بسم الله الرحمن الرحيم
لو سمح لي اخوتي في هذا النتدي الكريم واخوتي القراء ان ان اسرد عليهم حقائق عن قضية فلسطين من كتاب لسماحة السيد محمد امين الحسيني مفتي فلسطين ولقد اصدر هذا الكتاب في القاهرة عام 1954 م
من خلال لقاء صحفي
السؤال الاول:
اتهم بعض الناس اهل فلسطين بالتفريط في حقوق وطنهم. وتتلخص التهم اليهم في ثلاث امور.
أ- ان كثير منهم باعوا اراضيهم لليهود، وان بعض البائعين استصدر عفوا من بعض المنظمات الوطنية لقاء دفع مبلغ من المال؟
ب- ان عرب قلسطين لم يدافعوا عن وطنهم اثناء حرب فلسطين ،وخلال عهد الانتداب البريطاني.
ج_ ان اهل فلسطين كانوا يشتغلون لحساب اليهود ويبيعون ضباط وجنود الجيوش العربية للصهيونيين؟
الجواب
قبل الاجابة على اسئلتكم لا بد لي من مقدمة وجيزة تساعد على توضيح الاوضاع الحقيقية
كانت فلسطين قبل عام 1914 جزاء من الدولة العثمانية، وهي رقعة صغيرة من الارض مساحتها نحو 26 الف كلم مربع،فلما انهارت هذه الدولة في نهاية الحرب العالمية الاولى وقعت فلسطين بين مخالب الاستعمار البريطاني من ناحية وجشع اليهود العالمية من ناحية اخرى،وجعلت تتخبط بيت هاتين القوتين العظيمتين وليس لها اي مساعد او نصير،ولم يكن لدى اهلها من وسائل المقاومة والدفاع ما يستطعون به دفع اذى او رد عادية.وبالرغم من ذالك قامت جماعة من ابناء فلسطين المخلصين يبضلون جهودهم الضئيلة وينظمون صفوفهم القليلة ويؤلفون جبهة متواضعة امام تلك القوي الدولية العاتية وكان سلاحهم الوحيد الايمان والاخلاص.
وبالرغم من عدم التكافؤ بين القوتين والجبهتين، فقد نشبت معركة هائلة طويلة المدى لم تلن فيها لعرب فلسكين قناة ولم تهن لهم عزيمة في كل ادوار الكفاح والنضال،مدة ثلاثين عاما حاول خلالها الاستعمار البريطاني_ متأمرا مع اليهود العالمية_بلوغ اغراضه ومقاصده في فلسطين بالوسائل الاتية:
من الناحية السياسية
لقد حاولوا بادىء ذي بدء ان يحماوا عرب فلسطين على الرضوخ والاذعان لخطتهم الغاشمة،والموافقة على سيا سة انشاء الوطن القومي اليهودي،فتوسلوا بجميع وسائل الاغراء السياسية والمالية واساليس الدهاء والخداع، والوعد والوعيد، لحملهم على الموافقة وليتخذوا من موافقتهم حجة يبررون بها امام العالم جريمتهم الفظيعة في تحويل هذه البلاد العربية المقدسة الى وطن يهودي بعد اجلاء اهلها عنها،ويكسبون جريمتهم المنكرة صفة شرعية ولكنهم فشلوا في هذه المحاولة فشلا تاما.
من ناحية امتلاك الاراضي
فلما سقط في ايديهم جعلوا اكبر همهم اشتراء ارض فلسطين بالمال وامتلاك البلاد عمليا بهذه الوسيلة،فالقوا بمئات الملايين من الجنيهات فارتفعت اشعار الارض الى عشرات الاضعاف بل الى مئاتها في بعض الاحيان.ولكن عرب فلسطين صمدوا امام هذه التجربة ايضا مستهينين بالمال الذي لم يستطيع اعداؤهم اغراؤهم به،واحتفظوا باراضيهم بوسائل سياتي ذكر بعضها عند الجواب على سؤالكم الخاض بهذا الموضوع.وقد انتهى الانتداب البريطاني في 15 مايو 1948 ولم يستطيع اليهود بالرغم مما حصلوا علية من مساعدات وهبات وتسهيلات من حكومة تلانتداب البريطاني ان يمتلكوا الا نحو سبعة في المائة من مجموع اراضي فلسطين.وكانت خيبة امالهم في هذه الناحية لا تقل عن فشلهم في محاولتهم الاولى السياسية.
من الناحية العسكرية
ما نفك الانجليز منذ احتلالهم لفلسطين يساعدون اليهود بمختلف الوسائل على التسلح والتدريب والتنظيم العسكري،في الحين الذي كانوا يحرمون فيه جميع ذالك على عرب فلسطين بل يحكمون بالاعدام على من يحوز اي نوع من السلاح
او العتاد، حتى ان وزير المستعمرات البريطاني مستر كريتش جونز اعترف في تصريح له في مجلس العموم البريطاني ان الذين حكمت عليهم المحاكم العسكرية البريطانية بالاعدام شنقا من العرب لحيازتهم اسلحة او ذخيرة كانوا 148 شخصا هذا عدا بضعة الوف فتك فيهم الانجليز خلال ثورات1936/1939
فلما اشتد ساعد اليهود بالسلاح والتدريب والتعضيد البريطاني قاموا بمحاولتهم الثالثة وهي الوصول الى اهدافهم عن طريق القوة وظهرت هذه المحاولة بجلاء في اعتداءات اليهود عام 1929 و 1936 و 1947 وغيرها. ولكن عرب فلسطين على قلة وسائلهم صدوهم ببسالة وهزموهم شر هزيمة في جميع المعارك رغم مساعدة الانكليز لهم وحشدهم القوات العسكرية البريطانية بقيادة مشاهير قوادهم كالجنرال دل والمارشال ويفل وغيرهم لخضد شوكة عرب فلسطين.
ولما سقط في ايدي الانجليز واليهود معا ويئسوا من ترويض عرب فلسطين واخضاعهم بالوسائل انفة الذكر ،عمدوا الى اساليب اخرى كان سلاحهم فيها الخداع والدهاء وقد سخروا فيها انصارهم واذنابهم خارج فلسطين لتنفيذ خططهم الخطيرة بوسائلهم الشيطانية مما ادى الى وقوع كارثة فلسطين. وستجدون ايضاح ذالك في الاجوبة على اسئلتكم.
يتبع