا الصهيونية ص 13-15 .
([35]) الصهيونية غير اليهودية ص 188، 192.
([36]) القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى، ص 46.
([37]) الصهيونية غير اليهودية ص 194-195.
([38]) يراجع : الصهيونية غير اليهودية 194-196.
([39]) خطر اليهودية العالمية ص 201،202.
([40]) ينظر: أمريكا والصهيونية ص 29، 36-40.
([41]) انظر المرجع السابق ص 36-56، الصهيونية غير اليهودية ص 213-216.
([42]) خطر اليهودية العالمية ص 203.
([43]) انظر: أمريكا والصهيونية ص 83 وخطر اليهودية العالمية ص 206.
([44]) أمريكا والصهيونية ص 109.
([45]) المصدر السابق ص 108.
([46]) الخلفية التوراتية للموقف الأمريكي ص 33 .
([47]) 1999 نصر بلا حرب/ ريتشارد نيكسون ص 291.
([48]) انظر: أمريكا وغطرسة القوة/ قدري قلعجي ص55، 56ط الأولى الرياض 91/1992.
([49]) الأصولية الإنجيلية ص 90.
([50]) القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى ص 50 .
([51]) تاريخ النفوذ اليهودي في أمريكا، فيصل أبو خضرا ص 30-32 بتصرف وإيجاز ط الرياض-بدون.
([52]) انظر: جريدة الشعب المصرية ص 2 العدد (944) الثلاثاء 9 ذي الحجة 1415، 9مايو 1995.
([53]) أخرجه مسلم (2922) .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21-04-2005, 03:05 AM
الصورة الرمزية فهد بن محسن
فهد بن محسن فهد بن محسن غير متصل
إداري مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Dec 2004
المشاركات: 4,627
معدل تقييم المستوى: 24
فهد بن محسن is on a distinguished road

الاخ الدكتور \ فالح العمره

يعطيك الله العافيه على هذا البحث الطويل والشيق في نفس الوقت\

ولي عوده بان الله غدا

تحياتي

 

التوقيع

 

فليتك تحلو والحياة مريرة = وليتك ترضى والانام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر = وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين = وكل الذي فوق التراب تراب
 
 
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22-04-2005, 05:47 PM
الــمــولــع الــمــولــع غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
الدولة: خط الاستواء
المشاركات: 315
معدل تقييم المستوى: 20
الــمــولــع is on a distinguished road

اخوي فالح الله يعطيك اللف عافيه على هالبحث
والله مفيد من جد
بس للأسف ماقدرت اقراه كله اليوم
انشالله اقدر اكمله بكره
.
.
.
تحياتي

 

التوقيع

 

 
 
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-04-2005, 11:42 AM
فزاع فزاع غير متصل
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2005
الدولة: الحفيره !!
العمر: 49
المشاركات: 4,400
معدل تقييم المستوى: 24
فزاع is on a distinguished road

أستاذنا ودكتورنا الفاضل الأخ فالح العمرة جزاك الله ألف خير على كل حرف سطرته في هذه المقالة الهامة والتي تحدثت فيها عن ديانة بقومية ولغة واحدة وهي حكر على من ولد لوالدين أو أم يهودية وهم والإنجيليكن يؤمنون بنظرية أو وقعة هرمجدون التي يدعون بأنها ستكون في القدس وينتصر فيها الحق على الباطل وينتظرونها ويدعمون أي شي يعجل قيامها هذا ما سمعته من قسيس أنجيلي بمدينة شيكاجو الأمريكية أيام الدراسة.
أستاذي الفاضل لك مني كل تحية وتقدير وبارك الله فيك.

 

التوقيع

 


ان جيت أرض المسيله= يجيك روضٍ فيه الحيا سال
مابين ذيك الغصون الجميلة=ربعٍ لهم في جملة الصيد منهال
عندهم شواهين صايدات الفصيلة=اقنص معهم وخص لي يشرح البال
هِضْت بعَرْمك وربوع المسيله=وبسيوحهن يا ما حلى شرب فنجال
 
 
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23-04-2005, 07:15 PM
د.فالح العمره د.فالح العمره غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: في قلوب المحبين
المشاركات: 7,593
معدل تقييم المستوى: 27
د.فالح العمره is on a distinguished road

الاخوه الافاضل فهد بن محسن المولع فزاع

مرحبابكم جميعا

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25-04-2005, 07:42 AM
الصورة الرمزية العنيد
العنيد العنيد غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
الدولة: أبوظبــــي دار الظبــي
العمر: 41
المشاركات: 4,997
معدل تقييم المستوى: 24
العنيد is on a distinguished road

بارك الله فيــــك يابو بدر وبحث رائع ومفيد والله ..فلك مني اعذب التحايا واعطرها على ما قدمت...

لك خالص شكري وتقديري

 

التوقيع

 

أنــــــــــا العنيـــــــــــــد ولي هـــــــــامه يخضـــع لـــها العــــز ويليـــــن
أعـــــــــرف مواجيبي..وشرعــــي وأصـــوله...وأحســـــب حسابــــــي
وأدرك الشــــين والزيـــــن




بدك ولا ما بدكيش ولا ما بدكوووش

 
 
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30-04-2005, 05:05 AM
سعود الخويطري سعود الخويطري غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2005
المشاركات: 4,778
معدل تقييم المستوى: 24
سعود الخويطري is on a distinguished road

موضوع رائع جدا


بارك الله فيك يـ أبوبدر , ونقل جميل جداً


تقبل سلامي واشواقي

الخويطري

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30-04-2005, 08:43 PM
الخليجي الخليجي غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
المشاركات: 1,246
معدل تقييم المستوى: 21
الخليجي is on a distinguished road

جزالك الله خير

تقبل تحياتي

 

التوقيع

 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ( ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر )
رواه مسلم

 
 
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13-05-2005, 07:25 PM
الصورة الرمزية غـــــــ الروح ـــريـب
غـــــــ الروح ـــريـب غـــــــ الروح ـــريـب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: May 2005
الدولة: الــشــمــال
العمر: 44
المشاركات: 285
معدل تقييم المستوى: 20
غـــــــ الروح ـــريـب is on a distinguished road

يعطييييييييييييييييييييك الف الف عااااااافيه ياخ فالح العمره

لدى اضااااااااافه ارجوووو ان تنال على اعجابكم

الكثير منا لايعرف الفرق بين هذه المصطلحا ت

هذا يهودي ...............هذا عبري............هذا صهيوني ............هذا اسرائيلي ...........

فاحب ان اوضح هذه النقاط اللتى غابت عن الكثيرين باختصار شديد

اليهودى : هو من يعتنق الديانه اليهوديه ..........وهذا لااختلاف فيه

العبري :وهذا مصطلح شديد الخطووره فاذا قلت لاى يهودي انت عبري فقد اثبت احقيته بانه متّبع سيدنا ابراهيم اثناء عبوره نهر الفراااااااااات باتجاهه لارض كنعاااااااااااااان (فلسطين).. فكثير مانسمع من وسائل الاعلالالالام انهم يسمون اسرائيل بالدوله العبريه .........فهم شديدين البعد عن هذا المصطلح

صهيوني : هم من زرعووووا فكره الهجره الى ارض الميعاد لليهود حسب زعمهم ...وتاكيدهم على وجود هيكل سليمان (معبد يهودي قديم)...تحت المسجد الاقصى ....ومطالبه اليهود بالهجره الى فلسطين ....فمنهم نصارى ..ومنهم يهود ..ومنهم لامله لهم ولا دين ...

اسرائيلي: وهم الشعب اللذى يستوطن فلسطين ...فمنهم مسلمين كالعضو فى الكنسيت الاسرائيلي عبد الملك دهامشه ومنهم نصارى كالعضو عزمى بشاره ومنهم يهود ومنهم دروز وغيرهم .....


فيجب علينا ان نفرق بينهم

من كتااااااااااب ( مقدمه فى ثقافه اللغه الهدف للدكتور احمد حماد )

وانا يااخ فالح ........ادرس اللغه العبريه ...والان احضر للدراسات العليا فى ترجمه اللغه العبريه الحديثه
فى مصر

وعندى ملاحظه بسيطه :

مصادر الدين اليهودي مستمده من هذا الاختصار (التناخ)

وهى اختصاااااااااار ل التاء .........التوراه
النوووووون : النفيئيم (الانبياء)
الخااااااااااء (وهى حرف الكاف ولكنه ينطق بالخاء لوقوعه باخر الكلمه)....كتوفيم (الكتب)

فانت جمعتها دون تفصيل ............وتاريخ اليهود .............الدين اليهودي ........يجب ان يكون مفصلا وله موضوع لوحده ........لكى تسهل المعرفه والمناقشه فيه ......

فجزاك الله خيرااااااااااااااااا على هذا الجهد

وتقبل فائق احترامي

 

التوقيع

 

يا هيه ياللي تنتسمى عدوي
.................................عمرك سمعت أن السما فوقها (أرض)
هاذا أنا مثل السما من علوي
.............. ...................و الا أنت تبقى أرض (بالطول والعرض)
و اعرف نموك ما يقارب نموي
.................. .................... مثلي (انا) يفرض على خلقتك فرض

]

 
 
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى

 


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 01:51 AM .


مجالس العجمان الرسمي

تصميم شركة سبيس زوون للأستضافة و التصميم و حلول الويب و دعم المواقع